17 - المجلد 2 الفصل 2: شعور الوحدة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

إذا كنت تعرف العدو وتعرف نفسك ، فلا داعي للخوف من نتيجة مئات المعارك، إذا كنت تعرف نفسك ولكن ليس العدو ، فكل إنتصار تفوز به ستعاني أيضًا من هزيمة، إذا كنت لا تعرف نفسك أو العدو ، فسوف تستسلم في كل معركة.

صن تزو، جنرال و فيلسوف للصين القديمة في القرن الثاني قبل الميلاد.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

في صباح يوم جديد، كان هناك فتى بلون شعر اسود عيون حمراء داكنة كالدم ببشرة بيضاء شاحبة و ملامح وجه محددة يجلس في غرفته يحدق بالسقف بلا هدف.

بينما كان يبدوا خاليا من الهموم، تسابقت أفكاره بينما يتوقع كيف ستجري تجربته الصغيرة مستقبلا.

إستيقظ، مارس التمارين و أعد الفطور ثم إذهب للمدرسة ثم خذ الدروس و عد للمنزل، هكذا كان كل يوم تقريباً بالنسبة إلي، ربما قد يكره البعض من الناس أو الأغلبية الذهاب للمدرسة لكنني أتعلم أشياء لم أتخيل يوماً أن تحصل لي أو اراها بأم عيني من قبل، لهذا السبب بالذات ليس لدي شكوى، بالطبع لم أقصد الدروس التي نأخذها من الحصص بأي حال من الأحوال.

على أي حال، اليوم هو الموعد مع فوكا لذلك قرأت بعض المقالات و تصفحت بضع مواقع ليكون لدي فكرة عامة، أظن أن ما لدي من معلومات يكفي الأن حتى لا يكون هناك أي إرتباك أو تعطيل للخطة أو العملية.

قد تكون هناك إحتماليات متغيرة قد تؤثر على كيفية سير الأحداث، قد تسبب تلك المتغيرات في أسوء الأحوال تحولا جذريا لسلاسة و صعوبة الإستمتاع بهذا الموعد و تجعل نتائجه لا تطاق و غير سارة، اما في أحسن حال ستكون هناك بعض العقبات التي يجب علي التكيف معها، بعد كل شيء لم يتغير ما علي فعله، تلقي مشكلة، تحليل المشكلة، التعامل مع الأضرار و إيجاد الحلول.

كان جوهر الأمر نفسه لكن القيمة للتجربة لا تتوافق مع نفس القيم للتجارب التي تم خوضها في الوقت السابق و لا مدى خطورة الفشل، كان هذا مجرد موعد لكنه نقطة إنطلاقة للأساسيات التي يجب فهمها بالنسبة لي، الردود الحسية و الحركية.

الأكثر موثوقية بينها هي تلك مثل التغيرات في أسلوب تغير حركة القفص الصدري عند التنفس إنطلاقا من سرعته و خشونة او نعومة الصوت الصادر منه إذا تم إلتقاطه، مراقبة الإنقباضات الجسدية ثم التغير الطفيف في صوت الحبال الصوتية و الإيماءات الجسدية.

هناك ايضا تعبيرات الوجه المتغيرة لكن بناءاً على تجربتي الخاصة فذلك المصدر الأقل موثوقية لإستخراج المعلومات لأنه يمكن تزييف التعابير في وجه الشخص بسهولة نسبيا إلا انه لن يضر تخزين تلك المعلومات ايضاً، طالما عالجت تلك البيانات و قارنتها مع ما لدي من معلومات و التعديل عليها أو إضافتها ثم غيرت التركيبة فيها سيتيح ذلك لي التصرف بأقل قدر من الأخطاء و فهم الجوهر للمعلومات المتعلقة بالمواعدة و المشاعر المغمورة للنساء من الجنس المعاكس لي.

من الصعب ان أفكر في أي فتاة على أنها شيء مميز أو موضوع للحب فجأة لكن سأحاول التجاوب بأفضل الإستجابات مع إعطاء أقل قدر ممكن من المعلومات الغير معدلة و التي يجب مزج فيها الحقائق مع الأكاذيب لإكتساب مصداقية اكثر واقعية و تجاوب أقل عدوانية و حذر.

مع وضع ذلك في الإعتبار أظن ان كل شيء سيكون على ما يرام، طالما تعرف الأساسيات فسيكون العمل على تحسين تقدمك و التعديل على المهارات المرتبطة بالعمل سيكون أكثر سهولة و يتيح اكبر قدر من التعلم و تحدي عملية التكيف و مدى التخيل للشخص و مفهومه البشري لمعالجة المعلومات و تحويلها لأوامر بسرعة و دقة.

ما هو الحب..؟ لماذا يتجاوب الناس لمثل تلك العلاقات الغير مستندة للفوائد أو العقلانية و يتداخلون فيما بعضهم بالعاطفة فقط؟ ماذا يجعل الناس يتغيرون من خلالها، ما الذي يتغير عندها؟.

الحب مفهوم غير منطقي بالناسبة لي و لا يمكنني تفسيره بالمنطق، ما قد رأيته بأم عيني لم يعطيني المعلومات الكافية، إذن.. اليس من الافضل ان أجرب ذلك بنفسي؟ هذه المدرسة، نزاع الطلاب من اجل القمة، و كل الفوائد التي تندرج فيها ليست سوى قطعة من الخراء في نظري، ما لم يكن قراري الخاص، لن أشرك نفسي في هذا.

التخرج في الفصل أ؟ معدل توظيف كامل؟ و أيضاً في فصل به 40 شخصا؟ أليس هذا غير مواتي إلى حد ما؟.

إن أردت تحقيق الحلم أو الوظيفة التي أرغب بها، لماذا اترك مصيري بين يدي شخص أخر طالما أستطيع فعل ذلك بنفسي؟ في الأساس، ما هذا عن تعليق أمالك على مجرد هدية بلا قيمة مغلفة بالشرائط و الألوان الزاهية لمجرد كونها تبدو رائعة؟.

همف، تفكير ساذج.

مع مرور الوقت، كانت أمامه رقعة شطرنج عليها عدة ألوان، أربعة على وجه التحديد.

أحمر، أبيض، أسود و أزرق، كانت جميع القطع ما عدى الملونة بالأحمر مرتبة بدقة منفذة تشكيلا يقوم بحصار القطع الأقل عددا و التي هي في وضع حرج.

"همم"

بعد بضع ثواني بدأت يد ريو تتحرك و تتلاعب بالقطع واحدة تلو الأخرى.

رغم ان ريو كان يفكر بالكثير إلا أن أفكاره كانت تتدفق بسرعة البرق و كانت منظمة بسلاسة، بدى الأمر و كأن عقله مبرمج على تنظيم افكاره و تحويلها لأفضل صورة ممكنة و محاولة تطبيقها لتصبح كلمات ثم تظهر بشكل واضح في عقله و بالتالي كانت منظمة و واضحة.

يقال أن الإنسان تراوده مليوني معلومة في الدقيقة و بالتالي، ستكون المعلومات الواردة هي 33،334 فكرة في الثانية تقريباً.

بالطبع لا تكون كل تلك الأفكار واضحة، ما عدى اللحظات القليلة مثل الإلهام تكون في الغالب مربكة بالنسبة للشخص، بدلا من ذلك يكون بعضها مترابطاً و تتشابك معا، نظرا لكون كل واحدة منها تكون قطعة واحدة تكمل الأخرى لتكوين ما يسمى بفكرة.

إن عدد الأفكار التي تراود الشخص و العدد الذي يدركه منها هو شيء مختلف تماماً، لا يكون تفكير كل شخص منظما و بالتالي كلما فكر اكثر زاد إرتباكه بشأن اي أسلوب يتبعه في نمط تفكيره و يضر ذلك بطبيعة الحال الدماغ لأن الفكر الذي يميل للتوتر تكون مناعته العقلية اضعف و يؤثر عليه ذلك بعدة أشكال اخرى و... هلم جراً.

لكن، إن ادرك الشخص و كان واعياً بشان نفسه و أن أفكاره التي تراوده ما هي إلا عدد صغير من ما يستطيع تجاوبه الإدراكي التعامل معه حقاً ثم حاول على مدار الوقت الإمساك بأكبر عدد ممكن منها و وضعها في متناول اليد ثم إستيعابها، سيقلل ذلك بحد كبير من الضغط الذي يفيض إلى مخ الإنسان لأن عقله و جسده تعود على ذلك الضغط و تعرف عليه.

تلك العملية تسمى بالصقل، لا يحتاج الشخص لكونه عبقريا لفعلها، لكن المثابر فقط من يستطيع تطبيقها، تحتاج للصبر و التحمل في مثل تلك العملية، و مع الوقت؛ سيتطور وعيك و تتفتح الوردة في داخلك و المسماة بالإدراك الواعي.

ببطء لكن بثبات، بدى و كأن الكفة تذهب لصالح القطع ذات اللون الأحمر الزاهي، إستراتيجية النصر تلوح في الأفق شيئا فشيئا.

ما يعنيه الناس بالصداقة، علاقات الحب العابرة و التي تستمر، شعور المجتمع و تناسبه معا، الأيديولوجية الفكرية لكل شخص هنا، كل هذه الأشياء تتخالط لتكون رقعة شطرنج واحدة، و تلك بالذات هي نوع اللعبة التي أريد لعبها.

كلينك!.

كلينك!.

كلينك!.

لم يكن من الممكن سماع أي صوت سوى طقطقة القطع مع بعضها، في تلك اللحظة بدى و كأن القطع الزاهية تسيطر على اللعبة و تقررت النتيجة.

في خضم هذا حدث شيء غير متوقع!.

قطعة الملك للجانب ذي اكبر عدد، الملك الذي كان في وضع شبه محتوم و قدر متشابك مع الخسارة ضد العدو المتوقع؛ تم حصاره.

قطعة حمراء، بشكل أكثر دقة حصان ذو لون أحمر هو من قام بالضربة القاتلة.

لكن لم تفز أي من الجوانب الأربعة، الأحمر الزاهي، الأبيض الصافي، السواد كما الليل و الزرقة التي تتناسب مع لون البحر، كما تمت المباراة لم يفز منهم أحد.

تلك القطعة التي ختمت نهاية الحرب بين الفصائل، طالما يمعن المرء النظر، كانت حمراء، لكن على عكس قرائنها لم تكن تتشابه، كانت حمراء ذات لون قاتم!.

ما بدى نتيجة غير متوقعة في الأصل تحول في النهاية لمسار أخر حقا.

القطع التي تشابكت في حصار و قمع شامل لبعضها البعض تم اللعب بها بمهارة.

شاهد بهدوء على الهامش و إنسجم مع الحضور في إنتظار ضربتك القاتلة و التي ستجلب لك النصر المؤكد.

تحتاج للصبر و التخطيط بتأني عندما تمشي في طريق شائك و بلا حلفاء.

مثل هذا، كان اسلوب رائعا بلا لبس عليه!.

"كش ملك"

قال بصوت خافت و تعابير راكدة كما البحر الهادئ، حمل ريو قطعته الحمراء باللون القاتم و حركها بين أصابعه ببطء.

هكذا هو.

لهذا السبب.

كيريوين فوكا، للأن، أمل أن تكوني احد القطع المهمة بالنسبة لي، هلا فعلت؟.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بينما كانت الشمس تضيء بحيوية باسطة الستار عن العالم، ترددت اصوات مختلف أشكال الحياة مكونة نوتة يتم عزفها بلا كلل.

كانت الساعة السابعة و النصف و هو الوقت الذي يذهب فيه ريو للمدرسة عادة لذلك بطبيعة الحال يمكن رؤيته مختلطا بالحشد الذي يزداد تدريجياً.

مشى بلا مبالاة و خطى لا تكاد تكون مسموعة إلى فصله، في العادة كان يلتقي بزميله الغير عاطفي في الفصل، ايانوكوجي كيوتاكا، رغم انه قام بعين الإعتبار بمساعدته إلا انه مازال هناك جو من عدم الثقة و الحذر بينهما؛ لذلك، حتى لو لم تكن هناك حاجة للحيطة فلا ضرر من الحذر اليس كذلك؟.

كانوا اشخاص إعتمدوا على أنفسهم فقط و لم يحتاجو للأخرين، لماذا سيبدأون بالثقة ببعضهم لمجرد أنهما متشابهين؟ لا، بدلا من ذلك كان ذلك هو السبب الأكبر.

شخص لا يعتبر لأحد سوى نفسه، لا يتبع اي مثل أو قواعد سوى الخاصة به، بلا قيد أو مانع، بالنسبة لهما، لا توجد مسميات مثل الأعداء الأبديين او الأصدقاء الدائمين، فقط الفوائد هي ما يدوم.

ريو يحاول مساعدة كيوتاكا لكنه في الوقت نفسه يخطط سرا لما إذا كان هناك اي نوايا خفية قد تسبب له المشاكل، كيوتاكا بطبيعة الحال يتصور السيناريوهات المختلفة و يتلافى اي ثغرات او أخطاء يمكن إستغلالها.

ما لم يتخطى أحد منهما الخط فلن يقوم أي منهما بإجراء، قد يكونان أفضل الحلفاء لكن بحسب الظروف قد يصبح أحدهما أيضا اسوء عدو للأخر.

كانا على دراية ببعضهما و يراقبان كل خطوة يتخذها الأخر، لكن ذلك بالضبط هو السبب في أن علاقتهما لم تكن شيئا ضحلا.

طالما تأكدا من عدم وجود اي اضرار محتملة أو نوايا سيئة في عين الإعتبار أو مصالح تتعارض ضد بعضها البعض، قد يتعلمان من نفسيهما بعض الشيء و يكونان علاقة بشرية كاملة، بدلاً من البدائل المؤقتة، يمكن أن يتولد برعم جديد و طويل الأمد بينهما.

كان ريو متأكداً أن كيوتاكا تراوده نفس أفكاره الحالية تجاهه، بالنسبة لكيوتاكا، يكفي كون ريو يملك معلومات كافية بشأنه لمعرفة مدى خطورته، ناهيك عن أنه لم يستطع فك الشفرة الكاملة حول عقليته و تحليل سلوكياته و الدوافع ورائها، و أما لريو فهو يعرف ما هو قادر عليه كيوتاكا، في الواقع، يعرف بقدر يتجاوز حتى ما يعرفه والده، لكن حتى مع ذلك مازال يكتنفه الغموض حوله، حتى بالنسبة له، لذلك بطبيعة الحال، وجد كل منهما أن أكثر وجود قد يسبب الإزعاج في هذه المدرسة لو أصبحا متعارضين هو بعضهما حقا.

تجول قليلا قبل الذهاب للفصل و وجد نفسه في ممر فارغ، حتى عندما كان وحيدا لم يكن من الممكن سماع خطى أقدامه، لو لم يلاحظه احد بعينيه فقد بدى و كأنه خفي حقا.

بينما غرق في تفكيره كان قد وصل بالفعل إلى باب الفصل، قبل الدخول غير تعبيره الفارغ و غير العاطفي الذي رأى انه ليس من الضرر تركه لنفسه بما أن الحشود لم يلاحظوه و لم يلتقي بأي من معارفه ليصبح رواقيا و هادئاً كما العادة.

دخل إلى الفصل بجو هادئ لكن حازم، تحولت نظرات الطلاب بطبيعة الحال نحوه لكن بعد مدة تنحت معظمها لكن بقي البعض منها.

كان بعض زملائه الذين مازالو ينظرون إليه، بشكل اكثر تحديدا اصدقائه متجهين إليه يحيونه، هاسيبي هاروكا و مياكي اكيتو تبادلو التحية لريو و رد بالمثل عليهم قبل أن يتجه المعنيون إلى مقعد كيوتاكا و يبدأو الدردشة.

"ني ني كيوبون~، هل هناك اي فتاة أنت مهتم بها؟"

"كيو... بون؟"

سال مرتبكا و يميل راسه للجانب إلى حد ما.

"اوه؟ إنه إسمك الأول اليس كذلك؟ كيوتاكا، لذلك قررت تسميتك كيوبون~"

"بفت-اسف لكن كيو بون... ههههه! "

حاول أكيتو و ريو خنق ضحكهما لكنهم لم يستطعوا فعلها و إنتهى به مالأمر بالضحك بصوت عال إلى حد ما.

رد كيوتاكا بوجهه البوكر المعتاد و صوته الرتيب: "لسبب ما.. أشعر ان هذا محرج"

"هيهي~ انت لا تبدوا محرجا رغم ذلك؟"

اجابت هاروكا ضاحكة.

"على اي حال يوتشي، سؤالي موجه إليك أنت ايضاً"

"هييه، يمكن القول انه افضل من، كيو بون~"

"اوي!"

إشتكى كيوتاكا بينما جادل لكن جعل صوته الرتيب الأمر ساخرا إلى حد ما.

"حسنا حسنا، في الواقع... لا، ليس لدي إهتمام بشأن فتاة ما بعين الإعتبار، ماذا عنك كيو؟"

"نفس الشيء هنا"

"هل هو كذلك..؟"

قالت هاروكا ببطء بينما تحدق فيهما بريبة.

"بصرف النظر عن ذلك.."

تمتم ريو بصوت مسموع و وجه نظراته و تواصل بصريا مع أكيتو.

'هيهي، لدي فكرة'

'لا! فقط، ارجوك لا!'

توسل اكيتو بعينيه لكي لا يضعه في وسط ساحة المعركة بلا درع لكن القيادة العليا قد اخذت زمام المبادرة تنفيذ المهمة النبيلة.

واقفا بإستقامة، رفع الجندي ريو يده بينما يقوم بتحية الجيش.

'كنت جنديا شجاعا، امل ان لا تذهب تضحيتك هباءا، كنت صديقا رائعا'

قال بينما يحدق في الأفق، كالجندي الذي عاد من الحرب و يتذكر أصدقائه الذين فقدهم و فارقهم في الحرب.

"ماذا بشأنك يا أكيتو؟"

'خائن!' صرخ اكيتو في رأسه بينما يشتمه داخليا.

على الفور ظهرت نظرات حادة و فضولية تجاهه.

بطبيعة الحال كانت هاروكا هي الشخص الذي حدق بإهتمام نحوه، رغم انها لم تترك الأمر يبدوا واضحا.

"أنا..-امم، ليس على ما أظن"

"هل هو كذلك؟..." سألت هاروكا بريبة.

"نعم" قال على الفور متجنبا نظراتها.

"همم، ماذا عن السينباي في نادي الرماية؟ ارى انكما تتوافقان جيدا~"

قالت في محاولة لمضايقته، لكن لو إستمع المرء جيدا فسيرى أثرا طفيفا لتغير لهجة صوتها عن المعتاد، ربما حتى هي لم تلاحظ ذلك، ريو، الذي فهم المعنى الخفي من وراء صوتها عرف انها تحمل نبرة غيرة.

بالطبع لم يشر إلى ذلك أو يتحدث عنه، ربما يحب مضايقتهم لكن من الأفضل له أن لا يعطيهم تلميحات بشأن بعضهما ما لم يكن هناك ضرورة، لذلك إلتزم الصمت و سمع محادثتهما بدون أن ينبس ببنت شفاه.

"لا، إنها مجرد سينباي فقط، لذلك لا تأخذي أي افكار، لماذا تسألين على اي حال؟"

"امم، سونو.."

"اوه؟ هل ربما أنتي تغارين؟"

"أ-أنت مخطئ!"

قالت و وجهها متورد باللون الأحمر الزاهي، قال ذلك على سبيل المضايقة، و في الواقع لم يظن انها ستنجح، لكن، هل هو ربما محق؟ مثل هذا الفكر جعل درجة حرارة جسده ترتفع.

"اويا~اويا؟ ~ انتما تبدوان ظريفان حقا يا شباب-"

قبل أن يكمل حديثه كانا قد هربا من المكان و عادا لكراسيهما، مع المعرفة بأن ريو لن يترك الفرصة للعب معهما فقد هربا من براثنه في أول فرصة.

"بوو~ لا مرح على الإطلاق"

قال ذلك لكنه لم يبدوا مهتما حقا، مشى إلى كرسيه و جلس ثم ترك حقيبته على الارض و وضع خده على يده و حدق في المناظر الطبيعية على يساره.

عندما تعمق في افكاره لم يسعه سوى أن يشعر و كأن العالم يتلاشى شيئا فشيئا.

كان كل شيء يتحول إلى اللون الأسود و لم يبقى في رؤيته المحيطة شيء سوى جسده.

طغى عليه شعور بالغربة و الفراغ، كان ذلك ذلك هو الشعور بالوحدة.

شعر بوحدة غير مبررة؛ كانت تبدو له كنفق بلا نهاية.

كالوحيد في العالم، بلا تضامن أو تشارك مع أحد، هل كان سبب شعوره بالوحدة هو ما عاشه في حياته من مصاعب و مشقة؟ لا، هل لأنه منفصل عن هذا العالم و البيئة المحيطة به و لم يكن جزء منها؟ لم يكن ذلك أيضا، هل لأنه يتوق للشعور بدفء البشرية الذي لم يجربه أبداً؟ بالتأكيد لا.

كان السبب بسيطا، هذا لأن الجميع وحيد.

أكان ذلك بقاء الشخص وحيدا في غرفته أو فتاة وحيدة مع أفكارها، كان الجميع يشعر بنفس الشعور الذي أصاب ريو الأن في مرحلة ما من حياتهم، بغض النظر عن كيفية تفسيرها فسيبقى الأمر كما هو، إنها في النهاية وحدة.

يتشارك الناس مع بعضهم مشاعر مختلفة تتكون نتيجة لترابطهم، سواء أكان حباً كراهية أو أي شعور أخر فإن تلك هي الرابطة بينهم، لكن كما تشكلت العلاقة فسيأتي وقت يكون فيه الوداع.

في البداية ستغمر انواع مختلفة من المشاعر، سعادة كانت أم غضب، قد يتشكل الحزن لذلك الفراق، لكن مع الوقت لن يبقى سوى شعور بالفراغ و الوحدة.

الحياة هي شيء من هذا القبيل.

نحن نأتي إلى العالم وحدنا و نتركه بنفس الطريقة، هكذا كان العالم كيف يسير.

الجميع ولد وحيدا، الكثير يعرف هذه الحقيقة لكنهم مازالو ينكرونها، لماذا؟.

لأن الوحدة تعني عيش القسوى و المصاعب، وحيدا بلا أي أحد يساعدك او يدعمك، هذا شيء لن يكون الجميع على إستعداد لمواجهته.

رد الفعل الطبيعي للشخص هو النفور أو الهروب من مثل هذا المصير، لكن ريو لم يظهر أي علامة على الإنزعاج أو الذعر، أكان لأنه إعتاد على هذا أو لم يؤثر عليه لم يكن مؤكداً حقا.

لكن كان هناك شيء واحد مؤكد، هذا الشعور لم يقوي سوى من عزمه.

"شق طريقك في الحياة، تحدي الصعاب في سبيل هدفك، هكذا هي الحياة حقا!"

لم تكن النتيجة هي ما يهم كثيراً، بل كانت الرحلة بحد ذاتها.

كثيراً ما يقول الناس ذلك لكن لم يفهموا المعنى حقا، ماذا لو شعرت بالألم؟ ماذا لو كان طريق الوحدة و المعاناة هي ما ينتظرك؟ طالما تتابع الطريق، طالما تثابر في حياتك نحو أهدافك فلن يسعك سوى الشعور بأن حياتك تستحق.

حققت هدفك ام لا، طالما بذلت جهدك في السعي، فلن يكون في نهاية الطريق أي ندم.

سواء كان إرضاء فضوله أو رغبته في فهم الاخرين و نفسه، كان ريو متأكدا من شيء واحد.

سيبذل قصارى جهده من أجل أن لا يشعر بالندم!.

هذه الوحدة التي يشعر بها الأن لم تجعل سوى تلك الحقيقة أكثر تألقا.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[يو، كيف الحال؟ بما انكم طلبتم أن اجعل القصة تميل للجانب النفسي و الذي يحتاج للذكاء أكثر فها هنا معكم، تركت بعض التلميحات في الفصل حول ما سيأتي لاحقا، ايضا امل أنني اوصلت قليلا لكم بشأن أي نوع من الأشخاص هو ريو، اوه! و نصيحة أخيرة، سيكون هناك الكثير من التلاعب و التلميحات مستقبلا لذا ركز جيدا فسيفيدك ذلك في القراءة، اي سؤال؟ لا؟ حسنا وداعا].

2023/01/29 · 199 مشاهدة · 2800 كلمة
نادي الروايات - 2025