18 - المجلد 2 الفصل 3: تفاعل بسيط و تخمين مستقبلي.

بعد إنتهاء الدروس خرج الجميع من الفصل بينما بقي ريو وحده، لم يحاول احد الحديث معه و لا تنبيهه، بمعزل عن العالم، بدى و كأنه قد أنشأ بيئته الخاصة و إنفصل وعيه عن كل البشر.

في الواقع، منذ أن جلس في مقعده و ذهب شاردا و حتى عند الدروس و الإستراحة كان هناك جو و هالة حوله جعلت من الصعب الإقتراب منه، بدى و كأنه فضائي بين البشر، هذا ما شعر به البقية على الأقل.

كما كان غارقا في أفكاره، اخرجه صوت الرياح التي رنت في أذنيه كنغمة هادئة من ذهوله.

بعد أن حدق في المسافة بينه و السبورة لم يسعه سوى إطلاق تنهيدة خفيفة.

"هذا صعب الفهم حقا"

كانت الطريقة التي تمشي فيها الأحداث اليومية هنا بالنسبة له تجربة جديدة، كل يوم، كل فعل و كل تفاعل، كان إختلاف البيئة الجوهرية الأن و سابقا جعله يشعر بالغربة.

رغم أن قوته العقلية و ثباته الذهني شيء لا يتزعزع إلا انه كان مثل الجميع، كان في النهاية إنسانا، بغض النظر عن إفتقار شخص ما للعواطف أو الأخلاق، غريزته ستدفعه دائماً للبحث عن الأمان و الإنتماء.

الأن، و قد تحرر ريو من قيوده و مشاكله التي دفعته لرفع حذره طوال الوقت و عدم إرتكاب أي خطأ قدر الإمكان شعر بنفس الطريقة.

عدم الأمان و الإستقرار، كان مثل هذا هو ما يفسر كيف توجهت غريزته نحوه، لم يشعره ذلك بالذعر لأنه هو بنفسه يفهم، كان هذا شيء طبيعي و منطقي جداً.

عرف ذلك لكن مازال يحتاج للوقت من أجل التعود، البشر هي أبسط المخلوقات لكنها في الوقت نفسه أكثرها تعقيدا، حتى ريو لم يكن إستثناء من تلك المعادلة.

كان يحتاج بعض الوقت لإستيعاب المفهوم الكامل لشعوره، كان ريو شخصا فضوليا بطبعه و صادق مع نفسه، لن يقوم بأي إجراء على حساب تعاسته بأي حال من الأحوال.

اراد معرفة مشاعره، تفسيرها و فهمها و كيف يشعر بها، هذا شيء يرغب بكل تأكيد الإمساك بطرف أي خيط للوصول للإجابة عليه، جواب يرضي فضوله اللامحدود.

نضوجه العقلي أفضل حتى من البالغين، لكن إذا تكلمنا عن نضجه من النواحي العاطفية فلن يقارن حتى مع طفل في التاسعة من العمر، مثل هذا الشيء كان يعرفه، لم يجعله مثل هذا الواقع حزينا ابدا، بدلا من ذلك كان شيئاً يتطلع له كثيراً.

لا يوجد أحد خالي من العيوب، قد يمضي الشخص حياته في البحث عن المثالية و لن يجدها أبداً، البشر مخلوقات معيبة، لكن تلك الحقيقة هي شيء جميل، لو كان الشيء مثاليا فلن يكون هناك أبداً مجال له للتقدم أبعد من ذلك.

لو كان الكمال شيء يكتسب فلن يوجد طعم للحياة، مع فهمه و تقبله لهذا الواقع، عاش ريو حياته برضا و تقدم بثبات، بلا أي تأثر بالعالم، وحيدا، لكن يعيش عظمته الخاصة.

لا يهم كيف ينظر العالم إليك، كل الناس ستأتي و تذهب و لن يبقى معك من الناس سواك، ركز فقط على حلمك و إمضي قدما.

بمثل هذه الأفكار، شعر ريو بإرتباكه أقل فأقل؛ يركز معظم البشر على إعطاء مشاكلهم أكثر من ما تستحق و ذلك يعقد طريقهم لإيجاد الحل، كان الموضوع بسيطا دوما، مهما كانت الحالة فهو نفسه، الحل دوما ما يرتكز على فكرة واحدة.

في حالة ريو كان هو نفسه، شعر بالبداية بالإرتباك لكنه فكر في الامر بهدوء و حاول تفسير شعوره خطوة بخطوة، في النهاية كان يحدد ما إذا كان الشعور له تهديد أم لا، بسيط و لا يحتاج للتعقيد.

"بالتفكير في هذا، كم بقي على موعدي مع الفتيات؟"

بعد التمتمة بصوت خافت نظر إلى الساعة على هاتفه، كانت الساعة 4:45 الأن، يبدو أنه بقي ربع ساعة جالساً في الفصل بلا حركة حتى بعد إنتهاء الحصص، لا تغلق أبواب المدرسة حتى بعد إنتهائها، كانت هناك نشاطات الأندية بعد المدرسة و يعمل مجلس الطلاب حتى ساعات متأخرة من الدراسة.

بعد ذكر ذلك ومض في ذهن ريو شيء ما.

"ناغومو، هاه؟"

كان ناغومو بحسب ما كان يتذكر نائب رئيس مجلس الطلبة و طالب في السنة الثانية، من الوصف الذي قاله له بيادقه في نفس الفصل الذي يدرس فيه ناغومو هو أنه يتحكم تقريباً بمعظم الطلاب في سنته، بما في ذلك الطلاب من الفصول الأخرى.

"طالب ممتاز إلى حد ما في كل من الرياضة و الدراسة، ما عزز موقفه هو سلطته، إذا كان يتحكم في الطلاب من الفصول الأخرى فهذا أنه ينوي فعل شيء ما، و إذا كان تخميني صحيحا فما يريد فعله هو شيء كبير، ربما سيغير ذلك هيكلة المدرسة الحالية؟، لدي فكرة عامة عن كيفية سير نظام هذه المدرسة، هل هو حقا ما أفكر فيه؟ لا، هذا مجرد تخمين بلا أدلة لذلك لا أظن أنه قد يكون صحيحا تماماً"

"لم أرى له أي حركة في السنوات الثالثة أو الأولى، هذا يجب أن يعني أنه إما أنه لا يخطط لفعل شيء و أنني أفكر أكثر من اللازم، أو… لديه رادع ما، ماذا قد يكون؟"

من ما قد جمعه من معلومات فناغومو ميابي هو طالب طموح و فخور متعجرف لكن لديه القدرات لإثبات موقفه، إذا كان قد سيطر حتى الفصول الأخر بجانب فصله فذلك يعني أن لديه السلطة و الفهم الكامن للأخرين و يعرف كيف يوجه الحشود للإتجاه الذي يريده.

سمعه اتباعه ذات مرة يقول أنه لا يعترف سوى بنظام الجدارة و قوة الفرد فقط، لم يستطيعوا إخباره أكثر من ذلك بشأن السنوات من أعوامهم بسبب القواعد لكن طالما لم تكن أشياء متعلقة بالقواعد فيمكنهم البوح بكل شيء، كان يمكن لريو إجبارهم بالبوح بكل شيء لو تم إستخدام القوة لكنه سيخسر بيادق ثمينة لو فعل ذلك، لهذا ترك الفكرة في مؤخرة رأسه.

‟يسيطر على الفصول، لديه رغبة عارمة في السلطة نظراً لموقفه الطموح و شخصيته المتعجرفة، قد يرغب في فعل شيء كبير إذا فكرنا بمنطق، لم يتصرف الأن لأن هناك شيء ما يمنعه، هدفه غامض، يفضل الجدارة الفردية بدلا من التضامن مع الأخرين، هممم…”

إنتظر.... قوة الفرد؟ هذا هو!.

يبدوا أن الرادع هو ليس المدرسة بحد ذاتها، هذه المدرسة تشبه المجتمع إلى حد كبير، هذا يعني أن المدرسة تعطي للطلاب القرار و يجب أن يعني ذلك أن العواقب و الأرباح هي ما سيحدده الطالب بنفسه من خلال أدائه.

تم شطب المدرسة من المعادلة، ما يمنعه، هل هو شيء أم.. شخص؟.

لكن، من هو؟ شخص لديه موقف أكثر ثباتا و قوة و سلطته تتفوق عليه، في هذه اللحظة بدى و كأن الظلام الذي إكتنف ريو قد إنقشع على الفور.

‟من غير الممكن أن يكون طالبا في سنته الخاصة، بما أنه يحكم العام بالكامل تقريباً فهذا ينفي الإحتمال، من المستحيل أيضا أن يكون في السنوات الأولى لأننا لم نستقر بعد حتى لفهم القواعد و وضع الأسس لموقفنا تجاه المدرسة، هذا لن يترك سوى السنوات التي على وشك التخرج، لا أعرف أحدا فيها لكن…”

شخص واحد يملك تلك المواصفات، إنه الرئيس الواحد و الوحيد للمدرسة و الطلاب، رئيس مجلس الطلاب هوريكيتا مانابو!.

‟هكذا هو إذا، ربما أنجرف في التفكير لكن لا ضرر من الحذر، إذا كنت محقا، أظنه ينتظر تخرج مانابو سينباي من المدرسة ليقوم بحركته بسلاسة”

‟على ما يبدوا، سنتي الثانية سترى تغيرا جذريا، هذا لا يؤكد سوى نظريتي بشأن أن الإختبارات الخاصة أكثر عمقا من ما تبدوا عليه”

‟لكن لماذا يمنعه مانابو سينباي؟ لا، إذا كان الرئيس الأفضل في تاريخ المدرسة كما صحت الإشاعات، يجب أن يعني أنه يرفض فكر ناغومو، هل هو فقط يخاف من النكسة للطالب بعده أم... ربما تعارض في المثل؟ ”

فجأة، تذكر ريو شيئا ما: ‟أأه…صحيح، لقد طرد ناغومو عدد ليس قليلا من الطلاب في سعيه لحكم الفصول الأخرى و تعزيز سلطته، ربما بعد رؤية هذا رأى مانابو سينباي الخطر المحدق في الأفق، لكن ماذا يستطيع أن يفعل بينما التخرج قاب قوسين؟ هممم، ذلك اليوم عندما إلتقينا أول مرة كان قد تحدث عن درجات كيوتاكا على الفور و كأنه يعرف شيئا ما، لا أظن يعرف عن الغرفة البيضاء، ربما لديه حدس كما حصل مع فوكا؟ ”

‟لو تم عرض قدرات كيوتاكا و من موقفه، أظن أنه سيفعل بعض الأشياء غير المتوقعة، مجلس الطلاب مثير للإهتمام حقا، ترك ذلك جانبا، كيف سيتعامل مع هذا الموقف؟ ربما سيحاول مانابو سينباي جره، ما هي المزايا التي سيتم عرضها إذا حدث ذلك؟ أظنني سأقوم ببعض الإحتياطات بشأن الموقف حتى لا يتم جرفي في هذا المد”

بعد أن نظم أفكاره وقف من كرسيه و خرج من الفصل، لم يكن هناك أي شكل من أشكال الحياة على مد البصر، الطلاب إما يجولون في الخارج أو في أنديتهم، اللحظات التي يبقى فيها شخص ما حتى هذا الوقت نادرة.

إخترقت أصوات الطلاب في الخارج أذنيه، ذكورا كانوا أو إناثا، كل تلك الأصوات دخلت سمعه.

كان الوقت المحدد لموعده هي الساعة 5:30، كان لديه وقت قبل ذلك لهذا إسترخى في الفصل قبل قليل و تاه في أفكاره ليضيع الوقت.

كان الأمر مجرد اللهو و اللعب قليلا بينما يضع نظرياته بينما يحرك قطعه وفقا للأحداث الغير المتوقعة، لم تكن مثل هذه المواقف مقارنة بتجاربه السابقة أكثر من لعبة أطفال.

هذا ما شعر به حيال هذه المدرسة التي تديرها الحكومة، لعبة يضيع بها وقته، ربما قد يتعلم شيئا أو إثنان منها، من يدري؟.

خرج من المدرسة و مشى على طول الطريق إلى المبنى السكني للأولاد، كان يحدق و يشاهد بإهتمام الإشخاص المارين به، البعيد و القريب، كل من مر قد راقبهم.

الأصدقاء يدردشون بسعادة و يضحكون بحرارة، مثل هذا المنظر قد أخذ إهتمامه تماماً، لماذا يضحكون هكذا؟ ما الذي يسعدهم لدرجة أنهم بدوا بلا هموم؟.

هذا شيء قد سعى لتجربته بنفسه لذلك بطبيعة الحال أراد فهمه لو قليلا.

ما هو المعنى من شعور الصديق؟.

بعد أن مشى لبعض الوقت إلتقت أعينه بشخص ما، على وجه التحديد بفتاة ما، كانت الفتاة معروفة في أرجاء المدرسة لدرجة أن سمعتها وصلت حتى لريو.

مع شعرها الأشقر بلون الفراولة يرفرف بخفة، كانت ذات بشرة بيضاء نقية تميل قليلا للون الزهري، جمالها قد كان شيئاً معروفا لأي شخص قد رأها، ذلك من دون ذكر التلال الساحقة المتدلية من صدرها.

بعد أن حدق فيها لبعض الوقت ضحكت بلطف بعد أن لاحظته و تجنب عينيه و كأنه يستحي من شيء ما، رد فعله بدى كفتى خجول من التحديق في فتاة ما أو شعر بالعصبية، مع مثل هذا التردد لم يجرؤ على النظر مرة أخرى لكن الشخص المعني قد بدأ بالإقتراب بوتيرة سريعة إلى حد ما.

من شكله، كان ريو مرتبكا من ما يحصل و تجمد في مساراته، بعد وصول الفتاة المعنية قامت بتحيته.

‟مساء الخير أكوما كن~”

‟أه، مساء الخير إيتشينوسي أعتقد؟”

‟هيهي، نعم، هل أوصلت شكري لأيانوكوجي كن؟”

‟حسنا، أجل، قال أنها ليست بالصفقة الكبيرة لذلك ليس عليك جعل الموضوع أكثر من ما هو عليه، أظن”

‟يبدوا كشيء سيقوله~”

أطلقت إيتشينوسي ضحكة خافتة بعد سماع رد الفتى، من موقفها سيبدوا أنها تعرفه حقا، لكن ريو عرف أنه كل ما في الأمر أن الفتاة لن تنظر بطبيعة الحال في الناس بشكل سيئ.

‟أكوما كن، هل أتيت الأن من أنشطة النادي؟”

سألته بفضول بعد رؤية المكان الذي بدى و كأنه جاء منه، لم يكن الوقت الذي أتى فيه مبكرا و لا متأخرا بالنسبة للطلاب من أنشطة النادي على ما يبدوا.

ربما لأن أصدقائها يأتون في أوقات مختلفة؟ قد يكون شيئا كهذا أو هي تشارك بنفسها في نادي ما في الواقع.

لا، من موقفها المريح و إيماءاتها الجسدية لا يمكن رؤية أي عرق و لا تعب، ربما هو نادي لا يستغل القدرة الجسدية البحتة، لم يتم سماع أخبار بشأن ما إذا كانت قد إنضمت إلى أي نادي أو لا، يجب أن يكون أكبر الإحتمالات أماناً هو أنه أحد أصدقائها.

بينما تسابقت أفكار ريو بسرعة البرق كان تعبيره يحمل نظرة لا مبالية لكنه غير تعبيره إلى إبتسامة مريرة على الفور.

‟لا، لست منضما إلى أي نادي بشكل خاص، نمت في الفصل و لم يوقظني أحد لذلك تأخرت”

كان صوته مترددا و ضحك بمرارة إلى حد ما بينما كان يفكر في نفسه داخليا: ‟هيا، هل نجحت؟”

‟اوه؟ هل هو كذلك؟ هيهي، لا يجب عليك النوم في الفصل، كما تعلم؟”

‟نعم! العملية ناجحة!” رفع ريو قضبته في النصر داخل رأسه.

‟هههه، أنت محقة، على أي حال، هل تشتركين في النادي فعلاً؟”

‟لا لا، كنت أفكر في دخول مجلس الطلاب لكن.. تم رفضي”

بدأت تضحك بعصبية عند قولها لهذا.

أظهر تعبيرا مصدوما، لم يصدق ذلك.

‟هـ-هل إنتي جادة؟”

”ه-هاها، للأسف لست أمزح”

‟أمم، كيف أقول هذا؟ هذا صادم”

بدى مترددا عند الحديث، كان يشعر بالقلق بشأنها، قد يكون هذا شيئا مؤلما أن يتم رفضك، بعد التفكير في هذا لم يعرف ريو ماذا يقول حقا.

‟في الواقع، قد يكون مجرد رأيي الشخصي لكن أظن أن إيتشينوسي تستحق أن تكون في مجلس الطلاب”

كانت إيتشينوسي هونامي مشهورة بين الطلاب بلطفها، طيبتها تجلت بين الأخرين حتى أصبحت حديث معظم إن لم يكن كل الطلاب.

كانت تساعد زملائها في الدراسة و تشارك بنشاط في أنشطة النادي لمساعدة الطلاب، حتى مهاراتها القيادية قد تم الإشادة بها، التحيز بين الأخرين و إزدراء الأشخاص الأقل قدرة لم يكن من شيمها.

بمثل هذا، كانت صدمة أن يتم رفض إيتشينوسي، لقد تعاطف معها حقا في هذا الصدد.

‟إي-إيه؟ لا لا، يجب أن يكون هناك سبب مقنع لعدم قبولي أليس كذلك؟ قد لا أكون مناسبة للمنصب”

قالت مرتبكة قليلا من إطراء ريو المفاجئ لها.

‟اممم، أسف لو أربكتك، ليس لدي أي نوايا سيئة بعين الإعتبار، لو كنت أسأت بأي حال أمل أن تقبلي إعتذاري”

إنحنى لها بلفتة إعتذارية، لم يكن يعرف أين أخطأ لكن إرتباك إيتشينوسي جعله يظن أنه قام بشيء سيئ لذلك شعر بالندم و قدم لها الأسف.

‟هاه؟ بأي حال من الأحوال، لست غاضبة منك، أكوما كن، بدلا من ذلك أنا أسفة لو أقلقتك”

كانت تبتسم عند حديثها، رؤية ريو مثل هذا، لم تشعر سوى بالحنين لتلك الأيام الماضية، كان يذكرها بذلك الشخص و لم يسعها سوى الضحك قليلا.

‟لا تعتذري، أظن أن كلام شخص لست قريبة منه قد يكون غير مريح لذا-”

‟ليس صحيحا!”

‟إيه؟”

"أنا أرى أن أكوما كن هو صديقي، لست شخصا غريبا بأي حال من الأحوال"

"إيتشينوسي؟"

"لذلك لا تشعر بالسوء"

"صديق؟ إيتشينوسي يراني كصديق؟"

"نعم"

بعد ذلك نظر إلى الأسفل، إيتشينوسي التي رأته لم يسعها سوى السؤال بتردد.

"أكوما كن..."

"أسف، لكن- أنا سعيد، لم يكن لدي صديق من قبل، لذلك لا يعني سوى الإبتسام، أنا سعيد"

كانت لديه إبتسامة مشرقة على خديه، في الواقع كانت إبتسامته الحالية شيئا نادرا جداً، لم يسع إيتشينوسي سوى الشعور بأنها قد رأت شيئا محظورا لم يجب عليها رؤيته.

"ل-لا تقلق"

"إيتشينوسي؟" مال رأسه بإرتباك لرد فعله، لم يكن كما توقع تماماً.

"لا شيء"

"حسنا؟ على أي حال، وداعا"

"وداعا أكوما كن ~"

لوحت له بالسلام و عادت لأصدقائها، لمح ريو المجموعة و رأى أنهم يضايقونها لكنها لوحت يديها بالرفض، لاحظ وجود أجنبي بين الوجوه السعيدة.

على عكس الأخرين الذين لوحوا له عندما مرو به، كانت هناك فتاة، حدقت بريو بالحقد الخالص، كان الأمر و كأنه عدوها اللدود، تجنب نظراته بتوتر عند رؤية المنظر المخيف للفتاة.

عادت تعبيراتها على الفور إلى اللطف و تبادلت الحديث مع الأخرين.

أكمل طريقه بتعبيرات مريرة و نظرة قاتمة إلى حد ما، ما لم يكن معروفا لمجموعة إيتشينوسي هو أنها قد لاحظت التبادل بين ريو و الفتاة و لم يسعها سوى الشعور بالقلق.

"هل هناك مشكلة بين أكوما كن و سيرينا تشان؟ أمل أن يكون مجرد سوء فهمي لكن، أشعر بالقلق…"

كما كانت تفكر في ذلك إختفى الفتى الذي تحدثت معه من وجهة نظرها و لم يعد يمكن رؤيته في أي مكان، بدى الأمر و كأنه قد هرب من المكان.

في رأي إيتشينوسي، لم يكن هناك أي شيء مميز بشأن ريو لكن من محادثاتهم و طريقة حديثه لم تشعر أنه شخص سيء، على العكس من ذلك، بدى فتى طيب القلب.

بالطبع لم يكن التسرع في الحكم من طبعها لكن الناس تقرر كيف تعامل الأخرين من إنطباعهم الأول في غالب الأمور.

بمثل تلك الأفكار أكملت حديثها مع أصدقائها.

بعد الدردشة مع إيتشينوسي و اللقاء الغريب مع ما يبدوا أحد معارفه القدامى ثم الهروب بسرعة وصل ريو إلى غرفته.

دخل و قام على الفور بخلع ثيابه، فكر بشأن الحدث الذي مر به قبل قليل و هو ينزع أزرار قميصه.

"كل شيء حسب الخطة هاه؟"

منذ أن رأى إيتشينوسي و مجموعتها، و بالذات شخص محدد، رسم في رأسه كيف سيتصرف و أي حركة سيتخذها بالضبط.

قلقه الوحيد كان هو كيف سيكون رد فعل الأخرين بشأن طريقة حديثه و تعبيراته و كيف يبدوا صوته، لحسن الحظ أن التجربة كانت ناجحة و لم يرى أي نفور.

كان الشخص المثالي للعبته الصغيرة هو شخص منفتح و فراشة إجتماعية، بطبيعة الحال من سيكون أفضل من إيتشينوسي هونامي؟.

بعد الحديث و إكتساب تعاطف إيتشينوسي إنتظر أهم القطع في الأحجية لتظهر من أجل إكمالها، سيرينا- أو كما يقال، كاورو سيرينا و التي كانت بالإسم على الأقل حبيبة ريو السابقة.

أخر ريو حديثه مع إيتشينوسي بالقدر اللازم لكن بما لا يتعارض مع موعده نظرا لأنه كما بدى له أنهم كانو مستعجلين.

بحسب معرفته بطبيعة كاورو فسيكون مزاجها في ذلك الوقت ناري، الغضب، الخوف، الإشمئزاز و الإرتباك، كل ذلك كتب في عينيها، الشخص الذي خدعته و تلاعبت به كان في نفس المدرسة معها، كيف لن تهتاج؟ بإستغلال ذلك قام ريو بالتحرك وفقا لوتيرته الخاصة.

أو بالأحرى، تحرك بوتيرة لعبت بنتيجتين، الحديث السلس مع إيتشينوسي و إغضاب كاورو، كان ذلك كضرب عصفورين بحجر واحد.

في الواقع، علم معلومة جديدة مهمة، قد لا يجد الأخرين الأمر غريبا، إلا أنه بسبب حذره الشديد و طبيعته الفضولية لم يسعه سوى الشك، و مع خبرته التي تمتد لسنوات و تعامله مع مواقف لا تحصى أكد ذلك له شيئا.

تم رفض دخول إيتشينوسي إلى مجلس الطلاب، هذه خسارة واضحة من وجهة نظر منطقية، كان هناك ايضاً طالب من الدرجة الأولى تم رفضه كذلك، هذا يعزز فهمه للموقف.

‟يبدوا أنه كما توقعت، مثل و عقلية الناس المختلفة غالباً ما. ينتهي بها الأمر بخلق عداوة، شخص يفضل الفردي و أخر يفضل العمل الجماعي، أتسائل من سيفوز…”

ماذا سيحصل لاحقا، الوقت فقط من سيخبرنا.

"كاورو تلك أو أيا كان إسمها، أمل أن لا تقدم على أي فعل غبي، ما عدى ذلك فليس لدي خيار…"

عندما قال ذلك كان قد نزع كل ثيابه و لم يبقى سوى سرواله الداخلي الأسود، على جسده العضلي كانت هناك ندوب بسيطة في جوانب ساعديه الأيمن و الأيسر، تحت تلك الندوب يمكن رؤية لمعان على يديه و ساقيه.

كانت تلك هي الأثقال التي يرتديها طوال الوقت، كل منها كان وزنه 25 كيلوا جرام و بالتالي ستزن كلها مائة كيلوا جراماً.

ما لم يكن الإستحمام أو شيء مهم او إلتزام لم يكن ريو سيخلعهم أبداً، بعد ما يقارب الثلاثة أشهر إعتاد جسده على ثقلهم و شعر بهم كجزء من جسده.

خلع الأساور التي تغطي يديه من الرسغ و حتى الساعد ثم بدأت يده في العمل على التي على رجليه.

كانت هناك حقيبة حمراء و زرقاء تحت السرير، وضع أساور اليدين و القدمين في الحقيبة ثم ذهب للإستحمام، كان يحتاج ما يقرب من عشر دقائق قبل أن يتم ملء الحوض، لذلك ذهب ليرتب غرفته و التحديق في السقف من أجل لا شيء على وجه الخصوص.

في الواقع، ريو بنفسه يأمل أن لا تقوم الفتاة بأي إجراءات تسبب فوضى، لكن رؤيته لتلك النظرة أخبرته بكل شيء، هذه الفتاة ستفعل أي شيء لتدميره.

للأسف، مثل كل الذين سبقوها فالنتيجة ستبقى كما هي، حتى أن ريو تذكر كلمات تنطبق على الوضع الحالي.

‟يا كل من يدخل إلى هنا، إغرق في أعماق اليأس، حتى تغطيك ظلمة تلك الليلة اللامحدودة”

كان لديه نظرة مشؤومة و صوت حاد بارد عند نطقه لهذه للكلمات.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

في الأفق، يمكن رؤية البحر المطل على حواف المناطق الساحلية للمدرسة.

في هذا المكان، كان المكان الذي يجلس فيه ريو هو الموقع الذي إتفقوا على الإلتقاء فيه و من الغريب أنه كان أول مكان قد صادفوا بعضهم فيه ايضاً.

كان ريو قد جاء قبل الموعد بعشر دقائق، من ما فهمه، يجب أن يأتي الشخص مبكرا عن الموعد و أن يكذب بالقول: "لقد أتيت قبل قليل فقط" عندما يتم سؤاله لو إنتظر كثيراً أم لا.

الملابس التي إرتداها عبارة عن سترة سوداء بأكمام قصيرة و قبعة للرأس مع قميص داخلي أبيض، كان يرتدي سروال جينز أسود يشبه تصميمه السراويل العسكرية و كان يتناسب شكله مع أسلوب القمصان التي إرتداها.

يمكن رؤية أنه صفف شعره جيدا و رفعه لأعلى حتى تتبين أعينه الحمراء القاتمة للعيان و أنزل الحواف إلى الجوانب، كان يرتدي حذاء أحمر مناسب للجري لكنه ذو شكل عصري.

بطبيعة الحال، لم يكلف ريو نفسه عناء البحث عن ما يرتديه بنفسه لكنه سأل زملاءه ساتو و ماتسوشيتا عن ذلك.

لقد كانوا مساعدة كبيرة رغم الإرهاق الذي سببوه بجعله دميتهم و لبسوه جميع أنواع الثياب.

بصرف النظر عن ذلك، يمكن رؤية أنه إرتدى ساعة يد بيضاء حديثة كان قد أضاف لها تعديلاته الخاصة لحساب وقته.

بإختصار، كان مظهره ممتازاً في رأيه الخاص، في العادة، لم يكن ليهتم ما هو رأي الناس في مظهره لكن هذه المرة مختلفة، جيد أم سيئ، الأشخاص الذين ينتظرهم فقط من لديه اليد العليا للقرار الأن.

‟همم، هل يجب علي تحضير المبكبكة الليبية للعشاء أم مجرد أرز مقلي مع بعض الأكلات البحرية؟”

كان يفكر بجدية أيهما سيطهو لعشائه اليوم، في الغالب سيكون الشخص متوترا في هذه الحالة لكن بدى له الموضوع بلا صلة أو أهمية.

حسنا، كما يقال: ‟إفعلها أو لا تفعلها، لا فائدة من الخوف الأن أليس كذلك؟.”

بعد الوقوف لبعض الوقت قرر ريو تحضير البكبوكة مع لحم الضان و الفلفل الحار، قرر إضافة بعض البطاطا المقلية كطبق جانبي و كخاتمة مشروب بيبسي بارد، رغم أنه تخيلها في رأسه لم يسعه سوى أن يسيل لعابه عند التفكير في هذا.

على أي حال، بعد الإنتظار لبعض الوقت في التحديق بالمحيط المهدئ للأعصاب، شعر ريو بوجود ما خلفه يقترب لكنه لم يبدي رد فعل.

تمت تغطية عينيه بلمسة ناعمة لكن حتى مع ذلك لم يحدث شيء.

"بوو~ أنت ممل~"

"هل هو كذلك؟" رد على الشكوى بإقتضاب و كأنها مشكلة شخص أخر.

إستدار بعد أن تم إزالة اليدين اللتين كانتا تعميان عينيه و غطى لون فضي مجال رؤيته، بشعرها يرفرف بسبب الريح القادمة من المحيط و عيونها الحمراء القرمزية الجذابة، من دون نسيان إبتسامتها المتكلفة التي تضيف إليها سحرا خاصا.

إرتدت ملابس خروج تناسب مظهرها الجميل، كان فستانا أسود يصل إلى أعلى الركبة قليلا و جوارب سوداء تصل إلى الفخد، كانت ربطة الشعر السوداء على رأسها موجودة أيضا، لم يعرف ريو ما إذا كان ذلك شيئا طبيعيا للفتيات إلا أنه قرر أن يحاول البحث بشأن هذا لاحقا.

يمكن القول أنها لم تضع الكثير من المكياج إلا أنها في رأيه، قد لا تحتاجه.

أقل ما يمكن القول هو أنها جميلة- خدش ذلك، كانت جميلة في الأصل أما الأن لم يستطع ريو قول شيء أكثر.

نقلت الفتاة نظرتها لريو و كأنها تقيمه.

"همم، جيد، تسعون نقطة، هل إنتظرت طويلا؟"

"شكراً، لا، لم أنتظر كثيراً، أتيت قبل قليل"

رد و كأن ذلك شيء واضح لقوله، مع كلامه إتسعت إبتسامة الفتاة و بدت و كأنها إكتشفت كذبته لكن لم تدفع بالموضوع أكثر.

بعد ذلك وجه نظراته نحو الشخص الأخر الذي وقف بجانب فوكا، كانت هناك فتاة ذات شعر بني و عيون بنفسجية مع إبتسامة لطيفة عليها، كانت تضع مشبك شعر أمام غرتها الوسطة، يمكن رؤية تميمة تبدو كزهرة دوار الشمس معلقة على جانبها الأيمن.

على عكس فوكا التي كانت من النوع الجميل، كانت تميل إلى كونها من النوع اللطيف أكثر، فستانها الأبيض مع الخطوط الوردية أعطاها مظهرا يجعل الشخص ينجذب إليها.

"مرحبا"

"كيف حالك~؟" ردت عليه بنبرة ساحرة و صوت جميل.

"لا شيء كثير أساهينا، أظنني بخير" رد عليها بصورة جافة إلى حد ما لكنه لم يهتم بذلك في الوقت الحالي.

لم تبدوا الفتاة المسماة اساهينا نازونا منزعجة و ردت بإيماءة لطيفة.

"لن أكذب، تبدوان لطيفتان الأن، لقد تأثرت" قال ريو بتعبير غير متأثر إلى حد ما.

"همم، تعبيرك فارغ إلى حد ما، هل أنت محرج؟"

"لست" رد بسرعة.

"هيهي~ ليس عليك الكذب علي كما تعلم؟"

"تنهد، لنذهب الأن"

بدأ بالمشي من دون أن يلقي بالاً لمضايقات فوكا.

"همف، ممل"

قالت عابسة لكنها مشت بجانبه على الفور، نازونا التي رأت تفاعلهما ألقت نظرة غريبة، من جهة لم ترى زميلتها تتصرف مع أي ذكر بهذه الطريقة من قبل لكن من جهة أخرى شعرت أن هذا الموقف شيء طبيعي.

"كيف أقول هذا؟ يناسبها ذلك، صحيح؟"

بعد الوقوف لبعض الوقت نادى عليها ريو.

‟هل ستبقين واقفة هكذا؟ لنذهب”

"اه؟ حسنا قادمة!"

يبدوا أنها تباعدت و لم تلحظ انها بقيت واقفة، بذلك صرخت بينما تجري ثم واكبت مشيتهم.

2023/02/17 · 185 مشاهدة · 3791 كلمة
نادي الروايات - 2025