ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كانت اساهينا تقف بجانب فوكا و على يسار الفتاة ذات الشعر الفضي يقبع ريو، كان التناقض الصارخ بينهم مثير للسخرية.
على عكس الفتاتان اللتان تبتسمان، أظهر ريو وجه بلا تعابير، زد عليه ذلك الجو القاسي المحيط به و سيكون لدينا إختلاف جوهري، كانت هالته تبدو كجانح تماماً.
موقفه الذي كان يظهره منذ أن كان في المدرسة تبدد تماما و حل محله ضغط قامع، بدى الأمر و كأنه شخص مختلف و ليس ريو المعتاد.
على الفور عندما كان المكان يكتظ بالناس، تم توجيه الكثير من النظرات نحوهم، لم يكلف ريو نفسه حتى عناء النظر نحوهم حتى، و بدلاً من ذلك أكمل مشيه بدون نطق أي كلمة.
"....."
هكذا و ببساطة، مشى مع الفتاتين يحدق في المجهول، حتى فوكا تلاشى من حولها جوها المعتاد وأظهرت نظرة لامبالية في النهاية، الوحيدة التي لم تتحمل الصمت هي أساهينا، مع وضع ذلك في الإعتبار، بدأت في الكلام.
"هناك الكثير من التحديق اليس كذلك..."
ضحكت بعصبية بينما تقول ذلك، ريو الذي سمعها ألقى نظرة على الناس الذين يمرون من جانبهم، كان شيعر بنظراتهم لكنه لم ينظر إليهم حقا أو إكترث.
"حسنا اليس هذا لأنني مع فتاتين جميلتين؟"
قال ريو ببساطة، لم يكن لديه تعبير عندما قال لكن صوته بدى صادقا.
"هيهيهي ~ هل هذا صحيح؟"
"من الواضح" كما قال حدق في الطلاب.
كانت الغريزة شيئا غريبا، رغم ان معظم الناس لا يلاحظون ذلك إلا أن البشر على مر العصور و تطور حضاراتهم و المحن التي خاضوها، أضف لذلك تجارب الصعود و الهبوط لعدة ممالك و أمم، سيعطينا ذلك خبرات متراكمة.
كانت تلك الخبرات و تخزن و تتوارث عبر الأجيال، عندما يواجه المرء مواقف الحياة و الموت سيشحذ غرائزه مع الوقت، عندما يصقلها و يطورها ستصبح المواقف التي تتطلب الحساسية مثل الأن ستصبح مثل التنفس و يلاحظها بلا وعي.
على سبيل المثال، لو أحضرت جندي إستخبارات مخضرم و موظف مكتب عادي ثم وضعتهما معا في نفس الغرفة، ضع أمامهم عدة أناس و أجعلهم يسألونهم عدة أسئلة و يستخرجوا الحقيقة منهم، بطبيعة الحال واضح من سيفوز.
الأمر ببساطة لأن الجندي مدرب على ملاحظة الناس و إستخراج المعلومات و التجسس، كانت هذه المواقف تمثل الحياة و الموت، لم يكن هناك مجال للخطأ.
على العكس من ذلك هو الموظف، كان هذا مجرد وضع غريب و لتمضية الوقت، ربما هناك مكاسب يربحها و يذهب لمطعم ما ليشبع جوعه، من يدري؟.
كان ريو يعي ذلك بوضوح، لم يسعه يوى الإعجاب و السخرية ايضا من الخبايا وراء الطبيعة المذهلة للبشرية، مشاعر البشر، غريزتهم و طبيعتهم هي نفسها دوما.
لا يهم لأ مدى يصل طول الشجرة، لانه في بعيدا في الأعماق، ستكون هناك جذور حيث يقبع اصلها و جوهر حياتها.
رغم أن الجيل الحالي يفخر بالتطور و التكنولوجيا التي وصل لها الأن، إلا انه غافلون عن شيء هام.
إنها طبيعتنا كبشر.
مهما هرب المرء و جرى من التراب فسيعود يوما لنفس المكان، من التراب أتيت و إلى التراب ستعود، هذا هو الواقع.
عندما برزت فكرة في رأس ريو لم يستطع سوى السخرية.
كما لو لاحظته الفتاتان، نظرتا إليه بنظرة فضولة، رغم ان افكاره تعددت إلا انه لم يمضي وقت كثير، كان هذا ايضاً أحد الأشياء المثيرة للإهتمام بشاننا كمخلوقات.
كما لو لاحظهم، أمال رأسه قليلا في حيرة.
تحدثت فوكا محتفظة بوجهها البوكر: "كنت تضحك قليلا، رغم أنه غير واضح، هل هناك شيء ما؟"
رد بإقتضاب لأنه لم يرى ضرر في قول ما دار في خاطره: "تذكرت شيئا مضحكا قليلا، هذا كل شيء"
"اوه؟ هل لي بمعرفة ما يدور حوله ذلك 'الشيء المضحك' ؟"
ومضت نظرة فوكا عند سماع ريو، حتى اساهينا كانت فضولية، في الواقع، لم تعرفه اساهينا لفترة طويلة إلا أنها رات طريقة تفكيره الغريبة و شهدتها من قبل، هذا يعني انه فكر في شيء ما.
كانت تعابيره تتجمد دائماً عندما يفكر في شيء ما، هذا ما فهمته فوكا في فترة قضائهما الوقت معا، اساهينا، رغم معرفتها بذلك ما زال الجو من حوله عندما يكون في تلك الحالة يوترها.
عندما يتناسى ريو العالم، كان و كأنه ينفصل عن الواقع و يصبح كالزومبي بلا حياة، دمية ليس لها اي بريق و لا وسيلة لعبور الضوء نحوها، بالذات عيناه الحمراء بلون الدم، لم يكن هناك وسيلة لمعرفة ما يفكر فيه أبداً.
قام بإبداء إبتسامة ساخرة عندما قال: "كل ما في الأمر أنني أفكر في سذاجة الناس في هذا العالم"
"همم؟" لم يعرفوا ما يقولونه حقا و تركوه يكمل كلامه.
"العصر الأن تطور و التكنولوجيا وصلت لأفاق لم يكن من الممكن تخيلها من قبل، اليس كذلك؟"
اومأت فوكا و اساهينا ولم يحدثا سوى صوت: "امم"
"هذا يظهر أن العالم فيه عباقرة حقا، لكن في نفس الوقت لا يسعني سوى الشعور بأنهم اصبحوا اغبياء بنفس القدر"
"كيف؟" لم يسع اساهينا فهم المقصد من كلامه و لم تستطع سوى السؤال.
"في رأيك، ما هو الشي الذي لا يستطيع الإنسان الهروب منه أبداً؟"
لف الصمت الفتاتين لبعض الوقت و سقطوا في التفكير.
شيء لا يستطيع الإنسان الهروب منه؟ مثل ذلك الشيء، ما هو؟ كانت هناك حالات كثيرة من اليأس بلا ذرة أمل، لكن في النهاية، إستطاع الإنسان الهروب منها، هذا يثبت أن العالم لم يكن مستحيل أن تحدث فيه المعجزات.
مرت ثوان حتى كسرت فوكا الصمت.
"يمكن للناس التطور و التعلم من محيطهم، لكن هناك جدار لا يمكنهم عبوره، لا يهم كم انت قوي أو ذكي، دهائك و مكرك لن ينقذك من ذلك أبداً، ذلك ما تقوله، اليس كذلك؟"
اومأ براسه بلا كلام، حثها على الإستمرار و لم يقاطعها، بدى و كأن اساهينا فهمت المقصد و تحدثت بدلا من فوكا.
"ذلك الشيء قهر الامم و حتى الإمبراطوريات على مر التاريخ، لا يمكنك الهروب منه، ليس انت، ليس انا أو اي مخلوق"
نظرا في بعضهما البعض و عادتا للنظر في ريو كما قالتا في نفس الوقت: "ذلك هو الموت"
"هذا صحيح، بغض النظر عن تقدمك، لن تهرب من الموت، كل ما على الدنيا فان، لا بد انكما سمعتما هذا من قبل"
لاحظ تعابيرهما كما أكمل: "المثير للسخرية هو ان العلماء الأن يبحثون عن طريقة لتمديد العمر، حتى ان هناك كبسولات سبات متطورة الأن و ألات نانونية تساعد في مكافحة المرض"
كان الإرتباك يحيط بتعبيرات فوكا و اساهينا، هل هذا شيء سيء؟.
"ليس هذا قصدي" كما لو لاحظ ما يريدان قوله نفى على الفور: "ما أقصده هو هذا، هل هناك شخص نجح في الهروب من قبل من ذلك؟ الجواب بسيط، لا، من غير الممكن أن لا يموت الشخص"
"لذلك وجدت الأمر مضحكا، يقال عنهم عباقرة العصر و ما إلى أخره، لكنني لا أرى سوى مجموعة من الحمقى الجبناء، الموت ليس شيئا بيدنا نحن للتحكم به، لا يمكن تجنبه، في يوم من الأيام سيجب لمواجهته، ستطرين لمواجهته، لن تنفعك ثروتك في ذلك الوقت أو قوتك، كلنا سنفعل"
كما لو ارادا قول شيء قاطعهما: "قد تظنان أن ما اقوله شيء بديهي لكن، هل هو حقا؟ لماذا توجد إذا تلك القضايا لمحاولة زيادة العمر؟ هذا لأنهم ينكرونه، يخافون من انه عندما يموتون سينساهم العالم، هذا الهاجس موجود في طبيعتنا، نحن كمخلوقات نخاف الموت، هذا شيء طبيعي"
"لكن طالما نترك ذلك الفكر يتحكم بنا، ما الفائدة من الحياة في الأساس؟ البقاء في الزاوية بدون فعل اي شيء خوفا من الأذى، هذا لن يحل شيء، هل أنا محق؟"
لم يردا على الفور، في النهاية اظهرا إيماءة بطيئة.
"لست احاول قول شيء غريب، كل ما افكر فيه هو هذا، لماذا يحاول الناس الهرب؟ بدلا من إنكار المشكلة، اليس من الأفضل مواجهتها مباشرة؟ لا يمكن التحكم في الموت، لكن ماذا بشأن الحياة؟"
"الحياة…؟" تمتمت فوكا بهذه الكلمات، بدى تأثير كلام ريو عليها اقوى من ما أثر على أساهينا، كما لو كان تكملة لذلك، كانت أساهينا تومض نظراتها بقلق نحو فوكا إلى حد ما.
"الحياة هي ما تعيشه، ليست ما تحيا من أجله، ماذا لو بقيت حيا؟ ما المغزى لو لم تعش الحياة بحد ذاتها إن كنت حيا؟ لا شيء"
"رغم انني اريد إكمال كلامي، إلا اننا وصلنا"
كانوا قد وصلو لوجهتهم عندما قال هذا.
"ااه؟- امم، حسنا.." لم تنتبه فوكا لفحوى كلماته حقا و بدلا من ذلك قالت أول ما خطر في بالها عندما كان هناك تعبير مذهول على وجهها، كانت أساهينا في نفس الحالة و إن كان اقل.
ريو إبتسم بخفة لمنظرهم و ذهب لحجز طاولة، قبل الذهاب سألهم ما يريدون اكله و قالوا لا يهم لذلك قبل كلماتهم و إختفى من الانظار بين الطلبة.
كان مقهى باليت مكاناً مكتظا بالطلاب، العدد الأكبر للناس في المقهى هو بطبيعة الحال تحت سيطرة الإناث، كانت نظرات عديدة توجه نحو ريو، لم يجرؤ احد على النظر في عينيه حقا لكنهم مازالوا ينظرون.
إنتظر ريو في الطابور كالبقية ليطلب غدائه بعد ان حجز طاولته، لمنع أي إلتباس، قام بجعل أحد معارفه يجلس هناك حتى يعود بطعامه.
تذكر الكلمات الخاصة التي قالها للتو، لم يقلها للفتاتين فقط، كان بقوله ذلك يذكر نفسه أيضا، نحن تافهون، لسنا سوى مخلوقات ضعيفة، لكن لا بأس بذلك، لا يهم ذلك، لانه ببساطة سيكون هناك وقت سنمر فيه بتلك الحقيقة.
الأمر لا يحتاج التعقيد حقا، طالما تقبل نفسك كما انت، عيوبك و ميزاتك معا، يمكنك إكتشاف افاق جديدة في الحياة لم ترى مثلها من قبل.
ستستطيع أخيرا رؤية الحياة بعدسة الحقيقة.
كانت افضل كلمات للتعبير عن افكار ريو هو بضع كلمات: "بدلاً من الكذبة الحلوة، افضل ان اتذوق الطعم المر للحقيقة"
عندما ترى الحياة على ما هي عليه، ستصبح اكثر تسامحا و تعاطفا تجاه الاخرين، ستفهم نفسك و الناس بطريقة لم تراها من قبل.
ظهرت صورة لفتاة ذات لون شعر أشقر بلون الفراولة في بحر أفكار ريو، كان من السهل عليه فهم تلك الفتاة و لم يسعه سوى ان يظهر فكره بشأن ذلك.
الطيبة و السذاجة ليسا نفس الشيء، ليس عيبا ان تكون طيبا مع الناس لكن العيب هو أن لا تعرف مع من أو متى تقوم بذلك.
كانت الطيبة تجسيدا للحياة، لكنها ايضاً تجسيد للقسوة، لم توجد يوماً حياة بدون أمل، فقط من يفقد الأمل، ذلك الوقت هو الذي يفقد فيه المرء الحياة حقاً.
اول خطوة لذلك هي..
دينغ!.
كما لو يخرج للواقع، اخرجه صوت الإشعار من هاتفه من عمق تفكيره، راى الرسالة على هاتفه و نظر في إتجاه ما، اومأ و لحسن الحظ كان دوره للطلب، قام بأخذ طلباته و ذهب لطاولته.
"شكراً سينباي، كنت مساعدة حقا"
"لا شكر، لقد ساعدتني في ذلك الوقت لذلك لا تذكرها"
رد عليه من دون النظر نحوه.
"هيه، من يظن ان الأمور ستكون هكذا؟" قال له سينباي الجالس.
"انت محق، تقلبات الحياة لا يمكن توقعها"
"على اي حال، انا امسك المكان لك، إذهب و حل المشكلة بسرعة"
"امم" اوما و ذهب في مساراته.
كان الشخص الذي تحدث معه هو بطبيعة الحال هو أحد السينبايز الذين إبتزهم في أول يوم، لم يتوقع ان فرصته ستأتي بسرعة، كان سيحاول إكتساب ثقتهم شيئا فشيئا و مع الوقت، سيكونون أتباعا مخلصين، و من يدري، ربما سيتعلم منهم شيئا ما.
قبل وقت ما، كانوا في مشكلة و قام ريو بمساعدتهم و حلها رغم انه لم يثق بهم أحد، كانت القضية معروفة بين معظم إن لم يكن الكل، لم يعرف ريو عن نفسه لأحد عندما حلها إلا لسواهم.
ما لم يقولوا شيئا، فلن يكون هناك من سيعرف هويته بين الطلاب، حتى رئيس مجلس الطلبة هوريكيتا مانابو لن يستطيع الولوج للمعلومات.
بذلك كان كالمخلص لهم، كانوا سيتبعونه بطبيعة الحال بسبب عقدهم لكن كان الولاء احد افضل الحلفاء، كما يقال، ولاء جندي واحد خير من الف جنرال مخضرم مشكوك فيه.
و بهذا، كانت خطة ريو تستمر على قدم وساق، على أي حال كان يمشي حتى رأى اربع صور ظلية امامه، بصرف النظر عن الجمال ذو الشعر الفضي و المظهر اللطيف لفتاة الشعر البني، كان يمكن رؤية شخصين طويلين قليلا يتحدقان معهم.
كان يتم تجاهلهما لكنهما تحدثا بلا هوادة و لم يكن من الممكن الشعور بأنهم سينتهون في وقت قريب.
ريو عابس و ذهب بخفة نحوهم.
"مرحباً، الطاولة جاهزة، هل نذهب"
لم يكلف نفسه حتى عناء النظر للفتيان على يمينه و تحدث مع الفتاتين، اظهرت اساهينا تعبيرا مرتاحا بينما خف الوهج في عين فوكا، كان ريو متأكد انها كانت على وشك كسر راسيهما.
لا اريد إهدار طاقتي من دون داع و من المتعب أيضا محالة النظر نحوهما، حسنا... نعم لا يستحق وقتي.
كان ببساطة يقول ان وجودهما لا يستحق الذكر حتى و هو مضيعة.
كما لو تم تخريب يومهما الجميل قال احدهما بإنزعاج و صوت حاد لريو: "من أنت؟"
"إنقلع" قال ببرود ولم ينظر حتى إليهم عندما قال ذلك، كما لو كان يثبت انه لا يريد التواجد اكثر، سحب يد فوكا التي كانت شاردة بشكل غريب منذ الحديث معها، كما لو لاحظت، تمسكت أساهينا بذراعه الحرة و بدأو في المشي.
تم تجاهل وجود الفتيان الطويلان بكل بساطة، جعل هذا وجوههما الوسيمة حمراء من الغضب، كان هذا مهيناً جداً!.
كما شق الثلاثة طريقهم لطاولة الطعام، امسكت يد سيمكة بيد ريو.
"توقف!" قال بصوت غاضب إلى حد ما و شد يده بقوة على كتف ريو، كان يحاول إظهار موقف تخويف لريو، نظر إليه ريو بعيون باردة كما قال: "يدك، هلا نحيتها؟"
جفل الفتى تقريبا، من مظهرهما، لم يكونا طلاب سنة اولى، لم يبدوا كطلاب سنة ثانية ايضاً، ربما في السنة الثالثة، طريقتهما في الحديث و موقفهما لم يكونا كطالب في الفصول العليا، ربما في الفصل ج او د.
كان يخمن بصمت عند رؤية الطلاب، كانت هناك شارة على الزي المدرسي للطلاب، رأى الشارة للسنوات الأولى و الثانية لذلك عرف أنه للسنوات الثالثة.
كان هناك إحتمال انها خدعة ولبساه لمجرد أن يبدوا أكبر، هذا مخالف للقواعد لكن ما لم يعرف أحد فلن يعاقبوا، كان أو ما فكر فيه لكن تبدد الفكر على الفور عندما حدق فيهما لأول مرة.
"انت متأكد من أنك مستعجل أليس كذلك؟"
قال السينباي الممسك بكتفه بسخرية و زاد الضغط على يده.
تنهد ريو بلا حول أو قوة، كانت اساهينا متوترة و قلقة كانت على وشك الكلام عندما اوقفتها فوكا بإيماءة رفض، لم تكن متاكدة من السبب لكنها اوقفت كلامها قبل البدء عند رؤية موقف فوكا.
يجب ان يستطيع حل الموقف بما أن فوكا تشان قالت لي ان اتوقف، صحيح؟.
هو ما فكرت فيه، على العكس منها لم تكن فوكا متأكدة من قدراته لحل الموقف حقا، لكن ربما هي فرصة لرؤية كيف سيحله، حدسها قال لها أنه يستطيع فعلها، لقد وثقت دائما في حدسها، كان هو من انقذها من عدة مواقف لذلك لم تتردد.
كان أيضا إنتقاما بسيطا عن جعلها تدخل في الحيرة العميقة بسبب كلماته السابقة، كان الصدى لتلك الكلمات له وقع اكبر عليها، ذكرها ذلك بشأن نفسها و وقفت في حيرة، لم تكن تعرف ما هو، لكن شعرت بكل انواع المشاعر المعقدة، لكن اكبرها كان الراحة.
لم تعرف ما هو السبب، لم تستطع سوى إنتظاره لإكمال كلامه الذي اوقفه من قبل.
كما توالت أفكارها بكثرة، كانت تنهيدة ريو قد إنتهت للتو، كما ترك يد فوكا تحدث لأساهينا.
"يمكنكي تركي الأن يا نازونا، علي التعامل مع هذه المخلوقات"
لم تستطع نازونا سوى محاولة سد ضحكتها على كلماته: "بفتت-مخلوقات.."
بعد ذلك بدى السينبايز كأنهم سينفجرون من الغضب الأن، تركت نازونا يد ريو في النهاية بعد أن أخمدت ضحكها.
اعني، من لن يغضب بعد هذا؟ لم يشر لهم حتى كبشر بل كمخلوقات، يمكن ان يكون أي مخلوق، عرف الولدين ان قصد ريو كان اسوء من الحضيض.
ريو الذي لم يغير تعبيره طوال الوقت، رفع يده و شد اليد على كتفه، ضغط برفق في البداية، و على الفور شد عضلات كتفه و ساعد يده اليسرى، كانت اصباع السينباي تسحق بين يديه عندما ضغط بقوة عليها.
"لم ارد هذا لكن، لدي طعام يكاد يبرد لذا.."
بقوله لذلك نحى يد الفتى الطويل عنه لكنه لم يتركها.
"ما رأيك أن تصرخ من أجلي؟" بقوله ذلك لوى يده بإبتسامة صادقة و نبيلة على وجهه.
"ااه-" كما لو كان على وشك الصراخ بشدة، تم سحبه و تغطية فمه من قبل ريو، كان الحشد يشاهدهم لكن أوضح رية لهم بصوت مرح: "مجرد مزاح مع صديقي، لا عليكم من ذلك"
بدى كما لو كان صادقا، كان صوته السعيد و المرح مع إبتسامته الجميلة تبدوا كما لو كان شيطان في عيني الفتى الذي امسكه ريو، كان وجهه مقابل لريو لذلك لم يرى أحد تعبيره او محاولته لطلب النجدة، نظر إلى الأخر و قال له بعينيه: "قل شيئا و إنسى يد صديقك"
كان شاحبا و بقي صامتا.
قرب ريو فمه نحو اذن الفتى كما همس له: "خدعتك الصغيرة لإبتزاز فتياتي لن تنفعك، برايك ماذا سيقول الأخرون لو سمعوا هذه الأخبار المؤسفة؟ سينباي يحاول إبتزاز كوهاي، و الأكثر من ذلك اكبر بسنتين، كم هو عار"
كان ريو قد لاحظ صديق الفتى يصور فوكا و اساهينا عندما كان يمشي معهم، من الصعب الملاحظة لكن كان المكان الذي وقف منه ممتازا للملاحظة.
"ربما كان يريد إستفزاز فوكا و جعلها تغضب، هذا الموقف أكثر شمولية من ما هو متوقع، يجب أن يكون عمل روتيني لهم لجني الأرباح، لحسن حظهم أن الحالة العقلية لفوكا مهلهلة الأن لذلك كانت خطة جيدة، لحسن الحظ صورتهم بهاتفي و هم يحاولون تصوير فوكا، من موقف الهاتف للفتى سيبدوا الأمر و كانه يصورها خلسة، إن قمنا بخلق كذبة بشان أنه حاول تصوير ملابسهما الداخلية فسيكون لدينا الموقف الحاسم، هذا كش ملك بسيط"
كما قال للفتى و أعد خطته داخل عقله، كان المسكين يئن من الألم بينما الدموع تخرج من عيونه و انفه يسيل، يد ريو مازالت ممسكة بيده بإحكام و يعانقه بشدة، كان قد طلب من البقية تغطيته، اساهينا لم تصدق عينيها حقا لكنها قامت بما تم أمرها به.
"اوه؟ نسيت ان أذكر، القضية الأخيرة، حيث تمت تبرئة المتهم فيها بينما كانت مشتعلة كما تعلم؟ إحباط الكثيرين مكبوت و يستعد لكي يتم إطلاقه، قد تبدو قصة صغيرة، لكن دفعة واحدة ستسقطك من الهاوية، اليس مثل هذا السيناريو جميلا؟"
إبتسم بهدوء كما أكمل و أمسك بذقن الفتى، لم يعد هناك أي أثر لوسامته، تم إستبدالها بالرعب الخالص، من المؤكد أن تعبير ريو اللطيف سيلاحقه في كوابيسه لفترة طويلة، يده التي تم لويها و كاد أن يتم كسر اصابعها بقيت مرتخية بلا حول أو قوة.
ضغط على خديه بأصابعه كما اكمل حديثه، لفتته بدت و كأنه يتذكر الأيام الجميلة و الحلوة للماضي: "تخيل معي، الناس تضحك و تتهم و تتهجم على فتى وحيد مسكين، هذا الفتى لديه صديق يمشي معه، يعانيان معا من الصعاب، تماماً كما في القصص المصورة"
قال بشفقة و صوت مليء بالإعجاب.
"لكن الفرق هنا هو واحد، هنا، لا يوجد أمل، سقط الفتى و صديقه من قمة الهاوية إلى المجهول، مع الوقت، سيبحرون في بحر اليأس، و بعد ذلك، يسبحون، اخيرا يغرقون في ذلك البحر"
"لا امل أو خلاص، فقط البؤس، كما قال جان بول سارتر في أحد كتبه، لا مخرج" جملته الأخيرة قالها بصوت بارد و موقف مخيف على العكس من وجهه المبتسم.
طريقته في تغيير موقفه تسببت في القشعريرة لمن كانوا حوله، لو كانت كوشيدا تتغير من الليل إلى النهار، فريو يغير نفسه كما يحدث في الفصول الأربعة، هذا جعل خوف الفتى فقط يشتد، حتى اساهينا و فوكا و الفتى الأخر إرتعدوا من الموقف، هذا أظهر فقط مدى رعبه في الوقت الحالي.
ابعد ريو الفتى عنه في النهاية قليلا، كان تعبيره قبيحا، كان الخوف يتملكه، حتى ان جسده كان يرتجف و عينيه ممتلئة بالهلع، مثل هذا الموقف جعل ريو يضحك برضى.
"إكتمل غسيل الدماغ، بقي الأن جعله مطيعا"
كان زرع الخوف فيه شيء ضروري، إن اهم شيء عندما تتحكم في شخص ما هو تشويه مفهومه للواقع و جعله يصبح طفيلي بلا قوة او حول من دون مضيفه.
أسرع الطرق هو زرع الخوف، لم يكن مثل هذا الاسلوب مفيد طوال الوقت، كان الأمر ببساطة الأن يستدعي هذا الإجراء.
"هيهيهي، بالنسبة له الأن أنا شخص أو كما يمكن القول، مخلوق يجب أن يتجنب الإحتكاك السيء معه، مثل هذه الحقيقة شيء يتطور بلا وعي في اعماقه، هو الأن لا يعرف بشأنه لكن مع الوقت سيتطور لخلق صراع في داخله، طالما اقوم بتوجيهه كما أريد، سيصبح مطيعا تماما"
"أسرع طريقة للسيطرة هي الخوف و الألم، لكن افضلها هو الدخول و التدخل في أعماقه ثم كسر تركيبة توجيهه الذاتي و جعله يعتمد على توجيه المضيف، الذي هو أنا، سيكون واقعه هو ما أقرره عندها، أي شيء عكس ذلك سيصبح بالنسبة له خطأ"
"لن افعل ذلك تماماً، بما أنني لا أتطلع لبيدق طوال الحياة، لكن يمكنني جعله قطعة إنتحارية لو اردت مستقبلا تدمير شخص ما، في هذه المدرسة، نقطة ضعف الجميع تقريباً هي نفسها"
كانت التركيبة بسيطة و عرفها ريو بطبيعة الحال.
"أنت الفائز لو بقيت و أنت خاسر لو طردت، هم طلاب في السنة الثالثة، رغم انهم من ما اراه طلاب الفصول الدنيا، إلا أن التخرج له بحد ذاته له قيمة جوهرية و مازال أفضل من معظم المدارس الأخرى"
"الطرد سيكون ضربة قاضية، أهم شيء في هذا المجتمع هي السمعة، سيحمي الناس سمتعهم بحياتهم، طالما تستغل ذلك الضعف فسيكون الفوز في اليد كطقعة من الكعكة"
كما كان يفكر، كان يرتب زي الطالب و قام بتعديل إلتواء الفتى بعد قمع صرخاته المؤلمة بيده، في غضون اسبوع و نصف يجب أن يشفى تقريباً، كل ما في الأمر أنه يجب عليه العناية به قليلا، أخرج منديل من يده و مسح وجهه به، و نظفه تماماً.
"سيفي هذا بالغرض، كالجديد تماماً، اوه؟ نسيت القول لكن، أنصحك أن لا تقوم بتبليغ أنني قمت بإصابتك حسنا؟ انت تعرف ما سيحدث لو فعلت ذلك"
كما قال، اراه هاتفه و قرأ ما كتب، كل ما تقدم في القراءة زاد الشحوب على وجهه.
اومأ ببعض الضعف و الخوف من الصغير أمامه، كانت تجربة مخيفة و لن يرغب في تكرارها.
كانت خطة ريو في إتهامهم بالتصوير غير القانوني بطبيعة الحال هو ما اراه إياه و صورة في هاتفه، كانت خطته الإحتياطية لريو أن يخلع كتفه الخاصة ليجعل الأمر و كأنه تم الإعتداء عليه من قبلهم و قام بحماية نفسه، أو سيقول فقط أنه حاول حماية الفتيات.
كان ريو الأن يخاطر بجعل الفتيات أكثر حذرا، لكن للأسف لم يكن هناك خيار، وازن بين أن يكمل موعده معهم أو يقوم بإكتساب قطع جديدة بين السنوات التي لم يكن على دراية بها، العام الثالث.
كان يضحي بشيء من أجل شيء أخر، قد تكون خسارة لو تجنبوه لكنه يستطيع تحملها، لو حاولوا إيذائه بأي وسيلة، كان له دفاعاته الخاصة و لن يقود الطريق الذي أنشأه ريو الفتاتين لأي طريق سوى الهلاك لو أضمروا نحوه السوء.
لم يشك حقا في أنهم سيفعلون ذلك لكن لا ضرر توخي الحذر أبداً، ربما لم يصل لمدى أن يتجنبوه لكن كان أحتمالا كبيرا، لو كان اي شخص عادي فسيكون هذا صحيحا.
بعد قول بضع كلمات للسينبايز، غادر ريو نحو طاولته اولا فاسحا المجال لأساهينا و فوكا لاخذ بعض الهواء.
"شكرا على البقاء سينباي"
"لا شكر على واجب، اراك لاحقاً"
"التدريب القادم سيكون شديدا، اخبر الأخرين"
"إيه؟ نعم انا قادم!"
كما لو كان يهرب، جرى سينباي لمكان ما، إدعى انه لم يسمع كلمات ريو أبداً.
جلس ريو في طاولته يستمتع بطعامه بهدوء، حسنا ليس حقا لكنه وجد ان الأجواء السلمية مثل هذه جعلنه يسترخي قليلا.
فكر في الفتاتين كما كان يشرب عصيره بهدوء، يجب أن يكون هذا صادما هاه؟ لكن بدلا من الإحباط، جعله ذلك يزيد من توقعاته بشأنهم، هذا جعل مهمته سهلة في الواقع.
جاءت نازونا و فوكا كما جلسا بدون أن تكون هناك أي كلمة.
أكل الثلاثة في صمت، كانت فوكا تحدق بريو و نازونا القت نظرات عليه كل بضع لحظات.
"امم؟" كما لو كان سال، حدق فيهما بإستجواب.
ردت نازونا بصوت هادئ: "كيف أقول هذا، كنت مختلفا حقا عن العادة اليس كذلك؟"
"عن العادة؟" تمتم بكلماته كما لو أنه لا يعرف ما قصدها.
"أعني، كان موقفك و تصرفك شيئا لم استطع توقعه، امم..."
"هل تريدين القول أني كنت مخيفا هناك؟"
نظر للإثنتين كما قال، اومأت نازونا و بشكل مفاجئ، فوكا أيضا بهدوء.
"تنهد، هذا شيء بسيط، ليس كما تتوقعين، في الواقع"
"ما قصدك؟" سألت فوكا، مازالت لم تزل نظراتها عنه و تعبيرها جدي.
"أليس الجميع يتصرف بطرق مختلفة مع أشخاص مختلفين؟ كل ما في الأمر أنني أتصرف بتلك الطريقة، لكن الإختلاف هو أنني واع بشأن ذلك و أقوم به كما أرغب، قد يقول الأخرون انها اقنعة و كذب و خداع"
"ليس كذلك..؟" تمتمت نازونا بشكل غير مؤكد و تعبير معقد، كل ما حصل اليوم جعلها في حيرة.
"لا يوجد شخص تقريبا بلا قناع، إن كان التصرف بدون قناع هو معاملة الجميع بصدق و نفس الأسلوب، فأفضل البقاء بقناع، ليست كل معاملة لشخص ما بالضرورة هي الأفضل لأخر، نحن نرتدي الأقنعة، رغم أننا لا ندرك ذلك، هل تعرفين ما تسمى تلك الأقنعة؟"
"ليس حقا" ردت فوكا فورا.
موقفها الشرس الأن جعله يضحك ببساطة و تجاهل ذلك: "إنه قناع الحياة، إنه يتشكل في الغالب نتيجة للهواجس التي تمر في مواقف الحياة عندما نعيشها، قد يكون الهاجس هو الخوف، قد يكون الكبرياء، ربما الذنب، تتعدد و تختلف الأسباب لكنها متصلة معا، هذا يشكل ما يسمى بقناع الحياة"
كانت كلماته مقتضبة، لكن اظهر مدى فهمه، خبرته للحياة لم تشبه مدى فهم طفل في الخامسة عشرة، فوكا و نازونا جفلوا قليلا في بعض الجمل التي قالها، قد يفكر الشخص انه إختارها بعناية لضرب الوتر الحساس.
"هل تعرفون لماذا يسمى بقناع الحياة؟ لأنه سيرافقنا طوال حياتنا، كانت نتيجة التعامل معه هو شيئين، إما أن نتعلم العيش مع قناعنا أو تركه يستهلكنا"
"قناع الحياة، إنه أحد أكثر الأشياء شمولية في الحياة"
"الحمدلله، إلى أين نذهب الأن؟"
لم يتم الرد عليه رغم سؤاله لكنه لم ينزعج: "لا إجابة؟ أظن أنه الوقت لنذهب لغرفتي؟ كنت افكر في إعداد بعض العشاء، يمكننا مشاهدة الأفلام أو لعب الألعاب هناك، ما رأيكم؟"
كانوا قد قضوا وقتهم في التجول قبل الوصول إلى مقهى باليت و إستغرق الطابور بعض الوقت، أضف لذلك تمهلهم في الأكل، فسيكون لدينا وقت طويل إلى حد ما.
"حسنا، لكن عليك الإنتظار حتى ننتهي، اليس كذلك فوكا تشان؟"
"إنها محقة" أظهرت إبتسامة سخرية قليلا عندما ردت.
"تنهد، ايا كان" لم يمانع و لم يسعه سوى التنهد بصوت خافت.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كان الثلاثة في غرفة ريو، جلست فوكا على السرير و كانه ملكها بينما كانت نازونا مستلقية و رأسها في حضنها و تسدل شعرها البني برقة.
كان الامر في عيني ريوو كأنهما اختين.
"إخوة، هاه؟" تمتم بكلماته بصوت عميق، صورة ظلية لشخصين ومضت في ذاكرته لكنه تجاهل ذلك على الفور، لم يشعر بالذنب او الإستياء، لذلك كان ربما أكبر إحتمال هو الحرية التي حصل عليها حديثا، هذا على الأغلب السبب في ظهور ذكرياته من وقت لأخر.
بعد طبخ البكبوكي و لحم الضان الطازج بالفلفل الحار، مع طبق البطاطا المقلية الجانبي اضاف سلطة طماطم و بصل مع بعض الخبز المخبوز سابقا قام ريو بحفظه في الفرن في الأمس.
كانت معه اربع زجاجات بيبسي باردة على الطاولة، احضر الطعام و رأى بالفعل أن جهاز البلاستيشن قد تم إعداده، كان الإختلاف في موقف الفتيات مخيفا حتى بالنسبة لريو، اليسوا قبل قبل قليل فقط حذرون و محتارون أو شيء من هذا القبيل؟.
رمى الأفكار غير الضرورية جانبا و وضع أواني الطعام على طاولة بجانب السرير.
بداو بلعب بعض الالعاب العشوائية، كول اوف ديوتي، فورتنايت و فيفا و إله الحرب، أفينجرز و ما إلى أخره.
بينما كان ريو و فوكا في خضم مباراة على الفيفا سألت نازونا: "بالمناسبة ريو كن، ما هذه الحقيبة الحمراء الثقيلة؟"
قالت بينما حاولت حمل الحقيبة لكن لم تستطع، نصحها ريو: "لا أنصحك بمحاولة رفعها، ستكسرين ظهرك جراء ذلك، إنها حقيبة أضع فيها أثقالي"
"اوه؟ لا عجب أنها ثقيلة، ياللهول، هل تقوم برفعها دوما؟"
"أكثر أو أقل، أبلع!!"
«سجل هدفه في مرمى الخصم بركنية و رأسية حلوة في الشباك، ما هذا؟ ما هذا يا مولير؟ توماس مولير الخطير، رمى القشة التي قصمت ظهر البعير!».
كان صوت المعلق مع صرخة ريو يثير حنق فوكا و لذلك ضربته في الكتف.
"اوتش، ما مع هذا؟ على اي حال، ابلعي يا مبتدئة، هكذا هو اللعب على اصوله، أمامكي الكثير للوصول لمستواي"
"تشه! لا تفرح كثيرا، سوف اردها لك!"
"همف، لنرى ما لديك! "
تطاير الشرر في أعينهما عندما زادت حدة اللعب.
"امم، انتما تلعبان من أجل المتعى.. أليس كذلك؟"
"بالطبع!" أجابا في نفس الوقت.
"هيهي، لا أعرف ما أقول بشأن هذا" شعرت نازونا بالجو التنافسي بين ريو و فوكا و لم يسعها سوى الضحك قليلا.
كانوا يستمتعون باللعب و الأكل، كانت هناك مشكلة وحيدة، الثلاثة منهم أراد القطعة الأخيرة من علبة البيبسي لنفسه و تنافسوا عليها و في النهاية بينما كانوا في صراع شديد قاموا بسحق العلبة تحتهم، شعروا بالخيبة لكنه كان جيدا على الأقل.
ايها الجندي الشجاع، سنتذكرك دوما.
في ذلك اليوم، توفي جندي شجاع إسمه بيبسي تحت وطأة قسوة العالم.
بينما إنتهوا من اللعب، بدأو في مشاهدة فيلم، إختارت فوكا فيلم من سلسلة فاست اند فيوريز، هوبز اند شو.
أكملوا المشاهدة و بقوا في صمت حتى إنتهى.
حتى بعد النهاية لم يتكلموا حقا.
"قناع الحياة.." تمتمت فوكا قليلا.
نظر ريو و نازونا إليها كما قالت ذلك.
لم تتوقع أن تسمعهم او ربما فعلت، لم يكن ذلك مهماً، ما كان مهماً هو سماع بقية كلام ريو، ربما سيحل كلامه العقدة الموجودة في قلبها الأن و لوا قليلا.
"قناع الحياة، اليس كذلك؟ يبدوا ان لديك فضول بشأن كلامي في أخر مرة، هاه؟"
"امم" أومأت بخفة، حتى نازونا كانت تنظر إليه بترقب، وقف من مكانه و وقف امام نافذة غرفته.
كانت نافذة غرفة ريو لحسن الحظ تطل عبر الخارج، في هذه اللحظة اظهر ضوء القمر الساطع صورة ظلية لريو عبر الارضية للغرفة المغلقة.
في الصمت، وقف شاب صغير تحت ضوء القمر و بدء الحديث بهدوء: "قناع الحياة، الخوف من الموت، التركيز على الحياة، كل ذلك له نفس النقطة، كما تم القول، لا يمكن للمرء إختيار موته، لكن الحياة شيء مختلف"
"ما هو الإختلاف؟ " نازونا سألت بصوت هادئ، بدى الأمر و كأنها تسأل نفسها بدلا من ريو.
ضحك ريو بهدوء كما رد عليها: " الحياة هي تقلبات للموجات، كالمد و الجزر، مثل اشكال الغيوم في السماء، كالفضاء اللامحدود، لا يمكن معرفة ما يحدث فيها في الغالب، من الصعب إستيعابها، اكثر من ذلك فهو مستحيل، لكن ذلك هو ما يجعل إمكانياتها و أفاقها غير محددة، يعيش كل شخص في طريقه الخاص"
"يمثل تصادم الناس معاً ما تتشكل منه العلاقات، تلك العلاقات تغير في الناس، تتغير ايضاً هي نفسها كما تتغير"
"البقاء على قيد الحياة، العيش، تفاعل البشر، مواجهة و تأثير العواطف، إنعطافات تسبب نقطة تحول، قناعاتنا و أقنعتنا، كل ذلك يؤدي لطريق واحد"
"طريق واحد؟…" كانت نظرات فوكا و نازونا تتركز على ريو، كان الشاب يحدق في القمر كما قال: "إنه طريق الحياة، كل ما يمر في حياة المرء و يسير فيه، إنه طريق الحياة، كل شخص له طريقه الخاص في الحياة، غالبا ما تتشابك بعض الطرق و يمشي البعض معا، لكن سيكون هناك وقت للفراق، سيبقى طريق المرء الخاص"
ومض ضوء القمر في عيني ريو الحمراء و تابع: "مع سير الشخص في طريقه الخاص بلا هوادة، لن تبقى سوى النهاية، هل تعرفان ما هي؟ "
اومأت نازونا و فوكا بدون كلام: "إنه كما تؤكدان، قلت هذا كثيراً اليوم، لكن يجب التركيز على هذه الحقيقة، و تلك النهاية ليست سوى الموت، نهاية طريق المرء في الحياة هو الموت لا محالة، برأيكما، هل هذا سيء؟"
لم يعرفا كيف يردان، هل الموت شيء سيء؟.
"بالنسبة لرأيي، الموت شيء يخاف منه الجميع، هذا طبيعي، لكن بدلا من جعل الخوف منه عائقا، فإن أفضل فكر هو جعله حافز من أجل الحياة، أفضل شيء يفعله المرء في حياته، هذا شيء فكر فيه العلماء و الفلاسفة في وقت ما من العصور، ربما الشخص العادي فعل ذلك"
"ما هو افضل ما يفعله الإنسان في حياته؟" سألت نازونا ريو بينما تحدق في صورته الملقاة تحت ضوء القمر، الرياح التي جرفت ستائر الغرفة، الاضواء المطفأة و التلفاز الصامت جعلت الموقف أكثر هدوءاً.
"لا أعرف"
"إيه؟"
"هذا ليس شيئاً أستطيع قوله، لهذا السبب إسمه طريق الحياة، و لكل شخص طريقه الخاص، لا يمكنني الحكم بشأن ما تفعلينه، أو ما ستفعلينه، إنها حياتك لذلك لن أعرف"
"إذن.." كما لو كانت على وشك قول شيء ما قاطع ريو فوكا: "سؤالك خاطئ-لا، بدلا من ذلك من الأصح القول أنك سألت الشخص الخطأ"
"كيف هذا؟" كما لو كانت تكرر كلمات نازونا السابقة، سألت فوكا.
"إنه أنت، الجواب يكمن فيك، طريق المرء الخاص، جوابه حول طريقه موجود في أعماقه، طالما تتعمق في نفسك، ستجد ذلك الضوء في داخلك"
كما إنتهى تمتمت الفتاتان بكلمات بسيطة قبل أن يعم الصمت: "طريق الحياة... الجواب يمكن في النفس..."
لم يستطع ريو سوى سماع الحان السيكادا بينما يحدق في القمر بعمق و تعبير مذهول ظهر على وجهه، الجواب يكمن داخل النفس.
ريو يعرف نفسه، لكنه لا يستطيع التجاوب بشأن مشاعره جيدا، يمكن القول أنه لا يتعاطف أبداً، هذا هو شيء يعرفه.
فقط بالدخول لأعماقه، عندما يواجه نفسه و يجد ذاته، عندها سيفهم ربما معنى العمق في مشاعره.
عندما إستدار راى أن فوكا و نازونا نائمتان بسلام على الأرض بينما تتأكان على أكتاف بعضهما و ظهرهما مواجه للسرير.
تنهد ريو و حملهما الواحدة تلو الأخرى إلى السرير برفق، بعد إكمال ذلك نام على الأرض.
قد لا يبدوا ذلك مريحا لكنه إعتاد على النوم في بيئة أقسى من ذلك و لم يضره ذلك، نام بعمق بعد ذلك.