10 - الفصل 10: الحياة ليست عادلة دائمًا، لكن هذا ليس عذرًا (2)

الفصل 10: الحياة ليست عادلة دائمًا، لكن هذا ليس عذرًا (2).

ــــــــــــــــــــــــ

شمس الظهيرة كانت تلوح في الأفق.

البرد القارس بدء يحيل كالسّراب، كما لو لم يكن.

ما بقي هي الحرارة المتصاعدة.

درجة الحرارة المرتفعة تدريجيًّا ذكّرت المرء بمدى سهولة تغيّر المناخ.

إنَّه الوقت الأفضل للإستمتاع بمياه البحر و الرّاحة في الشاطئ.

كانج! كانج! سييك!.

صوت تلاحم المعادن و الشّرر المتطاير أفسد الجمال الخلّاب للمنظر.

‟ هاجموها كثنائيّات! ‟

فتاة بلا تعابير كانت تتجنّب هجومًا مباشرًا من قبل فتى نحيف البنية قليلاً بسهولة.

تراجعت للخلف بسرعة.

'هجومه أعرج و بطيئٌ جداً'

لم تواجه مشكلة في هزم ذلك الفتى الأهوج في ذاك التّلاحم، لكن المشكلة كانت …

سووش! سييك!.

في المكان الذي كانت فيه، يمكن رؤية سحابة غبار إرتفعت عبر المنطقة.

هجوم يستخدم القوّة المحضة فقط.

الهجوم السابق كان خدعة لإبطاء حركتها.

لو وقفت هناك لمهاجمة عدوّها، كان أمرها قد إنتهى بالفعل.

بعد تفادي الهجمة، تراجعت الفتاة بضعة أمتار عن أعدائها.

‟ لا! طوِّقوها! لا تدعو هذه الفتاة الوقحة تهرب! ”

‟ لا تفزعو و حافظو على تشكيلتكم! ”

‟ أسكت! لا تعطيني الأوامر! ”

أصوات شبّان يصرخون في بعضهم، بينما يهاجمونها بنسقٍ غير متقن، أمكن سماعها عبر شاطئ البحر.

لم يبدو هؤلاء الأشخاص بتلك القوّة، و لم تكن لديهم هالاتٍ إستثنائيّة، لكن كانو أقوياء بشكلٍ غريب.

عبست الفتاة قليلاً، مرّت بضع دقائق منذ قتالها معهم، لكن لم تتغيّر موازين المعركة.

كان الأعداء أقوياء لكن لم يكن لديهم خبرة في القتال.

هجوم متهوّر، توتّرات متصاعدة، و تنسيقٌ أخرق.

في بعض الأحيان هم صرخوا على بضعهم البعض أثناء القتال.

كانت الثّغرة في مجموعة العدوِّ ظاهرة.

بسبب خبرتها في التّعامل مع القتالات ضدّ المجموعات بعض الشيئ، أمكن للفتاة الصمود حتّى الأن رغم كونها منهكة.

لكن السبب الأكبر كان شيئًا أخر.

‟ قومي بتفرقتهم عن طريق هجماتٍ تسلّلية! لا تهجمي عليهم معًا! يا إلهي! هل أنتِ حمقاء؟! هاه؟! البيئة! إستغلّي البيئة من حولك لتشتيتهم! ”

كانت هناك صرخة ساخطة خلف الفتاة.

بينما يضع يديه خلف ظهره، راقب ليون المعركة بأعين مسترخية.

معركة الكتاكيت أمامه لم تكن أكثر من مملّة.

على عكس أيّام الحرب و الدماء عندما شقّ طريقه عبر كومة من الجثث، بدى صراع هؤلاء الفراخ كاللّعبة.

‟ ما يعتقده المرء قاسيًا في الماضي يلينُ عند تذوّق ما هو أشدُّ قسوة ”

تنهّد ليون عندما فكّر بتلك الحقيقة.

بعد مشاهدة الخبراء و الصراع معهم في ساحة المعركة، لم تعد الكثير من القتالات تثير فيه العاطفة.

هذه الأكاديمية لن تكون مختلفة كثيراً، في المقام الأول، لم يكن هدفه هو و أصحابه المجيئ للتّعلّم.

كانوا أقوياء بما فيه الكفاية بالفعل.

نواياهم تقبع في شيئٍ أخر.

'بالطّبع، تحقيق رغبة هؤلاء العجائز الوحيدة هي أحد النّوايا'

لا يهم.

‟ لا تتسرّعي! ركّزي القوّة في الجزء السّفلي! السّفلي! هؤلاء الصعاليك يستخدمون الأدوات لذلك هم أقوياء، طالما تقطعين تدفق الطاقة فلن يستطيعو فعل شيئ! ”

‟ … قطع التدفّق؟ هل هذا ممكن حتّى؟ ”

ماذا تقصد؟ كان تعبير الفتاة يحكي هذا.

‟ اغغه! هذه الحمقاء! الملقات في أجسادهم! إقطعي الإكسسوارات و القطع التي يحملونها و ستضعف قوّتهم! ”

'لا … في المقام الأول، أنا لا أعرف ما هذا'

كانت تريد الإحتجاج لكن بقيت صامتة في إنتظار كلماته التّالية.

‟ هذه العاهرة … إنّها تقف معه مرّة أخرى! ”

صرّت المجموعة أمام الصّبي و الفتاة على أسنانهم في غضب.

كان الأمر بخير عندما قاتلو في البداية، رغم عدم إتّساقهم، فقد مالت كفّة المعركة نحوهم، المشكلة كانت في شيئٍ أخر.

عندما يكادون يحاصرونها، هذه الفتاة الصّامتة تهرب نحو المكان الذي يقف فيه ذاك الوغد الوقح!.

في أوّل مرّة حصل ذلك تهوّر أحد الفتية العشرة و هاجم الفتاة أمام عيني الفتى.

'كيكيكي … سأباغتها و أهرب!'

أراد الفتى تقديم صفعة لكبرياء ليون بالقيام بهجوم و لو كان فاشلاً على الفتاة.

كما لو لاحظ ليون ذلك، تنهّد بخيبة أمل.

الفريسة لا تهاجم المفترس.

و الضّعيف لا يعارض القوي.

يا للأسف، كان ذو نوايا صافية و طيّب القلب حقًّا، لكن من يلوم غير نفسه؟ إنها غلطته لكونه أحمقًا و ضعيفًا!.

الفتى الجاهل بتلك الحقيقة هاجم بسرعة.

كانت الفتاة تحاول تجنّب هجمته بأسرع ما يمكن، لكن إفتقارها للخبرة في الدّفاع جعلها تفوّت هجمة عدوّها.

'أمسكتك'

كان الفتى يبتسم على بادرته عندما ظهر ظلٌّ بشري أمامه.

صفعة!.

صوت عالٍ رنّ عبر أذن الفتاة و مجموعة الأعداء.

شعور الألم عبر الخّد.

ألم مريع، لدرجة كسر الأسنان إخترق كيان الفتى.

من دون أن يدرك أيًّا مِمّا حصل، طار للإتّجاه المعاكس.

الفتى الذي كان يجري نحو الفتاة عاد بسرعة مضاعفة.

'إيه؟؟؟ …'

هبوب رياحٍ غريب مرّ عبر المجموعة.

كان الأمر كما لو كان شيئًا سريعًا يمرّ بجانبهم.

شيئٌ سريعٌ جداً.

بووم!.

بسرعة أسرع من سرعة الرّصاصة، إنتشرت سحابة غبار هائلة عبر المكان.

كلاك! كرييك!.

صوت الإصطدام و الإنجرار عبر الرّمال إخترق الأذان.

تمّ سماع صوت صفع، ثمّ إنتشرت سحابة غبار، و أصبح المكان ضبابيًّا، كلّ شيئٍ حدث في لحظة.

‟ … هاه؟ ”

لم يفهمو ما جرى.

‟ اا- آااه … ”

صوت أنين حمل بؤس العالم و مظالمه خرج من ورائهم.

بينما رأسه محشور في الرّمال و ساقيه متدلّيتين في الهواء، خرج صوته المتألّم من تحت الرّمال.

يمكن بوضوح رؤية خطّ الرّمال الذي رسمه الفتى بقوّة الصّدمة.

كانت جثّته ترتجف قليلاً قبل أن يتوقّف عن الحركة.

على الأغلب هو فقد وعيه.

كان من غير المعقول رؤيته قد طار هذه المسافة كلّها.

لكن الغير معقول حدث أمامهم.

رغم ذلك، كان ليون يقف في مكانه بيديه وراء ظهره كما لو لم يحدث شيئ.

حدّق ببرود نحو تكشّف الوضع لا غير.

'ماذا؟ هل حدث أمرٌ ما؟'.

كان تعبيره كما لو أنَّه يتسائل عن ما يحدث.

مرّت قشعريرة عبر العمود الفقري لمجموعة فرناندو التي رأت الأمر أمام أعينهم.

السّماع عن قوّة شخصٍ ما و رؤيتها بعينك ليس نفس الشّيئ.

كانوا قد أتوا فقط بعد أن تمّ إخبارهم بشأن جائزة الأستاذ ديوس.

لم يأتي عددٌ كثير من الأشخاص لمشاهدة سقطة ليون في المقام الأول.

كانت معرفتهم مقتصرة على ما أخبرهم به الأخرون.

لكن لم يصدّق أيٌّ منهم الأمر تماماً.

'البشر مخلوقات تميل للمبالغة'.

كانت تلك طبيعة البشر، و إحدى طبائعهم أيضاً عدم تصديق كلامٍ يحكي عن قوّة أو مدى روعة شخصٍ أخر.

من الأسهل دائماً تصديق النّقمة عن النّعمة.

رغم ذلك، ها هو ما لا يصدّقونه أمام أعينهم يتجلّى.

ماذا؟ لماذا؟ أين؟.

كانت الأسئلة تلوح في الأفق، لكن لم يكن هناك وقتٌ للرّاحة.

الفتاة لم تضيّع الفرصة و بادرت بالهجوم.

بسبب ذهولهم، صدّوها بصعوبة و تمّ جرح أحدهم.

كيف تحوّل الأمر فجأة لصراعٍ جاد؟.

في كلّ مرّة توضع في موضع غير مؤاتٍ، كانت تهرب نحو مكان ليون و تستعيد أنفاسها.

الأسوء كان توجيه ليون لها.

تمّ قطع الملحقات الّتي لبسها ثلاثة منهم بالفعل عندما تحدّث ذاك الفتى، إنّها مسألة وقتٍ حتّى يخسروا أفضليّتهم.

كان هذا مثيرًا للحنق بحق!.

إستمرَّت معركة الكرِّ و الفر بين الفتاة الوحيدة و مجموعة فرناندو.

‟ عليك الإجهاز عليهم بسرعة، كنت سأتركك تستغرقين وقتك، لكن لم يعد لدينا ذلك ”

قال ليون بصوتٍ عميق.

هالة مخيفة خرجت من جسده.

إخترقت عيناه بلون الدّم المجموعة أمامه.

كانت عيون المفترس تنظر نحو الأرانب بتسلية.

‟ … أنتم ”

أشار بأصبعه نحو الأسفل ببطأ.

غريزة الخوف دقّت ناقوس الخطر.

‟ رؤوسكم عالية حقًّا ”

كان يبتسم كمن رأى مجموعة من الرّعاع.

مخلوقات لا تعرف قدْر نفسها.

لم يشعر أحدٌ بالرّغبة في الإلتفات لأي إتّجاه.

كما لو كانت الجاذبيّة تأمرهم بالخضوع، فقدت أجسادهم القوّة قبل أن تسقط ركابهم نحو الرّمال.

كان الجسد يرتجف بلا حسيبٍ أو رقيب.

أنظر نحو الأسفل.

لا تجرؤ على التّحديق إلى أيِّ مكان.

لا تتعدّى حدودك، إيّاك و التّنفّس بصوتٍ عالٍ حتّى.

لا ترفع رأسك أبداً.

هكذا لن تموت.

حتّى الفتاة بجانب الصبي لم تجرؤ على التّنفّس بأريحيّة.

كانت تقاوم لحشد أيّ قوّة في ركبتيها للبقاء واقفة.

غريزة البقاء تطغى على العواطف.

سواء كانت حليفًا له أم لا، أمام المفترس فسيتناسى المرء أيّ رغبة في البقاء بقربه.

الخوف من الموت ليس ما يمكن التّخلّص منه ببساطة.

‟ همم ”

صوت الهمهمة خرج بهدوء.

كان صوته هادئًا جداً، لكن أمكن للجميع سماعه بوضوح.

تقطّر.

لسببٍ أو لأخر، نزل العرق البارد من على جباه المجموعة.

كانو أكثر عددًا بكلّ تأكيد، لكن ما المغزى؟.

مهما تدافع الأرانب نحو النّمر، كان كلّ ما يمكنهم فعله هو إنتظار الذّبح بأسى.

‟ أنت، صاحب الشّعر الأشقر. ”

أشار بيده نحو أحدِ أفراد المجموعة.

لم يجرؤو على رفع رؤوسهم حتّى بعد حديثه، لكنّهم عرفوا طبيعيًّا من يقصد.

كان هناك شخصٌ واحد بذلك الوصف بإستثناء فرناندو في المجموعة.

فتى بشعرٍ أشقر و عيونٍ خضراء.

شعر الفتى الأشقر بقلبه يتوقف للحظات.

'… لماذا أنا من بين الجميع؟'

حدّق في مجموعته طلبًا للعون، لكن مثله، لم يجرؤ أحد على الحركة أو الحديث.

'هؤلاء الخونة الجبناء!'

لم يجرؤ على ترجمة أفكاره لكلمات مهما كان شعوره بالظّلم باقيًا.

كيانه صرخ له بعدم إرتكاب أيّ خطأ.

وقف بصعوبة، لكن رأسه لم يتمّ رفعه.

مرّ الوقت في صمت.

‟ ألن تأتي؟ ”

صوتٌ جليدي يجمّد البحار أتى من فم ليون.

كان صوته يحمل ضغطًا مرعبًا.

‟… أ- أنا أتٍ ”

شعر الفتى بقدميه تصبح ضعيفة، لكنّه تقدّم على مضض.

عندما إقترب لمسافة كافية، أشار ليون إليه للتّوقّف.

‟ أيّتها الصّغيرة، قومي قتاله من دون إستخدام الهالة ”

كما لو كان وهمًا، إختفى تعبيره القاسي فجأة، و معه إختفى الضّغط المرعب.

كان يحمل إبتسامة بسيطة و أجوائه نضجت بالرّواقيّة.

لم يزل الرّعب من قلوب الأشخاص بعد.

تتغيّر المواقف و تتوالى الأحداث في الحياة بسرعة، لكنّ العواطف تتلاشى ببطئ.

لكن الفتاة إستعادت رباطة جأشها و خطت للأمام.

حتّى و لو كان ذلك بجسد يرتجف قليلاً.

بعد التّنفّس لوهلة، أصبح تعبيرها باردًا.

لا نفع من ترك العواطف تسيطر عليها، شحذ سيفها هو ما يهمُّ الأن.

ناهيك عن تأكيد ما إن كان الدّفاع شيئًا تحتاجه بشدّة أم لا.

هجوم.

هجمت الفتاة من دون ترك فرصة لعدوّها للإستعداد.

الفتى الذي تمّت مهاجمته على حينِ غرّة حاول تجنّب هجوم الفتاة بطريقة عرجاء.

لكن لم يمكنه فعل شيئ أمام البغتة المفاجئة.

‟اااهع! ”

عندما لم يفهم ما حصل، شعر بشعورٍ حاد بالألم، في بطنه.

خرجت صرخة بائسة غريزيًّا من فمه.

الّلعاب و الهواء خرج من الفم كما لو كان يريد إخراج الأعضاء الدّاخلية للجسد.

الفتاة التي باغتت الفتى بسيفها تركته فجأة عندما قامت بلكمه بقوّة في البطن.

بالطبع، هو لم يفهم ما حصل.

في عينيه، كلّ ما رأٓه هو وميض السّيف عند إقتراب الفتاة منه فجأة عندما شعر بشعورٍ حارق بالألم في معدته.

للأسف، لم يقتصر الأمر فقط على ذلك.

قبل أن تنهي الفتى أمامها، إلتفّ جسد الفتاة الشّابة لليمين قبل القيام بركلة دائريّة.

ضربة مباشرة للوجه.

'هذا سيؤلم فكّه إن لم تسقط أسنانه'

أخرج ليون صوت تعجّب كما لو كان يستمتع بقتالٍ للأطفال لأوّل مرّة.

بسبب تأثير الضّرب المفاجئ، فقد الفتى أنفاسه و وعيه للحظة، لذلك لم يتدارك الرّكلة الأتية لجانب وجهه.

لم يستطع فمه إخراج الأنين من شدّة الألم.

طار جسده لمسافة قليلة قبل السقوط و فقدان الوعي.

كان عرض ليون السّابق للقوّة غير واضح و لم يتداركه الوعي البشري، لذلك لم يمكن لأحد تقييمه.

لكن هجوم الفتاة يمكن القول أنَّه جميل حقًّا.

كان جسدها رشيقًا و حركاتها إنسيابيّة.

لو لم تكن هي العدو، لأرادت مجموعو فرناندو التّصفيق لحركتها الرّشيقة و المبهرة.

للأسف، كان ذلك نقمة أكثر منه كنعمة.

عدوٌّ واحد سقط.

2024/10/11 · 20 مشاهدة · 1753 كلمة
نادي الروايات - 2025