11 - الفصل 11: الحياة ليست عادلة دائمًا، لكن هذا ليس عذرًا (3)

الفصل 11: الحياة ليست عادلة دائمًا، لكن هذا ليس عذرًا (3).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عبر الأفق عند المكان الذي ترسو فيه السّفن، وقف مجموعة من الأشخاص البالغين بينما يتحدّثون.

‟ لا يهم كيف أفكّر في الأمر، إنّه هو على الأغلب ”

يمكن سماع صوت الأستاذ المشرف ديوس بينما يغمغم كما لو كان يفكّر بعمق.

‟ قد لا يكون هو أيضاً، لكن طريقة دخوله هي بالضّبط كما قال المدير ”

‟ ذلك يعني فقط أنَّ ما إنتظره الأشقياء الأخرون على وشك الحدوث ”

تبادلت مجموعة من الأساتذة الأراء بينما حدّقو في السّفينة التي تقترب من المكان.

كانت أصواتهم تحتوي على بعض البهجة.

إنتظارهم الطّويل وصل لنهايته أخيراً؟.

التّفكير في الأمر فقط جعل الفراشات ترقص في بطونهم.

‟ لا يمكننا تأكيد أيّ شيئ، سواء كانو ورَثَة شفق الماضي، أم مجرّد مجموعة من الرّعاع، مدير الأكاديمية فقط من يمكنه كشف ذلك ”

صوتٌ بارد أخرج المجموعة من أحلام اليقظة.

'هذا الشّخص … بدء مرّة أخرى!'

'نفهم أنَّك تلقّيت التهجّم من ذلك الشّقي، لكن لا دخل لنا بالأمر'

'أتركنا نحلم و لو قليلاً، أيها اللّقيط سليط اللّسان'

إبتسم جميع من في المجموعة بإشراق، بإستثناء ديوس، بينما يشتمون داخليًّا.

‟ معلِّم، أسفة لوقاحتي، لكن هل لي بسؤال حضرتك؟ ”

صوت بدى كما لو كان صوت إمرأة شابّة خرج من وراء مجموعة المعلّمين.

إلتفت المعلم المشرف ديوس، الذي كان يحدق في السفينة المقتربة، إلى الوراء.

‟ … رئيسة مجلس الطّلاّب، هلّا تكرّمت علينا بسبب حضورك؟ ”

‟ هناك ما تريد هذه الصّغيرة معرفته ”

فتاة شابّة بشعرٍ أبيض فضّي و عيون زرقاء مائلة للون البنفسج، إبتسمت برفق كما ردّت بإقتضاب.

رئيسة مجلس الطّلاّب للأكاديمية، موهبة جيلها، من المفترض الأن أنَّها تدرس في السّنة الثّالثة.

لا داعي لذكر أنَّا الأولى على دفعتها، منذ تسجيلها في الأكاديمية، لم يتفوّق عليها أحد.

ليس ذلك و حسب، حتّى أنَّها تفوّقت على من يكبرها بالفعل.

سواء كان من الكبار أو الصّغار، كان الجميع يحترمها، لدرجة أنَّ الأمر وصل لمرحلة التبجيل و التوقير.

عرف الكثير من النَّاس قصّتها بشكلٍ عام.

نجمة عشيرة الّليل الأبدي.

عندما كانت عشيرتها في فترة سقوط بسبب الحروب الأهليّة التي حدثت في المنطقة، برزت موهبة الفتاة و أصبحت أمل العشيرة.

من ذكائها الحاد إلى معرفتها المذهلة للفنون القتاليّة، ناهيك عن شخصيّتها المحبّة.

لقد كانت الشّخص المحبوب من قبل الشّيوخ و رئيس العشيرة.

رغم عدم كونها الوريث الرّسمي للعشيرة، فقد كان جلّ الإهتمام ينصبُّ عليها.

هذه هي رئيسة مجلس الطّلاّب لأكاديمية ضوء الهلال، أوليفيا رومانوف.

بدلاً من الإهتمام بأعمال مجلس الطلبة، هي هنا تستفسر عن سؤال؟.

هل كانت شخصًا مرتاحًا و غير مشغول لدرجة مجيئها للسّؤال عن شيئٍ ما بهذه السّهولة؟.

'غير محتمل إلى حدٍّ بعيد'

شكّك ديوس في أنَّ ذلك ما أتت من أجله.

'هل تخبرني أنَّها مصادفة مجيئ رئيسة مجلس الطلبة، في مثل هذا اليوم من بين كلّ الأيام، لطلب المشورة؟'

بالتّأكيد هناك شيئٌ ما.

لكن للأسف، لم يستطع معرفة ما هو ذلك الأمر بالتّفكير فقط.

المعلومات غير موجودة، ناهيك عن أنَّ لا وقت لديه للإنغماس في أفكاره لفهم نوايا هذه الفتاة الصّغيرة و لكن النّاضجة.

لطالما كانت هكذا، في كثيرٍ من الأحيان، كانت طريقة تفكيرها الفريدة تسبّب المشاكل.

لقد حاولت في مناسباتٍ عدّة التّدخّل في قواعد الأكاديمية.

ناضلت مرّاتٍ عديدة أيضاً لجعل الظروف مؤاتية للطلبة في كلّ الأشياء.

لم يكن هناك وقتٌ سلمي منذ تولّيها منصبها كرئيسة للهيئة الطّلاّبيّة.

بطبيعة الحال، جعلها ذلك تتعارض مع رئيس هيئة التدريس في مناسباتٍ كثيرة أيضاً.

يمكن القول أنَّ علاقتهما كطالب و أستاذ هي علاقة شدٍّ و سحب.

الكلام أحد أفضل الطّرق لكشف النّوايا، و إن كان يكشف القليل منها.

هكذا تعامل الإثنان مع بعضهما دائماً.

‟ لكي تتعب رئيسة مجلس الطّلاّب المشغولة نفسها بالسّؤال، فضولي بدء يزداد ”

‟ هيهي~ إنه ليس بالشيئ الكبير يا معلّم، لا تقلق ”

أطلقت ضحكة محرجة بينما تلوّح بيدها كما لو لم يكن الأمر بالشيئ المهم.

هي لن تكشف شيئًا في هذا الموقف؟.

فكّر ديوس بما يمكن أن يكون، لم يتبادر للذّهن أيّ شيئ.

'حسنا، بما أنَّها قالت أنَّ الأمر ليس مشكلة، فهذا مريح'

رغم تعارض أرائهما في معظم إن لم يكن كلّ الحالات، فقد كان هدفهما هو نفسه.

حماية الطلاب و راحة الأكاديمية.

هي لن تحمل مثل هذه الأجواء المريحة لو كانت هناك مشكلة.

بالطبع، فضوله لم يقل.

رغم أنَّه لا يبدو من ردّ فعلها أنَّ هناك مشكلة، لا زال لبُّ المشكلة موجودًا.

لماذا تركت مشاغلها الكثيرة؟.

كما لو كانت تعلن عن عدم الإجابة، إبتسمت أوليفيا برفق و لم تنبس ببنت شفاه.

إستمرَّ الصمت الخانق بينما حدّق المعلم المشرف ديوس بالفتاة التي تبتسم بغموض.

‟ … على أيّ حال، بينما ننتظر السّفينة، ألا تعتقد أنَّ علينا الدردشة قليلاً؟ ”

إقترح أحد المعلّمين عندما شعر بالإختناق من الجوِّ غير المريح.

‟ هذه فكرة جيّدة ”

صفّقت رئيسة مجلس الطّلاّب بيديها برفق كما لو أعجبتها الفكرة.

كان الجو غير المريح باقيًا بطريقة مجهولة حتّى أثناء الحديث.

لسببٍ ما، كانت كلمات أوليفيا و ديوس محدّدة بشدّة كما لو كانا يكشفان عن نوايا بعضهما.

'هذان الإثنان كالقط و الفأر، و نحن من عليه تحمّل أوزار الضّغط، تبًّا!'

ظهرت إبتسامات مريرة على وجوه المعلّمين و الطلبة المرافقين لرئيسة مجلس الطّلاّب.

كان هؤلاء الطّلاّب هم بطبيعة الحال أعضاء في المجلس أيضاً، لقد رافقوا أوليفيا كالحرّاس الشخصيين.

لكن في الحقيقة، كانوا هم من كبحوها عن التصرّف بتهوّر.

لقد كانت من النّوع المتحمّس للمشاكل و الأشياء غير المألوفة.

إن لم يكن بسببهم، لربّما كانت الدّوّامة التي أحدثتها في الأكاديمية أكبر ممّا هي بالفعل.

'أيتها السّفينة الملعونة! أيُّ أحد، تعال بسرعة و أوقف هذان الإثنان!'

تمنّى كلّ من هنا، بإستثناء شخصين، من قبلهم لإنتهاء هذا الوضع غير المريح.

في مسافة ليست بالبعيدة، داخل الأدغال، يمكن رؤية شابّين يمشيان برفق مع تعابير منزعجة قليلاً.

‟ اغغ! ذلك اللّعين! لهذا السّبب قام بتلك المهزلة؟ حتّى أنَّه حسب حساب إعطاء هذه الرّسالة لي … هذا مزعج! ”

‟ تسك تسك تسك، يا فايرون، لماذا أنت منزعج من هذا؟ ما يزعجني أهم من تلك المسألة التّافهة! ”

‟ ما قصدك يا لوكي؟ ”

مستشعرًا الإنزعاج في نبرة صديقه، سأل فايرون برفق.

‟ هذه الهالة … أنا متأكد! إنَّها هي! كنت أعرف أنَّها تدرس هنا، لكن لم أتوقّع مقابلتي لها بهذه السّرعة! يا للإزعاج … ”

كان صوته مشوّب بالسّخط، كما لو كان سيقابل شخصًا لا يرغب بلقائه.

‟ أعتقد أنَّ الأمر سيكون مزعجًا، لكن إبقى قويًّا ”

ربّت فايرون على كتف لوكي، كما لو كان يشجّعه.

عند معرفة أنَّ المشكلة الحقيقية تواجه صديقه بدلاً، منه، أحسّ بشعورٍ أفضل.

‟ … وجهك يغضبني لسببٍ ما ”

تمتم لوكي كما لو كان غير متأكّد، شعر حدسيًّا بتعبير فايرون كما لو كان ساخرًا.

‟ هاهاها! ماذا تقصد؟ أنا أدعمك الأن، فماذا تقول؟! هيا هيا، يجب أن نسرع ”

سرّع فايرون خطواته كما لو أراد تجنّب الحديث أكثر.

تنهّد لوكي برفق و تسارعت وتيرة مشيه أيضاً.

'هذه المرأة، أمل أن لا تقوم بعمل مشهد فقط، بعد السّنين الطّوال، يجب أن تكون مشاعرها مختلطة تجاهي'

فكّر في ذهنه بينما يمشي بسرعة.

'أيًّا كان، ذلك لم يعد من شأني'

تجاهل الأمر ببساطة، أصبح لديه أهداف أهم على المحك، لذلك مثل هذه الأشياء الثّانوية لم تحتلّ جانبًا مهمًّا من ذهنه.

مشاحنات الأطفال لم تعد تثير فيه أيّ إهتمام.

بعد الخوض في المعارك و تقلّبات الحياة، إختفى كلّ الإستياء الّذي يحمله تجاه الأخرين.

في كثيرٍ من الأحيان، عاش هذا الفتى حياةً حيث يجب عليه إحناء رأسه للأخرين و ترك مصيره بين يديهم.

لقد إحتقر الشّعور المرير بدوسهم عليه في كلِّ مرَّة، و بسبب كونه ضعيفًا في ذلك الوقت، لم يكن هناك ما يمكن فعله.

إستياءه كان يزيد فقط.

على الأقل، حتّى يوم بسْطِ أجنحته للعالم، كان كذلك.

بعد المرور برحلة متعرّجة في حياته، أصبحت عيونه واضحة، و لم يبقى من إستياءه شيئ.

العزم لتحقيق الأهداف هو ما بقي، كلّ شيئٍ أخر ما هو إلاّ نتائج ثانوية لذلك.

‟ العالم في كثيرٍ من الأحيان غير عادل، و هذه هي متعته بالتّحديد، لما أجعل ذلك عذرًا للإستسلام؟ ”

هكذا هو، بسيط و بلا تعقيد.

ضحك لوكي لنفسه بعد معرفته أنَّ مثل هذه الحقيقة البسيطة قد إستعصى عليه معرفتها إلاّ بعد بذل جهودٍ عالية.

'لماذا يضحك هذا الأبله لنفسه فجأة؟'

فايرون، الذي كان بجانبه و لم يعرف أفكاره الدّاخلية، شعر أنَّ صديقه أصبح مجنون و هو يضحك بطلق الطريقة المخيفة.

على أيّ حال، إقترب الإثنان من وجهتهما.

كان الضّوء الذي تحجبه الأدغال يلوح في الأفق.

الشاطئ أصبح على مرمى الأبصار.

مع ترك تنهيدة و إنزعاجهما ورائهما، تقدّم لوكي و فايرون بثقة.

بدء العمل.

بالنّسبة للمجموعة السّابقة، كان الحديث في أوجه.

‟ رئيسة مجلس الطّلاّب، ألا تعرفين؟ عندما يقع الإبن في مشكلة، يجب على الأهالي تحمّل أوزارها، أليس كذلك؟ ”

قال ديوس بصوتٍ عميق، كما لو كان يلمّح لشيئٍ ما.

‟ اوهوهو~، أنت محقٌّ بالتّأكيد يا معلّم، لكن من قال أنَّها مشكلة يتعامل معها البالغون؟ قد تكون مجرّد مناوشة بين الصّغار، ألا توفقني الرّأي؟ ”

ضحكت مع وضع يدها أمام فمها، كانت تنضج بهالة من الغموض.

‟ يمكن للمناوشات أن تأخذ منحى هائلاً في بعض الأحيان، ألن يضرّ الحذر؟ ”

‟ أوه؟ هذا ما يقلقك يا أستاذ؟ لا داعي لهذا، إنَّها مشكلة بسيطة، كما تعلم؟ ”

'تسك، هذه الشّقيّة لن تلين حتّى الأن؟'

'أسفة، لكن لا تتوقّع منّي قول أيّ شيئ، أيها الأستاذ اللّعين'

ضحك الإثنان لبعضهما بود، كما لو كانت محادثة عائلية دافئة تختمر.

للأسف، بالنّسبة للجمهور، كانت الدردشة "العائليّة" هذه مرهقة للأعصاب.

‟ اوه اوه؟ أنظرو من هنا؟ لقد كنتم هنا بالفعل؟ ”

كما لو كان يستمتع بتهريج الموقف، خرج صوتٌ مرح من الأدغال.

'الحمدلله!'

'لا أعرف من أنت، لكن يجب عليّ شكرك لاحقًا!'

الضّيف المجهول كان موضع ترحيب، سواء للطلاب، أو المعلّمين.

بالطبع، لم يكن ذلك سارًّا للجميع.

إلتفت الجميع، ليروا شابّين وسيمين يتّجهان نحوهم بخطى واثقة.

كان من الأكيد القول أنَّ مظهرهما بدا كأبطال الحرب في القصص التاريخيّة.

شابٌّ ذو شعرٍ كستنائي كالخريف، و عيون تنّينيّة بنفس اللّون، مع بشرة بيضاء صافية و نظرة حازمة.

كانت عيناه تلمع من حينٍ لأخر، كما لو أنَّها تؤكّد على هيمنته.

الرّداء الذي لبسه كان يرفرف بأكمامه مع الرّيح.

يمكن رؤية إبتسامته الجريئة، كما لو كان يتحدّى العالم، لأي شخص و لو من بعيد.

لم تنقص خطواته الواسعة من مظهره المتغطرس، بل عزّزت من ذلك الإنطباع فقط.

كان مظهره يذكّر المرء بالنّار المستعرة في الجحيم.

جريئ، حازم، و ينضج شعلة هائلة.

الفتى بجانبه كان يشبه العكس.

شعره الفضّي اللّامع ذكّر المرء بالثّلج المتساقط في اللّيل.

عيون البنفسج لمعت ببرود، كما لو أنَّها تخترق الرّوح.

كالرّفيق بجانبه، ضحك الفتى بحرارة في مواجهة الجمهور.

لكن تناقضت ضحكته تماماً مع ما أظهره.

شعر أيّ شخصٍ يواجه ضحكته بالبرودة و القشعريرة.

بدا بالضّبط كالجليد في صقيع البحار المتجمّدة.

قشعريرة، بارد و حاد.

التّناقض بين هالات الإثنين جعل المرء يتساءل كيف يمكن لهذين الشخصان المشي بجانب بعضهم بمثل هذه الأريحيّة.

‟ هنا بالفعل…؟ أيّها الطّالب، من الأفضل أن يكون لديك تفسير مناسب لدخولك المفاجئ، بينما يفترض بك البحث عن الطالب ليون إيفينيوس ”

كممثّل للمجموعة، تحدّث ديوس ببرود كما حدّق بصرامة نحو الإثنين أمامه.

‟ أنت تمزح بالتّاكيد يا أستاذ~! كيف أزعج نفسي بعمليّة صيدٍ فاشلة؟ هناك فرق كبير بين محاولة صيد سمكة تونة و قرشٍ كاسر، ألا توافقني؟ ”

أجاب الفتى أبيض الشّعر بنبرة لطيفة و ضحك كما لو سمع نكتة مضحكة.

'… عمليّة صيدٍ فاشلة؟'

'و ما هو القرش الكاسر؟'

كان عدد الطلبة الملاحقين لليون في البداية ضئيل، لكن مع الوقت، من المفترض أن يزداد العدد نظرًا لرغبة الجميع بنقاطٍ إضافيّة، بالذّات ذلك عندما كانوا طلبة جدد.

سيرغبون بكلّ تأكيد في جعل فرصهم مؤاتية في الإمساك به، كان ذلك بسبب أنَّ الجزيرة ضخمة، لا يمكن لمجموعة صغيرة أن تأمل في الإمساك به.

و الأن يقول هذا الفتى، الذي أتى من اللّامكان فجأة، أنَّهم سيفشلون؟.

أراد بعض أعضاء مجلس الطّلاّب السخرية من كلامه السّخيف، لكن الهالة و الثّقة التي نضج بها الفتى جعلتهم غير قادرين على الحديث.

‟ … هل هو كذلك؟ يمكنني إعتبار كلامك سخرية من الأكاديمية، لأنّك تشكّك في إمكانيّة ذلك، كما تعلم؟ ”

كما لو لم يهتم بشكوك الأخرين، تحدّث ديوس بينما ينتظر إستجابة الطّرف الأخر.

كان من الغريب قوله كلماتٍ واهية كتلك، يبدو أنَّه يريد من الشابّين مناقضة كلامه؟.

لقد صدم المعلّمين، هو الشّخص سليط اللسان قال حجّة واهية؟.

‟ همف، لم يبدأ أحدٌ من السّنة الأولى بالتّعلّم بعد، ناهيك عن أنَّ حفنة من الرّعاع لا يمكنها القيام بشيئٍ كهذا، ذلك ما لم يكن أحدهم بقوّتي على الأقل ”

صرّح الفتى المقابل لأبيض الشّعر عندما شخر ببرود.

كان صوته مليئًا بثقة تتناسب مع مظهره.

‟ أوه~ هيا يا فايرون، لا تقل هذا~ سيغضب النّاس عند سماع هذا، هاهاها! ”

ضحك الفتى بجانب فيرون كما لو وجد الأمر ممتعًا.

‟ لكن هل يوجد خطأ في كلماتي يا لوكي؟ ”

‟ لا، كلامك صحيحٌ تماماً ”

‟ إذاً يجب عليهم قبول كلامي ”

‟ تسك تسك، أنت لست لبقًا مع النّاس، لا أدري كيف تحبّك النّساء مع سلوكك هذا ”

‟لا تقل شيئًا مشؤومًا، أنا خائف من أنَّ إحداهنّ تلاحقني بالفعل ”

إرتجف فايرون كما نظر من جانب لأخر، كما لو يتأكد من أنَّه ليس ملاحقًا.

'على نحوٍ غريب، إنّهما متوافقان جيّدًا'

'صحيح، صحيح، هل هو بسبب مظهرهم المتناقض؟ أشعر بأنَّ ديناميكيّتهما متناسقة تماماً'

' … الن تذكروا أمر إهانتهم للأخرين؟ على محمل الجد؟'

تبادل الطّلبة و المعلّمين التّحديق كما بقوا صامتين.

يمكن لهم فهم ما أرادوا قوله بدون كلمات، هذا أظهر أنَّهم إعتادوا على مثل هذه المواقف بالفعل.

‟ بعيدًا عن المهزلة، أنا أتيت لتأكيد ما يجب تأكيده، يا أستاذ ”

بعرؤية المظهر الصّامت للجمهور، سعل الفتى أبيض الشعر، أو كما ناداه صديقه، لوكي قبل أن يتحدّث.

‟ لا حاجة لي للقول، المدير يقبع في السّفينة، أليس كذلك؟ ”

‟ … ماذا قلت الأن؟ ”

خرج صوتٌ مرتبك من فم ديوس.

هل قال الأن فقط …؟

‟ لم تسمع؟ أشكُّ في هذا، يا أستاذ، أعتقد أنَّ الأوان قد فات بالفعل على التظاهر بالجهل، ألا تواقفني يا فايرون؟ ”

‟ هيهي~ ربّما هو كذلك، ربّما ليس، الأستاذ من يقرّر ذلك! ”

ضحك فايرون برفق كما لو أنَّه لن يتدخّل في الأمر.

' لا تقحمني، تعامل مع الأمر بنفسك، أيها الوغد'

'تسك، بلا فائدة'

في مواجهة تهرّب زميله، نقر لوكي على لسانه بإنزعاج غير خفي.

وجّه أنظاره نحو الشّخص أمامه.

‟ أنت … إلى أيّ مدى تعرف؟ ”

صوتٌ بارد.

العيون النّاظرة له لم تكن لطيفة، على العكس من ذلك، كان هناك نيّة قتلٍ خفيّة تحتها.

‟ ما رأيك الأن؟ أنت مستعدٌّ لسماعي، أليس كذلك؟ ”

لم يتوانى الفتى أبيض الشّعر، على العكس، قابل الشّخص أمامه بعيونٍ بدت كالصّقيع.

إنتشر جوٌّ خانق في المكان.

أمام هالة ديوس، لم تتراجع الهالة الجليدية للفتى، بل تصاعدت فقط.

‟ أعتقد أنَّ من الأفضل إنتظار المدير بدلاً من الثّرثرة غير الضّروريّة. ”

‟ أنا أوافق. ”

عندما إقترح الأستاذ المشرف ديوس، هزَّ لوكي رأسه بالموافقة.

الجوُّ الخانق لم يتراجع.

'ما مشكلة النّاس اليوم؟.'

'بحقّك، ألا يمكنكم الحديث بودّيّة و سلام؟.'

'عملي الحبيب، أريد الرّجوع للمكتب مع أوراقي الثمينة'

بكى الأشخاص بأسى على حظّهم.

لكن من يمكنهم أن يلوموا؟.

ثلاثة مجموعات من الأشخاص وقفوا بصمت ينتظرون السّفينة العائمة نحوهم.

رئيسة مجلس الطّلاّب، و التي كانت صامتة بشكلٍ غريب، مع أتباعها.

رئيس هيئة التّدريس، ديوس الذي حمل أفكاره الخاصّة، وقف بصمت مع الأساتذة المرتبكين.

و أخيراً، شابّين وقفا بينما يحدّقان عبر الأفق.

كان تشابك العلاقات الذي يحدث غير مفهوم.

2024/10/11 · 13 مشاهدة · 2401 كلمة
نادي الروايات - 2025