الفصل 21: أنا أعلمُ ذلِك، لكِن لا يُمكِنُني الإهتِمامُ أقلَّ حتّى (4).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لم يسعها سوى الشعور بالرضا، على عكس معظم من هنا، فقد كانت فقيرة، بدون داعم أو حليف للإعتماد عليه.
يمكنها فقط الإعتماد على نفسها في المصاعب.
لم تكن من عائلة مرموقة، لذلك خاطرت في حياتها كثيراً لمواجهة الأقوياء.
و الأن، في هذه الأكاديمية، لقد واجهت قوّة لا يمكن قياسها.
هذا فقط هو الأفضل.
“ أنا … إسمي هو … ستيلَّا ”
بينما هي تحارب، فقدت الفتاة الوعي فجأة.
لقد كان ذلك من التعب و الضرب المبرِّح.
“ إرتاحي الأن، عسى أن نتقاتل لاحقًا ”
مشى نحوها و حملها لمكان بقيّة الجثث، و جعلها تستلقي بينهم.
بقي ليون فقط واقفًا في مكانه، في مواجهة بقيّة الأشخاص.
كان هناك كومة من الجثث.
جلس على كومة من جثث الأشخاص الفاقدين للوعي.
نظر بكلِّ عجرفة و إزدراء نحو الأشخاص أمامه.
“ أنتم هناك، هلَّا تكرّمتم عليَّ بسبب مجيئكم إلي؟ ”
نقر.
وضع يدًا على ذقنه، بينما نقر باليد الأخرى على رجله، و خرج صوته بقسوة.
نقر.
أليس من الواضح لماذا؟.
كان أحدهم يريد قول ذلك، لكن إبتلعوا كلماتهم قبل قول أي شيئ.
نقر.
توقف النقر، و حدث الأمر على حين غَرَّة.
لماذا توقّفوا؟
ذلك سببه هو ما حصل فجأة.
شعورٌ غريب بالثقل ضغط على الأشخاص أمام ليون.
ليس شيئًا يمنعك عن الحركة كالخوف الغريزي.
لا، بل هو شيئٌ أكثر مادّيّة.
يمنعك عن الحراك حرفيًّا، بغض النظر، حتى لو كنت خائفًا أو لا مباليًا، فالأمر كله سيّان.
كما لو أنَّ الهواء يجعلك تنحني، حتى الوقوف كان صعبًا.
“ ككغغ …! ”
“ اغغغ! ”
معظم الأشخاص فقدوا القدرة على الوقوف، و إنحنت أجسادهم نحو الأرض.
الكثير من الضعفاء سقطوا، بدون أي قدرة على الوقوف.
حتّى الذين كانوا سيدعمون المجموعة بعد إستجماع قوّتهم بعد رمي ديو لهم حصل لهم نفس الشّيئ.
كان لويد يتحاشاهم و يتفاداهم بسهولة، ثم يسقطهم بإفقادهم وعيهم، لكن الأن مشى بينهم كما لو كان في نزهة.
هذا الضغط لم يطال ديو و الإثنين الأخرين.
و بطبيعة الحال، لم يطال الذين فقدوا وعيهم.
يبدوا كما لو كان هذا الضغط الغريب يطال كل ما يريده ليون فقط، و يتبع أوامره.
كان مستوى التحكم الذي لدى ليون في هذه القوّة عبثي، عبثي للغاية.
الجميع، بما في ذلك الضعفاء.
تمَّ ضغطهم جميعًا على الأرض.
فقط شين سو، إدوارد هارفي، مع بعض الأشخاص الأخرين الأقوياء من بقي واقفًا في مواجهة ليون، و لو كان بصعوبة.
كانوا ينظرون بحذر و خوف تجاه ليون.
أكثرهم حذرًا هو إدوارد، كان له تجربة سابقة مع ليون، و أراد إبراحه ضربًا أكثر من أي أحدٍ أخر هنا.
لكن هذه الفكرة إختفت طبيعيًّا من عقله.
كان يكافح فقط للوقوف الأن، ناهيك عن القتال.
‘ هـ-هذه القوة الوحشية!! ’
لقد كان إدوارد خبيرًا بالسيف و قويًّا بطبيعة الحال، لذلك رأى مدى الفجوة بين ليون و من ضربهم.
لقد كانت كبيرة!
ناهيك عن أنَّه لا يرحم!
كان من بين المهاجمين في الأمام فتيات، لكنه لم يتوانى و ركلهم بقسوة في بطونهم و أجسادهم!
لقد قدَّر إدوارد الجمال بنفسه، لذلك كان سيفكّر مرّتين قبل أن يضع يده على إمرأة.
لكن يبدوا أن هذا اللِّيون ليس كذلك!
أدار إدوارد المانا في جسده بسرعة ليقلّل الضغط على نفسه و يبقى صامدًا.
كان شين سو واقفًا بحذر، لقد مَلَكَ هذا الفتى الشاب عينًا ثاقبة للأمور و يلتقط أصغر التفاصيل.
سابقًا، لاحظ شين سو الموقف و لم يترك تفصيلة تضيع من عينيه.
لاحظ أنَّ ردود فعل الأخرين في مجموعة ليون كانت هادئة من البداية.
ناهيك عن أهم شيئ.
إنهم الأشخاص الذين سقطوا.
الأجساد المرميّة على الأرض ليست كما تبدو.
ضربهم بقوّة، لكن لا يمكن رؤية كسور واضحة في أجسادهم، ناهيك عن أنَّ تدفق التشي الذي يمكن إستشعاره منهم ما يزال يتدفّق بسلاسة.
عندما يتعرض الشخص للإصابة، يمكن الإحساس بتدفق التشي في جسده يضعف، و بالإستدلال بنفس مسار التشي، يمكن رؤية مدى إصابة العدو.
لا يمكن للجميع رؤية ذلك المسار، الأمر منوط بمدى إستطاعة المرء الشعور بالطاقة السحرية.
لعشيرة أهم مصدر للدخل تملكه هي المعلومات، بطبيعة الحال فنونهم القتالية تتعلق بتدفق الطاقة و الشعور بها.
لكن لا يعني ذلك أنهم جميعًا بارزون في الشعور بها.
كان البعض فقط منهم بارزًا، و شين سو كان أحدهم.
كان من غير المنطقي، كيف إستطاع ليون ضربهم جميًعا و عدم التَّأثير على التشي في جسدهم؟!
ضربهم بقوّة، لكن تجنّب الأعضاء الحيويّة، بالطبع، ذلك لا ينفي أنَّ الضربات كانت مؤلمة جداً.
حتّى الفتاة التي ضربها أكثر من الأخرين، لم يكن على وجهها ندبات.
الوحيد المصاب حقًّا هو الخنزير العملاق، كان مدمَّرًا تماماً.
قبل لحظات، كان واثقًا إلى حدّ ما.
و الأن، شعر غريزيًّا ببعض الخوف و القلق.
هذا الشخص أمامه قوي و مستبد حقًّا.
ما هذا الضغط المريع! و كأنَّ العالم يريدني أن أركع و أسقط في مواجهته!
كما هو الحال مع إدوارد، كافح شين سو لتدوير التشي في جسده، لمقاومة الضغط الصادر.
هذا موقف مزعج.
أكثر من ذلك، هو موقف صعب.
“ ليون إيفينيوس، أيها الطالب ليون إيفينيوس، يمكنني شرح الأمر، لذا هلَّا قلَّلت من هذا الضغط من فضلك؟ ”
صوت واضح.
صوت حازم.
و هو غير خائف.
هذا هو صوت الأميرة لوسيا.
لقد كانت شخصًا طيّبًا، خيِّرًا و حكيمًا.
حتّى في خضم هذا الموقف، في أعين الأخرين، هي لم تفقد هدوءها.
“ الأميرة لوسيا هارديان، الأميرة الثانية لمملكة كايرو، إن كنت أتذكر؟ ”
نهض من كومة الجثث، و بدء يمشي في الهواء.
نعم، ليس يمشي عبر الأرض.
ليس يطفو، و ليس يطير أو يسقط بخفّة.
كما لو يمشي على درج، خطوة بخطوة.
بتلك البساطة، هو قد مشى على الهواء.
أصبح الجميع على أهبة الإستعداد.
هو لم يكن حذرًا أو خائفًا.
هل هو أحمق؟
لا، كان هذا الإستنتاج هو الأبعد عن الحقيقة.
سواء كان كيف كان يحبط كلمات الأخرين بسهولة، أو كيف قام بإستدراجهم عن طريق هؤلاء الإثنين الأخرين، أو حتّى أسلوبه في الهيمنة، هم لم يعتقدوا أنَّه أحمق.
هذا يعني شيئًا واحدًا.
المتغير المجهول، و الذي تجاهلوه لمدّة طويلة، قد أتى.
لكن لقد كان مخيفًا.
لماذا هو لا يتعامل بحذر؟ هل لديه دعم قوي؟ هل هو مجرد متغطرس؟
لم يعلم أحد أيًّا من ذلك.
“ نعم، هذه هي أنا، يا ليون إيفينيوس ”
في محاولة لقمع مخاوفها، تحدثت بصوتٍ حازم، نوايا هذا الشخص غير معروفة.
أكثر من أي أحد، هي خافت منه.
لقد كان الوحش الذي رأته بعين البصيرة مرعبًا.
لكن لا يمكنها التراجع في موقف كهذا.
كانت إحدى أقوى الأشخاص هنا، لذلك تحملت الضغط الصادر من ليون بشكلٍ أفضل مقارنةً بالأخرين.
“ أيتها الأميرة، لعلمك فقط، أنا لن أنحني أو أظهر لباقة تناسب العائلة الحاكمة لمملكة كايرو ”
“ أنا لا أحب ماركوس، بعد كل شيئ ”
بقوله لبيان قد يتسبب في إعدام لكامل عائلة الشخص لو قاله شخصٌ في كايرو، مشى ليون و إقترب من الأميرة.
“ كـ-كيف تجرؤ!!!!! ”
صوت غاضب و هالة قاتمة.
تعابيره كانت باردة، و عيونه كانت قاسية.
إدوارد قد غضب حقًا.
بصفته حاميًا للأميرة لكونه من عائلة هارفي، فقد كانت هذه الكلمات إهانة لشرف العائلة التي يخدم تحت إمرتها، و بالتالي، فهو إهانة لشرف عائلته.
و هذا هو شيئٌ غير مقبول!
ماركوس هارديان، حاكم كايرو، و أقوى شخصٍ فيها.
لقد كان شخصًا مستبدًّ في مواجهة أعدائه، و طيبًا لحلفائه، هو مثال ممتاز لما يسمّى بالقائد.
لا، لقد كان إمبراطورًا.
سريينج!
أخرج سيفه من غمده، لكن لم يستطع الحركة.
مهما قاوم، فهو لن يمكنه التحرك.
“ هذا هو، أنتم أيها النبلاء الأوغاد تعقّدون كل شيئ، و تغضبون بسهولة ”
لون عينيه باهت.
ما رأته الأميرة سابقًا قد ظهر مرَّة أخرى.
هو بلا لون.
أعينه الداكنة بدت بلا حياة.
و صوته كان بلا نغمة.
لقد راقبه لويد بينما يجلس القرفصاء، بجانب أشخاصٍ واقعين في النوم.
لم يفعل لهم شيئًا، لقد أفقدهم الوعي فقط.
صامتًا، حدق في ليون.
حتى هو يشعر بشعور غريب، عندما يرى ليون هكذا، في بعض الأحيان يعتقد أنه أمام دمية، و ليس بشري.
كان لديو نفس الأفكار.
بينما يقاتل الإثنين الذين غابا عن الوعي، تسارعت أفكاره و ومضت الذكريات في ذهنه.
في حالاتٍ كثيرة، كان ليون يقوم بهذا، رغم أنه قد يكون تمثيله الخاص، فقد كان هناك أوقات شعروا هم بالإنفصالية عنده.
منفصل عن الواقع و العالم.
لقد بدا كشخص يرى العالم بأعين خاوية.
ديو، لوكي، فايرو، و لويد، هم عاشوا رحلات من التقلبات معه، و عرفوا بعضهم البعض أكثر.
لقد عرفوه أكثر من الجميع.
و على عكس كل أحدٍ أخر، لم يخافوا منه.
لقد كانوا إخوة بعد كل شيئ.
إقترب من الفتى المحتجز و همس في أذنه.
لم يستطع إدوارد فعل شيئ في هذا الموقف.
“ في موقف كهذا، حتى لو قتلتك و هربت، من يمكنه إيقافي؟ ”
كلماته كانت موجزة، لكنها كافية بالفعل.
شحبت بشرة إدوارد من الخوف.
عاطفة واحدة كانت تتملك المرء في بعض الأحيان.
ذلك يحدث عندما يتفق عقل المرء و عواطفه على ما يجب في الموقف.
و الأن، لقد كان جسده و روحه متفقين على الأمر.
هو شعر بالخوف.
لهذا، لم يحاول إمساك سيفه مرة أخرى.
تركه ليون و ذهب نحو الأميرة.
“ لذا، هلَّا نبدء أخر مراحل عرضنا؟ ”
كانت صامتة.
لم يكن السبب هي قوّته، بل هي كلماته.
أنا أكره ماركوس.
ماذا كان يقصد.
مهما كان السبب، لقد تركها في صدمة و رعب بسبب ما رأته في عين البصيرة خاصتها، و ما أظهره للجميع.
لقد وقف شخصٌ مجهول الأصل في مواجهة أميرة لمملكة قويّة.
و على عكس ما كان يحدث عادةً، فمواقفهم كانت متعاكسة.
الشخص الذي كان يجب أن يكون في أهبة الإستعداد يقف بأريحيّة.
و من كان يجب أن ينظر بلا خوف نحو ذلك المجهول حدق فيه بخوف مخفي.
“ أيتها الأميرة، أنا أعرف من أنتِ، لكن أتعرفين؟ أنا لا أهتم أقل ممَّا أنا عليه الأن حتّى بذلك ”
“ لذلك، كوني صريحةً معي، لماذا جمعتِ هذه الأعداد لإمساكي؟ ”
“ … أنا لا أفهم ماذا تقصد، أيها الطالب ليون إيفينيوس ”
بموقف لا يتزعزع، تحدثت بلا خوف، على أمل خداعه.
يجب أن لا يعرف أنها خائفة.
أو سيستغل ذلك.
“ هل سنلعب لعبة الدفع و السحب الأن؟ أنت الوحيدة هنا من يمكنها فعل ذلك، بما أن الوريث الأصغر لعائلة هارفي كان معك، يمكنك أمره ببساطة ”
ومضت أعينه بقسوة و إقترب أكثر.
كانت المسافة بينهما قريبة جدًّا.
“ ناهيك عن، بما أن عشيرة شين هي الأفضل في الإستخبارات، فسيتعاون معكم و يجمع الطلبة ليلقى إستحسانك ”
مد يده للأمام و أمسك بالهواء كما لو كان يسحقه.
لكن على عكس المتوقع، لم يحدث شيئ.
تجاهل رد فعلها عندما حاولت الدفاع عن نفسها، و أكمل حديثه.
“ ما حصل بعدها هو أنكم تبعتم تعليمات الأحمقين ورائي، و وصلتم لهنا، بدلاً من جلب الأستاذ بنفسه ”
“ اوي! أنت هو الأحمق! يا إبن الشريفة! ”
“ تتصرف بروعة فقط لأنك تطير في الهواء! أيها اللقيط! ”
“ لست أنا من جمع أشخاصًا ليأتوا بسبب شعوري بالغيرة، أيضاً، تباً لشرفكم! ”
“ تسك! هذا الوغد! ”
“ تجاهله يا ديو، لقد فسدت أجواءه الرائعة، عملنا كان متقنًا! ”
“ تشه! أفسدوا علي حركتي الرائعة! ”
بينما سخر ديو و لويد منه، نقر ليون على لسانه.
أبناء المحترمات هؤلاء، عليكم اللعنة!
“ آحم! ”
“ على أي حال! هذا ما كان الأمر، لماذا جمعتِ هذه الديدان لملاحقتي؟ ”
سعيًا منه لإزالة الحرج، سعل ليون بهدوء و تحدث بصوتٍ أجش.
كانت أعين الأميرة واسعة.
هذا … غريب.
غريب أمره، شخصٌ بدا بلا عاطفة كالدمية، لكن تصرفاته كانت مليئة بالعواطف، أكثر مِمَّن هنا حتّى.
غريب كيف يتصرف، تارةً مخيف، و تارة يضحك، و تارةً يبدوا كالأحمق.
غريب هو، هذا الشخص.
هو شخص غير طبيعي، و في نفس الوقت، هو كذلك.
كان شخصًا غير قابل للتفسير.
ضحِكَت الفتاة الشابة.
بشكلٍ غير متوقع، خرجت ضحكة من فم الأميرة.
كان هذا موقفًا غريبًا بدت فيه، و على عكس توقعاتها، لم تكره ذلك.
شعور بالتساؤل غير مألوف سيطر على عقلها.
ليون إيڤينيوس.
فقط من أنت؟.