22 - الفصل 22: أنا أعلمُ ذلِك، لكِن لا يُمكِنُني الإهتِمامُ أقلَّ حتّى (5)

الفصل 22: أنا أعلمُ ذلِك، لكِن لا يُمكِنُني الإهتمامُ أقلَّ حتّى (5).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هناك فرق هائل بين النبيل و العامِّي.

في عالمٍ كهذا، حتّى مع تطور السحر و إنتشاره، أبت ندوب الماضي عن الإندِثار و طغت على الناس.

كان لا يزال النبلاء في مكانتهم قابعين و لهم ما لذَّ و طاب، سواء كان من المأكل أو من كسوة الثياب، على عكس العامَّة.

في جميع أنحاء القارَّة، الأمرُ سيَّان، هناك غني و فقير.

لو كان الأمر كذلك فقط، لكان الأمر بخير، لكن بسبب هذه الإختلافات، كانت العُنصُريّة محورًا رئيسيًّا لقياس هذه الإختلافات.

التعنيف و الإستعباد، الإساءة الإجتماعية و جعلهم كالماشية، مرورًا بالإغتصابات و القتل في الإحتفالات.

كانت هذه أشياء يوميّة وجب على العامّة الضعفاء المرور بها.

في العلن، لم يفعلوا شيئًا، لكن في الخفاء، بعيدًا في الظلال، تجلّت حقيقة الأقنعة و إندثرت إبتساماتهم الخادعة.

لم يكن شعب كانغهوا أو مجتمع السحرة و أنصاف البشر بعيدين عن المعادلة.

كان الأقوياء في هذا العالم غير مكبوتين.

و الوحيدون الذين دفعوا الثمن، كانوا الناس العاديين.

لم يكن ما يسمّى بالعدالة سوى معيارًا زائِف

إستخدمه أصحاب السلطة لربح الفوائد.

بالنسبة لهذا الفتى أحمر العينين، هو لم يهتم.

معاناة الضعفاء أو طُغيان الأقوياء.

كُلُّ ذلك لم يحرّك قلبه.

ذلك لم يكن له علاقة به.

هذا هو، بتلك البساطة، وقف أمامها بلا أي عواطف جامحة.

حتّى في الألفيّة الماضية، لم ينشأ موقف يقف فيه شخصٌ ذو أصول مجهولة، أمام أحد حكّام دولةٍ ما، بينما ينظرُ إليه بلا خوف أو إحترام.

كان هناك شقوق بين البشر تنشأ عند معاملتهم بقسوة.

الحقيقة لم تعد مهمّة، فقط السخط هو ما بقى.

لذلك، لن يقف عامِّيٌ في مواجهة أحدٍ ذي خلفيّة مرموقة بدون أن يكون في عينيه خوفٌ أو كراهية.

كان هذا هو مدى الجروح التي نشأت بسبب نظام الوراثة هذا.

أمام الجميع هنا، لقد أخضعهم و وقف أمام فتاة لا يمكن المساس بها.

أدوارهم كانت متعاكسة.

إنَّه فقط موقف غير مألوف.

ليون إيفينيوس، طالبٌ مجهول الأصل أتى و تسبّبَ في المشاكل.

لقد قام لسببٍ ما بجعل الطلبة يطاردونه.

في العادة كانت ستكون مجرّد مطاردة مضحكة.

و مع ذلك.

إنقلب كلُّ شيئ رأسًا على عقب.

كان ذلك لسببين.

الأول هم الأشخاص الذين كانوا مع الأستاذ ديوس.

الثاني هو ليون إيفينيوس بنفسه.

لقد كان متغطرسًا و غير قابل للحديث.

بدلاً من تسليم نفسه و ترك الأمر ببساطة بدون عواقب كثيرة، جعل القضيّة أكبر.

كان شخصًا غريبًا.

كلُّ المعلومات التي عرفها الجميع هنا هي شيئٌ بسيط.

يبلغ هذا الشخص من عتيِّ القوّة ما جعله يقف بجبروته أمام أبرز المواهب الشَّابَّة في دولتي كايرو و نانمان.

لا، لم يقف في مواجهتم، لقد طغى عليهم جميعًا.

حتّى الفتى المُمسك بالسيف سابقًا لم يظهر مثل تلك الوحشيّة.

لم يأبى أحدٌ الحركة، و بشكلٍ أكثر دقّة، لم يستطع أحدٌ الحركة.

حتّى بينما يقف و يتحرّك بجسده بكل أريحيّة، كان يطغى عليهم بقوّة غريبة.

كان العالم تحت إمرته يُخضِعُهم.

هكذا كيف بدا الأمر.

قام بضرب أحدٍ ضربًا مبرِّحًا، و أربعة من مطارديه حلفائه، ناهيك عن معركته مع الفتاة، و التي بدت كالمماطلة.

كما لو أنَّه يلعب.

هكذا شعر الجميع هنا.

واقفًا أمام شخصٍ لا يجب المساس به، كانت الشكوى تلوح في الأفق.

“ الأميرة، هذا ليس مضحكًا! ”

“ اهاها … أسفة … لكن، بفت! ”

كان ما يجب أن يكون موقفًا جادًّا إنقلب رأسًا على عقب.

“ بجدّيّة! لحظتي من الفخامة و الوقار تمَّ إفسادها! عليكم اللّعنة! ”

بوهجٍ مميت في عينيه، نظر نحو أصل السبب.

“ هيهي! تخسأ أيها الوغد! هذا ما تحصل عليه للشماتةِ بنا! ”

تنظيف.

جلس بنفس وضعيّة القرفصاء، بينما يقوم بنفس ما يقوم به بعد كل معركة.

هو الأن ينظِّف رمحه.

لويد دانيال.

لقد كان هذا الفتى شخصًا يحارب بالرّمح.

منذ الصِّغر، لقد أحب الأسلحة الطويلة، و إنتهى به المطاف يحملُ رمحًا.

هل كان من أصلٍ بارز؟ لم يكن كذلك، لقد كان من أصول متواضعة.

ككُلِّ شخصٍ أخر، كان له قصّته الخاصّة.

ماذا كان طموحه؟ كيف عاش؟ الأن، ذلك غير مهم.

يجب أن ينظف رمحه و يستمتع بهذه اللحظة الحلوة، ضاحكًا على ليون.

هذا هو ما يهم الأن.

“ إبنُ الشريفة هذا … يشكوا الأن بعد أن وضع علي عبئ تدريب هذين الإثنين؟ ”

تبًّا لك! أيها الوغد اللعين!

إبتسم ديو بشماتة نحو ليون، بينما يتحرّك جسده بإنسيابيّة.

كاانج! كاانج!! كاانج!!!

تلاحمت السيوف في هذا الهدوء.

نظرًا لعدم القدرة على الحركة على أي حال، تفرّج الجمهور على المعركة الحاصلة.

شخصان في مواجهة شخصٍ واحد.

لقد طغى عليهما تمامًا، و لم يخفى ذلك على أحد.

لكن لم يكن ذلك المغزى من المعركة.

كان هذا تدريبًا.

ومضت أعين الفتاة ببرودة.

هي الأن على بعد خطواتٍ قليلة.

هدفها الذي صَبَتْ إليه يكاد يكون أمام عينيها.

كفاحها طوال حياتها كان من أجلِ ذلك.

الخوف من الوحدة و العزلة، القلق و الإرتباك.

كلُّ تلك العواطف إنحلَّت عن عن قلبها.

صفاء الذهن و تحرُّر القلب.

هذه هي أنقى أشكال السيف، و التي سعى لها السّيّاف.

كاانج! كاانج!!

تحرَّك سيفها بسلاسة و سرعة لا تبصُرها الأعين.

كان خصمها قويًّا بما لا يمكنها قياسه.

مهما تسارع سيفها، فقد كان أسرع، مهما ناورت بسيفها، سيفُهُ كان لها بالمرصاد.

رغم ذلك، لم تكن وحيدة.

توائمت حركاتها الرشيقة مع سيف الفتى الأشقر بجانبها، و هاجماه معًا.

كان يتكوّن في قلبها شعور.

كم مرّة في حياتها أرادت الشعور بشيئٍ ما غير الوحدة؟

كان الأمرُ أشبه بالهوس.

الأن، لقد وصلت إليه.

ذلك العالم الرمادي بدأ يتلوّنُ ببطئ.

أعباء الماضي و الحاضر تمَّ قطعهم جميعًا.

كان خصمها فقط ما كان واضحًا لبصرها الضبابي.

في عالمٍ من عدم الوضوح و الضبابيّة، كان هو أمامها بأعينه الشرسة واقفًا.

في كل مرّة تنظر إليه أطول، تنشأ العواطف في قلبها.

كانت عواطفًا لم تعرفها من قبل.

تسارع سيفها فقط و زادت من حدّة سيفها.

‘ دفاعك رثٌّ جِدًّا، هذه هي نقطة ضعفك ’

كلمات الفتى ديو عندما ينصحها رنَّت عبر أذنيها، كانت كالتهويدة.

‘ إستفيدي من مرونة جسدكِ و إستخدمي ذلك كأساس لتكوين دفاعك ’

‘ الدفاع ليس منوطًا بأسلوبٍ خشن، طالما هو يحميكِ، فهو دفاع ’

‘ على السَّيّاف أن يتعلَّمَ من بيئته، و لا يتقيّد بنهجٍ ما ’

‘ إتِّباع أسلوبٍ واحد جيد، لكنه ليس الأفضل، لا تتقيّدي بشيئ ’

‘ هذا هو نهجُ السيف ’

مرارًا و تكرارًا، حتّى أصبحت كالصدى في قلبها.

صوته ملأ عالمها، و إختفى الجميع من مجال بصرها.

العالم سوداوي.

و كان ثلاثة سيّافين فقط من كانوا واضحين فيه.

هي، فرناندو، و ديو.

لقد تقاتلوا كما لو كانوا في عالمهم الخاص.

كان هناك شعور بالترابط في هذا القتال.

كلمات ديو إجتاحت عقلها.

جسدها تحرّك غريزيًّا.

هجماتها غير المقيّدة كانت مصقولة، كما لم تكن من قبل.

بدأت تركِّز على حماية نفسها أكثر بدلاً من الهجوم السريع فقط.

إسلعي، و إنتظري في جُحرِكِ، إحمي نفسك بسيفكِ، كما لو كان مجالاً يغطي جسدكِ، لا تتهوري في الهجوم.

إنتظري فقط الفرصة المناسبة للهجوم.

هكذا هو أسلوبها الأن.

عندما لاحظ ذلك، بدأ في مهاجمتها إختبارًا لمدى فهمها.

كانت في البداية غير مدركة لما تفعله، لكن مع الوقت — و بإتِّباع غريزتها و التعليمات في رأسها — أصبح دفاعها متينًا.

كانت تتحسّن بوتيرة سريعة.

لم تكن هي فقط.

سواء كان ليون أم ديو، فقد أولوا إهتمامهم الخاص نحو الفتى.

كاانج! كاانج! كاانج!

لم تكن الفتاة فقط من طوّرت سيفها.

لقد كان الأمر ينطبق عليه أيضاً.

إن كانت حركات الفتاة رشيقة و سريعة، فقد كان الفتى طاغيًا و خبيثًا في حركاته.

لقد تميّزت أساليبه بالموائمة مع البيئة.

كان الأن في حالة من شبه اللاواعي، جسده تحرّك مع حركات عدوّه فقط.

كاانج! ككاانج! ككاانجج!!

عندما هاجمت الفتاة جانبه الأيمن، فقد ذهب نحو خلف العدو على الفور.

هجوم متناسق يُكمِّلُ بعضه البعض.

لقد تفاداه ديو بسهولة بتحريك جسده قليلاً، و صدَّ سيف الفتاة بإسهاب.

لم يكن هدف المعركة هو الفوز.

و هكذا، لم يصب بالإحباط، و زاد من قوّة سيفه.

كان يبدوا في نشوة، كما لو كان يتَّبِعُ شيئًا ما.

فِرناندو نيكولا.

النَّجلُ الأصغر في عائلة نيكولا، و الفتى الذي كان يكافح طوال حياته.

سواء كانت الكراهية من طرف عائلته، أو محاولات الإغتيال و الخطف أو حتّى العرقلات التي لا تحصى، فقد مرَّ الفتى عبرها جميعًا.

كان يريد ذوق الشعور الذي ذاقه العديد من حوله.

التَّطلُّع نحو شيئٍ ما.

لقد إفتقد ذلك في حياته.

السعي، الكفاح، عواطف الإحباط و الفرح بسبب ذلك الكفاح، لم يعرف الفتى ما معنى ذلك.

كانت كراهية الذات فقط ما كان لدى الفتى.

كشخصٍ مكروه منذ الصِّغر، كان له حلم.

بالنسبة لمعظم الناس، فقد كان شيئًا في متناول اليد، لكنها أمنية حياة لفرناندو.

لقد أراد رؤية أمِّه.

ماذا كان السبب؟

هل هو الشوق؟ ربما أراد الشعور بالعزاء بعد رؤيتها، بما أنَّها الوحيدة التي سمع أنَّها أحبّته قبل أن يولد بعد؟

أم ربّما مجرّد رغبة طفولية؟.

لم يكن مهمًّا ما السبب.

لقد كان لديه الدَّافع و التّطلُّع، لذلك بذل جهده بصمت.

لم يشتكي يومًا من الظلم، فقد إعتاد عليه بالفعل.

فكرة أن يكون هناك شخصٌ يستند عليه قد إختفت من عقله، و كان ذلك منذ أمدٍ طويل.

لم يكن لديه أصدقاء، و عائلته لم تعتبره فردًا منها.

إنَّه وحيد.

هذه هي الحقيقة، و عليه قبولها.

مضى الفتى قُدُمًا كما فعل دائمًا، و جاء اليوم القريب ليصبح خليفة رئيس الأسرة، جهوده كانت ستكافأ.

أو كذلك إعتقد.

عندما رأى بصيص أملٍ أخيراً، تمَّ رميه من الأعلى.

أرسله رئيس الأسرة للأكاديمية، و كشف عن موهبته.

و هناك كان قد فقد الأمل.

توالت الأحداث بعدها، و كاد يموت، لكن تمَّ إنقاذه.

رؤيته للحياة تغيّرت، و تحرّك جسده كما لو كان ممسوسًا.

كان الجميع في الساحل الشرقي ينظر إليه، لكن لم يستطع رؤيتهم.

شخصان بجانبه، أحدهم كان يقاتل معه، و الأخر ضدّه.

كان هذان الإثنان فقط من رأهما بجانبه.

شعر بالألفة من هذين الإثنين.

كشخصٍ كافح كل يوم، فقد عرف على الفور.

هذين الإثنين مختلفين عني، لكنهم متشابهين أيضاً.

“ لطالما أردت أن يقدِّرني الأخرون ”

لقد عاش في كثيرٍ من الأحيان بتلك الطريقة.

كيف كان يقاتل الأن؟

ربما لا أحد من بين الجماهير يفوق أسلوب مسايفته في هذه اللحظة، كانت نظرات الإعجاب تملأ أعين الجماهير.

كان من المضحك أنَّه لم يلاحظ.

لا، لقد لاحظهم، لكن لم يُثِر ذلك في فؤاده أي عاطفة.

“ عندما يرون موهبتي، ستتغير هذه النظرات على الفور ”

هكذا هي الطبيعة البشريّة.

لفترة طويلة، لم يعرف لماذا كان مهووسًا بتقدير الأخرين له.

‘ سيفك يفتقر لليقين ’

كما لو كان تكرارًا للحادثة السابقة، فقد رنَّ صوت ديو في أذان فرناندو.

كان في بعض الأحيان أثناء القتال يفقد ثغرة و لا يستغلُّها.

كان هناك تعارض بشأن أخذ تلك الثغرة، أم ربَّما قد تكون فخ.

‘ لا أعرف ما خضته في حياتك، لكن كسيّاف، فيجب أن يكون لديك إرادة لتقطع، سواء كانت الموهبة أم العمل الجاد، فلا نفع لهم بدونها ’

‘ عندما تهاجم، لا تضيّع لحظة واحدة، لا تفكِّر كثيراً، أو سيكون رأسك هو من يطير، و ليس عدوّك ’

‘ سيفك خالٍ من العاطفة، هذا جيد، لكن ما يخلوا في مكان يجب أن يُعبّأ بشيئٍ غيره ’

عندما يخلوا أسلوب المُسَايفَة من العواطف، يجب أن يحل محلها شيئٌ أخر.

إنها الإرادة.

بدأت حركات الفتى غير المصقولة تتحسن.

‘ إنسى كل شيئ أخر، و ركز على سيفك، لماذا سيفك يقطع؟ لماذا أنت تحمل السيف؟ ’

هذا هو فقط ما يجب أن يركز عليه عقلك.

الجواب على ذلك سيكون هو ما تبحث عنه.

و ستكون تلك هي إرادتك.

شعر برأسه يصبح باردًا، عواطفه كانت راكدة.

لم يعد هناك ما يقلقه.

لم يعد هناك ما يثقل عقله.

كاانج!! كاانج!! كاانج!!

سرعة لا تبصرها العين سوى بالكاد.

الفتى الأشقر و الفتاة الشقراء بدورها لوّحا بسيوفهما بسرعة.

أجسادهم كانت تتسارع.

الأخطاء في البداية لم يعد يمكن رؤيتها.

حتّى ليون لم يسعه سوى الإعجاب بما يراه.

كانت الأميرة تحدّق فيه بإستغراب.

“ … ألم تكن ستسألني بشأنِ سبب ما يحصل أو شيئٌ كهذا …؟ ”

“ و أفوّت عرضًا كهذا؟ لا شكرًا! ذلك يمكنه الإنتظار! ”

“ … حسنًا ”

لم يسعها سوى الإجابة هكذا.

“ تسك! ” نقر على لسانه، كما فكر في ذهنه: “ لم يصلوا بعد؟ هل هناك متغيّر ما يؤخِّرهم؟ حسنًا … المبارزة التي تحصل الأن في صالحي، ستكون ترويجًا ممتازاً ”

وقف ليون في الهواء و جلس كما لو كان يجلس على أريكة.

فعل ما عليه فعله، و لا يسعه سوى الإنتظار الأن.

لم تعد هناك حاجة كبيرة لمعلومات لوسيا الأن، فسيعرف مع الوقت.

هناك تغيير في الخطك.

بعد التفاعل شخصيًّا معها، كانت كما تقول عنها الشَّائعات.

“ إنَّها طيِّبة ” نظر إليه بطرف عينه: “ هذه الفتاة تجيد الحكم في المواقف السريعة، كما أنَّها لم تتفاعل كما ظننت عندما ذكرت أمر كراهيتي لوالدها ”

“ لا يمكنني الحكم ما إن كان ذلك تمثيلاً أم لا في الوقت الحالي ”

ناهيك عن أي شيئ، لقد شعر بتقلُّبات غريبة لطاقتها السحرية سابقًا.

عين البصيرة على الأغلب هي السبب.

لقد كانت هناك شائعات بأنَّها تساعدها على فهم الوضع العام لمجريات حدثٍ ما.

ما علاقة ذلك بِلِيُونْ؟ لم يبدأ بفعل أي شيئٍ يؤثِّر على الوضع العام بعد، و لا سبب خاص يجعلها تستخدمها عليه.

لما فعلت ذلك؟

أكثر من أي شيئٍ، عندما إستخدمت عين البصيرة، شعر ليون بشيئٍ يحاول الولوج إلى عقله.

تقنيّة نداء الكوابيس منعت أي شيئٍ خارجي من الولوج إلى ذهنه، و جعلت الشخص الذي يحاول ذلك يرى وهمًا يدُبُّ في كيانه الرعب.

لما تفاعلت تقنيّة نداء الكوابيس بتلك الطريقة؟

هل عين البصيرة ترى أكثر من مجرد الوضع العام؟

ومضت فكرة في رأس ليون على الفور.

لم يحتج للكثير من القرائن لفهم السبب.

“ هي على الأغلب تقرأ الأفكار أو العواطف ”

لولا نداء الكوابيس، لربَّما لم يرى أو يشعر حتّى بما كانت تفعله.

لرُبّما شعر بتقلُّبات الطاقة السحرية الغريبة، لكن لن يمكنه فعل شيئ.

لكن هناك شيئ ما ليس صحيحًا.

تسارعت أفكار ليون، بينما يشاهد القتال يصل إلى ذروته.

لو كانت تستطيع قراءة الأفكار و العواطف كما ترغب، لكانت كُلِّية القدرة، لن تحتاج لإحضار هذا العدد من الأشخاص لتأكيد نوايا ليون.

هذا يعني أنَّ هناك عيبًا يتساوى مع مقدار قوة عين البصيرة هذه.

“ على الأغلب، إنَّه يشبه نداء الكوابيس خاصّتي، فرق القوّة يؤثِّر على مدى ما تراه ”

“ لكن بما أنَّها قدرة السلالة، فهي لن تكون قاتلة كتقنية نداء الكوابيس، و التي هي تقنيّة شيطانيّة تحوي على مخاطر عديدة ”

الكل في الكل، هذه الفتاة لها مثل هذه القدرة، لكن لم أسمع بأي إساءة في إستخدامها.

“ عندما أتأكَّد من كونها كما أعتقد، فلن يكون من الضَّارِّ إستخدامها ”

راقب ليون الأميرة لوسيا بتوقُّعات عالية، بينما هي تشاهد المعركة الحاصلة بأعين إعجاب.

هذه الفتاة الطيبة، لم تدري أنَّه بسبب قدرتها التي تحميها دائمًا، فستدخل فوضة لم تتخيل حدوثها طوال حياتها.

يا لها من مسكينة ~.

تلاحم السيوف و الشرر.

هذا ما تسمعه الأذن و تراه العين.

لم تعد هذه مبارزة بسيطة، أصبحت معركة تشمل البيئة كاملة.

كاانج!! كاانج! كاانج!!

بااام!!

أصوات إصطدام الأجساد بالرّمال رنَّت عبر الأذان.

سحابات من الغبار كانت تتطاير.

كانت الفتاة سريعة كالثعبان و يتمايل سيفها كحركات السوط.

الفتى فرناندو كان قويًّا كالنمر، و خبيثًا كالثعلب.

ماذا عن ديو؟ لقد مزج و جمع كل ذلك معًا.

سيفه كان غريبًا.

لو قلت أنه سريع، فهو سريع، لو قلتَ أنَّه طاغي، فهو طاغي.

كما يتّخذ الماء شكل وعاءه، سيفه تغيّر مع تغيُّر حركات أعدائه.

لقد كانت كلمة واحدة تصف أسلوب المسايفة هذا.

مثالي.

وقفته ثابتة لا تتزعزع، يده التي تتأرجح بالسيف لم ترتجف أو تخطئ، ذهب السيف كما يريد تمامًا.

السيف كان إمتدادًا لجسدِه، جسدهُ كان إمتدادًا للسيف.

منظر رائع.

هذا المشهد لن ينساه أحدٌ هنا طوال حياته.

كان الأشخاص الثلاثة يلوّحون بسيوفهم.

واجه ديو الإثنان مع جعل قوّته أعلى بقليل من قوّتهما، مع ذلك، فقد واكبه الإثنان مع تعاونهما الضمني.

تحصل أشياءٌ كتلك في الحياة أحياناً، لم يحتج الناس الوقت فقط ليفهموا بعضهم، لقد كان للأمر علاقة بأسلوب التفكير و العيش في بعض الأوقات.

الكفاح و الكفاح.

هذان الإثنان عاشا حياتهما بتلك الطريقة، و شقَّا طريقهما مع تلك العقليّة.

سواء كان عدم اليقين أو العزلة، فقد كان الإثنان يعيشان بتلك الطريقة الوحيدة.

عدم اليقين، لقد واجه الفتى مثل هذه العاطفة يوميًّا.

لماذا كان مهووسًا بتقدير الأخرين له، لقد كان سببه نفس سبب هوسه بلقاء والدته.

إنه الخوف من الوحدة، و عدم وجود ما يتطلَّعُ إليه.

على عكس ما أظهر للأخرين، فقد كان خائفًا.

الفتاة كانت نفس الشيئ، في حياتها اليوميّة، لا تتذكر سوى فعلها نفس الشيئ الرتيب.

يومًا بعد يوم، لتبقى أخر شظايا أهلها في العالم، كافحت لدخول عالم السيف.

لقد كانت مهووسة بالسيف.

و هذا الهوس وسيلة للهروب من وحدتها.

كان للإثنان حياتهما الخاصّة، لكن شعروا ببعضهم البعض.

فتح ديو فمه، لكن هما فقط من سمع كلماته.

الناس الذين يمتلكون ظلامّا في فؤادهم، دائماً ما يكشفون بعضهم.

يعيش البعض وحيدًا، و الأخرون يعيشون معًا.

ذلك لا يبقى على حاله.

في بعض الأحيان سيعيش المرء في العزلة لفترة طويلة.

و في حينٍ أخرى سيعيش مع الأخرين لفترة طويلة.

تتقارب الجزر المعزولة و تتفرّق، بعضها يتدمَّر و تنشأ جُزُرٌ أخرى.

هكذا جرت الحياة.

و الأن، حان الوقت لتقارب جزر جديدة.

بشعرهما الأشقر المماثل، بدا الإثنان كالإخوة.

عندما يكاد يباغت ديو أحدهما، ترى الأخر يحميه على الفور.

كان الإثنان سندًا لبعضهما البعض.

لم يسع ديو سوى الإبتسام.

كانا ينموان معًا.

هذه هي علاقة المبارز.

و هي علاقة أخُوَّة لا تذبل بسهولة.

بينما يحاربهما في فوضى الشّاطئ، فتح ديو فمه.

صوته كان واضحًا للجميع.

“ في الواقع، أنا لم أسألكما أبداً، هل تريدان حمل السيف لغايةٍ ما؟ أو هل السيف هو سعيكما؟ ”

حمل السيف لغاية ما، أم هي رغبة خالصة في حملِ السيف؟.

كان للسؤال صدى عميق في القلب.

عدم اليقين، كانت هذه إجابة لطالما ملأت قلوب هذين الإثنين.

لكن الأن، كان صفاء الذهن في قلوبهما باديًا.

الفتاة، التي عاشت وحيدة طوال حياتها، نظرت للشاب ديو بطريقة لم تعتقد أنَّها ستراها في إنسانٍ حي مرَّة أخرى.

كان الشاب السياف غريبًا.

قطع كل شيئ.

هل مثل هذا الشيئ موجود في العالم؟.

لم تستطع الفتاة رؤيته.

هذا الهدف الذي لا يمكن بلوغه، لم تستطع الفتاة أن تشعر بإمكانيَّة حدوثه.

و مع ذلك، لماذا هو هكذا؟

اليقين بلا شكوك أو خوف.

كانت كلماته مِلئُها الثقة.

هذه هي طريقة عيش السَّيّاف.

إرفع سيفك بفخر، و لا تخفضه في مواجهة الشدائد.

سيفك لن يخذلك، سق بسيفك، و هو سيحميك.

عندما تملك روح السَّيّاف، لن تندم طالما تقاتل أبداً.

هذا فقط إذا بذلتَ كل جهدك.

كلمات كتاب والدها ومضت في ذهنها.

كانت هذه الكلمات هي أول ما كتبه والدها في أسلوب المسايفة الذي يملكه.

لقد أنشأ تقنيّة سيف.

و قد عمل بجد عليها، على أمل إكمالها يومًا ما.

كانت أخر حركة هي ما عجز عن إتقانها.

مات الرجل أثناء القتال، و هو يحميها مع أمِّها.

لقد كان فخورًا بما فعله.

و قد ورثت الفتاة تلك التقنيّة.

كان الفتى أمامها يذكرها بكلمات الكتاب الأولى.

روح السَّيّاف، لقد إفتقرت لتلك العزيمة.

“ أنا … على الأغلب، كنت سأنهي حياتي هنا ”

بدأت الحديث بإسهاب.

كلمات صادمة خرجت من فمها.

صدم الجمهور.

و توقّفت المعركة.

كانوا يريدون الحديث.

لكن الضغط على أجسادهم قد زاد، و منعهم من الحديث.

كافح الكثيرون ليبقوا على وعي، و لا يفقدوه.

“ لا يتجرَّأ أحدٌ على فتح فمه حتّى ”

سقطت كلماته الباردة على المكان.

صوته كان أكثر برودة من الجليد.

ليون، حدق فيهم بنية قتل غير مقيّدة.

هالته كانت مخيفة بالفعل، بعد أن أباح نيّة القتل لهم، تجمّد الجميع و جزعوا في أماكنهم من الخوف.

الرغبة في الحديث لم تعد موجودة.

الضغط القوي قد تمَّ تخفيفه، لكن ليس لدرجة حركة الشخص كما يريد.

لقد فقدوا الأمل في أن تنفذ طاقة ليون السحرية ليفُكَّ عنهم وِثاقَ هذا الحصار.

الفطرة السليمة لم تنطبق عليه.

هذا ما قرَّر الجميع هنا الوفاق بشأنه.

إنَّه وحش.

“ لا أعتقد أنَّ السبب هو اليأس، عُيونُكِ، إنَّها تحكي شيئًا أخر ”

وقف فرناندو في مكانه صامتًا.

كان ما قاله ديو صحيحًا.

هو بنفسه حاول الإنتحار.

هذه ليست عيون شخصٍ إستسلم عن الحياة و حاول إنهاء حياته بسبب ذلك.

شعر بالأمر غريزيًّا، ما يحدث اليوم سيغيّر حياتهما كاملة.

بعد تحليله للناس طوال حياته، عرف فرناندو الناس جيدًا.

ديو ليس محارب سيف قوي.

إنَّه سيَّافٌ حقيقي.

كان إتِّباعه قرارًا جذريًّا سيصبح نقطة مركزيّة في حياته.

حمل سيفه واقفًا بجانب الفتاة، كما لو كان يقدِّم الدَّعمَ بصمت.

“ السبب هو شيئٌ أعمق … هل ربَّما … قرَّرتِ ذلك منذ زمن بالفعل؟ ”

صمتت الفتاة.

كانت تشعر أنَّها سهلة الفهم للأخرين اليوم.

أم ربَّما كان ذلك بسبب أنَّ ليون و ديو أشخاصٌ مميّزون؟.

لقد فهمت لحدٍّ ما ديو، تلاحمهم بالسيف كان كافيًا ليفهموا بعضهم.

لكن ليون من كان غير مفهوم، لقد كان هذا الشخص لغزًا لا يمكن فهمه.

من صمتها، تأكَّد ديو أنَّه محق في كلامه.

“ لكن هذا ليس كُلَّ شيئ، أليس كذلك؟ ”

“ هناك سبب لقولك هذا ”

نعم، هو يستطيع قراءتها تماماً، كما فعلت مع ليون، تخلَّت الفتاة عن التفكير في الأمر.

“ سيفك، عندما رأيته … شعرت بعواطف لم أٓلفها قبل اللحظة ”

لقد كان سيفًا لم أره قبلاً.

“ كنت في حيرة من أمري، لا أعرف ماذا أفعل، لذلك قرَّرت أن أنهي حياتي طالما أصل للسيف الذي أصبوا إليه ”

كان هذا القرار قاسيًا و يتطلَّب الشجاعة.

لأول مرَّة، حكت الفتاة عن ما ذاقته في حياتها.

لم تعتقد أبداً أنَّها ستفعل ذلك.

“ سابقًا … كنت خائفة ”

هي ستقول كُلَّ شيئ.

هذا ما شعرت به، و ما أرادت أن تفعله الأن.

2024/10/11 · 15 مشاهدة · 3336 كلمة
نادي الروايات - 2025