الفصل 24: إمتحانات تحديد الفئة داخل الأكادِيميَّة (1)
ـــــــــــــــــــــــــ
عاجز.
موقفٌ غير سار لا يُمكِنُك فيه فعل أيِّ شيئٍ ذِي قِيمَة.
كما لو كُنتَ مُكبَّلَ الإيدي و الأقدام، بِلا أيِّ وسيلة للتَّحرُّر.
هذا هو ما يُسمّى بالعجز.
هل كان الأمر في البداية، عندما تجاهلوا غرائزهم؟
سُفَهاءٌ لا يَعرِفُونَ لِلغُرورِ حدًّا.
حماقة و عجرفة البشر تؤوُلُ بِهِم نَحوَ التَّهلُكَةِ لا مَحَالة.
هناك العديد من الأخطاء التي يرتكبها الشخص، لدرجة أنًَك لن تدري أيُّهَا أكبر من الأخرى.
هذه حقيقة مطلقة و سائِدة.
حتَّى مع ذلك.
تتربَّعُ خطيئة لا تُضاهى على العرش.
العجرفة و الكِبر.
أعظم الخطايا كانت دَائِمًا الغُرور.
عندما تبالغ في تقدير نفسك، فالنَّار التي تُشعِلُهَا ستُحرِقُك وحدك.
مطاردة الفريسة و تسليمها للأستاذ المشرف ديوس.
كانت تلك محتويات المهمَّة.
بسيط، بلا تعقيد أو صعوبة.
عندما عُرِفَ بين الطُّلّاب الجُدُد أنَّ المطاردة تقودها الأميرة لوسيا، فقد تهافت الكثير لمساعدتها.
ألن يكونوا كالمحسنين لو قاموا بدعمها و لو قليلاً؟
كانت فرصة كهذه شيئًا يجب إغتنامه بطبيعة الحال.
مع مثل تلك الأفكار، أتوا بعيونٍ جشعة.
لو قاومت الفريسة، لا ضَيرَ من إستخدام بعض القوَّة.
بعد كُلِّ شيئ، مع خلفيّة الأميرة، لن يتجرَّأ العاقل على المقاومة و لا الشَّكوة، لذلك سيكون مباحًا لهم بيان قدراتهم.
إن نجحوا، ربَّما ستراهم الأميرة لوسيا ذوي قيمة.
مجرَّد أن تنظر إليك أميرة مملكة كايرو يكفي لأن تسحب جميع الأنظار نحوك.
ناهيك عن أن تكون مُساهِمًا في عمليّة تقودها بنفسها.
الفوائد.
المصلحة الذَّاتيَّة، هذا ما يُحرِّك المرء بنشاط.
لا يوجد ما يُسمّى بالخير في صراعات السلطة و إستحصال الفوائد.
الأميرة لها قيمة عالية، لذلك سيتبعونها و لو لأقاصي العالم.
لا بأس، حتّى لو لم تُعِرهُم الأميرة أيَّ إهتمام، فما زال هناك أخرون ذوي خلفِيَّاتٍ بارزة.
طالما أظهروا قيمتهم لمن أعلى منهم، فسيكون هناك عِلاوة يحصلون عليها.
قيمتهُ أصبحت منذ ذلك الوقت عالية.
لم تعد مجرَّد مطاردة بسيطة.
الفتى الذي أتى من السماء.
كانت هي التسمية الأولى له عندما أتى.
أكثر من يجب إمساكه.
هذه هي التسمية الثانية، و التي حصل عليها.
إنَّه الأن طريدة يجب إفتراسها.
لم يكن ليون إيفينيوس مجرَّد شخصٍ للإمساك به.
لقد كان وسيلة و موطئ قدم.
موطئ قدم لهم للإرتقاء.
لكي تصعد لأعلى، عليك أن تدوس شيئًا ما.
حالما تدوس على ذلك الشّيئ، فأنت تتسلّق عبره.
عندما يرتقي أحدٌ ما، بطبيعة الحال، سينخفض أحدٌ أخر.
تلك هي مجرَّد واحدة من الحقائق القاسية في هذا العالم.
مع تواتُرِ الثواني و تزايُدِ البحث، زاد الجشع في أعيُنِهِم.
كانوا شبابًا صغارًا، لذلك كانوا قيلي الخِبرة.
لم يعرفوا أكثر من بضع أساليب قليلة لكي يرتقوا في المجتمع.
و هذه كانت إحداها.
ما لم يكن الشَّخص بنفسه قَوِيًّا، فليس له سِوى الإتِّكال على شخصٍ قوي.
إنها قواعد النجاة للضعفاء.
للأسف.
كما لو كانت المياه الباردة تسقط على الحَالِمِ لإيقاظه، الواقع البارد أفَاقَهُم مِن نومِهم .
ناهيك عن إظهار أيِّ قيمة، لم يكونوا أكثر من مُتفرِّجين.
لا صراع، لا تبختُر أو حتّى إظهار ما يُسمّى بالفائدة.
لقد تعاملوا مع وحوش.
لا يمكن للبشر قتال الوحوش.
تلك حقيقة واقِعة لا أكثر.
عندما أتوا، سمعوا صوت معركة، و شعروا بضبابية غريبة، قبل أن يصلوا.
المنظر الذي إستقبلهم كان معاكسًا لما توقَّعوه.
مشهد ليون يكافح للهروب، بينما هم يضحكون على مقاومته عديمة الجدوة.
هذا ما يتبادر للذِّهن قبل الوصول إلى هنا.
بدلاً من ذلك، ما إستقبلهم كانت عُيُونُ خمسة أشخاصٍ باردة.
فتى يحمل السيف مع مظهر شرس، إتَّجه نحوهم بهدوءٍ و يُسر، كما لو كان في نُزهة.
هدوءه تَناقض مع الضَّجَّة التي كانت تحدث.
حاملٌ للرُّمح يَشِعُّ بأجواءٍ هادئة، حدَّق فيهم بملل ظاهر في عينيه.
كانوا هم من أرشدوهم إلى هنا.
من المفترض أنَّهم كانوا حُلفاء.
ما يرونه بدا العكس.
فتاة شقراء بجمال لا يوصف، حملت تعابيرها الراكدة برودة جليديَّة.
الفتى الأشقر صاحب الأعين الزرقاء، كان معروفًا للعديد من الأشخاص.
لقد كان فرناندو نيكولا.
وقف مع المجموعة و حدّق نحوهم بأعين باردة.
من الواضح أنَّه، لم تكن أجوائهم مريحة، و لم تُشِر لكونهم حلفاء.
شُعورٌ غريزي بالحذر يومِض كالتَّموُّج في القلب.
بالضبط كالأرنب عندما يستشعر حضور الثَّعلب.
دقَّت غرائزهم ناقوس الخطر.
بالطبع، بالنسبة للشباب الصغار الذين أعماهم الجشع، تجاهلوا عواطفهم ببساطة.
معركتهم بدأت.
لا، كان من السُّخف تسميتها بالمعركة حتّى.
كان من الأنسب تسميتها بالمذبحة.
عندما تهجُم الذِّئاب على الخِراف، تُسمَّى مذبحة.
عندما يصطاد القرش أسماك السردين، فهي تُسمَّى مذبحة.
و عندما يطغى الشَّخص على الأعداء بمفرده، فهي مذبحة.
لقد كان أولاً السَّيَّاف الشَّاب.
بتلويحة واحدة فقط هزمهم.
سيفٌ لم تستطع عيونهم مداركتها.
وميضٌ أزرق.
هذا ما تذكّروا رؤيته قبل أن يشعروا بوجوهِهم تلمس الرِّمال.
بعضهم قد فقد الوعي بدون ملاحظة شيئ.
لقد كان سريعًا.
سريعًا لدرجة أنهم فقدوا الوعي بدون الإحساس بالألم حتّى.
غير مفهوم.
ذِكرى واحدة تتبادر لِلذِّهن عند هذا.
صاعقة البرق تضرب مِن السماء.
هذا هو فقط ما يمكنهم وصف سيف الفتى به.
ناهيك عن كُلِّ شيئ، لم يخرج السيف من الغمد حتّى.
كان هذا هو مدى الفجوة بينهم.
فجوة هائلة، لدرجة أنًَك لن تقوم سوى بهزِّ رأسك في العجب.
لم يشعروا بعقدة نقصٍ حتّى.
طغى عليهم بسهولة.
مع ذلك، فقد كان ما فعله هو إبعادهم و إفقاد بعضهم الوعي.
لم يفعل شيئًا قد يُسمّى بــ “ضرب” في حقِّهم.
كان يملك ضبط النَّفس.
إنَّه كالإختلاف بين الشمس و القمر.
على عكس السَّيَّاف الشّابِّ تمامًا.
الشخص الذي أتوا من أجلهم، لقد قاتلوه.
لا، لم يقاتلوه، لقد قدموا أجسادهم إليه لكي يضربها.
طبيعة شيطانية.
بأعين حمراء كالدَّم تخترق أعماق روحك.
بؤبؤ العين كان كالتِّنِّين، حادُّ يُظهِر القسوة و السَّاديّة.
إبتسامة قاسية تصيبك بالقشعريرة تظهر على وجهه عند ضربك.
مفترس، لا يرحم، لا يتوانى.
سواء كانوا ذوي الخلفيَّات البارزة أو الأميرة لوسيا، لم يُعطِهم أيَّ إعتبار.
لقد كان مجنونًا يفعل ما يشاء!
حتّى أنَّه أخضعهم بقوّته الغريبة و أجبرهم على البقاء ساكنين، مما تركهم عاجزين.
يلعب لعبة، و ينتظر شيئًا ما.
هكذا كيف بدا لهم.
متعجرف لا يعرف مكانته، مجرَّدُ عامِّيٍ بلا هوية!
كانت الشتائم في رؤوسهم تلوح، بالطبع، لم يجرؤ أحد على التَّفوُّه بها.
للأسف، مهما كانوا غير راضيين، فقد كان الفتى غير متدارك لمعاناتهم.
“ بعد أن إنتهيت من عملي مع ديو، فقد حان دورك يا أميرة ”
صوته هادئ.
بينما ينظر لبقعة خفيّة، خاطب الفتاة وراءه.
الأميرة الثَّانية لمملكة كايرو، لوسيا هارديان.
فتاةٌ معروفة بطبيعتها الخيّرة و الحكيمة، و كان من المتعارف عليه أنَّها لا نيَّة لها في تسلُّم عرش الحاكم.
هل هي حقيقة، هل هي خدعة؟
لم يعرف أحدٌ موقفها تجاه الصراع على العرش.
و هكذا، كان الكثير محتار بشأن معاملتها كحليف أو عدو.
نظرت هذه الفتاة نحو المكان الذي إتجهت إليه أعين الطالب ليون إيفينيوس.
بقعة خفية لا يوجد فيها شيئ.
كان ليكون صحيحًا لولا التشوه الغريب في الفضاء.
البقعة الخالية كان فيها تموُّجات.
عندما ظهر ذلك الفضاء المشوه أول مرَّة، تم عزل الصوت.
‘أنا … على الأغلب، كنت سأنهي حياتي هنا’
لم يسعها سوى تذكر الكلمات التي قالتها الفتاة قبل إختفاء صوتها.
مظهرها الوحيد و الحزين، عيونها الخالية من الحياة.
الفتاة الشقراء قالت تلك الكلمات بصوتٍ لامبالي.
شعرت الأميرة بطبيعة الحال بالحزن وراء صوتها.
كشف العواطف المتجليَّة و الخفيَّة للأخرين، لقد كان شيئًا متأصِّلاً في طبيعتها.
كانت على وشك فتح فمها لمنع الأخرين من الحديث عن ما قالته الفتاة.
لم يكن من المحترم أبداً الحديث و التدخل مثل تلك المحادثة.
كان في ذلك الوقت، ضغطٌ ساحق نزل على الأخرين.
الوحيدون الذين كانوا سالمين من هذا الضغط هم ثُلَّة.
لسبب أو لأخر، هي كانت من الذين نجوا من الضغط الخانق.
بصوته البارد أوقفهم عن الحديث.
نية قتلٍ مرعبة.
لا توجد كلمات تعبر أكثر من هذا.
قشعريرة و رجفة عبر جسدك تسيل.
خوفًا من أن تُقتل، ستفقد هدوءك، و فرطٌ غير طبيعي في التَّنفُّس يخترق رِئتيك.
أمام نية القتل و الضغط الهائل، تم إغلاقهم على الفور عن الحديث.
حاولت الحفاظ على هدوءها، و راقبت، كان ذلك عندما رأته.
مجال غريب غطّى الأشخاص الثلاثة، و منع الأصوات من الخروج، لم يسعهم سماعهم بعدها.
بالنسبة لها، كان لا يُسبَرُ غَورُه. [ 1 ]
هذا الشخص، ليون إيفينيوس، يمتلك قدراتٍ غريبة.
لم ترى مثل هذا المجال في حياتها من قبل.
بعدها بقليل، أصبح من في الدَّاخل خفيًّا.
حاولت كشفه بعين البصيرة، لكن لم ترى شيئًا على غير العادة.
لا تسرب طفيف للمانا، حتّى و لو بمقدار شعرة.
ليس ذلك فقط، مازالت عواطفه أو أفكاره غير ظاهرة.
لم تعد ترى الوحش القابع خلفه، لكن مازال غير قابل للقراءة.
هذا الشخص …
‘إنه أقوى شابٌّ قابلته في حياتي’
الفتى أمامها شخصٌ قاسي مع أعدائه، لكنَّه ليِّنٌ مع حلفائه.
هذا ما إستنتجته من أفعاله.
حتّى الأن، عندما رأته ساقطًا من السماء، شكت في كونه غريبًا يدَّعي كونه طالب.
عندما أمر الأستاذ ديوس بالإمساك به، كان من المفترض أنَّ الأمر بخير.
لن يتصرف الأستاذ بتلك الطريقة إن لم يكن طالبًا.
أصبحت مرتاحة لأنَّه تبين كونه مجرد غريب أطوار.
رغم ذلك …
إعتدى عليها شعورٌ بعدم الإرتياح.
كان الأمر كالحدس.
همس لها أنَّ هناك شيئًا ما في تصرُّفاته.
و هكذا، قادت حملة الإمساك به.
الكل في الكل، توالت الأحداث و تأكّدت شكوكها.
كان الفتى غريبًا بحق، لكن لم تظهر أفعاله أنَّه تابع لإحدى الفصائل المتنازعة في مملكة كايرو أو نانمان.
أولئك الأشخاص سيتجنّبون القيام بالمشاكل، لكي لا يكون هناك من يوقعهم و يهدِّد سلطتهم بسبب خطئٍ بسيط.
ناهيك عن أيِّ شيئ، لم يبدوا كشخصٍ من النبلاء.
إيفينيوس … لم يكن هناك عائلة بارزة من هذا القبيل.
‘السبب هو أنَّ …’
قوته لم تكن شيئًا من الممكن إخفائه.
لهذا بدا من الأكثر واقِعِيَّة الإعتقاد أنَّه من العامَّة أو من مكانٍ بعيد.
هل كان لها فرصة في هزيمته لو واجهته مع الجميع هنا؟
‘أودَّ أن أقول، في مائة معركة، نحن سنخسر مائة’
شخص بهذه القوة، سيكون من غير المعقول كونه نبيلاً لكن لم يذع صيته بعد.
هذا يعني أنَّه تصرَّف بمفرده.
في المقام الأول، لا يمكن تخيُّل أنَّه سيخضع لشخصٍ ما.
في هذا العالم، مهما كان الوضع الإجتماعي لشخصٍ ما، فلا قيمة لذلك بدون القوة.
المثال الأفضل على ذلك كان، الشيطان السماوي، تشونما.
أسطورة جيل.
كابوس حِقبة، إنَّه الرجل الذي صبغ العالم بالأحمر.
هو من حمل بلا منازع لقب الأقوى.
النسب و الحكم الوراثي.
أذكر ذلك أمامه، و أخر ما ستراه هي إبتسامة، قبل أن تغمض عيونك عن العالم، مرَّة واحدة، و إلى الأبد.
بالنسبة له، كان هؤلاء من إمتلكوا مكانة بسبب نسبهم هم الأضعف.
من لم يصل إلى الأعالي بجهده الخاص، فهو حثالة، قمامةٌ لا قيمةَ لها.
لقد عاش الفُصيل الصَّالح في خوف عندما كان ناشِطًا في العالم.
مع ذلك، فجأة و على حين غرَّة.
هكذا فقط، هو إختفى.
كيف ظهر للعالم، كيف إختفى.
كان ذلك لغزًا بلا حل.
لم يسعها سوى مشابهته بذلك.
على حين غرَّة، هو أتى.
ليون إيفينيوس، بطريقةٍ ما، أسلوبه المستبد تشابه مع أسلوب الشيطان السماوي، ناهيك عن القوَّة الطَّاغية.
هزَّت الفتاة رأسها في هذا الفِكر.
لم يعد من المهم كيف حصل هذا أو من أين أتى.
من الأهمِّ التركيز على ما يحصل الأن.
“ للأن، سوف أزيل العبئ عن أجسادكم أيها الأطفال، نظرًا لمدى ضعفِكُم”.
بقول ذلك، صوته حمل لهجة مهذّبة.
الكلمات الساخرة تناقضت مع صوته المؤدَّب.
سراب.
مع إختفاء القوة التي تضغط على الجسد، يمكن تخيُّل الموقف كما لو كان حُلمًا عابرًا.
بعد إختفاء العبئ عنهم، شعروا بعدم الواقعيّة.
كما لو أنَّه لم يحصل شيئٌ في المقام الأول.
“ … هاه … هاه … ااااه ”
“ أخيراً … اللعنة! … إعتقدت أنَّني سأُسحق ”
كلمات التَّأوُّه للطلاب لاحت في الأفق.
كان البعض يتعرق بشدَّة.
البعض الأخر مستلقي على الأرض بينما يلهث.
و كان هنا أيضاً من بدوا بخير.
لكن على العكس منهم.
لا قطرة عرق واحدة.
التَّنفُّس منتظم، يدندن بفمه كما لو كان في نزهة.
حتّى عندما يهرول المرء تظهر عليه تلك العلامات.
بالمقارنة مع ذلك، كان ذلك يعني أنَّ ما قام به ليون أسهل و أكثر أريحيّة من الهرولة.
قشعريرة تسير عبر الجسد.
شيطان.
هذا الشخص وحش.
مظهره اللطيف بينما يحدق بهم لم يُشعِرهم أنَّه لطيف.
لقد كان على العكس من ذلك، مخيفًا.
بمراقبة ردود أفعالهم، ضحك ليون ببرود في ذهنه.
كلَّما كانوا أكثر خوفًا، كلَّما قلَّت عقلانِيَّتُهم، كان ذلك أفضل.
التَّحكُّم في قطيع الخِراف أسهل عندما يخافون، لأنَّ تفكيرهم يصبح سهل التَّنبُّؤ.
طالما لا تنجرف في سيل عواطفهم، فسوف يصبحون كالكتاب المفتوح لك.
كانت لوسيا شاردة الذهن، و غارقة في أفكارها.
‘ يبدوا أنَّها تُنظِّمُ عواطفها، و تتساءل كيف تتعامل معي من الأن؟ ’
كما لو أنَّني سأسمح بهذا!
“ يا أميرتنا العزيزة~ سَلِي ما شئتِ مِن سؤال، و هذا الخادم المتواضع ما له سوى الإجابة عليكِ ”.
“ هاه…؟ ”
راكعًا على ركبة واحدة، و رأسه إلى الأسفل، الإنحناءة كانت مهذّبة و صوتٌ خاضع صدر من فمه.
لم يسعها سوى الذهول، هذا الشخص كان غير مفهوم.
إنتظر … جال إحتمالٌ في خاطرها، بعد أن شعرت بأفكار شخصٍ ما، و التي كانا قوية جداً، بقيت صامتة.
ليون، لو لم تَعرِفهُ حقَّ المعرفة، لإنخدعتَ من أداءه المتقن.
لكن بعد كشف النَّمر عن أسنانه؟ يصبح أيُّ عملٍ خاضع يقوم به تجاه للأرنب سخرية واضحة!
“ كيف تجرؤ! أيها الوغد الوقح! هل تعلم من تخاطب؟ إعرف مقامك، أيها العامِّي! ”
هل هو جاهلٌ مازال يملك أملاً في صيد ليون؟
لم يسعه سوى مراقبة الشخص الذي يشتم به بنظرة فضوليّة.
شابٌّ طويل القامة له رأسٌ يبدوا كالمسطرة، من ثيابه الفاخرة، كان يبدوا نبيلاً.
أكثر من أي شيئٍ أخر، نبرة صوته المبتذلة كانت كطفلٍ مدلَّلٍ نموذجي.
إد ڤيلدي، نجل عائلة ڤيلدي، لقد كان من عائلة نبيلة منخفضة المستوى في منطقة شبه مقفرة شرق مملكة كايرو.
الفتى لم يملك موهبة ملحوظة، لذلك لجأ لمنصب عائلته للحصول على التَّقدير.
لقد كان يحب التَّنمُّر على عامَّة الشعب و خدم قصر عائلته، للأسف، لم يساعد موقف والديه الحنون في إيقافه.
على العكس، أصبح أسوء، لعق أحذية الأقوياء، و سحق الضُّعفاء، كان هذا نهجه.
النَّاس يدَّعون كونهم أقوياء أمام الأخرين دائمًا.
لقد كان يصدّق بشكلٍ أعمى تلك الحقيقة، لأنَّه كان يقوم بالأمر بنفسه.
‘ مهما كان قويًّا، فيجب أن يكون مخزون المانا الخاصُّ به قد آنتهى الأن، لذلك كان يتحدث بأدب إلى ملكة الجمال، الأميرة لوسيا!’
ذلك بسبب خوفه من بطش الجميع إن إجتمعوا عليه!
الوحيد الذي يستطيع إخراجه من الموقف هي الأميرة، لذلك سيلعق حذائها و يتملق، هذا ما فكر فيه إد.
من وجهة نظر حثالة مثله، كانت أفكاره صحيحة، بالطبع، على مستوى الغباء و الحماقة.
ربما أعلى بقليل، على أي حال.
بمثل تلك الأفكار، قمع خوفه و تجرَّأ على مواجهة ليون، لكي يكسب وِدَّ الأميرة.
“ لا بُدَّ أن طاقتك قد نفذت، لذلك أنت تحاول أن تتملَّق لملكة جمال مملكتنا، كأحد مواطني مملكة كايرو العظيمة، أنا لن أسمح لك بالتَّمادي! ”
كان على وجه إد إبتسامة متعجرفة، و لم يسعه سوى مدح نفسه على ذكائه، كما تلذّذ بالوجوه المصدومة للأخرين.
للأسف لكم، أنا إكتشفت هذا أولاً! هاهاهاها!
ليون شاهده بصمت، و لم يُقدم على قول أي كلمة.
صمته بدا كالتَّأكيد لإد ڤيلدي، لذلك إقترب منه بلا خوف.
لم يمنعه أحد، كان من غير المجدي مساعدة من حفر قبره بنفسه بالفعل.
فرناندو، ظهرت على وجهه ضحكة ساخرة، في بعض الأحيان، كان هناك مثل هؤلاء الحمقى، الذين لم يستطيعوا قراءة الأوضاع و تفاخروا بلا داعي.
النَّسب و السلالة، لقد كان هذا نظامًا غير عادل، لأنَّه لا يقوم على أساس المؤهِّلات منذ البداية.
بالطبع، في هذه اللحظة، هذا النبيل الأحمق، سيدفع الغالي و النَّفيس تكفيرًا عن غلطته الحمقاء.
نفذت طاقته؟ من ماذا، اللعب مع الصغار؟ يا له من هراء!
بعد رؤية مثل هذا المخلوق الغريب، لم يسع ليون سوى الضحك بخفَّة.
“ هذه أول مرَّة ألتقي بشخصٍ فطن مثلك! ”
ضحك ليون في حديث إد بحرارة، كما إعترف بصدق.
“ كيف لن أعرف أنَّ هناك من بفطانتك و رجاحة عقلك هنا؟ ”
“ هيهي! بالطبع لن تعرف، هل تظن أنَّك تستطيع أن تَسبُرَ غوري؟ ”
بعد رؤية أنَّ تخمينه كان صحيحًا، فقد إد كل مظاهر الحذر و الحيطة، أصبح أكثر جرأة.
“ لا أجرؤ! أنا، مجرد عامّي لا أحمل لضوءك و بهارة نورك شمعة حتّى، سيدي الشاب! ”
صوتٌ خائف و موقف خاضع، كان يبدوا حذرًا، كما لو أنَّه يبحث عن فرصة للهرب.
في عيون إد ڤيلدي، كان ليون كالحمل الوديع، و لم يعد يشعر بتهديد الموت بعد الأن.
هذه مخاطرة في إغضاب نمر، لكن ذلك في سبيل إرضاء التنين!
طالما يلقى إستحسان الأميرة، ألن يحصل على فرصة للحصول على أعالي المكانات في المجتمع، و ربما يزيد من متانة منصب عائلته؟
و هكذا، أصبح يرى ليون كوجبة دسمة يأكلها وحده!
“ سيدي الشاب، أنا لا أجرؤ على الحديث عن ملكة الجمال، الأميرة لوسيا، حاكمة مملكة كايرو العظيمة! كنت فقط أمثِّل لكي تعتقدوا أنِّي قوي، لكنك كشفتني! ”
صوته كان مشوبًا بالخوف، إنه يهلع!
بفت!!
ضحكة مكتومة تم سماعها، لا، لقد كانت ضحكة مكبوتة.
لم يسع الكثير سوى الضحك رغمًا عنهم.
سيدي الشاب لا يسبر غوره؟
باه! أكثر من ذلك، سفاهته و جفاوة عقله كانت بلا شك من الدرجة الأولى!. [ 2 ]
هذا الغباء لم يره عقلي من قبل!
إزدرائهم لهذا السفيه لم يسعه سوى الزيادة، و على العكس، كانت مهارات تمثيل ليون مثيرة للرعب.
كانت هذه التعابير الخائفة و الصوت المرتجف، ناهيك عن محاولة تدوير أعينه في الأرجاء كما لو كان يبحث عن مكان للهرب، تسبب القشعريرة.
بالطبع، إد، لكونه إد، فسر ضحكهم كسخرية من ليون.
و زاد من هجومه بلا هوادة، بدء في الإقتراب من ليون.
كان هناك شيئٌ واحد غريب، الأميرة صامتة، و لم تفتح فمًا، ليس هي فقط، إدوارد هارفي، شين سو من عشيرة شين.
كلهُم كانوا صامتين، كما لو كانوا ينتظرون شيئًا ما.
يكفي لعبًا، حان الوقت لكسر هذه الدمية.