45 - الفصل 45: إمتحانات تحديد الفئة داخل الأكادِيمِيَّة (22)

الفصل 45: إمتحانات تحديد الفئة داخل الأكادِيمِيَّة (22).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كانت شمس الظهيرة تلقي بحرارتها عبر الساحات التي يتقاتل فيها الناس.

الأشخاص الذين قاتلوا و فازوا، الأشخاص الذين قاتلوا و خسروا.

رغم إختلاف النتائج، فقد كان موقفهم هو نفسه، عندما ينتهي القتال، ستراهم يجلسون في مقاعد الجمهور.

تناقش الناس بضراوة فيما بينهم، سواء كان تقييم أداء المقاتلين، أم الدراما التي حدثت قبل وهلة، كان الحديث لا ينتهي.

“ اوه صحيح … من سيقاتل الأن؟ دوري سيأتي بعد قليل ”

بينما كان يقرأ ما يشبه كتابًا صغيرًا، سأل لوكي بهدوء.

“ أنت أيضاً؟ ” أجاب لويد، “ معركتي على وشك البدء أيضاً ”

“ من سيكون خصمك؟ ”

“ إنها السيدة الشابة التي إلتقيتُ بها في الإختبار الأول، على ما يبدوا ”

“ هممم ”

بصوتٍ يهمهم، قام لوكي بتقليب صفحات كتابه بهدوء.

“ يا لها من صدفة، خصمي هو نبيل من عائلة في الحدود الشمالية لدولة كايرو ”

“ هيه~ ” قام ديو بالضحك بخفّة، “ أعتقد أنني أتذكره، لقد كان وجه المستطيل من ذاك اليوم يا لويد ”

“ هل تقصد ذلك الأحمق العبقري؟ ”

“ أحمق عبقري؟ ” تمتم ڤايرون من الجانب، بينما يسأل.

“ نعم … شخص قام بمواجهة ليون بكل شجاعة، لقد كان ذو روحٍ نبيلة و ذكاء لا تشوبه شائبة! ”

“ إنه لا مثيل له، لدرجة أن إسمه لا يمكنني نسيانه ” قال لويد بدرامية إستكمالاً لكلمات ديو، “ إنه إدز ليڨدي! ”

“ … لويد، ألا تقصد إد ڤيلدي؟ ”

“ اوه، هل هو كذلك؟ أسف على الخطأ، إد ليڤدي، هاه؟ محارب شهم كهذا، أنى لي نسيان إسمه! ”

“ أخطأتَ مرة أخرى يا لويد ”

“ ننسى ذلك، يا رفاق، لقد فقدت الإهتمام، يا للحقارة، يا للوقاحة … لجعل مباراتي بعد 30 دقيقة، إنهم بلا قلوب! ”

كان ڤايرون يتحسّر على الملل الذي أصابه.

“ على أي حال، لوكي، ماذا تقرأ؟ ”

“ ماذا أقرأ؟ هل تعرف سجلات المستكشف الأول؟ ”

“ باه! هل تعتقدني بغيًّا يعيش في كهف؟ رحلات المستكشف الأول في العصور، تلك هي القصص الأكثر شهرة في العالم ”

“ إنني أقرأها الأن ”

رحلات المستكشف الأول.

لقد كانت قصص شعبية معروفة، و كانت مثل الأساطير بالنسبة لشعب هذا العالم.

كانت تلك القصة عن شخص من بلادٍ بعيدة فاقدٍ لذكرياته و هويته، و بطريقةٍ ما أتى به الحال إلى بيئة غريبة المعَالِم و المخلوقات.

كانت الحكايات عبارة عن قصص نضاله و رحلاته عبر الحضارات و الغوامض المحيطة به، تاريخ هذا العالم الغريب و خباياه الخطيرة.

بعض الأشياء كانت تبدوا حقيقة، و بعض الأشياء كانت كالخرافة ببساطة.

كانت هذه القصص موجودة منذ زمن غير معروف، و لا يدري أحد من قام بتأليفها، أو ما إن كانت حقيقية أم لا.

على أي حال، أصبحت هذه القصة مثل السجلات الخرافية و المعروفة نظرًا لمدى أقدميتها.

سواء كان زعيم دولة بأكملها أم مجرد شحاذ بسيط، فقد كانو على الأقل يملكون كتابًا يحتوي على تلك القصة.

“ الأن … لم يصل ليون بعد؟ ”

“ على ما يبدوا، من المفترض أن يأتي في أي لحظة ”

بينما كان لوكي و ڤايرون يتسائلان بشأن ليون، كانت البيئة القريبة صامتة بعض الشيء.

لم يتجرأ الجمهور على الهمس حتّى.

السبب كان بسيطًا.

بينما كانت العيون تقع عليه، مشى ليون بأريحية نحو المجموعة.

عيونه الحمراء كانت وامضة.

الخوف الذي إختفى سابقًا، على غفلة، ظهر مرة أخرى.

“ لقد … أتى ”

أحدهم قال ببعض التوتر.

ألم يكن من المفترض أن يتلقى عقوبة على ما فعله في الحلبة؟

كان مثل ذلك التساؤل، مكتوبًا على وجهه.

لكن لم يتبعه أحد في قول أي كلمات.

نظرَ ليون إلى الفتى الذي تحدث بصمت.

“ آممم … آااه ”

العيون الباردة و الضغط الصامت جعل الفتى يتلعثم، و أصيب بالذعر.

بعد رؤية أنه ليس هناك ما يريد الفتى قوله، قام بسحب نظراته، فاقدًا الإهتمام.

أكمل ليون مشيته تحت نظرات الجمهور الباردة.

خوف، هلع، حذر، و إزدراء.

كانت اللباقة و عدم الهمجية أسلوب حياة يعيشه الناس في المجتمعات.

أسلوبه في الحديث، الذي لا يقوم بتجميل الكلمات، التحدث بما يشعر به حقًا دون مراعاة الأخرين، القسوة المبالغ بها، عدم إحترام الأخرين.

الأشنع لم يكن سوى، التجرؤ على محاولة القتل.

بالنسبة لهم هم، الذين تربوا على يد المجتمع، كانت تلك الأفعال غير مقبولة و غريبة.

لقد كان ليون شخصًا مجهولاً، معظم الناس، كانوا يخافون المجهول.

لم يُلقي ليون لهم بالاً، و ذهب إلى الكرسي بجانب لوغان.

رفع ليون يده للتحية، و قام لوغان بالمثل ردًّا.

ردود أفعالهم تلك كانت هي بالضبط ما يريده.

هكذا لن يتجرأ أحد على إستجوابه أو إعتراض طريقه لبعض الوقت على الأقل.

“ كيف الحال يا رفاق؟ من يبدأ بعدي؟ ”

“ بأحسن حال … من المفترض أن يأتي دوري بعد قليل ”

كان لوكي هو من يجيب، بينما يقلب صفحات الكتاب بخفة.

“ ماذا عن البقية؟ ”

“ معركتي ستكون في نفس الوقت مع لوكي ”

بينما كانوا يتحدثون بأصوات بسيطة خارجيًا، كانت المجموعة تتحدث عن مقاصدهم الحقيقية داخليًا.

[ ليون … مهما كان ما فعلته يا رجل، فقط قل]

[ ماذا تقصد؟]

[ لا تعتقد أنني لا أعرف، فقط أبصق ما لديك!]

[ … تشه، حسنًا حسنًا، سأعترف، ديو، هل تتذكر عندما كُسِر سيفك القديم، و قلتُ أن قاطع طريق من فعل ذلك؟ لقد كان أنا]

[ … إبن العاهرة، لقد كان أنت؟]

[ أعني يا رجل، كان حادثًا، كنتَ غاضبًا جداً لدرجة أنني خِفت، و ألقيت اللوم عليه، ناهيك عن أنك قمت بعمل جيد للعالم بإلقاء القبض عليه]

[ … قول هذا بعد سرقة ممتلكاته، و لم تترك له ثيابه حتّى]

[ لما أفعل ذلك؟ كان عملي ينبع من العدل في قلبي، أتشكك في صدقي؟]

[ حتّى أسوء الحثالة لهم بعض الخجل … في تلك اللحظة كُنتَ تفعل به نفس ما فعلتَه بهذا الضخم في الحلبة، أحسستُ أنك أنت من تم كسر سيفه، كان قد بقي أن تأخذ زوجته فقط]

[ نااه نااه، يا رجل، إنه قبيح جداً لدرجة أنني لم أضرب وجهه خوفًا من أن تنتقل عدوى قبحه إلي، أشك أن والدته أحبته حتّى، ربما أكبر ندم لها في الحياة هو أنها أنجبَته]

[ قول ذلك بعد الإعتراف بكسر سيفي، يا لك من حثالة]

[ ماذا كنتَ تتوقع، إسمي ليون]

[ … عادل بما فيه الكفاية]

[ … ليس هذا]

بعد سماع المحادثة التافهة بين ديو و ليون، قال لوكي أنه ليس مقصده.

[ ليس هذا يا لوكي؟ حقًا؟ إذا ماذا تقصد؟ هل كان ذلك عندما مزَّقتُ “بدون قصد” ملابس لويد المفضلة، و قلتُ له أن الإيلف، التي حلُمَ بها في نومه كانت قد حاولَت سرِقتها سرًا و أنا أوقفتُها و تمزقَت الثياب أثناء ذلك، و قام بتصديقي؟]

[ إنتظر ماذا]

كان ديو و الأخرون مصدومين من الإكتشاف الغريب.

[ … احم، لننسى هذا]

[ نعم، نعم، الجميع لهم تفضيلاتهم بعد كل شيء]

[ … صحيح، الكل يكونون أغبياء في بعض الأحيان]

[ … إخرسوا، يا رفاق، فقط إخرسوا، اللعنة]

كان لويد يمسك رأسه بيديه، لقد كان سعيدًا طوال السنوات الثلاث الماضية، و الأن بعد لقاء أصدقائه، بدأ شعور الإشتياق لتلك الأيام الهادئة يتأجج في قلبه.

[ ليس هذا أيضاً؟ إذاً ليس عندما خدعتُك يا لوكي، و كنتُ أرسل رسائل غرامية مجهولة إليك و كنن تعتقد أن فتاةً ما مهتمة بك؟]

[ اووه يا رجل، كان هذا مضحكًا، وجهه المتعجرف عندما يقول يا أيها العُزَّاب البائسون، كنت أموت ضحكًا فقط لتذكره]

[ يااه، لن أكذب، لم أتوقع أن يتم خداعه لمدة أسبوع كامل هكذا-]

[ يكفي هراءًا!]

[ ماذا؟ ليس خطئي أنا و ديو أنك إنخدعتَ يا إخي]

[ من الناحية الفعلية، نحن لم نخدعك، لم يتم كتابة إسم داخل الرسائل، لذلك أنتَ من إنجرف في تخيلاتك]

إرتجفت يد لوكي التي كانت تقوم بتقليب صفحات كتابه قليلاً.

هؤلاء الأوغاد … أليس لديهم ضمير؟

[ حسنًا … لا أعتقد أنها تلك المرة عندما كان ڤايرون يتفلسف بشأن قصة المطلقة الأربعينية في تلك القرية و تبين أنها-]

[ حسنًا يكفي من المزاح، ماذا كانت تلك التمثيلية في السابق أيها القصير؟]

[ اوه ماذا ماذا؟ التفاصيل، التفاصيل!]

بعد رؤية أن القضية ستصل إليه، و خوفًا من إكتشاف فضيحة أخرى، قام ڤايرون بقطع الهراء و وصل لـ لب الحديث.

لكن كيف سيترك الأخرون فرصة تمريغ كرامته بالتراب كما حدث معهم؟

[ …الأمر ليس مهمًا يا رفاق، حقً]

[ لا، لا، ڤايرون، اوه يا ڤايرون، بعد تصديع رؤوسنا بقصتها الدرامية، مدَّعيًا أنك خبير علاقات، كيف لنا أن نتركك ببساطة؟]

[ لا تخجل يا ليون، كلنا أذانٌ صاغية!]

[ تبين أنهم إخوة في الواقع، و كل هراء الطلاق و ما إلى ذلك كان مجرد أن عمهم قد تطلّق بسبب أنه ضعيف في السرير، و الفتاة كانت تبدو أربعينية بسبب تنكر]

[ بففت- هاهاهاها!]

[ بعد كل تلك الثقة و الكلمات البليغة، فقد كان مجرد سوء فهم … حقًا، خبير علاقات بحق!]

[ حسنًا حسنًا، يكفي هذا، لنترك المطلقة الأربعينية في حالها، ليون، لنعد للأهم، لما كاد ذلك المسكين الذي لم تره في حياتك البتَّة أن يُقتل؟]

[ اوه ذلك؟ و أنا من إعتقدتُ أن الأمر مهم]

قول ذلك بعد محاولة القيام بجريمة، إنه طيب بحق.

إستمع فرناندو و لوغان بحرص، و كانوا يريدون فهم ما كان يدور حوله كل ذلك العنف.

كانت المحادثة و الفضائح السابقة مسموعة للإثنين، و لم يريدا التدخل.

من يعرف؟ ربما هذا الوغد يعرف فضيحة لهما أيضاً؟

كانت تشاي نايون تأكل طعامًا إشتراه ديو لها — بالطبع، كانت هي من طلبت الطعام، و هي جالسة على يساره.

[ الأمر بسيط في الواقع، بما أن هدفنا هو السيطرة على هذه الجزيرة بأكملها، من الأسرع بالنسبة لنا أن نبدأ من الداخل، أليس كذلك؟]

[ ما علاقة ذلك بما فعلتَه؟]

[ سنصل لتلك النقطة، الأن، لدي سؤال، ما هي أفضل طريقة لخداع شخص ما؟]

[ اوه، أنا أعرف، أنا أنا!]

كما لو كانت فقرة أسئلة، قام ديو بالصراخ تخاطريًا.

[ و … ديو! ما هو الجواب؟]

[ جعله يعتقد أنه يعرف كل شيء بالفعل، أنه المتحكم بالموقف]

قال ذلك في ذهنه، نظر إلى تشاي نايون كما لو كان يقول، “ألستُ رائعًا؟”

نظرت إليه بصمت، و وضعت عينيها على طعامها، كان ذلك أفضل من إضاعة الوقت.

بففت!

برؤية الموقف، ضحك الباقون عليه.

تستحق ذلك، لمحاولة التصرف بروعة أمامنا نحن الصالحون الطاهرين.

[ صحيح، أحسنت، الأن، ڤايرون، ما رأيك فيما فعلتهُ في الحلبة؟]

[ قمتَ بإعطاء الناس إنطباعًا عن نفسك، أليس صحيحًا؟]

كان ڤايرون هو من يجيب هذه المرة، لقد فهموا الأن مقصد ليون.

[ السؤال الثاني، منذ متى كنت أعطي هذه الأكادِيمِيَّة إنطباعًا عن نفسي؟]

[ … منذ أنت أتيتَ؟]

أجاب لويد، غير متأكد بعض الشيء.

[ صحيح! أحسنت يا لويد، لقد ربحتَ معنا جائزة!]

[اوه؟ هل ستعطيني ثمن ثيابي التي قمتَ بتخريبها؟]

[ ناه اوه، ربحت معنا جائزة الأحمق الذي صار ذكيًا]

[ لا تحسب أن كلماتك تنفع كالسابق، همف، و لعلمك، أنا ذكي منذ زمن طويل]

[ كفى عن هذا، لذلك يا ليون، ما غايتك من إعطاء إنطباعٍ عن فرد من الطائفة الشيطانية لهؤلاء الصالحين؟]

لوكي فهم المغزى من تحركات ليون بعد أن قال "إنطباع" بعض الشيء، لكن كان عليه التأكد.

[ كالعادة، أحب سرعة الإستيعاب لديكم يا شباب، ذلك يتركنا للسؤال الثالث، لوكي، عندما يكون لديك إنطباع عن شخصٍ ما، ما هو أول ما تتوقعه منه؟]

[ أليس أن يتماشى كلامه و أفعاله مع ذلك الإنطباع؟]

أجاب لوكي، كان من الواضح.

عندما يكون لدى المرء إعتقاد تجاه مخلوقٍ ما، فمن الطبيعي أن يعتقد أن أفعاله هي إمتداد لذلك الإنطباع.

لا يتوقع الناس من الشخص السيء أن يفعل الخير، و العكس بالعكس أيضاً.

[ أفعالي حتّى الأن كانت لترسيخ إنطباع أول، و لن يكون من السهل كسره، ذلك سيساعد على تسهيل معظم أفعالي]

[ الأن، السؤال الأخير لفقرتنا هذا اليوم، عندما يكون الإنطباع سيئًا تجاه شخص ما، لكن بعد ذلك يكسر ذلك الإنطباع في الواقع، ماذا ستكون ردة فعل الأشخاص؟ ليجيب الثلاثة منكم الأن!]

صوت ليون تردد عبر أذان تشاي نايون و لوغان و فرناندو، الذين كانوا يستمعون بصمت حتّى الأن.

بقي الثلاثة صامتين قليلاً، قامت تشاي نايون بسحب أكمام ديو، كما أشارت لرأسها.

كانت تسأله، كيف يمكنها إرسال الكلمات إلى ليون؟

“ ركزي على ما تريدين قوله، و فكري في الشخص الذي تريدين إرسال الكلام إليه ”

[ … هكذا؟]

[ نعم]

إبتسم ديو قليلاً، كانت سرعتها في الفهم مثيرة للإعجاب.

[ همم؟ ألن تجيبوا؟ سيتم خصم نقاط الثلاثة في غضون، خمسة، أربعة، ثلاثة …]

سارع الثلاثة في إجاباتهم على الفور في بيان ليون.

[ … ألن يشعر المرء بعدم الإرتياح؟]

[ و هناك من سيشعرون بالغرابة]

[ الذنب]

كل من الثلاثة أجاب بإجابته الخاصة.

[ صحيح، صحيح، و صحيح! و هكذا، ماذا كان هدفي؟]

[ أعتقد أنني أفهم الأن]

بقوله ذلك، أغلق لوكي كتابه ببطء.

[ مثل هذه الخطة لتأجيج الإحساس بالذنب لن تنطبق إلا على الأشخاص غير المنافقين]

[ عشرة نقاط لـ لوكي، لذا؟]

[ الأميرة الثانية لإمبراطورية كايرو]

بينما كان ينظر إلى السماء، قام ڤايرون بالإجابة.

[ أنت ستستخدمها؟]

[ كالعادة، أيها الأوباش، لا تتركون لي المجال للتباهي]

كما قال لويد ببعض العبوس، تجهم ليون لأن كل ما قالوه صحيح.

[ ليس ذلك فقط، بل سيجعل ذلك الأخرون يقدمون لك خدمة إعتقادًا منهم أنك بالفعل شخص يرد الإحسان بالإحسان؟ شييش، يا أخي، هذه بعض حركات محتال الشوارع هنا]

قام ديو بتمديد ذراعه التي كادت تصطدم بطعام تشاي نايون، قامت الفتاة بقرص تلك الذراع، لكنها لم تبتعد.

“ … اوتش ”

قام ديو بالعبوس، خطته لإختلاس الطعام كانت فاشلة.

كما أراد أن ينظر نحو الحلبة، رأى قطعة طعام أمام وجهه.

نظر إلى الذراع الممدودة، و كانت الفتاة تحاول إطعامه على ما يبدوا.

لم تقم الفتاة بقول شيء، فقط نظرت بعيدًا كما لو أنها لم تفعل شيئًا.

لم ترغب في المشاركة بالحديث، حيث لم تكن مهتمة بالسياسة.

قام ديو بقضم الطعام الممدود إليه، و كان لذيذًا.

“ شكرًا ”

لم تقل تشاي نايون شيئًا، نظرت إلى مكان أخر غير وجه ديو.

لم تكن الفتاة معتادة على هذه التفاعلات البشرية، لذلك لم تعرف ما تفعل.

إنه مشهد سِلمي، و يجعل الشخص يبتسم.

“ اغغ! ”

“ قلبي! لماذا، لماذا …؟ ”

بالطبع، بالنسبة للبعض، كان هذا المنظر مؤلمًا للعين.

أمسك الأخرون قلوبهم المتضررة، لوكي حاول حبس الدمعة التي أرادت الخروج.

أين العدل، أين المساواة، أين الزوجة الصالحة.

[ حسنًا، لم أقل أبدًا أنني سأرد الدين بسرعة؟ ربما أقوم بسداده بعد موت ذلك الشخص، هاهاها!]

لم يهتم ببؤسهم تجاه ربيع حياة ديو، إبتسم ليون بسخرية كما قال في ذهنه، و نظر إليه الأخرون بإزدراء.

… هذا الوغد يعرف تأدية دور الحثالة عندما يريد ذلك، بجدية.

“ حسنًا، حان دورنا يا لويد، لنذهب ”

نهض لوكي من مقعده كما قام بترتيب نفسه.

“ أراكم بعد معركتي يا رفاق ”

“ رافقتكم السلامة، لويد ساهيونج، لوكي ساهيونج ”

“ أكملوا معركتكم بسرعة حتّى نأكل ”

“ أتمنى أن تموتوا في المعركة و لا يبقى من جثثكم شيء لوضعه في القبر ”

“ سأرجع بسرعة ”

كان من الواضح من قال أخر ملاحظة، لذلك لم يكن هناك حاجة للرد على ذلك.

قام الإثنان بالنزول من المدرجات، تحت أنظار الناس المتطفلة.

ـــــــــــــــــــــــــــ

باام! بااام!

في وسط ساحة القتال، يمكن رؤية ثلاثة صخور رملية، تطفو و تدور في تتابع حول جسد بشري.

الفتى الواقف في مركز الصخور التي تدور حوله، كانت على وجهه إبتسامة متعجرفة.

“ إستسلم، يانغ دوغو! أنت لن تخترق درعي، فهذا الدفاع، صخور الصحراء الثلاثة، لا يمكن إختراقه بتلك السهولة! ”

بام! بام! بام!

يطير في الهواء بسرعة فائقة، يختفي و يظهر بجانب إحدى ثغرات دائرة الصخور، ثم يهاجم بسيفه الحاد.

لكن تتابع الدوائر كان صعب الإختراق، لذلك يتم صدُّه، ما ينتج عنه ذلك ليس سوى صوت الإصطدام بالصخور الرملية.

“ … مزعج ”

تمتم يانغ دوغو، بينما تنفسه كان ثقيلاً.

كانت المشكلة في هذا الدرع هي أنَّ سرعة دورانه تتسارع في كل مرة يقترب، و ذلك يتسبب في هدر طاقته، ناهيك عن قوة هذا الدرع.

“ مزعج حقًا ” عبِسَ يانغ دوغو كما راقبه من أطراف الحلبة، “ لماذا لا يتحرك من مكانه؟ إلا إذا … ”

منذ أن قام خصمه بتأسيس درع الصخور الرملية هذا، لم يتحرك قيد أنملة من مكانه.

كان يانغ دوغو حذرًا من أن يكون هناك خدعة، لذا بقي على أهبة الإستعداد، لكن على ما يبدوا، تم تأكيد شكوكه الأن.

عندما كانت معركة ديو قائمة، و عندما قاتل ليون زينوس، كان يشاهد.

الصخور، و الرمال، وجد نفسه في موقف يقاتل فيه مستخدمًا لهما.

لم تكن الحالات حيث يتم إستخدام مزيج بين دربين نادرة، طالما كان هذين الدربين متقاربين، فالأمر ممكن.

إذا كان من غير الممكن لخصمه التحرك، فما يجب القيام به هو …

“ هيه ” ظهرت إبتسامة باردة على وجه دوغو.

سووش!

سرعة غير إنسانية هاجم بها.

هذه المرة، لم يقفز في السماء، بل هاجم عبر أرضية الحلبة.

سووش! سووش! سووش!

“ هيهيهي، هل تعتقد أن ذلك سينفع؟ فقط إستسلم، لا مجال للفوز ضدي! ”

بدلاً من الهجوم، كان يانغ دوغو يدور حول خصمه بسرعة هائلة، مما يجعل الرياح تتشكل في ساحة الحلبة.

[ نهج السائر في عالم الرياح: النجم الأول]

[ عاصفة سيف الذات]

كما قام خصمه بكشف أسلوب دربه، قام يانغ دوغو بنفس الشيء.

الدرب، أو الطريق، كان ذلك مسمى يصف وجهة المرء و هدفه.

الدرب، في هذا العالم الغريب، كان يسمى بالنهج.

فمثلاً، الدرب الذي سار عليه يانغ دوغو له علاقة بالرياح.

كان للدرب نهجين، نهجٌ سار عليه شخص ما قبلك، نهجٌ جديد لم يسِر عليه شخص من قبل.

الدرب الذي يسير عليه يانغ دوغو — نهج السائر في عالم الرياح، هو دربٌ سار عليه جده و والده من قَبلِه.

كان الفتى الصغير يمشي على خطى من سبقوه و يفتح طريقًا أعمق في هذا الدرب، و في يومٍ ما، سيصبح طريقًا أسهل يمشي عليه من سيأتي بعده.

كان هذا هو الدرب.

سووش! سووش!

أسرع! أسرع! أسرع!

الرياح التي تتشكل في البداية كانت كالنسيم العليل، و مع الوقت أصبحت إعصارًا يتشكل حول صخور الرمال الثلاثة.

البشري الوحيد كان يجري في دوائر، لكن بدا كما لوا أن أعداده تتضاعف و تزداد.

واحد، إثنين، ثلاثة، ثم أربعة …

أصبحت الساحة محاطة بالرياح و أشكال بشرية غير واضحة عديدة!

“ تذوق حركتي المميزة يا سيلفر! خسارتك ستكون هنا!”

من غير الواضح من أين أتى صوته، لكنه كان كالصدى.

أصبحت نظرات سيلفر باردة، في السابق كان يقوم بإظهار موقف واثق و متعجرف لكي لا يكشف الثغرة الكبرى في أسلوبه.

لم يكن الضعف الأكبر في عدم إستطاعته الحركة، بل كان الإستهلاك العالي في جوهر الطاقة الخاص به.

بعد أن قام يانغ دوغو بإستخدام أسلوبه النهائي، كانت لحظة الفوز و الخسارة على قُبيل البدء.

إن إستطاع صد هجوم خصمه، فسينتهي إحتياطي الجوهر الخاص به، و سيكون له المبادرة، و إن كان العكس، ففرص خسارته ستكون عالية.

كراك! كراك! بااام! بااام!

الإعصار الذي كان منتشرًا في الحلبة بدأ يصبح أضيق.

الصخور التي كانت سابقًا قوية و لا تقهر، يمكن سماع صوت حفيف منها.

كان الأمر كما لوا أنه يتم نحتها.

قطع! قطع! قطع! تفكيك!

كان الأمر غير واضحًا في البداية، لكن مع الوقت، صوت الحفيف أصبح أعلى.

الصخور الرملية كانت دفاعًا شاملاً.

يمكنها صد الهجمات الثقيلة بدون ضرر، لكن كان لها ضعف.

ضعف تلك الصخور يكمن في الفجوات بين حبيبات الرمال نفسها، حيث أن أسلوب الخدش كان فعّالاً ضدها أكثر من محاولة القطع عبرها أو تحطيمها.

أدرك يانغ دوغو ذلك بالصدفة بينما يحاول العثور على فجوة.

لكن ذلك لم يكن هدفه.

“ خذ يا سيلفر! هذه أقوى مهاراتي! ”

بووووم-!!

إعصار من شفرات السيف العديدة ضاق فجأة بسرعة نحو وسط الحلبة، بينما كان صوت الحفيف يعلوا حتّى إنفجر.

بوم! بوم! بووم!

الصخور الرملية الصلبة إصطدمت بالسيوف العديدة مما خلق أصوات صدمات عديدة.

“ فرصتي! ” لمعت عيون يانغ دوغو بفرح.

بينما كان سيلفر يتخبط للدفاع ضد نسخ الرياح الخاصة به، وصل دوغو إلى النتوء بين كل لوحة أرضية في الحلبة.

قام بغرس سيفه داخل النتوء في اللوح الأرضي الذي يقف سيلفر فوقه.

قام يانغ دوغو بصرير أسنانه و شدَّ عضلات جسده.

الجزء السفلي ثابت كالجبل، الجزء العلوي مشدود كالحبل المعدني.

هاااب!

و بنفس الوقت الذي غرس سيفه في النتوء، قام بوضع وزنه و قوته الجسدية على سيفه.

في البداية، لم تتحرك اللوحة الأرضية، ليس قيد أنملة حتّى.

لكن في الثانية التالية.

كراك! كراك! كراك-!!

تم رفع اللوح الأرضي عن الأرض ببطء، و بزخم الحركة، طار في الجو فجأة.

فقط عندما إهتز اللوح الحجري، لاحظ سيلفر ما يحصل، لكن للأسف، ردود فعله لم تكن سريعة بما فيه الكفاية.

الغبار الرمادي يملأ الأنحاء.

لسببٍ ما، تذكر يانغ دوغو معركة ليون و زينوس، تحديدًا، كان عندما جعل ليون زينوس يطير في الهواء.

لاحظَ أن سيطرة زينوس على الصخور كانت شبه معدومة في الهواء عندما راقب ذلك.

لذلك، قام بتجربة الأمر.

“ بما أنه لا يمكنني لمسه، أليس علي فقط أن أقوم بتخريب البيئة حوله؟ ”

و هكذا، جعل عاصفة سيف الذات فخ لكي يشتت إنتباهه.

اللوحة الحجرية التي كانت تطير في الهواء على وشك السقوط.

سوووش!

قفز يانغ دوغو في الهواء و هاجم بسرعة، سيفه كان في الغِمد، جعل العاصفة موطئ قدم له، و قام بضغط جسده كالكرة الصغيرة، ساقيه كانت منغلقة معًا.

بينما كان يغلق عينيه، فتحهما فجأة، و إختفى على حين غرَّة.

باااااام-!!!

[ نهج السائر في عالم الرياح: النجم الأول]

[ سيف الرياح القاطع]

تقطيع! تقطيع! تقطيع-!!

باااام!!

إنفجرت اللوحة الحجرية الطائرة إلى قطع متناثرة.

يمكن رؤية ثلاثة صخور رملية تتفتت و تتناثر بقاياها في الهواء.

في وسط تلك الصخور، الفتى الصغير كان يفتح عينيه على مصراعيها.

“ هذا المنظر … بديع بحق ”

كانت تلك هي فكرته الأخيرة، قبل أن تصيبه الرياح الحادة و تقطع جسده كالشفرات.

أصابه هجوم سريع و غير مفهوم.

باام! بااام! بااام!

البقايا الصخرية كانت تتساقط في الحلبة.

في أطراف الحلبة، يمكن رؤية فتى يضع حدَّ سيفه في الغمد.

لم يتم إدخال السيف في الغمد كاملاً.

واقفًا في منتصف الحلبة، كانت عيونه غير مركزة.

سيلفر، فتى مكافح و يثق في دفاع دائمًا.

دفاعه المطلق المحيط به في نهاية كل معركة، إنه الأن يتناثر في الهواء كبقايا رملية وسط الصحراء.

تراجعت عيونه للخلف ببطئ.

كلانك!

قام يانغ دوغو بإغماد سيفه.

و في نفس الوقت، سقط سيلفر عبر أرضية الحلبة الباردة.

كان الحكم صامتًا قليلاً، و حتّى الجمهور.

“ الفائز في هذه المعركة، إنه يانغ دوغو! ”

مع كلمات الحكم، صرخ الجمهور من وراءه في إثارة.

بعد سماعه كلمات الحكم، إبتسم يانغ دوغو مرتاحًا.

“ … لقد فزت ”

بتفكيره هكذا، ظهرت جراح عديدة على جسده فجأة.

تدفقت الدماء، و شعر بالألم الحاد يصيب جسده، ثم سقط أرضًا فاقدًا الوعي.

عاصفة سيف الذات وحدها مُنهِكة بالفعل، لكنه قام بإستخدام سيف الرياح القاطع أيضاً.

كان ذلك أكثر مما يستطيع تحمله.

2024/11/13 · 16 مشاهدة · 3538 كلمة
نادي الروايات - 2025