53 - الفصل 53: الأشياء تبقى كما هي، لكن الناس يتغيرون (5)

الفصل 53: الأشياء تبقى كما هي، لكن الناس يتغيرون (5).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

سووش!

“ أريد أن تأتي معي إلى مكانٍ ما ”

بينما كان يتدرب في مقتبل الفجر مع سيفه بين يديه، جاءت كلمات مثل هذه من فم الفتاة الشابة الجالسة خلفه.

“ إلى أين؟ ”

فتح ديو فمه، لكن تركيزه على سيفه لم يتلاشى.

سووش!

كانت كل حركة يقوم بها فائقة السرعة، فائقة الدقة و القوة.

الهواء المحيط به كان ينقطع بسلاسة و بدون مقاومة.

و عندما يتوقف سيفه بالقرب من الأرض، زخم القطع كان كافيًا لـ رمي التربة و الصخور القريبة بعيدًا.

“ … لا يمكنني القول ”

صوتها الهادئ دخل أذنيه.

عندما نظر إليها، كانت عيونها الحمراء مملوءة باليقين، و لكن، لمسة من التردد يمكن ملاحظتها.

وجهها كان هادئ بلا ريب، كان صحيحًا بالتأكيد، لكن لماذا …

لماذا كان يستطيع رؤية الإرتباك في تعابيرها؟

“ … حسنًا ”

مع تعابير مدروسة، توقف ديو عن تدريبه، و وافق على المشي مع تشاي نايون، مهما كان المكان الذي أرادت أن يذهب معها إليه.

كانت هناك ضجة كبيرة في الأكاديمية، حيث كان هناك حادثة غير مسبوقة.

تم الغاء الاختبار الأخير من اختبارات القبول.

بدلاً من ذلك، تم فرز نتائج الطلاب جميعًا في إختبار كتابي، تقييم حول قدرات السلالة خاصتهم، دربهم القتالي، و إجراءات بسيطة مثل تقييم القوة و السرعة و ما إلى آخره.

شكاوي كثيرة تم قولها، لكن تم اسكاتهم ببضعة كلمات من الهيئة التعليمية.

“ سلامتكم أهم بالنسبة لنا من مثل هذه الأمور، بسبب بعض الظروف، من غير الممكن القيام بالاختبار الثالث، لأن القيام به يعني التعرض للخطر ”

“ نحن لا نعرف كيف ترون العالم أو ما قيمة الإختبارات لكم، لكن أفضّل ترك منصبي و العيش متشردًا على أن أعرِّض طلابي للخطر ”

هذه الكلمات التي قالها الأستاذ المشرف ديوس كانت غير متوقعة، حيث أن الإنطباع الخارجي عنه كان أنه بارد بلا رحمة.

الطلاب الذين أدركوا خطورة الموقف، بذلوا جهودهم في الإختبارات الكتابية، التي كانت على عكس توقعاتهم تختبر فهمهم العملي تجاه مواقف قد تحدث في دربهم الخاص و قدراتهم كأفراد.

فقط من هذا، يمكن معرفة الجهد المبذول في ذلك، حيث كانوا قد جمعوا المعلومات حول جميع الطلاب.

على أي حال، بدون مفاجئة كبيرة، دخل ليون و المجموعة إلى الفصل (D).

كان ليون يشتمهم كما لو كانوا قد قتلوا عائلته.

“ أموالي! أموالي العزيزة، أعيدوا لي أموالي أيها الحقراء أبناء الساقطات-!! ”

خطته التي كان يريد تنفيذها في الإختبار الثالث فشلت، حيث أن الإختبار الثالث و الأخير تم إلغاءه.

كانت تلك ضربة غير متوقعة لخطته في إبتزاز- آحم! ليس ذلك، بل إمساك، صحيح، إمساك أموال الطلاب الآخرين!

“ … بالطبع، أليس كذلك؟ ”

“ … من المستحيل أن تسري الأمور بسلاسة كما توقعت، كان علي توقع ذلك، اللعنة ”

“ هذه هي ضريبة محاولة سرقة الآخرين … هل هذا ما يريدون قوله لنا؟ ”

“ كنتُ أريد شراء ثيابٍ جديدة … ”

“ إبتسم للحياة، الحياة تبتسم لك و تقاضيك بتهمة التحرش … ألم يكن ذلك هو المثال؟ ”

“ الفقير سوف يبقى فقيرًا … لم نولد من أجل أن نصبح أغنياء أصلاً … ”

بينما لم يكونوا يشتمون مثلما كان ليون يفعل، الآخرون كانوا يحدقون في النمل الذي يتحرك بـ اكتئاب، بينما يحاولون مواساة بعضهم البعض.

ما عدى الثلاثي الصامت، الجميع و حتّى ليليث كانوا مكتئبين.

“ لا بأس … لا بأس يا رفاق، هذا ليس مهمًا، أليس كذلك؟ لقد حققنا هدفنا الرئيسي ”

“ السيدة الشابة ليليث … أنتِ دخلتِ الفئة العليا، أليس هذا جيدًا أيضاً؟ ”

حاول لويد مواساة الآخرين.

“ لا بأس … أنت تقول؟ ”

“ هدفنا؟ اللعنة عليك أنت و الهدف! أريد أموالي! ”

“ أن أشبع فقري و أتذوق حياة الأغنياء قليلاً ليس مهمًا؟ ”

“ أنت مجرد فلاح فقير راضٍ عن فقرك، كيف لك فهم آلامنا؟ ”

“ سيدي الشاب لويد، هناك حدود للوقاحة … إعتقدتُ أنك كنتَ شخصًا محترمًا، لقد دخلتُ بالفعل الفصل (A)، لكن بأي ثمن؟ أموالي العزيزة الثمينة … أنا لن أراها مرة أخرى ” قامت الشابة المسكينة بمسح دموعها.

بطبيعة الحال، قوبلت نواياه الحسنة بـ الكلمات الحادة من قِبل الجميع.

فقط سيلينا و تشاي نايون كانوا غير مهتمين.

إذا وضعنا ليليث جانبًا، التسعة الأخرون دخلوا إلى نفس الفصل.

منذ تلك الحادثة، كانت أربعة أيام قد مضت بالفعل.

لم يحدث شيء مهم في تلك الأيام.

لا شيء غير تواصل ليون مع الفصل، لا، لم يكن تواصلاً، لقد كان “إستعبادًا” بشكلٍ حرفي.

منذ تحديد الفصول، كان الضجيج حول الكثير من الأمور قائمًا في الممرات و الفصول.

دخول ليون، الطالب المعترف به علنًا أنه أقوى طالب في السنة الأولى إلى الفصل (D)، و حتّى المخبول بالإثارة لوغان هيرميس دخل إلى نفس المكان.

السياف الشاب الموهوب ديو أنتاريوس، الظروف التي تسببت في إلغاء الإختبار الأخير من امتحانات تحديد الفئة.

خبر نجاة الفتى غير المحظوظ من عشيرة الليل الأبدي، دخول بايك كانج وو إلى الفصل (C)، العلاقة الغامضة بين ليون و أميرة كرونوس، ليليث.

رغم مضي الأيام بالفعل، إلا أن الكثيرين لم يتأقلموا مع التغييرات التي حصلت في حياتهم.

الشيء الوحيد المؤكد كان أنهم بدأو حياتهم الجديدة كـ طلاب في هذا المكان.

“ … المكان صاخب بالفعل ”

بينما كان يمشي في صمت وحيدًا، تمتم ديو بصوتٍ خفيض.

لم يعرف لماذا، لكن طلبَت منه تشاي نايون أن يلتقي الإثنين بالقرب من نافورة الحديقة بجانب الأكاديمية.

كانت الحديقة مكانًا للإسترخاء، حيث كان الجميع يتبادلون أطراف الحديث للتخلص من إرهاق يوم طويل.

لم يكن هناك يوم دراسي، و كان آخر أيام العطلة.

غدًا هو أول يوم دراسي رسمي.

“ … عندما سمع الآخرون ذلك، قالوا لي أن أرتدي ثيابًا لائقة بعيون واسعة، حتّى أن لوكي أعطاني ثيابًا فاخرة بـ نظرة غيورة كما لو كان غير راغب، هذا مزعج … لكن حسنًا ”

لم يكن ديو غير مدرك للبيئة حوله، كان من الواضح ما هو سبب دعوة إمرأة لـ رجُل للتجول و التسكع معًا.

بالطبع، لم يكن يريد القفز نحو الاستنتاجات من دون دليل ملموس، ربما كانت نواياها غير ما يعتقد أنه، لذلك فضّل الذهاب بزي الطالب الرسمي.

لكن رفاقه كان لهم رأي آخر.

و هكذا، بطريقةٍ ما، إنتهى به لـ لفت الأنظار بـ مظهره في الحديقة.

ربما هذا ما أعتقده حقًا؟

هزَّ رأسه في رفض.

لا، ربما ليس كذلك البتّة.

ربما …

عاد الأمل في عينيه، قبل أن ينطفئ، و تتكرر العملية.

لكن، ديو كونه ديو، لم يلاحظ ذلك.

“ … من هو هذا الشاب الوسيم؟ ”

“ هل رآه أحدكنَّ من قبل؟ ”

“ إنه ذلك الشاب … السياف ديو أنتاريوس، ذلك السياف الموهوب الذي أظهر قتالاً مذهل في معركة الإختبار الثاني ”

“ إذا كان موهوبًا لهذه الدرجة … لماذا هو في الفصل (D)؟ ”

“ كيف لي أن أعرف؟ آاااه، لو لم يكن محجوزًا بالفعل، لـ كنتُ قد إستغليت الفرصة بالتأكيد! ”

كانت الفتيات الشابات يتهامسنَ فيما بينهن، بينما يسرقون نظرات على ديو الذي كان يقف بجانب النافورة.

في إعتقادهن، كان ديو و تشاي نايون في علاقة بالفعل، لذلك لم يستطعن أن يستهدفوه كشريك.

بسبب سوء فهمٍ كهذا، تم إنقاذ ديو من معركة وحشية حيث تُراق الدماء.

“ … آسفة على التأخُر ”

بينما كان عقله في معركة حامية الوطيس، سمع ديو صوت فتاة خلفه.

استدار نحو الصوت، و ما رأته عيناه جعلته يقف في ذهول صامت.

شمس الصباح كانت تذيب الثلوج الباقية ببطئ، إنعكاس الضوء على مياه النافورة جعل الرؤية صعبة بعض الشيء.

بالقرب من النافورة كانت واقفة، حيث أطل ضوء الشمس بـ نوره عليها، شعرها الأشقر رفرف مع رياح الشتاء الأخيرة في هذا العام.

عمّ الصمت المنطقة.

أناقة ديو و مظهره تسببوا في الضجيج.

لكن هذه الفتاة الشابة، ظهورها فقط جعل المكان بأكمله يقع عليه الصمت.

كانت جميلة … لا، إنها الجمال بعينه.

عيونها الحمراء كانت وامضة بينما فتحَت فمها.

“ هل أنت بخير؟ ”

صوتها غير العاطفي كان كما هو دائماً.

كلماتها جعلت الوقفة المفاجئة تختفي، حيث عاد الناس لـ رشدهم.

“ اممم، سعال! نعم! نعم أنا بخير! ”

مع إدراكه لـ صوتها القلق، أجاب ديو على الفور.

قد لا يلاحظ الأخرون ذلك، لكنه سمع القلق بـ شأنه في صوتها عندما قامت بسؤاله.

“ على أي حال! هل نذهب الآن؟ ”

مدَّ يده نحو الشابة تشاي نايون كما قال بـ بعض التردد.

خطوة جريئة لا يقوم بها ديو عادةً، أراد تجربة الأمر.

كان ذلك هو الإمساك بـ يدها.

“ آممم ”

أومأت تشاي نايون بـ رأسها، و أمسكَت بيده.

عندما يكون الجو باردًا، الإختلاف في درجات الحرارة يكون واضحًا كما وضوح الشمس في منتصف الظهيرة.

عندما تلامست يد الفتاة الشابة و الصبي الشاب، حرارة أجسادهم كانت تنتقل عبر يديهما.

في البداية، كان مجرد تلامس خفيف، بعدها تم الإمساك بـ شجاعة قليلة.

بعد التخبط لـ بعض الوقت، أمسك الإثنان بـ أيدي بعضهما البعض في صمت.

لم يتحدث الإثنان بـ كلمة واحدة.

قاما بالمشي هكذا وسط ضجيج الناس و محادثاتهم.

عندما تم إكتساب الشجاعة أخيراً، تشابكت الأصابع، بينما مشى ديو و نايون معًا.

كل منهما شعر بالدفئ النابع من الآخر، غير مدركين للضجة حولهم.

فقط إبتسامة صغيرة وجدت طريقها إلى وجه ديو.

فتى شاب يحب السيف، فتاة شابة عاشت حياتها مع السيف.

كانوا في العادة يتدربون بالسيف بدلاً من التجوال في الأرجاء معًا هكذا.

لكن مهلاً، ماذا يمكننا أن نقول؟

البشر ليسوا أشيائًا تعمل بطريقة محددة، ليسوا مخلوقات يمكن توقعهم أو فهمهم.

إنهم يكبرون، يتفاعلون مع العالم حولهم، يتغيرون و يستمرون في النمو.

حتّى القساة لهم جانب ناعم من ذواتهم، الطيبون أيضاً لهم جانب قاسٍ من أنفسهم.

و مثل كل البشر حيث يفعلون أشياء غير معتادة عن أنفسهم، كان هناك إبتسامة غير واضحة على شفتي الفتاة الشقراء.

بينما كانت أصابعها متشابكة مع أصابع زميلها، معلمها و الشخص الذي رغبَت أن ترى سيفه يلمع، شعور غير مألوف إجتاح فؤادها.

كان ذلك الشعور يسمى، “راحة البال”.

ــــــــــــــــــ

“ ها! ”

سووش!

قوة غير طبيعية قليلاً تم قطع الهواء بها، حيث كان الشاب الأشقر ممسكًا بسيفه.

العرق المتدفق من جبهته كان دليلاً على تعبه العميق، لكنه لم يتوقف.

“ … ليس بعد ”

ضعيف، مثير للشفقة مقارنةً بتلك التلويحة.

كان وجهه عابسًا، حيث لم يكن راضيًا عن أدائه.

كان هناك الكثير في عقل الشاب هذه الأيام.

موهبته التي زادت من غير أن يعرف لماذا، القوة الساحقة لـ ليون و المجموعة مقارنةً به، الأحداث المتغيرة في الأكاديمية بذاتها.

لم يكن من الممكن له فهم كل شيء بالتفكير وحده، و من دون أن يعرف، كان مستيقظًا منذ الفجر يتدرب حتّى الأن.

لكنه لم يتدرب في مكانٍ معزول.

“ أليس ذلك هو الإبن الفاشل لـ عائلة نيكولا؟ ”

“ هيهيهي، من المضحك مشاهدته يتدرب بجد هكذا، هل يعتقد أن أي شيء سيتغير بالجهد وحده؟ “

“ همف، إن كان الجهد يكفي للتغلب على الموهبة، لماذا يكون في العالم ضعيف و قوي؟ إنه كفاح لا معنى له! ”

“ أنظر إليه فقط، كان هناك شائعات أن رئيس عائلته خائب الأمل منه بشدة، و ربما يسحب منه لقب مرشح رئيس العائلة ”

“ هذا من المنطقي، في النهاية أي شخص سيفعل المثل، هل ستضع أملك في موهبة متوسطة مثله؟ لا أحد عاقل سيفعل ذلك! ”

إرتجفت شفاه فرناندو قليلاً كما زاد عبوسه.

كان منزعجًا من كلام الناس.

“ لكن ما يزعجني أكثر هو أن كلماتهم لا يزال لها تأثير على قلبي ”

قلب صافٍ و عقل خالي الهموم، كيف يكون الحصول على تلك العقلية الثابتة سهلاً؟

سواء كان يرغب بذلك أم لا، كلمات المشاهدين من الجانب كانت تخترق أذنيه.

كان مزعجًا، كان مزعجًا حقًا لكن .....

سووش!

أرجح سيفه بقوة، لكن تلويحته هذه كانت أكثر تناسقًا و سلاسة من السابق.

لا بأس.

مع الوقت سيعتاد على الأمر.

يجب أن يركز عقله على سيفه، ما سوف يؤلمه أكثر هو أن يتم تركه في الخلف.

الآخرون كانوا يزدادون قوة، في إعتقاد فرناندو السابق، ليون و الأخرون أقوياء بما فيه الكفاية.

لكن كيف، كيف يمكنه رؤية عدم الرضا الواضح من وجوههم أثناء التدريب؟

لم يكن ذلك تدريبًا، لقد كان بالأحرى “تعذيب”.

لوغان، تشاي نايون و فرناندو نفسه لم يستطيعوا تحمل تدريبهم، ومع ذلك قاموا بالتحمل قدر الإمكان.

تشاي نايون أكملت فنون السيف الخاصة بوالدها، لوغان قوي في الأصل، لكنه يدفع نفسه أبعد حتّى.

و هناك سونغ وو جين، الذي أتى قبل يومين للتدريب معهم، و كانت الفجوة بينهم تتسع.

ليون كان قويًا جدًا منذ البداية، لوكي و لويد، ديو و رافاييل أيضاً.

لكن هؤلاء الرفاق ....

“ إنهم يكبرون و يزدادون في التحسن حتّى مع كونهم أقوياء ”

إن كان مثل هؤلاء الأشخاص يتدربون كما لو أن الغد لن يأتي، هل سيكون لدى فرناندو أي وجه يقابلهم به إن لم يبذل قصارى جهده؟

إزدادت موهبته قليلاً، لكن هذا هو كل ما في الأمر.

الوحيد الذي لم يتحسن هو فرناندو، قد يجادل أي شخص أنه لن يتحسن في يوم واحد فقط أو يومين.

لكن ماذا في ذلك؟ من الصحيح أن الشخص لن يتحسن بسرعة و سهولة، لكن هل عدم الحصول على النتائج بسرعة عذر لعدم التدرب بأقصى جهده؟

فرناندو كان يفهم ذلك.

إختار التدريب وسط الناس لأنه يعلم أنهم سيسخرون منه، لأنه يعرف ما سيتم قوله.

هكذا سوف يعتاد.

لقد كان مع هؤلاء الرفاق لفترة قصيرة، و كان يراقب ظهورهم.

بكل تأكيد، من الجيد أن يكون هناك من يحميه و يعتمد عليه.

لكن، هذا بالنسبة لباقي الناس فقط، الذين استسلموا عن تقوية أنفسهم سيكونون سعداء.

فرناندو شعرَ بأنه عبئ بدلاً من ذلك.

من أجل أن يصبح أقوى، عليه أن يتغير.

كان لدى فرناندو عيوب، و كان للأخرين عيوب.

هذا صحيح بالتأكيد.

ولكن مع ذلك …

“ ومع ذلك، لا بأس، بكل تأكيد لست قويًا جدًا، لكن لا بأس، القوة لا تأتي بسهولة، لكن لا بأس، لن أستسلم فقط لأن وضعي أسوء قليلاً ”

سوف أقبل أخطائي و لن أقوم بإنكارها مرة أخرى، لن أقوم بإغماض عيوني عن ما هو أمامي.

سوف أتعلم و أتطلع نحو الأمام.

على الناس قبول عيوبهم حتّى يتغلبون عليها، الذين يسخرون من الآخرين لا يستطيعون فهم ذلك، لأنهم فضَّلوا الهرب و إيجاد سعادتهم من خلال التقدير بين الناس.

كان فرناندو مثلهم، هو ليس مختلفًا.

لهذا السبب كان يجب أن يتغير.

لن يحصل ذلك بسرعة، قد يطول الوقت قبل حصول ذلك، لكنه سيتغير بالتأكيد.

سوف تأتي اللحظة عندما يصبح سيفه قويًا أيضاً.

مازال الوقت مبكرًا على ذلك، إنها بداية الطريق.

لا بأس من ملاحقة ظهورهم لفترة أطول.

لكن يومًا و بكل تأكيد.

سوف يأتي الوقت عندما لن يعود مراقبًا لظهورهم بينما يقومون بكل شيء نيابةً عنه.

و على عكس السابق .....

سوف يمشون معًا، حيث كانوا يدعمون بعضهم البعض.

ـــــــــــــــــــــــــــــ

في المجمع التجاري للأكاديمية.

“ لا تخجلوا لا تخجلوا! لدينا أجود أنواع الأسماك من المحيط الأزرق الشمالي و حتّى بحيرة العبق الصافي! أسعارنا في متناول الجميع! ”

“ [إيجو] زعانف البحار! مع هذا [ الإيجو] يمكنك السباحة كما لو كنت في البحار طول حياتك! سعر رخيص و جودة ممتازة … فقط 130 حجر إيجو! ”

“ هنا هنا، ثياب من أجود الأنواع! أيها الطلاب، أنتم مازلتم يافعين و في أوجِ جمالكم، أبهروا أقرانكم مع مجموعة ثيابنا الراقية! ”

الأصوات العالية يمكن سماعها في المكان، حيث كان التجار من الأكشاك والمتاجر المختلفة يجذبون الزبائن.

كانت أكاديمية ضوء القمر تشغل مساحة كبيرة جدًا، و كانت تحتوي على أقسام كثيرة و عديدة، و ليس فقط أقسام للدراسة.

هناك المتاجر، المستشفيات، المباني السكنية و أقسام أمنية و غيرهم الكثير.

كانت تبدوا كـ مدينة أكثر من كونها مؤسسة تعليمية.

في مجمع السوق، كان يتم بيع الكثير من الأشياء المتنوعة، حيث لا يتم البيع للطلاب فقط، بل و أيضاً جميع العاملين في الأكاديمية.

كان هذا شيئًا آخر تميز هذا المكان به دون غيره، إنه التمسك بالطبيعة البشرية السليمة بدلاً من آداب و قوانين الأماكن الأخرى الصارمة.

كان التواصل هنا ودّيًّا.

مشى لويد و سيلينا في صمت.

لم يحب الإثنان الضجيج في العادة، لكن كان هناك جاذبية غريبة في ضجيج المكان.

“ إنه مليئ بالحيوية ”

تمتم لويد في إعجاب، أومأَت سيلينا رأسها في موافقة، بينما عيونها تتجول في المكان.

الأدوات، السمك، الثياب، المتاجر و الأكشاك كانت تختلط معًا لـ خلق صورة بديعة تترك المرء في رهبة.

البعض كانوا يساومون، البعض خرجوا من المتاجر متجهِّمين، البعض الآخر دخلوا آملين الحصول على ربح.

“ لنذهب ”

قبل بعض الوقت، إقترح ليون على الإثنين الذهاب للسوق معًا.

ماذا كانت حجته؟

“ أليس من المزعج محاولة التواصل بصمت هكذا؟ و من المتعب أكثر كتابة كل ما تريد زوجة أخي قوله في دفتر، هناك بعض الأدوات يمكن أن تقوم بـ تسجيل الأفكار و إستخراجها، هذا سيجعل تواصلكم أسهل ”

بينما كان يلعب بالكرة مع الآخرين، إقترح ليون بـ صوت ممل.

“ … هذا ليس سهلاً، المشكلة أن مثل هذه الأشياء ليست رخيصة، و لم أحضر معي أي أموال ”

“ لا بأس، ليون سوف يعطيك ”

لوكي الذي كان يقرأ كتابه أجاب بهدوء، لم يعتد بعد على هواية القراءة، لكنه بدأ بالانغماس في متعة الأمر.

إبتسَم لنفسه قليلاً، لا بدَّ أنني أبدو رائًعا الأن ....

“ لوكي، الكتاب مقلوب ”

“ عليك البول ”

“ لما أعطيه المال؟ أنا لستُ والده حتّى ” متجاهلاً سخط لوكي، قال ليون بإنزعاج.

“ أنت تدين له بـ ثيابه التي مزقتها، و تدين لـ ديو بـ سعر سيفه الصدئ أيضاً أيها الوغد الناكر للجميل ”

لم يكن هناك حاجة للتعريف بـ قائل هذه الكلمات.

“ … تسك! حسنًا، خذ يا لويد، لا تقم بإعادة الباقي، لكن في المقابل، لا تنسى الإستمتاع و إلا سوف أجعلك تفلس لـ باقي الشهر! ”

“ لما شهر واحد؟ و أيضاً لا دخل لك بذلك، أنت قلت أنك لست والده؟ ” كان رافاييل في حيرة قليلاً.

“ أنا لست والده، لكنني أخوه الأكبر، هذا فخري كـ أخ، هيه ”

“ … يا أخي، الفرق بينكما مجرد شهرين، و أقل من ذلك حتّى بيننا ”

“ صوتك لا يعلوا أمامي أيها الطفل راف ”

“ حسنًا حسنًا يا كبير ~ ”

تصريفة متوافقة مع شخصية رافاييل الأبوية التي أتت من اللامكان.

تاركًا إياهم يتجادلون على نتيجة المباراة التي لعبوها، أخذ لويد معه كيسًا مليئًا بأحجار الإيجو.

و بهذه الطريقة، إنتهى بالإثنين يتجولان في المتاجر بحثًا عن [ إيجو الأفكار المكتوبة] الذي رشَّحه ليون للإثنين.

كان ذلك [الإيجو] متخصص في جانب الأفكار، و هو من المستوى الأول، حيث يشبه شكله لوحًا أبيض اللون، و له شق طويل في الوسط يشبه الصندوق.

عندما يتم ضخ الطاقة السحرية فيه و التفكير في شيئٍ ما، يتم تخزينه في اللوح.

إن له طريقتين في الإستعمال، إذا تم وضع كتاب داخل الشق الطويل الذي يمكن فتحه، يتم تسجيل كل الأفكار في الكتاب، و الأخرى ببساطة تسجيل الأفكار في الجانب المعاكس للإيجو.

“ مرحبًا بكم في متجرنا! كيف لي مساعدتكم أيها الزبائن؟ ”

دخل الإثنان إلى متجر مكتوب أمامه إسم [ بائع الأفكار الشاملة]، على ما يبدوا كان هذا المتجر يبيع الأدوات و الأسلحة المتعلقة بالأفكار.

تم إستقبال الإثنين من قِبَلِ رجل في منتصف العشرينات.

عندما رأى صاحب المتجر الزي المدرسي للطالبين، سارع على الفور في استقبالهما، حيث أن جميع طلاب الأكاديمية هم زبائن ثمينون، و من الغباء عدم إثارة إعجابهم.

“ … مرحبًا، أمل أننا لم نقاطعك عن عملك يا سيدي ”

استقبله لويد في المقابل بأدب شديد، حيث كان قلقًا من أنه أزعج التاجر.

فتح صاحب المتجر عينيه مصدومًا قليلاً، لكنه هز يديه بالرفض بسرعة، “ لا، لا يوجد أي إزعاج! على العكس، أنا سعيد أن لدي زبون بعد وقت! كما ترى … لا يوجد إقبال كثير على متجرنا هنا ”

كانت إبتسامة البائع مريرة مع انتهائه من كلامه.

“ على أي حال … أنا فضولي قليلاً حول ما يريده الزبائن المحترمين؟ ”

“ في الواقع، أنا أبحث عن [ إيجو الأفكار المكتوبة] إن كان لديك ”

“ أسف لـ قول هذا أيها الزبون، لكن مثل هذا الإيجو ثمين و مرغوب في السوق، حيث أن الطلب أعلى من العرض، لا يأتي إلى السوق إلا و تم شراءه على الفور ”

“ … هكذا إذاً ”

كان صوت لويد خائبًا قليلاً، كان هذا خامس متجر يزوره الإثنين، لكن لم يجدوه بعد.

لماذا قام ليون بـ ترشيحه لهما إذا كان من الصعب الحصول عليه في المقام الأول؟

كان لويد عابسًا قليلاً، يقوم ليون بالمقالب في بعض الأحيان، لكنه لا يمزح في مثل هذه المواقف، فلماذا قام بـ قول أن عليهما البحث عن هذا على وجه الخصوص؟

نظر إلى سيلينا كي يحاول الإعتذار عن الإزعاج، لكن … ما رأه هو وجه فتاة شابة تحدق في الأنحاء بفضول.

تم أخذ لويد على حين غرَّة، كان يعتقد أنها قد تعبَت … لكن من شكلها، كانت تبدوا مستمتعة.

“ … سيلينا؟ ” من دون قصد، خرج إسمها من فمه.

عيونها السوداء العميقة توجهت نحو لويد الذي نادى عليها، أمالَت رأسها نحو الجانب قليلاً متسائلة.

ما الأمر؟

كما لو أنها قالت مثل هذا الشيء، إبتسامة صغيرة وجدت طريقها إلى شفتيها.

“ … لا شيء ”

تجنب لويد عيونها الجميلة لـ سببٍ ما، كان المنظر ألطف مما يستطيع تحمله، في تلك اللحظة، الإدراك بزغ في ذهن الفتى الشاب.

كان يحاول عدم جعل سيلينا تتعب، تركيزه أكثر من اللازم جعله يبحث محمومًا في المتاجر، و نسي الإستمتاع بنفسه.

كنتُ قلقًا من أن تنزعج سيلينا، لكنني نسيت أن التجول هنا معًا يكفي، كيف نسيتُ هذا!

صفع لويد جبهته عندما شعر بغبائه.

عيونها أصبحت واسعة من القلق!

عندما سمعَت سيلينا صوت الصفع القوي، وجدت نفسها مسارعة نحو لويد ممسكةً بـ وجهه مع تعبير قلق.

ماذا بك؟ هل أنت تشعر بالتوعك؟

نظراتها تحكي كل شيء.

“ لا … لقد كنتُ قلقًا من أنكِ لا تستمتعين برحلتنا … بما أننا لم نحصل على ما نريد بعد ”

قال ذلك بـ صوت مهتز قليلاً، إمساكها بوجهه جعله يشعر بالحرج إنعكاسيًا، لكنه لم يقم بإبعاد الوجه عن يدها خشية أن يؤذيها بدون قصد.

أراد تجنب قول ذلك، لكن وجهها القلق جعله يشعر ببعض الذنب.

لم تقم الفتاة بتنحية يدها عن لويد.

بعد النظر إليه قليلاً، إبتسامة ساخرة ظهرت على وجهها بينما تغطي فمها بيدها الأخرى كما لو كانت تحاول منع نفسها من الضحك.

“ ما الأمر المضحك؟ ”

تساءل لويد مع علامات الإستفهام في رأسه.

اختفت الابتسامة الساخر من وجهها و تم استبدالها بوجهٍ باسم لطيف، قامت بـ تنحية يدها عن وجهه.

أشارت نحو لويد، ثم أشارت نحو نفسها، قامت بعدها بوضع كفيها معًا.

أنت، أنا، معًا.

مع اتساع ابتسامتها، أشارت نحو المكان، ثم قامت بحركة تشبه الهتاف بيدها.

المكان، مرح.

ربطَت يديها معًا، قامت بإظهار عبوس، و علامة رافضة، تعبير مرح بعدها، ثم قامت بهز رأسها في الموافقة.

معًا، إنزعاج، لا، فرح، نعم.

ثم نظرَت إلى لويد بإبتسامة توبيخ، و بحركة من أصابعها تشبه الكلام، و علامة إكس في يديها، هزت رأسها برفض قاطع.

كلام محزن، لا.

بعد أن قامت بذلك، لهثَت قليلاً و حدقت في لويد.

“ … أنا آسف ”

صاحب المتجر لم يفهم معظم حركاتها، لكن لويد فهم كلامها بالكامل.

بمعنى أخر: كان التجول معك في المكان ممتعًا، هذا لأننا نتجول معًا، لم أشعر بالملل، لا تقل هذا الكلام الحزين مرة أخرى.

من الواضح أن لويد سوف يعتذر.

هزت سيلينا رأسها من جانب إلى آخر.

لا بأس.

“ ليس لدينا ما تبحث عنه بالضبط أيها الزبون المحترم … لكن لا يعني ذلك أنه ليس هناك بديل ”

إبتسم مالك المتجر نحو الشابين الصغيرين، من الجميل أن يكون المرء صغيرًا.

“ بديل؟ ”

“ نعم أيها الزبون المحترم، ما رأيك في إلقاء نظرة على ما في المتجر؟ من يدري، قد تجد ما تبحث عنه أيضاً ”

في العادة، كان التاجر يسأل زبائنه عن غرضهم حتّى يساعدهم، لكن هذين الإثنين، بطريقة ما كانا زوجًا لطيفًا، و لم يرغب بالتطفل عليهما.

بما أنهما فضوليين بشأن المكان، من الأفضل إعطائهم مساحة للإنفراد ببعضهما.

“ وقتًا سعيدًا ~ ”

بمثل هذه الكلمات الغامضة، ترك الاثنان وحدهما ودخل إلى الغرفة الأخرى من المتجر.

كان على رؤوس الإثنين علامات إستفهام.

لم يفهموا التغير السريع في شخصية صاحب المتجر، لكنهم نظروا في المكان على أي حال.

في هذه اللحظة، تم تشغيل إحدى طباع لويد، هوسه تجاه القطع الغريبة كـ شخص متخصص في اللغات القديمة.

“ اوه! أنظري إلى هذا يا سيلينا، مكتوب هنا أنه يستطيع حبس الأفكار المشتتة في مساحة داخل العقل مؤقتًا، هذا مذهل! ”

لويد بـ طبيعته متحفّظ و هادئ، لكن هناك بعض الحالات حيث يظهر حماسة كبيرة تجاه أمورٍ ما، و قد كان فضوله تجاه الإيجو ذات الإستخدامات الغريبة من بين تلك الأشياء.

“ هذا أيضاً! اوه و هذا! ”

كان يشير بحماسة من هنا إلى هناك، و هو يقوم بشيء لا يجرؤ عليه في العادة.

لقد كان يمسك يدها.

سيلينا التي كانت مذهولة لـ بعض الوقت من تحول شخصية لويد غير المعتاد، أغمضَت عيونها بـ لطف، و إبتسامة ناعمة كانت تزين وجهها.

“ … أنا أحب هذا الجانب العفوي منك أكثر ”

لو كانت قادرة على الكلام، لربما قالت تلك الكلمات.

لا، من الأفضل أنها لا تستطيع، لأنها لا تستطيع تحمل الإحراج من قولها في خضم اللحظة.

حتّى مع معرفتها له لمدة 3 سنوات، مازال هناك الكثير من الجوانب التي لم يقم الإثنان بإظهارها لبعضهما.

لكن هذا ليس سيئًا بالضرورة، التقارب هو شيئٌ يتم القيام به خطوة بخطوة.

في السابق لم يكن من الممكن حتّى تخيل التجوال معًا ببساطة، لكن أنظر إليهما الآن، لقد كانوا قريبين من بعضهما و أياديهم متقاربة.

كان هذا تقدمًا بطيئًا لبعض الناس، و تقدم كبير بالنسبة للاثنين منهما.

في المتجر البسيط من بين المتاجر العديدة، كان هناك شاب و فتاة ينظران حولهما.

أحدهما كان متحمسًا و يشير نحو الأشياء المعروضة بسعادة بينما يمسك بـ يد الفتاة الشابة.

الفتاة الشابة تركَت نفسها تنجرف مع التيار، حيث لم تقم بإبعاد يده الدافئة في برد الشتاء، و بدلاً من ذلك، كانت تبتسم بسعادة أيضاً.

كانت الشمس لا تزال في بداية ظهورها، حيث كان البعض النائمون القليلون لا يزالون في عالم الأحلام، و بعض الناس يشعرون بالكسل.

لكن بالنسبة للبعض الآخرين، امتلأت قلوبهم بالنشاط، حيث كانوا يتفاعلون و يضحكون معًا.

حتّى و إن كان حديث لويد و سيلينا من جانب واحد، فهو لم يخلوا من حيوية التواصل البشري.

كانت تلك الحيوية هي شعور التواجد مع شخصٍ يقدرونه.

2024/11/30 · 9 مشاهدة · 4058 كلمة
نادي الروايات - 2025