الفصل 54: العالم بارد جدًا على أن يعيش فيه الضعيف سعيدًا (1).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
شمس الظهيرة كانت تبعث حرارتها في العالم، حيث يتم مسح آخر أثار البرد شيئًا فـ شيئًا.
“ ممل … ”
“ راف، الجميع ذهبوا و تركونا هكذا، هل لديك لعبة أو شيء لـ فعله؟ ”
داخل الفصل الفارغ، كانت تنهدات ثقيلة تخرج من أفواه ليون و رافاييل.
بما أنه لم يتم منع الطلاب من التجول في الأكاديمية، وجد ليون و رافاييل نفسيهما في الفصل (D)، لكن لم يكن هناك أي أحد في المكان.
تركهما لوكي للذهاب إلى غرفة مجلس الطلاب، أما الأخرون كانوا مشغولين أو يتدربون.
هكذا بقي الإثنان بلا عمل أو شيء لـ فعله.
“ … ملل ”
“ ملل زائد ملل ”
“ ملل مضاعف ”
“ مللل مضاعف … زائد واحد ”
“ اوي! هذا غش! ”
“ ماذا نفعل حتّى … هذا غباء ”
“ تنهد … بذكر ذلك يا راف، لدي سؤال ”
“ إسأل إسأل، ليس كما لو أنك سوف تصمت على أي حال ”
“ إن وجدتَ شخصًا فَقَدَ كل ما لديه، ماذا ستفعل؟ ”
“ ماذا تقصد أنه فقد؟ المال؟ عائلة؟ ”
“ إعتبره شيئًا مهمًا، إن كان ذلك الشخص بين يديك، ماذا ستفعل معه؟ ”
“ هممم ”
وقع رافاييل في الصمت، حيث تعمق في التفكير.
عيون ليون كانت تحدث نحو الشمس في السماء من النافذة.
وجهه خالي من الإرتباك، بقيَت تلك العيون الدَّامية هادئة و ساكنة، و بصبرٍ كان ينتظر كيف سيجيب صديقه.
“ ربما أساعده؟ هذه ستكون أول فكرة قد تأتي على بالي ”
بدلاً من أن يقول الجواب الأفضل، بعد التفكير، فتح فمه قائلاً شيئًا قد يقوم به هو.
“ هيه ~ هذا يبدوا بالفعل مثل شيئٍ تفعله يا صاح ”
كما لو كان يتوقع إجابة رافاييل بالفعل، ضحك ليون.
“ بالنسبة لي، في العادة سوف أتجاهله فقط، لكن إن تصادف أن للشخص علاقة بي أو وضعه يؤثر علي … أقتلُه أو أستفيد منه؟ هذا أول ما سيأتي في بالي ”
“ حسنًا، إنه مجرد إختلاف في الموقف، و كل شخص يتصرف بحسب إهتماماته ” هزَّ رافاييل كتفيه ببساطة.
“ ليس لدي ما أجادلك به في هذه النقطة ”
“ لكن كما تعرف، البشر ليسوا مخلوقاتٍ يمكن توقعهم، في بعض الأحيان، يتوقع الشخص الذهاب لليمين، لكن ينتهي به الأمر إلى الذهاب نحو اليسار ”
“ حسنًا، الأشخاص ليسوا جمادًا في نهاية المطاف، بطبيعة الحال لن يبقوا أنفسهم السابقة لفترة طويلة ”
“ إذا كان الأمر كذلك، ألن يكون من الأفضل أخذ زمام المبادرة في بعض الحالات؟ ”
“ تعني أن يتغير المرء من تلقاء نفسه بدلاً من ترك الظروف تحكم على موقفه فقط؟ ”
وقف ليون بالقرب من طاولة المعلم، ممسكًا لوحًا خشبيًا و كرة.
“ بالمناسبة، ما هو إسم هذه اللعبة؟ ”
“ لا أعرف بالضبط … لكنها لعبة مشهورة في غرب القارة، داخل أرض السحرة، يسمونها كرة الطاولة؟ ”
“ هواه؟ هل ذهبتَ إلى غرب القارة من دوننا؟ ”
“ همف، تقول لي ذلك بعد أن كنتَ في الشمال طيلة الثلاث سنوات الفائتة؟ ”
في الجانب الآخر من الطاولة، ليون أمسك بلوحه الخشبي.
تاك!
تم ضرب الكرة نحو الزاوية البعيدة، و بسرعة مد رافاييل يده و أعادها نحو خصمه بإنحنائية مزعجة.
تاك!
“ بالضبط ”
تاك!
“ هممم، يا رجل، من النادر حدوث هذا ”
من دون إدراك من الإثنين، إزداد صوت ضجيج الكرة و سرعة إيقاع اللعبة كان يتسارع.
تاك! تاك!
“ ما هو النادر؟ أن لا تكون قصيرًا لدرجة أن الطاولة تكون عالية بالنسبة لك؟ اوووه هذه جيدة ”
تاك! تاك! تاك!
صوت النقر كان أقوى فـ أقوى، و قام الصوت العالي و المتكرر في سرعات متلاحقة بـ جذب الناس الفضوليين قليلاً.
من هو هذا الذي يثير صوت النقر في المكان؟
في البداية كانوا شخصين، لكن مع الوقت بدأ الناس الذين ينظرون نحو المكان بفضولية يزدادون.
“ هيه، لا أحكي عن هذا، لكن لا تقلق، الشيء الأكثر ندرة من ذلك هو إمتلاكك لـ عقل، هاااه، هذه كانت سلسلة، على أي حال، ما أقصده هو أنه من النادر أن نتفق ”
تاك—!
مع قول ليون لذلك، تم شد عضلات الذراع و قام بالضرب نحو العدو بقوة!
مع الريح الذي انتشر و صوت الاصطدام القوي، الكرة التي كانت ذاهبة نحو رافاييل بسرعة متزايدة بثبات أصبحت غير مرئية فجأة.
ما كان غريبًا هو عدم إنكسار اللوح الخشبي.
تخطَّت الكرة رافاييل بسرعة فائقة و كانت تتوجه نحو الحائط.
وفي تلك اللحظة.
تاك—!
إختفى الشاب ذو الشعر الكستنائي من مكانه فجأة، و ظهر على الحائط من اللامكان.
مع أرجله التي تم تثبيتها على الحائط، يده اليمنى التي كانت تحمل اللوح الخشبي تحرّكَت بسرعة.
تم إعادة الكرة إلى ليون بسرعة مضاعفة!
“ هاااب! ”
تشقلَبَ ليون في الهواء إلى الخلف، و مع تدوير جسده أفقيًا، قام بالضرب إنعكاسيًا.
تاك—!!
سوووش!
تم جرف الرياح بفعل اللوح الخشبي، و مع زخم تلك الريح، تم القيام بإرسال قوي في آخر الفصل.
حركة خسيسة تتمثل في إبعاد الكرة عن الخصم.
“ كما لو أني سأسمح لك! ”
داس رافاييل قدمه في طاولة التدريس، و قام بالقفز نحو آخر الفصل بسرعة.
في الهواء، في لحظة من الثانية كان رافاييل فوق الكرة الطائرة بالضبط.
حركة لا يمكن فهمها أو محاولة القيام بها، في الهواء فوق الكرة، قام رافاييل بالضرب أسفله إلى الخلف و جعل الكرة السريعة للغاية ترجع إلى الخلف.
تاك—!!
و مع شقلبة أمامية، وقف على قدميه فوق الكرسي،ثمّ حدَّق نحو ليون بإبتسامة متعجرفة في لحظة.
“ تسك! ”
لم يمر الأمر دون أن يلاحظ ليون ذلك و يقوم بالقفز و رماية الكرة نحو خصمه بانزعاج.
تاك!
“ بذكر هذا، ما هو الأمر الذي ظهر أننا نملك نفس الأفكار عنه من الأساس على عكس المعتاد؟ ”
تاك! تاك—! تاك—!!
أصواتهما مسموعة بكل تأكيد.
لكن بالنسبة للمشاهدين، ما رأته عيونهم لم يكن سوى بعض الظلال التي تتحرك يمينًا و يسارًا.
البعض يراقبون من النافذة، البعض الأخرون متكاثرين في الأعداد على الباب.
“ كيا~! الشاب النبيل ڤايرون، فز على هذا المتعجرف ليون! ”
“ ما! اووه! هيا ليون، لا تخسر! ”
“ الشاب الوسيم سوف يفوز! ”
“ تبدوا هذه اللعبة خطيرة … ”
كانت الفتيات الشابات يقُمن بتشجيع رافاييل.
برؤية شاب يحظى بتشجيع ساحق من قِبل الفتيات، أصبح رافاييل قبيحًا في عيون الأولاد، مما دفعهم إلى تشجيع ليون بضراوة.
لم يفهموا من أين أو كيف تأتي الكرة، لكن بشكلٍ حرفي كان صوت الكرة التي يتم ضربها عشوائيًا مخيفًا، و هكذا كانوا حذرين في المشاهدة.
“ كان لدي مثل هذه الفكرة أيضاً، التصرف عكس ما سأفعله في العادة، أعني ربما هناك معنى من ذلك في النهاية “
“ هل هذا صحيح؟ حسنًا، يمكننا فقط الانتظار لمعرفة ذلك ”
سووش! سووش! سووش!
لم تعد هذه مباراة ضرب كرة، لقد تحول الأمر إلى معركة وحشية فجأة.
“ هيه، لن تفوز أيها المخنث! ”
“ تقول ذلك بينما أكملتَ لتوِّك سن الرضاعة؟ ”
تاك—! تااااك—!!!
هدير الرياح كان يزداد بينما يختفي أحدهما في مكان و يختفي فجأة ثم يصبح شكله واضحًا قليلاً في مكانٍ آخر.
لم يكن هناك حاجة للحديث عن ضرر الكراسي و تطاير الأوراق حتّى.
ضوء أبيض رأه أحد الجماهير يتوجه نحوه في بغتة.
سوووش—!!
شعور بالخوف المفاجئ قد شعر به الطالب و وضع يديه أمام وجهه ثم أغلق عينيه كـ رد فعل أوَّلي.
لكن في تلك اللحظة من الثانية.
كان هناك شخص أمام الطالب، شعر أسود داكن يتشابه مع زيه المدرسي، قام بتحريك يده نحو الكرة قبل أن يختفي من أمام الطالب.
لم يراه الطالب الذي أغلق عينيه، لكن الأخرون فعلوا، حتّى و إن كان لـ فترة وجيزة.
“ هذه الضربة ستكون القاضية! ”
“ الكل أو لا شيء! ”
بطريقةٍ ما، توقفت الكرة في وسط الفصل الدراسي.
لحظة من الجمود قد سيطرت على البيئة، شعور كما لو أن كل شيئٍ أصبح بطيئًا.
الجميع رأى ذلك.
لوحين خشبيين كانا يتصارعان على تحريك الكرة العالقة بينهما.
تعابير الشابين كانت مليئة بصرير الأسنان و الرغبة في الفوز.
أحدهما يقف في كرسي، بينما يواجه ظهره ظَهرَ الشخص الأخر، الأيدي الممدودة في الهواء كانت تشكل علامة (V) مقلوبة و متشابكة مع بعضها!
لم يتحرك الهواء، و البيئة مليئة بالسُّكون اللحظي.
ثم.
الأيدي المتقاطعة في الهواء أكملت طريقها، إنكسرت الألواح الخشبية بينما تقدمت أيادي الشابين.
رأى الجميع كل شيء بالصورة البطيئة، لكن عقولهم لم تتدارك شيئًا.
كان العالم صامتًا.
و في تلك اللحظة.
توووووك—!!!!
بااااام—!!!
إنفجرت الرياح في الفصل بقوة مهولة.
“ إحذروا! ”
“ تجنبوا … تجنبوا الأمر! ”
“ اااااه! ”
تأثير الرياح اللاحق للتصادم كان كافيًا لترك الطلاب في ذهول، مما جعلهم ينسون حماية أنفسهم وانحرافهم في الهواء كنتيجة.
البعض طاروا بينما البعض سقطوا.
صوت الصدى كان قويًا لدرجة أن الزجاج في النوافذ قد إنكسر.
كلاك! كلاك! كلاك! كلاك!
شظايا الزجاج المكسورة تطايرت، لكن لسببٍ غريب، تم إبقاء مجال تطايرهم داخل الفصل فقط.
بسبب هذا، لم يصاب الطلاب بأذى.
غبار الرياح في الخارج تم إدخاله بسبب الزخم العكسي من إنكسار الزجاج.
سوووش—!
الكراسي تطايرت و الأوراق البيضاء تمزقت مع الزجاج المتطاير.
باااام!
الكراسي المتطايرة اصطدمت بالحائط.
كان من المفترض أن تتحطم.
لكن هناك شيء غريب.
سواء كان الحائط أو الطاولات و الكراسي، لم يتم تحطيمهم.
أكثر من ذلك، لم يكن هناك أي خدش عليهم.
تموج غريب في الفضاء، سواء كان على الحائط أو الأشياء يمكن رؤيته للحظة قبل الإختفاء.
الغرفة الكبيرة و التي تتسع لـ 85 طالبًا كانت في حالة من الفوضى.
الكراسي مبعثرة في الأنحاء، الزجاج في جميع النوافذ مكسور، الغبار المسبب للسعال موجود في الفصل و خارجه.
“ سعال! سعال! سعال! كيف … كيف حدث هذا بالضبط ”
“ كنتُ فضوليًا فقط … لكن لماذا هذين الشخصين أقوياء لهذه الدرجة ”
“ … مؤلم ”
“ هل تأذّى أي أحد … ”
الطلاب الذين تم جرفهم حاولوا الوقوف، لحسن الحظ، لم تكن هناك إصابات بين الطلاب.
عندما تم جرفهم، أجسادهم قامت غريزيًا بتدوير الطاقة السحرية في أجسادهم مما قام بـ تغطيتهم بطبقة رقيقة من الحماية.
كانت هذه الطريقة أبسط و أسهل شيء يمكن القيام به عندما يمتلك الشخص الطاقة السحرية، حتّى الناس العاديين، طالما يتأقلم جسدهم مع انفتاح مسارات الطاقة المؤلم في أجسادهم يمكنهم القيام بذلك.
الضجة قامت بجذب الناس.
فووش!
“ ماذا حصل؟ ”
“ هل هو هجوم؟ قفوا ورائي يا صغار! ”
“ قائدة! يجب علينا إجلاء الصغار أولاً إن كنا نريد إحاطة الأزمة! ”
مجموعة من الأشخاص ظهروا فجأة في المكان، كانوا يرتدون نفس زي الطلاب، مع إختلاف في لون النقش على صدرية القميص، مما يدل على أنهم طلبة كبار.
خمسة منهم كانوا بجانب الطلاب خارج أبواب الفصل، البعض الآخرون كانوا بجانب النوافذ، مع هالاتهم المتصاعدة و العيون الباردة تحدق في الداخل.
شعور خانق اجتاح المكان بسرعة.
بالقرب من الباب، كانت تقف امرأة شابة تحمل عصاةً طويلة سوداء في نهايتها كرة حمراء معدنية.
تعابيرها الباردة كانت تحتوي على صلابة وحزم على القتال، شعرها أزرق سماوي و عيونها كانت غريبة، القزحية لم تحتوي على حدقة، لونها أزرق سماوي ضبابي.
كان على يدها اليسرى ربطة فخمة، كان مكتوب على الربطة “قائد الإنضباط”.
هالتها الزرقاء كانت منتشرة في المكان كما لو كانت تؤكد هيمنتها، درجة الحرارة انخفضت في البيئة.
“ عرِّف عن نفسك، أو سيتم التعامل معك كتهديد! ”
صوتها مهيب جعل الحشود بين طلاب السنة الأولى صامتًا.
لم يتجرأ الطلاب الجدد على شرح ما حصل، و كانوا صامتين كالـ حِمال الوديعة خوفًا من أن يكون أحدهم محطَّ الأنظار في مثل هذا الموقف الشديد.
مع إنتهاء كلمات القائدة، الأتباع رفعوا أسلحتهم كتأكيد لـ خطورة الموقف، و في نفس الوقت، بدأ الغبار ينقشع عن الفصل، كاشفًا عن شخصين في الداخل.
“ هيا هيا، تحركي هناك … لا! ليس هنا، أيتها الكرة اللعينة! ”
“ لا لا … نعم نعم، هناك! اسقطي بجانبه، أنا لا أحبك، لذا إذهبي بجانبه يا كرة! ”
في موقف حيث كان الجميع يحبسون أنفاسهم من القلق، تم سماع أصوات شخصين.
انقشع الغبار تمامًا، و ما تم رؤيته كان على عكس التوقعات.
بدلاً من مظهر أشخاص يهاجمون … ما رأته قائدة لجنة الإنضباط كان سخيفًا.
الكراسي متناثرة في الأنحاء، الأوراق البيضاء ممزقة و تتساقط كما لو أنها ثلج في القاعة.
لكن هناك كرسيان كانوا على أتم خير، و في جانب كل كرسي، كان هناك شاب جاثم يحدق في الخط الفاصل بين الكرسيين.
كرة صغيرة كانت تتدحرج ببطء في جانب ذلك الخط.
“ بجانبه، بجانبه، بجانبه اسقطي! ”
“ لا يهم ماذا، ولكن اسقطي بجانبه أيتها الكرة الجاحدة للجميل، أنا من أحضركِ إلى هنا، قومي بسداد ديونك! ”
كان الشابين يتمتمان بجدية و تعابير متوترة، غافلين عن الفوضى و الاحتراز الذي سببته لعبتهما.
“ أنتما … ماذا أنتم فاعلون أيها الطالبان! ”
شعرَت قائدة لجنة الإنضباط — تشوي رينا، طالبة في السنة الثالثة من الفصل (A)، بالغباء من ما تراه و وبّخَت إنعكاسيًا.
تجاهلها الإثنان، و كان جلّ تركيزهم على الكرة.
تاك!
سقطت الكرة على الأرض بينما تتدحرج.
عيون الإثنين منهما واسعة، الشعور بالتوتر وصل إلى أعلى مراحله!
التوتر تصاعد لدرجة أن الهواء من حول الإثنان كان يرتجف.
هالة حمراء مختلطة بالسواد و هالة من الحمم المختلط بالذهبي كانت تتصادم في المنطقة الوسطى من الفصل.
“ … القائدة تتحدث…! أيها المستجدين … ”
صوت أحد الواقفين بجانب النوافذ كان مهيبًا، لكن مع تواتر تركيز ليون و رافاييل، تم أخذه على حين غرَّة، و أصبح صوته أقل قوة.
في البداية كان شخصًا واحدًا، ثم إثنين، و ثلاثة …
تم توجيه تركيز الجميع على الكرة المتدحرجة.
تارةً تتجه إلى اليمين، و تراةً إلى اليسار.
في كل مرة يتغير اتجاهها، كانت تعابير ليون و رافاييل تتغير بدورها.
“ هيا، هيا هيا! ”
“ غرر … سوف أحيلكِ رمادًا أيتها الكرة إن خذلتني! ”
تم أخذ الجميع بسبب الجو المتوتر، و كان الجمهور السابق يحدّق في الكرة بتوتر أيضاً، البعض كانوا يقضمون أظافرهم، البعض تساقطت قطرات العرق من وجوههم.
“ هيا … قليلاً بعد! أكثر إلى اليمين! ”
“ لا لا! يسار! توقفي في اليسار! ”
“ يا رفاق … ما أنتم فاعلون حتّى؟ ”
قائدة لجنة الإنضباط تشوي رينا كانت عاجزة عن الكلام قليلاً.
ألم تكن قد أتت في الأساس بسبب الضجيج الذي حدث؟
لكن لماذا هؤلاء الحمقى يحدقون في كرة صغيرة تتدحرج!
لا! إريك أنت هو نائبي، لماذا تقضم أظافرك بتوتر هكذا!
الزجاج مكسور، لكن لا يوجد أحد قد تأذّى، و الأثاث لا توجد عليه علامات على التحطم.
هذا جيد … هذا جيد حقًا لكن …
دفنَت تشوي رينا وجهها بين يديها، محرجة من الحماقة التي تحصل.
سحقًا، لما لا يدعني هؤلاء الطلبة اللعناء أرتاح … كان هذا يوم إجازتي …
“ قائدة … عليكِ التعود على الأمر بالفعل، لا يوجد أشخاص طبيعيون في الأكاديمية منذ البداية ”
شاب كان بجانب تشوي رينا قام بوضع يده على كتفها كما لو كان يواسيها.
“ اخرس، إريك فقط اخرس ”
الدموع كانت تهدد بالخروج من عيون تشوي رينا.
بسبب تداعيات الأضرار من قِبل الكثير من الأندية، لم تستطع تشوي رينا النوم لمدة يومين.
كان من المفترض أن يكون يوم عطلتها، لكن لا!
“هاهاها! إنه فوزي! ”
“ تسك، أنت بالتأكيد تغش! ”
“ نعم نعم ~ أيًا كان أيها الخاسر ”
رفع رافاييل يديه في الهواء بينما يحتفل، و ليون كان يشتكي.
“ نعم! السيد النبيل فاز! ”
“ اووو ~ أنا سعيدة ”
الفتيات كانوا يبكين في فرح و يعانقون بعضهم.
“ سحقًا! لماذا زير النساء يفوز دائماً! ”
“ كنتُ أتمنى أن يخسر! ”
أما الأولاد كانوا يائسون و يضربون الأرضية بقبضاتهم في إحباط.
“ ااااااااه اللعنة—!! ”
مع رؤيتها لهذا الموقف الدرامي، صرخت تشوي رينا بيأس، و كاد يغمى عليها من الغضب.
“ همم؟ لما هناك الكثير من الناس؟ ”
“ ماذا يحصل؟ هل تمت مهاجمة الأكاديمية أم ماذا؟ ”
السبب الرئيسي لكل هذه المشاكل، سبب الفوضى الناشئة، كانت على وجوههم علامات إستفهام بريئة، كما لو كانت مشكلة شخص أخر.
أصبحت البيئة صامتة لفترة.
“ ماذااااا!!! ”
صراخ الحشد كان متزامنًا، فاتحين عيونهم على مصراعيها.
“ اوه … لما المكان في خراب؟ ”
“ لقد وضعتُ حاجزًا حول الفصل للاحتياط … لكن يا راف، لم أعتقد أننا قد بالغنا في اللعب ”
بعد تغطية آذانهم من الصراخ المزعج، راقب ليون و رافاييل البيئة، و فهموا أخيراً سبب الضجيج.
“ أيها الطالبان … هل تدركان أي مشكلة قمتما بإفتعالها؟ ”
لم يكن المتحدث سوى نائب قائدة لجنة الإنضباط، بما أنها ما زالت تدفن وجهها بين يديها و تتحسر على نفسها.
“ لا أحبذ أخذ زمام المبادرة، لكن يجب علي سؤالكم على الأقل قبل أن أتَّخذ أي إجراءات ”
مع إنتهاء كلماته، استعاد أعضاء لجنة الإنضباط الآخرون رشدهم، و تحولت عيونهم إلى البرودة.
الأجواء المتغيرة سابقًا ثبتت على جو واحد، و قد كان ذلك الجو غير مريح.
“ مشكلة؟ أي مشكلة؟ يا ليون، هل ترى أي شيء يعتبر مشكلة؟ ”
“ لا لا، بالتأكيد لم يحدث شيء، كل الأمور في نصابها ”
من غير أن يتغير الجو المريح بين الإثنين، إبتساماتهما كانت بسيطة.
“ هل سوف تقاومان حقًا؟ ”
“ مقاومة؟ ”
“ هيه ”
نظر الإثنين في بعضهما، قبل أن يبادروا في التحرك.
“ ليون، الكراسي! أنا سأهتم بالأوراق! ”
“ حسنًا! لا تدُس على الزجاج حتّى لا نفقد أي قطعة! ”
في لحظة من الثانية، كان رافاييل يجري نحو الأوراق الممزقة و يمسك بها بسرعة، متفاديًا الزجاج المكسور و المترامي في الأرض.
ليون في الجانب الأخر، كان يمد يديه في الهواء، و أمام عيون الناس جميعًا، تم تحريك الكراسي و الطاولات في الهواء و إعادة ترتيبها.
“ الطاولات و الكراسي، إنتهى! راف، هل هناك أي كتابات مهمة في الأوراق؟ ”
“ تم جمع الأوراق، لا! الأوراق بيضاء! قم الأن بتجميع الزجاج حتّى أعيد إصلاحه! ”
“ حسنًا! بعد الإنتهاء من الزجاج قم بجمع الأوراق من مكان أخر ”
“ لا يمكنني! ”
بينما كان الاثنان يتحدثان، الأيدي كانت تعمل بجد.
قطع زجاجية لامعة كانت تطفوا، و تجمّعت القطع الزجاجية أمام النوافذ.
تراجع أعضاء لجنة الإنضباط غريزيًا، خشية حصول شيء خطير.
لكن على عكس توقعاتهم، لم يحصل شيء.
كانت القطع تتجمع معًا و تترابط في أماكنها.
“ … هذا مزعج، ماذا تقصد أنك لن تحضر الأوراق، هاه؟ أيها الكسول! ”
اشتكى ليون بينما يتحكم بالقطع الزجاجية.
التحكم الذهني بعدة أشياء مرة واحدة يضع ثقلاً على الدماغ، حيث أن كل قطعة تتطلب إنتباهًا معينًا من الدماغ و يشغل جانبًا من الأفكار.
لولا تدريبات ليون و تخصصه في الأفكار، العواطف و الإرادات، لكان من الصعب أكثر التحكم في كل هذه القطع الزجاجية و وضعها أماكنها المناسبة.
كان عليه حساب و مراقبة التي تتناسب معًا و عدم كسرها في العملية، كل ذلك في وقتٍ واحد.
لكن وجد ليون تلك عملية مملة فقط، و ليس متعبة، هذا كان دليلاً على قوته العقلية الهائلة، حيث كانت مثل هذه الدقة في التحكم مرعبة.
“ سيطول الأمر قليلاً إن جريتُ نحو الخارج ببساطة، و إستخدام خطوات اللهب سوف يسبب ضررًا في البيئة، بالطبع أنت من سيذهب! ”
مدَّ رافاييل يديه نحو النوافذ أمامه، و مع فكرة، بدأت درجة الحرارة في المكان تصبح أسخن.
الزجاج الذي تم لصقه من قِبل ليون كان يصبح ساخنًا.
الشقوق في الزجاج كانت تذوب و تندمج، بينما لون الزجاج يصبح أكثر إحمرارًا.
كان من الممل أيضاً تركيز الحرارة بدرجة معينة فقط، حيث أنها يجب أن لا تكون أعلى أو أقل من اللازم.
برؤية عمل الإثنين المذهل، كانت عيون الجميع واسعة.
“ تسك تسك! حسنًا، أنا سوف أقوم بإحضار أوراق جديدة، إهتم بالنوافذ! ”
مع قوله ذلك، ترك ليون مهمة تركيز انتباهه على النوافذ العديدة في المكان، مما زاد العبئ على رافاييل، حيث كان عليه الأن تولي جميع النوافذ في المكان.
“ … هذا الوغد! ”
عبَّر رافاييل عن سخطه لكنه ركز على عمله، لم تكن هناك حاجة لـ ليون بعد ذوبان الزجاج مع بعضه، لقد كان تحكمه يقلل من العبئ لا أكثر.
رئيسة لجنة الإنضباط كانت في البداية تدفن وجهها بين يديها، لكن مع إستمرار ضجيج الفصل في الداخل و زيادة الصمت من جانبها، رفعت رأسها، مما جعلها مذهولة بدورها.
“ إبتعدي عن أمامي! ”
يمكن رؤية ليون يجري نحو خارج الفصل، و غريزيًا حاول الجميع إيقافه.
“ يا حفنة الحشرات إبتعدوا! ”
برؤية أنهم لن يبتعدوا، ومضت عيون ليون قليلاً كما إختفى من أمامهم.
أصبح في جزء من الثانية خلفهم.
“ أنتِ! أوي أنتِ! أين أجد أوراقًا بيضاء هنا؟ ”
أمسك بأكتاف فتاة كانت واقفة في مكانها مصعوقة.
“ ااااه؟! هناك! ستجدهم في أخر المَمَرِّ هناك! ”
“ شكراً! ”
تركها ليون و قام بالاختفاء، و فجأة كان يمكن رؤيته في أخر الممر.
وجدت عيونه أوراقًا بيضاء في طاولة تجلس بالقرب منها فتاة شابة.
“ مرحبًا، أريد حزمة بسرعة! "
“ همم؟! انتظر دورك، هناك طابور ”
أشارت الطالبة إلى أناس يقفون في طابور ينتظرون أن يتم إعطائهم الأوراق.
كانت هذه الأوراق فريدة من نوعها و لا تتلف بسهولة، و كانت مرغوبة.
كانت الأوراق مجانية في الأصل، لكن بسبب أن نوادي الأبحاث كانت قريبة من بعضها البعض و طلبها في الأوراق ليس قليلاً، تم بيع الأوراق بسعر رخيص حتّى لا يكون هناك إحتكار أو صراع.
“ هاه، أنا مستعجل! تفضلي! ”
“ اوتش! ”
لم يهتم ليون، أمسك برزمة من الأوراق، و قبل أن تبدي الطالبة شكواها، رمى عليها شيئًا ما، و ذهب على الفور.
“ … هذا الوقح! ”
لمست الفتاة أنفها متألمة، حيث كانت تريد أن تذهب و تضرب القرف من هذا الطالب!
لكن عندما كانت على وشك رمي الحجر الذي ضرب وجهها، وسعت عيناها.
حجر إيجو! كان هذا حجر إيجو كامل!
على الفور، نسيت ألمها و أمسكت به كما لو كان الحجر إبنًا لها.
لا تعرف لماذا هذا الأحمق يهدر حجر الإيجو على الأوراق، لكن لا يهم!
“ زرنا مجددًا! ”
حتّى مع شعورها بالدوار قليلاً، لم تنسى أن تصرخ له.
لكنه لم يسمعها.
داخل الفصل، أكمل رافاييل عمل تسخين الزجاج.
“ أين لوكي عندما يحتاجه المرء! ”
ليس هناك آلة تبريد أفضل منه، للأسف هو ليس هنا.
قام رافاييل بفرقعة أصابعه، و ظهرت من العدم قطعة غريبة الشكل.
كان الشكل يشبه البوق، لكن اللون كان أزرق غامق مع خطوط مخروطية ذات لون أزرق سماوي، شعور بارد كالهواء في الشمال ينبعث من القطعة.
[ المستوى 1، النجم الأول: إيجو حرارة الشمال المنخفضة]
وضع رافاييل فمه في الحفرة الصغيرة من البوق، و مع نفخة، هواء أزرق خرج من البوق و ملأ الفصل بأكمله.
كانت درجة الحرارة تنخفض قليلاً، ليس بدرجة كبيرة، لكن بكل تأكيد، كانت تنخفض.
“ هذا يجب أن يفي بالغرض. ”
جلس رافاييل في كرسي، بينما يمسح عرقه الغير موجود.
“ هناك … وانتهى! ”
كان شاب أسود الشعر يطفو في الهواء و يضع حزمة من الأوراق فوق الطاولة المخصصة للمعلم.
و هكذا، أشار إلى المكان و تحدث بصوت ساخر.
“ أنت، يبدوا أن لديك منصب بالنظر إلى الشارة على ذراعك، كما قلنا، لا توجد مشكلة هنا، كل شيء بخير ”
كان إريك يحدق بعيون واسعة، و بعض لحظة فقط، ظهرت إبتسامة ساخرة على وجهه.
“ مثل هذه القدرات المهيبة يتم إستخدامها في تنظيف فصل فقط … أنتما، هل لديكما إهتمام في دخول لجنة الإنضباط خاصتي؟ ”
“ إنها لجنتي يا إريك، ليست لك ”
“ اوتش اوتش! حسنًا حسنًا، فهمت! ”
تم الدوس على ساق إريك على حين غرَّة من قِبل تشوي رينا.
كانت متعبة و أرادت الراحة، لكن ما رأته قبل لحظات جعلها تنسى تعبها.
السرعة المذهلة، التحكم في الأشياء و درجة الحرارة، ناهيك عن الدقة … رؤية هذا جعل التعب يزول على الفور!
كان الجميع في رهبة!
مثل هذه الدقة الرائعة!
“ كما قال نائب اللجنة، هل لكما مصلحة في الانضمام؟ ”
كان على وجهها إبتسامة، حيث أن الانزعاج السابق اختفى على الفور، كان ليون و رافاييل جميلين في عيونها فجأة!
“ لا، لستُ مهتمًا ”
“ من كلماتك، ذلك يعني أنه لم يحصل شيء؟ لا شيء مكسور، و لا طالب مجروح إذاً وداعًا! ”
فتح الإثنان النوافذ بسرعة و قاما بالهروب قبل أن يبدي أي أحد ردة فعل.
بالطبع، لم يكن أعضاء لجنة الإنضباط في مناصبهم للزينة، فهموا على الفور نية قائدتهم و لحقوا بهما.
“ أمسكوا بهم! ”
“ الجري محظور، توقفوا! ”
مثل أي يوم عادي في الأكاديمية، سواء كانت العطلة أم لا، لم تخلوا هذه الأكاديمية من الضجيج أبدًا.