الفصل 60: هذه هي طبيعة النمو، إنه دائمًا مؤلم (2).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في قارة الإيجو، كان هناك تحالف يقوم على أربعة جوانب، الشرق، الغرب، الشمال، و الجنوب.
بينما كان هناك إختلاطَات ثقافية وعرقية نظرًا لـسفر الناس عبر القارة، فقد كان لـكل جانب ثقافة تحكم.
النبلاء حكموا الشرق، السحرة حكموا الغرب، البشر الوحوش حكموا الشمال، الفنانون القتاليون حكموا الجنوب.
في تحالف الشرق الذهبي، كانت كايرو هي إحدى أقوى الإمبراطوريات المسيطرة.
قامت إمبراطورية كايرو على مر العصور بضم دول أصغر منها حتّى أصبحت قوة يحسب لها ألف حساب.
عندما يذكر أي شخص كايرو الحالية، لن يتبادر في ذهن المرء سوى إسم شخصٍ واحد.
ماركوس هادريان، واحد من قديسوا السيف في القارة، حاكم إمبراطورية كايرو العظيمة.
كان ماركوس شخصًا وصل إلى القمر الخامس، و ذلك كان ببساطة ذروة القوى لأي شخص في العالم.
القمر السادس؟ هيهيهي.
كانت هذه ببساطة قوى خفية، كل حركة يقومون بها تسبب تغيرات هائلة، أي إجراء يتخذونه قد يسبب الكوارث.
ما لم يكن حدثًا من شأنه هز مصير العالم، كان الأشخاص في القمر السادس يزرعون في عزلة، مما جعلهم غامضين.
غامضين لدرجة أن معظم من في العالم يعتقدون أن أعلى ما يمكن لهم الوصول إليه طوال حياتهم هو القمر الخامس فقط.
كان من المنطقي، لأنه لم يرى أو سمع أحد من قبل عن شخص قد وصل إلى ما فوق ذلك.
في تحالف الجنوب الأسود، حيث سيطرت العشائر و الطوائف، كانت نانمان أيضاً نمرًا في الجبل، و كانت تتنافس مع كايرو في القوة.
حاكم نانمان لم يكن سوى من عشيرة سول، سول تشون بيونغ، بطبيعة الحال، كان أيضاً في القمر الخامس، و كان بدوره أحد قديسوا السيف العشرة في القارة.
في تحالف القمر الأزرق، كانت إمبراطورية كايرو و نانمان إحدى القوة الثمانية المسيطرة.
حيث كانت ثمانية أطراف تحكم التحالف، يمكن القول أن الإنقسام كان متساويًا، و كان ذلك من أجل حفظ السلام.
سامويل كرونوس، زعيم نقابة كرونوس التجارية، و صاحب إحدى أكبر التكتلات التجارية في القارة.
كان ببساطة إمبراطورًا هائلاً يملك الثروة و القوة، و هو بنفس المرتبة، حيث كان أيضاً من ضمن أقوى الأشخاص في نفس المستوى.
أخيراً، ملك جزيرة القمر، صاحب مستوى القمر الخامس، مدير إحدى الأكاديميات الأكثر شهرة في العالم، حاكم أكاديمية ضوء القمر، أدونيس سيروس.
رغم أنه لم يكن ضمن تحالف القمر الأزرق، فهو، بـ قوته وعبقريته الفذة، قام بـ تطوير سمعة أكاديميته التي سقطت سمعتها قبل عقود.
أشخاص لا يمكن أن يسبر الناس غورهم، أشخاص يمكنهم هز الوضع العام بحركة واحدة.
في الحدود بين كايرو و نانمان، حيث يقع المرج الأحمر، سوف يلتقون في تجمع غير مسبوق.
ليس في أي مكان، لكنه مكان حيث حلت كارثة قبل 3 أعوام.
تم بناء مدينة حدودية في ذلك المكان بعد إنتهاء الكارثة.
الطوائف المشهورة و العائلات المرموقة، سواء كانوا الكبيرة أم المتوسطة، لقد إجتمعوا في مناسبة نادرة.
عشيرة سول، طائفة بايك للسيف، عشيرة الليل الأبدي الجليدية، طائفة ماو لي النارية، عشيرة تشوي، عشيرة شين و طائفة سونغ.
عائلة هارديان، نقابة كرونوس التجارية، عائلة هارڤي، عائلة هيرميس، عائلة ديميتري، عائلة كلوديوس، و عائلة نيكولا.
إجتمع ألمع النجوم فوق السماء في المرج الأحمر.
“ من النادر أن تجتمع القوى الكبرى في مناسبة كهذه ”
“ كيف تمضي السنين بهذه السرعة … قبل مائة عام، كان من الصعب تخيل مثل هذا التغيير ”
كان أشخاص يمكنهم تقسيم البحار و تدمير الجبال يجلسون في حديقة القصر البديع.
همسات الرياح الشتوية كانت تحمل في طياتها بعضًا من رائحة الربيع.
كان الأربعة منهم يحدقون في السماء الصافية بهدوء.
“ … إن العالم يتغير ”
فتح أدونيس فمه مع شربه للشاي بخفة.
“ نحن العجائز مجرد بقايا الماضي الغابر، لكن حتّى هذا الجسد القديم له قيمته ”
مع قول ماركوس لـ كلمات ذات مغزى، لمعت عيون الأخرين بغموض.
لقد بدأ الإجتماع.
هذا الإجتماع، الذي كان غير مسبوقًا قد كان مجرد البداية.
بداية الفوضى كانت تقترب.
فوضى تكشف عن أسرار تم إخفاءها عن العالم منذ زمن بعيد.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
سووش! سييييه!
“ إنه … عميق أكثر من المتوقع؟ ”
الرياح داخل الجرف كانت تضرب وجه لوغان.
حاول أن يفتح عينيه، لكن الأمر كان صعبًا.
لم يكن هو فقط.
“ هيييك! ما مع هذه الرياح! ”
“ سوف أموت! سوف أموت شابًا! ”
" اااه! مازلتُ وسيمًا على الموت! ”
" اللعنة، حتّى في مواجهة الموت، هذا المنافق مازال يكذب! حتّى المرايا سوف تنكسر إن أريتها وجهك! ”
“ …هذا الوغد؟ ”
كان قد مضى مجرد نفس واحد منذ سقوطهم، لذلك، و رغم العتمة و الظلام أسفل الجرف، ضوء الشمس كان لا يزال يطل على الطلاب.
لكن … من الواضح، أن الظلمة كانت تبتلع البصر ببطء.
“ … تشه، لا يمكنني إستخدام الإيجو خاصتي حتّى ”
نظرات لوغان غرقت بـ قتامة.
مع سد مسارات الطاقة في جسده، لم يكن بإستطاعته ضخ طاقة جوهره في القلب الجوهري الخاص به، حيث تعشعش إرادة مجموعة الإيجو خاصته.
لقد قام لوغان بـ مخاطرة قبل 4 أعوام، و خاض مراسم الصحوة، و بذلك أصبح محارب إيجو.
الفترة التي تلت ذلك كانت كفاحًا في مواجهة الموت من أجل تجميع الإيجو التي تتناسب مع ميوله، كان محظوظًا تارة، و سيء الحظ تارةً أخرى.
مع إكتسابه الخبرة ببطء، عرف أنه ضعيف جدًا على أن يستطيع الإعتماد على نفسه فقط.
إستخدم على مضض ثروة عشيرته حتّى يصبح بحثه و تدريبه أسهل، مما جعله يدخل عالم السياسة و الصراع السلطوي في العشيرة، و هكذا أصبحت سمعته معروفة.
لـكونه شخصًا غريب الأطوار و غير رحيم مع أعدائه، لم يجرؤ إخوته على فعل أي شيء أحمق.
رغم أن هناك بعض التخبطات هنا و هناك، صقل لوغان نفسه في بيئة العشيرة و قام بـ تشكيل مجموعته الفريدة من الإيجو.
أسفر قراره في التنازل عن نتيجة مرضية.
سواء شاء الشخص أم أبى، من أجل القوة، كان عليه في بعض الحالات إنزال رأسه و الإعتماد على الأخرين، على الأقل حتّى يمتلك من القوة مبلغًا.
عندما يكون المخلوق ضعيفًا، عليه الإعتماد على بيئته للنمو.
مع علمه لـ هذا، لم يعتمد لوغان على الإيجو خاصته بـ شكلٍ أعمى.
ومضت عيونه الذهبية كما قام بالشهيق بقوة.
شد عضلات جسده، و ركز وعيه على ذراعيه.
أصبحت البيئة مظلمة أكثر فأكثر.
سووش!
رفرفت ثياب فرناندو بينما كان يسقط.
إن ترك الأمور كما هي، سوف يسقط، بطبيعة الحال، لم يكن غبيًا كي يعتمد على فرضية أن ينقذه الساهيونج الخاصين به.
“ لا يمكنني إستخدام الإيجو خاصتي، مسارات الطاقة في جسدي مسدودة، لكن لا يعني ذلك أنني بلا حيلة! ”
إن أخذنا بعين الإعتبار مدى الظلمة حتّى الأن، مازالت هناك مسافة قبل السقوط، يجب عليه إتخاذ قراره قبل ذلك.
شهيق!
بااه!
مع زخم الرياح القوية، دفع يده نحو الأمام مما نتج عنه أن يطير نحو الخلف بقوة.
بام! سيييك!
المعدن الأسود البارد!
إصطدمت جثته بحافة الجرف، و مع تحول يده إلى اللون الأسود، حفر يده في الصخور على الجرف بقوة، مما نتج عنه صوت إحتكاك مزعج للأذن.
السترة السوداء الثقيلة زادت على الحِمل، مما ضغط على قوة تحمله بشكلٍ أسرع.
لم يقلل فرناندو من حذره حتّى مع معرفته أن هذا قد يفي بالغرض.
“ ليس بعد! ”
صرَّ لوغان على أسنانه و ركز وعيه على عدم إبطال الحماية على ذراعيه.
“ … اغغغ! هذه السترة اللعينة! ”
سمع صوت صراخ منزعج بالقرب منه، لم يحتاج إلى الإلتفات لـ معرفة أن فرناندو هو الذي يتحدث.
“ توقف، توقف اللعنة! ”
قبض لوغان أسنانه بقوة، و حفر يديه في الصخور أعمق!
كانت سرعة الإثنين تتباطأ، و مع التباطؤ، كانت قدرة التحمل تتناقص بدورها.
تشاي نايون كانت تحدق في الأسفل، حيث كانت الظلمة التي تبتلع العالم تقترب أكثر فأكثر.
سريينغ!
مع تعابير غير مبالية، سحبت سيفها من ظهرها، حيث كانت قد جعلت السترة مثل الملجأ الذي تضعه فيه.
كانت في الأصل قريبة من حافة الجرف، و مع تركيز وعيها على عضلات ذراعيها، زادت قوتها الجسدية قليلاً.
سيييك!
طعنَت في الصخور بقوة، و مع دخول السيف بعمق، صوت الإحتكاك الذي تم إصداره كان أقوى من السابق.
قوة الصدمة تم توجيهها على الفور إلى ذراعيها.
اغغغ!
وسعت تشاي نايون عينيها قليلاً، لقد أخطئَت في التقدير، و قللَت من شأن هذه السترة الثقيلة بحق!
لكنها لم تكن على وشك الإستسلام فقط.
مع صرير أسنانها، ركزت وعيها و قوة إرادتها في الذراع الممسكة بالسيف.
لتخفيف الحِمل الثقيل على الذراعين، قامت بحفر قدميها في الصخور أيضًا.
سيييك!
وضعها كان أسوأ من لوغان و فرناندو، و كان من الواضح فقط من مدى تخبطها في النزول.
على عكس الإثنين، هي قامت بتنمية دربها فقط، لم تركز على إكتساب القوة الجسدية الكبيرة، بل كانت تؤكد الرشاقة و الخفة أكثر.
حتّى أن قدرة السلالة الخاصة بها كانت تساعدها على الحركة بـشكل أكثر سلاسة و رشاقة، بدلاً من القوة.
الإيجو التي إمتلكتها لم تساعد على زيادة قوتها الجسدية، ناهيك عن عدم إهتمامها.
كل تلك الأشياء أصبحت عواملاً جعلتها تعاني الأن.
ليس بعد!
عليها التحمل، حتّى لو تم كسر ذراعها، عليها أن تتحمل!
قامت بـ صرير أسنانها حتّى كادت تنكسر، قربَت جسدها نحو الحائط و حفرت السيف أعمق!
الأحذية المغمورة في داخل الجرف كادت تتمزق، مما جعلها في خطر جرح قدميها، لكنها لم تتراجع، و زادت من إغراقهم حتّى!
“ … اللعنة! اللعنة فقط على هذا الهراء ااااه! ”
صرخت ستيلا منزعجة، و أخرجت سيوفًا مزدوجة من خصرها.
لمعت عيونها بقسوة بينما دارت السيوف المزدوجة بين ذراعيها.
كوانج!
إخترقت السيوف المزدوجة الصخور الصلبة بقسوة مبالغة، نظرَت بإستياء نحو الجُرف كما لو كان بينهما ضغينة لا يمكن حلها!
مع إستخدامها وزن السترة الثقيلة و زخم سقوطها السريع، تم ثقب الصخور أقوى حتّى!
وضعت باطن قدميها في الصخور الخشنة كما لو كانت تتزحلق نحو الأسفل.
حبست الهواء في صدرها، مما جعل الدورة الدموية في جسدها يتم سدُّها، إنتفخت عضلات ذراعيها و ظهرت العروق فيهما.
“ لا يمكنني رؤية شيء … لكن لا يهم! ”
لمعت عيون كيفن، بينما يخرج سلاحًا يشبه المنجل، و له سلسلة معدنية في حافة عصاه عليها كرة معدنية سوداء.
ربط ذراعه مع السلسلة المعدنية بينما يمسكها بـقوة.
هاب!
وضع القوة في ذراعه، و مع رمية قوية، توجه المنجل نحو الأعلى بسرعة فائقة!
“ الأن أو أبدًا! ”
سحب نحو الأمام ثم الأسفل فجأة، مما جعل تدفق القوة ينتقل عبر السلسلة المعدنية.
سيييك!
مع إنتقال الطاقة نحو أعلى نقطة، إخترق المنجل الجرف الترابي مما نتج عنه صوت إحتكاك المعدن بالصخور.
ألم!
مع إنتقال الزخم المفاجئ نحو ذراعه، شعر كيفن أن يده سوف تنكسر!
لمنع حدوث ذلك حقًا، أمسك ذراعه بـيده الأخرى و ربط ساقيه مع السلسلة المعدنية بكل قوته!
“ ما اللعنة! لما عليَّ المرور بهذا الهراء بحق! ”
شتمَت ماي بينما غرست خناجرها في الحائط، تمت تغطية الخناجر بـ بلون أخضر خفيف، و كانت الرياح المنبعثة من الخنجرين تخفف من وزنها.
“ اووووو ريااا—!! ”
جثمَت و عدلت وضعيتها، مما جعل جسدها يتكور في نقطة أصغر، ذلك جعل وزنها على الخناجر يصبح أثقل، مما تسبب في غرسهم أعمق.
إنسجام الثقل من وزنها والرياح التي تخفف وزنها خلقوا تآزرًا جعلها تتوازن رغم أن قوتها البدنية غير كبيرة.
“ يا إلهي! لما أنا دائمًا! ”
البقايا الترابية بسبب الإحتكاك للأشخاص فوق، لسبب أو لآخر، تساقطت على إيد، مما جعل وجهه مليئًا بالتربة.
صرخ إيد غاضبًا، و أخرج السيف على خصره في سخط.
الضربة الأولى لم تنجح، مما جعل السيف يرتد للوراء.
لم يتراجع، لا يوجد أي شخص يراه على أي حال، يمكنه المثابرة من دون قلق!
صرخ بأعلى من قبل و حماسته تزداد.
“ اوريااا! اخضعي لي أيتها التربة المتواضعة! ”
أمسك سيفه بقبضة عكسية بـيديه الإثنتين، وضع قوته بأكملها في ذراعيه و مع ضربة قوية للغاية، هذه المرة نجح.
لو كانت البيئة واضحة، سيمكن للشخص رؤية شعر أزرق يرفرف في مهب الريح، و قوس تمت تعبئته بـثلاث سهام.
تشقلبت سيلينا في الهواء و دارت بجسدها من أجل توجيه القوس و السهام في يديها نحو الجرف.
بيو! بيو! بيو!
السهام المعدنية إخترقت الحائط المكون من الصخور الترابية، مما نتج عنه وجود أعمدة رقيقة الحجم من المعدن.
أمسكت سيلينا بالسهم الأقرب لها بيدها.
إنحنى السهم المغروس في الجرف بسبب الوزن الثقيل المفاجئ، ومع قوة زخم جسدها، تم إقتلاعه.
لكن سيلينا لم تكن محبطة.
أمسكَت على الفور بالسهم التالي، و تكررت العملية.
عندما تنفد السهام، تضرب بقدمها الجرف و تبعد نفسها عنه، ثم ترمي السهام مرة أخرى.
كيف تعيد نفسها نحو الجرف رغم سد مسارات الطاقة في جسدها؟
يمكن لـسيلينا، حتّى بدون إستخدام طاقة الجوهر الخاصة بها أن تتحكم بالسهام التي تصنعها، ذهنيًا، مما يمكنها من سحب نفسها نحو الحائط قليلاً.
رغم أن التأثير أقل من عندما تستخدم طاقة الجوهر، فهو يفي بالغرض.
قدرة سلالتها كانت هي العامل الأكبر!
كل شخص أظهر أساليبه الخاصة، البعض كافحوا، و البعض تركوا أنفسهم للسقوط.
لولا أنهم أصبحوا نشيطين بسبب الحبوب الغريبة التي أعطاهم إياها ليون، لـ كانت إجراءات مثل التي قاموا بها الآن مستحيلة.
لم يمر سوى عشرة أنفاس من الزمن، لكن بدا الأمر كـ مرور الأبدية.
في المواقف الخطيرة، تصبح كل ثانية في وعي المرء مثل إنقضاء حياة بأكملها!
“ … أخيراً ”
هاه … هاه … هاه.
صوت لهاث منخفض يمكن سماعه، لوغان قد بدأ يشعر بذراعه ترتجف بينما يمسك بالكاد بالصخور الترابية في أعماق الجرف.
“ … هذا لن ينفع ”
تنهد فرناندو، حيث فهم موقفه بوضوح.
كانت المشكلة الأكبر في إستخدام أسلوب المعدن الأسود البارد هو إستهلاكه لـقدرة التحمل.
في الحالة الطبيعية، لو كان فرناندو بدون السترة السوداء الثقيلة، لكان من الممكن تجنب أن يتعب نفسه كثيراً.
لكن لا يوجد “ ماذا لو ” في الحياة.
مع إدراكه لـموقفه بوضوح، إصطكّت أسنانه بقوة، و عزم أمره.
لم يرغب في الإعتماد على هذا الإحتمال، لكن لا يوجد خيار.
“ يا رفاق! إلحقوا بي! ”
خفف فرناندو ذراعه و سقط نحو الأسفل، و صرخ بقوة للآخرين.
لم تتردد تشاي نايون، و سحبت سيفها عن الحائط، دفعت نفسها بقدميها بحركة رشيقة.
“ اورا اورا! سوف أصل قبلكم! ”
ضحك لوغان من القلب، و قذف نفسه إلى الأسفل كالصاروخ!
لم يعرفوا لماذا، لكن معظم طلاب الفصل (D) تبعوا صوت فرناندو غريزيًا.
سووش! سووش! سووش!
نحو هاوية الجرف العميقة، حيث كانت همسات الرياح الخافتة بالكاد مسموعة، سقط الطلاب مع دخولهم في الظلام.
“ يجب أن نصل إلى الأرض في أية لحظة! ”
كما لو كان لـتأكيد كلمات فرناندو، تموج الفضاء في الجرف لمسافة 100 متر!
كلما اقتربوا إلى الأسفل، التموج يصبح أوضح، وأجسادهم تصبح أخف.
“ … كنتُ محقًا في النهاية ”
مسح فرناندو العرق من على جبينه بينما كان يطفو نحو الأسفل بلطف.
كان غير معتاد على وضع ثقته في الناس، لذلك، حتّى لو كان متأكدًا بـنسبة 90% أن ساهيونج سوف يلتقطهم، مازالت الـ 10% الباقية تسبب له عدم الإرتياح.
البيئة كانت مظلمة جدًا، و لم يعد يمكن للشخص رؤية أصابعه حتّى.
“ أيها الأوغاد الصغار! لما تأخرتم لتلك الدرجة! ”
الصوت المزعج تم سماعه مرة أخرى.
‘ من هو السبب في هذا في الأساس، أيها اللعين! ’
رغم مدى قباحة الصوت في أذهانهم، إبتسم الطلاب قليلاً بينما ينزلون.
سووش!
مع نزولهم تمامًا، حاولوا غريزيًا مسح محيطهم، لكنهم بالكاد يستطيعون رؤية بوصة واحدة أمامهم.
“ اااه! من الوغد الذي ضربني بالحجر! ”
“ اللعنة! هناك شيء ما يلمس ظهري … شبح! شبح منحرف يلمس ظهري! ”
“ … إنك متشبث بالحائط يا إيد ”
“ تسك تسك، هؤلاء الضعفاء … راف! أشعل الضوء! ”
“ هل تعتقد أن هذا نُزل تقيم فيه؟ أُطلب بأدب! ”
رغم شكاويه، فرقع رافاييل أصابعه.
تاك!
صوت النقر كان مسموعًا بوضوح، شعلة صغيرة في الظلام يمكن رؤيتها.
كانت صغيرة، لكن مع عدم وجود مصدر ضوء، كانت كالشمس المطلة فجأة في جرف همسات الرياح المفقودة.
إرتفعت الشعلة فوق و فوق، ثم إستقرَّت بعد مسافة معينة.
“ وااه! عيني! ”
“ عيناي! إن عيوني تبكي! ”
بعد إعتيادهم على الظلام، أصبح النور مؤلمًا بـ طبيعة الحال.
“ حسنًا، تدريبكم الحقيقي يبدأ من هنا ”
صوت ليون إخترق آذان طلاب الفصل (D)، وتوجه تركيزهم نحوه.
“ قبل كل شيء، منذ الأن و حتّى الشهر القادم، إستخدام الإيجو ممنوع، سوف تستخدمون هذه الفترة للصقل و التدرب، طاقة الجوهر النقية، فقط النقية و قوة أجسادكم! ”
ماذا؟
علامات الإستفهام كانت على وجوههم.
ماذا قال…؟
“ و! ”
أصبح صوت ليون قاسيًا.
“ إن أمسكتُ أي واحد منكم يخالف الأوامر، سوف أجعله يندم على كونه حيًا! ”
إنسى، لقد فهموا كلامه جيدًا.
جيدًا جدًا لدرجة أن دموع بعضهم كانت تهدد بالخروج.
ضحك ليون و رفع رأسه نحو السماء، “ حسنًا، على أي حال، كل من يفعل ما أقوله، سوف يكتسب القوة، إن الأمر بسيط، كل ما عليكم فعله هو أن تخاطروا بحياتكم، هاهاهاها! ”
صوت ضحكه المشؤوم كان يتردد في أنحاء الجرف.
صوت ضحكاته الشيطانية كان صوتًا لا يرغب الناس بسماعه البتة.
ــــــــــــــــــــــــــــ
مبنى طبيب الحقل الأصفر.
في الغرفة الهادئة، كان شخص له أذان تشبه الذئب مستلقي فاقدًا الوعي.
بجانب السرير، كانت هناك امرأة جميلة ذات شعر أسود جالسة على كرسي.
ألوان عيونها كانت خليطًا بين الذهبي و الأزرق، حيث كان شكل القزحية مثل مجالات ذهبية و زرقاء اللون تدور حول البؤبؤ أبيض اللون.
كانت تقرأ الكتاب بين يديها بـهدوء.
“ … هذا الشقي لم يأتي كي يلقي علي التحية حتّى، لكن في المقابل أحضر إلي شخصًا مصاب ”
تنهدت طبيبة الحقل الأصفر، و شاهدت الرجل المستلقي مع بعض الشفقة في عيونها.
“ … فقدان والدته و خاله بسبب مكيدة، و خيانته مِن قِبل ما يفترض أنه أفضل حلفائه ”
لقد كان جاهلاً بـشأن عدوه من دون توقع هذه الخيانة، لا يمكنني سوى التعاطف معه.
بينما كانت الطبيبة عاطفية، لم يسعها سوى تذكر الفصل 1، القِسم 1، مِن رحلات المستكشف الأول.
ضوء القمر كان ساطعًا على العالم الوحشي بـضوءٍ مشرق و مهيب.
ضوءه كان قويًا و أصبح يميل إلى الزُرقة ببطء، و في نقطةٍ ما من الزمن، بعد سنوات غير معروفة، تجمع الضوء في عمود.
عمود عملاق متصل بالأرض و القمر كان يتجمع.
“ أهربوا! أهربوا! إنها كارثة! كارثة قد أتت! ”
“ يا إخوتي أشجار الصياد المسافر، أشعر بالخطر من القمر! لـنذهب قبل أن يقضى علينا! ”
“ نحن وحوش الكابوس نكره الضوء، و لا نتحمله أبداً! سوف أنجو بـجلدي! ”
الوحوش و الأشجار المتنقلة التي رأت هذا قد هربوا خوفًا من الهلاك.
وحوش الكابوس تسللت نحو أعماق الأرض حيث لا يوجد ضوء، الأشجار المتنقلة اقتلعوا جذورهم و تحركوا بسرعة بعيدًا.
“ نحن طيور اللهب الفخورة لا نهرب أبداً! هاجموا يا إخوتي! ”
طيور اللهب، و التي كانت تفتخر بـكبريائها العالي هاجمت عمود الضوء دون خوف.
لكن كل مرة يلمس أحد طيوراللهب عمود ضوء القمر، تختفي أجسادهم على الفور.
لكنهم لم يتراجعوا، بل هاجموا أقوى من قبل، و كان عددهم يتناقص.
كانت هذه هي ضريبة الغرور، حيث كانوا يفضلون فخرهم على فهم حدودهم.
لطالما كان غرور طيور اللهب هو سبب فنائها.
كارثة غير مسبوقة حدثت.
في المنطقة المحيطة بـضوء عمود القمر، لم يكن هناك شيء.
سواء كانوا الحيوانات أو النباتات، الجبال التي لم تستطع الحركة إختفوا، حتّى الأنهار جفَّت.
فقط بحيرة صغيرة كانت باقية.
بدأ عمود الضوء يصبح أصغر و أصغر.
مع مرور الأيام و الشهور، انقشع أخيرًا.
مخلوق لا يمتلك شعرًا سوى على رأسه و بعض المناطق الأخرى، لم يكن لديه أربعة قوائم، بل ذراعين وساقين.
كان أبيض البشرة، لمعان يشبه ضوء القمر على جسده كان يخفت.
فتح عينيه المغلقة فجأة.
“سعال! سعال! سعال! ”
من دون سابق إنذار، بصق الشخص الدماء من فمه و أنفه، و حتّى عيونه كانت دامية!
لكن الغريب، أن دمه لم يكن أحمر، بل فضيًا كما لو أن غبار القمر قد سقط على الأرض!
أمسك الشخص بـ حلقه و كان يتدحرج على الأرض.
في كل مرة يتنفس بها، شعور ثقيل على صدره كان يقطعه من الداخل، كما لو أن سكاكين لا تحصى تقطعه!
مؤلم! مؤلم! مؤلم!
لم يعرف لماذا، لكن هذا الشعور كان مألوفًا، و كلمة لا يعرفها كانت تملأ دماغه!
“ إنسان؟ إنه إنسان! ”
“ يا إخوتي! بعد أن هرب البشر بعيدًا في بيوتهم، لم نعد نستطيع أكلهم! لكن أنظروا إلى هذا، إنه إنسان! ”
الوحوش كانت مخلوقات قليلة الذكاء، حتّى مع خطر الكارثة السابق، رجعوا و رأو إنسانًا يبصق الدماء.
سال لعابهم و اندفعت الرغبة البدائية في قلوبهم بـ قوة.
تصارعوا فيما بينهم و هاجموا نحوه بـشراسة.
“ نحن وحوش الكابوس هم الأحق في هذا الإنسان! نحن مرتبطون بـ الجميع منذ ولادتهم و حتّى وفاتهم! ”
“ أنتم يا وحوش الكابوس تخافون النور، أغربوا عن وجهي أنا طائر اللهب! البشر مخلوقات متواضعة، بالطبع نحن طيور اللهب الفخورة من يستحق أكله! ”
تصارعوا بشدة، وحوش الكابوس هاجمت عقول الأشجار مما تسبب في جنونها، طيور اللهب قاموا بـ حرق المناطق حولهم، الأرض تحت الأشجار حاولت إبتلاعهم جميعًا.
لقد كانت فوضى!
فتح الإنسان عينيه بـقوة عندما رأى هذا، و شعر بالخوف العميق!
لم يعرف الإنسان شيئًا، و كان جاهلاً بـشأن من هو أو ما إسمه حتّى، ناهيك عن الكارثة.
لم يستطع الركض، لأنه لا يعرف كيف!
مد يديه بـيأس و حاول إمساك الأرض بينما ينزف بسبب عدم القدرة على التنفس.
هاجمته الوحوش و النباتات، حتّى الأرض كانت تنشق ببطء في محاولة لـ ابتلاعه!
أحرقَته نيران طيور اللهب، و دخلَت وحوش الكابوس إلى عقله مما جعل دماغه ينزف.
الأرض أغرقَت أقدامه ببطء، و أشواك الأشجار ربطَت جسده!
لكنه لم يمت، عقله و جسده كانوا يتألمون، لكنه لم يمت!
كان في حيرة و خوف و ألم، ماذا يحصل معه!
فقط البحيرة الصغيرة بـ جانبه لم تتحرك.
“ أيها الإنسان، حرك يديك، و تعال نحوي إن أردتَ النجاة! ”
في تلك اللحظة، سمع صوتًا يصرخ.
ومضت عيون طبيبة الحقل الأصفر قليلاً، بينما تفكر في المعاني من القصة.
“ كان المستكشف الأول في مكان غريب، و هو جاهل بـالأخطار حوله، لم يعرف أين يذهب، مما تركه في عذاب بسبب جهله، لكنه سمع صوت بصيص الأمل ”
“ حتّى في مواجهة العذاب، كل شخص يمتلك بصيص الأمل الخاص به، و بصيص الأمل ذاك هو المعرفة! ”
“ كما يقول الناس، العِلم هو النور، بينما الجهل هو الظلام! فقط من خلال التخبط في عذاب الجهل، يمكن للشخص أن يتمتع بـنعمة العلم، و يصبح شخصًا يفهم موقفه بـعناية … ”
بـطريقة أو بـأخرى، كان عذاب راغنار هو نفسه.
لقد كان جاهلاً بـ المكائد والمخططات التي أحيكت ضده، مما تركه يتعذب.
لكن الآن … لديه فرصة للوقوف بعد السقطة.
كان ذلك لأنه على عكس السابق، أصبح لديه المعرفة، و يعرف من هو عدوه.
“ … على الأغلب، هذا إختبار قام به الشقي من أجله ”
عدم توصيل ساقه، لابد أنه كان من أجل تأكيد عزمه.
“ مثل كل مرة، تفعل أشياء معقدة، و تترك الناس مرتبكين دائماً، يا لها من عادة سيئة ”
تنهدت الطبيبة، لكن إبتسامة بسيطة شقت طريقها نحو فمها.
السماء الصافية بجانب النافذة أشعرت المرء بالسلام.
لكن في خضم ذاك الهدوء، كانت عاصفة تختمر في الخفاء.
عاصفة سوف تجلب معها التغيير.