الفصل 69: درب البائسين دائمًا مليئٌ بالنوايا الحسنة (1)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كان يا مكان، قبل سنين من الزمان، كان هناك فتى صغير.
الفتى لم يكن قويًا، على عكس أقرانه، ولم يمتلك الموهبة أو القدرة على أن يُبرز مواهبه.
الفتى لم يكن محبوبًا، في عالم الغابة، كان الضعفاء مكروهين.
في نهاية النفق المظلم، هناك دائمًا نور.
لقد عاشَ حياته بينما يكذّب هذه المقولة.
“رغم أنك ابني بالدم، لا يمكنني رؤية فيك أي دلالة على ذلك… غونار، أنت مثير للشفقة”
“على الأغلب، مثلما عشتَ حتى الآن، تلك الحقيقة لن تتغير، أنا لن أقتلك، هذه رحمتي الوحيدة لك بصفتي والدك”
العيون الباردة وخيبة الأمل العميقة.
لقد اعتاد غونار على ذلك منذ صغره، الآن لم يشعر بشيء.
لقد قابل الفتى الصغير عيون والده بدون عاطفة معينة.
“مهما يحدث لك منذ الآن فصاعدًا، فإنه يعود إليك”
“كلماتك هذه، يا زعيم القبيلة، تعني أنه يمكنني فعل ما أريد؟”
لم يركز على قضية أن والده يقول ذلك أم لا، لقد حاولَ تحليل الكلمات ببساطة.
“فسر هذا كما تريد، اذهب الآن، هذا آخر لقاء خاص بيننا، هل لديك كلمات أخيرة لي؟”
بقي الفتى صامتًا.
عندما توفيت الأخت وانتحرت الأم، شيء ما قد ضاع.
لم يعرف ماذا ضاع، ولم ينوي أن يعرف أيضًا.
“لا شيء، شكرًا على كلماتك، زعيم القبيلة الموقر”
كان والده بدون تعابير، لفترة طويلة، بقي يراقبه من دون الحديث.
“حسنًا، يمكنك الرحيل”
خرجَ من المكان بهدوء.
بعد مضي الأعوام، كافحَ للعثور على القوة، ذلك تسبب له بالمشاكل، لكنه كان يحل تلك المشاكل بدون شكوى.
كان غونار جالسًا بجانب قبرين.
عيونه الهادئة حدقت في نجوم الليل الساطعة.
“يا أمّاه، يا أختاه، هذا الصغير هنا قد أصبح زعيم القبيلة الشاب، من المفترض أن أكون سعيدًا، أليس كذلك؟”
لكن لماذا…
“لماذا نجاحي هذا مرير الطعم؟”
كانت شواهد القبور في مكان متواضع، لم يكن هناك في هذا المكان سوى مجرد شجرة غريبة الشكل.
أمسك غونار بزجاجة من المياه، وصب قطرات الماء على القبرين.
الغبار الذي تجمّع على القبرين اختفى عندما لامسته المياه، وكأن الشكل الرث كان سرابًا، عاد لمعان الحجر إلى سابق عهده.
من حيث يرى أن المكان متسخ، ربما آخر زيارة قام بها للمكان منذ وقت طويل.
لقد كان يريد أن يرى الضوء في نهاية النفق.
قام بالعديد من الاختيارات المريرة.
عندما لا يكون الشخص قويًا، كان عليه أن يختار على طول الطريق.
سواء كانت الاختيارات سببًا للنجاح أو الفشل، فالأمر يعتمد على الشخص.
في النهاية…
لم يكن هناك ضوء.
مع الفكرة الساذجة بأن الذي يضحي بالآخرين لن يعاني، فعل كل ما بوسعه.
التضحية بالآخرين، التضحية بالذكريات، التضحية بالذات.
ماذا بقي للتطلع إليه؟
لقد أصبح زعيم العشيرة، نعم، هذا لا شكّ فيه.
لكن ماذا كان في نهاية الأفق؟
القوة؟ السلطة؟ أم ربما المسؤولية؟
لا شيء.
لم يبقَ شيء.
بينما كان ضوء القمر يضيء المكان، سقط ظل الشجرة على جسد غونار الصامت.
“ليس بعد”
بعد الوقوف ساكنًا لفترة طويلة، فتح الشاب غونار فمه بعناد.
“لا يزال هناك…”
لا يزال هناك مسافة يجب أن أقطعها.
هذه الكلمات الخالية من المعنى لم تستطع الخروج.
كان الشعور أجوف وخالي من الطعم.
“لقد غادرتُم وتركتُم هذا الصغير، أليس هذا قاسيًا قليلاً؟”
لكن… لا بأس.
يجب أن يكون هناك معنى من هذه الرحلة، إن لم يكن هناك، ما هي الفائدة من كل شيء؟
لا يستطيع التوقف هنا.
طريق الشيطان مليء بالدم والوحدة، لم يعد هناك مجال للعودة مرة أخرى.
غادر غونار المكان بينما تعتريه عواطف ضبابية.
“سيد العشيرة الشاب! هناك حالة طارئة!”
“حالة طارئة؟”
عندما عاد إلى خيمته، رأى بعضًا من الشيوخ وإخوته يتناقشون بتوتر واضح في الجو.
ركع مرؤوسه بينما يحاول تهدئة نفسه، لم يسعه نسيان ما رأته عيناه.
قال بصوت خالٍ من العاطفة كي ينسى شعور الخوف والحزن في قلبه، “هناك عدو مجهول قام بذبح فرقة الاستطلاع في وكر ثعالب النهر الأبيض، ليس هذا وحسب، بل حتى أن السيد الشاب الرابع قد توفي على يده!”
“ماذا؟ كرر ما قلتَ، بسرعة!”
حاول غونار استيعاب ما يحدث، واستمعَ هذه المرة ببرودة أكبر من السابق.
“نعم يا سيدي الشاب!” استذكرَ المرؤوس ما حدث: “بينما كنا نستطلع بالقرب من النهر الأبيض، إذ أن أوامر الشيوخ تقضي بكشف مخطط تلك القبيلة ضد دببة المعدن الأزرق، جاء رجل غريب الشكل…”
كان بشريًا أحمر الشعر بليد العيون، وجهه الخالي من التعابير تشوه بالنوايا القاتلة التي نضح بها جسده.
بينما شعرنا جميعًا بالتخوف غير المبرر، قام السيد الشاب الرابع بإعطاء الأوامر لمحاصرته.
قد يكون أمر المهمة قد انفضح، مع مثل هذه الأفكار في عقولنا، هجمناه جميعًا.
ثم في تلك اللحظة، ضوء أحمر.
“ضوء أحمر؟”
استفسر الجميع بينما يحدقون ببرودة تجاه المرؤوس.
“نعم… عندما رأيتُ ذاك الضوء، فقدتُ وعيي بكل بساطة…”
وعندما عدتُ إلى وعيي، كان هناك دماء.
مطر من الدماء.
جسدي كان يستحم بالدم، لقد رأيتُ الجثث مقطوعة في كل مكان، ليس فرقة الاستطلاع وحسب، بل حتى جثث الثعالب البيضاء.
كان جحيمًا، لا، جحيمٌ أحمر.
ثم، بشكلٍ مثير للقشعريرة في قلبي، رأيتُ ذاك الرجل واقفًا بين الجثث.
أكثر شخصٍ أحترمه، من أحمل له ولائي الأعمق، من أحببت حياته على حياتي.
لقد رأيتُ، الشخص الذي أردتُ موتي قبل موته، عيونه مفتوحة على مصراعيها وخالية من الحياة.
ذلك الرجل الغريب، كان يحمل رأس السيد الشاب الرابع بين ذراعيه.
كان مغطى بالدماء من أخمص قدميه حتى خصلات شعره، وكانت بقايا الأدمغة ملتصقة بجسده.
وبينما يمسك الرأس التي سال منها الدم، شرب دماء السيد الشاب الرابع.
“مستحيل”
الإبن الأكبر لزعيم القبيلة، إينار، أمسكَ وجهه برعب، هذا لا يمكن، هذا غير واقعي، هذا غير معقول!
“أنت! أخبرني أن هذه كذبة!”
تقدمَ إينار وأمسكَ بالرجل من ياقته بينما يصرخ.
كان ذلك أخاه الأصغر، كان ذلك داعمه الأكبر، لقد كان… ابن والدته.
“لماذا أنت على قيد الحياة بينما هو لم يأتي! أيها الوغد، أخبرني بسرعة قبل أن أقتلك!”
“سيدي… أكثر منك الآن، أتمنى أن هذا خيال…”
لم يدفع المرؤوس يده عن ياقته، عيونه كانت دامعة، لقد أرخى جسده.
“أكثر من الجميع! لقد كنتُ أريد الموت هناك تكفيرًا عن خطيئتي، سيدي الذي وضعته فوق نفسي مات، رغبتُ بشدة في الموت! أخبرني يا سيدي، هل كان من الأفضل أن أموت؟”
“أنا لا… أعرف”
“سيدي الشاب، أنا بنفسي ضائع، هذه الحياة وهبني إياها مولاي السيد الشاب الرابع، لكَ أن تتخيل مدى الفراغ في قلبي؟”
قبضة إينار المشدودة كانت ترتجف.
من الخلف، تحدث غونار بهدوء، “احكي، احكي ما حدث، هل نجت قبيلة ثعالب النهر الأبيض؟”
“الأسياد الشباب، الشيوخ… أنا آسف”
رأسه المنخفض نزلَ أكثر، نبرته كانت قاتمة.
ثعالب النهر الأبيض…
لقد أبيدوا جميعًا.
“ماذا قلتَ؟”
هذه المرّة، كان غونار هو المصدوم.
السيد… السيد الشاب غونار كان خطيب ابنة زعيم ثعالب النهر الأبيض…
مثل هذه الأحداث المأساوية، لأي مدى كان وقعها مؤلمًا عليه؟
“هل تمزح؟ أخبرني! أخبرني أنك تمزح!”
أمسك غونار قبضتيه المشدودتين بينما كان يرتجف.
في الواقع، على عكس صوته الحزين، لقد كان سعيدًا.
تم إبادة الدليل الأكبر على مسرحيته، ألا يعني ذلك أنه في أمان؟
بالطبع، عليه إظهار “حزنه” على وفاة خطيبته.
“يا ليت، هاها، يا ليتني أمزح، يا ليته مجرد كابوس أستفيق منه…”
ثعالب النهر الأبيض ماتوا جميعًا، زعيم القبيلة وجميع الأفراد تم محوهم من على وجه البسيطة.
“حلفائنا ماتوا، قائدي ومخلصي ذهب، لكنني خذلته، هاها… لقد فقدتُ معنى حياتي…”
كان الجميع يحدقون في المرؤوس بتعابير معقدة، محاولين استيعاب الكلمات.
السيد الشاب الرابع… وقبيلة ثعالب النهر الأبيض
لقد عرف الجميع من كان السيد الشاب الرابع، ثورفين.
لقد كان، على عكس الجميع، روحًا رحيمة على أتباعه، علاقته مع هذا المرؤوس كانت عميقة.
ربما لم يفهم أحد حزنه سوى إينار.
أوه، وغونار… على السطح على الأقل.
“تحدث، أخبرني بكل ما حدث، أنا… لن أترك الفاعل ينجو”
بعد صمته لوقت طويل، قام إينار بحبس دموعه، ثم أمر المرؤوس بالحديث، كان غونار يتنفس بصعوبة، لكنه كبح نفسه بينما يستمع.
على عكس قبائل البشر، كان للذئاب شعور عميق بالقرابة العائلية، كل ما تم قوله احتاج إلى وقت لقبوله.
لكنه ليس الوقت لذلك.
سواء كان الشيوخ الكبار أم الشباب الصغار، لقد راقبوا المرؤوس بوجوه باردة، على عكس الحزن الهائل في قلوبهم.
المحارب لا يجب أن يذرف الدموع، المحارب يجب أن يعتاد على الوفيات، هذا قانون ثابت.
مع ذلك، في النهاية، المخلوقات ليست دمى بلا عاطفة.
إنهم يشعرون ويتفاعلون، إنهم يفرحون ويحزنون.
حتى لو كان هذا الرجل محاربًا مِقدامًا، كان للسيد الشاب الرابع مكانة خاصة في قلبه.
بطبيعة الحال، ما شاهده جعله يحاول محاربة ذلك الرجل حتى الموت.
كانت تلك الفعلة عقيمة، فعلة غير عقلانية، لكنه قام بذلك على أي حال.
“كنتُ أرغب بتفجير نفسي معه والموت، لكنه قمعني بسهولة، هل تعرف ما قال، أيها السيد الشاب الأول؟”
“عِش، هذه العيون المتعطشة للموت ليست ما أريد، عِش وتذوَّق الرعب، أنشر رعبك للآخرين جميعًا، إني تاركك لتعيش اليوم”
رغم أنه بعيد الآن عن ذلك الشخص، إلا أن المرؤوس كان يشعر بالرعب، لذلك ارتجف جسده.
الرجل الغريب اختفى كالسراب، لكن رنين كلماته كان باقٍ في المكان.
بين الجثث لمئات المخلوقات، كنتُ الوحيد الذي بقى حيًا.
القبيلة التي كان يستعصي حتى على معظم القبائل الهجوم ضدهم قد ماتوا في ليلة واحدة.
البيئة كانت صامتة، لا وحوش التسلسل الأول، لا الثاني أو الثالث قاربوا هذا المكان.
ثم مع الرعب في قلبي، تذكرتُ كلماته المشؤومة ولم تفارق فؤادي.
“القمر الأحمر آتٍ، مع قدومه سوف نعطي العطايا والقُرابين”
“سوف تسيل الدماء وتنهض الشياطين، ترقبوا ذاك اليوم جميعًا”
سوف تعلو صرخات البائسين إلى أقاصي الأراضي ومحيطاتها.
حاولوا النجاة كما الحشرات الذين أنتم عليها.
تضرعوا وقاوموا، الشياطين آتية لا محالة.
وفي ذلك اليوم.
عالمكم سوف يصبح أحمرًا، ويتعفن بالدماء.
سواء كان الذين غضبوا أو شعروا بالحزن، سواء الذين شعروا بالرثاء أو غير مباليين.
لقد كانت عواطفهم موحدة.
الخوف.
في هذه اللحظة، تعابير الجميع كانت مشوهة.
القمر الأحمر…
قلوب الجميع شعرت بالبرد.
هذه التسمية، ربما لمعظم الناس، مجهولة، لكن بالنسبة لهم، كانت معروفة.
كارثة تناقلها الأسلاف منذ 300 عام.
بالنسبة لمعظم البشر، اندثرت أحداث الخراب في ذلك الوقت.
لكن في هذه الجزيرة، لهؤلاء القبائل، كانت ندوبًا لن تزول زوال الدهر أبدًا.
لقد كانوا يعرفون، لقد كانوا يفهمون، وكانوا يشعرون.
في هذا اليوم…
وحوش لا يمكن فهمها انطلقت نحو العالم.
تعابير الجميع كانت باردة.
ثم، نوايا القتل الهائلة نضحت من أجسادهم.
“إينار، إخوتي، الشيوخ… أنشروا الأخبار في الجزيرة بأكملها، من المستحيل أن يكون مثل هذا الوغد وحده”
فقط غونار بقي هادئًا نسبيًا، أمسك بكتف إينار والمرؤوس، وأعطى أوامره.
“اسمعوني جميعًا، لا تدعوا الذعر يتسلل إلى قلوبكم، حاربوا! من أجل أخونا الذي حارب ببسالة، من أجل حلفائنا الذين ماتوا ظلمًا، ومن أجل قبيلتنا!”
“هذه لن تكون كارثة، سوف تكون حربًا!”
لمعت عيون الجميع بقوة.
وعلى عكس الماضي.
“سوف نفوز!!”
ــــــــــــــــــ
بينما كان يطير ليون بسرعة في السابق، بدأ زخمه يتباطأ.
طفى في الطريق إلى طائفة الصقيع الأحمر بهدوء، عيونه كانت تتجول عبر المباني والبشر تحته.
الحيوية والضحكات كانت مسموعة.
الباقون في مجموعة ليون خففوا سرعتهم.
لم يعرفوا السبب، لكن لم يتحدث أحد.
بقيوا صامتين، عيونهم تتابع مسار نظرات ليون.
النبلاء كانوا يتمشون بينما يقود العبيد عرباتهم.
“أيها العبد، لا تجرؤ على عرقلة طريق السيدة الشابة!”
بام!
“كوااه!”
كانت باي يرين تمشي في الشارع، وقف أمامها شخص ما، الحراس الذين كانوا معها ركلوا جسد الرجل الشاب.
كانت باي يرين تشاهد ما يحدث ببرودة، تنهدَت لنفسها، كان هذا أحمق آخر واتته الجرأة على الاعتراف لها.
“الحشرات تتعايش مع الحشرات، والعنقاء تتعايش مع التنين، آنى لك محاولة الإقتراب من ساغو؟ همف!”
“هل تعتقد نفسك بالمستوى الكافي لمحاولة الإقتراب منها؟ أحمق”
“بعض الأغبياء لا يعرفون مدى علو السماء”
التلميذات بجانب باي يرين سخرن بإزدراء.
“يكفي، أنت صادق، هذا يعجبني، لكن هناك أمور يمكن القيام بها، وأمور لا يمكن القيام بها”
“إذا فهمتَ ذلك، أغرب عن وجهي”
الرجل الشاب الذي تم ضربه وكُسر قلبه بقي مذهولاً.
كان هذا أول اعتراف له، لكنه بدلاً من الحصول على إجابة نعم أو لا ببساطة… تم إهانته بشدة.
“… أشكر ملكة الجمال على لطفها”
حاولَ الوقوف، لكن أحد الحراس قام بركله.
“زحفًا”
“… ماذا؟”
ابتسم الحارس ببرودة، “اذهب زحفًا، على الأرض”
“… لا”
لقد رفض.
“همف!”
لم يعجب الحارس بذلك، وداس عليه بقوة.
بام! بام! بام!
كان يدوس عليه بقوة حتى تم حشر رأسه في الأرض.
مشت باي يرين غير مهتمة، “لنذهب”
صر العبد على الرجل الشاب على أسنانه بينما يتم ضربه.
حاول حبس الدموع المتجمعة في عيونه، إنه أحمق… أحمق كبير.
“هيهي، يا له من عبدٍ أبله”
“هناك دائمًا مثل هذه الحشرات التي تسعى للذهب، إن بؤسه مثير للضحك”
“حتى أن الإخوة الكبار في الطائفة لم يستطيعوا الحديث مع السيدة الشابة، عليه الفرح لأنها ردّت عليه، هاهاها!”
قلبه المكسور أصبح سخرية للناس.
لم يؤلمه أن الناس سخروا منه، عندما يتعرض الشخص لنفس الشيء دائمًا، سوف يعتاد عليه.
ما آلم قلبه كانت قلة حيلته.
حزنه العميق… كان بسبب ضعفه.
كان هذا الرجل الشاب مجرد عبد لأحد النبلاء.
بعد خدمته لسيده لسنوات، تمت مكافئته بجعله قطعة شطرنج يمكن التخلص منها في المد الوحشي القادم.
لم يستطع الهروب من القيود التي تم فرضها على جسده، لذلك قرر أن يعترف لـ باي يرين بما أنه سوف يموت على أي حال.
كان يعرف أنه سيتم رفضه… لكنه فعل ذلك، قلبه لن يتركه يموت في سلام.
النتيجة؟
ليس فقط أنه تم إهانته، بل حتى أنه تم ضربه أمام الفتاة التي كان يحبها.
عض شفتيه بينما يحاول المقاومة.
“يا؟ مرحبًا”
لكن في تلك اللحظة، وقف فتى ذو شعرٍ أسود وعيون حمراء قاتمة أمامه.
كانت رائحة الدماء تتخلل جسده، ابتسمَ الفتى ونادى على العبد.
“أيها الطفل الوقح، ماذا تفعل؟”
أحد الحراس لم يعجبه موقف ليون، وحاولَ التقدم.
“اصمت”
لكن قبل أن يتقدم أكثر حتى، نزل عليه ضغط ساحق.
بام!
جسده لم يستطع تحمل الضغط، وسقط على الأرض بقوة.
كوااه!
عيون الحارس تراجعت إلى الخلف، شعر بأعضاء جسده تنسحق وبصق الدم على الأرض.
كل ذلك حصل أمام أنظار الجميع.
“من أنت!”
“عرّف عن نفسك بسرعة!”
أحاط به الحرس الآخرون وصرخوا مع نبراتٍ مهيبة.
لم يهتم بهم ليون، أشار بيده تجاه الرجل الزاحف.
… ماذا؟
أحس الرجل الشاب بجسده يصبح أخف فجأة.
لقد كان يطفو.
“أنت، ليس عليك فعل هذا”
كان الرجل مذهولاً، لم يفهم ما يحصل، وبقي صامتًا لسببٍ ما.
“حتى لو كان هناك معاناة، من الأفضل مواجهة الأمر بلا خوف، لا تحني رأسك”
لم يفهم أبدًا ما يحصل.
لم يَرُدَّ على كلمات الفتى أحمر العيون.
لكن لماذا…
ابتسم ليون تجاهه وتجاهل الآخرين تمامًا.
“هل تريد التحرر؟”
لماذا يشعر بالضبابية في عيونه؟
هل بسبب أن ولاءه تم رده بالخيانة؟ هل بسبب أنه عاش يتيمًا؟ أم ربما بسبب رفض عواطفه؟
أم لأنه… لم يرغب بالخضوع للمعاناة حقًا؟
مد ليون يده، وتكرر المشهد السابق.
تم سحق الحرس بسهولة، وفقدوا وعيهم.
“ساغو! كوني حذرة!”
“همف! عديم اللباقة!”
سحبت التلميذات سيوفهن تجاه ليون، وقفت باي يرين أمامهن ببرودة.
“أخبرني، هل تريد المرور بالهراء الذي لا معنى منه طوال حياتك؟ أم الخوض في هراءٍ يمكن أن يحمل معنىً ما؟”
اقترب ليون من العبد.
عيون العبد الضبابية كانت تمنعه من الرؤية بوضوح.
لكن ذلك لم يمنعه من الحديث.
“أنا… أرغب”
حتى رغم أن فمه كان متورمًا من التعرض للضرب، صوته كان واضحًا.
“ماذا؟ لم أسمعكَ جيدًا، هل قلتَ شيئًا؟”
“… لقد سئمتُ من هذا الهراء، أنا سئمت من العيش كما البغايا أنتظر موتي!”
أنا لا أرغب بالعيش هكذا بعد الآن!
هل هذا هو شعور الإنسان عندما يفرغ ما في قلبه؟
إنه بلا معنى، ربما هذا الفتى الأصغر منه بقليل يبصق الهراء.
لكن مع ذلك، إن هذا الشعور مريح.
ارتجف جسد الرجل الشاب قليلاً، لقد فعل شيئًا أحمق، لكنه… لم يندم.
“حسنًا”
توجهت عيون ليون نحو مجموعة باي يرين.
“كانغ وو، إن ساهيونغ غريب”
“… ألم تكن مهمة سرية، أو شيئًا من هذا القبيل؟”
كانت المجموعة تختبئ وتشاهد الحدث يتكشف أمام عيونهم.
“ومع ذلك، لدي فضول”
“نعم… أنا نفس الشيء”
كيف سيتفاعل ساهيونغ تجاه ما يحصل؟
بينما كانت عيون لوغان وكانغ وو مشرقة، بقيت ستيلا صامتة، تراقب بدون رمش أفعال ليون.
“لم أتوقع أن نلتقي بالسيدة الشابة بسرعة، لكن ربما…”
كان الجعوز تشيو على أهبة الاستعداد، بينما كان يطفو قبلهم، أعطاه ليون بضعة أوامر.
بالعودة للمكان، كانت عيون باي يرين محبوسة على ليون، ولم تأبَ الرمش حتى.
“أنت… ماذا تعتقد نفسك فاعلاً؟”
سحبت الفتاة الشابة سيفها، هل يعتقد أنه قد أبهرها بمثل هذا العرض المثير للشفقة.
تعابير ليون كانت غير مبالية، تقدمَ نحو الأمام.
“يا صغيرة…”
اختفى مع مشيه بخفة.
“إنكِ بغاية الضعف حقًا”
ثم في نفس اللحظة، كان في وسط المجموعة من الفتيات.
كان يمسك بيده رأس إحدى التلميذات.
“بمثل هذه القدرات الهزيلة، كيف يمكنكِ حماية رفيقاتكِ؟”
ثم.
بام!
لكمت ذراعه بطن الفتاة وطارت في الجو.
“أختي!”
“وقح! كيف تجرؤ!”
ضحك ليون من الحصار عليه.
“كيف أجرؤ؟ هاهاها، أنا لا أفعل سوى ما فعلتموه لذاك الشخص، أنا أسحق حشرة ضعيفة، ما المشكلة؟”
لمعت عيونه الحمراء بقتامة، كما أسلف بحديث قائلاً، “باي يرين، صغيرة وصلت إلى النجم الرابع قبل بضعة أيام، ابنة زعيم الطائفة، تم تقديم طلبات زواج تجاهها، بسبب ذلك، ومن دون وعي، غرورها ازداد مما جعلها تكره الذكور…”
“تأثيركِ الأحمق هذا جعل زميلاتكِ متعجرفات بدورهن، هاهاها، حشرات، إنكم حقًا حشرات مثيرة للشفقة”
“هاجمن يا تلميذات! إنه يتعدّى على شرفنا-”
رغبن بالتحرك، لكن وتيرة ليون لم تتغير.
“هذا ما أعنيه، كان من الأفضل لكم الهروب عندما كنتُ لطيفًا”
عندما قال ذلك، الجاذبية تحركت وفقًا لرغبته، كما لو كان إثباتًا لكلماته.
ساحق.
إنه ببساطة ضغط ساحق.
سقطت جميع تلميذات طائفة الصقيع الأحمر على الأرض!
من دون القدرة على تحريك إصبع حتى.
فقط باي يرين، من كانت متحررة من هذا الضغط.
“إنهنّ حمقاوات يتأثرن بقدوتهن، لكن أنتِ؟”
مشى ليون وعيونه باردة تجاهها.
“لستِ سوى حمقاء مدللة، ضعيفة لم تستطع حماية أخواتها”
رفع إصبعه، وتم رفع باي يرين في الهواء كما تم ختم طاقة الجوهر الخاصة بها على الفور.
“انت… من أنت!”
شعرت باي يرين بالإختناق، كما لو كانت يدُ شخصٍ ما تخنقها، صرخت بغضب.
كيف يجرؤ… كيف يجرؤ على ضرب أخواتي!
“أنا؟ يمكنكِ اعتباري كما الرياح العابرة”
كوووه!
ابتسم ليون، ولَكَمَ بطنها بقوة.
شعرت باي يرين بذراعه كما لو كانت تخترق بطنها.
شعور ألمٍ لا يوصف.
فمها بصق اللعاب وتراجعت عيونها.
هذا الوغد…
فقط من يكون؟
ثم، فقدت وعيها على الفور.
“عندما ينتهي هبوبي، تنتشر الفوضى”
“هذا! هذا الشخص في الواقع تجرأ على ضرب السيدة الشابة!”
“أهربوا! أهربوا قبل أن يفعل بنا نفس الشيء!”
كان الناس مذعورين، وبادروا بالهروب.
تلميذات طائفة الصقيع الأحمر تم قمعهن بواسطة ليون وفقدن الوعي، أما الحراس فقد سحقت أجسادهم وغابوا عن الوعي أيضًا.
سووش! سووش! سووش!
خرجت الظلال وسط الصراخ.
“تسك تسك ساهيونغ، أنت تفعل الأشياء الممتعة وحدك”
“اخرس يا لوغان، مازال هناك عمل بعد، مما تشتكي بالضبط؟”
“أوتش! هذا مؤلم!”
تذمر لوغان، لكن نقر ليون على جبهته.
كان الرجل الشاب يشاهد ما يحصل مذهولاً.
هذا الموقف والأسلوب…
إنه ذلك الشخص المشهور؟
طالب أكاديمية ضوء القمر، ليون إيڤينيوس.
ماذا يفعل هنا؟
منذ البداية وحتى النهاية، كان طاغيًا.
“على أي حال، أنت، من اليوم، أنت حر”
نقر ليون بأصابعه وظهر إيغو في الجو.
تحول هذا الإيغو إلى ضوء ودخل جسد الرجل الشاب.
كان هذا هو إيغو مفتاح السجين، وهو الإيغو المعاكس لقيود السجين.
كانت وظيفة هذين الإيغو متمثلة في التقييد والتحرير، إن أصيب الشخص بقيود السجين، سوف يصبح عبدًا، والعكس صحيح.
مع لمعان جسده، ظهر دخان أسود على جسد الرجل الشاب وفقد وعيه.
في هذه اللحظة، أصبح حرًا.
“لنذهب”
حمل ليون باي يرين ومشى في الطريق بتبختر.
“أيها العجوز، القطعة الأهم في الرقعة معنا الآن، يمكنك إخباري بخطتك السابقة”
كان العجوز تشيو صامتًا.
كما توقعتُ تمامًا.
“إن هذا الفتى الشاب مرعب”
كان كانغ وو معتادًا على هذه المواقف، ومشى مع ليون، لوغان كان يحب ما يحصل لذلك لم يرتبك.
فقط ستيلا والعجوز بقيا يحدقان في بعضهما البعض، وبعد وقتٍ قليل تحركوا.
بينما مشى الجميع، طافت أجساد تلميذات طائفة الصقيع الأحمر في الهواء، وتبعت الأجساد ليون.