73 - الفصل 73: درب البائسين مليئٌ دائمًا بالنوايا الحسنة (5)

الفصل 73: درب البائسين مليئٌ دائمًا بالنوايا الحسنة (5).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كان هناك ذات يوم بدرٌ منير.

في حقبة الظلال، حيث لم يُذر لمخلوقٍ حي سوى دُجى الليالي القاسية، عقولٌ مخبولة وأرواحٌ كسرها الزمن، خاوية من الأمل، ولادتهم أضحت ما يُذمّون عليه بدل الشكر.

وفي أحد ليالي الضباب الأسود، أضاء البدر عالمهم الأجوف، فإذ بهؤلاء يتطلعون نحو ذاك النور.

“ وااااااا! وااااااه! ”

ذات يوم، ولِد غلامٌ بين الجثث الباردة، صرخاته كانت مليئة بالحياة، شعلة منيرة إندثرت إثرها حيواتٌ عديدة.

لم يبقى سوى عجوزٍ يحمل عصا قديمة.

حمل ذاك الغلام هذا العجوز هادئ الملامح.

“ أيها الغلام الصغير، إنَّ رغبتي في البقاء معك لمتأجّجةٌ أجيج اللهيب، آبيةً الإنطفاء، لكن ما لي سوى تركك في قريةٍ قريبة، عسى أن نلتقي عندما يشتدُّ عودك ”

إن الحقبة المنسية على وشك أن تُقبِل علينا، التاريخ يُكرِّرُ نفسه، وإنجرافك هكذا بلا حياةٍ تريح قلبك شيئٌ به لن أسمح.

بقائي معكَ الآن لن يجلب سوى المعاناة، لكنني راجعٌ لك بعد إهلاك هؤلاء من لا يرضوا لنا السكينة.

أيآ أيها الصغير، إني آسفٌ، ولـ بقائك حيًا شاكرٌ.

كان بدر تلك الليلة ذا أنوارٍ حمراء مختلطةٌ في بياضه النقي.

بعد دفن أبوي الطفل حابسًا دموعه، مشى العجوز بعيدًا.

قرية لم يمسّها الخراب بعد، وقف العجوز في بيت إحدى تلك المنازل، عائلة من أبٍ وأم وابنتهما، عرف العجوز عن طباعهم المودة والمُآخاة.

تُرِكَ الغلام أمام الباب باكيًا، مع رسالة لا يفهم مقاصدها سوى هذه العائلة.

وفي ذاك اليوم، أقبل طفلٌ نقي على الحياة.

ـــــــــــــــــــــــ

فتح ليون عينيه بعد لحظة، يراقب المبنى الأزرق المهيب في إطلالة بصره.

“ إن شظيَّة الذكرى تتفاعل … هذا يعني أن مُرادي قريب، لكن أين؟ ”

كان يحدق عبر الأنحاء، ناشرًا طاقته عسى أن يجد ضالّته.

لكن لم يكن الأمر سهلاً، من دون أدلة واضحة، إن إيجاد شظايا الذكريات شبه مستحيلة.

إن صدى إندماج تلك الشظايا هو الدليل الوحيد تقريبًا، وفي هذه القارة الضخمة، يمكن فهم مدى صعوبة ذلك.

شظية الذكرى، لقد كانت المستوى المتقدم من الفن القتالي الخاص بالمحارب.

في عوالمٍ منفصلة عن واقعٍ حدث وفات، يمكن من خلال شظية الذكرى تبصّر ماضي حامليها الذين سبقوك، خائضًا تجارب تتماشى مع هؤلاء المحاربين القدامى.

يمكن للتجربة أن تتجلى في أيٍ ما يخطر على بال، قتال، ربما إستكشاف، ربما قضية سياسية أو صدمة لا يقوى من سبقوك على قبولها.

إن كشف الماضي الغامض وفك عقدة الندم العالق هو جوهر ما يُسمى بـ محاكمة الذكريات.

عندما تنجح في سبر غور هذه الشظية، تندمج الذكريات ويزداد فهمك لهذا الأسلوب، فتصبح عالمًا بدربك غير جاهل.

يمكن لك بهذا توفير سنواتٍ من الجهد، الوقت والتخبُّط غير المجدي.

وإن أخفقتَ؟

يندثر جزءٌ من وعيك، فيتضرر عقلك، وما لك سوى أن ترتاح حتّى يتجدد.

لكن إن إستمرّيتَ متجاهلاً هذا الضرر، ينكسر وعيك تمامًا، ولن تمسي بعدها إنسانًا، بل مجرد مخبول خاوي العقول.

وقد كان اسم هذا الذي إندثر عقله هو المتجول الأجوف.

بلا عقل لكن ذا قوة، لا يمكن السيطرة على المتجول الأجوف أو محاولة إعادة ذاته السابقة.

مخاطر هائلة تجتمع مع فوائد هائلة!

كان ليون أحوج ما يكون لشظايا الذكريات الباقية لـ “ذاك الشخص”، كان هذا على أولوية أهدافه الحالية!

إن كانت الشظية قد تفاعلت الآن فهذا يعني …

أن مبتغاه داخل طائفة الصقيع الأحمر!

“ على أي حال … إن المسرح يكاد يجهز ”

وراءه كان هناك جيشٌ ذا بأسٍ وله من الأعداد ما يُخشع.

تم نشر وحدة الشيطان المجنون عبر جميع البيوت النبيلة.

مع مذكرة الإعتقال التي أصدرها ونشرها قائدة وحدة الشيطان المجنون، أصبح فساد قائدة طائفة الصقيع الأحمر معروفًا للعلن.

المتواطئين، الفاسدين وجميع من كان لهم علاقة مع قبيلة الأفاعي الطائرة وقُطَّاع طُرُق الجبل الصغير وعِدة أمور أخرى سيتم محاسبتهم وفق ذلك.

بالطبع، كان الجميع يعرف عن فساد هؤلاء النبلاء والقبائل، لكن لم يفعل أحدٌ شيئًا.

هل كان بسبب فرق القوة؟

كان لدى الأكاديمية القوة الكافية، كان لدى حلفاء ليون أيضًا القوة الكافية، لكنهم لم يُقدِمو على خطوة.

السبب بسيط، تشابك المصالح بين الناس يمنعهم في كثيرٍ من الأحيان عن الإقدام على ما في خاطِرِهِم.

إن القضاء على زعيمة طائفة الصقيع الأحمر سوف يكون سببًا لـعِداء بقية الأطراف، هذا العداء سوف يتحول إلى معركة إقتصادية في البداية.

سوف يتم سحب المعاملات السابقة بين الأطراف وبالطبع الصراع على أرض طائفة الصقيع الأحمر التي بدون قائدها مجرد قطعة كعكة بلا مالك.

كان لدى زعيمة طائفة الصقيع الأحمر شبكة معارف هائلة، ناهيك عن مصالح عديدة يمكن الظفر بها، مع وفاتها يمكن للأخرين إمتلاك عذر لاتخاذ إجراء.

سوف تصبح السِلع غالية ويتم إحتكار السوق، هذا يعني وجود مشترين أقل، مما يؤدي إلى الغضب.

“ هذا الغضب سوف يصبح قتالاً بسيطًا بين الفقراء، لكن الفقراء، بعد ما تصبح السلع أغلى وينعدم الإنتاج المتجدد، لن يعطيهم النبلاء فتات الخبز بعد الآن، مما يؤدي إلى شغب، هؤلاء النبلاء سوف يقمعونهم ببساطة ”

ذاك القمع يصبح مبررًا للقوات الكبرى للقتال، وهكذا تنشأ حربٌ تخسر فيها القبائل الأضعف ويتم إبتلاع مواردها.

هذا شيئٌ لن يرغب فيه ملوك هذه الجزيرة، لأنه يسبب في إضعاف القوة الإجمالية للجزيرة.

لكن إن حصل ذلك، هل سوف يتركون القوى الصغرى في سلام؟

كان هذا ببساطة — مستحيل!

آنى لأحدٍ مقاومة الرغبة في إمتلاك قوة أكبر وسلطة أعلى؟

في الواقع، لو حدث الصراع بالفعل، كان إبتلاع القوى الصغرى هو الخيار الوحيد.

لماذا؟

كان ذلك بسبب القوى الخارجية.

وهكذا، كيف لن تنقض أحد الدولتين المتحكمتين في تحالف القمر الأزرق، كايرو ونانمان؟

إن نشأ الضرر من الغباء عدم التقوّي قدر الإمكان، من أجل نجاة أكبر عدد، سوف يتم حتّى تلفيق التهم للقوى الصغرى من أجل الصورة الكبرى!

لوضع الأمر بلطف، كانت هذه تضحية ضرورية، لكن في الحقيقة، كان ذلك مجرد جشع.

ناهيك عن كل شيء، حتّى رغم ما عاثه أصحاب السلطة من خراب، مازالت هذه الأرض الفاسدة ملاذًا يلجأ إليها من كان مِن الوحوش هاربًا.

كانت قسوة العيش هي الكفاح في عالمٍ فاسد، كانت قسوة الموت هي الكفاح ضد وحشيةٍ طاغية.

في النهاية، سوف يختار الناس قسوة العيش على أن تبيدهم الوحوش خارج المُدُن.

هذا هو سبب غض الطرف عن معظم الفساد في هذا العالم.

لذا، أي شخصٍ آخر سوف يرى أنَّ خطوة وحدة الشيطان المجنون حمقاء.

أو على الأقل، سوف يعتقد أنهم لن يقتلوا زعيمة الطائفة بل سوف يسجنوها لا غير.

لكن …

كان ما ينوي عليه ليون أسوأ بكثير.

نيةٌ تسبب الفوضى، وتلك الفوضى في جوهرها يكمُن ما ابتغاه.

“ في غِمار الخطر أُقبِلُ كما العاتي أسعى، كاشفًا عن ماضٍ منسيٍ له مِنَاي وأبغى، عالمٌ حيث يُكشف قناع المنافق ويفنى”

إنَّ ما في خُلد ليون أعمق من مجرد صراعٍ بين القوى، كان يسعى لإستخدام جميع القوى لتحقيق غايته.

الأكاديمية، القوى الكبرى هنا، تحالف القمر الأزرق، لم يكونوا سوى بيادقٍ يستخدمها من أجل أهدافه!

رفاقه، الذين لم يكونوا على دراية بأفكاره، نظروا إليه بتوتر.

كانت ستيلا تولي البيئة انتباهها الأكبر، إن حدث أي شيئٍ خطير، فهي ستهرب، لم تكُن على وشك المخاطرة بحياتها من دون اكتساب شيء.

“ لا يهم مدى قوته، إنه ليس ندًّا لطائفة الصقيع الأحمر، لكن مع الجيش ورائنا، القضية مختلفة، من الواضح ما هي النتيجة، لكن فقط تحسبًا … ”

حزمت ستيلا أمرها، على ماذا يُقدِمُ هذا الشيطان، هي لم ترغب في المعرفة، لكن بما أنها في الأمر بالفعل، فهي ستفعل ما بوسعها.

إن كانت محظوظة بما فيه الكفاية، قد يمكنها الظفر بـ إيغو أو إثنين، وربما كمية مرضية من أحجار الإيغو في ساحة المعركة الفوضوية؟

كان سبب تفكيرها هذا هو أحذية البرق التي حصلوا عليها، كان هذا الإيغو مفيدًا للسرقة بلا شك!

بالنسبة لـ لوغان، كان يتعمق في المعلومات التي أعطاها إياه الخدم قبل أيام.

“ إن هذا يفسر كل شيء! سبب تحركات وحدة الشيطان المجنون وقاعة القمر الأسود المشبوهة مؤخرًا رغم بقائهم في الحياد كل هذا الوقت، كان ساهيونغ هو أصل ذلك! لولا رؤيتي كل شيئٍ بـعيني، لكنتُ باقيًا في الظلام ”

عندما مشى ليون نحو طائفة الصقيع الأحمر مع الآخرين، عرقلَهم أفراد الطائفة، لكنه قام بـذبحهم بلا رحمة أمام الجميع، ثم بعدها إنتشرت الإنفجارات في الأماكن.

تم حرق بيوت النبلاء والتجار، أماكن بيع العبيد والأعضاء، التجارة غير القانونية وغير ذلك تدمرت.

الفوضى والذعر إنفضَّ عنه الجميع، كان هناك طيورٌ تحمِل الصُحف وتُسقِطها في المدينة، أخبار عن فساد طائفة الصقيع الأحمر وطائفة لهب النسيان.

كان الناس في الشوارع يتحدثون عن الوضع الأخير في مدينة الهلال الأسود.

إنتشرت أخبار هجوم قاعة القمر الأسود على طائفة لهب النسيان بالفعل، كان مصير قائد طائفتهم مجهولاً، وكُشِف عن وجود خونة في تلك الطائفة وتم إستبدال سلطتهم.

كان الوضع في أوج خطورته، حتّى أن المد الوحشي الذي قيل أنه سيحدث بعد 3 أيام تم الكشف أن وقته الليلة!

لوغان أصبح مصدومًا.

هذا … هذا …

هذا يفوق ما في أجمح خياله!

“ إن هذا هو أصل الحقيقة المطلقة للعالم! إن الفوضى موجودة دائمًا، لكن الناس يُغمِضون أعينهم عنها بحجة العيش المسالم، هذا مجرد هراء! ”

حزم لوغان أمره، يجب عليه تجنيب نفسه هذه الكارثة بأي ثمن.

إنه يريد رؤية ما يراه ليون، يريد معرفة الرحلة التي سيخوضها، أي نوعٍ من الحكايات سيرويها؟

كان هذا مثيرًا للإهتمام بقدر خطورته.

في الواقع، لأن الأمر خطير، فهو يريد خوض غِماره!

“ على ماذا ينوي؟ من الواضح أن صراع القوى هذا ليس مناسبًا، بالذات في هذا الوقت المتوتر، هذا الشيطان، هل هناك وقتٌ يتصرف فيه بما يتداركه العقل؟ لمرة، فقط لمرة واحدة لعينة! ”

وضع كانغ وو وجهه على ذراعه اليمنى، يسُبُّ ليون فِكرًا وليس كلامًا، لأن فعل ذلك بفمه سوف يلعب بحياته.

على عكس الإثنين الآخرين، رغم معرفته أن ما على وشك الحدوث قد يودي بحياته، إلا أنه عرف أيضًا أنه سيظفِر بفائدة كبيرة إن نجى!

كان العجوز تشيو يحدق في الجيش الجرّار، خاشيًا ما على وشك الحدوث.

حتّى لو إختار الإنشقاق عن طائفته بالفعل، مازال هذا مكانًا حمل فيه الذكريات، لم يكن من المريح معرفة أنه أحد الأطراف المتسببة للكارثة.

“ فخامتك … إنِّي وقِلَّة رجاحتي لست فيك متشككًا، لكن … أليس ما يحدث ما أكثره ضررًا وأقل نفعًا؟ ”

لذلك، ربما يأخذ دور الوسيط، على الأقل لتقليل الأضرار قدر الإمكان، لم يرغب برؤية ما بناه يُهدم ببساطة.

“ أيها العجوز السفيه، ليس لديك من الخيارات ما كثُر، لذا قِف حيث يرتاح قلبك، إنِّي عن ما أنويه لستُ ألين، ولك حرية محاولة إيقافي إن كان لك جسارةٌ في هذا ”

عيون ليون الباردة اجتاحت العجوز تشيو، لم يكن هناك ضغطٌ أو قوى غريبة تُوهِنُ بدنه، لكن قدماه لم تقوى على حمله.

إن الوقوف بذاته أصبح عبئًا لم يسَعهُ احتماله.

“ … أنا … أفهم، إني عن كلماتي معتذرٌ، آمل أن يصفح فخامتك عنّي فما أنا إلا جاهلٌ ”

لم يسعه سوى خفض رأسه، عسى أن لا يُقتل ها هنا.

“ فقط لا تندم على قرارك ”

لم يعطيه ليون نظرة بعدها.

صمت العجوز تشيو، محدِّقًا في هذين فوق السماء.

كانت باي يون، زعيمة طائفة الصقيع الأحمر تطفو في الهواء أمام الجمع الغفير.

خلفها طائفتها التي تطورت بين ذراعيه.

الشخص الآخر لم يكن سوى تشون يون وو، قائد وحدة الأمن الأكبر في جزيرة القمر، ومُطبِّق القانون الأكبر.

كان شخصًا هائل القوى، مثابر لا يتزعزع، ذو معتقدات لا تنكسر.

كان هذا هو ذو القمر الرابع الذي نجحَت باي يون في الهروب منه منذ زمن.

كان سبب هروبها في الواقع هو أن يون وو سمح بذلك.

كان لدى يون وو خططه الخاصة بعين الإعتبار عندما تركها تهرب من براثنه، وترك الرأي العام يعزز شهرتها مما سمح لطائفتها بالنمو بسلاسة.

إن سُمعتَهُ قد تضررت بسبب ذلك، إذًا ماذا؟

كانت الصورة الأكبر مهمة أكثر من مجرد السمعة.

حان الآن الوقت للخطوة الثالثة.

هيه.

إبتسم يون وو بسخرية، متحدثًا بإزدراء، “ يا بنت الحرام، يا من عِثتِ في الأراضي الفوضى، إن مثواكِ اليوم لن يكون سوى مضجع الموتى! ”

“ … حتّى لو أن هروب هذه المتواضعة يغيظ سيد وحدة القانون، إن هذا يفوق الحد، هذه التُّهم الباطلة تهين شرفي وكبريائي! ”

إبتسامة متوترة دخلت شفاه باي يون، محاولةً إكتساب الوقت.

لم يكلف يون وو نفسه عناء الرد على كلماتها الجرداء.

من الواضح أن باي يون كانت توفر الوقت، في إنتظار شيئٍ ما، لولا ذلك لـحاولَت الهروب بالفعل.

كان لديها ورقة رابحة واحدة يمكنها التعامل مع يون وو.

كان ذلك شخصٌ قد وصل إلى نفس المرتبة.

كانت طبيبة الحقل الأصفر، والتي كانت لها علاقة وطيدة معها.

إن سبب عدم إقدام يون وو على قتلها هو أن الطبيبة إعترفَت بمدى قرابة علاقتهما.

إن الطبيبة كانت في الحِزب السياسي المعارض لـ وحدة الشيطان المجنون، موتها سيسبب المزيد من الخلاف.

إذًا لماذا الآن؟

كانت باي يون في موقف لا تُحسد عليه، لماذا داهمت وحدة الشيطان المجنون المدينة فجأة؟

هل تخلّت عنها طبيبة الحقل الأصفر، أم أن هناك سبب يجعل الشيطان المجنون واثقًا؟

هذا أرَّقَ فؤادها، لكن أكبر ما زاد الضغط عليها هو الأشخاص في الأسفل.

ليون، الذي طافت فوقه أجساد تلميذات الطائفة، ومن بينهنّ إبنتها، ومعه كان الشيخ الأول تشيو!

هل إنشقَّ هذا الضرطة العجوز عنهم لأنه رأى أن ذلك الجانب له فرص أفضل؟

أنت! أنا سوف أقطع رأسك، أسلخُ جلدك وأشربُ دمائك!

كان هذا العجوز اللعين يسبب لها ضغطًا عقليًا هائلاً.

وتحت ذاك السخط الهائل، كان هناك شعور طفيف بالخيانة، وخيبة الأمل.

كان عليها كسب الوقت بأي ثمن، حتّى على حساب حيوات أفراد الطائفة!

لحسن الحظ، مبنى طائفتهم كان منزل إيغو دفاعي، والذي يشبه القصر، حصنٌ منيع سهل الدفاع وصعب الهجوم، لذلك كان لديها المبادرة.

“ أيا أطفالي! أيا أتباعي من ناصروني على الحق! إن هذيان قومهم عن خُلُقِنا وشجاعة أفرادنا لا قبِلناه اليوم أو غدا! هاجموا! لنستعيد شرفنا! ”

“ إن أخواتكم الصغار في الطائفة بين براثن هؤلاء الأشرار، فاليُبصِروا الويلات! أهلِكوهم! اذبحوهم! ُأقتلوهم! ”

أصدحت باي يون بصوتها كما تمت زلزلة الهواء بقوة طاغية.

أمسكَت سيفًا داميًا ينضح بهالة بيضاء ناصعة، الهواء من حولها أمسى شَتَوِيًّا، درعٌ أبيض يتباهى في وقاره غطّى سيدة الطائفة.

“ نحن لأوامركِ لا نخون! يا سيدتنا من أجلكِ نسير في الهشيم أو الصقيع وما كُنَّا خاشعون! ”

“ يا إخوتي! ذاك الشقي الذي يمسك بـ باي يرين ساغو لي! أنا سوف أنحر رقبته! ”

“ همف! ليس لكم من سبيل! إني مقطعكم إلى أجزاء لا يُعرف عنكم حال بعدها! ”

كلمات لا حملت الهلع أو الخضوع، فقط تأكيدٌ مطلق بأن النصر هو سبيلهم.

أفراد طائفة الصقيع الأحمر لم يكونو خائفين، كانت هذه أرضهم.

حتّى لو كان يون وو في القمر الرابع، الجميع عرف أن طائفتهم تتبع الحِزب السياسي لطبيبة الحقل الأصفر، يعرف الجميع أن وجوده كان مجرد ضغطٍ عقلي، لن يتخذ إجراءً بسهولة.

هذا يعني أن ما عليهم فعله هو المماطلة حتّى تصل التعزيزات.

لكن المشكلة الكبرى كانت المد الوحشي، يجب حسم الأمر بسرعة!

للأسف، لم يكن هناك مجالٌ للتوفيق، لأن مصالح حِزب يون وو وتشون يو مي كانت متعارضة للغاية، ناهيك عن عداء الإثنين العلني!

عداوة حتّى الموت!

لولا ذلك، لكانوا قد تعاونوا على الأقل حتّى نهاية المد الوحشي قبل إكمال شؤونهم.

“ ها … ”

خرجت ضحكة طفيفة من فم يون وو.

“ هاهاها ”

هاهاها—! هاهاهاها—!

صدى ضحكاته المرعبة كما لو أنه مجنون قد أحدثت الصمت في البيئة بأكملها.

ضحكاتٌ مشؤومة.

“ جبناءٌ لا العالم أو أنفسكم تواجهون، يا من ليس لنفاقهم حدودٌ! ”

بعد توقفه عن الضحك، أضحت عيونه باردة للغاية، قاسية للغاية، لا مخلوقًا يذر له عتقًا أو رحمة!

“ ما لكم من الموت اليوم مهربٌ! ”

لا تتركوا عدوًا من بينهم حيًا يُرزقُ!

وبتلك الكلمات، مشى أفراد وحدة الشيطان المجنون، صامتين، سيوفهم رافعين، ولا من الموت هم هاربين.

نوايا القتل ما عبّر عن عواطفهم، أسيافهم ما يحكي قصصهم، دماء العدو ما يروي عطشهم.

طائفة الصقيع الأحمر، منذ ثلاث سنوات، كانوا يتشاركون حُكم هذه المدينة مع شخصٍ ما كان عليهم أبد عيشهم لمسه.

في ما كان يُفترضُ، يمكن لذاك الشخص إبادتهم، لكنه لم يفعل.

أغاث إخوته من كانوا في حالٍ لا تُحسد، مضحيًا بنفسه لنجدتهم على حساب أنه قد تعذَّب.

ذاك الشخص كان هو السبب في عدم فعل أي شيئٍ حتّى الآن.

حكاية لم يرويها أحد، عن تضحية منسية لا يعرف عنها أحد.

حكاية إندثرت بين ثنايا الدُّجى، ولم يجرؤ عتيٌّ على روايتها.

بطل محى وجوده من ذاكرة الذين أنقذهم، وهُم له من البداية لم يهتموا.

وفاته كانت بداية النذر بالهلاك لهذا الشعب، كان هؤلاء من أطلقوا رغبة الدم في قلوبنا.

لكن بسببه أيضًا، بلعنا غيظنا ودموعنا، حتى يأتي يوم تنفيذنا لوعده.

- حتّى يحين يومٌ لا تقوى فيه قوى عليكم، في يومِ لا يُجرح أحدٌ من إخوتنا مرة أخرى، هذا هو الوقت المناسب.

- يا إخوتي، العالم بأجمعه سوف ينسى بقائي وإختفائي، لكني فرِحٌ أنَّني ما إندثرتُ من قلوبكم، لذا أرجوكم، ولو كان صعبًا، لا تنتقموا حتّى ذاك الحين.

“ ساهيونغ، اوه يا ساهيونغ المزعج للغاية، لا قلق عليهم بعد اليوم، إخوتنا أقوياء، وإنِّي عاهدتك أن لن يمسّهم أذى، لهذا السبب أنا هنا ”

تحدث ليون بصوتٍ فيه من الحنين ما يُستغربُ، وبدلاً من ما يشبه الندم، كان في هذه النبرة شعورٌ دافئ به المرء يَعجَبُ.

“ فإنّي الليلة عاهدتكم! فَلَسَوفَ أعتِقٌ من يستحق العتق، وأُهلِكُ من كان إستحقاقه الهلاك! ”

طاف الشاب في الهواء، يتبصّر في الجمع دُنوًا، ذا العيون الدامية، الذي كان زعيمًا، قائدًا، محاربًا وملكًا.

أكثر من كل شيء، كان متجولاً حرًا!

كان الجيش بأكمله يضعون أسيافهم وراءه.

نشر ليون حاجزه في هذه المنطقة، كل ما يحدث لن يراه أحد، لن يسمعه أحد، وإن كان فسوف يهلكُ.

إنتشر عطش الدماء وعلا صوته في الأفق كما الرعد!

“ لم يعد هناك ما يمنعنا بعد اليوم، هذه أرض أجدادنا! فيها لبث موتانا ويحتمي بها أحيائنا! افبأعناقهم لنَنقُشَنَّ هذا! فـ هيا يا إخوتي! أُسقوا! أُسقوا الأراضي بـدمائهم ومن الخطايا تُطهّر أرضنا—!! ”

لن يُحيد عن هلاكهم شيئٌ فاليومَ لا هُم أقوى ولا نحن نتوانى!

سووش!

ظِلٌ أبيض طار في الهواء بسرعة هائلة.

كان هذا هو لوغان!

كوانغ!

ممسكًا سيفًا في ذراعه، طعنَ في قلب أحد أفراد الصقيع الأحمر، ومات على الفور.

من الجلي أنه كان في عمر لوغان وفي مستوى القمر الأول.

كانت المقدمة مليئة بـذوي القمر الأول، إذ كان هناك حاجة لبيادق تستهلك طاقة العدو.

مع إقناع الشيوخ للشباب السُّذَّج أنه لا يُشرِّفُ المحارب أكثر من المعارك، وتقديم الفوائد لهم، تم خداعهم.

هذا الشاب المسكين لم يُذر له من العمر بعد الآن.

“ أقبِلوا! هيا أقبِلوا يا ضعفاء! ملابسي اليوم ستُصبغُ بـدمائكم! ”

كوانغ! كوانغ! كوانغ!

ضحك لوغان بشراسة وبدأ يقطعهم بكامل قوته، شرر أبيض ينضح به جسد، لون المعدن الأسود عبر ذراعيه كان منيرًا.

أفنِهِم! أهلِكهم! أقتلهم! إفترسهم!!

“ هذا الفاسق! لقد سرقتَ لحظتي! ”

سووش!

أمسك كانغ وو رمحًا أسودًا ورماه، إخترق الرمح دفاع العدو، وعلى الفور قفز نحوهم بسرعة فائقة.

كواااانغ!

“ أغغغ! ”

تراجع حامل الدرع للخلف بقوة، بالكاد تحمّل وطأة الهجوم.

لم يكن سوى محارب في النجم الثاني من القمر الأول، لكنه ضخم البنية مما جعله قويًا جسديًا حتّى بالمقارنة مع النجم الثالث.

لذلك كان في حيرة من أمره من مدى بأس هذا الصعلوك ذهبي العينين.

لما هذا الغلام قويٌ للغاية!

بام! بام! بام!

درع المدافع كان يتضرر، وهالة الحماية حوله كانت تضعُف تدريجيًا!

“ اللعنة! عليّ التراجع! ”

كان على وشك التراجع لكن …

لم يسمح له خصمه بذلك.

أذرع كانغ وو كانت مغطّا بالمعدن الأسود، مستفيدًا من ذلك، قام باللكم بكل قوته.

“ مُت! مُت! مُت أيها الحثالة! ”

كواااك!

ظهر سيفٌ أسود ذهبي فجأة في ذراع كانغ وو ثم طعن رقبة عدوه بوحشية!

لم يتوقف بل شدَّ عضلات ذراعه ثم شقَّ جثة هذا الشاب الضخم إلى نصفين!

تناثرت الدماء كما إنتشرت هالة النجم الرابع في البيئة!

[ روح الإيغو: تنين الكارثة!]

هدير—!

تم تجسيد عطش الدماء على شكل تنين ذهبي ظهر في السماء!

“ هاهاهاها! ”

ضحكة دموية خرجت من فاه بينما يستحم في السائل القرمزي.

قفز كانغ وو في الجو، واقفًا فوق التنين الذي يمزق الأعداء!

“ … يا لهم من متهورين ”

أمسكت ستيلا سيوفها المزدوجة، ولم تتباطأ رغم شكواها.

عطش الدماء لوّث بصرها، خرج ضباب أبيض من فمها كما تصدعت الأرض تحتها.

مع إستخدامها لـ أحذية البرق، تسارَعت ستيلا في لحظة، وكانت أمام إحدى التلميذات بالفعل!

“ همف! أقبِلي! ”

كان في ذراع التلميذة سوطٌ أبيض، هالة جليدية ينضح بها السوط، وعلى الفور جلَدَت التلميذة تجاه ستيلا.

كان الهجوم يستهدف وجهها!

هذا سيء!

ظهر الذعر على وجه ستيلا، وقطعَت تجاه السوط بالسيف الأيسر.

“ أيتها الغبية! موتي! ”

كانت التلميذة على وشك إستخدام السوط كـوسيلة للقطع بالسيف.

“ أنا لن أموت ”

ضحكة مشرقة أضاءت وجه ستيلا.

ثم تخلّت عن السيف.

ذراعها أمسكَت بالسوط وسحبَت التلميذة الغير مدركة نحوها على الفور.

السيف غُطِّيَ بالهالة لبرهة وجيزة.

كانت بضعة ثوانٍ حدها الأقصى، ستيلا وصلت إلى النجم الثالث قبل برهة، لذلك كمية المانا الجديدة لم تعتادها بعد.

لكن.

ذلك لم يمنعها من الهجوم.

“ بل أنتِ ”

كواااك!

تم طعن التلميذة قبل أن يتدارك عقلها ما أهلكَها!

سعال!

بصقَت التلميذة الدم، عيونها غير مصدقة لما حدث أبدًا.

السيف الأيسر كان طافيًا في الهواء.

تراجعت ستيلا واستعادَته بسرعة.

لكنها لم تعطي فرصة لخصمها.

قفزَت نحو الأمام بكل قوتها.

أحذية البرق!

وميض أزرق لمع في ظلام الليل، وتم تحديد نتيجة المعركة.

طعن! طعن! طعن!

لم تتوانى ستيلا وقطعنتها كرَّةً بعد مرَّة!

في صغرها، تم تنسيق مجموعات الإيغو الخاص بها منذ بداية دربها، خائضَةً غِمار الخطر في مهده، النجاة للأقوى.

عندما كبِرَت، كان هناك التدريب الجهنمي الخاص بـ ليون والخبرة، مواردٌ لم تنقص لأن ليون ساعدهم طول الطريق.

كل ذا بأسٍ يشتدُّ عوده عندما يصاحِب الفوضى ويكتسب منها.

كانت الزهرة ستيلا تتبرعم، وذلك يُعزى إلى هذه العقلية.

ومع ذلك، غفلَت عن شيئٍ مهم في آخر لحظة.

بالضبط قبل أن تنطفئ شعلة حياة تلميذة طائفة الصقيع الأحمر، فكرة واحدة تم تمريرها.

وكان ذاك الفِكر بسيطًا.

“ اللعنة! ”

بعد فوات الأوان، لاحظت ستيلا خطئها الجسيم.

كان ذلك هو الإيغو الذي كانت تمتلكه التلميذة، والذي يمكن تدميره بمجرد فكرة، وحتّى تفجيره.

حاولَت ستيلا التراجع بسرعة لكن!

سيفها المغروس في جسد التلميذة آبى التحرك!

لقد شدّت التلميذة شبه الميتة عضلات بطنها لمنع السيف من الحركة في الواقع!

إبتسامة مصبوغة بالدماء خرجَت من فمها قبل موتها.

بالطبع، لم يمنع هذا الإجراء ستيلا من الحركة، قامت بسحب سيفها وتراجعت بكل قوتها.

لكنه كان كافيًا لتأخيرها.

كان هناك حاجة لبضعة أنفاس أخرى قبل إمكانيتها لـ تفعيل أحذية البرق، وهذا كان غير مؤاتٍ، عليها الإعتماد على نفسها.

السوط الذي لم يلامس الأرض تشقق على الفور.

عليك اللعنة! هذا خطير!

نشرَت ستيلا هالتها بكل قوتها وركّزت على الأجزاء الحيوية من جسدها.

لم يكن لديها ما يكفي من طاقة الجوهر لـ تفعيل الأسلوب الدفاعي الخاص بها.

كان الإيغو الدفاعي الخاص بها مجرد نجم أول، دماره سيؤدي إلى رد فعلٍ عنيف قد يؤدي إلى وفاتها إثر غدر أحدٍ ما!

لكن لم يكن لديها خيار.

اللعنة!

إيغو درع الهالة!

بوووم!

وقع إنفجار قوي في المكان.

تطايرت الصخور وأصبح المكان كتلة من الجليد.

كانت ستيلا على إستعداد للإعاقة من قوة الإنفجار في أسوأ الأحوال!

هدير—!

وفي لحظة بلوغ الإنفجار لها، طنّت آذانها من صوت الهدير العالي.

من غير أن يتدارك وعيها الأمر، كانت تحدق في سماء الليل النجمية.

“ أيتها البلهاء، قال الوغد الشيطاني أن لا نُرخي حذرنا أبدًا، فلما أراكِ قليلة الوعي هكذا؟ ”

صوتٌ بارد صدر من الشخص الممسك بذراعها فوق تنينٍ ذهبي يشبه الضباب قليلاً، كان ذا شعرٍ أسود طويل يرفرف مع الريح، مغطّى بالدم القاني للعدو.

عيونه الذهبية كانت شرسة، نوايا القتل الباقية آبت الزوال، مما جعل يقظته بلا اندثار.

كان هذا هو المحارب الطاغية، بايك كانغ وو!

“ آسفة ”

كانت ستيلا مدركة لغلطتها، لذلك لم تنزعج من كلماته، وعلى العكس كانت شاكرة.

“ إن ليون يُعوّل علينا، رغم أنني لا أهتم، لستُ جبانًا يهرب من المعارك، هذه ليست نزهة، أيتها الفتاة، إن كان هذا كل ما عندكِ، من الأفضل لكِ الهروب حالاً ”

هذا ليس مكانًا للأغرار ضِعاف القلوب.

هذا صحيح …

إنها ساحة معركة، لا مجال للتهاون، لن يرحمكَ أحد، لن يعتِق عنك أحد، يمكن لأي شيء الحدوث هنا.

“ لن أهرب، ساهيونغ، أنا شاكرة لك لكن … أنا لستُ بهذا الضعف ”

أنا خير مُدرِكةٍ للحقيقة.

لا القوي أو الضعيف آمنين من أخطار الحرب.

“ هذا هو العزم، لن تلحقي بقوتنا أنا لوغان إن لم يكن لديكِ هذا العزم على الأقل ”

سحبها كانغ وو إلى ظهر التنين، الذي كان يتراجع نحو الحلفاء.

“ شكرًا يا كانغ وو ساهيونغ ”

هذه المرة لن أرخي حذري.

بدأت ستيلا تمتص أحجار الإيغو، وإبتلَعَت حبة إستعادة القوة، النعيم بعد العذاب، وكانت تقيم أضرار الإيغو خاصتها وما إن كان هناك تشوهات في الجسد.

لحسن الحظ، لم يكن هناك أي خلل.

مع رؤيته لذلك، إبتسم كانغ وو بوحشية.

“ يجب عليكِ ذلك، أبذلي جهدك إن لم يكُن الموت مبتغاكِ! ”

كلاك!

أمسَكَها من ذراعها فجأة.

“ … ساهيونغ؟ ”

كانت ستيلا، بطبيعة الحال، مستغربة.

لكن لم يكن لها الوقت للفهم.

لمعت عيون كانغ وو بجنون، وشدّ عضلات جسده.

ثم، رفعها في الجو.

أتى شعور مشؤوم إلى قلب ستيلا.

“ … هاها، هل أخبرتكَ من قبل أنني أشدُّ معجبيك؟ ”

كانت على وشك الهروب.

لكنها لم تكن سريعة كفايةً.

“ هاهاها! ها نحن ذا! ”

ضحكَ بشراسة، ثم رماها تجاه العدو بقوة ساحقة!

سووش!

“ واواواو! إبن الحرام! ”

هذا المجنون!

لعنَت ستيلا تحت أنفاسها، لكنها لم تتراخى.

مع إستعادتها لطاقتها، يمكنها أخيرًا إستخدام الهجوم القائم على قدرة السلالة والإيغو!

[ قدرة السلالة: روح البطل!]

[ إيغو القمر الرمادي، النجم الثاني: سيف الشروق، سيف الغروب]

[ ما وراء أفق الشمس!]

لمع جسدها بنورٍ مشرق كما غُطِّي بالدرع، السيوف المزدوجة كانت مجيدة، مهيبة، منيرة عبر الأفق!

سووش—!

اصطدم جسدها بالعدو كما قطعت بالسيوف!

كان هذا مجرد جانب واحد من المعركة، في كل مكان كانت الفوضى قائمة، وكل شخصٍ وجد خصمه، كما لو كانت بينهم عداوة قديمة!

إشتبك الجانبين بقوة!

بام!

تم تدمير المباني المجاورة، وكانت المعركة فوضوية.

هكذا بدأت الحرب.

ــــــــــــــــ

الفتاة الصغيرة كانت تركض.

هروبًا من مُطارِدِها، هي ركضت بكل قوتها.

جسد مليئٌ بالجِراح، ندوبٌ على الوجه وآثار الحمى عليها ظاهرة.

“ كيكيكي، آاااه ~ نعم، نعم! أهربِ يا صغيرة! هكذا صيدكِ يصبح ذا طَعمٍ يرضي به تطاوعني نفسي على الصيد! ”

كان الرجل يحمل قوسًا وسهمًا، هذا المكان هو حديقة قصره السرية، لم يجرؤ أحد على الدخول، فأين لها من مهرب؟

جهود عقيمة من ذات دمٍ أدنى!

سووش!

“ كيااغغغ! وااااااا! مؤلم! مؤلم! أمي! أمي ااااغهه! ”

ضرب السهم في قدم الطفلة فإذ بالنحيب يصبح عويل، والعويل يصبح صراخ.

ورغم صراخها هذا، حشدَت عزيمتها واقتلعَت السهم بكامل قوتها!

مؤلم! هذا مؤلم! أرجوكم، ارجوكم، ارجوكم، أريد أن يتوقف!

“ كياهاهاها! نعم هكذا! على كلابي التي لا ترضخ المعاناة! ”

كانت الطفلة ترتجف من البرد والألم، نزيف قدمها كان يسبب لها خدرًا غير طبيعي.

“ … بارد … مؤلم … ”

أنا أريد الموت.

وثم.

بام!

إنفجر الباب المعدني المؤدي للحديقة السرية فجأة.

“ ماذا! من! من هذا! ”

لم يكن هذا الرجل مجرد إنسان عادي، لقد كان ذا أدنى رتبة بين النبلاء وفي القمر الأول، لكنه لا زال نبيلاً، من ذا الذي يجرؤ على الهجوم؟

للأسف بالنسبة له، كانت الإجابة على سؤاله شيئًا لم يقدر على تحمله.

“ ثيودور كارلوس، متهمٌ بانتهاك العديد من خادمات قصره، القتل، التحريض، إجبار بعضهنّ على الحمل قبل بيع أبنائهن سرًا إلى قبيلة الثعابين الطائرة، ومن رفضَت تم جعلها لعبة للتسلية قبل قتلها، اليوم هو يوم عقوبتك، بصفتك رئيس العائلة، فخطاياك ستحمل عاقبتها العائلة كلها ”

وقف رجل يرتدي ثيابًا سوداء، خلفه مجموعة من المحاربين الأشداء.

ومع نهاية كلامه، هاجم الآخرون بلا حديث.

كواك!

تم ضرب بالأرض بقوة، وتساقطت أسنانه قبل أن يحاول الدفاع عن نفسه حتّى!

“ كرغغغ! أنت! سوف تندم! ”

هل تعلم هوية من هاجمته للتو؟ إنك لهالك!

“ أنتم سوف-كيااااااغغغغغ!!!! ”

قطع! قطع! قطع! قطع!

الذراع الأيمن، الأيسر، القدم اليسرى واليمنى، تم قطعهم بأشدَّ القطع إيلامًا.

“ كواااا! رغاااااككك! ”

بصق ثيودور الدماء ويصرخ بأسى، كما الخنزير المثير للشفقة.

“ أقتلوه، لا تذروا له راحة حتّى يهلك ”

لم يلتفت إليه الرجل، بل كان يحدق في الفتاة الصغيرة.

مد يده، فإذ بضبابٍ أحمر دافئ يدخل جسد الفتاة، معالجًا جراحها بالكامل.

الفتاة كانت فاقدة للوعي، لكن الصورة الضبابية لـ ثيودور بينما يتعذب بقيت عالقة في وعيها.

هذا بطريقةٍ ما كان يرضي قلبها، لكن في نفس الوقت خافت من هؤلاء المهاجمين.

حملها قائد الفيلق الثاني في وحدة الشيطان المجنون، تشون موجين، بين ذراعيه بخفة.

أنزل القناع الذي غطّى نصف وجهه كما إبتسم بحنان، “ نامي يا صغيرة، هذا الكابوس قد إنتهى، ولن يكون هناك سوى أحلامٍ سعيدة بعد اليوم ”

الفتاة الصغيرة أرادت النوم، لكن أرّقت قلبها مسألة مهمة.

“ … أمي … ”

عند سماع ذلك، صمت موجين.

ومضت في ذاكرته إمرأة تشبه هذه الفتاة بالضبط.

عضّ شفتيه للحظة، لكنه إبتسم بإشراق.

“ لا تقلقي، إنها بخير ”

“ … أنا … ”

أنا شاكرةٌ لك جزيل الشكر.

عند سماع ذلك، إنزاح الهمُّ من قلب الفتاة، يغمرها التعب حتّى نامت بعمق.

“ هذه ليست سوى البداية ”

خرج موجين بعد الإنتهاء والصغيرة بين ذراعيه.

“ إخوتي، هذا ليس مجرد عملٍ نقوم به من أجل الخطة الكبرى، إنه واجبٌ على أعناقنا، العالم قد تخلّى عنّا بالفعل، لكن أناس هذه الأرض، نحن لن نتخلى عنهم، ولو مُتُّ اليوم لستُ على فعلتي نادمٌ! ”

“ ساهيونغ، هذا ليس وقت الحديث العاطفي، لدينا عمل كثير للقيام به! ”

“ … هذا الشقي ”

شوه موجين وجهه كالشيطان، يحدق في ساجيل الخاص به.

“ هاها … نعم! ساهيونغ! ليس وقت هذا- ااااه! ”

سلاب!

“ تبًا! أبها المجنون! توقف هذا مؤلم! ”

بعد أن صفع رأس ساجيل كما يرضى، سعل موجين ثم أمر الآخرين.

“ لنذهب! ”

ـــــــــــــــ

أمام ساحة الإعدام، كان الفيلق الرابع يقف بشموخ.

“ اتركوني! أرجوكم إعتقوا حياتي! ”

“ المال؟ سوف أعطيه! أملاكي! نسائي! وحتّى الإيغو خاصتي! فقط اتركوني أحيا! ”

“ سوف ألعنكم! إني لاعنٌ سلالتكم ألف عام! أيها الحقراء دنيئوا الدماء! ”

كان العديد من الأشخاص مُكبّلين،مربوطين أمام المقصلة.

أولئك المسؤولين الحكوميين الذين إعتادوا على إعدام الناس في هذا المكان، آن أوانهم لتجربة ذاك الشعور.

“ آيا سكان مدينة كايتونا! آيا جميع من ذاقوا المظالم، أبصِروا بأعينكم هذا! إسمعوا صرخات الظالمين البائسة وأنقُشوها في قلوبكم! إني اليوم أعاهدكم! لن أذَرَ منهم حيًا، وإني لسوف أُرديهم قتلى! ”

تحدث تشون يون بايك، قائد الفيلق الثاني، بصوتٍ جبار.

رغم ذلك، حتّى مع لفت إنتباه الناس، إلا أن عيونهم تجاههم كان مِلئُها الخوف.

على الأغلب، كان هؤلاء مثلهم كمِثل الذين سبقوهم، لن ينخدعوا بهذا اللطف الغير صادق مرة أخرى.

بين ثناياها عيونهم هناك حذر وقلق.

بالطبع، كان منظر هؤلاء النبلاء الفاسدين يُعدمون مرغوبًا، لذلك مازال هناك من الناس من يعلوا صياح أفراحه.

“ كال ڤون دان! هل تتذكر أبي! التاجر الذي سلخت جلده فنشرته أمام متجره لأنه لم يُبايعك في تجارة الفتيات! اليوم قصاصي أشهده! لك الويلات ويا ليتك تتعذب! ”

شاب في مقتبل العمر يبكي صارخًا، يضحك تارةً فيبكي تارة، لا يسمح لضبابية عيونه بإخفاء وجه قاتل أبيه المرعوب.

“ يا من قتلوا أهالينا! يا من لم تعفونا من ضرائبكم رغم معرفتكم بحالنا! يا ليت لي سوطًا أجلدكم به حتّى مماتكم! ”

كان هناك من بكوا حتّى لم يقوى لهم من الطاقة الوقوف، من كان في قلوبهم همومٌ انزاحت.

بالطبع، مازال هناك من لم يعجبهم الوضع، فهجموا تجاه ساحة الإعدام.

لكن مصيرهم كان الهلاك ببساطة، فشتّان بيننا وبينهم.

نحن لنا الغلبة والقوة، نحن الجلاّدون وأنتم المُحَاسَبون!

لم يلُم يون بايك هؤلاء الشعب المساكين، أولئك من عاشوا المظالم رغم إختلاف قادتهم لن يثقوا بأحد.

كان إكتساب ثقتهم شيئًا لا تفيد فيه الكلمات، الأفعال تلامس القلوب أكثر من كلامٍ معسول.

“ إذبحوهم أمام الجميع، ولتصبح هذه الليلة بداية التغيير، وليعلم الجميع بما نحن عليه مُقبِلون! ”

كواك! كواك! كواك!

محاربون في القمر الأول، وحتّى الذين بلغوا بداية القمر الثاني!

لقد تم إعدامهم في الواقع أمام الجميع!

كان في أسواق العبيد الفيلق الأول، فإذ بهم يذبحون هؤلاء الأوغاد ولا نسلهم يذرون، حتّى التفاحة الفاسدة تخرب صندوقًا، ناهيك عن عائلة بأكملها!

في الأزِقّة والأحياء الفقيرة، الفيلق الثالث أمسكوا جميع العصابات في المكان، من يقاوم قُتِل!

يمكن القول، أن المدينة أصبحت نطاقًا لهلاك المنافقين، الذين لم يذَروا في المكان أحدًا إلا وآذوه!

ــــــــــــــــــــ

كانت المعارك الملحمية في كل جانب، لكن بكل تأكيد، طغى حضورٌ واحد على الجميع.

شاب تطفو فوقه جثث بضع نساءٍ في مقتبل العمر، ملابسه سوداء، شعار التنين الأحمر المهيب بدا كما لو أنه يصدر هديرًا، وعيونه حمراء دامية ينضح منها نذير الهلاك.

كان هو من أصدر الضجة بـقتله المستكشفين الذين راقبوا باي يرين.

إنه هو من قطع رؤوسهم، راميًا جثثهم في نيران الهشيم فوق المباني المحترقة.

لم يكن له عطش دماء أو غضب، لا حماسة للقتال أو خوف بادي على محياه.

فقط وجهٌ لا عاطفة تنتج منه، ناظرًا لهم بمللٍ قاتم.

“ ماذا؟ ما بكم أرى في تعابيركم الجفاء والخشوع، ألم يأتي عليكم يومٌ تتوقعون فيه هذا، لا يزرع إمرؤٌ زرعًا إلا وحصده ”

مشى في الهواء، خطوة بخطوة.

الذين في الخطوط الأمامية لم يقوى في كيانهم رغبةٌ للتقدم.

تراجع.

لا يهم مدى جسارتك، لا يهم مدى طغيانك، ولا تهم قوتك.

إذا لم ترغب في الفَنَاء، تراجع.

هذا الحضور في جبروته يُفنى أمامه العِداء، يرفض كل شيء، ويُخضِع كل شيء.

لا يقبله مخلوق، يخشاه كل مخلوق.

كما الكابوس تمامًا.

هذا ما كان عليه الفتى.

وقف محارب في النجم الثالث من القمر الثاني أمام الجنود، هذا هو المرشح الأدهى لوراثة منصب نائب زعيم الطائفة الذي كان شاغرًا.

موهوبٌ أيّما موهبة، إذ أنه وصل إلى هذا المستوى بينما هو في الخامسة والعشرين فقط.

كلب زعيمة الطائفة الأوفى.

باي سانغ، كلب الحراسة البارد.

هو في الواقع، لم يجرؤ على التقدم، بين الولاء والخوف، تصارعت عواطفه.

الفتى الشاب أمامه بدأ يسرد قصة.

“ ذات يوم، كان هناك مزارع، يكدح ليلاً نهارًا، فقط لـيذوق أهله لقمةً يتابعون بها عيشهم، لم يكن له حولٌ أو قوة، ثم فجأة، بدأ حاكم المدينة المجاورة يفرض الضرائب على شعوب المنطقة، القُرى في المنطقة كانت في مجاعة منذ البداية، ومع الضرائب؟ ضربة قاضية ”

“ هو لم يقوى على البقاء حيًا بينما الوحوش قريبة إلا بالكاد، هذا سببه قِلّة غارات الإبادة التي يقوم بها محاربي المدينة، الذين لم يجدوا في ذلك مصلحة، فأنى له دفع تلك الضرائب غير العادلة؟ تم إعدام هذا المزارع وأهل بيته ببساطة”

هناك شعوبٌ من شدة جوعهم كان غذائهم هو لحاف الشجر، لو كان لهم من الحظ حليفًا، ربما جثة مخلوقٍ يجدون فيها البقاء تأتيهم.

وهناك من النساء من كان إنتهاك عِرضهنَّ مجرد عادة معتادة، حيث يصِرن خادماتٍ مصيرهنّ أن يكونوا ألعابًا ووسائل لتخفيف شهوات الطغاة.

هناك أطفالٌ يصبحون عبيدًا بمجرد القدرة على المشي، بعضهم يتم قتلهم فتصبح أعضاءٌ من أجسادهم سلعًا في التجارة، وبعضهم يُقتلون لسبب واحد، أنهم كانوا بلا أصلٍ نبيل.

“ حدثوني عنكم، أفي أرضكم هذه ما بقي من شهواتكم لا ترضى أو تشبع؟ ”

ينتقل عبر المدينة كما صرخة المعركة.

رنين الصوت الهادئ في الذهن كما همسات الرياح.

كوانغ!

“ اصمت ”

يظهر أمام ليون شخصٌ ذا زيٍ أبيض، يمسك سيفًا أبيض ناصعًا كالجليد، تعبيره بارد.

لكن ضربته لم تطال جسد ليون، فإذ بنصلٍ أسود ذا لونٍ دامي يخرج من ذراعه ويصد هجوم العدو.

“ ولما أصمتُ؟ فهل في كلامي من خطأ؟ يا كلب زعيمتكم الوفي؟ ”

– تذكر دائمًا، الكلب إذ عضَّ يُضرب، الكلب الجيد يتبع أوامر سيده بطاعة مطلقة، لا يفكر، لا يقرر، فقط الأوامر.

بينما تومض كلمات زعيمة الطائفة في ذهنه، يؤكد باي سانغ عزمه.

“ … كما قلتَ، أنا كلب، أنبح حين يجب علي، أعضُّ حين ما يأتي أمر سيدتي، لذلك لا أهتم بصحة كلامك من خطئه ”

كوانغ! كوانغ! كوانغ!

هاجمَ باي سانغ بكل قوته، يضرب فيتم صده، ثم يضرب مرة أخرى.

ليون يراقبه بملل فقط.

“ أنت … كلامك هذا، في قرارة نفسك، تعرف أنه هراء، أليس كذلك؟ ”

لم يرُدّ باي سانغ، بل ضخّ طاقة الجوهر الخاصة به، وقام بتفعيل أقوى تحركاته.

بام! بام! بام!

صقيع هائل يخرج فجأة فإذ به يضرب ليون!

لكن!

لم يتغير شيء.

الصقيع لم يستطع بلوغ جسد ليون، فإذ بالفضاء عبر المكان يلتوي ويبتلع موجة الصقيع بسهولة.

كما لو لم يحدث شيء.

كان يقف على بعد عشرين خطوة من باي سانغ، بكل ارتياح وملل.

“ إخوتك الصغار هُم السبب، أنت تمثل دور الكلب هذا فقط بسببهم، خوفًا من أن يأتي عليهم ذاك اليوم بدلاً منك، لكن مصير الكلب الوفي أن يُهجر، وما تهديد إخوتكَ إلا رباطٌ على رقبتك، تستخدمك به سيدتك كما تشتهي نفسها ”

“ … أنت ”

تغير تعبير باي سانغ للحظة.

“ لا تتحدث كما لو أنك تعرفني! ”

حديثهما هذا، لم بتدارك باي سانغ أنه لم يطال آذان أحد.

عندما حشد باي سانغ كل قوته في ذراعه، تحرك ليون قبله.

سووش!

خطى خطاه وتشوّه الفضاء، أمام عيني باي سانغ يقف بهدوء.

وثم …

بانغ!

“ بوااااغغ! ”

لكمة هائلة القوة في البطن.

“ أنت لن تكسر هذه الأغلال بنفسك، فلك مِنّي هديتي، ولو رغمًا عنك، لأجعلنّك حرًا، ما رأيتُ من أحدٍ في حياتي قيمةً إلا وجعلتُ تلك القيمة في أبهى صورها تتجلّى ”

لن يضحى هذا الذي أمامي كلبًا بعد اليوم.

بل ذئبًا يُحسبُ له ألف حساب، ذئبًا لا يقرب قطيعه عدوٌ بعدها!

“ أدخل في المنام الآن، فإنك لـشاهدٌ على أولئك من كانوا عُداة أرضنا ”

فقد محارب في القمر الثاني وعيه.

وهكذا، مشى ليون نحو مبنى طائفة الصقيع الأحمر، وجسد باي يرين يطفو خلفه بينما إختفى جسد التلميذات الأخريات وباي سانغ بغرابة.

2025/04/18 · 9 مشاهدة · 5810 كلمة
نادي الروايات - 2025