16 - الفصل 16: إمتحانات تحديد الفئة داخل الأكادِيميَّة (1)

الفصل 16: إمتحانات تحديد الفئة داخل الأكادِيميَّة (1)

ـــــــــــــــــــــــــ

عاجز.

موقفٌ غير سار لا يُمكِنُك فيه فعل أيِّ شيئٍ ذِي قِيمَة.

كما لو كُنتَ مُكبَّلَ الإيدي و الأقدام، بِلا أيِّ وسيلة للتَّحرُّر.

هذا هو ما يُسمّى بالعجز.

هل كان الأمر في البداية، عندما تجاهلوا غرائزهم؟

سُفَهاءٌ لا يَعرِفُونَ لِلغُرورِ حدًّا.

حماقة و عجرفة البشر تؤوُلُ بِهِم نَحوَ التَّهلُكَةِ لا مَحَالة.

هناك العديد من الأخطاء التي يرتكبها الشخص، لدرجة أنًَك لن تدري أيُّهَا أكبر من الأخرى.

هذه حقيقة مطلقة و سائِدة.

حتَّى مع ذلك.

تتربَّعُ خطيئة لا تُضاهى على العرش.

العجرفة و الكِبر.

أعظم الخطايا كانت دَائِمًا الغُرور.

عندما تبالغ في تقدير نفسك، فالنَّار التي تُشعِلُهَا ستُحرِقُك وحدك.

مطاردة الفريسة و تسليمها للأستاذ المشرف ديوس.

كانت تلك محتويات المهمَّة.

بسيط، بلا تعقيد أو صعوبة.

عندما عُرِفَ بين الطُّلّاب الجُدُد أنَّ المطاردة تقودها الأميرة لوسيا، فقد تهافت الكثير لمساعدتها.

ألن يكونوا كالمحسنين لو قاموا بدعمها و لو قليلاً؟

كانت فرصة كهذه شيئًا يجب إغتنامه بطبيعة الحال.

مع مثل تلك الأفكار، أتوا بعيونٍ جشعة.

لو قاومت الفريسة، لا ضَيرَ من إستخدام بعض القوَّة.

بعد كُلِّ شيئ، مع خلفيّة الأميرة، لن يتجرَّأ العاقل على المقاومة و لا الشَّكوة، لذلك سيكون مباحًا لهم بيان قدراتهم.

إن نجحوا، ربَّما ستراهم الأميرة لوسيا ذوي قيمة.

مجرَّد أن تنظر إليك أميرة مملكة كايرو يكفي لأن تسحب جميع الأنظار نحوك.

ناهيك عن أن تكون مُساهِمًا في عمليّة تقودها بنفسها.

الفوائد.

المصلحة الذَّاتيَّة، هذا ما يُحرِّك المرء بنشاط.

لا يوجد ما يُسمّى بالخير في صراعات السلطة و إستحصال الفوائد.

الأميرة لها قيمة عالية، لذلك سيتبعونها و لو لأقاصي العالم.

لا بأس، حتّى لو لم تُعِرهُم الأميرة أيَّ إهتمام، فما زال هناك أخرون ذوي خلفِيَّاتٍ بارزة.

طالما أظهروا قيمتهم لمن أعلى منهم، فسيكون هناك عِلاوة يحصلون عليها.

قيمتهُ أصبحت منذ ذلك الوقت عالية.

لم تعد مجرَّد مطاردة بسيطة.

الفتى الذي أتى من السماء.

كانت هي التسمية الأولى له عندما أتى.

أكثر من يجب إمساكه.

هذه هي التسمية الثانية، و التي حصل عليها.

إنَّه الأن طريدة يجب إفتراسها.

لم يكن ليون إيفينيوس مجرَّد شخصٍ للإمساك به.

لقد كان وسيلة و موطئ قدم.

موطئ قدم لهم للإرتقاء.

لكي تصعد لأعلى، عليك أن تدوس شيئًا ما.

حالما تدوس على ذلك الشّيئ، فأنت تتسلّق عبره.

عندما يرتقي أحدٌ ما، بطبيعة الحال، سينخفض أحدٌ أخر.

تلك هي مجرَّد واحدة من الحقائق القاسية في هذا العالم.

مع تواتُرِ الثواني و تزايُدِ البحث، زاد الجشع في أعيُنِهِم.

كانوا شبابًا صغارًا، لذلك كانوا قيلي الخِبرة.

لم يعرفوا أكثر من بضع أساليب قليلة لكي يرتقوا في المجتمع.

و هذه كانت إحداها.

ما لم يكن الشَّخص بنفسه قَوِيًّا، فليس له سِوى الإتِّكال على شخصٍ قوي.

إنها قواعد النجاة للضعفاء.

للأسف.

كما لو كانت المياه الباردة تسقط على الحَالِمِ لإيقاظه، الواقع البارد أفَاقَهُم مِن نومِهم .

ناهيك عن إظهار أيِّ قيمة، لم يكونوا أكثر من مُتفرِّجين.

لا صراع، لا تبختُر أو حتّى إظهار ما يُسمّى بالفائدة.

لقد تعاملوا مع وحوش.

لا يمكن للبشر قتال الوحوش.

تلك حقيقة واقِعة لا أكثر.

عندما أتوا، سمعوا صوت معركة، و شعروا بضبابية غريبة، قبل أن يصلوا.

المنظر الذي إستقبلهم كان معاكسًا لما توقَّعوه.

مشهد ليون يكافح للهروب، بينما هم يضحكون على مقاومته عديمة الجدوة.

هذا ما يتبادر للذِّهن قبل الوصول إلى هنا.

بدلاً من ذلك، ما إستقبلهم كانت عُيُونُ خمسة أشخاصٍ باردة.

فتى يحمل السيف مع مظهر شرس، إتَّجه نحوهم بهدوءٍ و يُسر، كما لو كان في نُزهة.

هدوءه تَناقض مع الضَّجَّة التي كانت تحدث.

حاملٌ للرُّمح يَشِعُّ بأجواءٍ هادئة، حدَّق فيهم بملل ظاهر في عينيه.

كانوا هم من أرشدوهم إلى هنا.

من المفترض أنَّهم كانوا حُلفاء.

ما يرونه بدا العكس.

فتاة شقراء بجمال لا يوصف، حملت تعابيرها الراكدة برودة جليديَّة.

الفتى الأشقر صاحب الأعين الزرقاء، كان معروفًا للعديد من الأشخاص.

لقد كان فرناندو نيكولا.

وقف مع المجموعة و حدّق نحوهم بأعين باردة.

من الواضح أنَّه، لم تكن أجوائهم مريحة، و لم تُشِر لكونهم حلفاء.

شُعورٌ غريزي بالحذر يومِض كالتَّموُّج في القلب.

بالضبط كالأرنب عندما يستشعر حضور الثَّعلب.

دقَّت غرائزهم ناقوس الخطر.

بالطبع، بالنسبة للشباب الصغار الذين أعماهم الجشع، تجاهلوا عواطفهم ببساطة.

معركتهم بدأت.

لا، كان من السُّخف تسميتها بالمعركة حتّى.

كان من الأنسب تسميتها بالمذبحة.

عندما تهجُم الذِّئاب على الخِراف، تُسمَّى مذبحة.

عندما يصطاد القرش أسماك السردين، فهي تُسمَّى مذبحة.

و عندما يطغى الشَّخص على الأعداء بمفرده، فهي مذبحة.

لقد كان أولاً السَّيَّاف الشَّاب.

بتلويحة واحدة فقط هزمهم.

سيفٌ لم تستطع عيونهم مداركتها.

وميضٌ أزرق.

هذا ما تذكّروا رؤيته قبل أن يشعروا بوجوهِهم تلمس الرِّمال.

بعضهم قد فقد الوعي بدون ملاحظة شيئ.

لقد كان سريعًا.

سريعًا لدرجة أنهم فقدوا الوعي بدون الإحساس بالألم حتّى.

غير مفهوم.

ذِكرى واحدة تتبادر لِلذِّهن عند هذا.

صاعقة البرق تضرب مِن السماء.

هذا هو فقط ما يمكنهم وصف سيف الفتى به.

ناهيك عن كُلِّ شيئ، لم يخرج السيف من الغمد حتّى.

كان هذا هو مدى الفجوة بينهم.

فجوة هائلة، لدرجة أنًَك لن تقوم سوى بهزِّ رأسك في العجب.

لم يشعروا بعقدة نقصٍ حتّى.

طغى عليهم بسهولة.

مع ذلك، فقد كان ما فعله هو إبعادهم و إفقاد بعضهم الوعي.

لم يفعل شيئًا قد يُسمّى بــ “ضرب” في حقِّهم.

كان يملك ضبط النَّفس.

إنَّه كالإختلاف بين الشمس و القمر.

على عكس السَّيَّاف الشّابِّ تمامًا.

الشخص الذي أتوا من أجلهم، لقد قاتلوه.

لا، لم يقاتلوه، لقد قدموا أجسادهم إليه لكي يضربها.

شيطان.

بأعين حمراء كالدَّم تخترق أعماق روحك.

بؤبؤ العين كان كالتِّنِّين، حادُّ يُظهِر القسوة و السَّاديّة.

إبتسامة قاسية تصيبك بالقشعريرة تظهر على وجهه عند ضربك.

مفترس، لا يرحم، لا يتوانى.

سواء كانوا ذوي الخلفيَّات البارزة أو الأميرة لوسيا، لم يُعطِهم أيَّ إعتبار.

لقد كان مجنونًا يفعل ما يشاء!

حتّى أنَّه أخضعهم بقوّته الغريبة و أجبرهم على البقاء ساكنين، مما تركهم عاجزين.

يلعب لعبة، و ينتظر شيئًا ما.

هكذا كيف بدا لهم.

متعجرف لا يعرف مكانته، مجرَّدُ عامِّيٍ بلا هوية!

كانت الشتائم في رؤوسهم تلوح، بالطبع، لم يجرؤ أحد على التَّفوُّه بها.

للأسف، مهما كانوا غير راضيين، فقد كان الفتى غير متدارك لمعاناتهم.

“ بعد أن إنتهيت من عملي مع ديو، فقد حان دورك يا أميرة ”

صوته هادئ.

بينما ينظر لبقعة خفيّة، خاطب الفتاة وراءه.

الأميرة الثَّانية لمملكة كايرو، لوسيا هارديان.

فتاةٌ معروفة بطبيعتها الخيّرة و الحكيمة، و كان من المتعارف عليه أنَّها لا نيَّة لها في تسلُّم عرش الحاكم.

هل هي حقيقة، هل هي خدعة؟

لم يعرف أحدٌ موقفها تجاه الصراع على العرش.

و هكذا، كان الكثير محتار بشأن معاملتها كحليف أو عدو.

نظرت هذه الفتاة نحو المكان الذي إتجهت إليه أعين الطالب ليون إيفينيوس.

بقعة خفية لا يوجد فيها شيئ.

كان ليكون صحيحًا لولا التشوه الغريب في الفضاء.

البقعة الخالية كان فيها تموُّجات.

عندما ظهر ذلك الفضاء المشوه أول مرَّة، تم عزل الصوت.

‘أنا … على الأغلب، كنت سأنهي حياتي هنا’

لم يسعها سوى تذكر الكلمات التي قالتها الفتاة قبل إختفاء صوتها.

مظهرها الوحيد و الحزين، عيونها الخالية من الحياة.

الفتاة الشقراء قالت تلك الكلمات بصوتٍ لامبالي.

شعرت الأميرة بطبيعة الحال بالحزن وراء صوتها.

كشف العواطف المتجليَّة و الخفيَّة للأخرين، لقد كان شيئًا متأصِّلاً في طبيعتها.

كانت على وشك فتح فمها لمنع الأخرين من الحديث عن ما قالته الفتاة.

لم يكن من المحترم أبداً الحديث و التدخل في مثل تلك المحادثة.

كان في ذلك الوقت، ضغطٌ ساحق نزل على الأخرين.

الوحيدون الذين كانوا سالمين من هذا الضغط هم ثُلَّة.

لسبب أو لأخر، هي كانت من الذين نجوا من الضغط الخانق.

بصوته البارد أوقفهم عن الحديث.

نية قتلٍ مرعبة.

لا توجد كلمات تعبر أكثر من هذا.

قشعريرة و رجفة عبر جسدك تسيل.

خوفًا من أن تُقتل، ستفقد هدوءك، و فرطٌ غير طبيعي في التَّنفُّس يخترق رِئتيك.

أمام نية القتل و الضغط الهائل، تم إغلاقهم على الفور عن الحديث.

حاولت الحفاظ على هدوءها، و راقبت، كان ذلك عندما رأته.

مجال غريب غطّى الأشخاص الثلاثة، و منع الأصوات من الخروج، لم يسعهم سماعهم بعدها.

بالنسبة لها، كان لا يُسبَرُ غَورُه. [ 1 ]

هذا الشخص، ليون إيفينيوس، يمتلك قدراتٍ غريبة.

لم ترى مثل هذا المجال في حياتها من قبل.

بعدها بقليل، أصبح من في الدَّاخل خفيًّا.

حاولت كشفه بعين البصيرة، لكن لم ترى شيئًا على غير العادة.

لا تسرب طفيف للمانا، حتّى و لو بمقدار شعرة.

ليس ذلك فقط، مازالت عواطفه أو أفكاره غير ظاهرة.

لم تعد ترى الوحش القابع خلفه، لكن مازال غير قابل للقراءة.

هذا الشخص …

‘إنه أقوى شابٌّ قابلته في حياتي’

الفتى أمامها شخصٌ قاسي مع أعدائه، لكنَّه ليِّنٌ مع حلفائه.

هذا ما إستنتجته من أفعاله.

حتّى الأن، عندما رأته ساقطًا من السماء، شكت في كونه غريبًا يدَّعي كونه طالب.

عندما أمر الأستاذ ديوس بالإمساك به، كان من المفترض أنَّ الأمر بخير.

لن يتصرف الأستاذ بتلك الطريقة إن لم يكن طالبًا.

أصبحت مرتاحة لأنَّه تبين كونه مجرد غريب أطوار.

رغم ذلك …

إعتدى عليها شعورٌ بعدم الإرتياح.

كان الأمر كالحدس.

همس لها أنَّ هناك شيئًا ما في تصرُّفاته.

و هكذا، قادت حملة الإمساك به.

الكل في الكل، توالت الأحداث و تأكّدت شكوكها.

كان الفتى غريبًا بحق، لكن لم تظهر أفعاله أنَّه تابع لإحدى الفصائل المتنازعة في مملكة كايرو أو نانمان.

أولئك الأشخاص سيتجنّبون القيام بالمشاكل، لكي لا يكون هناك من يوقعهم و يهدِّد سلطتهم بسبب خطئٍ بسيط.

ناهيك عن أيِّ شيئ، لم يبدوا كشخصٍ من النبلاء.

إيفينيوس … لم يكن هناك عائلة بارزة من هذا القبيل.

‘السبب هو أنَّ …’

قوته لم تكن شيئًا من الممكن إخفائه.

لهذا بدا من الأكثر واقِعِيَّة الإعتقاد أنَّه من العامَّة أو من مكانٍ بعيد.

هل كان لها فرصة في هزيمته لو واجهته مع الجميع هنا؟

‘أودَّ أن أقول، في مائة معركة، نحن سنخسر مائة’

شخص بهذه القوة، سيكون من غير المعقول كونه نبيلاً لكن لم يذع صيته بعد.

هذا يعني أنَّه تصرَّف بمفرده.

في المقام الأول، لا يمكن تخيُّل أنَّه سيخضع لشخصٍ ما.

في هذا العالم، مهما كان الوضع الإجتماعي لشخصٍ ما، فلا قيمة لذلك بدون القوة.

المثال الأفضل على ذلك كان، الشيطان السماوي، تشونما.

أسطورة جيل.

كابوس حِقبة، إنَّه الرجل الذي صبغ العالم بالأحمر.

هو من حمل بلا منازع لقب الأقوى.

النسب و الحكم الوراثي.

أذكر ذلك أمامه، و أخر ما ستراه هي إبتسامة، قبل أن تغمض عيونك عن العالم، مرَّة واحدة، و إلى الأبد.

بالنسبة له، كان هؤلاء من إمتلكوا مكانة بسبب نسبهم هم الأضعف.

من لم يصل إلى الأعالي بجهده الخاص، فهو حثالة، قمامةٌ لا قيمةَ لها.

لقد عاش الفُصيل الصَّالح في خوف عندما كان ناشِطًا في العالم.

مع ذلك، فجأة و على حين غرَّة.

هكذا فقط، هو إختفى.

كيف ظهر للعالم، كيف إختفى.

كان ذلك لغزًا بلا حل.

لم يسعها سوى مشابهته بذلك.

على حين غرَّة، هو أتى.

ليون إيفينيوس، بطريقةٍ ما، أسلوبه المستبد تشابه مع أسلوب الشيطان السماوي، ناهيك عن القوَّة الطَّاغية.

هزَّت الفتاة رأسها في هذا الفِكر.

لم يعد من المهم كيف حصل هذا أو من أين أتى.

من الأهمِّ التركيز على ما يحصل الأن.

“ للأن، سوف أزيل العبئ عن أجسادكم أيها الأطفال، نظرًا لمدى ضعفِكُم”.

بقول ذلك، صوته حمل لهجة مهذّبة.

الكلمات الساخرة تناقضت مع صوته المؤدَّب.

سراب.

مع إختفاء القوة التي تضغط على الجسد، يمكن تخيُّل الموقف كما لو كان حُلمًا عابرًا.

بعد إختفاء العبئ عنهم، شعروا بعدم الواقعيّة.

كما لو أنَّه لم يحصل شيئٌ في المقام الأول.

“ … هاه … هاه … ااااه ”

“ أخيراً … اللعنة! … إعتقدت أنَّني سأُسحق ”

كلمات التَّأوُّه للطلاب لاحت في الأفق.

كان البعض يتعرق بشدَّة.

البعض الأخر مستلقي على الأرض بينما يلهث.

و كان هنا أيضاً من بدوا بخير.

لكن على العكس منهم.

لا قطرة عرق واحدة.

التَّنفُّس منتظم، يدندن بفمه كما لو كان في نزهة.

حتّى عندما يهرول المرء تظهر عليه تلك العلامات.

بالمقارنة مع ذلك، كان ذلك يعني أنَّ ما قام به ليون أسهل و أكثر أريحيّة من الهرولة.

قشعريرة تسير عبر الجسد.

شيطان.

هذا الشخص وحش.

مظهره اللطيف بينما يحدق بهم لم يُشعِرهم أنَّه لطيف.

لقد كان على العكس من ذلك، مخيفًا.

بمراقبة ردود أفعالهم، ضحك ليون ببرود في ذهنه.

كلَّما كانوا أكثر خوفًا، كلَّما قلَّت عقلانِيَّتُهم، كان ذلك أفضل.

التَّحكُّم في قطيع الخِراف أسهل عندما يخافون، لأنَّ تفكيرهم يصبح سهل التَّنبُّؤ.

طالما لا تنجرف في سيل عواطفهم، فسوف يصبحون كالكتاب المفتوح لك.

كانت لوسيا شاردة الذهن، و غارقة في أفكارها.

‘ يبدوا أنَّها تُنظِّمُ عواطفها، و تتساءل كيف تتعامل معي من الأن؟ ’

كما لو أنَّني سأسمح بهذا!

“ يا أميرتنا العزيزة~ سَلِي ما شئتِ مِن سؤال، و هذا الخادم المتواضع ما له سوى الإجابة عليكِ ”.

“ هاه…؟ ”

راكعًا على ركبة واحدة، و رأسه إلى الأسفل، الإنحناءة كانت مهذّبة و صوتٌ خاضع صدر من فمه.

لم يسعها سوى الذهول، هذا الشخص كان غير مفهوم.

إنتظر … جال إحتمالٌ في خاطرها، بعد أن شعرت بأفكار شخصٍ ما، و التي كانا قوية جداً، بقيت صامتة.

ليون، لو لم تَعرِفهُ حقَّ المعرفة، لإنخدعتَ من أداءه المتقن.

لكن بعد كشف النَّمر عن أسنانه؟ يصبح أيُّ عملٍ خاضع يقوم به تجاه للأرنب سخرية واضحة!

“ كيف تجرؤ! أيها الوغد الوقح! هل تعلم من تخاطب؟ إعرف مقامك، أيها العامِّي! ”

هل هو جاهلٌ مازال يملك أملاً في صيد ليون؟

لم يسعه سوى مراقبة الشخص الذي يشتم به بنظرة فضوليّة.

شابٌّ طويل القامة له رأسٌ يبدوا كالمسطرة، من ثيابه الفاخرة، كان يبدوا نبيلاً.

أكثر من أي شيئٍ أخر، نبرة صوته المبتذلة كانت كطفلٍ مدلَّلٍ نموذجي.

إد ڤيلدي، نجل عائلة ڤيلدي، لقد كان من عائلة نبيلة منخفضة المستوى في منطقة شبه مقفرة شرق مملكة كايرو.

الفتى لم يملك موهبة ملحوظة، لذلك لجأ لمنصب عائلته للحصول على التَّقدير.

لقد كان يحب التَّنمُّر على عامَّة الشعب و خدم قصر عائلته، للأسف، لم يساعد موقف والديه الحنون في إيقافه.

على العكس، أصبح أسوء، لعق أحذية الأقوياء، و سحق الضُّعفاء، كان هذا نهجه.

النَّاس يدَّعون كونهم أقوياء أمام الأخرين دائمًا.

لقد كان يصدّق بشكلٍ أعمى تلك الحقيقة، لأنَّه كان يقوم بالأمر بنفسه.

‘ مهما كان قويًّا، فيجب أن يكون مخزون المانا الخاصُّ به قد آنتهى الأن، لذلك كان يتحدث بأدب إلى ملكة الجمال، الأميرة لوسيا!’

ذلك بسبب خوفه من بطش الجميع إن إجتمعوا عليه!

الوحيد الذي يستطيع إخراجه من الموقف هي الأميرة، لذلك سيلعق حذائها و يتملق، هذا ما فكر فيه إد.

من وجهة نظر حثالة مثله، كانت أفكاره صحيحة، بالطبع، على مستوى الغباء و الحماقة.

ربما أعلى بقليل، على أي حال.

بمثل تلك الأفكار، قمع خوفه و تجرَّأ على مواجهة ليون، لكي يكسب وِدَّ الأميرة.

“ لا بُدَّ أن طاقتك قد نفذت، لذلك أنت تحاول أن تتملَّق لملكة جمال مملكتنا، كأحد مواطني مملكة كايرو العظيمة، أنا لن أسمح لك بالتَّمادي! ”

كان على وجه إد إبتسامة متعجرفة، و لم يسعه سوى مدح نفسه على ذكائه، كما تلذّذ بالوجوه المصدومة للأخرين.

للأسف لكم، أنا إكتشفت هذا أولاً! هاهاهاها!

ليون شاهده بصمت، و لم يُقدم على قول أي كلمة.

صمته بدا كالتَّأكيد لإد ڤيلدي، لذلك إقترب منه بلا خوف.

لم يمنعه أحد، كان من غير المجدي مساعدة من حفر قبره بنفسه بالفعل.

فرناندو، ظهرت على وجهه ضحكة ساخرة، في بعض الأحيان، كان هناك مثل هؤلاء الحمقى، الذين لم يستطيعوا قراءة الأوضاع و تفاخروا بلا داعي.

النَّسب و السلالة، لقد كان هذا نظامًا غير عادل، لأنَّه لا يقوم على أساس المؤهِّلات منذ البداية.

بالطبع، في هذه اللحظة، هذا النبيل الأحمق، سيدفع الغالي و النَّفيس تكفيرًا عن غلطته الحمقاء.

نفذت طاقته؟ من ماذا، اللعب مع الصغار؟ يا له من هراء!

بعد رؤية مثل هذا المخلوق الغريب، لم يسع ليون سوى الضحك بخفَّة.

“ هذه أول مرَّة ألتقي بشخصٍ فطن مثلك! ”

ضحك ليون في حديث إد بحرارة، كما إعترف بصدق.

“ كيف لن أعرف أنَّ هناك من بفطانتك و رجاحة عقلك هنا؟ ”

“ هيهي! بالطبع لن تعرف، هل تظن أنَّك تستطيع أن تَسبُرَ غوري؟ ”

بعد رؤية أنَّ تخمينه كان صحيحًا، فقد إد كل مظاهر الحذر و الحيطة، أصبح أكثر جرأة.

“ لا أجرؤ! أنا، مجرد عامّي لا أحمل لضوءك و بهارة نورك شمعة حتّى، سيدي الشاب! ”

صوتٌ خائف و موقف خاضع، كان يبدوا حذرًا، كما لو أنَّه يبحث عن فرصة للهرب.

في عيون إد ڤيلدي، كان ليون كالحمل الوديع، و لم يعد يشعر بتهديد الموت بعد الأن.

هذه مخاطرة في إغضاب نمر، لكن ذلك في سبيل إرضاء التنين!

طالما يلقى إستحسان الأميرة، ألن يحصل على فرصة للحصول على أعالي المكانات في المجتمع، و ربما يزيد من متانة منصب عائلته؟

و هكذا، أصبح يرى ليون كوجبة دسمة يأكلها وحده!

“ سيدي الشاب، أنا لا أجرؤ على الحديث عن ملكة الجمال، الأميرة لوسيا، حاكمة مملكة كايرو العظيمة! كنت فقط أمثِّل لكي تعتقدوا أنِّي قوي، لكنك كشفتني! ”

صوته كان مشوبًا بالخوف، إنه يهلع!

بفت!!

ضحكة مكتومة تم سماعها، لا، لقد كانت ضحكة مكبوتة.

لم يسع الكثير سوى الضحك رغمًا عنهم.

سيدي الشاب لا يسبر غوره؟

باه! أكثر من ذلك، سفاهته و جفاوة عقله كانت بلا شك من الدرجة الأولى!. [ 2 ]

هذا الغباء لم يره عقلي من قبل!

إزدرائهم لهذا السفيه لم يسعه سوى الزيادة، و على العكس، كانت مهارات تمثيل ليون مثيرة للرعب.

كانت هذه التعابير الخائفة و الصوت المرتجف، ناهيك عن محاولة تدوير أعينه في الأرجاء كما لو كان يبحث عن مكان للهرب، تسبب القشعريرة.

بالطبع، إد، لكونه إد، فسر ضحكهم كسخرية من ليون.

و زاد من هجومه بلا هوادة، بدء في الإقتراب من ليون.

كان هناك شيئٌ واحد غريب، الأميرة صامتة، و لم تفتح فمًا، ليس هي فقط، إدوارد هارفي، شين سو من عشيرة شين.

كلهُم كانوا صامتين، كما لو كانوا ينتظرون شيئًا ما.

يكفي لعبًا، حان الوقت لكسر هذه الدمية.

تغيرت تعابير ليون على الفور.

الوجه الخائف، ظهرت على تعابير باردة.

فرد يدًا واحدة للأمام، و الأخرى وضعها خلف ظهره.

رجل واحدة للأمام، متباعدة عن الرجل الأخرى.

جسده إنحنى للأسفل.

“ أيها المستطيل، إن تحمّلت هجمة واحدة، سأقطع رجلي إعتذارًا ”

كلامه الوقح المعتاد، و الذي في إعتقاد نجل عائلة ڤيلدي، لم يكن سوى تبجُّح.

هذه الوضعيّة …

لقد عرف الجميع ما هي.

بعد مشاهدة ما تكشَّف أمام عينيه، جفل إد قليلاً، لكنه مشى إلى ليون بجُرأة.

“ أنت تدَّعي القوة بالتَّأكيد! لن تخدعني! ”

كلمات واهية لا معنى منها أطلقها الفاه. [ 3 ]

لم يردَّ ليون، حالما يدخل هذا الواهي الذَّليلُ نِطاقه، أمره إنتهى.

فكرة بسيطة جالت في ذهن ليون، كان كبش الفداء هذا وسيلة جيدة لتسريع خططه.

‘يبدوا أنَّ هناك ظروفًا غير معروفة تسبَّبت في تأخيرهم … لذلك سأحضرهم بنفسي ’

هذا الفتى الذي يشبه المسطرة كان يطلب الضرب، لذا، كشخصٍ طيّب، سيلبّي ليون له هذا.

6 ثوانٍ.

إقترب إد نحو ليون، بينما كان يحاول أن يبدوا مخيفًا.

المانا في جسده دارت بعنف، كان يخطِّط لتقديم ضربة حرجة لليون.

سمة النَّار، لقد كانت تلك هي السمة التي يستخدمها إد.

لقد كانت النار موطن قوته، قد تكون قدراته ضعيفة لقتال ليون في حالته “الجيدة”، لكنه الأن ليس في حالة “جيدة”.

5 ثوانٍ.

إستخدم إد أقوى مهارة لديه، لكي يقوم بالقضاء على ليون، و يجعله في حالة شبه ميتة.

4 ثوانٍ.

قد يكون هناك عقوبات له عندما يراه الأساتذة.

لكنَّ ذلك غير مهم، مع مكانته كنبيل، مقارنةً بليون، الذي هو عامِّي، سيخرج من القضيّة سالمًا.

لقد كان متأكِّدًا من ذلك.

لقد نشأت هذه الثقة من أسلوب حياته، حيث ينجوا دائمًا من المصائب عن طريق مكانة عائلته.

3 ثوانٍ.

لمعت أعين الأميرة لوسيا بضوءٍ ذهبي يشبه الأثير، و دارت المانة في جسدها. [ 4 ]

ثانيتان.

إستخدم ليون فنًّا قتاليًّا معروفًا في جميع أنحاء العالم، لقد أراد تجربته على هذه العيِّنة.

ثانية واحدة.

عندما إقترب إد مسافة كافية، تحرّك جسد ليون كما لو يستجيب غريزيًّا.

[ فنون القتال العسكرية: تايكواندو ].

[ الرَّكلة الدَّائِريَّة: 720⁰ درجة ].

سووش!!

طار في لحظة.

بينما كان يضحك ببرود، لم يلاحظ إد الرِّجلَ التي كانت قريبة من وجهه.

من غير أن يدرك حتّى النهاية، كان ليون قد وصل إليه بالفعل.

كما لو أنَّه إنتقل أنِيًّا.

المسافة بينهما عندما حدًَد ليون نطاقه هي 10 أمتار.

بالضبط عندما لامست رجل إد ڤيلدي حدود المنطقة و إستعدَّ للهجوم، كان ليون قد أنهى قفزته بالفعل.

بااام!!

ضربة شقَّت الريَّاح، و قسمت الرمال.

جميع من كان هنا، بإستثناء لويد، لم تتدارك حواسهم ما حصل.

ضوءٌ ذهبي لامع يعمي الأبصار.

ليس ذلك فقط، تقاطع اللون الذهبي مع الأحمر و الأزرق، مشكِّلينَ ضوءًا فريدًا.

سووش!! سووش!!

جلابيب القريب و البعيد رفرفت بقوَّة.

تأثير الضربة فقط كان كافيًا لشق الهواء و صنع عاصفة من الغبار.

كافح البعض لكي لا تُسقِطهم الرِّيح الهادرة!

لو كان تأثير الضربة بهذه القوة، إذاً ماذا لو ضربت الشخص مباشرةً …؟

عند هذه الفكرة، وقف شعر الجسد من الخوف.

بدون مبالغة، هذه الضربة كافية لتقتل الشخص، بل و أكثر من ذلك، تركه بدون جُثَّة لائِقة.

إنقشع الغبار، كما لو كان شخصٌ ما يزيله بتلويحة من يده.

لقد كان ليون.

“ يا للهول~ كان هذا وشيكًا حقًّا! ”

صوته كان ضاحكًا، كما لو كان يستمتع.

في المكان الذي وقف فيه، ظهر ثلاثة أشخاص.

إدوارد هارڤي، و شين سو، كانوا على أهبة الإستعداد، مع ظهور هالات تغطِّي أجسادهم، إنها للحماية.

لمع الأزرق في جسد إدوارد، بينما يلهث بقوَّة، و الأحمر في جسد شين سو، مع عرقٍ بارد يخرج من جسده.

سيوفهم كانت قريبة من جسد ليون.

هل كان ذلك مجديًا؟

في مواجهة هذا الوحش، بدت السيوف في أيديهم، على الأكثر، كالألعاب البلاستيكية.

شعروا بها بالتَّأكيد، ظلال الموت الوشيك.

بلا مزاح، و بلا مبالغة، لقد شعروا بأنَّهم سيموتون.

جدار ضخم لا يمكن عبوره.

كانت الغريزة تصرخ خوفًا.

لكن الأقرب للموت كان الشخص أمام ليون.

على بعد بوصة بالضبط.

رِجلُهُ المرفوعة كانت قريبة من جانب وجهها.

“ أميرتنا العزيزة، يجب أن تقدِّري حياتكِ أكثر~ ماذا لو أخطأ هذا الصغير هنا~؟ ”

كما لو أنَّه فعل شيئًا غير مهم، تحدّث بأسلوبه الهزلي المعتاد.

غطًَت الهالة الذهبية جسدها، و كانت تلمع بقوَّة.

مِمَّا بدا عليه، لقد إستخدمت كمِّيَّة هائلة من المانا، نظرًا لمدى تشوُّه الفضاء فقط.

نظرتها كانت صارمة، و لم يظهر على وجهها الخوف.

لم يستطع العديد سوى إخراج شهيقٍ من العجب.

لا هوادة فيها، الأميرة الثانية لمملكة كايرو، لقد عَلاَ مقامُها في قلوبهم في لحظة.

حتّى في مواجهة الموت الوشيك، لم تجفل و لو قليلاً!

بالنسبة لإد ڤيلدي، لم تكن هناك حاجة للقول، طار هذا الصعلوك بسبب التَّأثير و غاب عن الوعي.

كان مترامي الجسد عبر رمال الشاطئ.

لم يعد له دورٌ الأن.

منذ البداية، لم يكن سوى مجرِّد أداة.

“ هل رُبَّما … كان عن قصد؟ ” نبرة إستفزازية هزلية، أنزل ليون رجله ببطئ.

ماذا حصل الأن …؟

لم يفهم أحدٌ ما حصل سوى بالكاد.

عندما خطى خطوة إلى الوراء، إرتخى جسد إدوارد، و أطلق نفسًا غائمًا. [ 5 ]

شين سو، كانت حالته أفضل بقليل من إدوارد، السبب هو أنَّه عاش تجارب الإقتراب من الموت في مقاطعة سيتشوان داخل عشيرته.

لقد إعتاد إلى حدٍّ ما على مثل هذه المواقف.

لكن لم يُقلِّل ذلك من شُعورهِ بالإهتزاز.

بكل تأكيد، شعور الإقتراب من الموت، إنَّه ليس مريحًا أبداً.

“ … لقد كان هذا مبالغًا به بعض الشيئ، أيها الطالب ليون إيفينيوس ”

بعد إبتعاد الخطر عنها، و التي كانت الأقرب له، تنفَّست الصعداء داخليًّا.

لقد إعتقدت بصدق أنَّها ستموت!

لكن الأن تأكدت، هذا الشخص — ليون إيفينيوس — لا يريد إيذائها، لأي سببٍ من الأسباب، هو لم يؤذيها.

لقد لاحظت الأمر أولَ مرَّة عندما قاتل الجميع، لكنه لم يلمسها حتّى.

بعدها لم تطلها قواه الغريبة كما طالت الأخرين، كما لو يعاملها معاملة تفضيليّة.

ناهيك عن أي شيئ، لم يحاول حتّى فعل شيئٍ لها.

لذلك، نشأ الشك في ذهنها.

و هكذا، عندما تقدَّم إد ڤيلدي، بعد قراءة أفكاره قليلاً، و معرفة مدى حقارة هذا الشخص، قرَّرت إستخدامه لتأكيد شكوكها.

هذا الخسيس لم يعامل خدمه و عامَّة الشعب كمخلوقاتٍ حيَّة.

هو عاملهم كالماشية، لقد كرهت هذا النَّوعُ من الأشخاص أكثر من الجميع.

و هكذا، وضعت نفسها بلا خوفٍ أمام هجمة ليون، بالطبع، كان يجب أن يكون هناك ضمانة.

الضمانة كانت إدوارد هارڤي و شين سو، بعد التواصل معهما سرًّا، أوقفوا هجمة ليون المميتة.

لا، لقد أوقفها أمام وجهها بالضبط، هجمة كتلك كانت كافية لقتلهم جميعًا.

لو أخطأت و لو قليلاً في التَّقدير، كانت ستموت بلا شك.

لم تعتقد أن يبالغ ليون في هجمته، لدرجة أن تكون قاتلة.

لم تشعر بالأسف و لو قليلاً على نجل عائلة ڤيلدي، في الواقع، كان من الأفضل عدم وجوده في العالم.

لقد كان حثالة لا ينبغي أن تكون موجودة.

بالطبع، لم يعني ذلك أنها ستترك ليون إيفينيوس يقتل أحداً ما ببساطة.

لحسن حظها، كانت مُصِيبةً في شكوكها.

“ مبالغًا به؟” عيونه أصبحت باردة و تحدث بقسوة: “ إبن الوغدة هذا، لقد رأيتِ بعينكِ نِيَّته في الهجوم، أليس كذلك؟ ”

“ لم أفعل له شيئًا بعد، و لكنه حاول بالفعل قتلي ”

كلماتٌ جوفاء لا معنى لها.

نملة تقتل حوتًا؟

هراء!

كانت مبالغة مهما نظرت إليها.

بالطبع، كان في حديثه بعض الصِّحَّة.

نِيَّة إد ڤيلدي لم تكن في التصدي لليون، هجمة عنيفة تقضي على الهدف.

لقد كان واضحًا في عيونه.

نَوىَ هذا الفتى إيصال ليون لحالة شبه مميتة، إن لم يكن يريد قتله بالفعل. [ 6 ]

لهذا، كلماته لم تكن خاطئة.

رغم أنَّه لا أحد هنا يمكنه سوى أخذ كلماته على أنَّها هراء.

“ بدلاً من ذلك، لماذا تدخَّلتي، أيتها الصغيرة؟ ”

صوته لم يعد لطيفًا.

العيون التي تنظر إليها كانت جليديّة، كما لو كانت تهدد بقتلها.

لم يعد يناديها بالأميرة حتّى.

كانت طبيعته القاتلة تتكشَّفُ للعيان.

منذ البداية و حتّى النهاية، لم يتحرَّك لويد من مكانه.

لو كانت نوايا ليون في القتل جادَّة، لكان قد أوقفه بالفعل.

بالطبع، شخصٌ حسابي و إستراتيجي مثل ليون لن يرتكب مثل هذا الخطأ الفادح.

منذ أن أفشى عن خططه، أصبح كل ما يفعله منذ تلك اللحظة منطقيًّا، ليس للويد فقط، بل و حتّى لفرناندو.

‘ هذه هي مهابة و وَقَارُ الأقوياء … ’

يا له من موقف مستبد!

حتى في مواجهة أميرة مملكة كايرو، لم يكن هناك تواني.

أخي الأكبر ليون- لا! أنا سأناديك ليون سَاهْيونج! [ 7 ]

أنت رائع!

تألَّقت أعين فرناندو ببريق لامع.

لو كان هو ديو معلمه، فَلِيون هو السَّاهيونج الخاص به!

لم يعرف ما المعنى الكامن وراء أفعاله تمامًا، لكن فهم بعض الأشياء من الموقف.

لقد كان ليون ساهيونج يصنع إنطباع الأكاديمية عنه.

هذا أثار حفيظة الأميرة لوسيا، لكنها لم تظهر الخوف.

إدوارد حمل سيفه بعصبيّة.

نفس الشيئ بالنسبة لشين سو.

ليس هما فقط.

الجميع، بلا منازع، حملوا أسلحتهم، و إن كان بأيدي ترتجف قليلاً.

تمَّ إطلاق هالاتِهم، و طغت على المنطقة.

بعد أن أظهرت الأميرة لوسيا شجاعتها، تأثروا بها جميعًا.

رغم كونها أضعف من ليون، من أجل سلامتهم، فهي تقدَّمت لمواجهته أولاً.

ناهيك عن، حتّى لكونه حثالة و أبله، فقد حمت الأميرة إد ڤيلدي من هجمة ليون المميتة بلا هوادة.

إذا كانت في قلوبهم و لو ذرَّة من الخجل، فمن الطبيعي فقط أن يتهافتوا لحماية الأميرة لوسيا.

حتّى الكلب يعرف الإمتنان، ناهيك عنهم.

“ أنتم بحق … ”

لمعت عيونه الدموية، ناظرًا إليهم ببرودة.

لونٌٍ أحمر مُختلط مع السَّواد شقَّ طريقه عبر الأنحاء.

حتّى التنفس كان صعبًا.

الهواء أصبح ثقيلاً

هذه هي المرَّة الأولى منذ مجيئه إلى هنا.

أمام أعين الجميع لأول مرَّة، أطلق ليون العنان لطاقته السحرية.

كانت هالة شريرة تضغط على الجميع.

على عكس القوة السابقة، و التي كانت بلا شكل، فقد كانت نوايا القتل المتصاعدة مختلطة مع الهالة الشرسة.

وحشٌ كَاسِر لا يُمكِنُ ترويضه.

مخيف و مرعب.

كابوس لا يجب أن يوجد كان حاضرًا أمامهم.

“ حفنة من الضُّعفاء ”

كلماته كانت بسيطة، رغم ذلك، حملت ثِقلاً هائِلاً.

صوته فقط جعل الهواء يرتجف.

قوَّة لا يحملها سوى الأقوى.

ماذا يعني الخوف الحقيقي، لأول مرة في حياتهم، لقد عرفوه.

العرق البارد يتساقط عبر البشرة بخفَّة.

حاول العديد إيقاف رعشة الجسد و محاولة عدم فقدان الوعي.

حتّى مع خوفهم، وقف العديد منهم صامدين.

للأسف، في مواجهة هالة ليون الطَّاغية، كانوا ببساطة بلا قيمة.

عندما كانت معركة أخرى على وشك أن تتكشّف …

كما كان من قبل، بلا سابق إنذار، إختفت الطاقة السحرية الحمراء فجأة.

تفرَّقت عبر الهواء و إنتشرت كبقايا الثلج في الشتاء، لكنها بدت كالدم المتساقط اللامع تحت أشعة الشمس.

“ رغم ذلك، أنا أحيِّي شجاعتكم في الوقوف أمامي، لحماية الأميرة لوسيا، هذه بادرة تستحق الإحترام ”

لم يكن هناك سخرية في كلماته، و لم تحمل لهجته الإزدراء، كانت كلمات صادقة.

لم يستطع العديد من الناس محاولة حماية أحدٍ ما أمام خطرٍ حقيقي.

كانت مشاعر العديد هنا مختلطة، بين الإرتياح لعدم الدخول في معركة، أو قبول مديح ليون الصادق، أو التعامل مع خوفهم.

“ هـ-هو ليس بشري! وحش! إنه وحش! ”

سقط على ركبتيه، و لمست يديه المرتعشة الرمال.

صوته كان يشوبه الخوف و اليأس.

“ سـ-سأهرب…! يجب أن أهرب…! ”

كان فتى قصير القامة يتحدث كما لو كان يرى وحشًا.

بأرجله المرتعشة، حاول الوقوف و الجري.

محاولة مواجهة وحشٍ كهذا؟

هذا مستحيل!

لم يكن الوحيد، كان هناك من حاولوا الهرب أيضاً.

أي مكانٍ بخير، طالما بعيدًا عن هنا…!

برؤيته لهذا،إبتسم ليون بسخرية.

فرقعة!

طقطق بإصبعه، كإعادة لمشهدٍ سابق.

زيييز! سييك!

صوت أزيز غريب سمعته الأذن، قبل أن يتشوَّه الفضاء.

في البداية كان ذلك ببطئ، ثم بدء يتسارع، مجالٌ غير مرأي يغطّي المنطقة.

عندما رأوا ذلك، شعور اليأس و الخوف يتزايد، و بدأت الطاقة السحرية تدور في الجسد بعنف.

‘ فقط قليلاً بعد! ’

لقد تسارعوا بأجسادهم للعبور، قبل أن يتِمَّ إغلاق طريق الهروب.

“هاااااااا!!!!! ”

صرخة مدوية لمجموعة كاملة تجري بيأس، أملاً في الخلاص، إستخدموا قواهم الجسدية كاملة.

و حدث ذلك في لحظة.

كراك! كراك!

أغلق المجال على المكان بأكمله.

سحابة الغبار غطّت المنطقة، و حبس العديد من الأشخاص في مجالٍ شفَّاف.

بين العديد من الأشخاص، عدد الأشخاص الذين هربوا: 1.

شخص واحد فقط.

“ نجوت! هاهاها! لقد نجحت في الهرب!! ”

بينما يزيد من وتيرته، هدر الفتى، و الذي هرب أولاً بصوتٍ فرج، بينما تخرج من عيونه الدموع.

“ لاااااا!!! ”

“ أخرجوني!! أخرجوني من هنا!! ”

هذا أثار اليأس بطبيعية الحال.

بااام!! بووم!!! سيييك!!!

أصوات الإنفجارات رنَّت عبر الأنحاء.

راقب العديد من الأشخاص المنظر بصمت.

كان جهدًا عقيمًا و بلا فائدة.

النار، الأرض الصخر، الرياح، البرق و العديد من العناصر الأخرى.

بااام!! بااام!!! باام!!

إستخدم من لم يستطيعوا الهرب عناصرهم لكسر الحاجز بلا حفيظة.

لكن لم يتحرك قيد أنملة، تموّج ببساطة و عاد لشكله.

و لا علامة واحدة للتَّحطُّم.

سواء كان من التعب بسبب إستخدام إحتياطي المانا بتهور، أو ببساطة هو الخوف، فقدوا الوعي.

تجاهل ليون ذلك و ركَّز نظراته نحو المكان الذي هرب نحوه الفتى.

من المفترض الأن أن يأتوا مسرعين بعد هذا.

عند اللعب بأوتار ألة العزف، يجب معرفة أن لكل وتر صوتٌ خاص به، و مدى شدة سحب الوتر يؤثر على الصوت.

يجب أن لا تسحب بضعفٍ شديد، و لا يجب أن تسحب بشدَّة أكثر من اللازم.

في التوقيت المناسب، و بالطريقة المناسب، إلعب معزوفتك.

بالنسبة لليون، معزوفته الأن على وشك الإكتمال.

“ الإستعدادات لإمتحان دخول الفئة، إنها تكاد تكون مكتملة ”

أتساءل كيف ستكون ردَّة فعلهم.

لم يسع ليون سوى الضحك، عندما تخيل التعابير القبيحة للأساتذة، عندما يرون ما فعله هنا. [ 8 ]

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1]: لا يسبر غوره: أي بمعنى لا يمكن كشف خباياه و أسراره و لا يمكن بيانُها.

[2]: سفاهة و جفاوة العقل: مدى غباء العقل و كونه فارغًا.

[3]: فاه/الفاه: بمعنى الفم.

[4]: ومضت الأعين الذهبية بضوءٍ أثيري: يتم تشبيه لمعان العيون بضوءٍ أثيري، حيث يُستخدم وصف "أثيري" للإشارة إلى نوع من النور الخفيف والنقي.

يُظهر هذا التشبيه جمالًا وسحرًا في الوصف، حيث يُقارن لمعة العيون بضوءٍ ساحر و مشع.

[5]: أطلق نفسًا غائمًا: تشبيه يشير إلى نفس ثقيل تم إطلاقه ممَّا أدى إطلاق بعض البخار من الفم.

يكون النفس غائمًا في كثيرٍ من الحالات عند الشعور بالخوف و القلق و أو الإرتياح.

[6]: نَوىَ: بمعنى النِّية، أي ما يعتزم به الشخص و ينوي فعله.

نَوىَ هو الفعل الماضي لينوي.

[7]: ساهيونج: كلمة للدَّلالة على الإحترام، تقال بين فناني القتال، و بالذات للشخص الأكبر منك في مسارٍ قتالي ما.

تعني كلمة ساهيونج بالمعنى الحرفي، أخي الأكبر.

في الغالب، يتم تداول هذه الكلمة في طوائف الفنون القتالية داخل كانغهوا.

رغم أنَّه كان يناديه بأخي الأكبر، غير فرناندو أسلوب حديثه إلى ساهيونج، و الذي يعني إعترافه بأنَّه متفوق عليه في مسارٍ.

النية من وراء كلماته و تغيير تسميته مازالت غير مكشوفة.

[8]: تعابير قبيحة: تعبير مجازي بمعنى تعبير سيئ يظهر على الوجه كالسخط الشديد و الغضب.

لا يعني تعبيرك قبيح أنك قبيح، بل هو يعني أنك تظهر تعابيراً ساخطة و شائنة.

2024/07/30 · 23 مشاهدة · 5040 كلمة
نادي الروايات - 2025