17 - الفصل 17: إمتحانات تحديد الفئة داخل الأكادِيمِيَّة (2)

الفصل 17: إمتحانات تحديد الفئة داخل الأكادِيميَّة (2)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كانت الأميرة لوسيا في وضعٍ غير مألوف، شخصٌ لا معلوماتٍ عنه و لا مصدر وقف أمامها.

مَوقِفٌ غَيرُ مُبالٍ بالأخرين، سلوكٌ يتأرجح بين الحقيقة و الخيال.

غريب أطوار، طاغية غير رحيم، الشَّيطان أحمرُ العينين.

ليون إيڤينيوس، لم تعرف ما سيحصل مستقبلاً مع هذا الشخص.

راقبته لفترة، قبل أن تصبح العيون الذهبية كالضباب.

شعرت بوعيها يغرق، تماثلت حالتها مع من يدخل في سباتٍ عميق.

سقوط.

“ جلالتك!! ”

صرخ إدوارد هارڤي بقلق و تحرَّك جسده قبل فمه.

ترنَّح الجسد و كاد يسقط أرضًا.

“ هووب~ يبدوا أنَّ عزيزتنا الأميرة متعبة بحق~! عليك الإعتناء بها أكثر، يا نجل عائلة هارڤي ”

“ أفلت جلالتها من على يديك، ليون إيڤينيوس! ”

أمسك بها برشاقة من خصرها قبل أن تسقط، عيونه الحمراء لمعت بضوءٍ غامض.

بعد أن سبقه ليون، سحب إدوارد سيفه بعصبيّة، خوفًا من قيامه بشيئٍ ما للأميرة لوسيا، قام بتهديداتٍ واهية.

“ هووه؟! هل هذا موقف يقوم به نجل عائلةٍ مرموقة للمُحسِنين؟! أين أخلاقك أيها الشقي الأرعن! ”

كما لو كان يشعر بالإهانة، وبّخ ليون بلهجة شديدة، بينما يحدق بغير رضا نحو إدوارد.

‘ محسن مؤخرتي! فقط أفلتها من يديك! أنا خائف، ألا ترى يدي ترتجف أيها الوغد اللعين؟! ’

هذا اللقيط يعرف إخراج الناس عن عقولهم، بحق!

مثل الجميع هنا، لم يجرؤ على إظهار الشكوى علنًا، بقي فقط ممسكًا بسيفه، يراقب كل حركة جسدية يقوم بها ليون.

“ ايييو! هذا مقرف! ”

بنبرة مشمئِزَّة، شعر ليون بالقشعريرة من نظراته و أصبح وجهه أزرق.

“ أنت … أنت! ”

“ … ماذا؟! من تقول عليه مقرف أيها الوغد! ”

بطبيعة الحال، شعر إدوارد بالإهانة!

النَّظر لشخصٍ ما يجعلك مقرفًا؟ إذاً لنُعمِي جميع المخلوقات فقط!

“ لماذا تنظر إلي بِحِدَّة؟ هل ليس شكلك فقط ما يشبه الفتيات؟؟ هاه؟؟ أبعد نظراتك الشَّاذَّة عنِّي! ”

“ من ينظر إليك! أنا لا أتأرجح هكذا! على عكسك أنا لا أضرب النساء! أنت هو الشَّاذ! ”

“ هاه؟! ماذا قلت أيها الوغد؟ أنت هو الشاذ! ”

“ بل أنت! ”

غررر!!

زمجر الإثنان كالوحوش المفترسة في وجوه بعضهما البعض.

“ الأن الأن~ الأميرة لا تبدوا بخير، هل لكما الكفاف عن إصدار ضجَّة؟ ”

بصوتٍ متوتِّر، تدخَّل شين سو بينهما قبل بدءِ قتالٍ أخر.

على عكس ليون، كان الجميع هنا تقريبًا على حافَّة الإنهيار و التعب، أكثر من هذا و ستكون هناك إصابات حقيقية.

“ همف! تمَّ إنقاذك يا ذا شكل الفتاة! ”

“ أنظروا من يتكلَّم، همجي لا يعرف الأدب! ”

بينما كان هناك تذمُّر من جهة ليون، الفتاة بين ذراعيه دخلت حالة لا واعية.

نمط فريد تكشفه حدقة العين الذهبية.

عيون لوسيا كانت غائرة و ضبابية، لم تلاحظ البيئة أو الشخص المُمسِك بها.

“ ماذا يحصل مع أميرتنا؟ يا فتا- إدوارد ”

“ هل كنت على وشك قول فتاة؟ كنت على وشك قول ذلك بلا شك أيها الهمجي! ”

“ هيهي! كيف أجرؤ على قول ذلك لنجل عائلة مرموقة كعائلة هارڤي؟ لا بد أنَّه خيالك! ”

“ … هذا الوغد ” أخذ إدوارد نفسًا عميقًا لتهدئة غضبه.

لم يعد يهتم، من الأفضل لسلامة عقله أن لا يجادله.

“ … رؤية ” غمغم بشكلٍ غير مؤكد.

بمراقبة حالتها، تذكَّر موقفًا رأه مرَّة واحدة من قبل.

عيون غائرة، نمط فريد يشع عبر العيون الذهبية، فقدان الوعي لفترة قصيرة.

كان شبه متأكد، هناك حدثٌ ما سيحدث عمَّا قريب سيؤثِّر على مكانٍ ما، سواء كان في مملكة كايرو، أو في هذه الأكاديمية.

بعد قوله كلمة واحد، صمت إدوارد، لم يكن ينوي قول المزيد، و على ما يبدوا، لم ينوي ليون حثه على الحديث بأي حال.

وعيها كان غارقًا في الظلام.

داخل وعيها، كانت تحدِّق في ساعة غريبة الشكل تدور عقاربها، تارةً بسرعة، و تارةً ببطئ.

طاف جسدها عبر الفضاء الأسود، الضوء الوحيد في الفراغ كانت الساعة غريبة الشكل.

تدفَّقت المعلومات نحو عقلها.

هل كان بسبب قدرة سلالتها؟ كان لديها حدس.

“ كما الأمواج الكَاسِرة في البحار تضرب الشواطئ، إنها أتية لا محالة ”

“ سَتَحُلُّ على هذا العالم عاصفة ”

عين البصيرة، قدرة لم يُمكن لها أن تسبر غورها، عاشت 17 عامًا بها، لكن ما زال هناك خبايا لم تكشفها بعد.

في بعض الأحيان، يأتيها الأمر على حين غَرَّة، الكلمات تتدفَّق في رأسها كالكتاب، كما لو كانت تقرأ قِصَّة.

تتابعًا مع تلك القِصَّة، تصبح تلك الأحداث حقيقة واقعة.

عاصفة ستأتي إلى العالم، جارفةً إيَّاه نحو خراب الفوضى.

هذا الفتى غريب الأصل، بموقفه الغير معهود، سيكون إحدى القطع الرَّئيسيّة في تلك الفوضى.

لم تلمح عنه سوى بضع كلمات.

عدُوٌّ ليس لك به مِنان، حليفٌ واحدٌ مثله و لا ألفًا من بعده. [1]

طالما تتذكَّرُ ذلك، فهي ستنجوا من الفوضى سالمة.

كلانك!

إختفت الساعة مع صوت عقاربها يدق بقوَّة.

مع وجهها الخالي من العواطف، عيونها الغائرة أشرقت بنورٍ أثيري، قبل أن يلمع العالم المظلم بنورٍ ساطع.

فتحت الأميرة عينيها.

أول ما رأته الأعين هو شعرٌ أسود.

رأت وجهه المنزعج، و هو يوبخ و يتجادل مع شخصٍ ما.

كما هو الحال دائمًا، عيونه الحمراء كانت قاتمة كالدم.

كان هناك شعور بالدّفئ على خصرها، بطبيعة الحال، كان ذلك شعور أن يمسك بك شخصٌ ما.

ليون إيڤينيوس، كان واقفًا مٕمسِكًا بخصر الأميرة لوسيا هارديان.

‘ يبدوا أنَّه عندما سقطت، قام الطالب ليون إيڤينيوس بالإمساك بي’

بدلاً من الوقوع في الإرتباك، فهمت الأميرة موقفها جيدًا.

قد لا يكون ذلك مناسبًا لموقفها كحاكمة لمملكة كايرو، لكن ذلك كان أخر همِّها.

وعيها إنجرف نحو شيئٍ أخر.

العالم سيدخل في فوضى، ليون إيڤينيوس سيكون قطعة مهمة في أحداث تلك الفوضى.

غامض و غير واضح.

ما زالت تذكُر ما بدا عليه العالم، النَّاس يذبحون كما لو كان ذلك شائعًا.

صرخات الأطفال و النساء، الكثيرون بكوا ندمًا و دمًا.

عالم مصبوغ بالنار و الدماء، مصدر تلك الفوضى، لم يظهر ذلك في الذكريات.

لم تفهم لوسيا بالكاد ما حصل.

هل كان ذلك مستقبلاً عاجلٌ غير آجِل، أم آجِلاً غير عاجل؟

ماهو دورها في تلك الفوضى؟

لماذا كانت هذه الذكريات غامضة أكثر من أي ذكريات قبلها؟

أسئلة بلا حل و لا مُجيبٍ لها، كانت شاحبة الوجه.

أعينها إرتجفت من هَولِ ما رأته.

كما لو قد لاحظ رعشتها، قام ليون بالتّربيت على ظَهرِهَا بحركة خفيّة.

[ كابوسٌ مخيف، على ما أعتقد؟]

تخاطر في الذهن، تقنيّة يستعملها الخبراء للتواصل، صوته الواضح وصل إلى داخل رأسها، رغم عدم فتحه لفمه.

[ ليس عليكِ قول شيئ، بدلاً من ذلك، أنا من لديه ما يقول …]

سابقًا كانت ترتجف قليلاً، الأن توقفت عن لإرتجاف تمامًا.

هل بسبب شعورها بالراحة؟

لا، بكل تأكيدٍ لم يكن، ليس حتّى قريبًا من الحقيقة.

لم يعد لديها تعبير على وجهها.

عادة متأصِّلة للفتاة منذ الطفولة.

كان ذلك عندما تعرَّضت لمحاولة القتل لأوَّلِ مرَّة.

ليس من قبل غريب أو عدو.

الفتاة الصغيرة في ربيعها السادس، كان ذلك أول يومٍ كشفت فيه قدرة عينيها الفريدة.

كل ذلك بسبب والدتها.

كراهية لن تصدِّق أنَّها تنبع من أقارِبِها، تم توجيهها كلها نحو الفتاة الصغيرة.

بينما هي غارقة في الدماء، حدقت بفراغ نحو الجثة الباردة للمرأة أمامها.

ماتت الأم و هي تحدق في إبنتها بعيونٍ مفتوحة على مِصراعيها.

لم تذرف دُموعًا و لم تصرخ، نظرت الفتاة بعيونٍ فارغة فقط نحو الجسد الفاقد للحياة.

خائفة.

كانت تلك هي أول عاطفة عميقة تشعر بها الفتاة في حياتها.

صدمة حياتها تلك، لأول مرة منذ سنين، تكرَّر ما يشابه ذلك الموقف.

الفتاة لوسيا، عندما تخاف، تعابيرها تختفي على الفور، بينما تحدق بفراغ نحو مصدر ذلك الخوف.

كان الأمر نفسه الأن.

بالنسبة لمن يراها، سيعتقد أنَّها تنظر إليه بأعين باردة لا عاطفة فيها.

عيونٌ مخيفة.

هذا ما شعر به الجميع، الجميع، بلا إستثناء.

بالطبع، كما لو كان يقرأ الموقف بلا شائبة، عرف ليون معنى موقفها هذا.

‘ على ما يبدوا، خوفها تجاوز الحدود ’

حتّى عندما شعرت بالبرودة و القشعريرة في أعماق قلبها، تذكرت أخر شيئٍ في ذكريات بصيرة عينها.

عدوٌ ليس لك به مِنان، حليفٌ واحدٌ مثله و لا ألفًا من بعده.

دقَّ المسمار في قلبها.

فهمت الأن لماذا كان لتلك الكلمات صدى في قلبها.

ليون إيڤينيوس، شخصٌ لا يجب إتِّخاذه كعدوٍّ بلا مبالاة.

كلُّ الشكوك تقريبًا تمَّ حلُّها.

لكن نوايا هذا الشخص كانت كالضباب الذي أبى الإنقشاع.

[ هاهاها! من ردِّ فِعلكِ، يمكنني معرفة مدى حذركِ، لا داعي لِكُلِّ هذا، فأنا أعرض عليكِ صفقة]

[ … صفقة؟]

كانت تتوقَّعُ ذلك بعض الشيئ، و إلاَّ لما كان سيخبرها في موقِفٍ كهذا، حيث هناك الكثير من الأعين.

بطبيعة الحال، كان إمَّا سيبتزُّها بما يملك من معلومات، أو يعرض عليها صفقة.

بالطبع، لم تكن ستعرض عليه ردَّ فعلٍ يوحي بفهمها، بل أظهرت له عدم فهمٍ معقول.

[ أنتِ سريعة البديهة حقًّا، هذا أسرع لي]

للأسف، كان يفهم نواياها و كشف عنها، كما قام بقول ما عليه قوله.

كان يومًا مليئًا بالصدمات حقًّا.

إرتباكها الأولي كان على أطرَافِ الزَّوَال. [2]

جمعت أفكارها كما قامت بالرَّد.

[ بما أنَّها صفقة، فلديَّ شروطي الخاصَّة]

لم تكن ستتَّخِذُ موقفًا سلبيًّا فقط، كان عليها إنشاء موطئ قدم لنفسها في هذا الوضع.

ترك ليون جسد لأميرة منذ مُدَّة، بينما كانا يُحملِقان في بضعهما البعض، يتملَّكُهُما الصمت. [3]

هكذا بدا للجميع.

“ على ما يبدوا، ليون ساهيونج يجري محادثةً ما مع الأميرة ”

محاولاً تخمين مجريات الأمر، حاول فرناندو معرفة محتوى الحديث، لكن لا يتبادر لذهنه شيئ.

“ إنتظر! … ساهيونج؟؟ ”

“ نعم؟ ساهيونج! ”

“ هو؟؟ ”

“ ما به؟ ليون ساهيونج، هكذا أسمَّيه ”

صمت لويد للحظات قبل أن يرد: “ … هو؟ ”

أنت تقصد ليون أخر، أليس كذلك؟

أليس كذلك؟؟

“ هل فقدت عقلك، لويد ساهيونج؟ ”

“ … سأسامحك فقط لأنَّك أخٌ أصغر لطيف ”

“ ما معنى هذا حتّى؟ ”

يبدوا أنَّه قد تأثر بالتَّسمية أيضًا.

اوه، يمكن للويد أن يكون خجولاً حقًا في بعض الأحيان.

“ … آحم! على أي حال! أمل فقط أنَّه لا يحاول إبتزازها ”

“ إبتزاز؟؟ من؟؟ ”

بعد قول ذلك بصوتٍ منزعج، سأل فرناندو غير فاهِمٍ كلمات لويد.

“ هو، ليون، يبتز، هي، الأميرة، لوسيا ”

كلمة بكلمة، قال لويد كلماته لفرناندو الذي بدا عليه الحيرة.

“ … هل له الجُرأة أو الوسائل لفعل ذلك؟ ”

“ لا أعرف بشأن البقِيَّة لكن … ”

محدِّقًا في الأميرة و الشخص أمامها، بينما تلمع عيونه البرتقالية، قام بمسح رمحه بهدوء.

تحدَّث لويد بحقيقة واضحة كوضوح الشمس في يومٍ صافٍ.

“ لو أراد هو ذلك، يمكنه حتّى إبتزاز الشياطين ”

“ هذا … مذهل! ”

كانت صورة ليون تكبر في عين فرناندو مع تواتر الثواني و مُضيِّ الزمن.

إنتهت الصفقة بين الإثنين على قدمٍ و ساق.

[ أتطلَّع للعمل معكِ مستقبلاً~ لا أدري ما رأيتِهِ في رؤياكِ، لكن يجب أن يكون مرتبطًا بي؟ أنا أعتقد ذلك، نظرًا لتغيُّر موقفكِ تجاهي]

أكثر ما جعل ليون مزعجًا بشكلٍ خاص، لم تكن قوَّته أو ذكائه، أو حتّى شخصيته الإستِفزازِيَّة.

إدراكه العميق لقلوب الأخرين، كما لو كان يقرأهم ككتاب.

إعرف نفسك و و إعرف العدو، لا تخف من مئات المعارك.

هذه المقولة لم تأتي من فراغ، كان من المرعب ضربه للُبِّ الموضوع.

لم تؤكِّد أو تنفي إستنتاجه، لذلك أخذ صمتها كتأكيد.

[ يبدوا أنكِ لا تدرين كيف تتعاملين معي … لذلك … هناك شكوك]

بعد قوله هذا، لم يعد هناك أكثر لقوله.

مشى ليون عبر المكان بينما يدندن بأغنية.

“ ♬ كالموج الهادئ في البحار~ يحمِلُ في زُرقتِهِ إعصار ~ ”

“حِينًا يلبِسُ ثَوبَ السَّماء~ و أحياناً يغضب لا يُبالي~ مهما تَسوَدُّ اللَّيَالِي ~ ”

“ كَالهِلالِ~ يبقى وَضَّاءَ الجَمالِ~ لا يُزال ~! كالجِبال~! لا يُزال~ حامِلُ الأمااااال~! “

تارةً بين الجِدِّ و اللَّعِب، ترى من تصرُّفاتهِ العجبِ.

لم يحمِل للأخرين همًّا، غنَّى أغنية بينما يمشي.

قرَّرت الأميرة، ككُلِّ من سبقوها، قرارًا مُهِمًّا.

“ لسلامتي العقليّة، يجب أن لا أضع عقلي مع عقله ”

بعد تأكيد الشُّكوك، لم يعد هناك شيئٌ يمكن القيام به، عليها فقط إنتظار هيئة التَّعليم لتقرير مصير هذا الشخص.

العَديدُون فقدوا الوعي، بينما وقف الأخرون في صمت.

لم يسعهم سوى الوقوف بعجز، يحدِّقون تارةً في التَّموِّج الغريب حولهم، و تارةً أخرى في سبَبِ ذلك.

في أنشودته هو يُغنِّي، تراقصت أقدامه عبر رمال الشاطئ.

“ هاااه~ هذا منعش، أول مرَّة أرقص فيها على الشاطئ، تجربة مرضية! ”

بينما تتابع خطواته و يتطاير الرَّمل، ضحك ليون من القلب.

لطالما عاش حياةً رماديَّة اللون، كان العالم غير مثير للإهتمام.

محاولة البقاء على قيد الحياة، الفوز و سحق الأخرين.

لم يكن هناك شيئٌ أخر مهم.

في وقتٍ ما من حياة المرء، سيتعيَّن عليه المرور بالمنعطفات، و يتعلَّم.

بينما يراقبه الحشد الخائف، كان ليون يستمتع بوقته.

كان رقصه كالمُبتدئ الذي يتعلَّم الرقص.

رغم ذلك، كانت حركاته تتحسَّنُ بسرعة مرعبة.

مِن حينٍ لأخر، كان يتمتم بأشياء مثل “هكذا و هكذا” أو “علي فعلها هكذا”، كما لو كان يُصحِّحُ رقصاته.

مع الوقت، أصبحت حركاته آسِرة، بالطبع، كان ذلك بالنسبة لجِهة الإناث.

إذا وجد ذكرٌ حركاتِهِ آسرة، فهذا يعني أنَّه شاذ .

كما قال حكيمٌ ذات مرَّة، لا تكن شاذ، كن أفضل.

هذه حكمة تسوى ألف حكمة.

آحم! على أي حال، كانت الأعين برَّاقة و هي تراقبه.

كان شعره الأسود كسواد العتمة، أعينٌ حمراء أكثر قتامة من الدماء.

مع رقصه عبر الأرجاء، كانت الرمال تتحرّك عبر الهواء كما لو كانت تلاحقه.

هل لإنَّهُنَّ في ربيع شبابِهِن؟ تخيَّلت بعض الفتيات أنفسهن يرقصن بجانبه.

لم تكن حركاته فقط الباهرة، كان الفتى وسيمًا حقًّا.

على عكس إدوارد الذي كان يضاهي حتّى بعض النساء في الجمال، فقد نضج ليون بأجواء رجولية و قاسية.

بما يتناسب مع لقبه في عقولهم.

الشَّيطانُ أحمَرُ العَينَين.

كان لعيونه المخيفة شيئٌ جذَّاب.

إنَّه مثل الثقب الأسود، رغم أنَّه قاتل، فجسدك سيُسحب نحوه لا محالة.

“ لويد ساهيونج … لماذا بدء ليون ساهيونج بالرَّقصِ و الغناء فجأة؟؟ ”

“ لا سبب مُقنِعٌ حقًّا ”

“ فعل ذلك بلا سبب؟ في مثل هذا الوقت؟ ”

لست أفهم تمامًا هذا، أليس علينا تلافي ما يحصل الأن قبل الوقوع في مشكلة؟

“ نعم، في الوقع، إنَّه من النَّوع الذي سيكون في معركة مميتة، و فجأة بلا سابِقِ إنذار، يبدء بفعل أشياء غريبة ”

“ ليون ساهيونج … شخصٌ فريدٌ من نوعه ”

قال فرناندو، بينما يحكُّ رأسه، غير متأكد من كيفية الرَّد.

“ لا تستغرب، سوف تعتاد على الأمر مستقبلاً ”

ردَّ لويد ضاحكًا من إستجابة فرناندو المرتبكة، ذلك قبل أن يتعكَّر مِزاجه فجأة.

أولاً الوغد الخائن، و الأن هذا الوغد الرَّاقص، أليس هذا كثيراً؟!

بعد رؤية الفتيات يُحدِّقنَ في ليون بنظراتٍ حالٓمة، لم يسعه سوى تذكر الوغد الخائن ديو، و الذي يستمتع بلا شك بوقتٍ فردي مع فتاةٍ جميلة!

حتّى ليون يحصل على الإعجاب؟؟ ما هذا، هل مازوشيَّات!

ألم يقم بضربكم جميعًا قبل لحظات؟ هاه؟ هذا غير عادل!

تمَّ تذكيره مرَّة أخرى بحقيقة موجِعة، ألا و هي أنَّه الوحيد الجالس بجانب “فتى”.

“ لسببٍ ما، أنا أشعر بالإنزعاج؟ أبعد نظراتك عنَّي، لويد ساهيونج ”

كما لو كان يقرأ أفكاره، ظهرت العروق على جبهة فرناندو كما قال بإنزعاج.

إستفد من وجهك الوسيم اللعين و إذهب و قم بشيئٍ ما أيها الوغد! لا توجِّه إستيائك نحوي!

لم يكن لويد وحده، وجد الكثيرون ليون قبيحًا للعين فجأة.

أنظروا إليه و هو يتباهى بينما يتبختر، تبًّا لك!

العديد حاولوا حبس دموعهم الآخذة في النزول.

حقًّا، بحق، الحياة بطرق مختلفة، غير عادلة بالمرَّة.

لم يكتفي بضرب أجسادهم فحسب، على ما يبدوا، و من دون قصد، قام ليون بتوجيه ضربة قاسية لكبرياء الذكور هنا.

بالطَّبع، لحسن حظِّهم، هو لا يدري بذلك.

الرياح كانت تُغنِّي، كما لو كانت معزوفة.

سمع صوتها بوضوح كاللحن في أذنيه.

منعطفاتٌ عديدة.

هذا أفضل وصف يمكن لليون وصف حياته به.

رغم عيشه معظم حياته كما لو كان ينظر إلى ورقة بيضاء.

كان هناك وقتٌ ما قد تساقطت فيه قطرات الحبر على الورقة.

بعد أن أصبح فيها بُقعٌ هنا و هناك، إنتاب الفتى بعض الفضول.

هل هناك أكثر مِمَّا يراه و يعتقده بالفعل؟

الفضول كان صغيرًا في البداية.

مع مرور الأيام و الأشهر، أصبح الفضول عميقًا.

في النهاية، أصبح الفضول رغبة.

كان للفتى الصغير رغبة في الإكتشاف.

إستمتع بمشهد الرِّمال المتطايرة بينما يُغنِّي و يرقص.

“آيآ جميع طلبة أكاديمية ضوء القمر، أنتم هنا محتجزين، لا تدرون أيَّ مصير ينتظركم~ ”

بطبيعة الحال، كانت متعة حياته قد بدأت للتَّو.

ما زال هناك الكثير لتجربته.

“ بدلاً من البقاء جازعين بلا حركة، أليس من الأفضل القيام بشيئٍ ما حيال المشكلة~؟ ”

كان يتحدث بينما يرقص كالمخمور، صوته هادئ، لكن سمعه الجميع بضوح.

الأمر كما لو أنَّ هناك من يهمس عبر أُذُنِك.

“ ماذا سنفعل؟ هل ننتظر حتّى تأتي هيئة التعليم؟ أم نقاوم حتّى النهاية؟ لكن هذا الشخص مجنون … قد نُقتَل ”

“ ستُراوِدُ العقل مثل تلك الأفكار، لذلك ستصبحون في حيرة، و هكذا، أنا أُعطِيكُم إقتراحًا ”

كمن ينهي رقصته بحركة أخيرة، قام ليون بإبتكار حركاته الخاصَّة.

طافت حُبَيبَاتُ الرِّمال عبر الهواء، كما لو كانت تُشكِّلُ صفوفًا متناسقة.

في كُلِّ مرَّة يتحرَّكُ بها، تطايرت حُبَيبَاتُ الرِّمال و لحقت بسابقاتها.

“ هل لكم بقبوله؟ ”

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1]: عدُوٌّ ليس لك به مِنان، حليفٌ واحدٌ مثله و لا ألفًا من بعده:

المِنان، أي بمعنى الأمل و التمني.

حليفٌ مثله و لا ألفًا من بعده: أي انه كمن يسوى ألف حليف.

[2]: على أطرَافِ الزَّوَال: أي بمعنى على وشك الإختفاء.

[3]: يُحملِقان في بضعهما البعض، يتملَّكُهُما الصمت: الحملقة يعني التحديق.

2024/08/06 · 12 مشاهدة · 2670 كلمة
نادي الروايات - 2025