22 - الفصل 22: إمتحانات تحديد الفئة داخل الأكادِيمِيَّة (7)

الفصل 22: إمتحانات تحديد الفئة داخل الأكادِيمِيَّة (7).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بعد إنتهاء الإختبار الأول، سيستغرق فرز النتائج بعض الوقت.

لذلك كان للطلاب الحرية في ما يفعلون حتّى تتبين مراكز كل شخص.

مثلما كان هناك فئات للموهبة، كان للأكادِيمِيَّة فئاتٌ مختلفة بدورها.

من الفئة (D) صعودًا حتّى الفئة (A)، كانت إمتحانات تحديد الفئة هي ما يحدد أي فصلٍ ينتمي إليه الطالب.

إختلفت معاملة المرء بحسب الفئة المنتمي إليها.

الفئة (D) هي مكب النفايات، بينما الفئة (A) مخزن الجواهر.

بطبيعة الحال، كانت الأكادِيمِيَّة — و التي تتعامل على أساس الجدارة، تُعامِل الذين في القمة بشكلٍ مختلف عن الذين في القاع.

على الأقل، من ناحية الموارد، هذا هو.

“ كان مخيفًا … عندما أتَذكَّر هؤلاء المجانين، أحصل على رعشات في جسدي …! ”

“ نعم…! الفوضى التي حصلت كانت مرعبة، ناهيك عن أنَّ العديد تقاتلوا فيما بينهم كما لو كانوا مجانين ”

“ رغم ذلك، شعرت أنني بذلت جهدي، يا للخسارة … لست سوى موهبة الفئة (C) ”

“ حالك أفضل! أنا أدنى موهبة ”

تناقش العديد من الأشخاص فيما بينهم، متذكرين أحداث الإختبار.

بالنسبة للمراهقين ذوي السبعة عشر ربيعًا، كانت الفوضى التي حصلت مثيرة للقلق، لكن تعامل معظمهم مع ذلك جيدًا.

الأمر الذي أثار الخوف —بطبيعة الحال، لم يكن سوى معركة ليون و لوغان، التي إنتهى بالإثنين للموت الوشيك بسببها.

العديد تم إقصائهم بسبب معركتهِما.

الجنون و الهوس في عيني الإثنين، المخاطرة بحياتهما، ناسيين الإختبار الذي له أهمية كبيرة للكثير.

لقد دبَّ ذلك الرعب في كيان المرء.

بعد خروج الإثنين، كانت هناك ضجة كبيرة تحدث في المكان.

لم تتوقع لجنة التحكيم ذلك.

و كما توقع الإثنين، لم تخاطر الأكادِيمِيَّة و تتركهما للموت.

لقد تم شفائهم بينما يرقدون في غرف الطوارئ.

ستة أشخاص.

عدد الذين حققوا أعلى نتيجة.

الإبنة الثانية لماركوس هارديان، حاكم مملكة كايرو و قديس السيف.

الأميرة الطيبة لوسيا هارديان.

الإبنة الوحيدة لعائلة كرونوس، نجلة سامويل كرونوس، المعروف بأحد أقوى الأشخاص في كايرو.

عبقرية السيف و القلم، ليليث كرونوس.

الإبن الأصغر لعشيرة ماو لي، الفتى الذي بدأ في ترسيخ سمعته بين العباقرة الشباب.

سيف الصلاح، ماو لي تشيو.

عائلة كلوديوس، التي ترتكز على المخلوقات و البيئة، صقل الأسلحة و العربات، ناهيك عن الأدوية و السموم، الإبنة الثالثة لتلك العائلة.

أميرة السموم، لينا كلوديوس.

الإبن الوحيد لبطريرك عشيرة شين، الفتى الذي كانت رجاحة عقله تطغى على من كبروه سِنًّا، بدا للكثير أنَّه ورث خبث أبيه.

قمر عشيرة سين، شين سو.

و أخيراً، النجل الأصغر لعائلة هارڤي، موهبة لم تأتي للعائلة منذ عقود.

الفتى الذي سمي في كايرو بلا منازع بالعبقري.

عبقري السيافة، إدوارد هارڤي.

هؤلاء الستة، جميعهم حقَّقوا موهبة الفئة العُليا، الموهبة (A).

حادثة غير مسبوقة لأكثر من مائة عام، حتّى أنَّه يمكن القول، هذه الأكادِيمِيَّة هي المكان الوحيد الذي حصل فيه هذا.

ليس من غير المعقول إجتماع المواهب في مكانٍ واحد، لكن أن يكونوا جميعًا بنفس العمر؟

يمكن القول، هذه حادثة ستُخَلِّدُها كتب التاريخ لمائة عام أخرى على أقل تقدير.

ليس واحِدًا أو إثنين، ستة.

كانت التوقعات الأكبر، هي الحصول على ثلاثة مواهب.

لا تَغُرَّنَّكَ الأرقام أبداً.

قد تبدوا صغيرة، لكن في هذا العالم، حيث القوة تتغلب على الجماعات، كان لمواهب الفئة (A) قيمة عالية.

قد تتم المجادلة بقول أنَّ الموارد تكفي لبلوغها، لكن ذلك غير ممكن بهذا فقط.

بالطبع، ببعض الأساليب المتقدمة، يمكن تحسين الموهبة، على أقصى تقدير، إلى الفئة (B) مع الموارد الكافية، ذلك ممكن.

لكن الموهبة (A)؟ هاهاها، غير ممكن!

إن أعطيت الذهب للعصفور، فليس له قيمة، أن أعطيت الدود للإنسان، فليس له قيمة أيضاً.

كان هناك حاجة لثلاثة من أصل أربعة أمور رئيسية على الأقل لبلوغ الموهبة العُليا.

الطاقة السحرية، الحالة النفسية، القوة الجسدية، و قوة الإرادة.

بين هؤلاء الأربعة، يجب على الشخص إمتلاك ثلاثة، ليصل بالكاد إلى عتبة الفئة العليا.

بالموارد الكثيرة، ربما يمكن إمتلاك القوة الجسدية و الطاقة السحرية الفائضة.

الحالة النفسية، قوة الإرادة، مع ذلك، لا يمكن إمتلاكهما بهؤلاء.

كانت تلك أشياء يقررها المرء مع نفسه فقط، و لا يمكن لأحدٍ مساعدته بشأنها.

الصدمة لم تنتهي بهذا، كان هناك عددٌ لا بأس به من مواهب الرتبة (B) بين الطلبة أيضاً.

حتّى مع ذلك، ما يزال الكثير ن بين الطلبة له أسوء موهبة و موهبة متوسطة.

“ هل حفِظتم وجوه من لهم قيمة؟ ” فتح لوكي فمه، مع صوته البارد المعتاد.

“ إلى حدٍّ ما، نعم، للأسف، مازلت لم أرى ما يثير الإهتمام لتلك الدرجة ”

رد عليه فايرون بصوتٍ ناعس، بينما يشعر برغبة للنوم.

كان الشيئُ الوحيد الممتع في الإختبار الأول هو حركة لوغان و ليون المتطرِّفة، لذلك كان مملاً إلى حدٍّ ما.

“ لم ننتهي بعد، يمكننا الجموح في الإختبار الثاني إذا كان تخميني صحيحًا، ليس كما لو أنَّ النتيجة تهم بعد الأن، عندما تم قبولنا ”

بينما يقف بجانب تلميذيه، فتح ديو فمه بنبرة متحمسة قليلاً.

“ يدي تحكني بالفعل … أريد حقًّا اللعب! ”

لويد كان صامِتًا، بينما ينجرُّ تفكيره نحو الأُفُق.

بدا شارد الذهن.

كان الأخرون على عِلمٍ بالسبب، لذلك لم يدخلوه المحادثة.

“ على أي حال، لنذهب نحو ليون، بينما هو مصاب، لنراقبه، هؤلاء الثعالب الأوغاد قد يحاولون فعل شيء ”

“نظرًا لمدى القوة التي أظهرها، فسيكون هناك شكاوي كثيرة، و قد يفعلون شيئًا ”

بينما يراقبون الدردشات هنا و هناك، مشت المجموعة، عندما قال لوكي ذلك.

كانوا ذاهبين الأن للمستوصف، حيث يرقد ليون و لوغان.

موهبة الستة من العائلات المرموقة؟ هاهاها، لم يهتموا حتّى قليلاً!

كل الفضل في نجاح المرء هي موهبته.

الموهبة و الموهبة.

إبتسم لوكي بسخرية.

لو لم يعيشوا حياة المعاناة، هل سيكونون مثل هؤلاء الحمقى الأن؟

في مرحلةٍ ما، عندما يعيش المرء تجارب الحياة، سيدرك بِضعة أمور.

الوقت يُدارك المرء في معيشته، و لا يعلمُ متى سيموت.

قد تموت فجأة بسبب سكتة قلبية، قد تهاجم جحافل من الوحوش قريتك بلا سابقِ إنذار، قد تُقتل غدرًا من قبل شخصٍ ما.

بإختصار، الحياة غير متوقعة البتَّة، و لا يمكن للمرء التَّنبُّوء بما سيحصل له فيها.

لماذا الكثير من المخلوقات مهووسون بالحديث عن الأخرين و الموهبة، و يضعون فضل النَّجاح على الأمور الخارجية؟

لأن أصعب شيئٍ في العالم، هو أن تعتمد على نفسك فقط.

قد يكون ما تعتمد عليه هي قوتك المُهيبة، قد تكون فطنتك و رجاحة عقلك، ربما تعتمد على نسبك.

عند الوقوع في المشاكل، سيكون لديك خيارات صعبة، لكنها دائماً أسهل من “الإعتماد على الذات”.

و مع ذلك، الواقع ليس لطيفًا لتلك الدرجة.

في يومٍ ما، أنت ستدرك الأمر.

ليس من الخاطئ الإعتماد على المصادر الخارجية، لكن الأولوية يجب أن تكون على شيئٍ واحد.

لا عائلة أو مساعدة تنفعك في ذلك الوقت.

لا أصدقاء أو حلفاء سيكونون في الجِوار.

لا موارد أو موهبة يمكن لها البقاء معك.

الوحيد الذي يبقى معك حتّى النهاية.

إنَّه ليس سوى ذاتك.

في النهاية، الوحيد الموثوق أكثر من الأخرين، كان ذلك الشخص هو نفسك فقط.

عرف جميع الستة في المجموعة ذلك بعمق.

لذلك كان من الممكن لهم الضحك ببساطة على جهل الآخرين.

إختفى الشبان الخمسة و الفتاة عبر الحشد، متجهين إلى مكانٍ يرقد فيه الفتى أحمر العينين.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أبيض.

كبياض الثلج في منتصف الشتاء.

لا، لقد كان أكثر بياضًا حتّى.

بيئة مصبوغة باللون الأبيض يمكن للمرء رؤيتها.

الجدران و الأرض، حتّى السماء بيضاء ناصعة.

ذلك اللون الذي يدل على النقاء، عدم التَّلوُّثِ و النَّجَاسَة.

عندما يرى المخلوقُ شيئًا ما، تنشأ العواطف بشكلٍ طبيعي.

الأشياء ليست سوى جماد، رغم ذلك، فكل شيئٍ في العالم ينقل نوعًا ما من العواطف.

حتّى في هذا المكان خالي الألوان، لم يكن هناك إستثناء.

عاطفة غريبة تنشأ عندما تراه بعينيك.

لقد كانت تلك العواطف السعيدة لرؤية معظم الأشياء في العالم … … غير موجودة.

العدم و الفراغ.

يصبح ذهن الإنسان فارغًا مع مرور الوقت.

الخوف و الجنون يطغى على المخلوق.

في هذه البيئة البيضاء … يمكن رؤية أطفالٍ صغار.

إذا كان المكان يحمل بياضًا لا تشوبه شائبة، بطبيعة الحال، يصبح تغيير الألوان واضحًا جداً.

إرتدى الأطفال أردية بيضاء في الحقل الأبيض.

في البداية، الشيئُ الوحيد الزاهي الذي تلاحظه العيون قليلاً هو شَعرُ الأطفال و عيونهم باهتة العواطف.

وجوهٌ باردة بلا عواطف تتماشى مع البيئة الخالية من الألوان.

حتّى في هذه البيئة البيضاء، فقد كان من المستحيل عدم ملاحظة الشذوذ.

لونٌ قرمزي قاتم يلطخ المنطقة.

السائل الأحمر كان دَافِئًا، يسيل مرورًا بالجسد، وصولاً إلى الأرض، مُلطِّخًا إياها.

رسم اللون الأحمر ما يشبه لوحة.

كان ذلك ببساطة … جميلاً.

كان العديد من الأطفال بلا تعابير و عيونٍ ميتة.

الأموات — في نهاية المطاف، تختفي تعابيرهم تدريجيًا، حتى تصبح خالية.

ساقطون على الأرض بلا حياة، مات هؤلاء الأطفال في سنٍّ مُبكِّرة.

يا للأسف … لن يكبروا أكثر من هذا ليروا العالم.

بين العديد من الموتى، إثنان فقط من بقوا أحياء.

أحدهما كان واقفًا، وجهه لم تكن فيه عواطف، العيون الحمراء كالدماء كانت سمته الوحيدة البارزة في هذا المكان.

لقد تماشى بريق عينيه الحمراء مع الدماء التي تصبغ المكان.

حتّى مع البيئة البيضاء التي تصيب المرء بالجنون، حتّى مع الجثث العديدة عبر الأنحاء، لم تخن تعابيره أي عاطفة.

هادئ، كتلة متراصة خالية من الحقد أو السعادة.

بالنسبة للفتى صغير العمر، بدا كل ما يحدث ليس من شأنه، كما لو كانت مشكلة شخصٍ أخر.

نظر نحو الشخص الأخر أمامه بملل.

الصبي الأخر كان راكِعًا، يمسك بمكانٍ كان في وقتٍ من الأوقات يده اليسرى.

أمسكت يده الهواء، لم تكن اليد موجودة، تدفق الدم الأحمر النقي عبر مكان اليد.

نظر بعواطفٍ معقدة نحو الفتى الواقف أمامه.

عيونه الحمراء ومضت بقتامة، كما لو أنَّها تخترق أعماق الروح.

أشعرته تلك العيون بخوفٍ غريزي.

“ ألديك كلِماتٌ أخيرة؟ ”

صوتُه لا يشبه الهمس أو الصراخ، فتح الفتى أحمر العينين فمه بهدوء.

عرف الفتى الآخر أنَّ لا فائدة مهما فعل، فقد خسر مع الأخرين المعركة بفرقٍ شاسع.

لم يكن هناك جدوى للقتال أكثر، كُسِرت أطرافه بالفعل، ناهيك عن يده المقطوعة.

في النهاية … حتّى مع تخطيطه العميق، لم يستطع الفوز.

“ … فقط سؤالٌ واحد ”

بعد الصمت لفترة، قال له الفتى أحمر العينين، “ إن كان ذلك أخر شيئٍ لك في العالم، فقد أجيبك ”

لم يعد للعدو خدع أخرى، كان يمكنه قتله فورًا، لكن بينما هو في الأمر، فقد يجيبه على الأقل.

لم يكن رده الإيجابي من باب الشفقة في الأساس، أراد فقط إشباع فضوله.

“ … لماذا؟ ”

بعد أن كبروا في نفس البيئة، عرف الفتى الصغير أحمر العينين المعنى الكامن وراء كلماته.

لماذا قام بقتالهم؟ لماذا قام بقتلهم، هم من عاشوا معه في هذا المكان البغيض؟

لماذا و لماذا؟ لماذا فقط؟

كان للفتى الآخر الكثير من الأسئلة، لكن عرف أنَّ هذا كل ما يمكنه قوله.

“ إنه بسيط في الواقع ”

لم يفكر الفتى أحمر العينين كثيرًا في الأمر.

جوابه كان واضحًا بالفعل.

“ هذا لكي أفوز ” نظراته كانت هادئة كالمياه الراكدة.

بسيط، و لا يحتاج للتعقيد.

كان للفتى في الواقع الكثير من الأعذار لقولها.

مثل أنَّهم قاموا بمحاولاتٍ عديدة للتمادي ضده، أنَّه منذ البداية، كان سيتم الإبقاء على شخصٍ واحد فقط حيًّا.

حتّى أنَّه قد عرف بالهلوسات التي عانى منها هؤلاء الأطفال الأخرين بسبب المكان.

لقد أصبحوا من دون أن يدركوا كالدمى المكسورة و المشوهة.

لكن لم يفعل.

لأنه في هذا المكان، ما هو السبب أو العذر، كل تلك الأشياء لا تهُم.

النتائج فقط ما كان له حق الحديث هنا.

الفائز أو الخاسر.

قيمة الشخص تتحدَّد في هذا العالم ذو البياض الناصع بهذين الأمرين.

الأن، كان هو الفائز، و خسر الأخرون بالفعل.

في الحياة، سيكون هناك دائمًا تعارض في الآراء و المصالح، و في بعض الأحيان، لا يمكن التوفيق بينها.

لذلك سيكون هناك — بطبيعة الحال، صراع.

الفائز يأخذ كل شيء، الخاسر يخسر كل شيء.

في النهاية، الأشخاص الذين كانوا في يومٍ من الأيام رفاقًا، خسروا كل شيئٍ و ماتوا ميتةً بائسة.

لم يكن هناك مُسحة من الندم في قلبه.

الفتى الوحيد الباقي، لم يكن لديه سبب خاص لإبقائه كأخر شخص.

الأمر فقط … هو أنَّ علاقتهما كانت تعتبر خاصة.

حتّى مع ذلك، لم يعد هناك مجال للرجوع، و لم يكن ينوي التراجع.

كان قلبه هادئًا، و نطق ببرودة.

“ لديكم أسبابكم الخاصة، أنا لا ألومكم ”

لكل شخصٍ في هذا العالم قواعده و أحكامه الخاصة، إهتماماته و مكروهاته.

الشخص يحكم على العالم بقواعده الخاصة.

لم يكن الفتى أحمر العينين مستاءًا بشكلٍ خاص و لا غاضبًا.

هم فقط فعلوا ما عرفوا أنَّه صحيح.

و في الجهة المعاكسة، كان لديه أيضاً مفاهيمه الخاصة.

خطتهم المحكمة للهروب من هذا المكان، خطتهم للتعاون و القضاء عليه في هذه التجربة لكي ينجوا بحياتهم.

كل نواياهم، لقد رأى من خلالها بالفعل.

النتيجة كانت بسيطة.

هُم دفعوا ثمن قرارهم ذاك.

“ لو لم تكونوا ضعفاء، فسأكون الشخص الخاسر “

“ كل ما في الأمر أنني الفائز، إنَّه بتلك البساطة ”

كما قال كلماته الأخيرة، تقدم الفتى نحو العدو أمامه ببطئ.

“ … هل لديك حلم؟ ”

كما لو كان يتقبل مصيره، لم يتراجع الفتى المصاب، لكن بدلاً من ذلك تساءل بصوتٍ عالٍ.

لم يتوقع إجابة، لكنه قال ما في ذهنه.

لقد فهم الفتى أمامه أكثر من الجميع، في البداية، كانت عواطف الخوف و الكراهية قد نشأت من شعور الخيانة.

لكن بعد معرفة السبب، إختفت تلك العواطف ببساطة.

على عكس الجميع هنا، كان أحمر العينين هو الوحيد من تم سلب ذلك منه.

ما يجعل من المرء مخلوقًا فريدًا.

العواطف.

ذلك الشيئ البسيط، لقد سُلب أحمر العينين من عواطفه.

بعد أن أجابه بصدق، فهم الفتى المصاب لأي مدى أصبح هذا الشخص فارغًا.

كان هناك مُسحة من الحزن تنشأ.

عرف منذ البداية بشأن الهلوسات و الجنون الذي أصابه هو و رفاقه، لذلك أرادوا رؤية العالم الخارجي مرة واحدة قبل الموت.

كان لديه طموحات أكثر من ذلك، تدمير المُنشأة، التجول في العالم و تذوق مختلف أنواع التجارب.

للأسف، ذلك لم يتحقق.

لكن ذلك لم يعد مهمًّا.

كانوا صغارًا في العمر، لذلك لم يكن من المعتاد كونهم ناضجي العقل هكذا.

و مع ذلك، في هذه البيئة غير الإنسانية، إن لم يكبر المرء و يتكيف بسرعة.

التخلص منه هو مصيره الوحيد في نهاية الأمر.

كان الفتى هادئًا بالفعل، و رأى من خلال مواقف الحياة و الموت مرَّاتٍ عديدة، ذلك أجبره على النضوج باكرًا.

فهم موقفه تمامًا، و غريزته أخبرته بالفعل، كان سيموت هنا.

الهلوسات و الجنون بسبب البيئة البيضاء الخالية، و التدريبات القاسية و أسلوب العيش الصارم.

لقد تم كسر العديد هنا بسبب ذلك.

كان الشيئُ الوحيد الذي ترك الكثير هنا عاقلين، هي رغباتهم و طموحاتهم، أملاً في الخروج يومًا ما.

الكثير ماتوا على طول الطريق، و الكثير قد أصابهم الجنون و أصبحوا كالدمى الفارغة.

و مع ذلك، هو الوحيد الذي بقي عاقلاً، حتّى أنَّه أصبح الأقوى.

الفتى الواقف أمامه، كان هو ذلك الشخص.

كان يبدوا في كثيرٍ من الأحيان بلا عواطف، لدرجة أنَّ الجميع قد صدَّق حقيقة أنَّه تجرَّد منها بالفعل.

ما هو حلمه، ليستطيع النجاة إلى الأن، ما هو دافعه للعيش؟

هل لديه واحد في المقام الأول؟

بصفته الأقرب إلى هذا الفتى ذو العيون الحمراء أمامه، كان لديه فضول.

عرف منذ فترة طويلة أنَّ الفتى ذو العيون الحمراء لن يَرُدَّ إن لم يرغب ذلك، كان معتمدًا بشكلٍ كُلِّي على ذاته فقط.

على عكس الأخرين الذين شكلوا فرق و مجموعات بغاية النجاة و أن يصبحوا أقوى، كان وحيدًا بلا دعمٍ من أحد.

رغم ذلك، فقد وصل الفتى أحمر العينين إلى القمة، منذ البداية وحده، و حتّى النهاية، فعل ذلك وحيدًا.

لم يسعه سوى التساؤل.

مثل هذا الشخص، ما هو دافعه للإستمرار؟

“ … لدي واحد ”

لم يهتز صوته و لو قليلاً، أجاب على سؤال الفتى المصاب بنبرته الفارغة.

“ … هكذا إذاً ”

مهما كان ذلك، عسى أن تُدارِكه بيديك يومًا ما.

حتّى بدون إكمال كلماته، فعواطفه قد وصلت له بالفعل.

سريينج!

خرج من داخل يد الفتى ذو العيون الحمراء نصلٌ أسود.

“ هل هذا كل شيئ؟ ”

إستجابةً لكلماته، الفتى المصاب أومأ برأسه بهدوء.

كان لديه الكثير الذي رغِب بقوله، لكن في النهاية، لم يعد هناك شيئ لقوله.

سواء نجح الإنسان أم خسر، في نهاية حياته، لم يكن أي من ذلك مهما.

كما تُشرِق الشمس وقت بزوغ الفجر، ضوءها يأتي فينقشع ظلام الليل العابِر،

كزوال ظلام الليل في صباحٍ جديد.

عندما ينتهي الطريق، للفوز أو الخسارة، لن يبقى للإنسان فرحةٌ أو ضِيق.

كانت تلك هي قسوة و بهجة الحياة في العالم.

الرقم إثنان، في هذا المكان، لقد كان إسمه شيئًا من هذا القبيل.

عاش حياته في كفاحٍ مستمر بحثًا عن تحقيق حلمه، رغم ذلك فقد فشل.

لم يبقى شيئٌ معه، ليس هناك أقارب أو أعداء.

لم يكن هناك شاهدٌ على لحظاته الأخيرة سوى فتى يحمل نصلاً أسود أمامه.

هل كان هناك ندمٌ باقٍ؟

ضحك الفتى المصاب، كما لو كان الذي سيموت شخصًا أخر، و ليس هو نفسه.

لم يكن لديه ندم، ليس و لو قليلاً.

لم يشعر بالآسى على نفسه، بقائه حتّى الأن كان على حساب حياة أشخاصٍ آخرين.

لم يكن أحدٌ في هذا العالم بريئًا.

الإنسان يقتل الحيوانات ليأكل، الحيوانات تفترس بعضها، السمكة الكبيرة تأكل السمكة الصغيرة، و السمكة الصغيرة تأكل الروبيان.

هكذا هي الطبيعة، و هكذا هو العالم، لا توجد براءة.

هل فقط لأنك ترغب بالنجاة تقتُل؟

البشر يقتلون الأرانب للغذاء.

هل هُم أنقياء بريئون؟

لم يكن أحدٌ منهم كذلك.

قانون الطبيعة هو أنَّ الأقوى سينجوا، و ليس البريء.

الكل سيقتُلُ لينجوا، و في مرحلةٍ ما، سيكونون هم الموتى.

إن قام المرء بالقتل، فعليه الاستعداد لأن يُقتَل!

في هذا العالم القاسي، كان كل شيئٍ يدور حول البقاء.

من حقِّ الجميع العيش، و من حق الجميع القتل للنجاة.

و مع هذا، لا يوجد أحدٌ منهم بريء!

لا أحد في العالم بريء!

هذه هي الحقيقة المطلقة!

ضحك الرقم إثنان بخفة، متذكِّرًا حقيقة باردة أخرى في هذه البيئة الوحشية.

لم يكن آسِفًا تجاه ما فعله، لأنه كان يفعل ذلك من أجل البقاء.

الكل لهم طُرُقُهم في العيش، و مع ذلك، الأقوى فقط من يبقى ليتدبَّر حياته.

لقد كان يسعى نحو هدفه حتّى النهاية.

لماذا سيكون لديه ندم؟

فعل ما بوسعه بالفعل.

لم يعد هناك المزيد لقوله؟

في الواقع، كان هناك شيئٌ واحد باقٍ، و ذلك سيحل أكبر الأسئلة العميقة في حياته.

صديق.

كان لديه فضول.

مثل هذا الشخص غير العاطفي و اللامبالي، مثل هذا الشخص الذي قتل الجميع هنا بلا رفٍّ للجفن حتّى.

هل يعرف تلك الكلمة؟

لم يكن مستاءً من ما فعله، لو كانت أماكنهم متبادلة، فقد كان ليقوم بنفس الشيئ، في الواقع.

بعد التفكير بحيادية، كان من المنطقي تصرف أحمر العينين بهذه الطريقة، فقد كان ذلك للنجاة.

حتّى مع ذلك، لم يبرر تصرفه، لأنه كان محقًا.

الخاسر يخسر كل شيء.

لكن هو الذي فاز … هل كان له شيئٌ في المقام الأول؟

كلمات الوداع دائماً ما تكون قليلة، لكنها تحمل في طَيَّاتِها معانٍ كثيرة.

“ وداعًا ” رفع يده الممتدة عبر النصل، كما قال بصوتٍ هادئ.

نظر إليه الفتى المصاب قليلاً، قبل إغلاق عينيه.

حتّى لو لم يحقق هدفه، و هو الأمر المخيب للآمال، على الأقل، حياته لم تكن خالية من الألوان تمامًا.

حتّى لو لم يعتبره هذا الشخص في نفس المقامة، فقد كان هو الأقرب أليه.

ماذا كان يُعتبر الفتى أحمر العينين بالنسبة له؟

هل كان يعتبره الفتى مهمًا في نظره؟

“ … نعم، وداعًا، يا صديقي الوحيد ”

حقق حلمك، إفرد جناحيك، كالنسر الطائر يجوب العالم بحرية.

“ أرقد في سلام، يا أقرب شَخصٍ عرفته ”

الفتى المصاب، وسع عينيه لفترة قصيرة، عند سماعه تلك الكلمات.

لم يتوقع هذا، لكن مع هذا، إسترخى جسده، و أغلق عينيه براحة.

رغم أنَّ الخاسر ينتهي به الأمر بأيدي فارغة، يبدوا أنَّه لم يخسر حقًّا في النهاية.

أغلق الفتى عينيه عن العالم، و ذلك بين يدي صديقه الوحيد.

كيف سيكون حزينًا؟

طعن!

بينما يغلق عينيه، مستلقيًا عبر الأرض البيضاء، دخل نصلٌ أسود قلب الفتى.

بعد سماع كلمات الفتى أحمر العينين، دخلت إبتسامة طفيفة وجه الرقم إثنان.

مات الفتى، و على محياه إبتسامة سعيدة.

في النهاية حقًّا …حقًّا، لم يبقى ندم له في الحياة.

طوال حياته كان يبحث عن الإثارة، بطريقةٍ ما، الموت على يد صديقه كان مثيرًا للإهتمام بطريقته الخاصة أيضاً.

وُلِد الفتى في رحمِ عائلةٍ فقيرة، و بسبب اليأس و عدم سعة الحيلة، قام والداه ببيعه لتاجرٍ مجهول.

تم بيع الفتى في صفقة إلى هذه المنظمة عندما كان في الثالثة.

ما بعد ذلك كانت حياةً يكافح فيها لأخر يومٍ في معيشته.

وجوه والديه الضبابية و بعض الذكريات عن العالم الخارجي، لقد كان ذلك إرتباطه الوحيد تجاه العالم.

لقد أحبَّ أسلوب العيش المثير للإهتمام، و عاش دائماً باحثًا عن الإثارة.

في هذا الجيل بين أقرانه، حاز على المركز الثاني و قاد العديد من الأطفال الأخرين في هذه المنظمة.

الشرارة الأولى للتمرد في المنظمة و قائد تلك الحملة.

ماتوا جميعًا بينما يبذلون جهدهم الباقي للخروج.

القائد، و على محياه إبتسامة، لقد كان آخر من عاش بين مجموعته.

ذلك هو الرقم إثنان، ذلك هو الفتى غريب الأطوار و الباحث عن الإثارة.

إخترق نصلٌ أسود جسده المنهك، في النهاية، و هو يَلفِظُ آخر أنفاسه، مات سعيدًا.

بالنسبة للفتى أحمر العينين، كان ذلك هو صديقه الأول.

العالم في كثيرٍ من الأحيان لا يرحم.

مهما كان السبب أو إختلاف الآراء، فقد كانت النتيجة هي نفسها.

صديقه الأقرب و آخر بقايا إنسانيته.

لقد إنتهى به الأمر ليكون قاتله.

بقي الفتى أحمر العينين واقفًا في صمت لفترة طويلة.

هل كان يبكي؟

كان ذلك غير محتمل.

نفض عن نصله الدماء، و أعاده لداخل يده.

نظر إلى الفتى المبتسم لفترة أخيرة، ثم إستدار.

مشى بعيدًا عن المكان بخطواتٍ غير مسموعة.

في نهاية الطريق، كان هناك شخصٌ يشبه الفتى الصغير.

بشعره الأسود و عيونه الحمراء، وقف ما يشبه نسخةً أكثر نضجًا من الفتى، في إنتظار الفتى الصغير للوصول.

عيونه الباردة و الخالية من العواطف حملت تَقَلُّبَاتِ الحياة و خِبرَاتِهَا.

إن كانت عيون الفتى الصغير تشبه بركة من الدماء، فقد كانت عيون الأكبر بينهما كالبحر الواسع.

مهما بحثت عميقًا، لن تجد النهاية أبداً، و ستغرق داخل البحر إلى الأبد.

إبتسمت النسخة الكبرى للفتى الصغير برفق، “ هل يخالجك شعور بالبكاء أو الندم؟ ”

الفرق المتباين بين الإثنين، كان واضحًا.

على عكس نفسه الأصغر سنًّا، كان للكبير القدرة على إظهار التعابير على وجهه.

مد يده نحو الفتى، و أمسك الصغير بها، مشى الإثنان ممسكين بيدي بعضهما في الفراغ الأبيض.

هذه البيئة كانت ستسبب التشتت و الإرتباك للعقل، لكن لم تبدوا على ملامح الإثنين مثل هذا الشيء.

لقد إعتادا على المكان لفترةٍ طويلة بالفعل.

بصوته الفارغ، أجاب الصغير قائلاً: “ لا شيء ”

رغم أنَّ هناك القليل من الغرابة، و حتّى عدم الإرتياح، فقد كان هذا كل شيء.

البكاء، إنَّه شيئٌ يخالج المرء عند الشعور بالحزن العميق.

صديقه الوحيد مات بين يديه.

قد يبدوا قاسيًا، لكن كان ذلك أفضل ما يمكنه فعله تجاهه.

اليأس الواضح أفضل من الأمل الزائف.

لو عرف حقيقة المكان بالفعل، فقد كان سيتم كسره أكثر.

ليس هو فقط، بل جميع من هنا، كانوا سيسقطون في نوبةٍ من الجنون.

مصيرهم في هذا المكان لم يكن أكثر من أن يصبحوا موادًا إستهلاكيّة.

بالطبع، كانت تلك إحدى نواياه الثانوية، قام الفتى الصغير بالقضاء عليهم لسببٍ أعمق.

في النهاية، يجب على المرءِ الدوس على أحدٍ أخر للصعود.

الأمر بتلك البساطة، ليصعد الفتى أعلى و ينفِّذ خططه، قام بمسح العقبات عن طريقه.

حتّى لو عنى ذلك موت صديقه بين يديه، فسيفعل ذلك.

و كان ذلك ما يسمى “لطفه القليل الباقي تجاه أحدٍ في هذا العالم”.

موته بينما يسعى نحو طموحه، هذا ترك الرقم إثنان يموت بلا ندم.

هل حزِن الفتى أحمر العينين بشأن ما فعله؟

بالنسبة له … لقد فقد القدرة على ذلك منذ فترة طويلة.

“ حتّى لو عاد بي الزمن لنفس الموقف كل مرَّة، فالجواب هو نفسه دائمًا ”

تابع الصغير ممسكًا بيد نفسه الأكبر سنًّا.

“ حسنًا، أنت محق ” كان للفتى المراهق إبتسامة غامضة، كما أجاب.

“ النَّدم على ما فعله المرء يعني الخسارة ” قال الصغير.

مُخمِّنًا كلماته، أكمل الكبير قائلاً: “ في هذا العالم، لا مكان للخسارة ”

“ سواء في الماضي أو الحاضر ”

“ سواء كان في المستقبل، الإجابة الوحيدة التي سأجيب بها بسيطة ” بدأت أصوات الإثنين تتداخل عبر الفضاء.

“ في هذا العالم، الفوز هو كلُّ شيء ”

بصوتٍ متزامن قال الإثنان.

في الفراغ الأبيض، يمكن رؤية جثة طفلٍ صغير و مراهقٍ شاب.

بيئة تخلوا من الأصوات.

الصوت الوحيد الذي يمكن سماعه هو خطوات شخصين.

تاركين وراءهما حقلاً من الدماء و الجثث.

بينما يمسكان بيدي بعضهما، في صمتٍ محدق.

قاما بالمشي عبر الأبدية.

حتى لم يعد من الممكن رؤيتهما.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

في المستوصف، إستيقظ ليون من النوم.

حلم راوده عن ماضٍ قديم.

تعابيره لم يشُبها الإرتباك، و بقي لامباليًا.

لم تخن العواطف وجهه أو قلبه.

كان هادئًا تمامًا، و لم يشعر بالذعر.

ماضيه و حياته.

لقد تصالح مع ذلك بالفعل، ليس لديه ندم أو حزنٌ على ندوب عيشه.

في النهاية، سيكون على المرء في وقتٍ ما، أن يتصالح مع نفسه و يتغلب على ماضيه.

“ الماضي هو إمتدادٌ للحاضر و المستقبل، لا فائدة من البقاء عالقًا فيه للأبد ”. فكر في نفسه، بينما يفرك عينيه.

راقب المكان حوله، من الواضح أنَّه الوحيد هنا بجانب لوغان الذي لم يستيقظ بعد.

“ … الرقم إثنان هاه ” كان لديه إبتسامة ساخرة على وجهه، كما قام بفحص جسده.

لا يبدوا أنَّ هناك مشكلة في الأعضاء الحيوية، و لا يمكن رؤية مشكلة مع تدفق التشي عبر الجسد.

لم يكن قلقًا بشأن كشف جراحه الداخلية من قبل المسعفين، عندما أصاب بطنه بيده، قام بتدمير بقايا السحر المنتشرة عبر جسده.

الإصابة الداخلية كانت نوعان: التي تؤثر على الأعضاء الحيوية، و التي تؤثر على مسارات الطاقة في الجسد.

بما أنَّه أراد التأثير على موهبته، أصاب جسده و ترك بعض بقايا الطاقة السحرية على مناطق الضغط في جسده.

ذلك سيؤدي في العادة إلى الموت.

لكن مع خبرته الواسعة، ناهيك عن كونه الأفضل في التحكم و الإحساس بالطاقة السحرية، فقد نجح ليون في الأمر.

و هكذا، عندما أصاب جسده، مسح بقايا الطاقة الباقية و قام بجرح نفسه.

هكذا، عندما يتم فحصه للعديد من الأسباب، لن يتم ملاحظة سوى فوضى أحشاء جسده المتضرِّر.

“ بما أنَّ نداء الكوابيس تفعل من تلقاء نفسها، فهذا يعني أنَّ أحدًا ما حاول الولوج لقلب الجوهر الخاص بي ”. فكر في نفسه قليلاً، بينما يخَمِّن.

الحلم الذي حلم به، بطبيعة الحال، سببه كان نداء الكوابيس.

في حالات عدم إستعداده أو لا يكون واعيًا، عندما يتم محاولة الولوج لجوهر الطاقة السحرية الخاص به — الذي يسمى قلب الجوهر، يتفعَّل نداء الكوابيس لمنع الاشخاص من الولوج تلقائيًا.

كان ذلك لمنع البحث في ذكرياته أو الإحساس بمستواه.

لكن في هذه الحالة حيث يريد إثبات موهبته القليلة، فقد تلاعب بجوهر المانا الخاص به.

لذلك، حتّى لو إخترق أحدٌ ما الدفاعات البسيطة التي وضعها لنداء الكوابيس، فلن يستقبله سوى موهبة من الدرجة (C).

لم يكن بطبيعة الحال سيقبل بجرح نفسه بسهولة بدون ضمانات.

قام ببعض تمارين التنفس للتَّأكد من تعافيه التام و مدَّدَ جسده قبل أن ينهض.

إستغرق ما يقرب من خمسة دقائق قبل الإنتهاء.

“ على ما يبدوا، هم مشغولين كثيراً، نظرًا لعدم قيام أحدٍ منهم بإجراءٍ بعد ”

قام بتعزيز حواسه لمراقبة الخارج، و لم يستشعر سوى هالاتٍ مألوفة.

لم يكن هناك تدفق يتناسب مع شخصٍ قوي و غير مألوف.

هذا يؤكد أكثر أنَّه تم التعامل بشكلٍ تام مع إصاباتهما.

كان من المستحيل ترك مصابٍ في حالة حرجة وحيدًا.

“ على الأغلب لن يكون هناك إستجواب، لو كان ذلك مفروضًا، لما تم إنشاء قواعد كتلك، مثل أنَّ كل شيئٍ مسموح ما عدى الغش أو القتل ”

يمكن لليون الإستدلال بعدة أشياء من ذلك.

هذا يعني، كانت هناك حوادث قتل قد حدثت قديمًا، أو ما يشابه ذلك.

لم يكن قلقًا و لو قليلاً في أن يتم إستبعاده، لأنه لم يصب سوى نفسه بجرحٍ قاتل.

حتّى لو تم إقتصاص نتيجته في الإختبار الأول، فقد كانت نصف الثلاثين دقيقة.

ذلك يكفي للقبول بالفعل.

تذكَّر ليون دخوله في الرهانات التي تحدث سرًّا قبل يومٍ من الإختبار.

قام بإقصاء كل من رهن بخسارتهم بنفسه، بذريعة القتال مع لوغان.

أظهر عدم وعيٍ و جنونًا كافيًا ليعتقد الجميع أنَّه لم يكن عاقلاً.

لن يُشتَبَه في كون فعلته قد تمَّ القيام بها “عمدًا” بسبب هذا.

قام ليون بتقديم رهاناتٍ كثيرة عن طريق مُخبِرِهِ الخاص.

كان ذلك لأنه من الممنوع أن يشارك الطلبة الذين يخوضون الإختبار في الرهانات بأنفسهم.

في بداية الإختبار كان قد قام بوضع نوايا خبيثة في عقل أحد الممتحنين لكي يبدء الصراع.

النوايا الخبيثة كانت واحدة من العديد من تقنيات ليون، و هي قدرة تضخم النوايا الخبيثة و العميقة للشخص.

طالما يظهر العداء و يُضمِره تجاه شخصٍ ما، فسوف يفقد موانع التهجم عليه و يهاجمه.

بما أنَّ الإختبار كان يقوم على تحمل الأفكار السلبية و الضغط على الروح، لن يشك أحد في ليون.

ناهيك عن أي شيء، لا تترك تلك القدرة آثاراً، فهي تتغذى على العواطف السلبية.

في هذا العالم، كان هناك جميع أنواع الأساليب و القدرات الغريبة و المتنوعة، لم يكن من الغريب أن تكون هناك أساليب تتغذى على العواطف، رغم عدم كونها شائعة.

على أي حال، عندما قام برمي الشرارة في شجرة، إنتقل ذلك في النهاية نحو الغابة و أصبحت الشرارة حريقًا.

لقد قام سِرًا بدفع الذين بقوا عاقلين نحو الفصائل التي أنشئها الطلاب الأخرين عن طريق حُكمِه بيئته الخاصة وحده.

إستغل صراعه مع الفتى لوغان و أقصى جميع من يستحقون الإقصاء — في الواقع من راهن على خسارتهم، و ترك الذين يستحقون البقاء.

جرحه العميق و صراع الإرادة مع لوغان سيترك إنطباعًا عميقًا و يُشعِل إرادة الأخرين.

حتّى لو لم يرغبوا في الإشتعال كالأخرين، إن فعل الأكثرية ذلك، فسيفعل الباقون الشيء نفسه مدفوعين بوعي الجماعة.

ناهيك عن كل شيء، أكبر أرباحه راجعةٌ إلى رهانه على نفسه.

بعد إظهار القوة الساحقة الخاصة به، أصبح الجميع يصدق تصديقًا راسخًا أنَّ ليون سيأخذ الصدارة بلا ريب.

أصبحت قوته هي سبب عدم إعتقاد أحدٍ أنَّه لن يخسر عمدًا، كان ذلك بسبب سخطه العميق الذي أظهره يوم أخذه عقوبته!

في اليومين الماضيين، كان سلوكه باردًا جدًا، حتّى أنَّه سمح للبعض برؤيته يتدرب بجد في الأماكن العامة، ذلك سيرسخ إنطباعهم.

من كان يعتقد أنَّه سيخسر بعد ثلاثين دقيقة فقط؟

الكثير من الأشخاص غضبوا بطبيعة الحال، فقد خسروا أموالهم نتيجةً لرهانهم على ليون!

لقد راهن على حصوله على موهبة الفئة (C) و فاز بالجائزة الكبرى و لن يتلقى الشكوك في البداية لأنه لم يقم بذلك من تلقاء نفسه.

حتّى لو تم الشك به، ما المهم في هذا؟ ليس هناك أدلة على ذلك!

سيكون هناك إستياء و أشخاصٌ يوجِّهون غضبهم نحو ليون، لأنهم قد علَّقوا عليه آمالهم منذ البداية.

كان سيعطيهم عيونًا عمياء و آذانًا صمَّاء ردًا على سخطهم.

الأن يجب الذهاب لإستلام المكافأة على العمل الجاد، صحيح؟

ما علاقة غضبكم بي؟ لكن لا تقلقوا، أموالكم ستكون آمنة في جيبي.

هيهيهي.

ضحك ليون ببرودة، و إستعد للذهاب.

بالطبع، قبل ذلك، عليه القيام بأمرٍ ما أولاً.

“ أعرف أنَّك مستيقظ، إنهض ” بعد تسخين جسده، قال ليون بدون أن يلتفِت.

“ … كنت أرغب في النوم أكثر ” كان صوت لوغان متثائبًا، و نهض من مكانه.

كان هذا الفتى جميلاً في عيون ليون، و إن لم يكن بسببه، كيف ستنجح خطته بتلك السلاسة؟

من الرائع دائماً أن يأتي البيدق بنفسه لإستغلاله، لم يكن هناك حاجة حتّى له للبحث، لقد أتت القطعة إليه بنفسها.

شكراً لك، أيها النبيل الوغد!

بسبب نظرات ليون الغريبة عليه، شعر لوغان بعدم الإرتياح، لكنه وقف بسرعة و تحدث.

“ ليون … ماذا ستفعل من الآن فصاعدًا؟ ”

كان ليون يتوقع سؤاله بالفعل، إن لم يكن يريد شيئًا منه، لكان قد ذهب منذ زمن بدون إنتظار ليون للإنتهاء من التسخين.

جعله يبادر أولاً أكَّد ذلك.

“ ما سأفعله من الآن فصاعدًا؟ عليك معرفة ذلك بنفسك ” ضحك ليون بخِفَّة.

بقوله كلماتٍ كهذه، كان له معنى عميق.

تريد معرفة ما سأفعله؟ هاهاها، لك حرية متابعتي و القيام بذلك.

أو ربما لا تفعل، لن أمنعك يا فتى.

قام ليون بنزع ثياب المشفى التي كان يرتديها، بينما يبحث عن زيه المدرسي.

‘ …. هذا! ’ وسع لوغان عينيه برؤية جسده.

لم يكن معجبًا به، لم يكن شاذًا للشعور بهذه العواطف المقرفة!

كانت الرهبة هي الكلمة الأكثر تحديدًا.

كان جسد ليون صلبًا، بدا غير قابل للإختراق كالفولاذ، بندوبٍ عميقة عبر الذراعين.

لكن ما كان مخيفًا هي آثار الإصابات على جسده.

كان هناك إصابات تبدوا كما لو كان الشخص في عرينٍ من الضباع التي تحاول أكل جسده!

رغم أنَّه قد تم شفاء الإثنين، إلا أنَّ جسده المليئِ بالندوب إلى حدٍّ ما لم تختفي ندوبه.

لقد كانت جروحًا قديمة تعطي إنطباعًا عن مدى الوحشية التي قاساها المرء.

كان ذلك جسد محارب خاض معارك لا تحصى!

كيف من الممكن كون هذه حقيقة!

كان الإثنان بنفس العمر، فكيف أصيب بهذه الجراح؟

من التدقيق، كان من الواضح أنَّه لم يصب بهؤلاء في يومٍ أو إثنين.

إهتزَّ لوغان قليلاً، تشابكت كلمات ليون السابقة مع الإنطباع من جسده معًا.

لم يسعه سوى تذكر الوقت الذي كان يطارد ليون فيه.

قشعريرة مرت عبر جسده.

لو أنَّه بلا قصدٍ أساء إلى ليون … ربما كان ليموت ميتةً أسوء من الكلب.

لم تكن تلك أفكارًا طائشة، لوغان لديه خبرة في الصراعات و المكائد، ناهيك عن تطويره لغريزته للشعور بقوة الآخرين.

شعور الخطر الذي شعر به من ليون … كان لا يقاس.

بعد القشعريرة، إهتزَّ جسد لوغان قليلاً.

هل كان خائفًا؟

من الكذب قول لا، لكن ما طغى على الخوف، لقد كانت الإثارة!

شعر بذلك على الفور، بما أنَّ ليون قال أن يتبعه، آلا يعني أنَّه سيقوم بشيئٍ مثيرٍ للإهتمام؟

و من كلماته، فهو لم يُضمِر الإستياء من ملاحقته له، و سمح له بفعل ما يشاء الأن.

لو كان ذلك صحيحًا، بصفته شخصًا يرضي فضوله و رغبته في رؤية الأشياء المثيرة للإهتمام، كيف له الرفض؟

بطبيعة الحال، لم يكن هناك مجال للرفض!

لم يفكر لوغان أكثر، و أجاب بصوتٍ ضاحك، “ حسنًا! ”

لم يستغرق تفكيره في ذلك سوى بضعة أنفاسٍ من الزمن.

عندما ردَّ لوغان عليه، كان ليون قد بدء بلبس زيه المدرسي.

“ تفضل، عالج مسارات جسدك الباقية و عزز طاقتك، سأحتاج لك بكامل قوتك ”

رمى ليون صندوقًا صغيراً نحو لوغان.

كان داخل الصندوق حبوب صغيرة الحجم.

عرف لوغان على الفور ما هي.

نظر إليه بعيونٍ واسعة.

ضحك ليون بخفة كما لبس زيه تمامًا، نظر إلى نفسه بمرآة النافذة، و أومأ برأسه راضيًا.

“ إذا كنت تريد رؤية ما هو مثير للإهتمام، فإتبعني في الإختبار الثاني ” مشى للخارج كما ترك لوغان وحيدًا مع أفكاره.

نظر ليون نحو الساعة في يده، بينما يحسب في ذهنه.

بحسب مدة نومه حتّى الأن، من المفترض أن يبدء الإختبار الثاني بعد ساعة أو ما يقرب من ذلك.

لديه وقت لسحب أرباحه الأن.

بشعورٍ بهيج، مشى ليون نحو مجموعته التي تنتظر بخطى خفيفة.

بحسب ذكرياته، من المفترض أن يكون الإختبار الثاني معركة من ثلاث جولات في ظروفٍ مختلفة.

أما الثالث فقد كان لعبة صيد و مطاردة لثلاثة أيام و ثلاث ليالٍ.

على عكس الإختبار الأول، كان الإختبار الثاني و الثالث معروفين للجميع.

بما أنَّه سيتم إستقطاع نصف نقاطه، فقد كانت هناك حاجة لتعديل أدائه بعض الشيء.

‘الإختبار الثاني … أتسائل من هو سيء الحظ الذي سيقابلني؟ ’

هاهاها!

تردَّدت أصوات ضحكٍ مشؤومة عبر القاعة الممرات.

على عكس ما يفكر فيه الإنسان الطبيعي.

الأداء المنخفض و النتائج الضعيفة التي يفكر فيها ليون، و التي يفكر فيها الأخرين.

لم يكونا نفس الشيئِ أبداً.

هو لم يكن طبيعيًا أبداً، ليس في الماضي أو الحاضر.

و على الأغلب، لن يكون كذلك في المستقبل.

الرقم إثنان … لقد كان أول صديقٍ إمتلكه الفتى.

بسببه ربما، شعر ليون بالفضول تجاه العالم.

كان هناك العديد من المفترقات في الطريق، وصل إلى هذه الأكادِيمِيَّة في هذا العمر.

لم تكن الأكادِيمِيَّة سوى محطة يمر عليها، و مع ذلك، لم يسعه سوى التساؤل.

ماذا سيعيش و ما هي اللحظات التي سيمُرُّ بها هنا؟

كما تتبخر مياه المطر و تجف الأرض، فهي تعاود السقوط مرة أخرى.

أي نوعٍ من العلاقات سيتم بناءها و هدمها؟

ماضٍ بعيد لم ينساه أبداً، حياةٌ و مأٓسي عاهد نفسه على عدم نسيانها ومضت عبر عينيه.

منذ البداية و حتّى النهاية، لم يتموج قلبه و لو قليلاً.

لو لم يعِش نوع الحياة هذه، كيف سيكون أسلوب تفكيره، و كيف ستكون الحياة التي يصبوا إليها؟

في بعض الأحيان، تراود الفتى مثل هذه الأفكار.

كان الدافع هو الفضول فقط، لم يكن بطبيعة الحال يكره ماضيه أو شيئًا من هذا القبيل.

حتّى لو كانت هناك مآسي في العالم، سيكون هناك وقتٌ سيمضي فيه الإنسان نحو الأمام و لن ينظر خلفه.

ذلك ما يسمى بالقبول.

قبول المخلوق لعيوبه و نواقصه سيؤدي إلى النظر نحو العالم بمدى أوسع.

عند رؤية العالم بعيونٍ شفافة لا ضباب يعيقها و لا أكاذيب تُظَلِّلُها، سيتاح للمرء فرصٌ جديدة.

عالمّ جديد يستكشفه سيقبع أمام عينيه.

في الواقع، ما يتغير في ذلك الوقت لم يكن العالم، بل إدراك المرء له هو ما تَغَيَّر.

و ذلك هو ما يُسَمَّى بِالنُّمو.

الورقة البيضاء الفارغة التي راقبها الفتى لمدةٍ طويلة بدأت تمتلأُ بالصور مع بلوغه.

كانت الأن ممتلئة بالعديد من اللحظات، و طالما هو حي، فقد كان سيملأها أكثر.

و هذه هي إحدى رغبات الفتى أحمر العينين.

ذلك هو الفتى “ليون”.

2024/08/24 · 23 مشاهدة · 5741 كلمة
نادي الروايات - 2025