الفصل 24: إمتحانات تحديد الفئة داخل الأكادِيمِيَّة (9)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أردتُ أن أكون قويًا.
سواء كان من أجل أن أحمي نفسي.
لأجل حماية عائلتي.
أم من أجل تحقيق طموحي.
و … حتّى من أجل الهروب من خوفي.
لأنني كنت ضعيفًا، لم أستطع حماية أحد.
تقدم بي العمر و تلك الأفكار تسيطر على عقلي.
كنت أريد أن أحمي أختي.
من أجل أن أصبح أقوى، إبتعدت، كان عدم البقاء أمرًا مفروغًا منه.
طوال حياتي، كان لدي حظٌ تعيس، لم أرغب في التَّسَبُّبِ بالبؤس لها أكثر.
لا بأس، إنه بخير، هي لا تحتاج إلى شخصٍ مثلي.
يومًا بعد يوم، أصبحت تلك الأفكار قناعة، و تحولت إلى بغضاء.
تدريجيًّا، لم أعد أحتاج أختي، أصبح الفتى الصغير يعتمد فقط على نفسه.
أردت أن يفخر بي أبي، و فعلت كل ما يريده مني.
لكي أكون أقوى، تحملت تدريباته و قسوته.
طالما هو راضٍ عني، ما المانع في القسوة قليلاً؟
عواطفي بدأت تذبل شيئًا فشيئًا.
في البداية، كنت مستاءًا، تدريجيًّا، أصبح الشعور باهتًا.
في النهاية، لم أشعر كالسابق بعد الأن.
وجهٌ خالي من التعبيرات، نظراته قاسية لا تقبل الدفئ أو العاطفة.
تعاستي بشأن حظي لم تعد موجودة.
كان من المفروغ منه أن الشخص سيعاني، الحزن و الشكوة بشأن ذلك لن يصلح شيئًا.
يمكن للمرء فقط الإعتماد على نفسه.
مرورًا بمحاولات الإغتيال، الإختطاف و التعنيف، حتّى محاولة التّبرُّأ منه.
الفتى الصغير قاومهم جميعًا، كالصرصور المتمسك بالحياة، عاند الفتى عن الإستسلام.
تدريجيًّا، لم يعد يهتم بشيء.
دمية تفعل ما يتم أمره به.
لم يُرِد ذلك.
و هكذا، تحرر من سيطرة والده.
عندها أنا أدركت، أنني لم أعد بحاجة لأبي.
كنت أرغب بأن أكون قويًا، لكي أرى والدتي.
عندما أصبح قويًا، لن يمنعني أحدٌ من لقائها، صحيح؟
كان ذلك حلمي.
تلك أمنية أرادها الفتى نقي القلب.
و لكن، مع ذلك ..... في الحياة، يتغير المرء، و معه، تتغير التطلُّعات.
قلبه يَبهُتُ شيئًا فشيئًا.
بدايةً بالأبيض، مرورًا بالرمادي، وُصُولاً إلى الأسود.
أصبح الفتى بلا أحلام.
في النهاية، الرغبة في لقاء الوالدة لم يعد أكثر من مهمة يجب تحقيقها.
مثل الألة المبرمجة على تنفيذ المهام.
لم يعد للإرادة و الرغبة علاقة بالأمر.
تدريجيًّا، لم يكن في قلبي رغبة لذلك بعد الأن.
كما حصل في السابق، أنا ببساطة أدركت.
أنني لم أعد أحتاج أمي.
لا أحتاج أحداً، يمكنني فقط الإعتماد على نفسي.
لا يحتاجني أحد، لطالما عشت بينما يستفيد مني شخصٌ ما، و أنا أستفيد من شخصٍ ما.
لم يكن لما يُسَمَّى “ بالعواطف البشرية النقية ” علاقة بالأمر.
في هذا العالم، الفوائد فقط من تحكم.
و هكذا، قبلت أنني سأعيش وحيدًا.
للعيش وحيدًا في العالم، يجب أن أكون قويًّا.
قويًّا بما فيه الكفاية لأواجه المتاعب وحدي.
لذلك، كنت أريد أن أكون أقوى.
ذلك ما إعتقدتُه، و ذلك ما فهمته.
الفتى أزرق العينين، بالنسبة له، كان العيش بلا معنى.
لطالما كانت الحياة مليئة بالتقلُّبات و لا يمكن توقعها.
لا تسري الأمور كما نأمل أن تسير، و لا تسير كما لا نريد أن تسير.
في حالات البعض، يستغرق إكتشاف درب حياتهم وقتًا قليل.
و في حالات البعض، كان إكتشاف درب الحياة بحاجة لوقتٍ طويل.
و مع ذلك، لا أحد يعيش حياةً سهلة.
الجميع لهم قصصهم الخاصة.
فرناندو، لطالما عاش بفكرة واحدة.
أنا ملعون.
سبب البؤس لوالده، سبب البؤس لأخته، و سبب موت والدته.
إن لم تكن تلك لعنة، فماذا تكون؟
قبِل تلك الفكرة كحقيقة عليه التعايش معها، و إعتقد أنَّ وجوده بلا معنى.
لأنه كان يخاف من الموت، حاول إيجاد معنى لحياته، و هكذا، عانى الفتى على طول الطريق.
حتّى جاء يوم إستسلامه أخيراً.
و بطريقةٍ ما، نجى الفتى و تغير عقله.
لا، لقد نضج أخيراً.
لأول مرَّة منذ وقتٍ طويل، أحسَّ بالصفاء.
بلا عبئٍ يثقل كاهليه أو خطط ينسجها، بلا أمور يجب مراعاتها بعين الإعتبار.
رفيق دربه الأوحد القابع بين يديه، و ذلك كان سيفه.
سيفه الذي كان معه على طول الطريق — للمرَّة الأولى لفترة طويلة، شعر أنَّه يمسكه بالشكل الصحيح.
كانت لحظة أراد الشعور بها مرَّة أخرى.
في تلك اللحظة، قام الفتى بمسائلة و إستجواب نفسه.
لماذا تريد أن تكون أقوى؟
في السابق، كان سيجيب بأنه يريد أن يكون أقوى بسبب قسوة العالم.
قد يجيب بسبب الأخرين، سواء بسبب كراهية منهم أو حب، فالأمر هو نفسه.
لكن الأن؟
لماذا تريد القوة؟
لا يوجد سببٌ عميق حقًّا.
“ أريد أن أكون أقوى لأنَّ لدي شعور ”
شعور بأن هناك ما أرغب في تحقيقه.
ذلك هو صفاء ذهني و راحة قلبي.
أن أكون أقوى لكي لا أندم.
لكي أعيش بلا ندم، إنه بتلك البساطة.
يخطئ الكثير في أهدافهم و يقارنون أهمية تلك الأهداف مع الأخرين و يشعرون بالعبئ.
يعتقد الكثير أنَّ على هدفك أن يكون مقبولاً و نبيلاً لكي تكون لديك الثقة و المثابرة لتحقيقه.
في الواقع، تلك نظرة خاطئة تمامًا و عبثية.
القناعة و الإرادة، حتّى لو كان هدفك بسيطًا، فماذا؟
ما يجعل الشخص يثابر ليست الظروف أو التجارب.
لا يمكن إكتساب المثابرة بالتجارب، إنها موجودة داخل أنفسنا، تجارب الحياة تجعلها أوضح فقط.
لسنينٍ كثيرة، لم يفهم فرناندو هذا.
جعل لنفسه عِبئُ رِئاسة العائلة و مقابلة الأم، حماية أخته و أن يجعل والده فخورًا.
لم يسأل نفسه يومًا ما يريده، بل فقط شعر بأن هذا لا طائل منه.
تلك هي أكبر غلطة إرتكبها في حياته.
من الخاطئ معاملة مشاعرنا بإستخفاف بسبب الأخرين.
طالما واظب الأمر على ذلك — فسينتهي به الأمر بلبس الأقنعة طوال الوقت.
سيكون شخصًا أخر بدلاً من ذاته.
في النهاية، لن يعرف نفسه بعد الأن، و سيفقد ذاته إلى الأبد.
تلك الحقيقة ليست شيئًا يمكن فهمه بالذكاء أو الحكمة، و ليس بالتجارب.
عميقًا داخل قلبك، أنظر إلى نفسك و إسأل عن ماذا تريد.
إن كنتَ تريد أن تحمي أحدًا ما، قم بحمايته، إن كنتَ تريد معاملة الناس بالخير، قم بذلك.
ماذا لو كنتَ تريد أن تصبح قويًا؟ قم بالتدرب و إعمل بجد، إجمع المال و الموارد التي تساعدك في أن تصبح قويًا بشكلٍ أسرع.
ماذا لو كانت رغبتك بسيطة، مثل إمتلاك منزل؟ إجمع المال، قم بشراء المنزل، ربما تقوم ببناءه بنفسك.
العالم كبير، و نحن لسنا سوى مخلوقاتٍ ضئيلة.
هذه هي حقيقة الحياة، لا توجد مصيبة تصيبنا لا يمكننا التعامل معها.
منذ البداية، كان الأمر منوطًا بإرتباط المرء مع ذاته.
مضت الساعات و جاءه لقاءٌ صدفة، أفقده فتى أحمر العينين وعيه و أدخله في مسرحيته.
قال له أنَّه سيعطيه القوة.
هل كان يريد الإستفادة منه؟
ليطيح بعائلته؟ أو ربما كان قاتلاً مأجورًا من قِبل زوجة رئيس العائلة الثانية؟
لم يعتقد أيًّا من ذلك.
القوي ليس بحاجة لإستغلال الضعيف.
هل كان ليون قويًّا؟
قويًّا “فقط”؟
كانت كلمة قوي شيئًا بخسًا لقوله.
لا يُسبَرُ غُورُه.
ناهيك عن كل شيء، لقد شعر بيأس فرناندو.
يرجى الإشارة إلى أنَّه كان محترفًا في إخفاء عواطفه، لذلك لم يعرف كيف شعر ليون ببؤسه.
هذا الفتى المليء بالغموض، جعله يقابل بعض الأشخاص.
قابل معلمًا، و قابل زملاءًا.
ما زال هناك الكثير مما لم يستوعبه بعد، لكن تلك هي الحقيقة.
الفتى لم يعد وحده.
لم يصل للوضوح الكامل، و شعر بالحيرة فقط من كيف كانت مجريات الحياة متقلبة.
و مع ذلك، لو سألت الفتى ماذا يريد؟
بسيط لدرجة غير متوقعة.
“ أريد أن أفهم نفسي ”
عرف الفتى أنَّ هناك ما ينقصه طوال حياته.
و أخيراً، عرف الإجابة.
لا، لقد عرف جزءًا من الإجابة فقط.
ماذا بقي لفعله، الوقت فقط ما سيخبرنا.
ساحة خالية من الناس، وقف فيها الفتى الأشقر وحيدًا.
كان المبنى صامتًا، يُعطي المرء شعورًا بالإنفصالية.
نظر بعيونه نحو الباب أمامه.
من المفترض أن يظهر خصمه من وراء الباب.
ومضت عيونه، بينما يتذكر قواعد الإختبار الثاني.
كل شخصٍ سيخوض ثلاث معارك، في ثلاث ظروفٍ مختلفة.
المعركة الأولى، ستكون قتالاً طبيعيًا، بدون أساليبٍ قتالية و بدون الطاقة السحرية.
الهدف منها هو إستخدام العقل و الجسد، بدون الإعتماد على مصادرٍ خارجية.
في المعارك، ليس من النادر أن تنفذ الطاقة السحرية من الشخص أثناء القتال.
و هكذا، كان من الأساسي أن يعرف الشخص القتال بدهائه الخاص للحصول على فرصة للنجاة.
كان العالم لا يرحم.
المعركة الثانية، قتالٌ حُر، حيث كل الوسائل مُبَاحَة.
بطبيعة الحال، هناك الكثير من مقاييس القوة و السرعة و قدرة التحمل و الطاقة السحرية و ما إلى آخره للإستدلال منها.
يمكن القول أن ذلك الإختبار هو ما يتطلع إليه الكثير.
و أخيراً، معركة الفِرق.
سيتم تجميع الطلاب في ساحة عملاقة.
يجب عليهم تشكيل فِرق معًا و قتال جحافل من الوحوش الوهمية التي قامت الأكادِيمِيَّة بتخصيص جهدهم في صناعتهم.
كلانك—!
صوت تروسٍ يشبه حركة ماكينة عملاقة.
الباب أمام عيني الفتى إنفتح.
“ كيكيكي، أتسائل من هو سعيد الحظ، لكي يبارزني أنا من بين الجميع؟ ”
صوته كان ساخرًا، بينما يضحك بقوة.
فتى طويل الشعر، له وجهٌ متوسط، طويل القامة بعض الشيء، كان هناك نموش و حبوب على وجهه.
مشيته كانت مبتذلة.
في هذا العالم، كان هناك شُعَرَاءٌ يكتبون الأشعار، يكتبون و يحكون القصص.
حتّى مع إنعزاله عن الأخرين، فقد سمع فرناندو بعض القصص هنا و هناك.
السيد الشاب المبتذل.
شرير شائع في رواية فنون قتالية، حيث يزعج البطل و يصبح موطئ قدمٍ له.
لم يسع فرناندو، حتّى مع عدم مبالاته، سوى تشبيهه بذلك.
بفت—!
ضحكة لا إرادية خرجت من فمه.
لم يلاحظه الفتى الذي مشى بتبختر، كما لو كان المكان ملكه.
بعد أن إقترب بما فيه الكفاية، صوتٌ ميكانيكي يمكن سماعه.
[ ليستعد الطالبين للقتال، مسموح بكل شيئٍ إلاَّ السحر أو التقنيات الخاصة، و ممنوع إستخدام الوسائل الغير طبيعية ]
[ ينتهي القتال عندما يستسلم أحد الخصوم أو يفقد الوعي، ممنوع القيام بهجماتٍ قاتلة، أو سيتم إقصاء الطالب على الفور و التعامل معه بحسب الإجراءات التي قام بها ]
[ الطالب فرناندو نيكولا، الطالب تشي ليويه، يمكنكما البدء ]
بعد قول ذلك، صمتت البيئة قليلاً.
“ همف! أن يقوموا بجعل مثل هذا الوضيع يتجرّأ على محاربتي، هذه نكتة ” فتح تشي ليويه فمه ساخرًا.
“ أنت أيها الوضيع، إستسلم و سأعتِقُ حياتـ-! ”
بام!
تمت مقاطعة كلماته بلكمة مفاجئة دخلت وجهه.
كاااه …
صرخة بائسة خرجت من فم الفتى.
“ أنت تتحدث كثيراً ” كان صوت فرناندو هادئًا.
حدق ببرود نحو هذا “ السيد الشاب ” بينما يتذكر بعض المعلومات عنه.
عشيرة تشي، كانت عشيرة معروفة بثراءها، و هي تعتبر عشيرة متوسطة الحجم.
كان أكبر دخلٍ للعشيرة هو الهيمنة على الوحوش و القافلات التجارية.
إنها عشيرة منافسة لعشيرة شين، و كانت هي السبب في أن عشيرة شين لم تصبح عشيرة كبيرة بعد.
بينما تعاملت عشيرة شين مع المعلومات والإستخبارات، كانت عشيرة تشي تتعامل بالمواصلات، حماية القافلات التجارية كان مصدر دخلٍ تنافست عليه العشيرتين أيضاً.
بما أنَّ العشيرتين كانوا جيرانًا، بطبيعة الحال، سيكون هناك مشاحنات و تضارب في المصالح.
من الأفضل إبقاء علاقة وِدِّيَّة أنت تقول؟
هاهاها، ناهيك عن عندما تكون بيئة العمل متشابهة — و التي يجب الحركة بإستمرار فيها، فالفوائد لا يمكن مشاركتها، فهم أشخاصٌ ذوي طموح !
يمكن للأشخاص مشاركة الأموال، مشاركة الطعام، أو الأشياء، لكن ليس المكانة و الشهرة—!
في السنين القليلة الماضية، كان تقدم عشيرة شين في تزايد مُطرِد.
و السبب يعزوا إلى شخصٍ واحد.
كما يقال، تُرسٌ واحد معطل يفسد عمل الساعة، و تفاحة واحدة عفنة تفسد الصندوق.
تشي ليويه، صاحب موهبة جيدة، و مع ذلك، كان لديه شخصية حثالة و يكره العمل الجاد.
على عكس الفتى المقابل له في العمر، شين سو، و الذي كان منضبطًا و يعمل بجد.
كان هؤلاء الإثنين أهم القطع في لوحة الشطرنج — و التي لعبتها العشيرتين، لذلك أولوا إهتمامًا خاصًّا تجاههما.
كان تشي ليويه خيبة أمل كبيرة بالنسبة لعائلته بحق.
و لكن في الجانب المعاكس، لا يمكنهم التخلص منه و التخلِّي عنه ببساطة.
إن قاموا بالتخلي عنه، لن يكون لعشيرة تشي فرصة لمقاومة الإرتفاع السريع لعشيرة شين، و مع الوقت، سيصبحون موطئ قدم ببساطة.
و هكذا، رغم كونه حثالة في الشخصية، بسبب موهبته الطبيعية، تم تحمل أفعاله المشينة.
كانت هناك محاولات كثيرة لتعديل سلوكه.
للأسف، كلها باءت بالفشل.
يمكن تقسيم العشائر بحسب ثروتها بتقسيم بسيط.
عشيرة صغيرة الحجم، و هؤلاء في الغالب يعيشون في القُرى و يعزلون أنفسهم، و هناك من يكونون فروعًا للعشائر الأكبر حجمًا.
عشيرة متوسطة الحجم، هؤلاء في بعض الحالات يحكمون المقاطعات، و يستقرون في منطقة يحكمونها.
يمكن القول أنَّ العشائر المتوسطة هي العمود الذي يثبِّت النظام و يتركه مستقرًّا، ناهيك عن كونهم القوات الرئيسية في المعارك.
عشيرة كبيرة الحجم، كانوا هم العشائر القوية و التي تحكم و تتحكم بالموارد و الشؤون السياسية.
بالنسبة لنانمان، كان هناك أربعة عشائر كبيرة.
كل خطوة تقوم بها عشيرة كبيرة، يمكن القول أنَّها تتم مراقبتها بعناية، لذلك لا تقدم العشائر الكبيرة الحجم على الحركة بأنفسهم.
بدلاً من ذلك، يتم إستخدام العشائر المتوسطة و الصغيرة كقطع شطرنج في التنافس على الموارد.
ذلك حتّى لا تحدث الفوضى و تستفيد منها الدول المجاورة، و على رأس تلك الدول، دولة كايرو.
العشيرة الحاكمة، تلك هي العشيرة التي تسيطر بلا منازع على جميع من تحتها، و تعتبر النمر على الجبل.
في هذا العصر، و حتّى الأن، لم تظهر أي عشيرة حاكمة في نانمان بأكملها!
كما تفعل كايرو، كان لنانمان ما يسمّى بالعائلة الإمبراطورية أيضاً.
رغم كونهم الأقوى في نانمان، فلم تكن العائلة الإمبراطورية تملك من عتيِّ القوة ما يجعلهم يحكمون بدون معارضة.
و هكذا، كان توازن القوى في نانمان تتم المحافظة عليه بما يسمى بـتـحـالـف العشائر الخمسة، و الذي تقوده العائلة الإمبراطورية.
بالنسبة لكايرو، كان هناك نفس الشيء، لكن بتسمية أخرى، و الذي يسمّى بـعصر الأسياد الخمسة بقيادة حاكم كايرو، و الذي يسمى بماركوس.
سبب أنَّ هذا الفتى تشي ليويه معروف عنه الكثير يرجع لكونه الإبن الشاب لعشيرة تشي.
على الأغلب، لم يقاسي أية لحظاتٍ مريرة، مما تسبب في تكوين هذا المزاج المتعجرف و الثرثرة الكثيرة.
لولا ذلك، لما أضاع الوقت في الحديث، و لهاجم فرناندو بدلاً من ذلك.
“ وجهي! ااااه وجهي الوسيم !! ”
يا إبن الدَّاعِرة—!
تراجع تشي ليويه في حالة ذعر بينما أصبح نظره ضبابيًا.
اللكمة ضربت أنفه، و ذلك أجبر جسده على إخراج الدموع.
كان وجهه دَامِيًا، بينما يتراجع، تعثّر و سقط، تَلَوَّىَ جسده و إرتجف قليلاً.
كاد يغمى عليه من الألم المفاجئ…!
“ ستندم! ستندم على هذا! لن أترك هذا يمر مرور الكرام! ”
بينما يشتم و يلعن، تزايد الغضب في عينيه الحمراء أكثر و تصاعد!
هذه أول مرة يتم فيها ضربه لهذه الدرجة!
حاول إستخدام طاقته السحرية، لكنه إكتشف لسوء الحظ أنها مختومة!
هذا زاد من غضبه!
العار، السخط، الألم، الكبرياء المجروح، و الخوف.
إختلطت العواطف و زاد ذلك من غضبه.
من كان يتوقع، أنَّ خصمه خسيسٌ هكذا؟ كان جبانًا بحق!
“ …… ” كان فرناندو صامتًا.
بينما كان الفتى يتخبط، هاجم فرناندو بشراسة.
لم يكن حتّى بحاجة لإستخدام سيفه، كانت قبضاته تكفي!
الأحمق فقط من ينتظر خصمه ليستعيد توازنه في المعركة!
إنهال فتى أشقر بعيونٍ زرقاء على فتى ذو شعر طويل بالضرب بوحشية.
ــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــ
كانج! كانج! كانج!
تمايل شعرها الأشقر في الهواء.
صوت إصطدام المعادن عبر البيئة يمكن سماعه.
أردت أن أكون قوية.
تراقص سيفها كالثعبان الخبيث.
كان السيف سريعًا و رشيقًا، و مع ذلك، فقد كان هناك قوة مخفية تحت هذه السرعة.
لمتابعة طريق أبي، لتخطي خسارتي لأمي.
حتّى لو كنت وحيدة، طالما أصبح قوية، يمكنني أن أرتاح.
خصمها كانت فتاةً بدورها، كانت تتخبط لمواكبة هجمات خصمها السريعة.
هذا المبنى ختم الطاقة السحرية للشخص، مما منعها من إستخدامها بشكلٍ طبيعي.
في الخصر، في الرأس، في المعصم، أسفل الجسد، حتّى عند الصد بالسيف بنفسه، فقد كانت كل حركة مصممة للقضاء عليها.
كان هذا أكثر من اللازم!
الأكثر إثارة للحَنَقِ هو أن هذه الفتاة الشقراء تتراجع و تترك مسافة بين الحين و الأخر.
كانت حتّى تهرب بلا خجل عندما تسنح الفرصة!
حاولت إستفزازها بالكلام، لكنها لم تلتفت إلى الأمر حتّى، مما تركها عاجزة.
كانج! كانج! كانج!
لم يسعها سوى أن تصد بلا حولٍ أو قوة، و جعلها مباراة قدرة تحمل، على أمل الفوز.
لم تكن ستستسلم ببساطة.
ومضت أعين تشاي نايون القرمزية، بينما تبقي مسافة بينها و بين الفتاة.
فهمت على الفور نية خصمها، و على الأغلب، كانت ستجعلها مباراة تحمل.
كان القرار الصحيح في الغالب، عندما يكون الشخص سريعًا، فهو يستهلك قدرة تحمل عالية.
لا يدخل من يستخدم سرعته في قتالٍ طويل الأمد، لأنَّ ذلك يجعلهم في وضعٍ غير مؤاتٍ.
يمكن القول أنَّ هذا سيكون نذير سوء بالنسبة للأخرين.
و مع ذلك، كان ذلك جزءًا من خطة تشاي نايون.
كانت تقيد خصمها و تتراجع لإستفزازها.
بطبيعة الحال، طالما أظهرت السرعة غير المقيدة، فسيميل الخصم بلا وعي لإستخدام نقطة ضعف السرعة، ألا و هي قدرة التحمل.
عندما أصبح قوية، فدرب أبي سيكتمل.
عندما أكون قوية، سأنسى أحزاني و أكمل هدف عائلتي.
عندما أكون قوية، لن يعود لدي سبب للحياة.
عندما أترك العالم، لن أخاف من كوني وحيدة.
عندما أموت، لن يعود علي الشعور بشيء.
هكذا سينتهي الألم.
هذا ما كانت تعتقده بعمق.
و مع هذا … فالحياة ليست بتلك البساطة.
الدرب الذي سارت عليه.
درب السيف، لطالما كانت فضولية.
لماذا أحب والدها السيف؟
لماذا كان مهووسًا بإكمال دربه الخاص؟
بينما تتدرب ليلاً و نهارًا، أرادت أن أن تعرف كيف شعر والدها.
للأسف، لم تشعر بشيء.
كان الأمر ككون المرء دمية.
مخدرة تمامًا، لم تشعر الفتاة بأي عاطفة.
فقط الوحدة و الظلام.
هذا هو الطريق الذي سارت فيه.
الحياة شيئٌ من هذا القبيل، أنت ستعيش في حيرة ضبابية طوال الوقت.
تلك الحيرة ستتحول لإرتباك، و الإرتباك — بمرور الوقت، سيصبح خوف.
و في النهاية، لن يبقى لك شيئٌ لمواجهته سوى الوحدة.
لكن في نفس الوقت، إنَّهُ عَادِلٌ أيضاً — هكذا هو العالم.
لا يوجد ظلامٌ بدون نور، و لا يوجد نورٌ بدون ظلام.
في طريق الإنسان، سيعيش العديد من التجارب.
سواء تحولت تلك التجارب لتصبح “إعجابًا” أم “كُرهًا”، “صداقة” أو “عداوة” فذلك راجع للشخص بنفسه.
شاب أحمر العينين قامت بقتاله في البداية.
كان قويًا جدًا، لدرجة أنَّها لم تعتقد أنهما بنفس العمر.
ذلك الشاب عرفها عليه.
فتى ذو عينين برتقالية و شرسة، كانت كعيون النمر.
أحب الفتى السيف و كان مهووسًا به.
ديو أنتاريوس، إذا كانت ستصفه ببضع كلمات …
فلا يمكنها سوى القول: أفضل من رأته يحمل سيفًا.
حتّى مع ترحالها عبر المناطق في محاولة النجاة و القتال، هل رأت سيفًا مثاليًا أكثر من هذا السيف؟
يمكنها هز رأسها فقط للإجابة.
شعرت بذلك على الفور، الجواب لحيرتها.
هل سيكون للفتى إجابة على حيرتها و خوفها؟
رحلته كسياف، ما سيعيشه و ما يتعلمه.
لو راقبته عن كثب، هل يمكنها العثور على هدفٍ للعيش؟
هل حقًا الخوف هو ما يغذي الشجاعة؟
كانج—!!
كانت الفتاة الأخرى مصدومة، ما إعتقدتُه فرصة للفوز، لم يكن في الواقع سوى فخ.
مهما صمدت و حاولت إستنزاف خصمها، فلم يشعر خصمها بالتعب.
كانت كما لو أنَّ لديها طاقة لا تنضب.
شعرت باليأس و هاجمت بأقوى ما لديها، لكن لم يسعها فعل شيء.
بضربة أخيرة تم إسقاط خصمها.
حدقت تشاي نايون في خصمها الساقط، بينما سقطت في تفكيرٍ عميق.
كان هذا الخصم مملًّا لقتاله بالفعل.