الفصل 9: الحياة ليست عادلة دائمًا، لكن هذا ليس عذرًا (3).
ـــــــــــــــــــــــــ
بالعودة للموقع السّابق، كانت نتيجة المعركة تتكشّف للعيان.
‟ آ-آغغ … ”
سقوط!.
سقطت جثّة الشابّ بيأس على الأرض، كما لو كان يفقد الوعي.
‟ … هاه … هاه … هاه ”
بعد سقوط أخر أعدائها، لهثت الفتاة كما سقطت بركبتيها على الأرض.
لقد كانت راضية عن أدائها، من يتوقّع أن تفوز على عشرة أشخاصٍ بمفردها؟.
ربّما كان هناك ظروفٌ عديدة ساعدتها على الأمر، لكن الفوز هو فوز.
حتّى الأشخاص الذين لا يفقهون بفنون الدّفاع عن النفس فهموا ذلك، ناهيك عن الخبراء.
عندما كانت على وشك إظهار إبتسامة رقيقة على إنجازها ....
‟ تسك تسك تسك! بجدّيّة! آخخ! أطفال هذه الأيام هشّون جدًّا! ”
للأسف، يبدوا أنَّ هناك "وغدًا لعينًا" لا يتّفق مع الفقهاء أو الجهلة على حدٍّ سواء.
نقر الشّابُّ ليون بجانبها على لسانه، كما لو كان يرى عرضًا مثيرًا للشفقة.
‟ حتّى بعد وضعي لكِ في مثل هذه الأجواء المريحة، فأنتِ منهكة بالفعل؟ جسدك الهزيل ضعيفٌ حقًّا! ”
هزّ رأسه بخيبة أمل.
‟ … هل أنت جادٌّ الأن؟ ”
لأول مرّة، خرج صوتٌ منزعج من الفتاة.
يمكن القول ببساطة، قامت الفتاة، بعد الفوز الفوري على الفتى الأوّل، بالإستفادة من توتّر الأعداء و قضت على أكبر عددٍ منهم.
للأسف، بعد هزمِ ما يقرب من أربعة أعداء، إستعاد الأخرون رباطة جأشهم.
لماذا لم يفكّروا بالهرب؟ فعلوا، بالطبع فعلوا، كيف لا؟.
أرادو بصدق الهروب، لكن عندما حاول أحدهم الإتيان بأيِّ خطوة، كان ليون يقف وراءه، واضعًا إصبعه على رقبته بالفعل.
سرعته العبثيّة دبّت الرّعب و القلق في قلوبهم.
العدوّ القوي مخيف، لكن العدوّ الذي يمكنه إمساكك كما يشاء أكثر رعبًا.
كما قال الأجداد: لا فائدة من مخالب النّمر ما لم تطال جسدك.
المظهر المخيف للفتى أحمر العينين، بينما يبتسم بخفّة، أثناء حبس فرد مجموعة فرناندو بإصبعٍ واحد تمّ حفره بعمق في أذهانهم.
كان من غير المحتمل أن يفكّروا بأمر الهروب بعد الأن.
إذاً ، ماذا عن الهجوم بشكلٍ جماعي و ترك فرصة لأحدهم بالهروب؟.
إنَّ ذلك أقلّ واقعيّة حتّى.
هل هناك أحدٌ يرغب بالتّضحية بنفسه من أجل هروب الأخرين؟ مستحيل.
ناهيك عن أيّ شيئ، هم مجرّدُ أشقياء مدلّلين من قبل عائلاتهم، فأين روح المبادرة لمساعدة الأخرين؟ يا له من هراء!.
لذلك، بعد أخذ الوقت في تحليل موقفهم، كان الحلّ الوحيد يكمن في الفوز بهذه المعركة.
كان يجب على كلِّ من يواجه الفتاة أن يجهدها قدر الإمكان مع الإصرار على الفوز في نفس الوقت.
كان ذلك هو كلُّ ما يمكنهم فعله في موقف يائس.
السبب هو أملهم في شيئٍ واحد.
عندما إستجمع الممثّل من بعد فرناندو شجاعته الكاملة للحديث، و سؤال ليون فيما إن كان سيتركهم في حال سبيلهم لو فازوا على الفتاة، هو وافق.
لكن في الإتّجاه المعاكس، سيجب عليهم جميعًا تلبية رغبة واحدة له لو خسروا، و أكّد لهم أنَّه لن يطلب أي شيئٍ غير معقول أبداً.
بطبيعة الحال، لم يتوانى أحد و وافقوا جميعًا.
كان الوعد شفهي فقط، لكن هذا لا يهم!.
هناك طرق عديدة يمكن للمال إستخدامه فيها لإبقاء الوعود محفوظة و المعاهدات باقية.
لقد سجّلوا المحادثة بالفعل.
تغيّر الأسلوب الذي قاتلوا به عن ما كان عليه، عندما رأو الأمل بعد اليأس، أصبحوا أكثر شراسة.
بدأت الموازين تتغيّر ببطئ، و الإرهاق بين ثناياه أصاب الفتاة برفق.
أصبح أسلوب الأعداء أكثر إنتحاريّة مع مرور الوقت، ذلك جعلها تركّز على الدّفاع في قتالها، سواء شاءت ذلك أم أبت.
عند ذلك التّغيير، بدء ليون يتتابع في الحديث كما لو توقّع ذلك بالفعل، توجيهه الصّحيح جعلها تتجنّب الخسارة في حالاتٍ كثيرة.
عندما كادت تصاب، أخبرها بالصّد مع وضع الوزن في مركز ثقلها لأسفل، في بعض الأحيان، بتوجيهٍ منه، رمت الرّمال على أعدائها و إستفزّتهم بالكلمات.
حسنًا، كان أسلوبها في الكلام مستفزًّا أكثر من الكلمات نفسها.
مع تواتر المعركة حامية الوطيس، تكيّفت الفتاة بسرعة مع تكتيك العدو، و تسارعت شفرة السّيف.
إندمج الإرهاق الذي أصابها، و العدو الذي يهاجم بغضّ النّظر عن الخسائر، و حتّى توجيه ليون لها، كلّهم معًا و حصلت على الإلهام.
كيف يمكنها دمج الدّفاع و السّرعة معًا؟ هل ذلك ممكن في المقام الأول؟.
إذا كانت السّرعة تشكّل الهجوم، إذاً، بتطبيق نفس المبدأ، ألا يمكنها عندها القيام بهجماتٍ محدّدة بنفس الطريقة، بسرعة هائلة و تشكيل جدار دفاعي بلا ثغرات؟.
إنَّه صعب، لكن خبرتها في التّلويح السّريع و الرّشيق بالسّيف على مدى السنين منذ الصّغر، سيجعلها تتدارك الطّريقة.
مركز الثّقل ثابت، الوضعيّة لأسفل، حرّكِ السّيف بقوّة، كما لو كان لتحطيم الهجوم.
ردّ الهجوم بهجوم أسرع، إبقاء النّطاق على شكل دائرة حول الجسد.
عن طريق الوهم و الهجوم السّريع، هذا سيشكّل الدّفاع.
بدت في نشوة، كما لو كانت غير واعية، تحرّك سيفها لهزيمة العدو فقط، و عندما تتمّ هزيمته، تهاجم غير مهتمّة.
لولا ليون، لربّما قُتل أحدهم.
قام بتغيير العدو في كلّ هزيمة من أجل الفتاة، و تطوّر سيفها تماماً.
هذا كلّ ما حصل، عاد وعيها عندما هزمت أخر واحد.
يمكنها القول بفخرٍ أنَّ لا شائبة في معركتها، إذاً بماذا يهدي هذا الشّخص؟.
‟ حسنًا حسنًا، رغم ذلك، لقد أبليتِ جيدًّا ”
عندما كادت أن تشكو، خرجت كلمات الثّناء من فم ليون.
'… كان عليك قولها من البداية'
إنهارت على الأرض، كما لو كانت تفقد الوعي، عندما عبرت فكرة في دماغها.
‟ أخيراً قد نامت الصّغيرة … إنتظر، هي ربّما أكبر منّي ببضعة أشهر؟ ااه حسنًا هذا غير مهم ”
عند مشاهدة وقوع الفتاة في نومٍ عميق، لم يتفاجأ، و بدلاً من ذلك، كان مرتاحًا.
‟ لو أرهقت نفسها أكثر من ذلك لأصيب دماغها بضرر ”
إنَّ أسوء ما في إستخدام المانا، أو التشي كما يحب ليون تسميتها، كان الإرهاق العقلي.
لا يهم كم كانت كميّة التشي في الجسد، أكبر ضغطٍ ينصبُّ على العقل، لذلك ينصح في المعارك دائماً الإبقاء على ذهنٍ خال الهموم.
هذه الفتاة، يمكن القول أنَّ رأسها به الكثير، لكن بسبب هوسها بالسّيف، هي لا تلاحظ ذلك الإجهاد الذي يقع عليها.
منعها من إستخدام الهالة من أجلِ جعلها في موقف أكثر صعوبة، هذا سيضع ضغطًا إضافيًّا على الذهن.
أراد ليون إرهاقها لحدّ التّعب، لكي يرتاح ذهنها و يكون لديها عذرٌ للرّاحة.
‟ أشكُّ أنَّها ستستريح، لذا يجب أن يلزمها مهووس السّيف الأخر و يجبرها على إراحة نفسها ”
كان كلُّ ذلك من أجل الأحمق، هو غير مدرك للأخرين بشدّة، و تهوّره يسبّب المشاكل، يجب أن يلتزم بشخصٍ أخر يعتني به، هذا سيكبح جماحه.
ناهيك عن أنَّ الفتاة بنفسها ستتدارك المعرفة الجديدة التي إكتسبتها و تحلّل أخطائها في المعركة.
عصفورين بحجر واحد.
من بين ثلاثة عشر شخصًا، بقي واحدٌ فقط صامدًا،بلا أيّ إصابة أو بقعة ظاهرة عليه.
وقف ليون إيفينيوس، كما يسمّي نفسه الأن، مع سقوطه في التّفكير العميق.
‟ بالنّظر للوقت، من المفترض أن تقترب السّفينة من المرسى، و الأخرون يتعاملون مع الأمر ”
لم يبقى الكثير حتّى بدء المسرحيّة.
الأن، بقي أن يأتي لويد و ديو مع الفراخ، و بعدها ما عليه سوى القيام بعمل مشهد يغضب هيئة التّدريس، لكن ليس لدرجة التّسبّب في الطّرد.
‟ هذا سيجعلهم أكثر تركيزًا علي، ناهيك عن أنَّه سيؤثّر على تقييمي في مراسم الفصول الدّراسيّة ”
شخصٌ قوي في موقعٍ أدنى، ألن يثير ذلك الشّكوك؟.
كسر ما يسمّى بالنّظام و القواعد، لأي مدى ستكون هناك فوضى، هذه السنوات لن تكون سهلة.
بالطبع، ذلك بالنّسبة للأخرين.
هيهيهي.
أطلق ليون ضحكة عند التّفكير في المتاعب التي ينبغي أن ينظّفها شخصٌ أخر بدلاً منه.
بينما يحرّك الأجساد غير الواعية للأشخاص قبالته، تحرّكت التّروس في رأسه و إبتسم بنبل، كما لو كان قدّيسًا.
ـــ ـــ ـــ
لم يبقى الكثير لتصل السّفينة العائمة نحو الجزيرة إلى البر.
في إستمرار الصّمت الخانق، ما بدا كجولة قتال بالعيون كان يحدث.
ديوس أورفيوس، الأستاذ المشرف لهيئة التدريس، و الشخص الأكثر كفاءة في الأكاديمية، حمل نظراتٍ باردة.
فتى أبيض الشّعر، مع عيونه ذات لون البنفسج اللّامعة ببرودة فريدة من نوعها، يحمل إبتسامة بسيطة.
و أخيراً، رئيسة مجلس الطّلاّب، أوليفيا رومانوف، الطّالبة صاحبة أكبر قدرة إستثنائية، سواء كان ذلك عقليًّا، أم جسديًّا.
كانت تلك الفتاة تحدّق في ظهر الفتى بعيونٍ غارقة، كما لو كانت مرتبكة و خائفة.
هل كان ذلك إتِّفاقًا غير مُعلن؟ لأي سببٍ من الأسباب، حدّق الإثنان في الفتى أبيض الشّعر، و إن كان بطرق مختلفة.
'… هلّا تكرّمتم علي ببعض الخصوصيّة؟ نظراتكم مزعجة يا رفاق'
إستنشق لوكي بلطف بينما يتمتّع بالمناظر، كما لو أنَّه لا يمانع تحديقات الفردين الأخرين.
إستمرَّ الصّمت، مع سماع صوت الموج و الرِّياح من حينٍ لأخر.
‟ يا له من أمرٍ ممل ”
كان ذلك قبل أن يكسره الفتى أبيض الشّعر.
صوته إنتشر عبر المجموعة بأكملها، و بطبيعة الحال، علامات الإستفهام لاحت في الأفق.
‟ رغم أنَّي أزعجت نفسي بالمجيئ حتّى، لكن تجاهلي بتلك الطّريقة … هذا الأخ الأصغر يشعر بالحزن ”
خرج صوته الهادئ، كما لو كان يشعر بخيبة أمل.
'عن ماذا يتحدّث هذا الشخص؟'
'هل أصبح مجنونًا؟'
'أخٌ أصغر؟ هل هو الأخ الأصغر لشخصٍ ما هنا؟'
كما لو كانوا يشعرون بالغبطة، كان الأشخاص ينظرون يمنةً ثم يسرى.
‟ … هل هذا صحيح؟ ”
لأول مرّة منذ مجيئ الصبيّان، خرج صوتها كالهمس، يمكن الشّعور بالمرارة من صوتها.
أوليفيا رومانوف، الفتاة التي كانت تحدّق منذ وقتٍ بالشّاب أبيض الشّعر لوكي، شعرت بعواطفها تصبح معقّدة.
'لم أكن متأكّدة من قبل … لكن كلامه يؤكد هذا لي … إنَّه أخي الأصغر'
عقلها أصبح فارغًا، و لم تكن تعرف لوهلة ما يجب أن تفعله.
‟ آوه؟ صوتكِ خرج أخيراً؟ إعتقدت أنَّه تمّ نسيان هذا الأخ الصغير تماماً، هاهاها! ”
ضحك الفتى بحرارة بينما يوجّه عينيه الباردة تجاهها.
شعرت أوليفيا بدمها يبرد للحظات، عيونه كانت تحدّق فيها بطريقة لم تألفها من قبل.
الأخ الأصغر، و الذي عهدت التواصل معه دائمًا، أصبح مختلفًا.
عضّت شفتيها كما إعتقدت في ذهنها: “ … لقد كبر حقًّا، كبر حتّى أصبحت لا أعرفه ”
ربَّما هو كذلك، ربّما ليس كذلك، لكن من هذا التّفاعل البسيط، شعرت بشيئٍ مختلف بشأنه.
'لما يتحدّث هذا الفتى إلى رئيسة مجلس الطّلاّب؟'
'إنتظر … أخ أصغر … هل هو أخوها؟!'
'كيف يمكن؟! ألم يكن لها سوى أخٍ واحد، و قيل أنَّه مات قبل ثلاث سنين؟!'
'يبدوا أنَّ هناك شيئًا ما يختمر وراء الكواليس …'
كانت عيون الجمهور مليئة بالإرتباك، الحيرة و الفضول.
‟ ر- رئيسة … هل هو يقول الأن…؟ ”
‟ أسف يا فتاة، لكن هل يمكنك منحهم بعض الخصوصيّة؟ هذا ليس شيئًا يمكن للجمهور التّدخّل فيه ”
الفتاة، التي كانت تحاول التّواصل مع رئيسة مجلس الطّلاّب أوليفيا، تمّت مقاطعتها بصوتٍ صارم.
“ … أنت، ما شأنك في الأمر؟! ”
“ الأمر نفسه بالنّسبة لكِ أيضاً، هل تحاولين تخريب لمّ شمل الإخوة؟ أنظري لرئيسة مجلس الطلبة، تعابيرها لا تبدو جيدة، أليس ذلك نظرًا لتدخّلك غير الضُّروري؟ ”
هزّ الفتى، و الذي يكون فايرون، كتفيه بلا مبالاة، كما قال بنبرته غير المهتمّة.
“ … أنت ”
ظهر وريد على جبهة الفتاة كما قالت بغضب، لكنّها لم تقل شيئًا أكثر.
“إنَّه يعرف كيف يجعلها تصمت ”
“نعم نعم، أخيراً، وجدنا عدوّها الطبيعي ”
“ لكن بالتّفكير في الأمر، إعتقدت أن شحوبها بسبب المقابلة مع أخوها، من كان يعتقد أنَّ السبب هي شياو يوي … ”
“ تسك تسك تسك، إنَّها لا تعرف إحترام الخصوصية! ”
كان زملاء الفتاة في مجلس الطّلاّب يتهامسون بهدوء، بينما رفعوا الإبهام للفتى، و في نفس الوقت توجّهت نظراتهم المشبوهة إلى الفتاة.
من المنعش إخراس الثّرثارين و المتملّقين!
و هذه الفتاة؟ لقد كانت الإثنين.
على عكس القلق الذي أبدته هذه الفتاة، فقد كانت من النّوع الذي يلعق الأحذية جداً، لم يكن هناك موقف لم تغيّر فيه جوانبها أبداً.
ربّما صمتها الأن سببه الموقف الذي لا يجب عليها دخوله، ناهيك عن حملها لبعض للشكوك بالفعل.
بالطبع، لم يجرؤ أحد على ذكر الأمر علانيّة، من القبيح ذكر عيوب الناس أمام المجتمع و الأخرين.
لا أحد يرغب في الظهور بمظهر سيئ بلا داعي.
“ اللعنة! إن لم أشعر بنفسي بالموقف الحسّاس، لحاولت إكتشاف المزيد، حتَّى أقترب من جانب الرّئيسة الجيد! ”
فكّرت الفتاة، و التي إسمها يكون شياو يوي، بإنزعاج.
لقد كانت مجرّد فتاةً من أصولٍ متواضعة، بالنّسبة لها، لتستطيع دخول مجلس الطلبة، كم بذلت من جهد؟ و كم من شخصٍ تشبّثت بقدميه؟.
رغم أنَّ هذه الأكاديمية لا تميّز بين الطلبة و تتّخذ قيمة الطّالب بجهده أكثر من أي شيئٍ بعين الإعتبار، إلاّ أنَّ هذا ليس كلّ شيئ.
في الأعوام الأخيرة، كان النّبلاء و أبناء العشائر المرموقة، يحاولون تقويض سلطة الطلبة العوام و أي أحدٍ أخر، و قد نجح الأمر بمنتهى السهولة.
عن طريق ثروتهم الهائلة، و عدم وجود شخصٍ يمكنه قمعهم علنًا، من يكمنه منعهم؟ لقد جعلوا أيّ أحدٍ مواليًا لهم بعد تقديم وعودٍ بدعمهم.
كان أكثر ما يفتقر إليه عامّة الناس هو الدّعم و الموارد، و ماذا يملكه النبلاء و أطفال العشائر المعروفة أكثر من ذلك؟.
كان بطبيعة الحال أمراً مفروغًا منه!
العالم في كثيرٍ من الأحيان غير عادل، لكن ماذا يمكن فعله؟ على الشخص المضي قدمًا سواء رغب بذلك أم لا، ذلك لو أراد النّجاة.
ليس للجميع الجرأة و الشجاعة لمواجهة الأخطار، من الأفضل دائماً النمو في سلام و سكينة.
ماذا عن أوليفيا؟ لما لم تحاول تغيير الأوضاع؟ حتّى لو ناضلت من أجل الطّلاّب في مناسباتٍ عدّة، لا يمكنها فعل الكثير.
كانت هي بنفسها إبنة عشيرة مرموقة في كانغهوا، و مع علاقة كانغهوا المتذبذبة مع النبلاء في الشّرق، كيف يمكنها التّحرك بلا مبالاة؟ كان مستحيلاً.
ذلك ما لم تكن عشيرتها قويّة جدًا، و للأسف، القوى العشائريّة الخاصة بقبيلة اللّيل الأبدي كانت في مرحلة الصعود.
و هكذا، لم يكن بإمكانها فعل الكثير.
شياو يوي، و التي كانت تولي إهتمامًا كبيرًا للوضع العام، فهمت إلى حدٍّ ما شخصيّة رئيسة مجلس الطّلاّب، و هكذا فعلت كلّ ما يمكن فعله لإستقطاب جانبها الجيد.
كانت تأمل بعد التّخرّج أن تحصل على مكانة جيّدة نظرًا للمنحة التي يملكها كلّ الخرّيجين من مجلس الطلبة.
المخاطرة لم تكن شيئًا تهتم به، طالما أنَّ الفوائد عالية.
الأن، لو تدخّلت أكثر، ستحسُّ أوليفيا بالغبطة، و هذا ربّما سيؤثر على مصالحها داخل مجلس الطلبة.
كان الجمهور يحدّق فيها بنظراتٍ غير سارّة بالفعل الأن.
يجب عليها تصحيح موقفها بسرعة.
“ أنا أسفة … لقد كنت أشعر بالقلق حول الرّئيسة فقط، أمل أن تعذروني على وقاحتي! ”.
غيّرت موقفها بسرعة، كما تحدّثت بنبرة نادمة، كما لو كانت تطلب الصّفح.
قالت رئيسة مجلس الطّلاّب أنَّها لا تمانع، و لوّح لوكي بيده بخفّة كما لو أنَّه غير مهتم.
قلّت نظرة الجمهور العلنيّة للسخط،رغم عدم إختفائها.
بعد تغيير الموازين، أطلقت الصّعداء.
لم تنسى أن تقوم بإرسال وهج كراهية نحو معارضها.
“ على أيّ حال، يا أختي، من ما قاله الأخرون، يبدو أنَّكِ أصبحت رئيسة لمجلس الطلبة؟ ”
لتفريق الأجواء المشتّتة للذهن، قام لوكي بقيادة المحادثة و دخل صلب الموضوع.
“ … نعم ”
“ هذا جيّد تماماً، من هذا، يمكنني القول أنَّ الوضع في العشيرة جيّد إذاً ”
“ إلى حدٍّ ما، نعم ”
“ هل هذا صحيح؟ ” قال لوكي، كما أكمل بإقتضاب: “ يجب أن تفخري بنفسكِ إذاً، حلمكِ منذ الصغر تحقّق، و ذلك بفضل جهودك بالكامل ”
“ أممم ”
كما لو لم تعرف كيف ترد، خرج صوتها كالأنين، غير متأكّدة ما إن كانت ستوافق أم تعاكس قوله.
محرِج.
لا يمكن سوى قول هذا عن ما يحدث.
كان الفتى أبيض الشّعر يتحدّث عن هذا و ذاك، لكن الإستجابة التي خرجت كانت محرجة و بسيطة.
من حينٍ لأخر، كانت نبرة صوتها تتقلّب بين الإستغراب و القلق، و المفاجأة.
المشكلة كانت أنَّ الفتى بدا كمن لم يلاحظ، و إستمرَّ بالحديث.
و هكذا، على الرغم من إنكسار الصمت، إلاّ أنَّ الأجواء الغير مريحة لم تزل تماماً.
كانت هناك محادثة بين أخٍ و أخت، لكن لم يشعر المستمع أنَّها كذلك.
بدلاً من العائلة، كان الأمر كشخصٍ غريب يتسائل عن كيف تجري أعمالك.
هكذا كيف شعر الجميع، و بسبب هذا الجو الخانق، لم يجرؤ أحدٌ على الحديث، و لم يستثنى ديوس أورفيوس من ذلك.
“ كنت أريد إكمال الدّردشة الجميلة يا أختي، لكن يجب علينا إستقبال النّاجين من العاصفة ”
كما أنَّه إنتهى من حديثه، مشى لوكي للأمام نحو مرسى السفن، و تبعه فايرون بخطى واسعة.
كان الصمت يستمر في الجانب …
“ لـ-لماذا؟ ”
ذلك حتّى خرج صوتٌ ضعيف من فم أوليفيا.
“ همم؟ ”
إلتفت لوكي للوراء، و حدّق بتسائل.
“ أعني … كيف … لماذا أنت …؟ ”
لماذا لست غاضبًا منّي؟ كيف مازلتَ حيًّا؟.
كأخيها الأصغر، و الذي يعرفها أكثر من الجميع، يمكن للوكي بسهولة معرفة ما تريد قوله.
ضحك بخفّة و هزَّ كتفيه كما قال: “ هكذا هي الحياة، أليس كذلك؟ ”.
“ ااه … ”
عند قوله ذلك، أكمل طريقه و لم يستدر للوراء، و ترك الفتاة مع شهقتها المتعجّبة.
كان ظهره المبتعد يتمّ نقشه بعمق في ذهن أوليفيا.
لقد بقيت الفتاة في صمت.
و لم يجرؤ أحدٌ على الإقتراب منها، لحقوا فقط بالشّابّين المبتعدين.
مع إقتراب السفينة نحو المرسى، بكى الرّكّاب بفرح كما لوّحوا بأيديهم كالمجانين.
“ لقد نجونا! ”
“ اللعنة! من كان يتوقّع أنني أنا، مجرّد خادمٍ عادي، سأصاب بسوء الحظّ مثل هذا! ”
“ سوء حظ مؤخّرتي! كن شاكرًا أننا أحياء! ”
كانت أصوات حديث النّاس تعلوا هنا و هناك في السّفينة، ليليث، التي راقبت هذا، فكّرت في ذهنها بعمق.
رغم عدم إبدائها لذلك، فقد كانت أيضاً سعيدة لكونها قد نجت، يمكن أن توكل الأمر للحظ، لكن هذا ليس كلّ شيئ.
لولا جهودها لتوجيه الرّكّاب و تهدئتهم، ماذا كان مصيرهم؟ لم يسعها سوى التّفكير في الأسوء.
لقد كانت هي أحد الأسباب في نجاتهم، هذه الحقيقة واضحة كالشّمس.
و قد كانت ستستغلُّ تلك الحقيقة خير إستغلال.
لقد كانت تاجرة حتّى النّخاع، كيف لن تجعل هذا الأمر مؤاتيًا لها؟.
مهما كثرت المخاطر في العالم، فالتّاجر سيلاحق الأرباح دائماً.
لقد كانت شابّة في السّابعة عشر، رغم ذلك، عرفت هذه الحقيقة بعمق.
النّاس في العالم ليسوا ذوي نوايا حسنة، و ما لم تجعل الموقف في صالحها، فستفقد مبادرتها لتشكيل سلسلة على رقاب هؤلاء ذوي الأموال في جيوبهم.
العالم سيستمر، و هي يجب أن تجمع قوت يومها.
مع عمل التّروس في عقلها، ظهر شاطئ الجزيرة، و الذي كان بعيدًا في ما سبق.
بعد الملاحظة لعض الوقت، ظهرت خيبة طفيفة في تعبيرها.
“ هو ليس هناك … ”
بين الواقفين في الشاطئ، لم يكن من الممكن رؤية ذلك الشخص.
هل هو داخل الأكاديمية بالفعل؟.
بينما تحمل معطف الشّابّ بين يديها، رست السّفينة نحو البرِّ أخيراً.
نزل الرّكاب بضجّة من السّفينة، و قد أخرجوا أخيراً كلّ عاطفة مكبوتة.
كان من الصّعب على الطّاقم إنزالهم بهدوء.
“ شاطئ! أخيراً وصلنا للشّاطئ! ”
“ هاهاها! لقد نجوت! هذه العاصفة اللعينة لم تتمكن مني! ”
“ أنا، يانغ دوغو، لم أتوقع النّجاة من هذه العاصفة الوحشيّة! ”
أصوات الفرح و الأشخاص الجاهشين بالبكاء تمّ سماعهم.
يمكن حتّى رؤية أشخاصٍ يعانقون الأرض، كما لو أنَّهم خائفون من إختفائها فجأة.
“ السّيدة الشّابّة، لم يبقى سوانا في السّفينة ”
في تفكيرها العميق، خرجت ليليث من ذهولها عندما ناداها أحدٌ ما.
إلتفتت لترى العجوز السّابق، و الذي كان رئيس وحدة الإغاثة.
“ أسفة، لقد كنت شاردة بعض الشّيئ، لننزل الأن ”
“ لا عليكِ، هذا أمرٌ طبيعيٌّ فقط، من يمكنه البقاء واعيًا طوال الوقت في مثل هذا الموقف؟ بدلاً من ذلك، أنا معجبٌ بثباتك الذهني، سيّدتي الصّغيرة ”
قال العجوز بعمق، كما تحرّك قبلها، و يداه على ظهره.
لقد كان مظهره الحالي مختلفًا عن السّابق.
كما فكّرت بذلك، همّت ليليث نحو النّزول بدورها.
الرّحلة — الّتي كانت قصيرة و في نفس الوقت طويلة — إنتهت أخيراً.
مرّت هذه السّفينة بمجموعة من القراصنة أثناء عبورهم البرّ الرئيسي.
إنَّ للبرِّ إسمٌ أخر: الحدود الشّرقية الجنوبيّة.
كان ذلك البرّ يرسم الحدود بين إمبراطورية كايرو في الشّرق، و دولة نانمان في الجنوب.
كان البحر الذي يقسم بينهما يسمّى بالبرّ الرّئيسي، بسبب أنَّه كان إحدى الطّرق البحرية التجارية المهمة، أكثر ما تمّ تداوله هناك هي خياشيم الحوريّات الصناعيّة و أسماك البرّ الرئيسي.
يمكن القول أنَّ هناك علاقة متوتّرة بين نانمان و كايرو في الأوِنة الأخيرة، و يرجع السّبب في هجرة الأسماك عن البرّ الرئيسي قبل بضعة أعوام.
حاول الكثير معرفة السّبب، لكن لم يكن هناك سوى تفسيرٍ واحد، ألا و هو أنَّ العواصف التي كثرت مؤخّرًا تسببّت في الهجرة القسرية لمخلوقات البحر.
رغم عدم إعتراف النّاس علنًا، إلاّ أنَّ الخياشيم الصناعية كان يتمّ تداولها في السوق السوداء بين مختلف قطاعات الدولتين بكثرة.
كانت تلك حقيقة معروفة للتّجّار و ذوي المناصب العليا في السنين الماضية، لكن إنتشرت تلك الحقيقة حتّى لعامّة النّاس مؤخّرًا.
بدا الأمر كما لو أنَّ أحدًا ما يحرّضهم في الخفاء.
كان هناك سخط في البداية، لكن بسبب كره النّاس لأنصاف البشر في حالاتٍ عديدة، فقد قلّت أصوات السخط مع مرور الوقت.
تمَّ تداول الخياشيم الصناعية بطرق عدّة.
و كان ذلك إمّا عن طريق قطّاع الطرق و الهاربين، أو عن طريق القراصنة.
لن تلطّخ العشائر المرموقة أيديها بمثل هذه الأعمال الشّائنة علنًا، و الأمر نفسه إنطبق على العائلات النبيلة.
و هكذا، لم يتمّ صيد القراصنة بكثرة أو قمعهم علانية.
كانت من الخسارة رحيل الحوريّات عن منطقة كهذه، لكن ماذا يمكنهم فعله؟.
بطبيعة الحال، كان مكانٌ كالبرِّ الرّئيسي يعجّ بالقراصنة أيضاً.
لحسن الحظ، تفادت السفينة المشكلة بعد تقديم “الرّسوم الكافية” و عبروا بأمان.
كانت تلك فكرة ليليث، أشاد بها الكثير عند تقدّمها في حالة كادت أن تؤدي لقتال.
بعدها، و من دون سابق إنذار، دخلوا في عاصفة هوجاء.
بعد أن دخلت في موقف حياةٍ أو موت، عندما إستقرَّ الوضع، رأت شابًّا نائمًا بسلام في موقفٍ كهذا، و لسببٍ أو لأخر، نامت بجواره.
عندها حلمت بكابوسٍ غريب جسّد ماضيها بطريقة ملتوية و غير مألوفة.
بعد الإستيقاظ، كانت تشعر بشعورٍ غريب.
أكثر من أيّ شيئ، كان هناك رغبة غير معهودة في رؤية ذلك الشاب، و المسمّى بليون في أعماقها.
لم تعرف السّبب، لكنها أرادت مقابلته!
لم يكن الأمر شاعريًّا كعواطف الإعجاب أو الإهتمام بشابٍّ في عمرها، كان شيئًا جديدًا لم تألفه.
الأمر مثل ....
“ أنَّني أريد لقائه بشدّة ”
و ذلك كان بالضّبط بعد إستيقاظها من نومها.
إختتمت رحلتها المليئة بالأحداث أخيراً.
الرّحلة التي كان يجب أن تستغرق يومين إستغرقت أطول بسبب العاصفة.
و هكذا، كانو قد وصلو في اليوم الرّابع مقارنةً بيوم وصول الأخرين.
في الحالة الطبيعيّة، كان يجب أن يصلو في اليوم الثاني على الأكثر.
قام الأساتذة بمحاولة تعزية الطّلّاب و المسافرين الأخرين قدر الإمكان، و مباركتهم على النّجاة.
ربّما فقدوا بعض الأمتعة، لكن كان البقاء على قيد الحياة أكبر ثرواتهم.
بعد إستقرار جانبهم، بدء المعلّمون بالحراك نحو رئيس فرقة الإستغاثة، الذي وقف جنبًا إلى جنب مع ليليث.
“ كيف الحال، أيّها المعلّم المشرف؟ ”
قام بتحيّة روتينيّة، للأستاذ الواقف أمامه، بينما يحدّق في المجموعة بجانبه.
“ يا لها من مجموعة مثيرة للإهتمام ” قال بعمق، قبل أن يوجّه أنظاره لأحد الأشخاص بالتّحديد: “ مثيرة حقًّا للإهتمام ”
لوّح الشّخص بيده كتحيّة، كما لو كان يستشعر نظراته.
“ يا مد-”
“ م- معلّم! تعال بسرعة! ”
كما أراد ديوس الحديث، قاطعه صوتٌ مذعور، لشخصٍ يركض.
كان صوته بطبيعة الحال، مسموعًا للجمهور.
“ عن ماذا يتحدّث …؟ ”
“ هل بدأت المشاكل بالفعل؟ ”
“ يا إلهي! ما هذا الإزعاج … ”
كان الذعر ينتشر بين الحشود بسرعة.
ديوس، الذي لاحظ ذلك، تصرّف بسرعة.
قام بصفع الشّخص الذي أتى له كما قال: “ أيّها الأحمق! نفاذ الأوراق لا يعني أنَّها حالة طارئة! ألا ترى ما يحدث؟ النَّاس مذعورون بالفعل بسببك! ”
قام بسحب الشّخص نحوه بسرعة كما قام بالهمس له من دون ملاحظة أيّ شخص.
بعد فهم الموقف، إعتذر الفتى بينما يحكّ أنفه بحرج: “ … أعتذر، أنا شغوفٌ بعملي، لذلك إعتقدت أنَّ نقص الأوراق سيسبِّب مشكلة، هاهاها ”
“ هذا هو؟ و نحن من إعتقدنا أنَّ شيئًا مهمًّا قد حدث ”
“ تسك تسك، هناك دائماً هؤلاء الناس، الذين لا يدركون البيئة أبداً ”
بعد سماع شرح الفتى، فقد الجمهور الإهتمام على الفور.
“ إشرح لنا في الطّريق، قم بقيادتنا، بسرعة! ”
همس ديوس أثناء المشي مع الفتى، أبقى على المعلّمين و أعضاء مجلس الطلبة.
كان الذين مشوا هم الشابان، و الذين كانا محور سبب إنتظارهم للمدير بفارغ الصبر، و رئيسة مجلس الطلبة، التي أصرّت على المجيئ بحجّة أنَّ مجلس الطّلاّب له الأحقيّة للإستفسار عن ما يحدث.
ثم أخيراً، الرجل العجوز، و ليليث، التي أرادت المجيئ أيضاً، قال العجوز أنَّ الأمر بخير و ذهبوا فورًا.
بعد الإبتعاد مسافةً كافية، إستفسر ديوس عن الوضع: “ أخبرني، ماذا حدث؟ ”
“ لا أدري كيف أقول هذا، لكن هناك مشكلة كبيرة بين الطلبة في السّاحل الشرقي! ”
كما لو كان يستذكر ما رأته عيناه: قال بصوتٍ يرتجف: “ وجدنا الشخص الذي قلت لنا أن نبحث عنه، لكن … لقد قام بإسقاط جميع الطلبة الذين أرادوا إمساكه! ”
“ ماذا؟! ”
“ مستحيل؟! ”
كما لو كان غير مصدّق، سقط فكُّ ديوس و رئيسة مجلس الطلبة، كما لو كانا غير مصدِّقين.
“ قلت لكم هذا ”
خرج صوت لوكي، غير المرتبك، و قال بهدوء.
فكّر فايرون كما قال بعمق: “ يبدو أنَّه قد بدء بالفعل، أنت، أخبرني، هل فعل ذلك بمفرده، أم معه أشخاصٌ أخرون ”
ردَّ الشّاب بذعر: “ كـ- كيف عرفت؟ ”
“ لا يهم، فقط أجب! ”
“ لقد كان معه أربعة أشخاص! ”
“ أربعة؟ من الواضح من يكون إثنين، لكن من هما الأخران؟ ” فكّر لوكي، كما إستفسر بنظراته.
كانت نظرات التساؤل تملأ وجوه الحاضرين.
أجاب الفتى بعد إستجماع شجاعته: “ إنَّهم ثلاثة شبّانٍ و فتاة! كان الأمر بخير معهم، لكن المشكلة كانت مع الشّخص المعني! ذلك الشيطان لم تأخذ به الرّأفة أيّ أحد! ”
إرتجف جسده، عند تذكّر كيف ضرب ذلك 'الوغد' الطّلاّب الأخرين بدون أيّ ضبطٍ للنفس.
“ ذلك يبدو مثله ”
“ حتّى بعد تلك السنين، يبدو أنَّه لم يغيّر عادته تلك ”
تبادل لوكي و فايرون أطراف الحديث، بينما يسارعون وتيرتهم.
كانا الوحيدان الذين بدا و كأنّهما يفهمان الموقف، لذلك إستفسر ديوس عن ما يعرفانه.
“ يجب عليك الرّؤية بنفسك ”
“ من الأفضل أن تراه على أن تسمعه ”
هذا كان كلُّ ما قالاه قبل أن يصمتا تماماً.
حاول ديوس إخراج أيّ كلماتٍ أخرى، لكن لم يكن أيّ شيئ بالمفيد، تنهَّد و أكمل وتيرتهم، على أيّ حال، كانوا قريبين من السّاحل الشرقي.
بينما كانت تلحق بالمجموعة، حاولت ليليث جمع القطع معًا: “ هل يكون هو؟ ”.
شخصٌ مطلوب، ناهيك عن أنَّه، بعد التّفكير مليًّا، كان من الغريب عدم وجود كثيرٍ من النَّاس في موقع إرساء السفينة التي أتوا بها.
هل قام بفعلِ شيئٍ ما بعد دخوله بالضّبط؟.
كان من السّهل معرفة من المقصود، لأنَّه الوحيد الذي ذهب للجزيرة بطريقة ملفتة للنظر.
أكثر من أيّ شيئ أخر، يمكنها القول أنَّه قوي، سواء كان من ما أظهره، أو بعد كلام الفتى الذي أحضر الأخبار.
“ إنَّه شخصٌ قوي ”
و هذا كان أهمَّ شيئ.
لقد شعرت ليليث بالغرابة من كلِّ ما يحصل، لكنَّها شعرت بالفضول أيضاً بطبيعة الحال.
كان تطلّعها لمقابلة ليون مرّة أخرى بعد الفراق القصير يزداد بسرعة.