الفصل 115 - الوجه الحقيقي (4)
--------
في عيني ريا، كان الأمير الأول إما أحمقًا أو كان يراهن على الجميع.
قبل لحظات، تم عرض كل جريمة ارتكبها أمام السلطة العليا. كما أكد نائب المدير هارولد، من خلال شظيته، أن آيدن كان بالفعل يلاحق أوستن ويتآمر ضده أثناء تواصله مع هينير.
لكن رغم كل الأدلة التي تثبت إدانته، لم يكن ذلك الوغد مستعدًا للتراجع.
بل إنه اقترح مبارزة ضد أوستن، وكأن هذا كان مجرد نقاش لا يمكن التوصل فيه إلى إجابة حاسمة.
يا رجل، لقد ثبتت إدانتك. فقط تقبل الأمر وتلقَّ عقابك.
"أي أدلة غير حاسمة تتحدث عنها؟ ألم يؤكد السير إدوين لتوه القدرة التي يمتلكها السير هارولد؟ ماذا هناك لنناقشه الآن؟" قال رئيس الوزراء.
ماذا تبقى لإثباته الآن؟ ألم يعلن الملك بنفسه أنه كان على علم بعلاقة آيدن مع هينير؟
"لا، سيدي آرثر. أريد أيضًا أن يُصدر هذا الحكم من خلال معركة." فجأة قال أوستن.
عند سماع تلك الكلمات، شهق البعض بينما ارتسمت ابتسامات خبيثة على وجوه آخرين.
كان الجميع يعلم أن الأمير الثاني في المرتبة D، بينما كان الأمير الأول في المرتبة A… على الأقل.
ظهرت ابتسامة على وجه آيدن وهو يلتفت نحو السلطة العليا قبل أن يعلن، "بما أن أوستن قد أعطى موافقته، أعتقد أن والدي لن يكون لديه أي-"
"لا يمكنني السماح بحدوث ذلك." قاطعه سيدريك على الفور، "أنت مجرم. شخص كان يتآمر ضد إيريندور. سمّمتني وغسلت أدمغة الجميع ليصدقوا أشياء كان من الممكن أن تؤدي إلى كارثة. وقبل كل شيء… حاولت إيذاء أوستن. وأنا لا أريد أي دليل آخر غير كلمات أوستن لإعلان إدانتك."
قبض آيدن يده وهو يصرخ، "إذًا لن تمنحني حتى فرصة للدفاع عن نفسي؟! أنت تُفضِّل ابنك الثاني لأنني نشأت بعيدًا عن المنزل، لذا تعتبرني دخيلًا… مجرد نكرة!"
عبست فاليري عند سماع تلك الكلمات وتمتمت لنفسها، "مسرحيته مزعجة… لو أنني فقط-"
"آسف يا فال، لكنه فريستي."
تفاجأت فاليري من الهمس البارد بينما نظرت إلى سيدها.
كانت عيناه خاليتين من أي مشاعر. ولكن، كشخصة قريبة منه، استطاعت فاليري أن تشعر بغضبٍ متفجر داخله.
أمسك يدها وهمس، "لقد حاول أن يأخذك مني، وبسبب هذه الخطيئة، سأمنحه الموت بيديّ."
تلك الكلمات أرسلت قشعريرة من الإثارة في جسدها، بينما امتلأ قلبها بالبهجة لرؤية سيدها غاضبًا لأجلها.
لن يسمح لأحد بأخذها منه. فاليري لا تنتمي إلا لسيدها~
"لن أسمح لكم بمعاقبته."
فجأة، ارتفع صوت لم يكن قد تحدث حتى الآن.
ملكة إيريندور، التي كانت تعمل كمستشارة رئيسية حتى أصبحت أمًا، تحدثت قائلة، "لا يمكنني السماح لكم بمعاقبة آيدن. أنتم لا ترون ذلك، لكنني لاحظت أن أوستن يلفّق التهم لشقيقه لمجرد أنه لم يعد يُحتسب في سباق العرش!"
ساد الصمت الجميع.
في تلك الأثناء، شعر آيدن أخيرًا أن هناك أملًا، فصاح باكيًا، "لا تقاتلي لأجلي، أمي
شهقة
مسح عينيه قبل أن يضيف، "أرسلوني إلى السجن، وشنقوني حتى الموت-"
"لا تنطق بهذه الكلمة أبدًا، آيدن!" إلتفتت نحو زوجها وقالت بصوت عالٍ، "كيف يمكنك أن تحكم عليه بالإدانة دون حتى أن تستمع إليه؟ تقرر كل شيء بناءً على ما سمعته من أوستن وحلفائه!"
قد تكون هذه هي المرة الأولى التي تخالف فيها الملكة آدابها وتتحدث بهذه الطريقة وسط المحكمة.
كان موقف سيدريك حاسمًا، لذا لم يفكر مرتين قبل أن يأمر، "قراري لن يتغير حتى لو أخبرني الإله بذلك. سيتم سجن آيدن على الجرائم التي ارتكبها."
لم يكن هذا موضوعًا للنقاش. قبل لحظات، كان آيدن يقترح خوض حرب ضد الدولة التي قدمت عرضًا وديًا.
تعريض آلاف الأرواح للخطر فقط لأن آيدن يعتقد أنهم قد يخونونهم؟ سيكون سيدريك أعمى إن لم يدرك ما كان الصبي يخطط له.
تلك الأفواه التي كانت تدافع عن آيدن قد صمتت منذ وقت طويل، لأن السلطة العليا قد حسمت أمرها بشأن معاقبته.
ضيّقت صوفي عينيها وهي تبصق، "بصفتي الملكة، أقرر أن يُمنع أوستن من المطالبة بالعرش أبدًا."
ثم التفتت بعينيها المليئتين بالازدراء نحو أوستن وأضافت، "لنرَ إن كنت ستظل واثقًا بنفسك الآن."
رغم أنها كانت أمًا لكل من أوستن وآيدن، إلا أنها رأت في آيدن الضحية هنا، بينما كان أوستن في نظرها أكبر المذنبين في هذه اللحظة.
كان سيدريك على وشك رفض قرارها، عندما قال أوستن فجأة، "ما زلتِ تعتقدين أنني أهتم بالعرش؟"
كان على وجهه ابتسامة حزينة، جعلت قلب صوفي يرتجف للحظة. ومع ذلك، لم يتغير تعبيرها، وكانت الإجابة الصامتة التي حملتها عيناها هي "نعم".
هز أوستن رأسه قبل أن يلتفت نحو الملك ويعلن، "أنا، أوستن فون إيريندور، أُعلن هنا أمام الجميع أنني لن أقبل عرش إيريندور تحت أي ظرف من الظروف. وهذا قراري النهائي."
اشتد قبض فاليري على يده، بينما شهق بعض الحاضرين، بمن فيهم ريا، عند سماع هذا الإعلان.
قد يكون هذا أكثر الأمور صدمة للكثيرين اليوم. حتى سيباستيان نظر إلى سيده بعينين متسعتين، ومع ذلك، لم يستطع الأكبر أن يجد أي ندم في عيني سيده. على الإطلاق.
سقطت صوفي على مقعدها من الصدمة، وعيناها مفتوحتان على مصراعيهما.
لم تستطع... تصديق أن أوستن لم يكن يفعل كل هذا من أجل العرش... هل كان يكذب... لكنه قال ذلك أمام الكثير من الناس...
بينما بدت الملكة وكأنها تعرضت لصدمة شديدة، ضغط آيدن على أسنانه، مدركًا أن حتى تلك المرأة اللعينة لم تستطع إنقاذه!
نظر حوله، فوجد أن المستشار الرئيسي ووزير المالية كانا يتجنبان النظر إليه—من الواضح أنهما لا ينويان مساعدته هنا.
شعر آيدن… مرة أخرى بأنه محاصر في زاوية، تمامًا كما حدث في دار الأيتام عندما حاصره الفتيان الأكبر سنًا.
[المترجم: sauron]
نفس الشعور بالعجز الذي اجتاحه عندما وقف أمام قبر أول حب في حياته.
ذلك اليأس… تلك العجز… ذلك الخوف من فقدان كل شيء.
كل شيء حجبه عن الواقع، وفي نوبة غضب،
"تبًا لكم جميعًا!!!"
قبل أن يتمكن أي شخص من الرد، استدعى آيدن شظيته في لمح البصر وضربها بقوة على الأرض.
شفييييوووووك!
شق صوت تحطم مدوٍ الأجواء، وانفجرت موجة صدمة عنيفة. انبعث ضباب أسود مثل عاصفة، ملتفًا ومتدحرجًا بينما يبتلع المساحة حوله.
ترنح الجنود، أجسادهم ترتجف بينما قوة غير مرئية تسحب كل طاقاتهم. انهارت ركبهم. ارتطمت السيوف والرماح بالأرض، متساقطة من أصابع فقدت حياتها. ملأت شهقات الهواء، بعضهم يختنق، وآخرون ينهارون تمامًا.
اتسعت أعينهم رعبًا. عضلاتهم رفضت الاستجابة. وكأن أرواحهم نفسها تُنتزع من أجسادهم.
احمرت عينا آيدن بينما استخدم كل طاقة روحه لتلاوة ذلك التعويذ قبل أن يلتفت نحو اللعين الذي تسبب في كل هذا.
ذلك الحقير الذي سلب منه كل شيء!
"أوستن!" رفع شظيته وانطلق نحو أوستن، مستهدفًا ذبح ابن العاهرة!
كان سيفه ممسوكًا أفقيًا، دافعًا إياه ليطعن أوستن—ولكن،
كلانغ
اتسعت عينا آيدن بينما تم صد سيفه ودُفع للخلف، "ماذا—!"
شهق… مهارته كان من المفترض أن تعمل على الجميع. لماذا بحق الجحيم لم يتأثر هذا الضعيف؟
تقدم أوستن خطوة إلى الأمام، حاجز أخضر يحيط به.
كانت عيناه مهددتين بينما تمتم، "تنادي اسم خصمك… كم يمكن أن تكون تافهًا؟"
قبض آيدن على نصله بإحكام قبل أن يوجهه للأمام، "تبًا لك!"
لكن،
كلانغ
—لا يزال النصل لم يخترق الحاجز.
"آآآآآه!!!"
كلانغ كلانغ
واصل الهجوم، ضربة تلو الأخرى، مستخدمًا كل ما تبقى من قوته… لكن، لا شيء نجح.
لم يتحرك الحاجز قيد أنملة!
"أتشعر بالعجز؟" سأل أوستن، مائلًا رأسه قليلًا.
كان وجه آيدن شاحبًا، وصدره يعلو ويهبط بينما يحدق في ذلك الحقير، "أ-أنت… لو لم تكن هنا فقط…"
ابتسم أوستن، "أوه لا، لا، كنت دائمًا هنا… الشخص الذي جعل حياتك جحيمًا." بابتسامة ساخرة، أضاف، "الشخص الذي أرسل ذلك النبيل وراء مارلين… هل تعرف من هو؟"
اتسعت عينا آيدن… لا أحد يعرف عن مارلين… إذن هذا يعني، "أ-أنت اللعين! كان ذلك أنت !!!!"
بكل ما يملكه من قوة، لوّح بسيفه. كل ذرة من كيانه أرادت تدمير هذا القذر من البشر!
لكن،
كلانغ
لم يفلح الأمر.
"لماذا…" امتلأت عينا آيدن بالدموع بينما ارتخت قبضته، وسقط سيفه من بين أصابعه المرتجفة. تعثر للخلف، صدره يرتجف وهو يلهث.
"لماذا أنا دائمًا—"
سوييش!
"أوه، لا." قاطع أوستن بصوته البارد بينما تقدم خطوة، وسيفه يومض بقوس سريع لا يرحم.
ثد.
إلتوى عالم آيدن. للحظة خاطفة، رأى الأرض تندفع نحوه—جسده الخاص يقف مترنحًا على مسافة. اجتاحه شعور غريب بالخفّة بينما ابتلع الظلام حواسه.
هز أوستن رأسه وهو ينفض شظيته وقال لشقيقه الأكبر العزيز، " ترتكب الجرائم لمجرد أن الحياة كانت غير عادلة معك؟ نعم، أنت تافه. "
وهكذا، فقدت إيريندور أميرها الأول.