الفصل 175 - الحقيقة (2)

--------

الكثير من الأمور لم تكن منطقية.

متى أصبح أوستن قويًا إلى هذا الحد؟ موهبة فطرية؟ قوي بما يكفي ليتحدى ملك الشياطين في أوج قوته؟

هذا لم يكن منطقيًا، إذ حتى النسخة الأصلية من أوستن لم تُظهر أي موهبة تستحق أن يُطلق عليه لقب بطل. لقد كانت ريا دائمًا—الكائن الذي كان يُقال إنه تجسيد لبطل يُدعى كين.

فكيف…

"مدام سلنر، هل يمكنك البدء من البداية؟" سألت فاليري. بطريقة ما، لم تجد الأمر مثيرًا للسخرية بعد أن سمعت ما قالته السيدة.

تنهدت سلنر بعمق وهي تقول، "أستاروث هو شر قديم وُلد من خبث الآلهة، كيان تشكل من ظلمة الخالدين. إلى جانب قوته الهائلة، يمتلك ثروة من الخبرة تجعله أكثر رعبًا."

وبعد توقف، أضافت، "وبفضل تلك الخبرة، تمكن من الوصول إلى تقنية منحته فرصة ألا يلقى نهايته أبدًا."

وبتعبير أصبح قاتمًا، أضافت، "كان بإمكانه تقسيم روحه إلى أجساد متعددة، وكان أوستن يعلم ذلك. ولهذا سعى للسفر إلى الماضي—ليطارد ويدمّر أغلب أجساد أستاروث قبل أن تقوى. كان متأكدًا أن أستاروث سيُبقي جزءًا من نفسه في سبات لضمان بقائه. وبمحو وجوده في الماضي أولًا، خطط أوستن للعودة إلى الحاضر وإنهاء المعركة نهائيًا."

تكلمت سلنر في نَفَسٍ واحد، حاجباها مشدودان قليلًا… وكأنها كانت مستاءة.

سأل أوستن بتردد، "لكن... هل فشل؟"

أومأت سلنر برأسها بجديّة، "لقد إستهان بالكائن الذي وُلد من خبث الآلهة. رغم أن أوستن إستطاع هزيمة أستاروث الماضي، إلا أنه تلقى ضررًا مميتًا في المقابل—مما لم يترك له خيارًا سوى أن يلفظ أنفاسه الأخيرة في الماضي."

أصبحت فاليري منزعجة قليلًا الآن، "لكن ما علاقة ذلك الأوستن به؟ هل يمكنك أن توضحي أكثر—"

"أوستن قسّم روحه... تمامًا كما فعل ملك الشياطين،" قالت سلنر بنبرة أقوى، "لقد قلد تلك التقنية رغم كونها محرّمة، وقسّم روحه إلى أربعة أجزاء مختلفة."

من الواضح أن سلنر كانت مستاءة من قرار أوستن بمحاولة ذلك، ومع ذلك، لو لم يُقَسّم أوستن روحه في ذلك الوقت، لكان وجوده قد فُني.

من جهتهما، كانت فاليري وأوستن في حالة تفكر عميق.

الآن... بدأت الأمور تبدو أكثر منطقية قليلًا، رغم أنها لا تزال غريبة.

"إذاً، الجثة التي رأيناها هي جزء من روحي؟" سأل أوستن بعدم يقين.

أومأت سلنر، "ذلك هو الجزء الثالث. أما الجزء الرابع فهو مخبأ في مكان ما بواسطتي. ومع ذلك، أنت لست مستعدًا لإستهلاك الجزئين الأخيرين بعد."

"إنتظري، إنتظري. قلتِ إن إثنين تبقيا و إثنين إندمجا سلفًا... لكن أوستن لم يجد الجزء الآخر من روحه." قالت فاليري بثقة تامة.

ذلك التصريح جعل سلنر تنظر إلى أوستن بعينين ضيقتين.

كان أوستن مرعوبًا بوضوح من نظرتها وهو يسمعها تسأل، "ألم تدرك بعد، أليس كذلك؟"

تمتم أوستن بتوتر، " أ-أدركت الآن... "

أومأت سلنر، "يجب أن تخبرها أنت أيضًا. الشعور بالذنب الذي ربما تحس به ليس في محله. لم تكن يومًا شخصًا آخر سوى أوستن، تذكّر ذلك. لقد نسيت هويتك الحقيقية لكن ذلك لم يجعلك شخصًا آخر، لذا توقف عن التردد وأخبرها."

ابتلع أوستن ريقه بقوة.

لقد كانت... واحدة من أعظم الحقائق.

رغم أن سلنر لم تقل شيئًا مباشرًا، إلا أن ما تعنيه كان واضحًا له.

كانت فاليري تراقبهما بين الحين والآخر، لكنها لم تستطع تمييز ما الذي كانا يتحدثان عنه.

وفي النهاية، وثقت بأن أوستن سيخبرها بكل شيء لاحقًا.

"متى يمكنني إمتصاص الجزء التالي؟"

لم تتردد سلنر في الإجابة، "بمجرد أن تصل إلى الرتبة A، سيكون جسدك مستعدًا لامتصاصه."

[المترجم: ساورون/sauron]

إتسعت عينا أوستن، "لهذا كنتِ مُصِرّة على أن أرفع مستواي."

أومأت سلنر، "نعم... والسبب في أن طاقة روحك لا تتقدم كغيرها من الإحصائيات، هو لأن روحك مقسّمة إلى عدة أجزاء."

كان من المثير للسخرية أنه رغم غرابة الأمر، إلا أن كل شيء بدا منطقيًا.

السبب في أنه رغم محاولاته الشديدة، لم تتقدم طاقة روحه، هو أن روحه كانت محدودة في نموها. لقد كان ناقصًا لأن روحه كانت مقسمة إلى عدة أجزاء.

وكان عليه أن يُحضّر جسده لاستيعاب باقي الأجزاء.

"لا أعلم كيف يجب أن أشعر حيال ذلك."

....

بغض النظر عن عدد الأسئلة التي كانت لديهم، أعادتهم سلنر إلى نقطة بدايتهم.

وقبل أن تودّعهم، أخبرت أوستن، "حاول أن تبقى برفقة فاليري معظم الوقت، إذ أن أستاروث سيواصل إرسال الشياطين إليك."

أومأ أوستن، "سآخذ ذلك بعين الاعتبار."

سرعان ما إختفت سلنر، وبقي الاثنان وحدهما.

ظلت فاليري صامتة لوقت طويل، تنتظر.

كان أوستن يعلم ما الذي كانت تريد سماعه.

أغلب ما قالته سلنر، لم تستطع فاليري إستيعابه.

لكنها كانت تثق بأن حبيبها سيخبرها بكل شيء.

بغض النظر عن ماهية الأمر، كانت فاليري تعلم أنه لن يُخفي عنها شيئًا.

كانت تثق به من أجل ذلك.

لم يلتفت أوستن إليها حين إقترح، "ما رأيك أن نتمشّى قليلًا؟" وكان واضحًا أنه يريد التحدث.

لم تقل فاليري شيئًا، فقط أمسكت بيده وبدأت تمشي.

رغم أنهما كانا متعبين ذهنيًا وجسديًا بشدة، إلا أنه لم يكن هناك ما يمنع الفتاة من سماع الحقيقة كاملة.

كان أوستن يشعر كم كانت متلهفة.

حسنًا، لم يكن يستطيع أن يلومها. فهذا الأمر يخصه هو وماضيه.

في السابق، كان أوستن دائمًا مترددًا بشأن ماضيه. كان يشعر أنه إن علمت فاليري أن أوستن كان في السابق شخصًا آخر، فإنها ستشعر بالخيانة.

فهي كانت تحب أوستن، لا كيانًا غريبًا إحتل جسده.

السبب الذي جعل أوستن يغيّر نظرته تجاهها... أنه خاف إن علمت، ستتأذى.

لكن اليوم، منحتْه سلنر الطمأنينة بأن أوستن ظل دومًا أوستن.

روحه فقط أُرسلت إلى عالم مختلف.

كما أن هذا يفسر لماذا كان لوك رائعًا في أي رياضة مارسها.

ويوضح أيضًا لماذا بدأت شظيته في التطور بعد أن إندمج لوك وأوستن في كيان واحد. في النهاية، إتضح أن جزءين من الروح قد إندمجا وعزّزا روحه.

كل شيء أصبح منطقيًا الآن.

ومع ذلك، عليه أن يخبر فاليري بكل شيء. فهي تستحق أن تعرف ذلك.

وبتنهد، بدأ أوستن أخيرًا، " فاليري... لقد عشت حياة أخرى، لكن ليس بصفتي أوستن... "

2025/04/07 · 61 مشاهدة · 897 كلمة
نادي الروايات - 2025