الفصل 188 - الأخبار
--------
[الفصل 18+]
========
تحت ضوء القمر، كان يمكن رؤية شخصين يسيران بهدوء، متشابكي الأيدي، يحيط بهما جو من السكينة.
لقد جرى العشاء مع آفيريس أفضل مما توقع أوستن. في الحقيقة، لم يكن يتوقع أن يتناول العشاء معها أصلاً؛ فقد ظن أنها ستطردهم. غير أنها لم تقل شيئًا حين أحضر سيباستيان الطعام، وحين انضم إليهم والدهم، بل إنها حين طلبت فاليري أو الملك منها شيئًا، كانت ترد بهمهمة.
كان ذلك تقدُّمًا جيدًا في رأيه.
"لقد بلغت الرابعة عشرة هذا العام، أليس كذلك؟" سألت فاليري بصوت ناعم. كانت تفكر أيضًا في تلك الفتاة التي التقتها بعد غياب طويل.
كانت آفيريس وفاليري قريبتين من بعضهما لأن بينهما اهتمامًا مشتركًا للنقاش: أوستن.
فمعرفة فاليري بذوق أوستن وكرهه تعود إلى آفيريس. كانت طفلة طيبة وحنونة تستطيع التوافق مع الجميع، حتى مع فاليري الباردة المتحفظة.
"هممم. أفكر في تأجيل الرحيل بضعة أيام لأبقى مع آفيريس أكثر." عبَّر أوستن عن رأيه.
الأكاديمية ستستأنف نشاطها خلال أيام، لكن بعد أن اجتمع أخيرًا بشقيقته، لم يرد أن يغادر سريعًا. وإلا فإن كل التقدم الذي أحرزه سيعود إلى الصفر.
دَعمت فاليري قراره، وقالت: "بالنظر إلى مساهمتنا خلال الكمين، فإن المدير سيمنحنا إذنًا بلا شك."
"ألن تعودي أنتِ أيضًا؟" سأل أوستن فجأة، ما جعل فاليري ترتبك.
اتسعت عيناها، وسألت: "هل تريدني أن أعود؟" كان صوتها رقيقًا وكأنها على وشك البكاء.
هز أوستن رأسه مبتسمًا وقال: "كنت سأسألك أن تبقي." ثم شبك أصابعهما، ما جعل قلبها يقفز، وأضاف: "من دونك، أظل تائهًا. لذا، أرجوكِ ابقي إلى جانبي ووجّهيني."
لم يعلما متى توقفت أقدامهما، واستمر الاثنان يتبادلان النظرات، وفي عيونهما مودة واضحة.
توقفت نظرات أوستن عند شفتيها الحمراوين، وقد راودته رغبة مفاجئة في تذوقهما.
سحب فاليري إلى المقعد الخشبي وجعلها تجلس على فخذه، وساقاها متدليتان من الجهة الأخرى.
مالت فاليري إلى لمسته، أنفاسها ضحلة، وجسدها أصبح دافئًا بطريقة غير طبيعية.
كانت أصابعه تمرّ على وجهها كما لو أنه فنان يتأمل أعظم أعماله.
كان دفؤه مريحًا، بل إدمانيًا.
وكان من الواضح بنظراتهما أنهما يرغبان ببعضهما، رغم أنهما يقضيان معظم وقتهما معًا.
"ألا تكرهينني لأني أرغب في تقبيلك بهذه العشوائية؟" سأل، وشفاهه على بُعد أنفاس منها. تلاقت أنفاسهما، وامتزج دفء جسديهما.
عينا فاليري كانتا نصف مغمضتين، كما لو كانت تحت تأثير الخمر.
من تلك المسافة القريبة، بدا صوتها كأنه يقطر عسلًا حين همست: "لا يمكنني كرهك لأنك ترغب بي."
كانت تلك الكلمات الدفعة الأخيرة التي احتاجها ليميل نحوها ويطبع شفتيه على شفتيها.
شعر وكأن مسافرًا عثر أخيرًا على الواحة التي طالما بحث عنها.
إلتقت شفاههما في قبلة ناعمة، جعلت فاليري تميل إليه أكثر—راضية بما تشعر، لكنها طامعة في المزيد.
لم يكن أوستن ممن يتجاهلون طلبات حبيبته الصامتة.
إنزلقت يده اليسرى على وجهها، ما جعل أنفاسها تتقطع، قبل أن تصل إلى مؤخرة عنقها، ثم جذبها إليه أكثر.
تحركت شفاه أوستن الآن بعزيمة، وكأنه يرتشفها وكأنها الشيء الوحيد القادر على إرواء عطشه.
أصابعها انكمشت على قماش قميصه. كان قلبها ينبض بقوة حتى أنها كادت تسمعه في أذنيها.
تحركت فاليري فجأة، وركبتاها على المقعد، وذراعاها تطوقان عنقه.
لم تكن تدري ما الذي دفعها لذلك، لكن أخذ زمام المبادرة شعرت معه بإثارة بالغة.
أما أوستن، فجلس مستندًا، وذراعه تطوّق خصرها، تاركًا لحبيبته فرصة أن تكون جريئة بعض الشيء.
توقفا للحظة، يحدقان في عيون بعضهما، ويجدان فيها جوعًا مشتركًا.
التقت شفاههما مجددًا، لكن هذه المرة دون تحفظ. لم تكن مجرد قبلة—بل تصادمًا بين الجوع والمشاعر.
فتحت أفواههما لبعضها، وتداخلت الشفاه في إنسجام تام. أمالت فاليري رأسها قليلًا، مما عمّق القبلة، ورحب بها أوستن دون تردد.
التقت لسنتاهما—بفضول أولًا، ثم بشغف، ترقصان معًا بحركات بطيئة ساخنة جعلت العالم من حولهما يتلاشى.
إنزلقت يده على ظهرها، يمسك بها بقوة، مع ازدياد حدة القبلة—أكثر فوضوية، أكثر لهاثًا، لكنها ما زالت مفعمة بالعاطفة.
أطلقت فاليري أنينًا ناعمًا متقطع الأنفاس، وكان الصوت مكتومًا بين شفتيهما. قبضت يداها على كتفيه، وكأنها تخشى أن تجرفها القبلة تمامًا.
أخيرًا فقدت فاليري قوتها وجلست مجددًا على حجره.
انفصلت شفاههما بعد ما بدا وكأنه بضع دقائق، واستندت فاليري برأسها على كتفه، وذراعاها تطوّقان ظهره العريض.
وبينما كان يدلك ظهرها برفق، قال: "كان هذا مثيرًا... لم أتوقع منك أن تبادري."
توترت فاليري قليلًا، وفجأة ترددت في أذنيها كلمات والدتها—"الرجال لا يحبون الفتيات المسيطرات، فلا تسعي للهيمنة أبدًا."
إبتعدت عنه قليلًا، وبنظرة مباشرة إلى عينيه، سألت: "ألم تكره الأمر؟"
تفاجأ أوستن حقًا من سؤالها، وكان التردد في عينيها غير متوقع. بماذا كانت تفكر يا ترى؟
" فال... يمكنك أن تدركي كم أحببت ذلك بمجرد أن تشعري بالحرارة أسفلكِ. "
إتسعت عينا فاليري قليلًا حين أدركت تصلبه تحت جسدها.
احمر وجهها بشدة، ثم عاودت احتضانه لإخفاء وجهها المشتعل.
ومع خجلها، كانت سعيدة لأنه لم يكره الأمر.
استغرقا بضع دقائق لتهدئة نفسيهما. ربما أصبح أوستن جشعًا قليلًا مؤخرًا، لكنه لم يستطع منع نفسه. فهي ببساطة... إدمان.
نهضت فاليري، ثم تبعها أوستن.
وقد تقرر أنهما سيأخذان أسبوعًا آخر من الإجازة عن الأكاديمية، وسيرسل أوستن رسالة إلى المدير صباح الغد.
بدأ الاثنان في العودة نحو القصر، والسكينة قد عادت من حولهما.
كان على وجه فاليري ابتسامة رضا وهي تعانق ذراعه وتعود ببطء إلى القصر.
"يا سيّدي الشاب." فجأة، اندفع سيباستيان نحوهما، ما فاجأهما.
"ما الأمر، سيباس؟" سأل أوستن، لكن قبل أن يجيب، جاء صوت آخر من الجهة اليسرى.
"تلقيت للتوّ رسالة 'وارب ميل' من دوقية كورون." أخبرهم سيدريك.
عند سماع ذلك، عبست فاليري وسألت: "ماذا قال والدي؟"
هز سيدريك رأسه وقال: "ليست من الدوق. أمك هي من أرسلت الرسالة، وأفادت بأن والدك قد أُسِر من قِبَل الشياطين."
إتسعت عينا فاليري... الشياطين... أُخذوا والدها؟
تقدم أوستن نحو والده وسأله: "من الذي أخذه؟"
رفع سيدريك الرسالة قبل أن يقرأ الاسم ويخبره: "آمينيتْر."
قبض أوستن على يده بقوة... لماذا ابنة ملك الشياطين—آه!
"لأنني السبب."