الفصل 192 - إلى الجانب الآخر (1)
--------
وصل رودولف إلى الدوقية مع والده في وقت مبكر من صباح اليوم التالي. كانت الرحلة أبطأ من المعتاد — فقد كان برفقتهم كتيبة كاملة، وتحريك هذا العدد الكبير من الجنود استغرق وقتاً.
وعندما نزل من على جواده، حرّك رودولف رقبته وأصدر طقطقة ناعمة. كان قادراً على خوض قتالٍ ليومٍ كامل دون أن يشعر بنصف الإرهاق الذي يشعر به الآن، بعد أيام من السفر المتيبّس والمضطرب.
قال والده: "سأتجه لمقابلة الحاكم العام".
أومأ رودولف إيماءة قصيرة، وتوجه في طريقه الخاص.
اقترب من القصر وأربعة جنود يتبعونه — ليسوا كحراسه، بل لتأمين مقر الإقامة نفسه. ومع غياب حاكم الدوقية، كانت هناك مخاطر حقيقية من عودة الشياطين. لم يكن بإمكانهم المخاطرة.
وعلى الرغم من أن القصر يضم حرّاسه الخاصين، فإن التعزيزات كانت ضرورية. كان الجو مشحوناً، وكأن الجميع يتوقع حدوث أمر سيئ.
تولّى قائد الفرسان القيادة المؤقتة للبلدة. تم تشديد الإجراءات الأمنية. صُدرت التحذيرات. وطُلب من المدنيين البقاء داخل حدود المدينة.
سمّوها السيطرة العسكرية.
لكن بالنسبة لرودولف، كان الأمر أشبه بالانتظار قبل العاصفة.
سُمح لرودولف بدخول القصر بعدما أراهم شعار الإمبراطورية.
قال لهم: "أولاً، فتشوا القصر من الخارج، تفقدوا كل زاوية، ثم خذوا مواقعكم"، فباشر الجنود تنفيذ التعليمات على الفور.
هو حقاً لم يكن يحب أن يأمرهم، خاصة وأنهم يفوقونه في المكانة الاجتماعية والخبرة كذلك، لكن في الوقت الراهن، كان ذلك ضرورياً.
دخل القصر ووجد خادمة تمر بجواره، فناداها: "مرحباً، هل يمكنك استدعاء فاليري من أجلي؟"
طلبت الخادمة أولاً أن يعرّف بنفسه قبل أن تقول له: "من فضلك، تفضل بالدخول."
أومأ رودولف وتقدم نحو صالة الاستقبال... حيث وجد سيباستيان.
"أوه، مرحباً سيباستيان. أين أوستن وفاليري؟"
بدا سيباستيان قلقاً على نحو غير معتاد، لكن رودولف ظن أنه قلق على الدوق.
غير أن الحقيقة كانت: "السيد رودولف... لحسن الحظ أنك هنا. هل يمكنك أن تبقى برفقة الدوقة؟ يجب أن أذهب إلى مكان ما."
قال رودولف: "نعم، يمكنني، لكن لماذا تبدو على عجلة؟ ماذا حدث؟" كان رودولف يعرف الدوق والدوقة جيداً، فقد التقوا في مناسبات عديدة، لذا لم تكن هناك مشكلة في بقائه برفقتها. لكن ما أقلقه هو سلوك سيباستيان الغريب.
أخبره سيباستيان بما يقلقه: "السيد الشاب... ذهب إلى الجانب الآخر ليعيد الدوق. وحده. ولما علمت السيدة فاليري بذلك، لحقت به."
"..." صمت رودولف مصدوماً لسماع ذلك.
لم يلبث سيباستيان طويلاً هناك، إذ اندفع خارج المنزل.
من كان يظن أن غفوة قصيرة قد تتسبب بكل هذا الفوضى.
.....
كانت سماء عالم الشياطين مظلمة — مظلمة بلون الدم الجاف.
أما الأرض تحت أقدامهم، فكانت متشققة وميتة، وكأن المطر لم يزرها منذ سنوات.
كان الهواء ثقيلاً ومشبّعاً برائحة الدم. كانت تلك الرائحة تلتصق بحلق أوستن، وتجعله يشعر بالغثيان.
كان هو وسلنر قد وصلا إلى هنا عبر سحرها، لذا لم تستغرق الرحلة وقتاً طويلاً.
والآن، بينما كانا يسيران باتجاه قلعة أستاروث، كان ذهن أوستن مشغولاً بفاليري.
هو لا يزال لا يعرف كيف ستتفاعل مع رحيله المفاجئ.
لكن بمعرفته بها... هي بالتأكيد ستحاول اللحاق به.
لحسن الحظ، كان قد طلب من سيباستيان مراقبتها.
كان من شبه المستحيل إقناعه بذلك، مع ذلك.
قال له شيئاً قاسياً — شيئاً ربما جرح سيباستيان أكثر مما أدرك أوستن حينها.
تنهد. سأعتذر له عندما أعود...
قالت سلنر، قاطعة الصمت: "إن كنت قلقاً بشأن فاليري، فلا داعي لذلك. لقد كلفت أحد مصنفي الدرجة S بإبقائها داخل العالم البشري."
استدار نحوها، متفاجئاً: "حقاً؟ يمكنك فعل ذلك؟"
أومأت سلنر برأسها: "بعض الجنود الأعلى تصنيفاً تدربوا على يدي. عدد منهم من الدرجة S. طلبت من أحدهم إيقافها إن حاولت عبور بحر الانفصال."
لم يرد أوستن على الفور. كان لا يزال يحاول استيعاب الأمر.
لقد كانت مستعدة لكل شيء... هاه؟
قال بهدوء: "...أخبريني شيئاً، هل كانت فاليري دائماً هكذا؟"
نظرت إليه للحظة. "تعني... منجذبة إليك؟"
أومأ.
قالت برقة: "عندما كنت تملك كل الشظايا، كنت شخصاً مختلفاً. لكن حتى قبل ذلك، حين كنتما طفلين، كنت الوحيد الذي لم ينظر إليها كأنها غريبة. وكان لذلك وقعٌ كبير في قلبها. وعندما استيقظت قواك... أصبحت شخصاً تكنّ له الإعجاب. بالنسبة لها، كنت مميزاً."
توقفت سلنر قليلاً، وخفّ صوتها أكثر:
" لقد كانت دائماً هكذا — حنونة، طيبة... ومغرمة بك تماماً. "
ابتسم أوستن... لحسن الحظ، لم يكن نفسه السابق وغداً مع فاليري.
وبما أنه لا يزال هناك وقتٌ قبل الوصول إلى القلعة، ولم يكن يريد البقاء صامتاً وترك القلق يتصاعد بداخله، سأل: "كيف كنت... حين امتلكت كل الشظايا؟"
تمتمت سلنر قبل أن تجيب: "واثق، متعجرف، قوي... ومجنون للغاية."
ضحك أوستن: "ربما هذا أثر جانبي لامتلاك شظية قوية."
ردت سلنر فوراً: "ليس ربما. بل هذه هي الحقيقة." أضافت: "لقد نشأت هكذا لأنك كنت تملك كل شيء. قوتك كانت لا تُضاهى، ورفعت بلادك إلى قمة العالم. مجلس الاتحاد، في ذلك الخط الزمني، خضع بسهولة لإرادتك لأنهم لم يجرؤوا على معارضة أوستن إيرندور، أقوى محارب عرفتهم البشرية. "
أذهل أوستن من كل هذا الذي سمعه عن نفسه. إذن، لو أنه فعلاً استيقظت فيه شظية قوية... لكان أصبح شخصاً مختلفاً تماماً، هاه؟
وبعد صمت قصير، سأل: "وأي نسخة تعجبك أكثر؟"
ترددت سلنر هذه المرة، ثم أجابت: "نسختك الحالية أكثر جدارة بالإعجاب، لأنك تدرك قيمة القوة وتعمل بجد للحصول عليها... لكن تلك النسخة منك... لا أدري... كان فيها سحر خاص لا أستطيع مقاومته..." توقفت عن الكلام... وكأنها كانت على وشك قول شيء كانت ستندم عليه بالتأكيد.
لم يضغط أوستن عليها، ليس لأنه لم يكن فضولياً، بل لأن القلعة ظهرت أخيراً أمامهما.
خفق قلبه بقوة حين رأى صفوف الشياطين والوحوش الشيطانية مصطفة أمام القلعة.
وقبلهم جميعاً... وقفت الشيطانة التي دعته إلى هنا.