الفصل 194: الموت

--------

"هاااه!" أخذت فاليري نفساً طويلاً، وقد بدأت تفقد الإحساس وهي تتراجع إلى الوراء مترنحة.

المحاربة ذات الرتبة-S ، ريو، عقدت حاجبيها، إذ لم تكن قد أصابت فاليري حتى، ومع ذلك بدت الأخيرة وكأنها تعاني من فرط التنفس.

اهتزّت عيناها، وتصاعد في قلبها شعور أشبه بكارثة وقعت في مكان ما.

تلاشت شظيتها إلى العدم بينما كانت تسقط على الأرض.

ارتجف قلبها... لقد كان الإحساس ذاته عندما هاجمه قرد الوهم... أو حين سمعت بهجوم كلب الجحيم عليه...

تسلّل إليها رعب فقدانه، واخترق عقلها وروحها، وقبل أن تدرك، سقطت مغشياً عليها.

°°°°°°°

"هاه؟" استيقظت صوفي من نومها، وجبينها يتصبب عرقاً بارداً.

دمدمة

نظرت إلى الخارج، ليس بسبب صوت الرعد، بل لأنها كانت في حالة ذعر.

لا، بل كانت في نوبة قلق.

"عزيزتي؟ ماذا حدث؟" وما إن سمعت صوت زوجها حتى التفتت نحوه فوراً.

فتحت فمها لكنها لم تستطع النطق.

أحضر سيدريك الماء على الفور، وبينما كان يربت على ظهرها، قال: " تنفّسي أولاً. لا داعي للعجلة، فقط تنفّسي الآن. "

إتبعت كلماته بشكل غريزي وزفرت النفس الذي كانت تحبسه منذ زمن لا تعلمه.

وحين هدأت قليلاً، ناولها سيدريك بعض الماء لتشرب، ثم سألها: "أخبِريني الآن بهدوء، ما الذي حدث؟"

كانت يد صوفي ترتجف، وعيناها ترتعشان لسببٍ ما.

كانت هذه أول مرة، منذ ذلك اليوم الذي استيقظت فيه بعد موت آيدن، يراها بهذا القدر من الاضطراب.

ظنّ سيدريك أنها إحدى تلك النوبات... ولكن...

" أوستن... هو... في خطر... "

تحوّل تعبير سيدريك إلى الجديّة. لم يستهِن بكلمات زوجته. طلب منها أولاً أن تشرب بعض الماء وتستريح، ثم خرج من الغرفة على الفور وهو ينادي:

"روبرت." ظهر كبير الخدم الشخصي لسيدريك وشقيق سيباستيان الأصغر أمامه.

" نعم، سيدي. "

"قيّم الوضع في الدوقية وأرسل لي بريداً فوري الانتقال بمجرد حصولك على تقرير بشأن أوستن."

لم يحتج روبرت لأن يُطلب منه ذلك مرتين. اختفى فوراً في الظلال متجهاً نحو وجهته.

نظر سيدريك إلى صورة العائلة المُعلّقة في المعرض وهمس:

" لا تتخذ قراراً متهوراً، يا بُني. "

°°°°°°°°°°

لم يصدق آدم عينيه. عقله رفض تقبّل ما كان أمامه مباشرة.

هناك، ملقى على الأرض، الشاب الذي استقبله في عائلته قبل أيام فقط. ذاك الذي أحبّته ابنته من أعماق قلبها—أفضل أصدقائها، ومستقبلها. الشاب الذي تخيّله يسير معها إلى المذبح، يتبادلان النذور، ويبنيان حياة معاً.

والآن هو مغطى بالدماء، لا يتحرّك، وخنجر مغروز بعمق في بطنه.

وقف آدم متجمداً، وقلبه ينبض في أذنيه. حبست أنفاسه. بدا العالم صامتاً، وكأن الواقع نفسه قد ارتدّ مما حدث.

أوستن... أنقذه.

لماذا؟

لماذا قد يفعل شيئاً بهذه الطيش—من أجله؟

هو مجرد رجل عجوز، تجاوز أوج شبابه. عاش حياة كاملة إلى جانب المرأة التي أحبّها. أيّامه باتت معدودة على أي حال.

لكن أوستن... كان يملك مستقبلاً. أحلاماً. عالماً من الاحتمالات بانتظاره. والآن... كل ذلك يتلاشى أمام عيني آدم.

" لا... لا يمكنك أن تموت هكذا... " همس آدم، وصوته يتكسر وهو يسقط على ركبتيه بجانبه.

أمسك بطوق قميص أوستن بيدين مرتعشتين، وجذبه نحوه—بيأس، بلا أمل—راجياً أدنى إشارة للحياة.

ارتجفت يدا آدم وهو يحتضنه، ودماء أوستن تتسرّب إلى أكمام رداءه.

إرتجفت شفتاه، والكلمات عالقة في حلقه.

" يا أحمق... " تمتم بصوت بالكاد يُسمع. "يا أحمق تماماً... لماذا فعلت هذا؟"

كان وجه أوستن شاحباً. شاحباً جداً. لم يستطع آدم أن يشعر بأي نَفَس يخرج منه. وضع كفه المرتجفة على خدّه، وأزاح خصلة شعر متجمدة بالدماء.

" لم يكن لك الحق... لا الحق في أن تضحي بحياتك هكذا... ليس من أجلي... "

"إبتعد!" دفعت الشيطانة آدم جانباً ورفعت أوستن عن الأرض.

اندلعت نية القتل في آدم بينما استدعى شظيته واندفع نحو تلك الحقيرة!

"آه!" لكن جهوده ذهبت سدى، إذ أمسكت به تلك اللا-بشرية من ذيلها وأشارت إلى الجنود القريبين.

ضربه الشيطان ذو الشكل القردي بعصاه المعدنية على مؤخرة رأسه، مما أفقده الوعي.

وما إن انتهت أمانيتر من ذلك الطفيلي حتى قرّبت إصبعها من أنف أوستن.

لا يتنفّس.

لمست صدره.

لا نبض.

امتدّت ابتسامة على شفتيها، كاشفة عن أنيابها الحادة.

ذات الكائن الذي دفع والدها إلى الاختباء قبل سنوات طويلة... كان ميتاً الآن بين ذراعيها.

"أعيدوا هذا الغبي إلى الساحرة بالخارج." أومأ الجندي عند سماعه هذه الكلمات ثم حمل آدم على كتفه وغادر الزنزانة.

لم تكترث الشيطانة لردة فعل الساحرة. ولكن بما أنها لم تكن من قتلت أوستن، لم تستطع مخالفة كلماتها.

حملت أمانيتر أوستن بين ذراعيها وصعدت إلى الطابق العلوي، ثم سارت نحو الغرفة المركزية حيث "هو" يرقد.

لم تفارق الابتسامة وجهها قط. لم تكن أكثر سعادة من قبل. وكأنها حققت غاية حياتها بالقضاء على هذا الكائن.

"مسكين... قتل نفسه لأجل والد حبيبته." سخرت الشيطانة بينما كانت خطواتها الثابتة تقودها إلى الغرفة التي يرقد فيها والدها.

كان هناك عدد من الأطباء يراقبون حالته باستمرار.

في هذه الأيام القليلة، تعافت عيناه ونصف وجهه، وأصبح بإمكانه رؤية ما حوله. لكن بسبب عدم امتلاكه القدرة على التجدد، يحتاج إلى مصادر خارجية كي يُشفى.

" جلالتك. " حيّاه الطبيب المسؤول، لكن أمانيتر تجاهلته وتقدمت نحو الأنبوب الأسطواني حيث يرقد والدها.

وحين وصلت إليه، رفعت جسد أوستن وقالت بصوت مرتفع: "لقد جلبت لك هدية!" وعلى الفور اهتزّ القصر بأكمله.

اضطرّ الشياطين من حولها إلى التمسّك بشيء وإلا كانوا ليسقطون.

اهتز أنبوب التعافي، وامتلأت عينا أستاروث بالرضا والبهجة الظاهرة.

إبتسمت أمانيتر بالمقابل، ثم أنزلت جسد أوستن وقالت: "لقد عذبك... أجبرنا على الاختباء... لكن ليس بعد الآن. لقد أخذت بثأرك، يا أبي." وارتسمت على شفتيها ابتسامة نشوة.

تقدم الطبيب الواقف خلفها وقال: "سيدي سعيد. لقد جعلته فخوراً بكِ، يا جلالتك."

إمتلأ صدرها بالفخر. رغم أن الجميع كان يصفها بالفاشلة والأميرة غير المسؤولة، إلا أنها حققت شيئاً لم يستطيعوا تحقيقه قط.

لقد أطاحت بعدو والدها اللدود!

"لقد قتلت الحشرة، يا أب—كخاخ!"

إرتعد الفريق الطبي.

إتسعت عينا سيد الشياطين.

سال الدم من بطن أمانيتر بينما إخترقها سيف يتوهج باللون الأزرق.

ببطء، أدارت رأسها ونظرت إلى الشخص بين ذراعيها.

زُيّنت شفتي أوستن بإبتسامة هادئة وهو يقول: "بووو~"

2025/04/17 · 60 مشاهدة · 915 كلمة
نادي الروايات - 2025