الفصل 196: الندبة (2)
---------
قبل سنوات طويلة، عندما ظهر ذلك البشري من العدم، كان ما حمله معه كرفيق سلاحاً.
سلاحاً يمكنه تغيير شكله ليصبح أي شيء يرغب به الرجل.
لم يكن مجرد سلاح، بل كان سمفونية من الموت.
السلاح الحقيقي للدمار.
الأداة التي أرغمت أستاروت على الركوع، والمحارب الذي ارتقى في المراتب ليصبح الأقوى في العالم.
ذلك المحارب الذي انحنت له حتى الآلهة. من سطع ببريقه ومنح البشرية بارقة أمل.
وذلك المحارب... قد عاد. حاملاً نفس السلاح، ومرتدياً نفس النور الذي دفع بأستاروت إلى حافة الهلاك.
الندبة.
°°°°°°°°°
إهتز القصر عندما إستخدم أوستن مهارته المكتسبة حديثاً، "ستار حامي الأرواح"، واستدعى سلاحه.
ليس الخنجرين اللذين اعتاد استخدامهما، بل شيئاً أعمق... شيئاً هزّ أساس القصر وجعل أمانيتر ترتجف من الرعب.
اتسعت عينا سلنر بذهول. لم يكن هناك مجال للشك... السيف المنحني الذي أمسك به في يده... كان هو الشكل المفضل لقطعة الشظية خاصته.
إنها الشظية التي هزمت كل بشري وارتقت في الرتبة. الشظية التي لم يكن لها مثيل، ومُدحت بأنها ذراع إله.
لا يمكن أن تكون مخطئة في ذلك. تلك الهالة... تلك الطاقة الخام التي كان يُشعها. لا مجال للشك. إنها الندبة.
قبض أوستن على السيف بإحكام، حتى شحبت مفاصله.
كان على نصل السيف نمط متموج أسود يمتد من المقبض إلى الحافة، وكأن الظلال محبوسة بداخله تتلوى. لم يكن لامعاً. لا وهج، لا بريق. سيف قد يصنعه حتى حداد مبتدئ.
ومع ذلك، كان يشعر به. الطريقة التي اتحد بها روحه مع السلاح جعلته يشعر أن الشظية امتداد لجسده.
كانت تستنزفه بشدة. مجرد حمله له استهلك طاقته الروحية كما لو كان وحشاً جائعاً. كل ثانية، كانت تلتهم عشرة أضعاف ما يملك.
لو لم يكن لستار حامي الأرواح، لسقط أوستن ميتاً في تلك اللحظة.
"أوستن!" صاحت سلنر، وعلى الفور نظر أوستن إلى الأمام—أمانيتر على بعد أقدام منه—تنقض عليه بمخالبها الممدودة.
نبضة
قلب
تسارع نبضه.
ثم—
دون تفكير، دون سبب—
لوّح.
بحركة نظيفة، حادة. بلا زيادة.
سويييش
شق السيف الهواء.
لم يكن نحوها. لم تكن حتى قريبة بما يكفي لتُصاب.
لكن جسدها تحرك على أي حال.
ردة فعل؟
أو ربما غريزة فريسة؟
في كلتا الحالتين—
أنقذتها.
ششششخ
خط رفيع من الدم رقص على خدها.
تجمدت، تحدق في الفراغ.
الضربة أخطأت جسدها—
—لكنها لم تُخطئ القصر.
تشقّق—انفجار—انهيار
إنفلق الحجر.
الطرف البعيد من القصر—
اختفى.
تمزق كأنما كان ورقة.
ضربة واحدة.
فقط واحدة.
وخسر القصر زاوية من جسده.
انفصلت.
وليس القصر فقط، بل حتى السماء إنشقت بتلك الضربة أيضاً.
الفصل 196: الندبة (2)
حدّقت أمانيتر في السماء المفتوحة بعينين متسعتين.
ما هذه القوة العبثية؟!
حتى أوستين نفسه لم يصدق قدرة الشظية. لم يرَ من قبل شظية تمتلك قدرة ساحقة كهذه. حتى "شيفرفول" لم تكن بهذا القدر من الوحشية.
"هذا جنون..." تمتم أوستين بابتسامة، ناظراً إلى الشظية التي أصدرت طنيناً في استجابة له.
"ابقَ متيقظاً!" دوى صوت سلنر مجدداً قبل أن يرفع أوستين نظره ليجد أمانيتر تستدعي كرة سوداء بوضوح كانت تهدف لإيذائه.
لم يتردد أوستين، فلوّح بالسيف مرة أخرى.
شلاااانك
انشقت الأرض مع تقدم موجة الصدمة نحو الشيطانة.
كانت أمانيتر سريعة بما يكفي لتتحرك فور إطلاقها التعويذة بشكل مبكر.
"كيف يمكنه شطر شيء غير ملموس؟!" لم تصدق أمانيتر عينيها. كانت تعويذة صممت لتآكل أي شيء وكل شيء... لكنها تفككت وكأنها سحابة دخان.
"هذا جنون." تجاهلها أوستين، مستمتعاً بالقوة الخارقة للشظية بين يديه.
"يمكنك تغيير شكلها أيضاً،" قالت سلنر، مما زاد من ذعر أمانيتر وذهول أوستين.
"حقاً؟!" فوراً أراد أوستين من السلاح أن يتحول إلى مطرقة.
اهتزّ، وتصاعد استهلاك طاقة الروح بشكل جنوني، لكنه لم يهتم، بما أنه يمتلك طاقة روحية لا متناهية في تلك اللحظة.
غطى ضوء أبيض السيف قبل أن يتغير شكله ببطء وفقاً لإرادة أوستين.
أمسك أوستين بالمطرقة الضخمة، التي، رغم حجمها، كانت سهلة الحمل. لقد بدت مريحة جداً في يده.
لم تقف أمانيتر مكتوفة الأيدي، وأمرت جيشها عقلياً:
"اهجموا!"
بدأت صفوف الشياطين تملأ القاعة؛ المكان بأكمله بدأ يضيق مع تدفق مئات الشياطين الذين بدأوا يحاصرون أوستين.
ورغم ذلك، لم يظهر أوستين أي علامة على التوتر.
وقف هناك، معصمه مستند على مؤخرة المطرقة، منتظراً اكتمال الطوق من حوله.
نظرت إليه سلنر، وتنهدت قائلة، "بعض الأمور لا تتغير أبداً..."
القاعة الرئيسية كانت الآن مليئة بالشياطين.
وقف أوستين في الوسط—الإنسان الوحيد في القلعة.
كل شيطان كان يزمجر بغضب، مستعداً للانقضاض وسحق هذا البشري.
رؤية رد فعله الهادئ، جعلت أمانيتر تصرّ على أسنانها. لكن لا مجال للتردد. كانت تنوي إنهاء أمره هنا والآن!
"اهجموا!" صرخت وهي تمد يدها نحو أوستين.
غوووووووووه
آآآآرررغغغغغ
أووووووووه
كل شيطان ووحش شيطاني اندفع نحو البشري، أسلحتهم مرفوعة، وأنيابهم مكشوفة، وعيونهم مشبعة بالعطش للدم.
اهتزت الأرض تحت وطأتهم. امتلأت الغرفة بالطاقة الشيطانية. النصر بدا على بُعد خطوات من متناول أمانيتر. ولكن بعد ذلك—
"Heh~" دار أوستين المطرقة، ووجّه رأسها نحو الأرض قبل أن—
تحطييم
—بكل قوته، هوى بالمطرقة على الأرض، وحدث انفجار.
دووووووووووم
ضربت المطرقة الأرض.
وانتهى العالم.
لا موجة صدمة. لا ريح.
فقط—صمت.
لشهيق.
لنبضة.
ثم—
باااااااااااانغ
تحطّمت الحقيقة.
قبة سوداء من الطاقة انفجرت من نقطة الاصطدام، وابتلعت كل شيء ضمن مئة متر في غمضة عين. تبخّرت الجدران. تحوّل الحجر إلى غبار. الطاقة الشيطانية، التي كانت تملأ الأجواء، تمزقت كأنها ورق.
الوحوش المندفعة لم تصل إليه أبداً.
ولم يروا ما حدث حتى.
لقد اختفوا.
لم يُقتلوا.
بل مُحيوا.
لم يكن الانفجار تدميراً فحسب—بل محوا. كرة مثالية من العدم نقشت عبر القلعة، تاركة حفرة مكان الحياة.
الأرض لم تعد تهتز.
بل لم تعد موجودة.
تساقط الغبار مثل الثلج. قطع السقف المكسور انهمرت وذابت في الهواء بسبب الحرارة المتبقية. العرش، الأعمدة، اللافتات الشيطانية—كل شيء كان يُشكّل هذه القاعة... بات الآن مجرد ذكرى.
وقف أوستين في المركز، والدخان يتصاعد من كتفيه، وشعره يتمايل قليلاً بفعل التيارات المحتضرة من القوة.
ظلت عيناه باردتين.
تعبيره خالياً.
وكأن ما فعله لا يستحق حتى رد الفعل.
كان جسد أمانيتر قد ابتلعه الظلام، وهيكلها العظمي من جانبها الأيسر ظاهر، والشيطانة تترنح بجسدها المتبقي.
حدّقت في أوستين بعينين خاويتين... وجسدها يرتجف وهي تهمس، "أنت....العالم لا ينبغي أن يخشاني...أنت...أنت الوحش الحقيقي...لا تستحق الحياة..."
تدحرجت عينا أوستن وهو يقترب من الشيطانة.
كانت قدرة "حارس الروح" على وشك النفاد، لذا حرّر "الندبة" من قبضته—وقد بدأ يفتقد الشعور بها بالفعل.
واقفا أمام الشيطانة، قال لها، "جيشك مات. وأنت على وشك الموت. وكل ما حدث أمام والدك...لا أجد شيئاً أكثر إذلالاً من هذا."
لم تشعر أمانيتر بالاستفزاز... لم تعد تشعر بشيء في تلك اللحظة. بعد ما رأته، بدت كل مشاعرها وكأنها قد مُسحت.
ناظرة إليه، نطقت كلماتها الأخيرة، "تذكّر كلماتي...تلك القوة...ستكون سبباً في فقدانك لكل شيء تود حمايته...ولن يتبقى في النهاية إلا أنت...وحيداً...م—"
تشششششق
طعنها أوستين بخنجره، صامتاً الشيطانة بينما تلاشى جسدها إلى لا شيء.
كان ذلك ضعفاً منه...لأن ما كانت تقوله جعله يتخيله. لم يكن يعلم لماذا.
اقتربت منه سلنر بعد لحظات ووضعت يدها على كتفه، "هل أنت بخير؟"
أخذ أوستين نفساً عميقاً وأومأ، "نعم...لقد كان يوماً حافلاً، لكن أعتقد أن كل شيء بخير الآن."
لاحظت سلنر أنه رغم محاولته التحدث بنبرة عادية، فإن عينيه كانت تخونه.
لقد كان مضطرباً.
لكن مجدداً، القوة التي استخدمها للتو لا بد أن تترك بعض الآثار عليه.
"آمل ألا ينتهي الأمر كما حدث آخر مرة..."
لم يمض وقت طويل حتى أعادت سلنر أوستين إلى عالم البشر. وما إن وصل، حتى سمع أول خبر:
"فاليري أغمي عليها؟!"
بمجرد أن سمع كلمات السيدة ذات الشعر الأزرق عن مكان راحتها، لم يتردد أوستين لحظة وانطلق نحو المركز الطبي القريب.
استخدم الخاتم لتحديد موقعها، وكان وهج الخاتم واضحاً، مما دلّ على أنها في محنة.
اندفع عبر الممرات، مصطدماً بالناس دون أن يعتذر.
اختفى الهدوء والدقة اللذان يميزان المحارب. كل ما يمكن رؤيته الآن على وجهه هو الذعر والقلق.
لا الشيطانة ولا سيد الشياطين جعلاه بهذا القدر من التوتر مثلما فعلت حالة فاليري.
ظل قلبه يخفق حتى وصل إلى الغرفة التي قاده إليها الخاتم.
وعندما وقعت عيناه عليها...
" أخيراً، وجدتكِ. "
...علم أن كل شيء بخير.