الفصل 207 - طريق التعلّم

--------

في تلك الليلة، وصلت فاليري إلى غرفة أوستن، من دون أن تدري إلى أي حدّ من الخطر كانت على وشك أن تواجهه في المستقبل القريب.

في تلك اللحظة، لم يكن يشغل تفكيرها سوى الدراسة. نعم، لقد جاءت إلى هنا فقط من أجل الدراسة!

اتبعت الروتين المعتاد، فتسلقت الشجرة وقفزت نحو نافذته قبل أن يرحّب بها سيدها.

من دون أن تنطق بكلمة، اقتربت من الطاولة وجلست، ثم فتحت الكتب.

لا مغازلة اليوم! إنها تدرس!

كان أوستن في المطبخ، يحضّر شيئًا ليشرباه، وسألها: "ما المادة التي تواجهين فيها مشكلة؟" من الطبيعي أنه لا يستطيع تعليمها كل المواد في هذا الوقت القصير الذي لديهما.

ولهذا السبب، سيقوم بمساعدتها في أضعف مادة عندها.

"التاريخ"، أجابت فاليري من دون تفكير طويل. كانت قد أحضرت الكتب والملاحظات الخاصة بتلك المادة فقط.

من بين المواد الخمس التي عليهما دراستها، كانت مادة التاريخ الوحيدة التي لا تستطيع فاليري تحمّلها لأكثر من عشر دقائق.

القراءة عن الماضي، واللغات القديمة، والرونات، وما إلى ذلك، كلّها تجعلها تشعر بالنعاس. أحيانًا، عندما لا تتمكن من النوم، تجبر نفسها على قراءة التاريخ، وها هو النعاس يحلّ فورًا.

تتمتع فاليري بسيطرة قوية على باقي المواد، لأنها أكثر عملية وتشمل مجالات اهتمامها. مثل الصيد، والأبراج، والأسلحة.

ضحك أوستن قائلاً: "المشكلة الكبرى لدى أغلب الطلاب هي أنهم يقرؤون التاريخ كمادة دراسية. عليكِ أن تنظري إليه كقصة. التاريخ الذي نقرأه هو قصة متواصلة تبدأ من الحرب القديمة الكبرى بين سيد الشياطين والبطل كين."

تذمّرت فاليري: "لو كانوا قد دوّنوا أفعالك في ذلك الزمان، لكنت فكرت في قراءته."

هزّ أوستن رأسه بعجز، ثم جلب كوبين من القهوة السوداء إلى الطاولة.

كان لا بدّ من بعض الكافيين، فهناك إحساس داخلي لدى أوستن بأنهما قد يسهران حتى وقت متأخر.

ووضع القهوة على الطاولة، ثم جلس مقابلها وسألها: "سأعطيكِ بعض المصطلحات والتواريخ المهمة. احفظيها، فهناك احتمال كبير أن تُسأل عنها."

أومأت فاليري بجدّية وهي تمد له الملاحظات التي حضرتها.

أخذ أوستن الأوراق وسحب المحبرة نحوه، ثم التقط الريشة.

بدأ بوضع دوائر حول المواضيع التي اعتبرها ضرورية للتعلّم. كان قد قرأ أسئلة السنوات السابقة، لذا يعرف النمط الذي يتّبعونه.

في الأثناء، كانت فاليري ترتشف من القهوة، ولم تمِل الكوب إلا بالقدر الذي لا يحجب عنها رؤية رجلها الساحر.

كان أوستن قد إستحمّ للتو، لذا بدا جلده وكأنه يشعّ. وشفاهه بطبيعتها تميل إلى الاحمرار قليلاً. أما شعره الأشقر المجعد، فقد انسدل على جبينه كستار يحاول إخفاء جاذبيته.

يبدو أوستن كأحد تلك الآلهة المنحوتة التي ينسجها الناس من خيالهم. إنّه ساحر إلى درجة إلهية، حتى إنّ فاليري لا يمكن أن تملّ من النظر إليه.

" لقد إزداد إنتشاره مؤخّرًا... " كانت تلك مسوّغًا عميقًا للقلق. في السابق، لم يكن الناس يتحدثون عنه كثيرًا، لذا كانت في مأمن. لكن بعد الحفل، بدأ الناس ينظرون إليه أكثر.

وكان ذلك مقلقًا.

لحسن الحظ، لم يكن أوستن من النبلاء الذين يفضّلون التعدّد في الزوجات. ومع ذلك، لا تزال بحاجة إلى الحذر. من يدري ما إن كان والده قد قطع وعدًا في الماضي قد يجبر أوستن على اتخاذ محظيّة أو شيئًا من هذا القبيل؟

"لا، لا يمكنني السماح بحدوث ذلك... حتى لو اضطررت إلى اختطافه ومغادرة هذه الأمة..." لم يكن هناك ما هو أهمّ من مكانتها في حياته. في السابق، ربما كانت تتوق لأدنى انتباه منه، لكن بسبب ما أغدقه عليها من حبّ، ارتفعت توقّعات فاليري ومطالبها.

إنها تريد أن تكون الأولى والأخيرة.

"مرحبًا، مرحبًا. هل يمكنني التحدث مع الآنسة فاليري؟"

إستفاقت السيّدة من شرودها إذ لوّح أوستن بيده أمام وجهها.

قالت، وقد شعرت بالإحراج: " آسفة... " تضييع وقته هكذا... هذا غير جيّد يا فاليري!

تنهد أوستن وهو يهزّ رأسه — ليس غاضبًا بل محرجًا قليلًا... فأن تنظر إليك الفتاة التي تحبها بهذا الشكل أمر... مثير للحماس.

ناولها أوستن ملاحظاته وقال لها، "حاولي أن تحفظي النقاط التي وضّحتها. لقد حذفت السطور غير الضرورية ووضعت نجمة بجانب التواريخ التي يجب تذكّرها."

أومأت فاليري باجتهاد وبدأت تقرأ المقاطع التي وُضعت لها علامة.

رفع أوستن كوب قهوته وهو يراقب فتاته تدرس وحاجباها النحيلان مشدودان قليلًا.

أسند خده إلى راحة كفه وزفر تنهيدة هادئة وسأل النظام:

"أليست زوجتي رائعة؟"

[دينغ!]

[إنها تليق بك!]

بدا النظام متحمسًا.

"بالمناسبة، نظام، ما هي إحصاءاتي حاليًا؟"

[دينغ!]

[القتال: 91 من 100]

{المكافأة التالية عند 100}

[الرومانسية: 76 من 100]

{المكافأة التالية عند 80}

[التحمّل: 93 من 100]

{المكافأة التالية عند 100}

[الخداع: 37 من 50]

{المكافأة التالية عند 50}

[التقدّم العام: 80 من 100]

{المكافأة التالية عند 100}

...

تمتم أوستن... ذكّرته إحصاءاته بأنه لم يتدرّب كثيرًا مؤخرًا. وبالنظر إلى مدى إقترابه من الإختراق، فإن الإحصاءات تتقدّم ببطء أيضًا.

التحدّي الحقيقي الوحيد الذي يمكنه الوصول إليه كان الزنزانة.

" سأزورها الليلة... " ستُستأنف الصفوف غدًا، لذا لا يمكنه النوم طويلًا. لذلك سيُنهي الزعيم الرئيسي ويعود.

مرّت بضع دقائق إضافية بينما كان أوستن يراجع مكافآته السابقة ويتحادث مع النظام، وفجأة—

" هذا لا ينجح. " قالت فاليري بنبرة تحمل بعض الإحباط، " لم أستطع تذكّر شيء... هناك كمّ هائل من المعلومات. "

تمتم أوستن وهو يراها تمسك الملاحظات بإحكام — مما يدلّ على أنّها محبطة بحقّ.

" حسنًا، من الضروري أن تحفظي تلك النقاط على الأقل، وإلا قد لا تحصلي على العلامة المطلوبة للنجاح. " ذكّرها أوستن. فالمواد الخمسة الرئيسية تتطلّب 120 نقطة من أصل 200 لتصنيف الطالب كمؤهّل.

ومع ذلك، لا يبدو أن فاليري تتقدّم إطلاقًا.

"وأنا أفتقر للإهتمام بهذا... " غطّت فاليري جبينها وأسندت رأسها إلى الأسفل — مكتئبة.

فكّر أوستن للحظة... هل تحتاج لشيء يجعلها تهتم بالتاريخ؟

" حسنًا، دعينا نفعل الآتي. " أشار إلى الصفحة الأولى وقال، "إحفظي كل المصطلحات المهمّة في الصفحة الأولى خلال عشر دقائق، وسأكافئكِ. "

سماع كلمة "مكافأة" جعلها ترتجف.

نظرت إليه بعينين متّسعتين و وجدت أوستن يبتسم بمكر.

إبتلعت ريقها بشدّة وبدأت القراءة مجددًا.

وهذه المرة كانت في عينيها حماسة واضحة.

لا تزال لا تعرف نوع المكافأة التي يفكر بها... لكن التشويق الناتج عن الترقّب كان كافيًا ليحفّزها.

راقبها أوستن ببساطة وهي تلتهم السطور، تكرّر الكلمات التي حفظتها وتواصل التقدّم.

وكما توقّع، نجح طُعم المكافأة.

" إنتهيت. " مدّت الأوراق نحوه وعلى وجهها جديّة مطلقة.

وضع أوستن الملاحظات على الطاولة وسأل، "إذًا قولي لي، ما هو الفعل الأحمق؟"

أومأت فاليري وبدأت تكرّر الكلمات التي حفظتها، "حصاد الأرواح كان الفعل الأحمق الذي إقترفه البشر قبل ألف عام على أمل إستدعاء شيطان يُسقط ملك الشياطين. لقد... " توقّفت كلمات فاليري إذ رأت سيّدها يفكّ أزرار قميصه ببطء — ما جعل حلقها يجفّ، لكنها تابعت:

" ... قتلوا أعدادًا هائلة من الناس ظنًّا منهم أن ذلك سيُعجب الشيطان... "

في تلك اللحظة، كان أوستن قد فكّ الأزرار حتى منتصف القميص، كاشفًا عن صدر مشكّل بإتقان.

إبتلعت فاليري ريقها بشدّة وتحرّكت في مقعدها... ألم تكن هذه المكافأة مغرية أكثر من اللازم؟ قد تنسى إجاباتها!

"حسنًا، قولي لي الآن: ما هو ميثاق الكسوف؟" توقّف أوستن ليسأل — مما أثار خيبة أمل فاليري.

لكنها، لمواصلة التمتّع بهذا المنظر، أجابت، "ميثاق الكسوف هو أحد أقوى المواثيق التي أبرمها الشياطين تحت كسوف شمسي حيث يقوم عدّة أشخاص بالدخول في مواثيق—"

توقّفت فاليري فجأة، تستنشق نفسًا حادًّا.

كان أوستن واقفًا بالفعل، وقد رمى قميصه جانبًا. عيناها إلتصقتا بجسده — تلك العضلات المنحوتة، التجاويف العميقة الممتدة حتى خطّ الخطيئة المغري. كل عضلة تتحرّك أثناء تقدّمه نحوها، كأنّ جسده صُنع لإغوائها. لم يكن الأمر مجرّد إثارة — بل كان خطرًا متجسّدًا. جفّ حلقها. لم يكن ذلك جذعًا... بل كان فتنة منحوتة من لحم.

ولما لاحظ أنها توقّفت عن الحديث، إقترح أوستن:

"هل تريدينني أن أرتدي القميص مجددًا—"

"يقوم عدّة أشخاص بالدخول في مواثيق مع شياطين بحيث يتمكّنون من التأثير في أتباعهم بمجرد أفكارهم!" أنهت فاليري، غير راغبة في أن يختفي المشهد أمام عينيها.

ضحك أوستن وهو يرى ردّ فعلها قبل أن يقول لها، " الآن تابعي الصفحة الثانية، ويمكنكِ الإستمرار في جني مكافآتكِ. "

في تلك الليلة، أدركت فاليري أنّها قد تحبّ التاريخ أكثر من أي مادة أخرى.

2025/04/25 · 47 مشاهدة · 1235 كلمة
نادي الروايات - 2025