الفصل 222 - وداع
--------
"هل عليها حقاً أن تفعل ذلك؟" سأل رودولف والقلق واضح في صوته.
هزّ أوستن كتفيه وقال: "كان وجودها سيسهّل الأمور، ولكن إن كنت قلقاً-"
"لا، أوستن. سأبقى." قالت ريا وقد اتخذت قرارها.
بعد أن أخبرهم أوستن بمدى ضرورة وجود رامية سهام قرب العاصمة يمكنها إسقاط الوحوش التنينية، قررت ريا أن تبقى هنا—في المكان الذي هي أكثر حاجة فيه.
كان رودولف قلقاً بطبيعة الحال، فلو بقيت في مجال رؤيته، لكان بمقدوره القتال بأقصى قدراته. فحتى يكون من يحبهم في أمان، يمكن لرودولف أن يواجه العالم بأسره.
ولكن، أن يطلب منها البقاء فقط بدافع قلقه، ألن يكون ذلك تصرفاً طفولياً؟ عليه أن يثق بمهارات ريا ويؤمن بأنها قادرة على الاعتناء بنفسها.
"هل يمكنك أن تتركنا لوحدنا للحظة؟" سأل رودولف، فأومأ أوستن سريعاً وقال: "بالطبع، سأنتظركما قرب المدخل الخلفي للقصر."
ثم انطلق راكضاً، تاركاً الاثنين وحدهما.
نظر رودولف إلى رأسها الزهري بنظرة دافئة.
اقترب منها، وأطلق زفرة وقال: "أعلم أنه ليس من العدل أن أطلب منك البقاء في الصفوف الخلفية بينما أنا أهرع إلى خطوط المواجهة... لكن، مع ذلك، أرجوك حاولي أن تبقي نفسك بعيدة عن الخطر. قاتلي من مسافة، واهربي إن اضطررتِ. اعتمدي على الآخرين، ولا تترددي في استخدام الحيل الرخيصة إن تعلق الأمر بحياتك."
ووضع كفّه على خدّها، ثم أضاف: "تذكّري، لا شيء أهم من حياتك."
أمسكت يده الموضوعة على وجهها، وهمست برقة: "وينطبق عليك الأمر ذاته. عليك أن تعود إليّ لتسمع إجابتي. لذا، لا تكن متهوراً، مفهوم؟"
ابتسم رودولف وقال: "لا تقلقي... دون معرفة إجابتك، لن أموت."
.....
[قبل دقائق قليلة]
عند البوابة الخلفية، كان سيباستيان وروبرت يسيران على مهل تحت سماء ملبدة قليلاً، ويتبادلان الحديث بهدوء.
كانا مشغولين جداً في الآونة الأخيرة، خاصة روبرت، لأن الملك كان يشارك في اجتماعات منتظمة لضمان ألا تسير المملكة نحو الهلاك.
بعد الحادثة مع آيدن، حمل سيدريك العبء كله على عاتقه. ولهذا، هناك حاجة ملحّة إلى وريث نشط للعرش يشاركه هذا العبء.
لكن، حتى ذلك الحين، على سيدريك أن يتحمل كل شيء وحده.
"هل تعتقد أن سموّه سيقبل العرش يوماً؟"
"إن وصلت الأمور إلى حدها، لا أظن سيدي سيتخلى عن شعبه." أجاب سيباستيان بصوت يملؤه اليقين.
فبحسب ما يعرفه، فإن سيده الشاب رجل طيب ومسؤول للغاية. وإذا تطلب الأمر، فلن يتردد في اعتلاء العرش.
حلّ صمت مريح لوهلة، قبل أن ينظر الأصغر إلى شقيقه ويسأله: "هل ستتقاعد حقاً؟" لم تكن نبرة سؤاله فضولية فحسب، بل حملت أملاً خفياً. لكن روبرت أخفى ذلك جيداً—فهو لا يريد الضغط عليه إن لم يكن ينوي فعلاً التقاعد.
مع ذلك، "نعم، أخي. لقد قررت. السيد الشاب بحاجة إلى من يخدمه بشكل أفضل، وقد فكرت في شخص يمكنه أن يحلّ مكاني."
تنفس روبرت بعمق، وقال: "حسناً، لقد خدمت العائلة المالكة لأربعين سنة. حان الوقت لترتاح قليلاً."
استدار نحو أخيه الأكبر وتوقف، وكذلك فعل سيباستيان.
"أتمنى لك حياة تقاعد سعيدة، إذن." مدّ يده لمصافحته.
ضحك سيباستيان وقال: "لا يزال هناك بعض الوقت، لكن نعم، شكراً لك." وتصافح الاثنان.
°°°°°°°°°
[في اليوم التالي]
داخل قاعة الاجتماعات بالقصر الرئيسي في آديميرغ، كان عدد من الأفراد مجتمعين.
كانت آديميرغ في حالة تأهب قصوى—يُجري إخلاء المواطنين من العاصمة، وتعزيز الأمن، واستدعاء الجنود من مختلف المناطق.
كانت آديميرغ تسير على خيط رفيع—إن سقطت، فلن يكون هناك أي مجال للتعافي. عليهم أن يجمعوا أقصى ما لديهم للدفاع ضد الأسوأ.
في الوقت الحالي، تبدو عاصمة آديميرغ وكأنها منطقة حرب. الجنود يسيرون في الشوارع التي كان المدنيون يتجولون فيها يوماً ما. المحلات اختفت. والمنازل تُستخدم كمخازن ومستودعات عسكرية.
كل شبر في العاصمة الآن إما محروس أو تحت المراقبة.
في الشمال، تقع سلسلة جبال شاهقة—ومن غير المرجح أن تكون مدخل جيش الشياطين، لكن، لتفادي أي ثغرات، أُرسل الجنود إلى قمم الجبال وقواعدها.
"ماذا عن الغابة؟" سأل أحد الجنود القائد العام المرافق له.
أجاب القائد ذو الشعر الرمادي بجمود: "إيريندور بدأت بالفعل في إرسال قواتها إلى الغابة. سيكون من الحماقة إضاعة قواتنا هناك."
الطريق بين الساحل وآديميرغ كان طريقاً واحداً—ما لم يقرروا تغيير الطريق وسلك مسار أطول، فإنهم بالتأكيد سيسلكون الطريق الذي تم التنبؤ به.
وذاك الطريق تحديداً أصبح الآن مزروعاً بالفخاخ ومحروساً بمئات الجنود.
إذاً، يبدو أنهم مستعدون.
"أتمنى أن يهاجموا إيريندور أولاً. قد يكونون ضعفاء، لكنهم بالتأكيد قادرون على تصفية الضعفاء أولاً." ضحك الجندي بسخرية.
لم يعلّق القائد على الأمر.
تابعا خطواتهما، ثم قال الأكبر سناً للجندي: "ابقَ في الحراسة."
أدى الجندي التحية، ثم وقف باستقامة بجانب الباب.
طرق القائد الباب وقال: " أنا، غاريث. "
" ادخل. " جاء الصوت المألوف للملك من الداخل.
لم يتردد غاريث، فلفّ مقبض الباب المعدني وفتحه.
وكان على وشك تحية الملك... لكن، حبس أنفاسه في حلقه عند رؤية من بالداخل.
"أأنت القائد العام لمملكة آديميرغ؟" سأل الرجل دون أي انفعال ظاهر في صوته.
انسدلت خصلات ذهبية طويلة على كتفيه. وبرغم طوله البالغ ستة أقدام وثلاث بوصات، شعر غاريث بأنه متوارٍ في ظل هذا الشاب الطويل أمامه. أكتاف عريضة وبنية رشيقة—مثالية لمبارز.
عيناه الذهبيتان الثاقبتان كانتا مركّزتين على غاريث وكأنهما تفحصانه.
وقف القائد بلا نفس أمامه.
أحد أعمدة البشرية.
المحارب الذي يمكنه أن يخرق السماء ويجعل السماوات تهبط.
أقوى من يحمل رتبة S في الوجود.
ويليام بيغاسوس.