الفصل 226 - لمّ الشمل (1)

---------

على مدار الأيام القليلة التالية، كل ما فعلوه هو تنظيم الوحدات وإعطاؤها الأوامر لتتخذ مواقعها في سواحل مختلفة.

كان هناك ثلاث نقاط يمكن أن تدخل منها جيوش الشياطين إلى اليابسة.

إن دخلوا من الساحل الشمالي الشرقي، وهو الاحتمال الأرجح وفقًا لما نقله العرّاف، فحينها سيتّجهون نحو أدميرغ بدلًا من هينر، التي تكاد تلتصق بالساحل، أو إيريندور، التي ستكون أسهل وصولًا إن دخلوا من الوسط.

إن دخلوا من الساحل الشمالي الشرقي، فسيتوجهون نحو الغابة الواسعة، والتي يمكن أن تقودهم إلى دولتين حسب اتجاه سيرهم. فإن اتجهوا شرقًا، سيصلون إلى إيريندور، تليها أدميرغ.

أما إن دخلوا الغابة واتجهوا غربًا، فحينها سيحتاجون للسفر لمسافة طويلة ليبلغوا المملكة المسماة فالمورا.

من الطبيعي أن كل دولة في جانب البشر قد تم تحذيرها الآن وأُمرَت باتخاذ تدابير أمنية ضد الهجمات المحتملة.

مع ذلك، كان القلق الأكبر يخيم على إيريندور وأدميرغ. في الظروف العادية، ربما كانت إيريندور هي الهدف الأساسي، لكن بسبب النبوءة، باتوا يركّزون انتباههم على أدميرغ.

تم إخلاء مقرّ المجلس باستثناء الضباط الذين سيقودون الدفاع ضد قوى الشياطين. أما رؤساء المجلس فقد لجؤوا إلى أماكن بعيدة عن منطقة الحرب، لاعتقادهم أنهم الدعائم التي لا ينبغي أن تنهار حتى النهاية.

حسنًا، لم يكن أحد يستطيع معارضتهم، لأن أقوى مُحارب في العالم كان مخلصًا لهم.

...

لقد مرّ بالفعل عشرة أيام منذ أن وصل أوستن إلى أدميرغ.

كان الآن في المقرّ، ينتظر قدوم جيش الشياطين.

يرافقه شخصان مألوفان، فيما كان الباقون غرباء عليه تقريبًا.

سيباستيان لم يكن قابلًا لتلقي الأوامر، إذ أنه لا يخدم سوى سيده. ورودولف كان مطلوبًا في الخطوط الأمامية، لذا سافر مع أوستن.

إلى جانب الثلاثة، كان هناك ثلاثة من ذوي الرتب S أيضًا، وعدد من الأعضاء الرسميين في المجلس.

"خذ هذا." قال أحد أعضاء المجلس بينما كان يوزع قطعة أثرية صغيرة على شكل قطرة زرقاء.

"هذا سيساعدنا على التواصل،" وأوضح استخدام القطعة.

إنها نفس القطعة الأثرية التي استخدموها عند نقطة التفتيش، وإن كانت أصغر حجمًا بكثير.

أومأ أوستن ووضعها في جيبه.

"هل تحدثتَ مع المعلمة؟" سألت شارلوت الأمير، وعلى وجهها عبوس من القلق.

رغم أن قلة قليلة من الناس تعرف بالأمر، إلا أن سيلنر كانت الجسر الذي يربط بين العالمَين.

كانت تعلم بتحركات جيش الشياطين وموعد وصول العدو المتوقع.

دورها في هذا الأمر بالغ الأهمية.

كان أوستن على وشك أن يردّ عليها، حين قاطعهم صوتٌ مفاجئ: "متشوقةٌ جدًا أنتِ، يا شارلوت."

ارتجفت شارلوت، وانتفض كل من في الغرفة حين سمعوا صوت تلك المرأة التي لم تكن موجودة هنا قبل لحظة.

حتى ويليام، الذي يستطيع سماع أضعف الأصوات من حوله، لم يشعر بها وهي تظهر في الغرفة وتتخذ مقعدًا إلى يساره مباشرة.

انحنى لها بانحناءة مهذبة، "سعيد برؤيتك بصحة جيدة."

"كيف حالك، يا ويل؟ سمعت أنك تطوّعت للمشاركة في هذه الحرب؟"

أومأ الأشقر برأسه، " إن كان شعبي في خطر، فيجب أن أكون في الخطوط الأمامية وأقف درعًا لهم. "

زفرت سيلنر تنهيدة خفيفة وهزّت رأسها قليلًا. هذا الفتى لا يتغير أبدًا.

في البداية، كانت تظن أنه يتظاهر بالإخلاص لسلامة العامة. لكن ما إن بدأت تدريبه، أدركت من خلال التزامه وتفانيه في السعي لعالم مسالم، أنه واحد من أولئك النادرين الذين قد يتلقون السهم في صدورهم لحماية شعوبهم. أولئك الذين يؤمنون بمنح الجميع فرصة ثانية، حتى أعداءهم.

لكن، بالنسبة له، الشياطين هم أعداؤه الأبديون. لا وجود لفرصة ثانية في نظره بالنسبة لهم، وهذا كان أمرًا مطمئنًا.

"أنا فضولية بشأن شاردك، يا ويليام." قالت سيلنر وهي تميل إلى الخلف في مقعدها.

استدعى ويليام سيفه بصمت ومدّه نحو سيلنر.

ارتفعت حاجبا أوستن حين رأى النصل بين يديه.

سيف ذو نصل طويل يضيق تدريجيًا كلما اقترب من نهايته. تتوسط الحارسَة ياقوتة حمراء. مقبض رفيع ينتهي بدائرة مجوفة مستديرة.

كان يلمع بقوة، يُشع طاقة روحية كافية لتنبيه الحراس في الخارج.

مجرد وجود الشارد، الذي كان أيضًا واحدًا من أدوات الدمار، جعل أوستن يشعر بالفارق بين هذا الرجل والباقين.

تمتمت سيلنر: "لقد كنت تعمل بجد... بخلاف ذلك الأحمق المقاتل الذي لا يفعل شيئًا سوى التسكع طوال اليوم."

ضحك ويليام على ذلك، وابتسمت ثيا.

لم يكن أوستن متأكدًا عمّن كانت تتحدث، لكن بما أن بقية ذوي الرتب S يعرفونه، فلا شك أنه أحدهم.

نهضت شارلوت بسرعة من مقعدها وطرحت سؤالًا: "معلمتي، كم من الوقت بقي قبل أن يصلوا؟"

سادت الغرفة لحظة من الصمت الثقيل. اختفت الابتسامة من وجه ويليام حين أصبح هو الآخر جديًا.

كانوا يتوقعون مواجهة عدوهم غدًا، لكن لم يكن هناك يقين كامل.

وسط هذا الصمت المتزايد، قطعت سيلنر الخبر: "لقد غادروا الساحل وهم في طريقهم إلينا الآن. سيصلون خلال عشر ساعات على الأكثر."

"...!!" صُدم الجميع من قصر الوقت المتبقي. كانوا يظنون أن أمامهم يومًا آخر، لكن...!

"علينا أن نُخطر جميع المحطات ونُعزز أمن الخطوط الأمامية فورًا!" انطلق ويليام من الغرفة، وتبعه الآخرون. كان لكل منهم موقعه وأشخاصه الذين يجب عليه تنبيههم.

"لنذهب،" قال رودولف، فأومأ أوستن.

نهض الرجال الثلاثة وهم على وشك المغادرة، حين فجأة،

"أوستن. نحتاج إلى الحديث." رنّ صوت سيلنر فتوقّف أوستن فجأة.

أومأ للاثنين الآخرين وأخبرهما دون كلام أن يُتابعا.

"سأكون بانتظارك في الخارج، يا سيدي الشاب،" قال سيباستيان قبل أن يخرج الاثنان من الغرفة.

2025/05/10 · 44 مشاهدة · 799 كلمة
نادي الروايات - 2025