الفصل 245 - شاهِد
----------
كان محور الاجتماع هو التأمل في الأحداث التي وقعت قبل بضعة أيام فقط.
كل من في القاعة كان قد شهد أو سمع عن الفوضى — الكارثة التي ضربت دون سابق إنذار. ومع ذلك، وبفضل شجاعة المحاربين الشجعان — سواء الحاضرين هنا، أو الذين تعذّر عليهم الحضور، أو الذين ضحّوا بحياتهم — تمّت السيطرة على الكارثة.
لقد ضمّنوا، بجهودهم المشتركة، ألّا يُصاب أيّ مدني بأذى.
قاتلوا بكلّ ما لديهم، معرضين حياتهم للخطر. ومن خلال شجاعتهم، أثبتوا أنه حتى عندما يتفوّق العدو عدداً، لا يزال في مقدور البشرية أن تصمد، وتحمي شعبها، وتدحر العدو.
قال "إسحاق"، وقد امتلأ صوته بالرهبة والإعجاب العميق بالحاضرين: "لا يمكنني أن أكون أكثر فخراً وأنا أشارك هذه القاعة مع المحاربين الذين وقفوا بين البشرية ونهايتها المحتملة."
ظلّت القاعة صامتة، يخيّم فيها ثقل كلماته.
ثم تابع المنسق حديثه من حيث توقّف: "رغم أننا تكبّدنا عدّة خسائر... أرجوكم، لا تتحمّلوا هذا العبء وحدكم. لقد تجاوز كلّ واحدٍ منكم ما كنا نتوقعه منكم—"
"إيه، لكنني لم أقاتل"، قاطعت "أوليفيا" بهدوء، لكن بوضوح، مما جذب أنظار الجميع إليها على الفور.
كانت متمركزة بالقرب من رؤساء المجلس، تحرس أحد المخابئ الحيوية.
رمش إسحاق متفاجئاً للحظة، لكنه تدارك الأمر بسرعة: "الآنسة أوليفيا أيضاً أظهرت إخلاصاً لا يتزعزع بحمايتها لأعمدة الدفاع. لقد أدّت دورها ببراعة"، أضاف بسلاسة، متأكداً من أن الجوّ لا يتحوّل إلى حرج.
ثم حوّل نظره إلى المحاربين المجتمعين، وسأل: "قبل أن ننتقل إلى الخطط التي أعددناها للمرحلة المقبلة—هل لدى أحدكم أيّ سؤال أو أمر يرغب في قوله؟"
جاء السؤال من أعلى سلطة في "هينر".
"هل لي أن أسأل... من الذي أباد قائد القوات الشيطانية؟ لقد سمعتُ بعض الشائعات، لكن سماع الأمر مباشرة من المجلس سيُزيل اللبس."
أثارت كلماته القاعة. فقد سمع الجميع الهمسات نفسها — قصصاً تكاد تكون لا تُصدّق.
ولهذا، فقد توجّهت كلّ الأنظار نحو المجلس، تنتظر سماع الحقيقة.
تردّد إسحاق، وبدت في ملامحه لمحة من القلق وهو يرمق رؤساء المجلس مراراً، غير متأكد إن كان عليه أن يتكلم.
ولحسن الحظ، لم يكن عليه ذلك.
"لقد كان أمير إيرندور"، جاء الصوت هادئاً لكنه قوي.
استدار الجميع نحو "نيلسون"، أحد رؤساء المجلس، الذي واصل قائلاً: "أوستن إيرندور لم يكتفِ بقتل ملك الطفيليات، بل أباد أيضاً القوات الشيطانية التي كانت تزحف نحو إيرندور."
ساد الصمت في القاعة. كلمات "نيلسون" أسكتت كلّ الأفكار.
فأن تسمع قصصاً جامحة من همسات أو حتى من مصادر موثوقة، شيء... وأن تسمع الأمر مؤكداً من رئيس مجلس، معروف بأنه يملك أعيناً في كل مكان، شيء آخر تماماً.
لقد أسقط أوستن إيرندور فعلاً الجنرال الشيطاني.
تبع إعلان "نيلسون" لحظة من الصمت—ثم جاء سؤال حادّ.
"هل هناك دليل؟" سأل صوت صارم.
كان الصوت لـ"ليام إيلاريث"، الحاكم الأعلى لأغنى دولة، "إيلاريث". كان صوته ثابتاً، ونظرته لا تتزعزع.
ضيّقت "فاليري" عينيها عليه، وقد بدا عليها الاستياء بوضوح، بينما تبادل بعض الحكّام الآخرين النظرات، حتى أن البعض بدا عليه الإعجاب بجرأة "ليام".
أما "أوستن" و"سيدريك"، فقد كانا يحملان التعبير ذاته—لامبالاة هادئة.
كانا يتوقعان هذا. فقبل أن يدخلا هذه القاعة، كانا يعلمان أنه سيكون هناك مشكّكون. أولئك الذين لا يصدقون إلا ما يناسب تصوراتهم الضيقة.
لم يبدُ على "نيلسون" انفعالٌ شديد، لكنه بدا غير راضٍ.
"ولماذا تعتقد أن لديّ سبباً يدفعني للكذب هنا؟" ردّ بصوت هادئ ومتّزن.
[المترجم: ساورون/sauron]
لا يهمّ من هو الحاكم الجالس أمامهم. فرؤساء المجلس يعرفون سلطتهم، ولهم الحقّ في إظهار انزعاجهم علناً عند التشكيك فيهم.
لم يتراجع "ليام" حين أجاب مجدداً، بصوت هادئ لكن قاطع:
"كلنا نعرف قدرات الأمير. وأن نصدق أنه ذبح بمفرده كائناً بالكاد استطاع مقاتلو الرتبة-S التصدي له... وليس هذا فحسب، بل صدّ مئات الشياطين أيضاً؟ سيكون من الحمق تصديق مثل هذه الادعاءات دون تساؤل."
كانت كلماته ثقيلة. فرغم أن الأمير أثبت نفسه أثناء الهجوم الشيطاني في البطولة، فإن ما يُقال الآن شيءٌ مختلف تماماً—يتجاوز كل ما كان متوقعاً.
أطلق "أوستن" تنهيدةً خافتة، وأمسك بلُطف بيد حبيبته، متمنياً بصمت أن لا تفقد أعصابها.
لكن الصوت التالي لم يكن "نيلسون". ولا صوت المنسّق.
بل كان صوت المحارب المصنّف أولاً.
"بدا الأمر مستحيلاً... حتى بالنسبة لي"، قال "ويليام"، وقد خفض نظره نحو الطاولة، ونبرة صوته منخفضة ومتأمّلة، كمن يعيد شريط ذكرى حيّة.
"لقد رأيته يقاتل من قبل. وقتها، لم أعتقد أنه سيكون نافعاً أمام شياطين من الرتب العالية."
ثم توقف، وأكمل بصوت مشدود بالعاطفة:
"لكن العيون نفسها التي رأته يصارع بالكاد حفنة من الشياطين... هي نفسها التي رأته يشق طريقه بين المئات منهم كأنهم لا شيء. العيون نفسها التي رأته يرتجف أمام ملك الطفيليات... شهدت اللحظة التي شطر فيها أوستن ذلك الوحش نصفين."
وأخيراً، رفع "ويليام" نظره، وحدّق في "ليام".
"سواء صدّقتني أم لا، فهذا خيارك، سيدي ليام. لكن هناك أمرٌ واحد لا يمكن إنكاره—لو لم يكن أوستن هناك، لما كنتُ جالساً هنا. ولا شارلوت. ولا الكثيرون في هذه الغرفة."
سقطت كلماته كصخرة في بحيرة ساكنة. انتشرت تموّجاتها، وبدأت العقول تدور.
كلمات المحارب الذي كان حاضراً على أرض المعركة، والذي لا نفع له من مديح زائف لأوستن... لم يكن بوسع الآخرين تجاهلها.
أدرك المنسق أن الوقت قد حان ليقول شيئاً، فقال: "السير أوستن قد قدّم بالفعل تقريراً عن يقظته المزدوجة. لم يُسجّل شظيته، لكن هناك دليل على أن المهارة التي استخدمها لإبادة الجيش، لا يمكن لأحد سواه أن يؤديها."
كانت تلك نصف كذبة. فقد أبلغ عن يقظته الثانية، لكن لم يذكر شيئاً عن قدرة شظيته.
على ما يبدو، كان المنسق يُبدي بعض اللطف.