كانت غرفة الخيمياء بأكملها تعبق برائحة آسرة، عطر فريد يبعث النشاط في كل من يستنشقه.
تعلقت أبصار الثلاثة رجال بحبتين متألقتين، تفوح منهما رائحة غريبة -وهم حبوب الاختراق.
هز السيد يين داويان علبة اليشم برفق، فتدحرجت حبوب الاختراق داخلها. بدا اللون الأحمر القاني وكأنه حمم بركانية تتدفق، يوحي بأنها على وشك أن تنبض بالحياة.
حقًا، كانت مشاهده هذه المعجزات نادرة في حياة المرء.
تمتم الشيخ ليان شان بعيون متسعة بذهول: "حبة الاختراق، إنها حقًا حبة الاختراق! لقد صنعناها أخيرًا."
أومأ السيد يين داويان برأسه، مرتسمةً على وجهه نظرة رضا وفخر.
يمكن القول إن حبوب الاختراق كانت شغله الشاغل طوال حياته، وبعد أن قام بصقلها بنفسه، لم يكن حماسه أقل من حماس الشيخ ليان شان.
كان تشونغ لين بدوره غارقًا في الفضول بشأن حبوب الاختراق، ولكن بما أن زراعته قد تجاوزت بالفعل عالم الفطرة، فقد كانت الحبوب غير مجدية بالنسبة له، ولم يكن متحمسًا مثل الاثنين الآخرين.
أدار رأسه لينظر إلى البقايا المتخلفة في فرن، والتي لا تزال تحتفظ بقوة علاجية كبيرة. ففكر مليًا، ثم قال: "معلمي، أود أن أرى ما إذا كان بإمكاني استخدام هذه البقايا لتكرير إكسير آخر."
"استخدام البقايا لتكرير إكسير؟ أي نوع من الإكسير تنوي صنعه؟" سأل يين داويان.
أشار تشونغ لين إلى فرن وقال: "لا تزال هناك بعض القوة العلاجية المتبقية من ثمرة الجوهر السماوي في هذه البقايا. ثمرة الجوهر السماوي نفسها لها تأثيرات معززة لطول العمر، وأعتزم تطوير حبوب إطالة العمر."
حبوب إطالة العمر، إكسير من الدرجة الرابعة، وكما يوحي الاسم، له تأثير زيادة العمر، وتمديده من خمس إلى ثلاثين عامًا اعتمادًا على فعالية الإكسير.
عبس الشيخ ليان شان بجانبه قائلًا: "لقد استنفدت القوة الطبية لفاكهة الجوهر السماوي تقريبًا. هل أنت متأكد من أنه لا يزال من الممكن استخدام هذه البقايا؟"
"حيث توجد إرادة، توجد طريقة!"
"كما تشاء."
أومأ تشونغ لين برأسه، وتقدم نحو فرن ملك الطب، وقام بتشغيل مفتاح النار الأرضية القريب مباشرة.
كانت هناك نار أرضية مشتعلة تحت فرن ملك الطب، ولم يكن من الضروري دائمًا للشيخ ليان شان تفعيلها بطاقته الداخلية. ومع ذلك، كانت حبة الاختراق ذات أهمية قصوى، لذلك استخدم الشيخ ليان شان أنفاسه الداخلية ذات سمة النار الخاصة، بدلًا من نار الأرض.
تأججت النيران، وباستخدام تقنيات ماهرة، بدأ تشونغ لين في التكرير من خلال سلسلة من الحركات الرشيقة التي تركت المتفرجين في ذهول.
الشيخ ليان شان، الواقف بجانبه، لم يسعه إلا أن يعجب: "نائب رئيس الطائفة عبقري حقًا! ليس فقط إتقانه للفنون القتالية عميقًا، بل حتى تقنية الخيمياء لديه مذهلة. أشعر أنني أشيخ."
ابتسم السيد الكبير يين داويان بزهو، وهو يربت على لحيته، متباهيًا: "بالطبع، يجب أن ترى هذا فانا معلمه في النهايه ."
"ههه! أنت تبالغ في غرورك. لقد حالفك الحظ، إذ التقيت بعبقريّ مثل نائب رئيس الطائفة في مكان صغير كمقاطعة الجبل الأسود. يا لها من ضربة حظّ!"
"حتى لو كان مجرد حظ، فهو يبقى تلميذي. ماذا، أنت غير مقتنع؟"
"أنا كذلك."
حدق الشيخ ليان شان في يين داويان بنظرة ودودة.
بغض النظر عن أي شيء آخر، فإن الحظ وحده جعل الشيخ ليان شان مقتنعًا تمامًا. من كان ليصدق أن طائر الفينيق الذهبي هذا يمكن أن ينهض من مقاطعة الجبل الأسود الغامضة؟ إنه أمرٌ يتحدى العقل.
شخص في المستوي الفطري يبلغ من العمر ثمانية عشر عامًا، وكيميائي من الدرجة الرابعة يبلغ من العمر ثمانية عشر عامًا، سيكون وجودًا صادمًا في أي مكان، والآن أصبح كل شيء مركّزًا في شخص واحد، مما يجعل الفرق بين الناس يبدو أكبر من الفرق بين البشر والكلاب.
بعد ساعتين، وعندما رُفع غطاء الفرن، انطلق إكسير أخضر، ورُسمت ابتسامة على وجه تشونغ لين.
التقط حبة إطالة العمر في الهواء، فسقطت في يده. وبعد أن فحصها بدقة، قال بنبرة ندم: "للأسف، خصائصها العلاجية غير كافية، ولن تطيل العمر أكثر من عشر سنوات."
كانت حبوب إطالة العمر هذه خضراء، ولكن عند الملاحظة الدقيقة، بدت باهتة، مما يدل بوضوح على افتقارها إلى القوة الطبية الكافية، وفشلها في مطابقة الجودة العالية للحبوب السابقة.
"تشونغ لين، لا تبالغ في انتقادك. لقد استُنفدت تقريبًا القوة العلاجية لفاكهة الجوهر السماوي في صناعة حبة الاختراق. إن استخدامك للقوة المتبقية لصنع حبة إطالة العمر التي تُطيل العمر لعشر سنوات أمرٌ مذهل بالفعل."
ربت السيد الكبير ين داويان على كتف تشونغ لين، مشيدًا به دون تحفظ. كان صنع إكسير يُطيل العمر من بقايا النفايات أمرًا يفوق قدرته.
نظر الشيخ ليان شان إلى تشونغ لين كما لو كان وحشًا، وهو يتمتم بشيء ما لنفسه.
ابتسم تشونغ لين بلطف، ووضع حبوب إطالة العمر في جيبه. ثم مدّ يده وأخذ أحد صناديق اليشم التي تحتوي على حبوب الاختراق من يد الشيخ ليان شان، ووضعها في جيبه.
لقد فوجئ الشيخ ليان شان، ونظر إلى تشونغ لين في حيرة.
ابتسم تشونغ لين وقال: "لقد وعد سيد الطائفة أنه إذا تم صنع حبتين من حبوب الاختراق، فإن واحدة منهما ستكون لي."
فتح الشيخ ليان شان فمه كما لو كان يريد أن يقول شيئًا، لكنه لم يعرف من أين يبدأ.
لقد قال سيد الطائفة ذلك بالفعل، ولكن ذلك كان قبل أن يخترق تشونغ لين عالم الفطرة. الآن وقد فعل، لم تعد حبوب الاختراق مفيدة، ولكن مع ذلك، كان الإكسير ملكًا لتشونغ لين.
لم يجرؤ الشيخ ليان شان على قول المزيد وألقى نظرة على يين داويان.
كما صمت يين داويان للحظة، دون أن يحاول إيقافه، مما يدل على موافقته الضمنية.
في قمة رياح النار، وسط نسيمات الجبل اللطيفة، كان العالم صامتًا.
كان سيد الطائفة يو جينجلي والشيوخ الثلاثة الكبار يقفون هناك مثل التماثيل الحجرية، منتظرين بصمت في الخارج.
ونظرًا لقوتهم ومكانتهم، فقد كان بإمكانهم الانتظار بشكل مريح في القاعة الداخلية حيث سيكونون من أوائل من يعرفون نتائج الخيمياء.
لكن في النهاية، وصلوا جميعًا إلى القمة للانتظار شخصيًا؛ بالطبع، أحد الأسباب هو العمل كحماة لـ يين داويان والشيخ ليان شان، والتأكد من عدم إزعاج أي شخص لعملية الخيمياء.
في الأصل، كان من المفترض أن تنتهي الخيمياء في يوم واحد، لكن لم تكن هناك أي أخبار من الكهف، مما تسبب في زيادة القلق بين الأربعة.
على الرغم من أن سيد الطائفة يو جينجلي كان بالفعل شخصًا قويًا في عالم الفطرة، إلا أنه لم يستطع تجنب القلق عندما يتعلق الأمر بالأمور التي تؤثر على مستقبل الطائفة.
في النهاية، لم يسبق لأيٍّ من ين داويان والشيخ ليان شان ابتكار حبة الاختراق. كانت مجرد نظرية، وهذا كان أكبر مخاوفهما.
ماذا لو فشلوا؟
ماذا لو لم ينجحوا؟
ماذا لو حدث موقف غير متوقع؟
فجأة، ارتجفت حواجب يو جينجلي، وانفتحت عيناه المغلقتان بإحكام.
وبعد قليل، شعر الشيوخ الثلاثة الكبار بجانبه أيضًا بصوت بوابة الحجر التي تُفتح في غرفة الخيمياء.
تبادلوا النظرات، وشعروا جميعا بارتفاع قلوبهم.
وأخيرًا، فتحت البوابة الخارجية للكهف ببطء تحت نظراتهم المنتظرة.
وعندما فتحت البوابة الحجرية، تحولت أعينهم على الفور إلى وجه يين داويان خلف الباب.
في هذه المرحلة، لم يكونوا بحاجة إلى السؤال؛ نظرة واحدة على تعبير وجه يين داويان ستكشف النتيجة.
في هذه اللحظة، أظهر يين داويان ويو جينجلي تعبًا عميقًا على وجوههم، ومع ذلك كانت عيونهم تتألق، بهالة لا توصف من الفخر تزين حواجبهم.
عند رؤية تعابيرهم، شعر يو جينجلي والشيوخ الثلاثة على الفور بثقل كبير تم رفعه من قلوبهم.
(تم تعديل الفصل)