"أخي الثاني، لقد عدت! لقد أعددت الحساء، وكنت بانتظارك لتأكله."
تقدّم تشونغ شي بحماس لاستقباله، وأخذ من يد تشونغ لين القلم والحبر والورق وحجر الحبر، إضافةً إلى قطعة لحم رأس الخنزير الملفوفة بالورق.
قال تشونغ لين وهو يخلع معطفه:
"انزلقتُ في الطريق، سأبدّل ملابسي أولاً. ضع هذه الأشياء في غرفة الدراسة، ثم أحضر طبقًا لتقديم لحم رأس الخنزير."
"تمام!"
ركض تشونغ شي بأرجله القصيرة الصغيرة ذهابًا وإيابًا بجدية وحيوية.
عاد تشونغ لين إلى غرفته، ارتدى ملابس رمادية قصيرة، وغسل وجهه بالماء النظيف. لم تختفَ بعدُ بصمة اليد الحمراء على خده، وكان الألم يوقظ غضبه من جديد.
تمتم بغضب:
"كل ما أريده هو أن أعيش حياة هادئة وحرة… لكن بما أنكم لا تريدون أن أعيش بسلام ، اذا فسأقتلكم أولاً."
امتلأ وجهه بنيّة قاتلة باردة.
"القتل؟ ليس شيئًا جديدًا عليّ… في المرة الأولى شعرت بالقلق، لكن بعد أن تكرر الأمر أكثر من مرة، أصبح القلب لا يعبأ. أحيانًا يكون القتل أسهل من الصيد في الجبال. فالصيد يحتاج أن تجد الفريسة وتمنعها من الهرب، بينما القتل لا يحتاج سوى سكين."
بعد أن وضع عيدان الطعام جانبًا، خرج لينظر إلى السماء.
كان النهار كملبّدًا بالغيوم، والآن، في الليل، لم تظهر نجمة واحدة. الهواء البارد كان ينذر بمطر خريفي وشيك.
ابتسم بسخرية:
"ليلة مظلمة وعاصفة… طقس مناسب بالفعل."
ثم التفت إلى أخيه قائلاً:
"تشونغ شي، سأخرج لأعالج بعض الأمور. أغلق الباب جيدًا، ولا تفتحه لأي أحد غيري."
نظر تشونغ شي إلى القوس والسهام في يد أخيه، ثم إلى الحزام الجلدي حول خصره. وبذكائه، أدرك بعض الأمور، فأومأ برأسه بشدة:
"أخي الثاني… كن حذرًا."
ابتسم تشونغ لين بلطف، فربّت على رأس أخيه الصغير، ثم غادر ليتلاشى في ظلام الليل.
---
في أحد المساكن، كان تشين يونغ وشينغ سان يجلسان تحت ضوء مصباح زيت، يشربان النبيذ ويلعبان ألعاب الشرب.
أمامهما طبق من البيض المخفوق، وعاء كبير من العظام المطبوخة، وطبق من الفول السوداني. رائحة الخمر ملأت الغرفة بأكملها.
قال تشين يونغ وهو يرفع كأسه بوقاحة:
"لم أتوقع أن تطير دجاجة تبيض ذهبًا إلى شارع يخضع لمراقبتي. هذا لطف من السماء، رائع حقًا!"
ضحك شينغ سان، ممتلئ الوجه والدهون تتراقص على خديه:
"ومن قال غير ذلك؟! في ظهيرة واحدة فقط، ربح ذلك الطفل ثمانية عشر تايلًا من الفضة! كيف يكون مجرد دجاجة ذهب؟ إنه شجرة مال حقيقية! لكن يا أخي… نحن نطالبه بعشرين تايلًا يوميًا. ألا ترى أن هذا قليل؟"
قهقه تشين يونغ:
"قليل؟ إطلاقًا. الطفل يربح ثمانية عشر تايلًا في نصف يوم فقط. نحن نأخذ عشرين يوميًا، ليس كثيرًا ولا قليلًا. لو طلبنا أكثر قد يهرب، وحينها نخسر كل شيء."
ضرب شينغ سان الطاولة غاضبًا:
"لو تجرأ على الهرب، سأكسر ساقيه وأحبسه ليرسم ليلًا ونهارًا، ونبيع لوحاته!"
حدّق فيه تشين يونغ ببرود، وعيناه مليئتان بالدهاء:
"كف عن الغباء. نحن لا نستطيع حراسة شجرة المال هذه للأبد. ذلك الطفل موهوب جدًا، لوحاته ستجذب أنظار النبلاء عاجلًا أم آجلًا. حينها سيصبح ضيفهم المكرّم أو طائرهم في قفص. ما يجب علينا فعله هو استغلاله بسرعة قبل أن يخطفه أحدهم."
تردّد شينغ سان، وارتشف كأسه ببطء. كان قلبه يغلي أمام فكرة أن عشرين تايلًا يوميًا تساوي دخل سنة كاملة. كيف يستطيع أن يفرّط في ذلك بسهولة؟
ابتسم تشين يونغ بخبث وأضاف:
"يا شينغ سان، اسمع جيدًا… سبب بقائي حيًا في عصابة المياه السوداء حتى أصبحت قائدًا هو أنني لا أطمع أكثر مما يجب. من انضمّوا معي إما قُتلوا أو أصيبوا بالشلل. أنا الوحيد الذي بقي، لأني أعرف متى أتوقف. إن بالغنا، سننتهي غارقين في قاع البحر."
أجاب شينغ سان بصوت خافت:
"مفهوم…"
ثم صرخ تشين يونغ باتجاه المطبخ:
"هل انتهيتِ من السمك؟ لو تأخرتِ أكثر سأموت جوعًا!"
خرج صوت امرأة من المطبخ:
"قادم… قادم!"
بعد لحظات، ظهرت امرأة ترتدي قميصًا أحمر وتنورة زرقاء، تحمل صينية عليها سمكة قاروص مطهوة على البخار. كانت في السادسة والعشرين تقريبًا، ذات ذقن حاد وخدين نحيلين وعينين لوزيتين تشعان أنوثة. لم تكن فاتنة، لكنها بالتأكيد تفوق الكثير من النساء جمالًا.
وضعت الصينية على الطاولة بحدة وقالت ببرود:
"كل ما على المائدة انتهى. لولا أنك جلبت كل هذا الفضة اليوم، لما خدمتكم."
ثم لوت خصرها وغادرت إلى غرفة النوم، تاركةً تشين يونغ يغلي من الغضب.
"تلك المرأة…" زمجر وضرب الطاولة بيده.
حاول شينغ سان تهدئته وهو يراقب بعيون ملتهبة خصر المرأة وهي تختفي:
"أخي الكبير، لا تهتم… تعال لنشرب."
شخر تشين يونغ باحتقار، شرب كأسه ولعن:
"انتظري فقط، سأجعلك تركعين وتتوسلين لاحقًا!"
ردّ صوتها من الداخل بخبث:
"إن استطعت أن تتحمل كوب شاي سأخدمك راكعة طول اليوم. لكن شينغ سان أفضل منك أصلًا!"
اشتعلت نيران تشين يونغ واندفع نحو الغرفة، وسرعان ما امتلأ المكان بصراخ المرأة وصوته الغاضب لقد كانو يتشاجرون هكذا طوال الوقت.
جلس شينغ سان في الخارج، يزداد توترًا واشتعالًا، فصرخ:
"أخي الأكبر، سأخرج لأتبول!"
ردّ صوت تشين يونغ من الداخل بانزعاج وغضب:
"اذهب بعيدًا!"