كانت هناك حكومة تُشرف على المدينة، لكن الكثير من الأشياء المحظورة أو غير المشروعة لا تجد طريقها إلى الأسواق العلنية، ولهذا ظهرت السوق السوداء.

في هذه السوق يمكن شراء أشياء لا تراها في الحياة اليومية، بما في ذلك بضائع محرمة.

رسوم الدخول كانت: "عملة نحاسية كبيرة. ويُمنع القتال في الداخل، والمخالف يتحمل العواقب بنفسه."

عند المدخل وقف رجل ضخم ذو لحية كاملة، يرمق تشونغ لين ببرود، وبجواره سلة مليئة بالعملات النحاسية.

أومأ تشونغ لين بعدما تذكّر ما أخبره به العجوز تشو، ثم أخرج عملة وألقاها في السلة ودخل.

كانت السوق مزدحمة بالناس، معظمهم يُخفون وجوههم بقطع قماش سوداء أو أقنعة، والقليل فقط تجرأوا على دخولها بوجوه عارية.

في الداخل، لم يكن الباعة ينادون على بضائعهم مثل الأسواق العادية، بل يجلسون بهدوء على جوانب الممرات وقد نصبوا أكشاكًا صغيرة.

كل عدة أمتار، أُشعلت مشاعل بمواد غريبة تُصدر ضوءًا باهتًا وغامضًا، فتجعل المكان كله كئيبًا. ولرؤية البضائع كان على المشتري الاقتراب والتفحّص بعناية.

تحرك تشونغ لين ببطء يتفقد كل كشك، وأدرك أن سبب وجود السوق السوداء هو أن ما يُباع هنا لا يمكن أن يظهر في العلن أبدًا.

في أحد الأكشاك، وُضعت أنواع مختلفة من الأدوية والسموم، بينها سمّ أفعى الكريت السامة الذي رآه من قبل.

أي عيادة في المقاطعة تجرؤ على بيع مثل هذه الأشياء؟! لكن هنا كانت معروضة بلا مبالاة.

في أكشاك أخرى، عُرضت أسلحة: سكاكين، سيوف، خناجر، بل وحتى قوس ونشاب.

لو ظهر مثل هذا السلاح في السوق العلني، لمصادره مكتب الحكومة فورًا.

فالقوس والنشاب خطر لأنه لا يتطلب تدريبًا كالأسهم والأقواس، ويمكن حتى لطفل استخدامه، كما يسهل إخفاؤه.

وبينما يسير، اعترضه رجل طويل نحيل، أخرج كتيبًا وهمس:

ــ "أخي، هل تريد دليلًا سريًا لفنون القتال؟"

شخر تشونغ لين باحتقار، واستدار ومضى دون أن يرد.

لقد حذره العجوز تشو مسبقًا من شراء مثل هذه الكتيبات، فجميعها مزيفة.

في هذا العصر، حتى الحرف البسيطة مثل النجارة والحدادة والتوفو لم يكن من السهل نقلها، بل كانت تُورث غالبًا من الأب للابن فقط، ولا يتعلمها الغرباء إلا بعد سنوات من الاختبار وربما الخداع.

فكيف بكتب فنون القتال؟! معظمها مشفّر بالاستعارات أو ناقص الصفحات المهمة التي تُنقل شفهيًا فقط.

وقد تؤدي الأخطاء إلى إصابات خطيرة أو الموت.

لهذا أسرع تشونغ لين في خطواته، بينما الرجل المحتال يهز رأسه بحسرة باحثًا عن ضحية أخرى.

واصل تشونغ لين التعمق في السوق، ورأى بضائع شتى: حيوانات برية، عظام نمور، أدوات مسروقة من القبور حديثًا ما زالت عليها آثار التراب والرطوبة.

نبش القبور كان جريمة كبرى يُقتل فاعلها ضربًا لو قُبض عليه.

الأبشع أنه رأى أيضًا تجارة بالبشر؛ في أحد الأكشاك جلست عجوز تخفي وجهها، وبجوارها خمسة أطفال فاقدي الوعي، ثلاثة أولاد وبنتان، جميعهم بملابس أنيقة تدل على أنهم من عائلات محترمة قبل اختطافهم.

اشتعلت في عيني تشونغ لين نية قتل واضحة، لكن قواعد السوق وقوته الحالية لم تسمح له بالتدخل.

وأخيرًا، وصل إلى كشك صاحبه يضع قناعًا على شكل شبح. أمامه صف من زجاجات خزفية صغيرة ملصق على كل واحدة منها ورقة حمراء مكتوب عليها:

ــ حبوب التجميل

ــ حبوب إزالة السموم

ــ حبوب الدم

ــ حبوب عظام الجذر

ــ حبوب تقوية العظام

ارتجف نفس تشونغ لين من الحماس؛ فهذا ما جاء من أجله اليوم.

بعد أن أتقن بعض الفنون القتالية، صار حساء بناء الدم المكوّن من ثمانية كنوز ضعيف المفعول، ولذلك بحث عن شيء أقوى.

علم من الطبيب أن هناك شيئًا يُدعى الإكسير: مزيج عشبي يُنقّى بتقنيات خاصة ويُكثّف جوهره في حبة دواء.

على عكس الإكسير المعدني الخيالي في حياته السابقة، فهنا هو علاج حقيقي يعين المقاتلين على التقدم في زراعتهم.

لكن مقاطعة مثل بلاك ماونتن لم يكن فيها هذه الأدوية، فهي نادرة ولا تُباع إلا في المدن الكبرى أو خلسةً في السوق السوداء.

انحنى تشونغ لين مشيرًا إلى زجاجة تحمل ملصق "حبة الدم"، وسأل:

ــ "كم ثمن هذه؟"

أجابه الرجل بصوت أجش متغيّر:

ــ "عشرة فضة."

رفع تشونغ لين حاجبيه وقال:

ــ "زجاجة كاملة؟"

هز البائع رأسه:

ــ "حبة واحدة فقط."

تجمدت أسنان تشونغ لين من الغيظ؛ اللعنة! هذا باهظ جدًا.

فثمن حساء بناء الدم كان ثلاثة فضة فقط ويكفي لثلاثة أيام، أما هنا فحبة واحدة بعشرة فضة ولا يعرف حتى فعاليتها.

سأل بعد ذلك عن حبوب تقوية العظام.

ــ "ثلاثون فضة."

ــ "زجاجة؟"

نظر إليه البائع باستهزاء وقال:

ــ "ماذا تظن؟"

2025/08/21 · 346 مشاهدة · 668 كلمة
نادي الروايات - 2025