"تفو! حفنة متسولين."
بصق تشونغ لين على الجثث الثلاث الملقاة أرضًا. لم يجد عليهم سوى أونصتين من الفضة لا غير، أما أغلى ما حصل عليه فكان شفرة "رأس الشبح" بيد الرجل ذي العيون المثلثة، والتي قد تساوي نحو خمس أونصات فضة عند بيعها.
حرّكها بين يديه مرتين، وشعر بأنها عملية للغاية.
"كنت أفكر في الذهاب إلى الحداد لصنع سيف، لكن بهذا وفرت على نفسي العناء."
كان راضيًا تمامًا؛ فالأسلحة باهظة الثمن، وهذا السيف أنقذه من إنفاق بضع أونصات ثمينة.
أما الجثث الثلاث فلم يُلقِ لها بالًا، فبعد قليل ستلتهمها الوحوش البرية وتعود إلى التراب، والحكومة لا تهتم بمثل هذه الأمور.
استغل تشونغ لين ظلام الليل فعاد مسرعًا إلى المدينة، يسلك طرقًا ملتوية بمهارة حتى يتجنب الملاحقة، وفي النهاية دخل إلى زقاق "المياه العذبة" عبر مسار صغير.
لم يطرق الباب، بل ركض قليلاً وقفز بخفة فوق السور.
"الأخ الثاني!"
ما إن فتح الباب حتى سمع صوت ليتل ستون ينهض من سريره، وعيناه تتألقان في الغرفة المظلمة.
توقف تشونغ لين عن الحركة وقال:
"ما زلت مستيقظًا؟"
أجابه الصغير ببراءة:
"كنتُ أنتظر عودتك يا أخي الثاني. لا أستطيع النوم قبل أن تعود."
تقدم تشونغ لين وربت على رأسه بلطف، وقال بصوت منخفض:
"اذهب إلى النوم الآن."
"تمام."
خلع تشونغ لين ملابسه واستلقى، ولم يواصل دراسة الإكسير، بل أفرغ ذهنه متذكرًا قتال الغابة مع الرجل ذي العيون المثلثة، متأملًا كيف يمكن أن يستخدم قوته بكفاءة أكبر في المرة القادمة.
---
في مكتب الحكومة
غرفة الحراسة
رمى تشونغ لين جرة سوداء محمرة في الهواء، فأمسكها العجوز "تشو" على عجل، ووبخه:
"تمهّل! لو تحطمت لكان ذلك خسارة لا تُعوّض."
سحب الفلين وشمّ رائحة عميقة جعلت وجهه يشرق سرورًا:
"آه! إنه نبيذ زهرة الكمثرى الأبيض من عائلة تشيان في المدينة الغربية... رائحته رائعة بحق."
بدا كأنه قد سكر من عبيرها، وكاد يشرب فورًا، لكنه تذكر القوانين الصارمة داخل المكتب، فأعاد الفلين بحذر ووضع الجرة في الخزانة، ثم التفت مبتسمًا إلى تشونغ لين:
"تبدو مبتهجًا اليوم، أظنك حققت بعض المكاسب الليلة الماضية."
ابتسم تشونغ لين وأجاب:
"بفضل حظك الطيب، وجدت ما أردت، لكن السعر... باهظ جدًا."
تجهم وهو يتذكر ثمن الإكسير. ضحك العجوز تشو بمرح، لكن حين نظر بلا وعي إلى خزانة النبيذ شعر بالوخز ذاته وقال متنهّدًا:
"هكذا هي الأمور... كل ما هو جيد ثمنه غالٍ."
كان نبيذ "زهرة الكمثرى" ليس من الأنواع النادرة، لكن مع راتبه المتواضع لا يمكنه أن يتذوقه إلا مرة كل عشرة أيام أو أسبوعين.
قاطعه تشونغ لين فجأة:
"بالمناسبة، يا عم تشو... رأيت في السوق السوداء خاطفين يبيعون أطفالًا مخدرين. ألا يتدخل مكتب الحكومة في ذلك؟"
نظر العجوز إليه بتمعّن ثم قال:
"وماذا سنفعل؟ هل ستتصرف أنت؟ أم أنا؟ هل تظن أن السوق السوداء ظهرت من تلقاء نفسها؟"
شعر تشونغ لين بالذهول، وتذكر الرجل ذا اللحية الكثيفة عند المدخل الذي كان يجمع الأموال. كان واضحًا أن وراء السوق قوة نافذة.
سأل مترددًا:
"من يقف خلفها؟"
أجاب العجوز بهزّة رأس:
"لا أعلم. لكن من المؤكد أنه شخص صاحب نفوذ واسع في مقاطعة جبل السواد، حتى مساعد قاضي المقاطعة لا يجرؤ على معارضته. تذكّر كلامي جيدًا: إن صادفتهم في السوق السوداء فلا تعبأ كثيرًا، وإن واجهتهم في المدينة عاملهم بما يقتضيه الموقف، لكن... مدينتنا تبقى مدينتنا."
كانت نبرة العجوز صارمة وهو يحذّر، خائفًا أن يتهور الشاب بدافع حماسته.
أومأ تشونغ لين بتفهم. فهو بعد أن عاش حياتين أدرك أن هناك أشياء يمكن فعلها وأخرى لا يمكن، على الأقل ليس الآن.
بعد حديث قصير، غادر تشونغ لين، ومرّ على مبنى "نوكسيانغ" حيث رسم لوحة مقابل خمس أونصات فضة، ثم عاد إلى منزله راضيًا.
---
ذهب تشونغ شي للدراسة عند المعلّم ليو، فبقي البيت خاليًا، وكانت هذه فرصته لتجربة الحبوب التي اشتراها.
أخرج بحذر حبة من الزجاجة الخزفية. كانت تُسمى "حبّة تجديد الدم"، في حجم اللؤلؤة ولونها أحمر قاتم، تفوح منها رائحة عشبية خفيفة.
تمتم لنفسه:
"عليّ أن أتعلم بعض أساسيات الطب... هذه مجرد حبة لتجديد الدم وتقوية العضلات، أما حبوب تقوية العظام فسعرها أضعاف."
بالنسبة للناس العاديين، إتقان الطب يحتاج عمرًا كاملًا. أما هو، ومع إصبعه الذهبي، فبمجرد تسجيل المهارة على اللوحة تصبح ملكه في لحظة.
كان يطمح لتفكيك مكونات الإكسير وتقليده، فالحبة الواحدة تكلف عشرة أونصات، وعشر حبات كادت أن تفلسه. أما حبوب بناء العظام القادمة، فستكون أكثر إرهاقًا لجيبه.
ابتلع الحبة. ثم لم تمر سوى أنفاس قليلة حتى أحس بجوفه يشتعل كبركان، وحرارة كالحمم تنتشر في جسده.
"يا له من دواء قوي! أقوى بعشر مرات من حساء بناء الدم ذي الكنوز الثمانية. لا عجب أنه يُدعى إكسيرًا."
لم يتوقف، بل بدأ فورًا يتدرّب في فناء الدار على مهارة الجبل الحديدي.
كهف التنين السماوي.
أثر مخلب الرافعة على الرمال.
جدار النحاس في الجرف الأحمر.
عشرة أميال من الرعد.
كانت المهارة تعتمد على ضربات جسورة وثقيلة، تُكسب كل حركة قوة ووزنًا دون أن تفقد مرونتها.
تحرك تشونغ لين بخفة وصلابة، بينما تدفقت الطاقة الطبية عبر عضلاته وعظامه وجلده. وبفضل إتقانه الكامل للمهارة، استوعب جسده كل ذرة من الدواء بلا هدر.
الممارسون العاديون لا يستفيدون إلا من نصف أو ثلثي قوة الدواء، أما هو فبفضل النظام وبلوغه مستوى الخبير، استخلصها بأكملها.
فجأة تغيّر أسلوبه، وخرجت حركاته مصحوبة بهالة نمر يزمجر.
انقضاض النمر الشرس.
قفزة النمر الجائع.
قلب النمر الأسود.
كل لكمة وركلة كانت كالوحش الكاسر، حتى الريح التي أطلقها زأرت كالأسود. فارتعبت عصافير شجرة التمر وفرّت مذعورة.
ظل يتدرّب ساعة كاملة حتى امتص جسده كامل طاقة الحبة، دون أن يضيع شيء.
تنفّس بعمق وهو يبتسم في سرّه:
"الإكسير مذهل حقًا! مع هذا الدعم اليومي، سأُنهي مرحلة تقوية العضلات خلال شهر، وأدخل رسميًا عالم المرتبة الثامنة!"