"أخي الثاني، هل سنغادر حقًا؟"
في طريق العودة إلى المنزل، كان تشونغ شي في حالة مزاجية سيئة ولم يعد متحمسًا كما كان من قبل.
"لا تريد الذهاب؟"
"لا، أينما ذهب أخي الثاني، أذهب. فقط أنا متردد قليلاً في ترك أخي شيو. كنا نخطط لبناء رجل ثلج معًا في الشتاء، ولم يتساقط الثلج بعد!"
عندما فر الاثنان إلى مقاطعة الجبل الأسود، كان الخريف في بدايته، والآن نحن في الانقلاب الشتوي فقط، لذا سيستغرق الأمر بعض الوقت قبل أن تتساقط الثلوج.
ربت تشونغ لين على رأس تشونغ شي وظل صامتًا؛ لم يكن يعرف كيف يقنعه.
"سنعود في المستقبل، وسيكون هناك الكثير من الفرص."
"تمام."
بعد مواساة تشونغ شي على مضض، لم يكن أمام تشونغ لين أي طريقة أخرى.
مرت الأيام الثلاثة سريعًا، وقضى تشونغ لين معظم وقته في التدرب في المنزل. لم يكن لديه سوى عدد قليل من الأصدقاء ليودعهم، إذ لم يكن يعرف سوى الشيخ شو والشيخ تشو.
في ذلك اليوم، قام تشونغ لين بجمع أغراضه، ممسكًا بيد تشونغ شي بيده اليسرى، وسار إلى مكتب الحكومة.
"تحياتي، سيد يين."
انحنى تشونغ لين باحترام.
اختبأ تشونغ شي أيضًا خلفه، وهو ينادي بخجل:"مرحبًا يا جدو."
أومأ السيد يين برأسه دون أن يتكلم، لكن مي وي شوان ابتسم وقال:
"أخي تشونغ، هل هذا أخوك الأصغر؟ يا له من طفل برأس نمر. تعال، نادني أخي."
"مرحبًا أخي."
نادى تشونغ شي بلطف.
"يا فتى جيد، خذ هذا، إنه لك."
اتسعت الابتسامة على وجه مي وي شوان عندما مد يده، وخلع قلادة اليشم من خصره، وسلمها إلى تشونغ شي.
لم يأخذها تشونغ شي بل نظر إلى تشونغ لين.
"إنها ثمينة للغاية."
لوّح تشونغ لين بيده رافضًا. كانت قلادة اليشم التي أهداها مي وي شوان ناعمة ورقيقة، كالشحم الأبيض، بمنحوتات زاهية – قطعة ثمينة بلا شك.
"إنه ليس لك، بل لاخيك هيا خذه."
مع ذلك، أجبره على وضعها في يدي تشونغ شي، ولم يمنحه أي فرصة للرفض.
"ما اسمك؟"
"اسمي تشونغ شي، لكن الجميع ينادونني الصغير شي."
"ثم سأناديك أيضًا الصغير شي من الآن فصاعدًا."
"تمام!"
مع بضع كلمات فقط، تحسنت الحالة المزاجية المنخفضة لـ تشونغ شي في البداية، وظهرت ابتسامة على وجهه.
"شكرًا لك."
أعرب تشونغ لين عن امتنانه بصدق.
"لا شيء، دعنا نذهب!"
كانت هناك عربة واسعة للغاية متوقفة أمام مبنى حكومة المقاطعة، تجرها ثلاثة خيول طويلة وأنيقة – وليست مجرد خيول عادية.
كانت العربة واسعة، تبدو بسيطة من الخارج، لكن من الداخل كانت فخمة، مع سجادة من جلد حيوان غير معروف، وطاولة ثابتة صغيرة مزينة بمعجنات رائعة، وأغطية سرير في الزاوية.
لم تكن هذه مجرد عربة؛ بل كانت منزلًا متنقلًا صغيرًا!
"هل تستطيع قيادة عربة؟"
"قليلا."
"رائع،" قال مي وي شوان بفرح، "وأخيرًا، هناك من يتناوب على الجلوس والقياده. يا تشونغ شي، ادخل واجلس. سأقود أنا وأخوك السيارة للخارج. يوجد معجنات بالداخل، تناول ما تشاء."
أصدر تشونغ لين تعليماته بهدوء: "كن هادئًا ولا تزعج الآخرين."
"أعلم يا أخي الثاني."
صعد تشونغ شي ذو الساقين القصيرتين إلى العربة، واستقبل غو يورونغ ذات الوجه البارد قائلاً "أختي"، ثم جلس في الزاوية وقرأ بشغف كتابًا من حقيبة صغيرة صممها خصيصًا تشونغ لين.
تحركت العربة ببطء، وتوجهت المجموعة إلى خارج المدينة.
"أليس هذا الطريق متجهًا إلى مقاطعة تيانيانغ؟" سأل تشونغ لين في حيرة.
عند بوابة المدينة، كان هناك مساران متباعدين، ومع ذلك قاد مي وي شوان العربة إلى طريق آخر.
"أوه! لقد تغيرت الخطة؛ أولاً، سنتوقف عند قلعة النسر السماوي، بدعوة من صديق المعلم يين."
"قلعة النسر السماوي؟"
"نعم، في مقاطعة وولينغ، قلعة النسر السماوي لعائلة شين، بقيادة رئيس العائلة شين هونغيو، أستاذ فنون قتالية من الدرجة الثالثة في عالم النفس الداخلي (رتبة متقدمة بين المقاتلين). تتميز عائلتهم بتفوقها في تربية النسور وتدريبها، وتتعاون بشكل وثيق مع البلاط والطائفة والعشائر الرئيسية، وتحتل المرتبة الأولى من حيث القوة في مقاطعة وولينغ."
مي وي شوان شرح بشكل مختصر قلعة النسر السماوي.
شعر تشونغ لين بعمقٍ شديد – لا يُمكن للمرء أن يرى اتساع العالم إلا بمغادرة مقاطعة الجبل الأسود الصغيرة. لم يسمع قط عن قلعة النسر السماوي أو عائلة شين من قبل.
"هل مقاطعة وولينغ بعيدة؟"
"عربتنا سريعة، ومن المفترض أن تستغرق نصف شهر."
"يا أخي مي، هذه أول مرة أغادر فيها مقاطعة الجبل الأسود، ولا أعرف الكثير عن دولة تشن العظمى، وخاصةً عن قاعة المائة عشبة . يا أخي مي، هل لي أن أطلب منك أن تنير لي الطريق؟" طلب تشونغ لين.
"بالطبع، نحن كسالى على أي حال، كضرب الأطفال في يوم ماطر. منذ أن أطاح السلف المؤسس بالظلم وأنشأ تشن العظيم..."
…
"ما هو الكتاب الذي تقرأه؟ هل تستطيع قراءة الشخصيات؟"
في العربة، رأت غو يورونغ أن تشونغ شي لم يتحرك لساعة، فشعرت بالفضول. عادةً ما يكون الأطفال قلقين، وكان تشونغ شي في الخامسة أو السادسة من عمره فقط. هل يستطيع قراءة الأحرف وهو مختبئ في الزاوية؟ أثار هذا فضولها بشدة.
"هل تريد الأخت أن ترى؟"
رفع تشونغ شي رأسه، ونظر إلى غو يورونغ بلا وعي، وسلمها الكتاب غريزيًا.
"هل تستطيع قراءة الحروف؟ هل تفهمها؟"
"لا يوجد أي شخصيات."
"همم؟"
تحركت غو يورونغ، وانحنت لتنظر إلى الكتاب في يد تشونغ شي.
في الواقع، لم تكن هناك أي كلمات ، بل سلسلة من الصور، بأسلوب غريب – خطوط غير واضحة تشكل صورًا بشرية، جميعها برؤوس كبيرة وأجساد صغيرة.
"ما نوع هذه الرسومات؟"
"أخي الثاني قال إنها كتاب هزلي (قصص مصورة)."
أخ ثانٍ؟ تقصد تشونغ لين؟ إذًا، هل لديك أخ أكبر؟
"نعم! لكن الأخ الأكبر مات، ولم يبقَ إلا أنا وأخي الثاني. أختي، هل تريدين أن تري؟ إنه مثير للاهتمام."
تحدث تشونغ شي، وصعد مباشرة، وجلس بجانب غو يورونغ، وفتح الصفحة الأولى من الكتاب.
أظهرت الصورة جبلًا على شكل قرع، وعلى سفح الجبل كان هناك آكل نمل ذو عيون كبيرة جذابة.
"هذه قصة إخوة القرع (أسطورة صينية شهيرة عن سبعة إخوة ذوي قوى خارقة) التي كان أخي الثاني يرويها لي. أختي، سأرويها لكِ أيضًا. منذ زمن بعيد..."
كما لو كان تشونغ شي يبحث عن صديق مشارك، أعاد بكل سعادة سرد قصة الإخوة القرع التي اعتاد تشونغ لين أن يرويها، حيث قام بمطابقة الشخصيات في القصة مع هوياتهم في القصص المصورة.
على الرغم من أنها كانت غير مبالٍيه في البداية، إلا أن غو يورونغ انجذبت على الفور. كانت قصة الإخوة القرع آسرة بالفعل، وعندما اقترنت بالقصص المصورة، كانت بمثابة كشف ذهني للأشخاص القدماء ذوي الحياة الروحية البسيطة.
وخاصة الخطوط الغريبة والأسلوب السحري في القصص المصورة...
ملك الجبل، الشياطين، الكنوز السحرية، القرعة، الجد القديم...
لم يقتصر الأمر على غو يورونغ فحسب، بل حتى يين داويان الذي كان يتأمل سابقًا كان منجذبًا إليه، على الرغم من أنه لم يركز على القصة ولكن على المهارات الملكية والكنوز السحرية.
رش الماء، بصق النار، عيون بعيدة النظر، آذان حادة السمع... جاد رويي، حبة النجوم السبعة...