الفصل 782: برج الثور (2)

***

تحرك جاكوب بحذر شديد، وحواسه في حالة تأهب قصوى. كان يعتقد أن الرموز هي التحدي الوحيد في هذا المستوى، لكنه سرعان ما اكتشف أنه كان مخطئًا.

عندما كان على الرمز الأخضر الثالث، الذي كان يبلغ قطره ثلاثة أمتار فقط، كان الرمز التالي على فرع شجرة، ولم يكن المكان متسعًا إلا لخطوة واحدة تؤدي إلى فروع الأشجار الأخرى.

بدأ يتساءل كيف يمكن لأي شخص أن يجتاز هذا التحدي بدون عيون القاضي الخاصة به. اكتشف أن تلك النقوش كانت تشبه النقوش السحرية التي يعرفها، وأنه فقط حِرَفي النقوش في ذروته يمكنه حساب الطريق عبر هذا المكان. وحتى في هذه الحالة، سيستغرق الأمر وقتًا طويلًا للغاية لاكتشاف النقوش الصحيحة، وهناك احتمالية كبيرة لارتكاب خطأ، مما يعني الموت!

لذا، لم يكن هذا التحدي يدور فقط حول القتال أو العثور على طريق، بل كان أيضًا اختبارًا للمعرفة السحرية. 'هل يجب أن أحاول استخدام ذلك القرص؟ ولكن ماذا لو انقلب علي؟ بعد كل شيء، لا أعتقد أن هذا الاختبار سيسمح بثغرة مثل كنز طائر...' فكر جاكوب في استخدام الأقراص الذهبية التي جمعها بعد قتله جميع أولئك القتلة من أطلس.

ولكن بعد التفكير في الأمر، لم يخاطر، طالما كان قادرًا على التقدم طالما كانت حركاته دقيقة وخالية من الأخطاء. بعد تحليل الطريق أمامه، قفز جاكوب نحو فرع الشجرة الذي كان على بعد ثلاثين مترًا منه وعلى ارتفاع أربعة أمتار، ليس هو فقط، بل حتى شبه الأسطورة يمكنه بسهولة تنفيذ هذه القفزة.

ولكن في اللحظة التي وطئت فيها قدماه الرمز الأخضر على الفرع، بدا أن الأرض أسفل قدميه تغيرت فجأة، كاشفة عن حفر مخفية مليئة بأشواك حادة تضيء بضوء أحمر مهدد.

تراجع عقل جاكوب حينما أدرك أن الأمور كانت تزداد تعقيدًا. قفز بسرعة نحو الرمز التالي، وفي هذه اللحظة بدأت الأشواك المتوهجة في الانطلاق نحوه بسرعة جنونية.

ظن جاكوب أنه قد فعّل نوعًا ما من الفخاخ، ولكن بما أنه لم يحدث شيء آخر، علم أنها كانت جزءًا من التحدي، فتنفس الصعداء. دون تردد، تفادى وتجنب بحركات انسيابية ودقيقة وهو يقفز من شجرة إلى أخرى بينما يتجنب تلك الأشواك.

مع كل لحظة تمر، نمت ثقته. التحديات، رغم أنها كانت شديدة، لم تكن مستحيلة.

في هذه اللحظة، رأى جاكوب مخلوقات تظهر فجأة من ظلال الأشجار، أشكالها تتغير وتتحول. ولكن جاكوب كان مستعدًا. حواسه المعززة سمحت له بإدراك العالم بطريقة لا يمكن للآخرين إدراكها. كان بإمكانه رؤية أضعف الاضطرابات في الهواء والتغيرات الطفيفة في الأرض، وعلم أن تلك المخلوقات كانت مجرد أوهام.

ولكن هالاتها كانت كافية لزعزعة حتى شبه الأسطورة، ومع ذلك لم تستطع إحداث أي خوف فيه، حيث لم تتوقف حركاته بينما كانت تلاحقه. الآن، فهم لماذا كان يُطلق على هذا المكان التضاريس الغادرة.

مرت فترة غير معروفة من الوقت، ومع توغله أعمق في الغابة بينما يتنقل بين الرموز الخضراء ويتجنب تلك الفخاخ والمخلوقات، بدأت الأشجار تتغير. نمت أطول، وتفرعت أغصانها أكثر تشابكًا والتواء. فطريات مضيئة غريبة كانت تتشبث بجذوعها، تنير المكان بضوء مريب. وأصبح الأرض أكثر وعورة، مع شقوق عميقة ومنحدرات خطرة.

فجأة، ظهر شجرة عملاقة أمامه، جذورها تخترق بعمق في الأرض. كانت شجرة مختلفة تمامًا عما رآه جاكوب من قبل. لحاؤها كان رماديًا معدنيًا، ونقوش غريبة محفورة في جذعها.

ولكن عينا جاكوب المتوهجتان تقلصتا عندما لاحظ شيئًا غير مألوف تمامًا، في قاعدة الشجرة، ظهر باب مخفي يتلألأ بضوء من عالم آخر.

'هل هذا هو؟' تساءل جاكوب بترقب.

رغم أن هذه الشجرة العملاقة بدت مخيفة، رأى أن المنطقة المحيطة بها خالية تمامًا من أي رموز. بعد تردد للحظة، هبط جاكوب في هذه المنطقة، ولحسن حظه، لم يحدث شيء. ثم نظر إلى الوراء وصُدم عندما وجد أن المخلوقات الوهمية والفخاخ قد اختفت تمامًا، والغابة بدت عادية. 'هاه، يبدو أن هذا هو الأمر!'

اقترب جاكوب من الباب المخفي بحذر؛ كانت حواسه في أعلى مستوياتها. كان هذا بلا شك نقطة مهمة في الاختبار. بعد التأكد من عدم وجود أي شيء غريب، مد يده ليلمس الباب. في اللحظة التالية، سُمع صوت خافت، وانفتح الباب بضغط ناعم، كاشفًا عن درج ينحدر نحو الأسفل!

"هل هذا الطريق يؤدي إلى التحدي التالي أم إلى جزء آخر من هذا المستوى؟" تساءل جاكوب، ومع أخذ نفس عميق، خطا إلى الظلام.

بينما كان يتحرك للأمام، بدأ الهواء يزداد برودة، وملأ أذنيه صوت همهمة خافتة. ربما كان ينزل أعمق نحو قلب شيء ما.

في تلك اللحظة، رأى جاكوب توهجًا أثيريًا أمامه؛ كان حاجزًا!

بعد تحليله بعناية، تحرك جاكوب للأمام، ولم يوقفه الحاجز على الإطلاق. علاوة على ذلك، كان قد استدعى بالفعل اللعنة الخالدة.

في اللحظة التي خطا فيها جاكوب عبر الحاجز الأثيري، وجد نفسه محاطًا بعالم من الحجارة. جدران شاهقة من الجرانيت الرمادي امتدت إلى الظلام، وكانت أسطحها محفورة بنقوش معقدة بدت وكأنها تتغير مع كل رمشة عين. كان الهواء مثقلًا برائحة الحجارة والتراب، وكان الصمت المخيف يخيم على المتاهة.

في هذه اللحظة، تغيرت الكلمات على اللعنة الخالدة.

"المستوى الثاني: متاهة الحجارة

"التحدي: إيجاد الطريق الصحيح عبر المتاهة مع تجنب الفخاخ القاتلة والألغاز!"

'إنه حقًا المستوى الثاني!' تنفس جاكوب الصعداء عندما أكدت اللعنة الخالدة صحة استنتاجه وهو يراقب المستوى الثاني. لم يجد أيًا من تلك الرموز على الأرض أو على جدران الحجارة.

بعد مراقبة المكان لفترة، لاحظ جاكوب العديد من الأمور. بدت هذه المتاهة وكأنها ممرات حجرية متشابكة. كانت الجدران مزينة بنقوش معقدة تصور تاريخًا مجهولًا. وكان المسار يتغير باستمرار كل خمس دقائق، مما يجعل من الصعب العودة على المرء إلى خطواته السابقة.

اكتشف جاكوب أيضًا بعض الأدلة لعبور هذه المتاهة. وجد أنه يظهر أحيانًا رمز صغير متوهج بين النقوش على جدار حجري. وبعد تحليل هذا الرمز بعناية، اكتشف أنه كلمة تعني "يسار"، ولم يكن هذا هو الرمز الوحيد؛ فقد ظهر أيضًا رمز آخر يعني "يمين".

فهم جاكوب على الفور ما يحتاج إلى القيام به الآن وهو مستعد لاجتياز هذه المتاهة الحجرية!

2024/10/09 · 209 مشاهدة · 898 كلمة
نادي الروايات - 2024