الفصل 783: برج الثور (3)

غاصت قدما جاكوب في أرضية الحجر الباردة وهو يمشي، وكل خطوة كانت تصدر صدى عبر الفضاء الهائل. كانت الجدران مزينة برموز غريبة، وكان الهواء مشبعًا بصمت مخيف. تحرك جاكوب بحذر، وحواسه في حالة تأهب قصوى. بدا أن كل ظل يخفي تهديدًا محتملاً.

لم تكن النقوش مجرد زينة؛ بل كانت تقدم أدلة على الطريق إلى الأمام، ولم يجرؤ جاكوب على أن يفوت أيًا منها.

علاوة على ذلك، لاحظ أن الطريق الذي يخلو من تلك الرموز المخفية كان مليئًا بالفخاخ الغريبة، ولم يجرؤ على الدخول لتجربتها. كما أنه لم يكن هناك شرط هذه المرة مثل "عدم تفعيل أي فخ"، مما جعله أكثر راحة، ولكن رغم ذلك، لم يجرؤ على الاستهانة بهذا المكان.

عندما تقدم جاكوب أعمق في المتاهة، اهتزت البنية بأكملها فجأة. وفي اللحظة التالية، بدأت الجدران تضيق، والضغط يتزايد.

أصيب جاكوب بالدهشة وسرعان ما زاد من سرعته. كانت الممرات تلتوي وتتعرج بينما كان يبحث عن تلك الرموز، لكنه صُدم عندما لم يجد أيًا منها بينما كان منشغلاً بالهروب من الجدران المتحركة. ورغم أنه كان لا يزال موضع نقاش ما إذا كانت تلك الجدران قادرة حقًا على سحقه، إلا أنه لم يرد البقاء لمعرفة الجواب. كان المسار يقوده في دوائر. كانت النهايات المسدودة تظهر وتختفي، ويبدو أن النقوش على الجدران كانت تسخر منه برسائلها الغامضة.

في هذه اللحظة، لم يهتم جاكوب بسلسلة الفخاخ المميتة المخفية داخل المتاهة. بينما توقف في هذه الممرات التي احتوت على الفخاخ التي مر بها، كانت ألواح الضغط تُفعل الأشواك المتوهجة المخفية، والجدران الوهمية تخفي حفرًا بلا قاع، والسهام تُطلق من فتحات غير مرئية. اضطر جاكوب للاعتماد على عيون القاضي، وحواسه المعززة، وردود أفعاله السريعة لتجنب الوقوع ضحية لهذه الحيل الخادعة.

في هذه المرحلة، رأى جاكوب أخيرًا الرمز الذي كان يبحث عنه، حيث إلتوى جسده، وفي اللحظة التالية، تمكن أخيرًا من الخروج من ذلك الجزء الغريب من المتاهة.

أمامه الآن، كانت المتاهة تمتد بطولها، تظهر ممرات ملتوية ونهايات مسدودة.

تبع الرموز الفريدة بحذر، وكان طريقه كالشريط المتعرج عبر المتاهة الحجرية.

في هذا الجزء من المتاهة، وجد رموزًا قرمزية تظهر وتحدد مناطق الخطر، وكان توهجها يزداد كلما اقترب. بعض هذه المناطق احتوت على فخاخ مخفية، وأخرى كانت محروسة بمخلوقات وهمية.

تغير تعبير جاكوب عندما اهتزت المتاهة بعنف مرة أخرى، وعرف أن شيئًا غريبًا قادم مجددًا.

في هذه اللحظة، شعر جاكوب فجأة بارتفاع في درجة الحرارة، وسمع صوت الرياح تصفر. نظر بسرعة إلى الأعلى، وصُدم عندما رأى أربعة صخور مشتعلة تسقط باتجاهه!

تم إختبار خفة جاكوب وردود أفعاله مرة أخرى، حيث تلافى بسرعة الصخور المشتعلة الساقطة.

وبمجرد أن انتقل إلى الممر التالي، تحولت الجدران فجأة إلى ساطعة، واندلعت انفجارات سحرية باتجاهه بينما كانت تلك المخلوقات الغريبة تهاجمه بسرعة هائلة!

تجنب جاكوب بسرعة تلك الانفجارات السحرية وتفوق على المخلوقات الوهمية. كان عقله يعمل بسرعة، يحسب خطوته التالية، بينما كان جسده يتحرك بشكل غريزي.

مرت ساعات وجاكوب يجتاز المتاهة، وحتى هو بدأ يشعر بشيء من الإرهاق. التحديات كانت تزداد تعقيدًا. واجه ألغازًا اختبرت ذكاءه، وفخاخًا تطلبت ردود أفعال سريعة، ومخلوقات دفعته إلى أقصى حدوده. كانت التجربة مرهقة أكثر من القتال.

تم حل الألغاز بسرعة بمساعدة عيون القاضي، إذ كانت مجرد أنماط مخفية داخل الجدران، وكانت عيناه ترى من خلال جميع الأكاذيب والخدع. علاوة على ذلك، لم تكن تلك الألغاز معقدة للغاية أو تتطلب البحث في مناطق أخرى للعثور على أدلة، أو ربما كان ذلك بسبب قدراته.

في كل مرة حل فيها لغزًا، كانت تفتح مسارات جديدة، وكان يتحرك بحذر إلى الأمام.

في هذه اللحظة، ظهر جاكوب في ممر طويل. وأخيرًا، ظهر وميض من الضوء في نهاية الممر، وهو ما كان غريبًا في هذا الجو الكئيب.

كلما اقترب، كان الضوء يزداد سطوعًا، وفجأة تغيرت المشاهد بالكامل. وجد نفسه في بيئة جديدة تمامًا، وكان يعلم أنها ليست وهمًا.

من حول جاكوب كان هناك فضاء واسع وكهفي مملوء بالصخور المسننة والحمم المنصهرة.

كان الهواء مشبعًا برائحة الكبريت، والأرض ترتجف تحت قدميه. كانت الجدران مزينة بمواقد نار، وفي مركز الغرفة، كان هناك فرن ضخم ينبض بحرارة شديدة.

علاوة على ذلك، كانت المواد الخام تطفو في الهواء، محاطة بفقاعات أبدية. كان جاكوب مذهولاً عندما رأى هذا المكان الغريب، وعرف أن هذا كان اختبارًا آخر غريبًا.

أخذ جاكوب نفسًا عميقًا، وعقله يعمل بسرعة. لقد نجا من المتاهة وظهر في المستوى التالي.

لتأكيد ذلك، فتح بسرعة كتاب "الخلود الملعون"، وكما توقع، ظهرت كلمات جديدة في الكتاب.

"المستوى الثالث: صانع الأرض

"التحدي: اصنع كنزًا يتناسب مع عنصر الأرض بدرجة الكفاءة المتقدمة شبه الأسطورية باستخدام المواد المتوفرة، وتصميم الكنز، والأدوات في المستوى الثالث في غضون ثماني ساعات!

"الوقت المتبقي: 07:59:55"

تغير تعبير جاكوب قليلاً عندما قرأ تفاصيل هذا التحدي الغريب، وحتى كان هناك حد زمني لإكماله.

'هذه اختبارات البرج مذهلة. لا عجب أنها صعبة للغاية. إنها ليست مجرد اختبار للقوة القتالية، بل أيضًا اختبار للمهارات والمعرفة.' ارتفعت شفتي جاكوب قليلاً وهو يبتسم ابتسامة غامضة.

ورغم أن الأمر قد يكون صعبًا إلى حد ما للآخرين، إلا أن هذا التحدي كان أكثر من مرحب به بالنسبة له لأن مهاراته في الحدادة كانت شيئًا يفخر به، ولم يتوقف أبدًا عن التدرب والتعلم أكثر.

نظرًا لأن الوقت كان محدودًا، تصرف جاكوب بسرعة بينما تحرك نحو المواد التي كانت تطفو في الهواء، محاطة بتلك الفقاعات الغريبة.

علاوة على ذلك، اندهش جاكوب عندما وجد أدوات داخل تلك الفقاعات، وأخيرًا فهم لماذا لم تُعطَ له أي أدوات رغم ذكرها في التحدي.

لكن أولاً، توجه جاكوب نحو مركز الكهف، حيث كان هناك فرن ضخم ينبض بحرارة شديدة، وقلبه الناري يلقي بظلال راقصة عبر جدران الكهف. كان الهواء مشبعًا برائحة المعدن المنصهر والأوزون، والأرض تهتز مع ضربات قلب الفرن الإيقاعية.

ومع ذلك، كان تركيز جاكوب الفعلي ليس على هذا الفرن، بل على شيء بجانبه. كان هناك واجهة هولوجرافية معلقة في الهواء. كان سطحها يتلألأ برسوم بيانية معقدة ورموز؛ كان هذا هو تصميم الكنز الذي يحتاج إلى تصنيعه!

2024/10/10 · 143 مشاهدة · 912 كلمة
نادي الروايات - 2024