الفصل 927: قصر بلا روح!
--------
لم يكن قلب مجال(دومين) الأشباح أرضًا تضج بالمدن الصاخبة أو الحصون الضخمة؛ بل كان مقبرةً ذات جمالٍ شبحي. تنتشر أنقاضٌ شاسعةٌ من حروبٍ مدمرة عبر المناظر الطبيعية، بمآذنها المكسورة وجدرانها المتداعية التي تتوهج بضوءٍ أزرقٍ أثيريٍ خافت.
كانت أنهارٌ من الطاقة الشبحية الشفافة تتلوى عبر الأرض، تتدفق دون مصدرٍ أو وجهة. ترددت شائعاتٌ بأن هذه الأنهار تحتوي على تأثيرٍ تآكليٍ على الأرواح، تجوب دومين الأشباح بلا نهاية.
ومع ذلك، كانت السمة الأكثر قداسةً ورهبةً في دومين الأشباح — هوة الروح، وهي هاويةٌ ضخمةٌ تشع بتوهجٍ شبحيٍ خافت. كانت هذه هي جوهر إقليم عرق الأشباح ومصدر قوتهم الهائلة.
كان من يحدق في أعماقها غالبًا ما يفقد عقله، تُستهلك روحه بنداء الهاوية. وقف هذا المعلم المشؤوم كتذكيرٍ بهيمنة عرق الأشباح، فهنا حيث لا يجد الموتى لا سلامًا ولا حريةً بل عبوديةً تحت حكم ملوك الأشباح.
في أعماق مجال الأشباح، بعد الأنقاض المسكونة وما وراء هوة الروح، وقف قصر بلا روح، موطن أقوى خبير في عرق الأشباح — ملك الأشباح بلا روح.
لم يكن قصر بلا روح مجرد هيكلٍ عادي؛ بل كان حصنًا يبدو أنه يوجد على الحدود بين العالم المادي والمستوى الأثيري.
كان القصر يطفو بشكلٍ مشؤومٍ في الهواء، قاعدته دوامةٌ دوارةٌ من الطاقة الشبحية التي تهمهم بأنينٍ حزينٍ خافت. كان هيكله غريبًا، مؤلفًا من مادةٍ شفافةٍ تتلألأ بين الحالة الصلبة وغير المادية.
بدت المآذن الشاهقة وكأنها تمتد إلى ما لا نهاية للأعلى، تختفي في الضباب الرمادي أعلاه، بينما كانت جدرانه محفورةً برونيةٍ متوهجةٍ مكتوبةٍ بلغةٍ قديمةٍ منسيةٍ للموتى.
كان داخل القصر الأثيري متاهةً ذات جمالٍ مخيف. كانت الممرات مبطنةً بمرايا لا تعكس العالم المادي بل تُظهر لمحاتٍ من العالم السفلي — امتدادٌ مسكونٌ من الأرواح المتلوية والعذاب الشبحي. كانت الأرضيات والجدران حيةً بضوءٍ وامضٍ خافت، كما لو أن جوهر الأرواح المحاصرة يجري من خلالها.
في هذه اللحظة، مزقت سفينةٌ شبحيةٌ ضخمة، بدت كسفينةٍ حربيةٍ برأسٍ شبحيٍ، الفضاء وظهرت فوق قصر بلا روح. وبينما كانت السفينة الشبحية تخرج من الفضاء، ترددت زئيرٌ مخيفةٌ للأشباح مليئةً بالرعب والرهبة عبر قصر بلا روح وكأنها ترحب بحاكمها!
كانت السفن الشبحية رمزًا للعائلة الملكية لعرق الأشباح لأنها كانت جانبهم الفطري، وكان الجميع في السهول الأسطورية يعلمون أنه إذا رأوا سفينةً شبحية، فهذا يعني وصول عضوٍ من عشيرة الأشباح الحاكمة.
ومع ذلك، لم تكن هذه السفينة الشبحية تخص أي عضوٍ من العشيرة. بل كانت هناك سفينةٌ شبحيةٌ واحدةٌ فقط تخص الحاكم الحالي لعرق الأشباح، ملك الأشباح بلا روح!
في اللحظة التي أعلن فيها قصر بلا روح وصول حاكمه، اجتاحت حواسٌ روحيةٌ لا حصر لها الفضاء.
في هذه اللحظة، توقفت السفينة الشبحية عن الحركة في الهواء قبل أن تظهر بوابةٌ أثيريةٌ وابتلعت السفينة الشبحية بأكملها، تاركةً وراءها تمزقًا هائلاً في الفضاء، كان يُصلح نفسه.
ومع ذلك، كان هناك شخصيةٌ يبلغ طولها ثلاثة أمتار تحوم في الهواء، ترتدي أرديةً سوداءً بقبعةٍ بنفسجية؛ كان ينظر ببرود إلى قصر بلا روح بعينيه المجوفتين.
فجأة، انطلق خطٌ أزرقٌ من الضوء من القصر وتوقف أمام ملك الأشباح بلا روح، كاشفًا عن شخصيةٍ شبحيةٍ بجسمٍ أسودٍ ماديٍ وعلاماتٍ رونيةٍ قرمزيةٍ على جسده؛ كان عضو عرق الأشباح هذا مختلفًا تمامًا عن ملك الأشباح بلا روح.
"مرحبًا بعودتك، يا ملكي!" سجد أمام جاكوب بإجلالٍ واحترام.
"وزير الأشباح، يمكنك النهوض." أقر جاكوب بلا مبالاة وهو يتعرف على وزير الأشباح هذا من ذكريات ملك الأشباح بلا روح.
اتبع وزير الأشباح أمره دون تردد، لكنه لم يجرؤ على النظر إلى جاكوب مباشرة. ففي النهاية، كان ملك الأشباح بلا روح كائنًا يثير الرعب الخالص بين عرق الأشباح.
ثم انحنى وزير الأشباح بسرعة وقال: "يا ملكي، جلالتها تنتظر للترحيب بك!"
ومضت عينا جاكوب بلمحةٍ غريبةٍ عندما سمع "جلالتها" لأنه كان يعرف بالضبط من الذي يتحدث عنه وزير الأشباح؛ كانت زوجة ملك الأشباح بلا روح، ملكة شبح الروح!
كانت ملكة شبح الروح أيضًا ثاني أقوى ملكٍ أسطوري، والأهم من ذلك، كانت أخت الشبح السكير!
"قد الطريق." رد جاكوب بلامبالاة، وقاد وزير الأشباح الطريق بسرعة.
على الرغم من أن ملك الأشباح بلا روح لم يكن بحاجة إلى مرافقةٍ أو إذنٍ لدخول قصره الخاص، كان من الواضح أن وزير الأشباح أُرسل من قِبل ملكة شبح الروح كعرضٍ من اهتمامها تجاهه.
"ما هذا بحق الجحيم؟! هذا الرجل متزوج؟" صرخت نيكس بصوتٍ مرتفعٍ مليءٍ بالذهول.
"يختلف مفهوم الزواج بين الأعراق المختلفة. لكن هذا لن يغير حقيقة أنه يعني نفس الشيء. لذا، نعم، كان لملك الأشباح بلا روح زوجة، لكنها ليست زوجتي." رد جاكوب بعفوية.
"كما لو أنها ليست كذلك! وفقًا لها، أنت زوجها!" ردت نيكس بلمحةٍ من الرهبة.
لم يتفاعل جاكوب وهو يرد بلامبالاة: "يمكنها أن تفكر بما تشاء؛ لا علاقة لي بذلك."
أسكتت كلمات جاكوب نيكس وهي لا تستطيع الرد لأنها كانت منطقية، لكنها لا تزال تشعر أن هناك شيئًا خاطئًا للغاية.
قاد وزير الأشباح جاكوب إلى قلب القصر مباشرةً نحو قاعة العرش، حيث يقع عرش بلا روح، لأن هذا هو المكان الذي كان يقيم فيه ملك الأشباح بلا روح. كان العديد من خدم الأشباح يسجدون كلما مر بهم.
عندما وصلوا إلى عرش بلا روح، استقرت عينا جاكوب على الفور على العرش. كان مصنوعًا من الأوبسيديان ومزينًا بلهيبٍ شبحيٍ يومض بلونٍ بنفسجيٍ غريب. كانت سلاسلٌ شفافةٌ تحوم حول العرش، تتوهج بخفة، كما لو كانت جاهزةً لتقييد أي من يجرؤ على الاقتراب دون دعوة. كانت الغرفة شاسعةً لكنها صامتة، مع صوت همساتٍ خافتةٍ فقط تتردد بلا نهاية.
ومع ذلك، على مسافةٍ ليست بعيدةٍ من عرش بلا روح، كان هناك عرشٌ آخر لم يكن أقل إثارةً للإعجاب من عرش بلا روح، وهذا العرش لم يكن فارغًا، وكانت هناك شخصيةٌ شبحيةٌ عليه.
كان شكلها ظلًا مظلمًا يبدو أنه يومض ويتذبذب كشبحٍ عالقٍ بين العوالم. كان وجهها بلا ملامح باستثناء عينين زرقاوين داكنتين متوهجتين تخترقان روح أي من يقابل نظرتها.
كان رداءٌ طويلٌ متدفقٌ من الطاقة الشبحية يتلوى خلفها، يتماوج مع وجوهٍ معذبةٍ لعبيدٍ أشباحٍ لا حصر لهم. كان حضورها ينضح بهالةٍ من الهيمنة المطلقة، تبرد حتى أقوى الملوك الأسطوريين إلى النخاع. لم تكن هذه سوى ملكة شبح الروح!