ابتسم رايزل بشيء من الرضا وهو يمسح آخر أثر للحبر عن خده، ثم خطا بسرعة نحو الباب، وصرخ:

"فيون!! اختبرني الآن!!"

توقف فيون الذي كان يحمل بعض الكتب، ونظر لرايزل بدهشة وقال:

"ا-اختبار يا سموك؟!"

هز رايزل رأسه بإصرار وقال:

"أجل! أريد أن تراني طالبًا اليوم، لا أميرًا. اختبرني في كل ما تعلمته من كتب تاريخ وجغرافيا مملكة لينيار."

ابتسم فيون بخفة وقال وهو يفتح كتابًا في يده:

"كما ترغب، سموك… ولكن أعطني ساعتين فقط وسأعدّ لك اختبارًا مناسبًا."

وبعد مرور ساعتين، عاد فيون وهو يحمل ورقة أنيقة مصنوعة من ورق شديد البياض، عليها أسئلة بخط منمق.

وضعها أمام رايزل وقال بابتسامة خفيفة:

"هذا هو الاختبار، سموك."

أخذ رايزل القلم وجلس على الطاولة، وبوجه جاد بدأ يقرأ الأسئلة ويكتب بإجابات قصيرة، بسيطة، ولكن مرتبة. لم يكن يتردد كثيرًا، رغم أن بعض الأسئلة دفعته للتفكير بعمق. وبعد حوالي عشرين دقيقة، سلّم الورقة إلى فيون.

قال رايزل وهو يسلّمه الورقة:

"اتمنى أن تكون إجاباتي صحيحة."

أخذ فيون الورقة وبدأ يراجعها بهدوء… وما إن وصل منتصفها، حتى توسعت عيناه قليلًا، وقال بدهشة لم يتمكن من إخفائها:

"س-سموك… لقد قمت بعمل رائع!"

رفع رايزل حاجبه بدهشة، وقال:

"حقًا؟"

ابتسم فيون بإعجاب وقال:

"رغم أنك أخطأت في ثلاثة أسئلة بسيطة، إلا أن الباقي كان دقيقًا للغاية! إنّه إنجاز كبير، خاصة أنك بدأت فقط منذ أيام!"

ثم أضاف بابتسامة:

"أعتقد أن حضورك لاجتماع القارات الأربعة لن يكون مخزيًا كما كنت تخشى يا سمو الأمير."

في أروقة القصر العميقة، وبين جدرانه العالية، كان لوكاس يجلس وحده في غرفته، محاطًا بكومة من الكتب القديمة والنصوص السحرية التي تفوح منها رائحة الزمن.

كانت عيناه الأرجوانيتان تلمعان بتركيز وهو يقرأ عن «الحلقات الأربع السحرية» — مفاتيح التدرج السحري التي لا يصل إليها إلا القلة من مستخدمي السحر في القارة. كان قد تخطّى الحلقة الثالثة منذ أشهر، وها هو الآن يوشك على الدخول إلى الدائرة الرابعة… دائرة النخبة.

همس لنفسه وهو يمرر إصبعه على الرموز المنقوشة على الصفحة:

"قليلون فقط من وصلوا للدائرة الرابعة في مثل عمري… ولو وصلت إليها قبل اجتماع الممالك، ستكون الهيبة لي وحدي."

نهض ببطء وهو يغلق الكتاب، ثم ارتدى عباءته الطويلة ذات اللون الأسود الملكي وخرج من غرفته.

في ممرات القصر، كان صوته صامتًا كعادته، خطواته ثابتة وهو يقترب من باب مكتب الإمبراطور.

توقف أمامه، ثم طرق ثلاث طرقات هادئة.

جاء صوت إيدور من الداخل، هادئًا ولكن حادًا:

"ادخل."

فتح لوكاس الباب، ودخل بانحناءة بسيطة، ثم قال بصوت محترم:

"جلالة الإمبراطور… اجتماع ممالك قارة فالين — نحن من سيتشرف بالاستضافة هذا العام."

كان الإمبراطور إيدور جالسًا خلف مكتبه الضخم، شعره الأبيض يتلألأ تحت ضوء الثريا، وعيناه الأرجوانيتان تراقبان لوكاس بثبات.

قال بهدوء ثقيل:

"نعم… ولذلك يجب أن تبدأ بالتجهيز، يا لوكاس. أريد أن تكون صورتنا متقنة. سواء في السحر… أو المظهر… أو حتى الصمت."

أومأ لوكاس وقال باحترام:

"كما تأمر، جلالتك."

ثم التفت وخرج بهدوء، وأغلق الباب خلفه.

كان يعرف أن هذه الأيام القليلة المتبقية حتى الاجتماع… ستحدد الكثير.

ربما حتى مصير الممالك كلّها.

في باحة التدريب الواقعة خلف القصر الملكي، كان الصباح مشرقًا والنسيم يداعب الأشجار المغطاة بطبقة رقيقة من الندى، بينما كانت الشمس تشرق بخجل خلف الأبراج الرخامية. وهنا، وسط هذه السكينة، كان هناك صوتٌ يكسر الصمت بإصرار وضربات حادة…

"هاه!!"

صرخة حماسية من سيفاريل، الصغير ذو الثمانية أعوام، كان يتصبب عرقًا وهو يوجه ضربة تلو الأخرى بسيفٍ خشبي ضخم يكاد يبدو أكبر من جسده، لكنه لم يتوقف، بل كانت عيناه الحمراء تتلألأ بعناد، وشعره الاحمر يلتصق بجبينه من شدة المجهود.

مدرب الساحة، رجل قاسٍ يُدعى هارمون، وقف بجانبه يراقب بهدوء، ثم قال بصوته الغليظ:

"أنت تضرب بسرعة يا فتى، لكن دون تركيز… ركّز على قدميك، إنك تنزلق!"

سيفاريل يصرخ وهو يعدّل وضعية قدميه:

"أنا أريد أن أصبح قويًا بما فيه الكفاية لأحمي رايزل!!!"

هارمون يبتسم بخفة:

"وهل تحتاج لأن تُسقط نفسك ألف مرة لتصل لذلك؟! هيا… أعِد الضربة، من البداية!"

وبينما كان سيفاريل يعيد تمركزه، ننتقل إلى الجانب الآخر من القصر…

في جناح الأمراء، كان لوكاس قد دخل غرفة تجهيزاته الشخصية. كانت الغرفة مرتبة بدقة مذهلة، لا غبار ولا فوضى، بل كل شيء في مكانه تمامًا — كالعادة.

كان يرتدي عباءته الرسمية البنفسجية المطرّزة بخيوط فضية، وتعلو كتفه وسادة كتف مرصعة بأحجار زرقاء، ترمز إلى منزل فالنتين الملكي.

أمام المرآة وقف، يعدّل خصلات شعره الأبيض التي بدأت تطول قليلًا، ثم نظر إلى خادمته الشخصية وقال:

"أحضري السيف المخصص للاجتماع، ليس سيف المعارك… بل سيف الواجهة."

الخادمة تنحني:

"حاضر، سمو الأمير."

ثم التفت إلى الطاولة، حيث وُضعت أمامه ملفات بأسماء الملوك والأمراء القادمين من قارة فالين.

همس وهو يقرأ أحد الملفات:

"أمير ميفيا... يملك قدرة شفائية خارقة، وابن ملك أسترين خبير بالهندسة السحرية… وملك ليفيان لديه تاريخ من التحفظ والغموض…"

ثم تناول ورقة صغيرة فيها ملاحظة مكتوبة بخط الإمبراطور نفسه:

↤ «أريد أن يكون ظهور لينيار ساحقًا.»

أعاد لوكاس الورقة إلى مكانها، وحدّق إلى نفسه في المرآة.

وقال بصوت خافت وحازم:

"سأسحقهم… بالكلمات قبل السحر."

وفي تلك اللحظة، وبينما سيفاريل كان يُسقط نفسه مرةً أخرى على الأرض من التعب، نهض وهو يلهث، وقال بصوت عالٍ:

"سأصبح أقوى من أي أميرٍ في القارة!!"

هارمون يضحك ضحكة خفيفة وهو يعطيه منشفة مبللة:

"احرص على أن تقف أولًا، ثم صِر أميرًا بعد ذلك."

لكن سيفاريل، رغم التعب، ابتسم بكل ثقة.

لقد قطع وعدًا على نفسه.

[دوقية ستارك]

في برج الزمرد الواقع داخل العاصمة الملكية لمملكة لينيار، كانت فيكتوريا تقف أمام النافذة، تحدّق في القمر المائل للون الأخضر في تلك الليلة الغريبة. شعرها الأسود ينسدل خلف ظهرها، وعيونها الخضراء تلمع تحت ضوء الشموع.

أمسكت بكأس زجاجي دقيق، تدور النبيذ فيه ببطء بينما همست لنفسها:

"خمسة أيام فقط… وكل قطع اللعبة ستتحرك."

على الطاولة أمامها خريطة تفصيلية لقارة فالين، مرسومة بحبر مانا متوهج. أربعة أسماء لممالك كُتبت بخط ملكي ساحر: لينيار، ليفيان، أسترين، وميفيا.

لكن يدها لم تكن تعبث سوى فوق اسم واحد فقط: "لينيار".

قالت بصوت منخفض:

"مملكتنا ستستضيف الحدث هذه المرة… يا لسخرية القدر، الأمير رايزل بالكاد استيقظ من غفوته، والآن سيقف أمام ملوك القارة؟"

ثم استدارت نحو المرآة، تعيد ربط خصلة متمردة من شعرها خلف أذنها وقالت بهدوء:

"مارين… أختي الصغيرة. هل ستتمكنين من إرباكه؟ أم سيكون ذكاؤه متفوقًا على براءتك؟"

ابتسمت ابتسامة خفيفة، لكنها لم تكن دافئة، بل كانت تلك الابتسامة الباردة التي تسبق الكارثة.

ثم صفقت برقة وقالت:

"كليارا!"

دخلت خادمتها الشخصية، امرأة نحيلة ذات شعر رمادي مقصوص وعينين شاحبتين.

"نعم، سيدتي فيكتوريا؟"

"جهزي فستان الزمرد الأسود. وأرسلي إلى الحاكم الملكي إخباري بأني سأكون حاضرة في الاجتماع قبل بيومين."

"كما تأمرين، سيدتي."

وقبل أن تغادر الخادمة، أضافت فيكتوريا بنبرة ناعمة:

"وأخبري سيليا بأن ترسل لي تقريرًا عن حالة الأمير رايزل. أريد أن أعلم ما إذا كانت الكتب قد أثمرت."

انحنت كليارا وانسحبت بصمت.

ثم عادت فيكتوريا إلى النافذة، تمسح سطح الزجاج بطرف إصبعها وهي تهمس:

"كل شيء يجب أن يتم في لينيار. في قلب المملكة التي يظنها الجميع طاهرة…"

ضحكت ضحكة قصيرة باهتة، ثم أغمضت عينيها وقالت:

"هذه ليست لعبة للملوك وحدهم… إنها رقصة الظلال."

في مملكة ليفيان، وتحديدًا في قلعة "سيراديل" المكسوة بالحجارة البيضاء والمرايا اللامعة، حيث تُقيم عائلة البيون — تلك العائلة التي يشوبها صمت لا يُفسّر، وهدوء لا يُطمئن.

كانت القاعة الهادئة تعجّ برائحة الورد الأبيض والبخور البارد، وبين الممرات الهادئة، وقف شاب طويل بشعر رمادي بلاتيني وعينين زرقاوين كالجليد، يقرأ كتابًا مفتوحًا بينما يهمس لنفسه:

"الاجتماع خلال خمسة أيام... مملكة لينيار ستتكلم كثيرًا، وهذا جيد، فالصخب يجعل الخدع تمر بسلاسة."

أغلق الكتاب بهدوء، ثم تحرّك ناحية النافذة، يطلّ على ساحة القصر حيث كانت الخدم ينظفون السيوف الفضية اللامعة — سيوف كارديل، الموروثة في عائلة البيون جيلًا بعد جيل.

دخل كبير الخدم بانحناءة خفيفة:

"سيدي، تم إرسال الدعوة الرسمية من العائلة المالكة في لينيار."

قال الشاب دون أن يلتفت:

"أخبر أبي أنني سأتحدث بدلًا عنه."

تردّد الخادم للحظة، ثم قال: "لكن والدك لم يُوافق بعد..."

ردّ الشاب بابتسامة بالكاد تُرى:

"سيفعل. هو يكره الحشود، وأنا أُجيد التمثيل."

خرج الخادم بصمت، بينما ظل الشاب يراقب انعكاس صورته في زجاج النافذة، يتمتم:

"لينيار... نقيّة؟ لا أحد نقيّ، نحن فقط نرتدي اللون المناسب."

ثم انصرف بهدوء، صدى خطواته بالكاد يُسمع، كما لو أن ظلاً مرَّ لا جسدًا.

في اليوم الذي يسبق اجتماع ممالك قارة فالين بأربعة أيام…

كانت الشمس تميل نحو الغروب، تصبغ الحديقة الخلفية للقصر بلون ذهبي باهت، حين جلس رايزل على الطاولة الخشبية الصغيرة أمام بيت إيزيك، وقد وضع أمامه بعض الأوراق والخرائط. جلس مقابله الطفل ذو الملامح الباردة والعينين الثاقبتين: إيزيك فالنتين، الأمير الثالث، وعقله الناضج يكاد لا يُصدق أنه في الخامسة من عمره فقط.

قال رايزل وهو يشير إلى خريطة مملكة لينيار:

"برأيي، على المملكة أن تُعيد تنظيم الجيش الجنوبي بدلًا من الاستمرار في دعم معسكر الظل، الجبل الجليدي غير مستقر أصلًا، وسياسة الضغط قد تفشل."

هز إيزيك رأسه ببطء، ثم قال:

"خطأ. إن إعادة التنظيم ستُظهر أننا نعاني ضعفًا داخليًا، وهذا سيشجع ميفيا على المطالبة بحدودهم القديمة. والأهم، أن معسكر الظل هو الورقة التي تخيف الجميع. التخلص منها الآن غباء سياسي."

صمت رايزل للحظة، ثم تمتم:

"هممم… لم أفكر في ذلك."

ابتسم إيزيك بهدوء، وقال بنبرة فخر طفولي خفيف:

"ولهذا قلت لك أن قراءة التاريخ لا تكفي، عليك أن تفهم كيف يفكر العدو."

ثم أضاف وهو يُميل رأسه:

"لكن لا بأس، أنت تتحسن."

قال رايزل وهو يُبعد الأوراق:

"هل من الطبيعي أن يخسر شخص بعمري أمام طفل في الخامسة؟"

ضحك إيزيك بهدوء وقال:

"ليس أي طفل."

ضحك رايزل لأول مرة بصدق في ذلك اليوم، ثم قال:

"أتعلم؟ أنا ممتن لوجودك، حتى لو أنك تغلبني في كل نقاش."

رفع إيزيك نظره نحوه وقال بهدوء:

"وأنا ممتن لأنك لا تكذب. الأمر نادر في هذا القصر."

وساد بينهما صمت مريح، لا يُسمع فيه سوى صوت طائر صغير فوق الأغصان.

[يوم الاجتماع]

في صباح يوم الاجتماع العظيم بين ممالك قارة فالين…

اهتزت أرجاء مملكة لينيار بحركة غير معتادة منذ شروق الشمس. كانت السماء صافية، والرياح باردة تُلامس شرفات القصر الملكي، ورايات المملكة ترفرف في كل مكان تعلن استعدادها لاستضافة الملوك والأمراء والأشراف من كل قارة فالين.

داخل جناح رايزل:

كان فيون يقف أمامه ممسكًا برداء رسمي أزرق داكن، تتخلله زخارف فضية، ورداء داخلي أبيض مشرق يرمز إلى أبناء العائلة المالكة.

قال فيون باحترام:

"سموك، حان وقت ارتداء الزي الرسمي… اجتماع اليوم يمثل سمعتك كأمير."

نظر رايزل لنفسه في المرآة وقال ساخرًا:

"هاه، على الأقل سأبدو جيدًا وأنا أُهان."

ثم تمتم ببطء:

"سأريهم من هو رايزل فالنتين."

وضع ريمبر رأسه على كتف رايزل بتثاقل وهو يقول:

"تأكد أن لا تغفو أثناء الاجتماع، أنا لن أوقظك هذه المرة."

رد رايزل:

"لن أغفو… لأنني سأكون مشغولًا برد الإهانات."

في جناح لوكاس:

كان لوكاس قد ارتدى رداءً إمبراطوريًا فخمًا من اللون الأرجواني الداكن، وقد رُصعت أطرافه بشعار العائلة المالكة. صفّف شعره الأبيض بعناية وربط سيفه الرسمي المزين بحلقة سحرية زرقاء.

نظر إلى نفسه في المرآة وقال بصوت منخفض:

"كل خطوة في هذا الاجتماع… يجب أن تُحسب."

ثم توجه إلى الباب، وأخبر الخادم:

"أرسل إشارة إلى الحرس، سأكون في صالة الاستقبال خلال دقائق."

سيفاريل في ساحة التدريب:

كان قد استبدل السيف الخشبي بسيفٍ تدريبي حاد، ويرتدي زيًا ملكيًا بسيطًا بألوان مملكة ليفيان، وشعره الأحمر مبعثر قليلًا، ووجهه مغطى بعرق الحماسة.

قال بتنهيدة:

"أريد أن أبدو رائعًا اليوم… هذا أول اجتماع رسمي لي…"

ثم فكر وهو يضرب الهواء بسيفه:

"لكن لا بأس، إن لم أبدُ رائعًا، فليكن حضوري مشرقًا بما فيه الكفاية."

مارين ستارك:

ارتدت مارين ثوبًا ملكيًا ورديًا فاتحًا مزخرفًا بزينة الزمرد الأخضر، لتُظهر الألوان الرمزية لدوقية ستارك. شعرها الأسود الطويل تم تجديله بطريقة معقدة، وابتسامتها كانت هادئة وخبيثة في آن واحد.

قالت بهدوء للخادمة التي تضع لها الحلي:

"هل تعلمين؟ سيكون من الجميل أن ترى الإمبراطورة كم أنا زهرية اللون اليوم."

الخادمة همست:

"سيدتي الصغيرة... الأمبراطورة ستنفجر غضبًا."

ابتسمت مارين وقالت:

"تمامًا ما أريده."

في الصالات الخارجية للقصر الملكي:

بدأت العربات الرسمية بالوصول. وفود مملكة ليفيان، يتقدمهم دوق فالرون، والد سيفاريل، وجهه أحمر كالعادة، يصيح على الخدم من شدة غضبه:

"كيف تجرؤون على التأخر في استقبالي!! نحن في المملكة المستضيفة!!"

من خلفه، كان أفراد عائلات سالين والبيون يراقبون بصمت. البيون كما المعتاد بوجوههم الهادئة وأعينهم كالثعابين، يُراقبون ببرود وحذر. إحدى سيداتهم تمسك بكتاب صغير وتبتسم بخفة بينما تتأمل القصر.

وفي مكان بعيد على شرفة علوية...

كان أحد أفراد عائلة مازياكي يقف بصمت، يرتدي رداءً أسودَ ذا أطراف أرجوانية باهتة، ينظر بصمت نحو القصر بعينين قاتمتين كأنهما ترى ما وراء الأحداث.

قال بصوت خافت:

"كل شيء بدأ يتحرك… فالين على وشك أن تُقلب رأسًا على عقب."

وهكذا… تُفتَح أبواب القصر الملكي لاستقبال أعتى عقول وأعمق مكائد القارة... بينما رايزل، يجلس في غرفته يحمل خريطة العالم في عقله، وقلبه مليء بالأسرار والتمرد.

في جناح دوق فالرون، في مملكة لينيار…

كانت الغرفة تهتز من الصراخ.

صرخ الدوق بصوتٍ أزعج الخدم وحتى الطيور على النوافذ:

"أيها الوغد الأحمق!!!! سرقت سيف رارديلا وأنا كنت ثملًا؟!؟! من أين لك هذا الجرأة؟!!!"

كان سيفاريل واقفًا في الزاوية، واضعًا يديه خلف ظهره، ينظر للسقف وكأنه لم يسمع شيئًا، ثم قال وهو يتنحنح:

"أوه؟ سيف رارديلا؟ ظننته عصا سحرية! أقسم بذلك! ألم تكن أنت نفسك قد قلت إنه قديم جدًا ولم يعد يليق بك؟"

صاح الدوق:

"قلت ذلك ووجهي مغطى بالنبيذ!! هل تأخذ كلامي في السكر كموافقة؟!!"

سيفاريل تمتم:

"في مملكة لينيار، نعم."

وبينما كاد الدوق أن ينفجر أكثر، دق الخادم الباب وقال بارتباك:

"سيدي... بدأ الحفل، وقد دُعيتم للدخول للقصر الملكي الكبير."

تمتم الدوق من بين أسنانه:

"سوف أحرق هذا الطفل بعد الاجتماع."

سيفاريل بابتسامة بريئة:

"أتمنى أن تحرقني على موائد الذهب، يا أبي العزيز."

[القصر الملكي الكبير – قاعة الاجتماعات الملكية]

فتحت الأبواب الكبيرة المصنوعة من الأبنوس الأسود والمطعمة بالذهب الخالص، ودخل النبلاء والنجمات والمبعوثون من أربع ممالك دفعة واحدة، كل مجموعة تحمل زيّ مملكتها وأعلامها ورموزها.

القاعة كانت فخمة ومهيبة:

سقفها العالي من الزجاج السحري يعكس السماء، أعمدة مزيّنة بنقوش تنين مانا، أرضية لامعة كأنها مرآة، وفي المنتصف طاولة ضخمة دائرية خُصصت للملوك والأمراء، ومقاعد محيطة للوزراء والدوقات وكبار السحرة.

وكان من أوائل الداخلين:

• دوق فالرون، يمشي بغضبٍ مهيب.

• ممثلو عائلة سالين: بصمتٍ بارد.

• ممثل من عائلة البيون: يبتسم ابتسامة ماكرة وهو يراقب الجميع.

•ممثل من عائلة مازياكي : هادئ وحذر

ثم… دخل لوكاس.

وما إن خطا داخل القاعة، حتى توقف الزحام وكأن الزمن تجمّد للحظة.

الشمس عبر الزجاج السحري انعكست على شعره الأبيض الناعم، وعيونه الأرجوانية أضاءت المكان وكأنها سحر قديم… خطاه كانت هادئة ولكنها تُرعب، وهيئته الإمبراطورية تُخيف وتفتن.

الهمسات من النبيلات بدأت تنتشر كالنار:

"مَن هذا؟"

"إنه الأمير الأول… لوكاس فالنتين!"

"إنه أكثر جمالًا مما وصفوه… ذلك الوجه لا ينتمي لهذا العالم!"

"أوه... يا إلهي، هل يمكن للعيون الأرجوانية أن تكون قاتلة؟"

حتى بعض النبلاء لم يملكوا سوى الانبهار، وكانوا يتمتمون:

"هذا هو الأمير الاول؟أن تكون له ثلاث حلقات سحرية في سن الـ15؟هذا مذهل!"

أما لوكاس فكان كعادته… لا يُبالي. جلس في المقعد المخصص له على الطاولة، وفتح دفترًا صغيرًا بدأ يدوّن فيه ملاحظات، وكأن ما حوله ليس إلا سُحب دخان.

وبينما بدأ النبلاء يأخذون مقاعدهم…

تستعد العائلة المالكة لدخول القاعة، والكل يترقّب حضور الإمبراطور إيدور، ورايزل… والأمير الثالث الصامت إيزِيك.

2025/06/25 · 3 مشاهدة · 2354 كلمة
نادي الروايات - 2025