دخل رايزل إلى غرفته الملكية وأغلق الباب خلفه بهدوء، ثم تنهد وهمس لنفسه بابتسامة ساخرة: "كانت ردة فعل الإمبراطورة مضحكة للغاية...". ارتمى على السرير على ظهره، يحدق في السقف بعينين شاردتين، وكأن تفكيره قد غاص في أعماق الفراغ.

الهدوء خيّم على المكان، حتى كاد يسمع دقات قلبه. وبينما هو على هذا الحال، خطرت له فكرة غريبة. نهض فجأة من السرير، وفتح باب غرفته ببطء. أطلّ برأسه في الممر، يدير نظره يمنة ويسرة، يتحقق إن كان هناك من يراه، ثم خرج وهو يسير على أطراف قدميه.

اختبأ خلف أحد الجدران حين لمح مجموعة من الخادمات يتهامسن:

"هل رأيتِ كيف كان يبدو الأمير الثاني؟" "نعم، يظن أنه سيحصل على العرش إن غيّر من نفسه قليلًا." ضحكت أخرى بسخرية: "هذا مضحك للغاية. هذا كله خطأ تلك اللعينة فيليا أريام."

توسعت عينا رايزل، وبدأت الذكريات تنهال عليه بقسوة. وضع يده على رأسه، يحاول كبح الألم الذي شعر به. همس باضطراب: "هذه... هذه ذكريات رايزل الأصلي... لكن لماذا أثّر عليّ اسمها بهذه القوة؟"

عاد أدراجه بخطى بطيئة، متكئًا على الجدار. وبينما هو يسير، صادف لوكاس في طريقه.

قال رايزل بنبرة منخفضة وعينين متهربتين: "ابتعد، لوكاس."

لكن لوكاس ظل واقفًا، وكأن صوت رايزل لم يصل إليه. شعر رايزل بالإهانة، لكن تجاهله وأكمل سيره.

حين مر بجانبه، همس لوكاس وهو ينظر إلى الأرض: "رايزل... منذ متى تغيرت؟"

دخل رايزل غرفته وأغلق الباب، ثم جلس على الأرض وأسند ظهره إليه، يحاول استجماع شتاته.

[قبل ثلاث سنوات]

في الحديقة الإمبراطورية، حيث الأزهار الحمراء تنثر عبيرها الساحر، كان لوكاس ذو الثلاثة عشر عامًا يلهو مع الطفل الصغير رايزل، الذي لم يتجاوز الثالثة بعد. الضحكات كانت تتعالى بينهما، والجو مليء بالبراءة.

الإمبراطورة إليشا كانت تجلس غير بعيد، تبتسم لهما ابتسامة باهتة، خلفها أفكارٌ سوداء تشتعل: "هذا الطفل... ماذا يريد من ابني؟ هل يسعى لكسب ثقته كي يسرق منه العرش؟"

دخلت إحدى الخادمات وانحنت باحترام: "جلالتك، الإمبراطور يطلب من الأمير لوكاس الحضور إلى مكتبه حالًا."

نظرت إليشا إلى لوكاس، فأومأ لها برأسه، وغادر بهدوء. عمّ الصمت للحظات، ثم توجه رايزل بنظرته الطفولية البريئة نحو إليشا وقال بنبرة مرحة: "أمي، هل يمكنك أن تلعبي معي كما تلعبين مع لوكاس؟"

نظرت إليه بازدراء، كأنها ترى كائنًا دخيلاً. صرخت: "أيتها الخادمة! خذي هذا الطفل المقرف وارميه في غرفته!"

توترت الخادمة، لكنها انصاعت للأمر، وأمسكت برايزل. وبينما كانت تمضي به، قال بصوت حزين: "أمي إليشا لا تريدني... أريد أمًا حقيقية."

تنهّدت الخادمة، ثم ربتت على رأسه برفق وقالت: "أنت الأمير الثاني يا صغيري، لا تنتظر أن يحبك أحد."

لم يجب، لكن عينيه أضاءتا بشيء غريب وهو يهمس: "إذن... أنتِ ستكونين والدتي!"

في صباح اليوم التالي، استيقظ رايزل على مشهد دموي صادم.

الخادمة التي احتضنته بالأمس، كانت جثتها مرمية وسط الحديقة، والدم يغمر الأرضية. ركض إليها رايزل الصغير، وجهه شاحب، وعيناه تتسعان رعبًا. بدأ بالبكاء وهو لا يدرك السبب.

صوت داخلي همس: "كل من تحبه... سيموت."

بينما الإمبراطورة إليشا كانت تقف خلف نافذتها، تراقب المشهد بابتسامة باردة

2025/05/27 · 12 مشاهدة · 460 كلمة
نادي الروايات - 2025