في تلك اللحظة، اختلطت الظلال بالظلام، وتردد سؤال واحد في أذهانهم: أي جمجمة يريدها شورو؟ ومع كل كلمة يلفظها، كانت نذر الخطر تقترب، كأن كل خطوة يخطوها أكاينو ستكشف عن جزء آخر من اللغز الذي يعصف بكل شيء حوله. وعدو مجهول ، والفخ قد بدأ في الانغلاق.

~~~~

أكاينو (يتسائل بنبرة مشوشة ): "مع من سأقاتل؟"

يوري (وهو يضع يده على وجهه، مغمضًا عينيه بحذر): "لا أشعر أن هناك شيئًا جيدًا قادمًا."

شورو (ابتسامة ساخرة تعلو وجهه، بينما يتكلم بنبرة متحفزة): "كما المعتاد... لكن هذه المرة القتال مختلف. سيكون هناك مال أكثر."

يوري (بتهكم، وهو ينظر إلى شورو بقلق): "وفي النهاية، بعد كل هذا العناء... نحصل على مجرد عملات لا تكفي لشراء رغيف خبز."

شورو (يقف منتصبًا، ونظراته تزداد شراسة): "لكن المال ليس كل شيء، أليس كذلك؟ أعتقد أنك تعرف جيدًا ما أعني... النزالات الليلية، حيث لا قوانين، حيث كل شيء مباح. إنها معركة حقيقية. قد تخرج حياً، وقد لا تخرج. لكن إذا أردت علاج والدتك... هذا هو السبيل الوحيد."

أكاينو (نبرة صوت جادة): "وأنت تقول إن هذا هو الحل الوحيد؟"

-شورو (ينظر إلى أكاينو مباشرة، ابتسامته نصفية، كأنما يعزف على أوتار صمت قاتل): "الحل الوحيد إذا كنت تريد أن تبقيها على قيد الحياة. العلاج الذي تحتاجه يكلف أكثر من كل ما تملك. وإذا حاولت العمل لسنوات... لن تتمكن من جمع ثمنه. أما أنا، فأقدم لك فرصة... في كل شهر، علاجك... مقابل حياتك في كل قتال."

كانت العواقب واضحة، وأكاينو لم يملك سوى خيار واحد. الظلام يحيط به في تلك الساحة المجهولة، حيث القتال بلا قوانين، وكل خطوة قد تكون الأخيرة. المعركة التالية ستكون كما السابقة، لكن الثمن هذه المرة أكبر. والدته، التي يعجز الألم عن الإفلات منها، بحاجة إلى علاج لا يستطيع تحمله. جرعة واحدة من الدواء، كل شهر، مقابل حياته في تلك النزالات. كان يعلم أن النجاة ليست مضمونة، لكن لا خيار أمامه سوى أن يخوضها. أما إذا فشل، فسيظل الألم يحرق جسد والدته، ولن يكون هناك أي فرصة أخرى. حياته تساوي أقل من لحظة أمل واحدة لها.

شورو يمسك بحقيبته الجلدية المتهالكة، يفتحها بحركة سريعة، ويُخرج زجاجة صغيرة تحتوي على جزء من جرعة العلاج. يمدها نحو أكاينو بوجه بارد، وأكاينو يأخذها بصمت، يضم قبضته عليها وكأنها أثمن ما يملك.

بعدها، يسحب شورو ورقة مطوية من جيبه الداخلي، يناولها ليوري قائلاً بنبرة هادئة لكن صارمة:

"هذه معلومات عن المقاتل... والعنوان الذي سنتقابل فيه غدًا في المساء."

قبل أن يرحل، يقترب من أكاينو قليلاً، يهمس بصوت منخفض وحاد:

"لا تنسَ... لا أحد يمكنه أن يجلب ذلك العلاج غيري."

ثم يكمل طريقه بخطوات ثابتة دون أن يلتفت، ملوحًا بيده بلا اكتراث:

"إلى اللقاء... نتقابل غدًا."

أكاينو يبقى في مكانه، لا يتحرك ولا ينطق بكلمة، بينما يوري يرمق شورو بنظرة ازدراء، يغمغم بصوت خافت:

"يا لك من شخص مزعج..."

يوري ينظر إلى أكاينو، ويرى ملامح الحزن واضحة على وجهه، فيقترب بخطوات هادئة، ثم يقول بصوت منخفض لكنه مليء بالقلق:

يوري (بصوت هادئ):

"في ماذا تفكر؟ لا تبدو على طبيعتك اليوم يا أكاينو..."

يبقى صامتًا للحظة، ينظر إلى الزجاجة التي بين يديه، يقلبها ببطء وكأنها تحمل إجابة لا يعرفها. يبتسم ابتسامة خفيفة لكنها باهتة، ثم يقول بنبرة هادئة:

أكاينو:

"أنا فقط... أفكر... لا شيء مهم."

يوري يتنهد، يضع يده على كتف أكاينو بلطف ويقول بنبرة تجمع بين الجدية والود:

"أنا لم أتعرف عليك منذ يومين، يا أكاينو. نحن نعرف بعضنا منذ ثماني سنوات... ما الأمر؟"

ينظر إلى يوري لوهلة، لكنه لا يجيب. يعود بنظره إلى الزجاجة، وعيناه تائهتان وسط أفكاره المعقدة.

وصوته يصبح أكثر عمقًا وحزنًا:

أكاينو (بصوت خافت):

"أفكر في ذلك اليوم المشؤوم..."

تتغير ملامح يوري، وينعكس على وجهه ظل من الحزن والندم، وكأنه استُدعي إلى تلك الذكريات السوداء مجددًا.

يوري (بصوت منخفض): "ما زلت تتذكر أحداث ذلك اليوم..."

يهز أكاينو رأسه ببطء، وكأنه يرفض النسيان بنفسه. عيناه تشتدان حدة، وفيهما بريق من الغضب المكبوت: كان عقله يغرق في الظلام، وفي قلبه، تتفجر الذكريات كالجمر المتقد. كل شيء حوله أصبح ضبابيًا، كما لو أن العالم ينسحب بعيدًا. فجأة، كان هناك، أمامه، الطفل.

طفل صغير، شعره فضي كالضوء الباهت في الليل، ممدد على الأرض، جسده يرتجف من الخوف. عيونه كانت مليئة بالدموع، تتدفق على خديه كأنها سيل لن يتوقف. كانت يداه تمتدان، تبحث عن نجاة، عن مخرج، عن شيء يمكنه التمسك به وسط الفوضى.

"أرجوكم... لا تقتلوني."

كلماته كانت تخرج بصوت ضعيف، ضعيف جدًا، كأنما تخرج من أعماق الجحيم نفسه. في تلك اللحظة، كانت الدنيا تتوقف من حوله، إلا أصواتهم التي كانت تصرخ من خلفه. أصوات قاسية، مليئة بالكراهية والازدراء:

صوت 1 (بحزم): "يجب قتله... لن نترك هذه اللعنة تنتشر!"

صوت 2 (بنبرة غضب): "إنه جالب الشؤم... وجوده وحده كارثة على قريتنا!"

صوت 3 (بتصميم قاتل): "اقضوا عليه قبل أن يتحول إلى وحش!"

الطفل يغمض عينيه بشدة، يكتم شهقاته بصعوبة، وكأن قلبه على وشك الانفجار من الرعب.

صوت أخير (مليء بالكراهية): "إنه لعنة علينا جميعًا... يجب أن يُمحى!"

كانت كلماتهم كفأس تقطع الروح ، لم يكن الطفل الذي يراه في تلك اللحظة سوى نفسه. الذي يعاني من النظرات، من السخرية، من الألم. في عيونهم، هو اللعنة التي يجب التخلص منها....

في تلك اللحظة، كان جسده يرتجف، ولم يستطع الهروب.

وفي لحظة، تلاشت تلك الذكريات، لكن آثارها ظلت محفورة في قلبه. عاد إلى الواقع أغمض عينيه للحظة، قبل أن يفتحها مجددًا. عادت تلك النظرات، تلك الأصوات، لتطارد عقله، بينما يديه ما زالت تمسك بالزجاجة.

أكاينو: "لو لم أكن موجودًا... لما مرضت أمي... لما كنت سأحمل هذه العلامة. لم أنسَ نظراته... كان يكرهني... وكأنني لعنة يجب أن تختفي."

يوري يبقى صامتًا، يستمع بانتباه، يتذكر هو أيضًا ذلك اليوم، حين كان واقفًا إلى جانب أكاينو، يشاهد كيف تغير كل شيء في لحظة. كان يعرف كم كان ذلك صعبًا عليه، لكنه لم يجد يومًا الكلمات المناسبة لطمأنته.

يوري (في نفسه): "حتى الآن، لا أستطيع غفران ضعفي في ذلك اليوم... كان عليّ حمايته."

أكاينو (يبتسم بمرارة):

"لم أكن أعلم أنني سأكبر وأحمل كل هذا... لم أكن أعلم أنني سأظل مجرد طفل يبحث عن إجابة."

يوري (بصوت هادئ، يضع يده على كتفه):

"لكن رغم كل شيء، أنت هنا الآن... أقوى مما كانوا يتخيلون."

أكاينو (ينظر إليه بعينين متعبتين):

"لكن بأي ثمن؟"

يوري يضغط على يده قليلاً، وكأنه يكبح نفسه من التدخل، يعلم أن تلك الكلمات ليست مجرد تذمر، بل هي بقايا جرح لم يندمل

يوري كان لا يزال يتأمل وجه أكاينو المتجمد، لكن شيئًا ما طرأ على ملامحه فجأة. كأن فكرة انبثقت في عقله كوميض خاطف. رفع رأسه ونظر مباشرة إلى أكاينو.

يوري (بنبرة جادة ومفاجئة):

"أكاينو... أعلم ما هو..."

لكن قبل أن يكمل، قطع حديثه صوت قوي ومزعج. كان هناك شخص يضرب الجرس بقوة عند بوابة المنجم، يصرخ بأعلى صوته:

"لقد وصل الملك! لقد وصل الملك!"

التفت أكاينو بسرعة نحو المصدر، بينما العمال يتركون أدواتهم ويقتربون من البوابة بذهول. ارتفع همس هنا وهناك، تتخلله نظرات متسائلة ومذهولة. أحد العمال، وهو ينظف ملابسه بسرعة، اقترب من الرجل الذي يقرع الجرس وسأله:

"لكن... أليس من المعتاد أن يأتي جنود الملك أو وزيره في نهاية كل شهر فقط؟ كيف يأتي الملك بنفسه الآن؟ ونحن لم نصل حتى لنهاية الشهر الجاري... هل هناك شيء ما؟"

هز الرجل الذي يقرع الجرس كتفيه بارتباك، وقال بصوت منخفض:

"لا أعلم فعليًا... أنا مثلي مثلكم. لم يُخبرني أحد بشيء. سنعرف قريبًا."

يوري، الذي كان يراقب الموقف من بعيد، همس دون أن ينظر إلى أكاينو، كأنه يحاول تحليل الأمر:

"فعلاً... غريب أن يأتي الملك بنفسه إلى هذا المكان القذر... أليس كذلك، أكاينو؟"

أكاينو، الذي كانت عيناه لا تزالان معلقتين على الحشود المتجمعة، همس بدوره بصوت ثقيل يشوبه القلق:

"لا أعلم... لكنني أشعر أن هناك شيئًا سيئًا قادم..."

~~~~

الشمس تتوسط السماء، أشعتها الحارقة تلامس الأرض الجافة. الطريق الترابي يهتز على وقع حوافر الأحصنة المتقدمة. سكون ثقيل يسبق ظهور الموكب الملكي.

تتقدم خيول سوداء ضخمة، على رأسها حصان مهيب يتقدم بخطى واثقة، يلمع درعه تحت ضوء الشمس. الفرسان المصطفون على الجانبين، مدججون بالسلاح، عيونهم ثابتة للأمام

ينخفض الغبار تدريجيًا، ومعه تهبط قدم قوية على الأرض من على ظهر الحصان الملكي. حذاء جلدي أسود لامع يترك بصمة واضحة في التراب. ترتفع القدم الثانية بثبات، ويتكشف تدريجيًا جسد ضخم مغلف بدرع داكن مزخرف برموز غير مفهومة.

يتحرك الموكب بتناغم حوله، الجنود يتخذون مواقعهم بانضباط لا تشوبه شائبة. رأسه مرفوع، وشعره الداكن الطويل يتماوج مع الريح. ملامحه تتضح ببطء، عين حادة تلمع تحت الضوء، تعلوها ندبة تبدأ من أسفل الجفن وتنتهي عند زاوية الفم. اللحية الكثيفة تزيده غموض، وتبدو ندبات أخرى على يديه العريضتين، كأنها شواهد لمعارك لا تُحصى.

ينظر حوله بنظرة باردة، تحمل في عمقها جبروت ملك لا يقبل الضعف. الصمت يسيطر على المكان، حتى الطبيعة نفسها بدت وكأنها توقفت عن التنفس.

إنه رايدن - ملك مملكة بيراما.

العنصر: مجهول.

عدد الكوما: مجهول.

الرتبة: الرتبة الملكية.

الجنود يلتفون حوله، ينتظرون أوامره دون أن ينبسوا ببنت شفة. الشمس تشتد سطوعًا

رايدن يتوقف لحظة، بينما خلفه تقترب خطوات ثابتة لشخص غير واضح الملامح، تختبئ تفاصيل وجهه في ظلال الملك الوارفة.

دون أن يلتفت، بصوت عميق يمزج بين السلطة واليقين، يسأل رايدن:

"هل هذا هو المنجم الذي أخبرتني عنه؟"

يرد الصوت من خلفه، هادئًا وواثقًا:

"نعم، مولاي... هذا هو."

رايدن يواصل سيره بخطى ثابتة، قائلاً بنبرة صارمة:

"أحضر لي المسؤول عن هذا المنجم، يا كازوما."

يهز الشخص رأسه، وتبدأ الظلال بالانسحاب مع حركة الملك. يظهر الوجه تدريجيًا تحت ضوء الشمس، يتجلى شعره الأصفر الساطع، وعيناه الحادتان المتقدتان بالقوة والخُبث. ابتسامة خفيفة تلوح على شفتيه، تجمع بين المكر والإخلاص المزيف.

بصوت يحمل احترامًا زائفًا، يرد كازوما:

"سمعًا وطاعة، مولاي."

كازوما - الوزير الأعلى

العنصر: الجليد

عدد الكوما: 27

الرتبة: سكا (الملكية)

يتحرك كازوما بخفة، كما لو كان يمشي على الجليد، وخلفه يترك هواءً باردًا كأن الشتاء نفسه يتبعه. تظل نظراته موجهة للأمام، وعيناه تراقبان كل حركة بحذر ودهاء.

داخل المنجم، تتردد طرقات المطارق في الأنحاء، يمتزج صداها بأصوات الأنفاس الثقيلة للعمال. أكاينو يرفع مطرقته مجددًا، يضرب بها الصخرة أمامه بقوة، بينما يوري يمسح العرق عن جبينه المترب، يحاول التقاط أنفاسه.

فجأة، تتسلل أصوات خطوات ثقيلة عبر الأنفاق. يرفع أكاينو رأسه بحذر، ويلتفت يوري نحو مصدر الصوت. تزداد الخطوات قربًا، ويعلو همس بين العمال، قبل أن تتوقف الحركات فجأة.

من ممر ضيق، يقتحم المكان مجموعة من الجنود المدرعين، يتوزعون بسرعة في كل زاوية، يمنعون الحركة، ويدفعون العمال للتجمع في الوسط. تتصاعد همهمات القلق، وأصوات ارتطام الدروع تضفي على الجو توترًا مخيفًا.

يترك أكاينو مطرقته على الأرض، يتبادل نظرات سريعة مع يوري، ويشعران بثقل الموقف

ينفتح الممر العريض عند مدخل المنجم، ويظهر الملك رايدن. خطواته ثابتة، تفرض وجوده بقوة. نظراته الحادة تفحص الوجوه ببرود، لا تفوته أي حركة. الضوء الخافت يلمع على درعه، ووجهه الجامد يروي الكثير دون أن يتكلم.

تخترق همسة خائفة الصمت:

"إنه... الملك بنفسه..."

يوري ينظر إلى أكاينو الذي يقف بلا حركة، عيناه لا تفارقان الملك. رايدن يتقدم أكثر، هدوءه يبعث على الريبة، وكأن حضوره وحده كافٍ لكتم الأنفاس.

يتوقف الملك في منتصف المكان، يلتفت ببطء، وصمت ثقيل يسيطر على كل شيء. العمال يحدقون برعب، وأكاينو لا يزال يقاوم اضطراب مشاعره. لحظة جامدة، تنتظر ما سيقوله الملك، وكل الأنظار معلقة عليه، تترقب الكلمة الأولى.

~~~~

وفي تلك اللحظة ، لم يكن أحد يتوقع الكلمات التي ستخرج من فمه.

يتبع ......

2025/07/17 · 1 مشاهدة · 1748 كلمة
Tendo akino
نادي الروايات - 2025