الصراخ لا يأتي من البشر فقط .
هناك صراخ يشّق السماء من عمق الأرض .
من مدينة نيروسي لا يبقى سوى إسمها على الخرائط.
البنايات تنهار، الشوارع تنزف ، و الهواء محمّل برائحة اللحم المحترق .
الزومبي لا يتحرّكون كجثث.
إنّهم يراقبون، يتحلّقون ، يتموّجون ككائنات لها عقل مشترك.
كلما خاف الإنسان ، تغيّر شكلهم ليجسّد ذلك الخوف .
طفل يصرخ من الظّلام، فيظهر له زومبي بلا أعين.
إمرأة تهرب من النيران ، فتسقط أمام زومبي نصفه لهب و نصفه لحم.
في زقاق ضيّق بين بنايتين محترقتين، هناك شاب يركض ، يلهث ، و يحمل سيفا حديديًّا مشوّها. ملابسه ممزّقة و دم لا يبدو كله بشري على صدره .
إنّه زين .
حيث يصل إلى نهاية الزقاق و يجد فتاة صغيرة تبكي خلف حاوية مهشّمة فَينحني نحوها و يحاول تهدئتها لكن قبل أن يلمس يدها..... من الظل، يخرج زومبي مشوّه بجسد طويل كالثعبان و يفكك الفتاة أمام عينيه.
صرخة واحدة.....ثم لحم يتناثر.
فَيتجمّد زين
و ينظر إلى الوحش...ثم يضحك ضحكةً مكسورةً حادّة، خالية من النّفس.
_"هذا العالم لا معنى له ".
و يرفع سيفه الحديدي و يضرب مرة و مرّتين .....ثم يحاصر.
فوقه يقف ظل بشريّ
يهبط من جدارٍ محترق بخطوة ميكانيكيّة و بسرعة دقيقة يسحق الزومبي بضربة واحدة.
مايلوك.
وهو سايبورغ نصف آلي و نصف بشري كما أنّ أعينه زرقاء كالضوء تتوهج و خصوصا العين اليسرى .
ثم ينظر إلى زين دون تعبير.
_" هل أنت حي؟"
_ "أعتقد ذلك..."
_ "سيئة جدا هذه الإجابة. "
و يحمل قطعة لحم الزومبي و يرفعها إلى الضوء.
_ " ليست فيروسا ، إنها ذاكرة فاسدة ".
زين يحدّق فيه: "أأنت إنسان؟ "
مايلوك: "لا ، لكني أتظاهر ".
يتحرّكان معا وسط الدمار ، يحاولان إجتياز الطريق الرئيسي و بين الضباب يرونه ، إنه فيليكس يسير وسط الخراب بثبات ، لا ينظر إلى الخلف و لا يبدو مذعورا.
حتى الزومبي لا يهاجمونه..... بل يتجنّبونه .
زين يهمس : " ما به هذا المجنون؟ "
مايلوك يرد بصوت منخفض : " إمّا أنّه ميّت.....أو أسوأ ".
و بعدها لحقا به .
الزومبي يتحرّكون و هذه المرة يهاجمون الثلاثة معا
( مايلوك، زين ، فيليكس ) .
قتال عنيف، أجساد تتطاير، ضوء خاطف من يد مايلوك،
و صرخة من زين وهو يطعن الزومبي في عينه أما فيليكس فهو يضرب بهدوء كأنّه لا يحاول النجاة بل يستدرج الخطر.
ثم....الصمت.
الهواء يتجمّد، السماء تتغيّر لونها حتى الزومبي يتراجعون.
من خلف البنايات المحترقة، ...... يظهر ستيفان .
طويل، مشوّه ، عيناه تُشعّان بلون رمادي قاتم .
جسده مغطّى بجروح قديمة لا تنزف .
و في يده مطرقة مكوّنة من عظام بشرّية محطّمة، مربوطة بسلاسل من جلد البشر.
يقف وسط الطريق....ينظر إليهم و كأنّهم لا يستحقون وجودهم .
_" البشر يحبون البقاء ....و أنا أحب أن أذكّرهم بأنّهم لا يستحقونه ."
يضرب الأرض .
الزومبي يسقطون.....ثم يقومون من جديد، أسرع ، أشرس ، ينهشون البشر بلا شفقة .
يأكلونهم أحياء .....يبدأون بالرئتين.
زين يصرخ : " من هذا ؟!"
مايلوك بصوت بارد : "ليس زومبي.....إنّه قائد ."
يجرّهم فيليكس إلى بناية مهجورة .
يختبئون، يلهثون ، يراقبون من النوافذ .
مايلوك سأل فيليكس : " أنت..... من تكون ؟"
فيليكس لا يجيب بل يفتح دفترا صغيرا ، يكتب فيه شيئا
ثم يقول : " أنا من سيمشي في الجحيم.....دون أن يحرق. "
في الخارج يقف ستيفان على جثة طفل و يطحن عظامه بقدمه ثمّ يرفع المطرقة و ينادي بصوتٍ يصلُ إلى كل أُذُنٍ :
" أيّها البشر ...هل شعرتم يوما أنّكم زائدون ؟
إنّكم فقط خطأ كتابي في رواية كونيّة .
نحن التصحيح..... نحن الممحاة.
لا تصرخوا ..... فصوتكم مجرّد موسيقى لبداية النهاية ."
يرفع المطرقة و يشير إلى الأفق :
" الزّمن قد إنكسر .....
و العدالة ستكتب هذه المرّة بالدم .... و العظام ."
يتبع ............