4 - ثلاثة وجوه للجحيم.

في قلب المدينة الميّتة......كان هناك صمت مؤقّت .

ليس لأنّ الخطر إختفى ، بل لأنّ الكارثة تتنفس، تتهيأ و تنتظر .

داخل مبنى نصفه محترق ، و نصفه الآخر مغطّى بدماء قديمة ، جلس الثلاثة في غرفة صغيرة محصّنة بألواح حديديًّة .

فيليكس يجلس قرب النافذة المهشّمة ، يكتب في دفتره كأنّ العالم لا يعنيه .

مايلوك يصلح مِفْصَلًا في ذراعه المعدنية ، عينه الباردة تراقب التفاصيل.

زين يلفُّ سجارة ممزّقة من أوراق كتب ، يحاول أن يبقي ذهنه مشغولا .

و بعد قليل ،

زين : " تعتقد أن الموت أسوء شيء؟ جرب أن تبقى حيّا و أنت تتمنى الموت كل لحظة ."

ينظر إليه مايلوك دون إنفعال : " تسمّي هذا شعورًا ؟ الإنسان يفتخر بألمه كما يفتخر بالحياة . كلاهما قابل للبرمجة. "

فيليكس يردّ بهدوء دون أن يرفع نظره : " و هل أنت مبرمج يا مايلوك؟ "

_ " أنا نتيجة قرارات بشريّة....و هفوات بشريّة. هل هذا يجعلني أقلّ بشرًا ؟"

زين يتنهّد : " كلكم تتحدثون و كأنّكم تعرفون لماذا أنتم هنا . أنا ....كنت فقط أحاول الهروب من نفسي ."

يصمت الثلاثة.

ثم يهمس فيليكس وهو يطوي دفتره : " أنا ذاهب إلى فرنسا. هذا كل ما أعرفه ."

_ "فرنسا؟! في هذا الجحيم ؟"

_ "حتى الجحيم.....له أبواب خلفية. "

و يخرج الثلاثة من مخبئهم ، باحثين عن مكان آمن .

المدينة الميّتة بالإسم ، حية بالكوابيس.

يمرّون بجثث متفحّمة .

أطفال متجمّدين في أوضاعهم الأخيرة .

تماثيل من بشر تحوّلوا إلى حجر وهم يصرخون .

يختبئون من زومبي متّصلين بسلاسل لحميّة بجدران الأبنية ، و كأنّهم أوردة حيّة للمدينة .

وحوش لها أرجل من العظام ، و أذرع من صراخ بشري .

يمرّ وحش مكوّن من رؤوس يصرخ بإستمرار.......

كلما نظرت إليه صرخت إحدى الرؤوس بإسمك .

زين يصرخ : "هذا المكان صنع من كوابيسنا. "

مايلوك يردّ : " أو ربّما.....نحن فقط نرى حقيقتنا أخيرا ."

من أعلى برج متهالك ، يظهر ستيفان.

جسده مغطّى بعظام ميّتة ، سلاسل تجرُّ خلفه أجسادا حيّة مقلوبة على وجوهها.

في يده خنجر مصنوع من فك بشري مغطّى بالدماء.

يتحدّث بصوت هادئ لكن كل من في المدينة الميؤؤس منها يسمعونه :

" هل تشعرون بذلك ؟ الأرض تنكمش كما تنكمش أرواحكم . هذا ليس غزوا ..... بل ولادة جديدة لتصبحوا مثلنا ."

" أينما تهربون ، ستجدون ظلّي قبلكم ، لأن الموت لا يسير ..... بل يسبق ."

يمسك بجثة أحد الأسرى و يفتح جمجمته بأصابعه و يستخرج الدماغ ثم يهمس له : " حتى هذه لم تفكر قط....مجرد وهم كهربائي. كلكم هكذا ."

يأكل جزءًا من الدماغ وهو يبتسم :

" أنا الذراع اليسرى لملك الزومبي .....لكنّي لست مجرد تابع.......أنا صوته حين يصمت ، و غضبه حين يضحك ."

و في الجهة المقابلة ، يصل الثلاثة إلى محطة قطار قديمة مهجورة ، بها ممرّ ضيّق يؤدي إلى الأنفاق السفلى .

فيليكس ينظر إلى الظلام دون خوف .

مايلوك يجهّز ذراعه للإحتمالات الأسوأ .

زين يشعل آخر سجارة معه .

يقول فيليكس : " هناك سنرتّب خطواتنا.....و بعدها نتابع لكن لا تنسوا هذه ليست مجرد نجاة .

هذه بداية الحرب ، و صوتها يأتي .....من الداخل أوّلاً ."

يتبع............

2025/05/31 · 2 مشاهدة · 505 كلمة
دابي
نادي الروايات - 2025