17 - المقدمة(16): رقصة مع النجوم 7

بالنسبة للفتاة التي تسقط الآن فهناك خياران، إما السقوط فوق التماثيل و الموت فوراً أو التصرف بسرعة للنجاة
في العادة خوفها من المناطق المرتفعة سيربكها لكن في حالات حياة أو موت كهذه حتى مخاوفها ترمي بها جانباً
الخوف ليس ما سيجعلك تنجو بل مدى رغبتك في العيش
هكذا هي الأمور
الفتاة ترغب في العيش، لا شك في ذلك، إذن عليها القيام بشيء ما لكن ما هو؟

ليليا نزعت القفاز الواقي ليدها اليسرى، الوشم الذي على راحة يدها تلك بدأ يشع، توهج الوشم اشتد مع اقترابها من الأرض، التماثيل التي وقعت فوقهم تحطموا لقطع تناثرت لأمتار في كل الإتجاهات، قوة السقوط و الضرر الذي ألحقته أكبر بكثير من أن يكون لجسدها هي فقط

إثر ذلك ظهر ظل غريب بين تلك التماثيل المحطمة، من يراه سيعجز عن وصفه، عندما برز كانت العبارة الوحيدة لوصفه، فتاة تركب أسداً

جسده كبير بحيث يصل ظهره لإرتفاع مترين، لونه أحمر في غالبه و تتخلله بعض الزرقة هنا و هناك، فمه و لسانه أزرقا اللون بشكل غريب، كان أسداً ضخماً بألوان غريبة

الأسد زمجر بقوة و وثب لأعلى ليسقط فوق مجموعة أخرى من التماثيل، مستعملاً حتى فكه لتحطيم ما يقع عليه، الأسد إستمر في القفز من مكان لآخر بينما كانت ليليا تمتطيه
جلده أو ربما وبره كان صلباً جداً لأنه و بالرغم من محاولة التماثيل طعنه إلا أن سيوفهم لا تصيبه بأذى

هذا كان المرافق الخاص بليليا، الأمر لا يقتصر على نوع معين من الوحوش فقط، يمكن حتى للمغامرين إستدعاء مرافقين يدعمونهم
في الحقيقة، المرافق في الأصل يكون وحشاً يتم ختم روحه في جسد المالك، العملية معقدة بحيث تكون خطراً على حياة الطرفين

الأسد الضخم إستمر في القفز و تهشيم ما يقع عليه مقترباً من مكان سقوط المطرقة سابقاً، أخيراً وصل إلى مكان المرأة عديمة الوجه ، هي كانت تقف هناك وسط قطع من التماثيل المحطمة، عندما إنقض عليها، ليليا قفزت من على ظهره و التقطت مطرقتها، في تلك الأثناء نجحت المرأة في التصدي لفكي الأسد بعصى رمحها

ليليا رفعت يدها اليسرى
「 هذا يكفي للآن」

على الرغم من الفاعلية الكبيرة للمرافقين أثناء القتال إلا أنه من النادر جداً إستعمالهم، ليس بسبب خطورة الحصول على واحد فقط بل الثمن الذي يجب دفعه مقابل الإستدعاء
ليتجسد المرافق خارج الختم و يُحكم سيده السيطرة عليه يجب أن يتوفر نوع خاص من الطاقة، وقود إن شئت تسميته، و هذا الوقود الذي سيحترق لتوفير تلك الطاقة هو حياة حامل الختم، أي حياة الشخص الذي يملك المرافق
بمعنى آخر إستعمال مرافق يعني إستنزاف حياتك

بالطبع معدل إستهلاك المرافق لحياة سيده ترتبط بقوة المرافق نفسه، فكلما كان أقوى زاد إستنزافه لها

لهذا ليليا الآن تعيد مرافقها لختمه

الأسد أضاء بلون خافت إشتد تدريجياً ثم تلاشى في الهواء

المرأة عديمة الوجه تحررت من مهاجمها لكن لم تمضي ثانية واحدة حتى أجبرت على التصدي لمطرقة هائلة، الإنفجار الذي حدث في مستوى احتكاك رأس المطرقة بالرمح كان كبيراً
الطرفان تراجعا للخلف، بالنسبة لليليا فما إن إستعادت توازنها حتى هاجمت بشراسة ثانيةً، خصمها بدوره كان مستعداً و دافع جيداً، بعد الافتراق، ليليا كررت الهجوم مجدداً، في كل مرة يحدث إنفجار يغطي كلاهما

سلاح ليليا لا يقتصر على التأثير الجسدي فقط بل يحول كمية معينة من المانا لهجمات سحرية
إنها قدرة تتيح لمستعملي الأسلحة العضلية تعزيز هجومهم بضرر سحري
بالرغم من إمتلاكها مقاومة ضد الحرارة إلا أنها تتعرض لإصابات و جروح متفاوتة، من الجانب الآخر خصمها لا يتأثر أبداً بها

إن كانت تضرها هي فقط، إذن لماذا تستمر في إستخدامها؟ أليس من الأفضل لو إقتصر هجومها على النوع الجسدي فقط؟

الإجابة تكمن في المكان الذي من حولهم، إن نظرت للتماثيل فستجدها محيطة بهما و لكن مع ترك مسافة جيدة بينهم مشكلين ساحة حولهما، باختصار الغرض من تلك الإنفجارات إبعاد التماثيل فهي بعد كل شيء هشة و ستتحطم إن اقتربت

الآن المعركة من جانب واحد، ليليا تستمر في الهجوم بلا توقف

رمح الزعيم يمتلك حربة كبيرة شبيهة بالمثقاب لذا هي فعالة في الهجمات الأمامية، الطعن و الإندفاعات لكنها أقل كفاءة بكثير من حيث الهجمات الجانبية أو الإشتباكات
من ناحية أخرى مطرقة ليليا الثقيلة تعاني من عيبين إثنين، الأول كونها مطرقة ثقيلة و حتى بالرغم من القوة الجسدية الكبيرة لحاملتها فهي لا تزال مطرقة ضخمة يصعب التلويح بها سريعاً، مما يعني أنه رغم قوتها الكبيرة فهي بطيئة جداً في الهجوم، ثانياً حجم المطرقة يجعل من الصعب التحكم بها كما أنها عاجزة تماماً أمام الهجمات القريبة بحكم طول العصى التي تحمل رأس المطرقة

بهذا هناك إستنتاج واحد يمكن أن تصل إليه، مطرقة ليليا لا تصيب سوى الأهداف التي تبعد مسافة بين مترين و ثلاثة أمتار عنها لذا إن كان هدفها قريباً جداً منها فهي عاجزة كلياً عن التعامل معه
في الجانب الآخر خصمها قادر على تقليص المسافة بينهم سريعاً و طعنها بالرمح، إن كانت ليليا غير مستعدة لمنعها من الإقتراب فهي ستهلك
هجوم قوي و مباشر من الأمام لن يكون بمقدورها التعامل معه لأنها بطيئة في التحويل من الهجوم للدفاع، لذا أمام ليليا خياران إما الهجوم بالكامل أو الدفاع بالكامل

إن إلتزم طرف بالدفاع فلابد من إرتكابه لهفوة عاجلاً أم آجلاً لذا الهجوم سيكون أفضل خيار

لهذا السبب تستمر ليليا في الهجوم بشراسة دون توقف، إن أعطت خصمها فرصة للرد ستكون في خطر

وجهها ، ذراعاها و كتفاها، كدمات و جروح في كل مكان من نصفها العلوي، بالنسبة لليليا لا يمكنها أن تميز ما يتصبب من وجهها إن كان عرقاً أم دماء، يداها بدأتا تتخدران، نسق تنفسها يزداد اضطراباً، لا شك في ذلك، قواها بدأت تنهار

ليليا تراجعت للخلف ، لم تلتقط أنفاسها حتى، لا يمكنها ذلك لأن خصمها كان على وشك الإندفاع نحوها لذا سبقته لذلك فوراً، الإشتباك ولّد إنفجاراً عنيفاً

حتى لو أرادت إستعمال قدرات سلاحها السحرية لإبعاد التماثيل فهي تبالغ جداً في ذلك

المرأة عديمة الوجه أجبرت على التراجع لكن ليليا لم تعطها فرصة، هجوم ثان عنيف لحقه إنفجار قوي، قطرات من الدماء تطايرت للخلف على الأرضية

「 ليس بعد 」

ليليا مسحت العرق المختلط بدمائها ــ لا، بل الدماء المختلطة بعرقها من على وجهها ثم عادت للإنطلاق، خصمها مازال يحاول التعافي من صدمة الهجوم السابق و التوازن على قدميه جيداً و ها هو الآن يتلقى واحداً جديداً

「 ليس بعد 」

بعد أن تراجعا للخلف كلاهما، ليليا لم تكترث لا لحالتها أو أي شيء من حولها و كررت المحاولة
المرأة عديمة الوجه لا تبدوا عليها علامات حروق أو جروح، بالرغم من الهجمات الشرسة فهي لم تتعرض لضرر كبير

「 ليس بعد 」

من الجهة الأخرى تتعمق جراح و إصابات ليليا بعد كل إشتباك

「 ليس بعد 」

كم حدث ذلك من مرة حتى الآن؟

「 ليس بعد 」

في البداية لم تبدوا إصاباتها بتلك الأهمية لكن الآن حتى تأثير الإنفجارات عليها بدأ يزداد، أصبح من الواضح أن جسدها يتمزق مع كل هجوم

「 ليس بعد 」

المرأة عديمة الوجه إندفعت موجهة حربة رمحها للأمام، ليليا كانت تتجه نحوها بسرعة هي الأخرى، مطرقتها كانت موجهة للخلف، إنه المشهد ذاته في قتالها مع حامل الرمح سابقاً
في تلك المرة توقف خصمها فجأة و تراجع بسرعة، ليليا كانت قد وجهت ضربة سريعة سبقت حتى إندفاع حامل الرمح في الوصول إليها
هي كررت الأمر ذاته، السر في الحركة هو أن تدفع بجسمها و عضلاتها لحدودها القصوى في وقت واحد، إنه أشبه بالضغط بقوة كبيرة على دواسة الوقود لفترة قصيرة، بالطبع هذا يعني إستنزاف كم كبير من طاقتها

مطرقة ليليا سبقت رمح الزعيم، بل المطرقة أصابت حربة الرمح مباشرةً ، ليايا تضغط على رمح خصمها بمطرقتها و تضعه بينها و بين الأرضية، المرأة عديمة الوجه حاولت سحب سلاحها لكنها فشلت

「 لو لم يكن هؤلاء حولنا لبقيت هكذا لفترة أطول 」

بحكم الإنهاك و الضرر الذي تلحقه بنفسها حتى الآن فهي ستستفيد من بقائهم على هذه الوضعية لإلتقاط أنفاسها لكن إن توقفت عن تفجير المكان التماثيل ستصل إليها

بشكل مفاجئ رفعت مطرقتها، خصمها كاد يفقد توازنه لأنه كان بصدد سحب سلاحه بكل قوته لذا حركة ليليا فاجأتها

المرأة عديمة الوجه لم تتوازن جيداً بعد لتستقبل ضربة نجحت في التدارك و صدها بشق الأنفس

عندما نظرت ليديها الممسكتين بمقبض المطرقة و الدماء التي تقطر من مؤخرة ذلك المقبض ، ليليا إكتشفت أنها تخسر الكثير من الدماء الآن، جروحها أصبحت أكثف و أعمق بكثير

「 ليس بعد 」

إلى متى يمكنها أن تستمر هكذا؟ هي لا تعلم

2019/08/07 · 382 مشاهدة · 1293 كلمة
Ring55
نادي الروايات - 2024