” إيزامي... عِش الحياة التي لم أستطع أن أعيشها “

والدي كان مغطى بالدماء، من رأسه و حتى قدميه، كما لو أنه كان يسبح في بحر من الدماء
أبي كان بارداً، كان يرتعش، لذا أظن أن عليّ تدفئته
كنت أمسح وجهه بقطعة قماش مزقتها من ملابسي، أبي أمسك معصم يدي التي كانت تنظف وجهه من الدماء، كانت مسكة ضعيفة
هو كان يبتسم

كنت أعلم
لا أحتاج أحداً ليخبرني
أبي سيموت
أعلم جيداً
فأنا رأيت الكثير من الكائنات تموت من قبل

لكن هناك شيء ما غريب، أنا الآن أمسك يد والدي بينما هو عاجز عن الحركة، هو سيموت و أنا أقسمت أن لا أسامح من فعل هذا بنا، مع هذا، هناك شيء غريب

” إسمع إيزامي... والدك فشل في حياته... لأنه لطالما كان يختار الخيار الخاطئ... أنا لا أريد أن ينتهي بك الأمر هكذا... أنا أعلم بما تشعر الآن... أنا أرى ما أنت مقدم على فعله... لكن إيزامي، صدقني إنه ليس ما تريده حقاً لنفسك، ليس ما أريده أنا لك... لذا، فقط عدني ،أنت ســـ “
إنه غريب، غريب جداً، أنا لا أفهم ، في موقف كهذا كنت سأعطي أبي ابتسامة تطمئنه بينما يغادر هذا العالم، سأخبره بأني سأكون بخير، بأني سأعيش قوياً، بأني سأعطي لحياته معنى ، سأتركه يموت بسلام
لكن هذا ليس ما حصل

كانوا ضخاماً ،الكثير منهم، يشبهون البشر في هيئتهم لكنهم بطول يقارب 3 أمتار و أشبه بتمثال حجري أسود لإنسان نحيل يوشك أن يموت جوعاً، لكنهم ضخام، ضخام جداً، أذرعهم طويلة و نحيفة و ظهورهم مقوسة
هناك دخان خفيف أخضر اللون يخرج من فتحات في رؤوسهم التي لا يمكنني وصفها بأدق من جماجم ضخمة سوداء، الدخان يخرج من محجر العينين و الفم مع ضوء أخضر خافت مصدره داخل تلك الرؤوس

كان هناك ثلاثة منهم اقتربوا منا، إثنان وقفا بجانبي بينما كنت بقرب والدي المستلقي على الأرض
أنا لا أعلم ما حصل لي، أنا لم أكن خائفاً، لم أشعر بأنهم تهديد لنا، و بشكل فطري تراجعت للخلف خطوات للوراء، الضخم الثالث وقف بجانبي و نظر إليّ، وجهه مخيف ، لا بل قد يقتلك من الرعب، مع ذلك، أنا لا أشعر بشيء ، و كأنني وسط حلم
إلتفت إلى والدي، الضخمان الآخران قاما برفع جثة والدي، لقد كان ميتاً بالفعل، ثم و أمام عيني و بشكل جعلني أظن بأني وسط كابوس مجنون، الفك السفلي لكل واحد منهما بدا و كأنه إنكسر و إنفصل عن رأسه
أفواههم أصبحت أضخم، أضخم بكثير من السابق، نتيجة لذلك الضوء و الدخان الأخضر كانا أكثر كثافة، كان هذا واضحاً بما أنها ليلة حالكة الظلمة
تلك الليلة كانت مليئة بالصراخ، برائحة الدماء و بالأضواء الخضراء الباهتة في كل مكان

كل واحد منهما كان يمسك جثة والدي من أحد كتفيه و يضعانه على مستوى رؤوسهم
و هكذا جثة والدي بدأت تتعرض للنهش و التمزيق، تلك الأفواه الكبيرة كانت كافية لوضع رأس رجل بالغ داخلها بسهولة، لم تمر سوى بضع ثواني حتى تحولت جثة والدي إلى فوضى من اللحم و الأحشاء و العضام

و حتى الآن أنا لم أحرك ساكناً، بل عقلي لم يكن يتقبل أي معلومة تصله، كما لو أنني في غيبوبة، كنت واقفاً هناك، لا أشعر بخوف أو أي شيء

من أنا؟ أنا إيزامي؟ أنا لم أعد أعلم من أنا، هناك الكثير ، الكثير من الأسماء، أنا لست إيزامي فقط

ماحدث بعد أن عدت لوعيي، تلك الكائنات إختفت، لم تكن موجودة و كذلك الحال بالنسبة لجثة والدي الذي لم يعد له و لا لهم أي أثر في ذاكرتي

وسط ذاك الخراب من البيوت المحطمة و صرخات الموت و الألم و بين ألسنة اللهب و الجثث التي تملأ المكان، كنت أنا، طفل بعمر 10 سنوات، يقف هناك

2019/07/22 · 527 مشاهدة · 572 كلمة
Ring55
نادي الروايات - 2024