هل جربت يوماً شعور أن تفتح عينيك بعد النوم و يصادف أن تكون غرفتكة مظلمة بالكامل فتصاب للحظة بالرعب لأنك ظننت بأنك أُصبت بالعمى ؟
إن كنت ستسألني هذا السؤال الغريب فسأجيبك بنعم
على الأقل أنا متأكد من أنه حدث معي مرة واحدة، مرة واحدة فقط، هذا حسب علمي لأن هذه أول مرة أستيقظ فيها على أي حل
لا، ربما هي ليست أول مرة، لكن بالنسبة لي فأنا أشبه برضيع فتح عينيه للمرة الأولى
لكن بدل أن ترى عيناي النور، فكل ما رأيته كان الظلام الحالك، كان ذلك كافياً لجعلي أضع يداي أمام وجهي لأتأكد إن كنت أرى أم لا
نعم، أول شيء رأيته كان كافياً لجعلك تشك إن كانت عيناك مفتوحتان أم لا، إن كنت ترى أم لا

كنت ممدداً على ظهري، عندما نهظت لأتفقد محيطي كان الشيء الوحيد المرئي هو الأرض، لا شيء سوى الأرض المسطحة ، في كل الإتجاهات نفس المشهد تماماً : أرضية شطرنجية بمربعات سوداء و قرميزية داكنة تمتد إلى... إلى أين؟
لا يوجد نهاية، إنها تمتد إلى أن يصل مجال بصرك حده الأقصى، ما يوجد بعد ذلك مجهول أو ربما ليس سوى المزيد من الأرضية الشطرنجية
المكان أشبه بتواجدك في أرض منبسطة في سماء ليلة خالية بالكامل من النجوم أو ضوء القمر ـ لا حتى ذلك ليس كافياً ، بل الأصح أن أحدهم صبغ السماء بلون أسود داكن ـ لا، دعنا نقل أن المكان عبارة عن رقعة شطرنج ضخمة مغطاة بقبة سوداء

ربما بسبب مظهرها أنا تفاجأت عندما أدركت أن الأرض كانت دافئة و إثر ذلك مباشرةً إكتشفت بأن جسدي عار، و هنا بدأ رأسي يؤلمني

جسدي..؟ هل هذا جسدي أنا؟ نعم هو كذلك لكن... أنا... أنا... أنا؟ من أكون أنا؟

لا أعلم كم استغرقني الأمر حتى أدركت... أنا لا أملك أي ذكريات، لا شيء، رأسي فارغ ، فارغ و لكنه يؤلمني، كلما حاولت التذكر أو البحث أكثر عن أي شيء داخله هو يؤلمني أكثر
عندما اقتنعت بأن هذا لن يجدي نفعاً، وقفت على قدماي، كنت سعيداً عندما علمت بأني قادر على السير، أعني لن أستغرب إن نسيت كيف أمشي

بالنظر إلى جسدي فأتوقع أن يكون طولي متراً و 77 سنتيمتراً تقريباً و على الأرجح عمري بين 16 و 19 سنة و أنا... ذكر

لم أكن أعلم إلى أين أنا ذاهب لكن قمت باختيار صف عشوائي من المربعات و تبعته باستقامة، لم أظن بأن هذا أمر مميز لكن على الأقل سأتفادى الدوران حول منطقة واحدة، بعد كل شيء يستحيل التمييز بين الاتجاهات هنا

لم يمضي الكثير من الوقت حتى بدأت أجسام غريبة في الظهور
أول مرة ظننت أنها كائنات حية لكن بعد اقترابي منها علمت بأنها أجسام جامدة مكونة من الفولاذ، في مرحلة ما كنت مفاجئاً من معرفتي بشيء كمادة الفولاذ و عندما حاولت التفكير في أشياء أخرى قد أكون أعرفها أيضاً لم أحصل على أكثر من ذلك الصداع المؤلم

الأجسام متشابهة في جوهرها و مظهرها العام لكنها اختلفت في أحجامها
إن كان علي وصف إحداها فهي أشبه باسطوانة قصيرة و لكن عريضة ملتصقة بالأرض و تعلوها كرة تتفرع منها اسطوانات أطول من الإسطوانة الرئيسية و لكن أقل سمكاً و كل هذه الاسطوانات تحوي كرة في نهايتها و التي بدورها تتفرع منها المزيد من الاسطوانات بحيث في كل كرة هناك إبر تتناسب في حجمها و سمكها مع حجم الكرة التي تتفرع منها

في البداية لم تكن تظهر سوى واحدة منها كل مرة لكن قبل حتى أن ألاحظ, أعدادها بدأت تتزايد

كانت هذه علامة جيدة، على الأقل تأكدت بأني أحرز تقدماً، بعد كل شيء الالتزام بصف واحد من المربعات و تتبعه لم تكن فكرة سيئة، أو هكذا ظننت

لو لم تتدخل تلك الفتاة لقتلني ذلك الرمح، ظهور ذلك المحارب برمحه كان قد فاجأني، لا بل هو لم يمنحني الوقت لذلك حتى، ففور أن دخل مجال بصري هو اندفع بسرعة عالية موجهاً حربة رمحه لاستهدافي مباشرةً
لو لم تتدخل هذه الفتاة بمطرقتها الضخمة لكنت ميتاً

هي تسير أمامي الآن، كنت أتبعها في الخلف بصمت
ليس و كأننا لم نتحدث و لكن كل ما قالته لي بعد أن رمت إليّ العباءة التي ألفها على جسدي الآن هو” ما هو اسمك؟ “ و أنا بالطبع لم أكن قادراً على الإجابة فبقيت صامتاً إلى أن أضافت ” إسمي ليليا، المكان خطر هنا لذا ستكون فرصتك في البقاء حياً أكبر إن بقيت خلفي لكن دعني أقول لك هذا، أنا قد أتخلى عنك حسب الظروف لذا لا تعتمد عليّ “

لم أجد خياراً سوى أن ألحق بها، إلى أين؟ ما هذا المكان؟ أين نحن؟ من تكونين؟ أنا سألتها هذا و أكثر لكنها لم تجب، بعد صمت دام لبرهة هي أجابت أخيراً
” سيكون هناك آخرون، إسألهم هم عندما نصل إلى هناك “

ليليا كانت تضع المطرقة على كتفها بينما تمشي أمامي دون النظر للخلف
ثم أضافت
” أنا متأكدة بأنك ستجد كل الأجوبة التي تبحث عنها، لكن أولاً عليك أن تنجو مما سيحصل قريباً “

2019/07/22 · 524 مشاهدة · 764 كلمة
Ring55
نادي الروايات - 2024