ساحة واسعة دائرية تحيط بها مدرجات عالية من كل الإتجاهات
قد يكون الوقت الذي قضيته مع ليايا الصامتة جعلني أشعر بالوحدة، في قرارة نفسي شعرت برغبة في التحدث لشخص ما، لذا كنت آمل أن نلتقي بشخص تائه أو أي أحد عاقل لا يحاول قتلنا
أمنيتي قد تحققت، الآن في هذه الساحة هناك تجمع كبير من الأشخاص، جميعهم كانوا مسلحين، سيوف، فؤوس، خناجر ، رماح و حتى أن بعضهم يحمل عصي تشبه الأفاعي
الصوت الذي أربكني منذ دخولنا البوابة كان الضجيج الذي يصدرونه نتيجة حديثهم
في أماكن متفرقة من هذه الساحة الكبيرة، كانوا منقسمين في شكل مجموعات صغيرة منفصلة و يتحدثون فيما بينهم، سواء جالسين على الأرض أو واقفين على أقدامهم هذا العدد الكبير من المجموعات يشكل حشداً هائلاً

بالتفكير في الأمر الآن، ليليا قالت سابقاً بأننا سنلتقي آخرين، هل هذا ما كانت تقصده؟

جميعهم يحملون أسلحة و يرتدون أنواعاً مختلفة من العتاد مما يعني أنهم مقاتلون كليليا، لكن أن يوجد هذا العدد من الأشخاص الأقوياء و في مكان كهذا، مالذي يحدث بالظبط؟

على ذكر ليليا، أين هي؟ لقد اختفت! تلك الفتاة ذهبت دون أن تنتظر ثانية واحدة، الآن كيف سأجدها وسط هذا الحشد؟
الإجابة بسيطة، فقط نظرة واحدة تكفي، حتى رغم عددهم الكبير، لا يوجد الكثير من الأشخاص الذين يحملون مطرقة صخمة على أكتافهم
أستطيع رؤية مطرقتها مرتفعة بين رؤوس الآخرين، هذا بدى طريفاً نوعاً ما

بسرعة لحقت بالمطرقة، الآن عندما تفكر في الأمر، الجميع هنا يتحدثون أو ينظرون من حولهم دون إعارتي انتباهاً كبيراً، أعني أليس من الغريب أن يوجد شخص يلف قطعة قماش حمراء كبيرة على جسده و يتجول في الأرجاء؟ ظننت أنهم سيحدقون بي لأني أبدوا مختلفاً عنهم لكن هذا لم يحدث

” لن يضركِ قول "إلحقني" أو "أنا ذاهبة"! “ لم أكن أحاول معاتبتها صدقاً لكن ألم يزد تجاهلها لي عن حده؟

” مالذي تفعله ؟ لا زلت تتبعني؟ “ أجابت دون التوقف عن التوغل بين الحشد، هي تنظر لليمين و اليسار لذا يبدوا أنها تبحث عن شيء ما

” مهلاً ستتخلين عني؟ “

” أوصلتك إلى هنا لذا كن ممتناً، و الآن إذهب “

” إلى أين؟ “

” لا أعلم ، إفعل ما يحلو لك “

” إذن سألحق بك... ماذا؟ ما هذه النظرة؟ قلتي أن أفعل ما يحلو لي “

” التعامل معها مزعج، صحيح؟ هاهاهاها “
فجأة شخص وضع يديه على كتفي ـــ منذ متى؟ أنا لم أشعر بأحد بهذا القرب مني، لو لم يتكلم و يلمسني ما كنت سألاحظ وجوده، أول شيء اعترض طريقي عندما إلتفت إليه كانت إبتسامة لامعة بشكل سخيف، أنا جاد، هل أسنانه تلمع الآن؟
يبدوا رجلاً في السادسة و العشرين من العمر، شعره متموّج و طويل يغطي أذنيه و رقبته من الخلف، عيناه زرقاوتان و لديه لحية خفيفة على ذقنه

” ماذا؟ ليليا هنا؟ ظننتها ستبقى نائمة لبقية اليوم “
من خلف هذا الرجل ظهر فتى بشعر منتصب على رأسه كعرف الديك يحمل صولجاناً و ترساً لامعاً، بجانبه من الخلف قليلاً رجل آخر أصلع ببشرة سمراء يرتدي نظارة سوداء، نظارة شمسية؟ خلف ظهره يعلق سيفاً سميكاً و طويلاً
انتظر هناك شيء أيضاً فوق رأسه الأصلع، إنها فتاة صغيرة بشعر قصير أزرق ربط بشريطتين حمراء في أحد جانبيه و الثانية خضراء اللون، كانت تحمل عصى بيضاء في قمتها جسم غريب الشكل يشبه الكرة

” إنه خطأ يوي، طلبت منها أن توقظني باكراً ! “
ليليا بدت غاضبة

” في رأيك كم قضيت من الوقت أحاول فعل ذلك؟ “
و الآن ظهرت فتاة أخرى بضفيرة تحمل عصى طويلة

لا أفهم هذه المحادثة لكن هل هم معارف؟

” لا يهم ، كل هذه المسافة إلى هنا جعلتني أشعر بالتعب، سآخذ قسطاً من الراحة هناك لذا فليهتم أحدكم به “
ليليا غادرت و اختفت بين بقية للأشخاص المحيطين بنا

... فليهتم أحدكم به؟... من؟... أنا؟

” حسناً نعتمد عليك جين “
” قدماي تخدرتا من الوقوف “
” لنذهب جون “

الرجل صاحب الشعر المتموج، الفتاة ذات الضفيرة و ثم الفتاة التي تركب كتفي الرجل الضخم و الأصلع، بهذا الترتيب أربعتهم رحلوا و تركوا الفتى الذي يحمل الصولجان بجانبي

” مهلاً... لماذا أنا ؟ “ الفتى الذي يبدوا أن اسمه جين استشاط غضباً

” ماذا ؟ إنه دورك هذه المرة، هل نسيت؟ “ فتاة الضفيرة أجابته بنظرة باردة

” لـ... لكن ليليا من قامت باحظاره! “ جين تلعثم

” المرة الأخيرة كان علي أن أتعامل مع الفتاة التي وجدتها أنت، هذا ليس عدلاً “ الفتاة الصغيرة تدخلت بينما كان الضخم الذي تركبه، إسمه جون كما يبدو، يبتعد مع الرجل ذو الشعر المتموج

” حسناً، فهمت ، ياله من ألم “ جين كان يتمتم بينما فرك مؤخرة رأسه” و الآن، أنت، نعم أنت أنا أتحدث إليك، ماذا تريد أن تعرف؟ “

هل يتحدث معي؟ ـــ حسناً بالطبع الجميع قد رحل لكن هناك أشخاص آخرون من حولنا، هل أنا المقصود بهذا الكلام؟ ماذا قال ثانيةً؟ ماذا تريد أن تعرف؟

ماذا أريد أن أعرف؟

صحيح، ليليا قالت أن الأشخاص الذين سنلتقي بهم سيعطونني إجاباة عن أسئلتي، هي قالت ” سيكون هناك آخرون، إسألهم هم عندما نصل إلى هناك “، هذا ما كانت تقصده إذن

هل هذا يعني أنني سأحصل أخيراً على أجوبة لكل أسئلتي، أعني هناك الكثيييير من الأسئلة التي تملأ رأسي منذ استيقاظي، أنا لا أعرف شيئاً عن نفسي و لا على ما يحدث من حولي، هذه اللحظة التي سأعرف فيها كل شيء
ماذا أريد أن أعرف؟ لنرى... ماذا أريد أن أعرف؟
حقاً ماذا أريد أن أعرف؟ كل شيء، نعم، كل شيء
لكن هذه ليست إجابة، لا يمكنني قولها
إذن بماذا أجيبه
هيا لدي بالفعل عشرات بل مئات الأسئلة في رأسي لكن بماذا أبدأ؟
هذا سخيف، الأمر أشبه بعدد كبير من الأشخاص يحاولون الخروج من باب صغير، سيتدافعون و لن يخرج منهم أحد

” بالمناسبة إسمي جين ، لا داعي لقول أي شيء أعلم أنك لا تعرف حتى إسمك، حسناً لا تدع هذا يحبطك، لست الوحيد على أي حال “
هل هذه طريقته في مواساتي؟ ــ انتظر ، لست الوحيد ؟ ما معنى هذا؟

” أتعني أن هناك من هم مثلي؟ “

” بالطبع هناك “ جين أجاب بينما كان ينظر من حوله” لكن لحسن الحظ لا يوجد المزيد غيرك هنا “

“ لحظة... رأسي يؤلمني... “
هذا الشخص لا يوضح شيئاً بل يعقد الأمور

” اوه ، أعتذر، لا بد أن تكرار القيام بهذا العمل جعلني أقل مراعاةً لوضعكم ـــ أوبس ، فعلتها مجدداً آسف “
هذا مزعج، هو يستمر في قول كلام مبهم، هل يحاول التباهي بمعرفته؟

جين وضع يده على كتفي و نظر إلي بملامح جادة

” الأشياء التي سأخبرك بها الآن سيصعب تصديقها و لكنها الحقيقة، مهما بدا ذلك غير منطقي عليك تقبل الأمر “

2019/07/26 · 385 مشاهدة · 1046 كلمة
Ring55
نادي الروايات - 2024