'م..ما الذي أنا أفكر به الأن؟ لم أعلم بتاتا بأن لدي مثل هذه الأفكار في رأسب!!؟'. صدم رودل لما طرأت له مثل هذه الفكرة في عقله.

'و هل حاولت حتى الإعتماد على نفسك أو الإستماع إليها حتى تعلم عن وجود مثل هذه الأفكار داخلك؟'

'..... سواء كانت مثل هذه الأفكار موجودة في نفسي العميق أم غير موجودة فأنا لن أستمع إليها'

رفض رودل أن يستسلم لهذه الأفكار.

'تنهد، لابد و أنك تمزح معي؟ أنت من أردت البحث عن طريقة لتغيير وضعك و الأن لما أعطيتها لك فأنت لا تريدها؟ فقط صارح نفسك ما الذي تريده؟'

'أنا؟ بالطبع أنا أريد أن أرى أمي سالمة معافات، أن أرى نتائج تعبي ظاهرة أمام عيني حتى أعلم أن عملي سيحدث تغييرا لي و لمن حولي'

'ببساطة أنت تريد المال في أسرع وقت ممكن حتى تتكفل بماصريف دواء أمك، أليس كذلك؟' سأل الصوت الخفي.

'بالطبع'

'إذا فالنتبع ما أقوله لك، ففي أخير أنا هو أنت'

'و لكن ما تقوله لي نفسي بفعله هو شيء خاطئ لامحاله'

'و ماذا في ذلك إذا؟ انظر الى حالك بالكاد يكفيك الاجر الذي تتقاضاه من عملك لتبقى حيا، فما بالك بإيجاد زوجة و اقامة اسرة، و لا تنسى أمك المريضة، لقد تعبت كثيرا على تربيتك وحدها من بعد وفات أباك، لا تخبرني أنك الأن لما كبرت و اصبحت قادرا على الإعتناء بنفسك سوف تتخلا عنها؟'

'بالطبع لا'، أجاب رودل بثقة تامة، و بالرغم من ذلك فإن الصوت لم يتوقف و تابع كلامه.

'آآه أمنا المسكينة، كل عملكِ من أجلنا قد أنكرناه، إبنكِ رودل سيترككي تصارعين المرض وحيدة حتى تموتي في ألم و أنت خائبة الأمل، هل هذا ما تريده يا رودل؟ فقط إعترف بذلك'

'لا، بطبع لا، من المستحيل أن أفعل هذا بها... و لكن.. و لكن...'

'انظر امامك الى هذا المخنث اللعين، ماذا فعل في حياته سوى تجبر على النساء و تباع شدوده و تنمر على البسطاء من امثالنا، و لكن انظر إليه بتمعن'

رفع رودل اخيرا بصره من السوار و نظر الى دودريان، و ما رآه هو شخص يتمتع بكل الاشياء التي تجعله المرء يشعر براحة.

'أنظر إلى لباسه حرير و حلي ذهبية مرصعة بالاحجار الكريمة، هذه أشياء ما كان يجب على الرجال أن يلبسها، بشرة ناعمة و بطن ممتلئ من دون اي تعب، من الواضح أن هذا الشخص يجسد كل صفات الترف'

و هو يتأمل جسد دودريا من بين أصابه يديه حينها أكمل الصوت الخفي كلامه.

'هل يستحق مثل هذا الشخص كل هذا النعيم؟ هل يستحق مثل هذا الشخص الذي لا يعلم حتى كيف يمكن ان يكون امتلاك دينار صعبا كل هذا المال؟ هل يستحق مثل هذا الشخص الجاحد لنعمة كل هذا الذي يمتلكه؟'

اصبح الصوت في رأس رودل اقوى و اقوى، بدأة ملامح وجهه تطرب اكثر و اكثر، خاصة و ان الصوت بدأ بصراخ و هو يسأل الشاب.

'اجبني رودل ،اجبني ،اجبنييييي'

'لا ،لا يستحقها بتاتا، هناك اشخاص احق بهذا النعيم بدل منه، راين احق بذلك... أنا احق بذلك منه'

'نعم هذا صحيح نحن بتعبنا إجتهادنا و عرقنا احق بذلك منه، نحق احق منه بماله، نحن احق منه بمكانته، نحن احق منه بسواره'

'....بسواره!!'، تفاجأ رودل بهذه العبارة الأخيرة دون سواها لأن السوار الثمين كان في كفه بالفعل.

'نعم بسواره هل تعمل حتى كم تحمل الان بين يديك؟' 'ل..لا، أنا لا أعلم ،كم يسوى هذا السوار؟'

'.....في الحقيقة انا ايضا لا اعلم، و لكنه حتما سيجلب لنا الكثير من المال'

'....هكذا اذا!!'

قد يبدوا ماكان يدور في رأس رودل اخد وقت طويل، و لكن في حقيقة قد حدث بشكل سريع، سريع جدا، حتى كل هذا حدث قبل ان يرى راين ما حدث و قبل تكون له الفرصة لتدخل.

'لذلك اقتله و خد كل ما يمتلك'، أظهر الصوت الخفي هدفه الحقيقي من كل هذه المقدمات.

'مااااذا!! اقتله؟'

'لا تتفجأ أو تخف، انت في حقيقة تفعل خير عظيما بقتله'

'ك..كيف يكن ان يكون القتل فيه خير؟'

'... تنهد، أنت حقا تدهش نفسك بسداجتك، ماذا سيفقد العالم إن إختفى هذا شخص منه؟ دعني أخبرك؛ لن تكون عوام النساء الذين تحت رحمته في عذاب بعد الان، سيذهب ماله الذي لم يتعب عليه إلى اشخاص يستحقونه اكثر منه، على سبيل المثال أشخاص مثل صديقنا راين، أو لنقل لأشخاص من أمثالنا'

'اووه! هذا سيكون جيدا'، أعجب رودل بهذه الحالة الإفتراضية الممكن حدوثها.

' ليس هذا فقط، أضف إلى ذلك أنه لن يكون هناك اي مزيد من الرجال الذين يتم التحرش بهم من قبل هذا الشخص و حتى صديقنا راين سيكون ممتنا لنا'

'راين سيكون ممتنا لنا؟'، لمعت عينا رودل بمثل هذه الفكرة.

'راين صديق جيد لطالما ساندنا و لذلك حان وقت ان نكون نحن من نسانده'، أكمل الصوت الخفي بث أفكاره.

'بالتفكير بهذه الطريقة... حقا إن العالم لن يخسر شيئ بموته، بل سيستفيد كثير من الناس إن قمت بقتله'، و هنا بدأت قناعات الشاب الطيب تتحول تحولا جدريا.

'نعم لقد بدأت تفهم الامور على حقيقتها و الان تعلم ماذا يجب عليك ان تفعل؟ لا أظن أن هناك داعي لمزيد من الشرح'

'نعم ،فقط يجب علي.....' و بينما رودل على وشك الغرق تماما و في حين أن دودريان لازال مشغولا بصفع خد رودل غافلا على المصيبة التي تكاد أن تطأه، عندها وصل راين صارخا.

"لاااا، لا يا رودل، لا يجب عليك فعلها"

ما ان سمع كل من رودل و دودريان الصوت راين نظرا الاثنين في اتجاهه.

"راين؟"، أنزل رودل كفه التي كانت تغطي المكان المصاب و عينيه.

"عزيزي راين!! لقد اتيت أخيرا لرؤيت حبيبك دودو" تظاهر راين بعدم سماع المخنث و متجاهلا إياه اكمل كلامه مع رودل.

"كل ما يدور في ذهنك الان هي ليست افكارك الخاصة، لذلك لا تستمع إليها"

ما ان سمع دودريان هذا الكلام حتى تراجع من امام رودل، لقد احس حقا أن هناك خطب ما في رودل، ففي اخير كان واقفا في مكانه دون تحرك و هو يخفي عينيه بين أصابع يديه، و بالرغم من ذلك فقط أحس دودريا بتلك النظرات التي تُركز عليه، و ما ان سمع كلام راين تأكد شكه.

"ما الذي تتحدث عنه يا عزيزي راين؟"، لم يستطع دودريان معرفة نوع التعابير التي كان يرمقه بها رودل لأنه كانت عيناه مخفيتان بين أصابعه، غضب؟ حزن؟ سعيد!؟؟ لم يهتم دودريان بذلك على أي حال.

'أين كانت مشاعره فلن يستطيع لمس شعرة مني'، هذا ما إعتقده دودريان.

".......!!!"

و لكن ما إن أنزل رودل كفه من مكان الذي يألمه حتى تراجع دودريان مدعورا مما رأى.

"م..ما هذا!!؟"

لقد كانت هناك عروق سوداء تنزل من منبث شعر رودل و تختفي عند الناصية، ثم تعاود تلك العروق ظهور امام عينيه و ليس هذا فقط، بل حتى ان جزء صغير من المنطقة العلوية من بياض عيني رودل اصحت سوداء تماما.

قد يكون دودريان شاب فيه الكثير من الصفات المذمومة، و لكن الوقوف امام الاخطار حتما ليس إحداها.

"ما خطب هذا الوحش اللعين!!"، صرخ المخنث مرعوبا من رودل.

"ما الذي تقوله يا راين انا لا افهم ما تقصد؟"، تحدث رودل الى راين دون ان يعبئ بكلام دودريان الجارح.

'ما الذي يقوله صديقنا راين؟' سأل الصوت الخفي بشيء من الغضب.

'لا علم لي، راين أذكى صديق لي، مالم يشرح لي فلن أفهم المعنى من كلامه'

"فقط لا تستمع لما يدور من افكار في رأسك، انها ليست افكارك"، أعاد راين تأكيد كلامه إلى صديقه.

عندما سمع دودريان هذا الكلام و رأى مظهر رودل المخيف إستيقن اكثر انه يجب ان يبتعد اكثر عن هذا الشخص، أما عن سواره؟ عندما تهدأ الامور سيسترجعه، و أما إذا لم يستطع فليس هذا مهم كثيرا، فالبرغم ان السوار هو إحدى أفضل إكسسواراته، إلا انه لا شيئ بالنسبة له اهم من حياته.

'هل يعقل ان راين يتكلم عما فكرت فيه الان؟... عن قتل دودريان!!'، بدأ رودل يشعر أن شيء خاطئ كان يحدث معه.

'لا ليس ذلك، إنه حتما لا يتكلم عن ذلك، ففي الاخير لقد قال تلك ليست افكارك، و ما يدور في رأسك هو فقط من صنيع إدراكك الخاص، لذلك هذه بلا شك افكارك'، أعترض الصوت الخفي على كلام راين.

'...نعم هذا صحيح'، بقوله ذلك إزداد السواد في عيني رودل إتساعا، و هذا ما لاحظه راين مما زاد من إضطرابه.

"رودل هل تثق بي كصديق لك؟ و أنني لن أوذيك؟"

"نعم، انت صديقي العزيز"

"جيد، الآن توقف عن التكلم مع نفسك و ستمع لي فقط"

'ما الذي يقوله هذا الشخص؟ كيف يمكن للانسان ان يتوقف عن تفكير و إستماع بدلا من ذلك الى أوامر شخص اخر بشكل اعمى؟ هذا هراء بحت'

'لا اعلم، و لكن هذا كلام صادر من صديقي الوفي'، لم يجد رودل أي مشكلة في راين عكس الصوت الخفي.

'ليس هناك اي صديق وفي يخبر صديقه أن يستمع الى كلامه من دون قيد او شرط'

'هل تعني انه؟'

'نعم انه لا ينوي لك الخير بقوله لمثل هذا الكلام، إحذر من هذا الشخص'

'ماااذا!! لابد ان كلام راين كان حقيقي، لا يمكن أنني سأفكر في ان شخصا وقف معي في الحلو و المر انه يضمر لي الشر'، لم تكن هناك فرصة لأن يقتنع رودل بأن راين عدوه.

يبدوا أن بعد كلام راين قد أثر حقا على ما يحدث في داخل دماغ رودل، مما جعله يتنفس الصعداء لما رأى ان السواد في عيني رودل بدأ يتراجل و لكن...

'....... نعم هذا صحيح، لا يمكن لصديقنا راين ان يفعل ذلك'، سرعان ما عدل الصوت الخفي طريقته.

'إذ ما سبب قوله ذلك؟ لابد انه حقا كان محق في كلامه، يجب أن أتوقف عن التفكير، لابد و أن شيئ ما يوسوس لي'، إقتنع رودل أكثر بتطبيق كلام صديقه.

'لا، لا، لقد فهمنا الآن ما يحدث هنا'

'حقا!! و ماذا يحدث هنا؟'

'لابد و ان هذا المخنث اللعين قد هدد راين بشيئ ما'

'مثل ماذا يمكن ان يهدد صديقي المعروف بالحذر؟'

'من يدري؟ لابد أنه قد وجد نقطة ضعفه ليهدده بها'، تظاهر الصوت الخفي بأنه لا يعلم أين سيقود هذا التسائل تفكير رودل.

'هل يعقب انه علم عنها؟'، سأل رودل مرعوبا مما ظن أنه إستنتاجه الخاص.

'نعم لابد انه علم عن اخته الصغيرة، و طلب من صديقه فايت ان يجعلها بين يديه'

'تبا لهذا المدعو فايت'، إزداد غضب رودل.

'نعم لن نحن نسامحه، و لكن ليس وقته الأن، لابد أن دودريان قد هدد صديقنا راين لكي يجعلنا نبتعد عنه و نتركه يختلي به، و من يدري ماذا سيحاول فعله بعد ذلك؟'

ذلك السواد في عينيه بعد أن أظهر أخيرا دلالات على أنه سينحصر، فجأة توقف ذلك التراجع و ليبدأ في الإزدياد مرة أخرى، حتى انه اظهر دلالات على التقدم.

'الأن فهمت سبب كلام راين الغريب'، قال رودل في نفسه

'لايمكننا أن نتركه يفعل ذلك'، حث الصوت رودل على القيام بفعلته.

'نعم لا يمكنني تركته يفعل ذلك'، لم يعد هناك أي شك لرودل فيما كان موشك على فعله.

2024/05/10 · 30 مشاهدة · 1664 كلمة
sehman lamba
نادي الروايات - 2025