"من يدري لعلى الفرج قريب"

قالها و الغضب يفيض من عينيه، لما رأى راين التفاعل بين صديقه و الشابة لم يستطع الا يتنهد بحزن، من الواضح أن السائقة فتاة شابة بالحكم على صوتها الفتي، و لكن هي ترتدي قلنسوة لتخفي وجهها و في مثل هذا العمر الذي يكون فيه البنات يتسابقن في ستعمال ادوات التجميل لكي يباهين بمظهرهن؟ من الواضح أن هذه الشابة خائفة من تظهر وجهها للعيان.

لذلك سؤل راين نفسه 'ماذا فعل دودريان لهذه الفتاة حتى تصبح خائفة من إظهار وجهها؟'. كان الغرض من هذا السؤال هو التعجب و الإستنكار لوحشية المخنث أكثر منه جهلا عن سبب إخفاة الشابة لمظهرها.

'لولا خوفي من غرق رودل في الظلمات لما فكرت في طريقة في ايقافه، و بدلا من ذلك سأساعده على قتل هذه الآفة المتحركة و المسمات دودريان.'

اكمل رودل سيره الى المخنث الذي فقد جأشه مرة اخرى حتى أنها هذه المرة كانت اشد عليه من سابقتها، في حقيقة كلما اقترب منه كلما تحطمت تلك الإرادة الواهنة أكثر، و عندما كان على بضع خطوات منه قرر راين اخيرا ان يتدخل.

"توقف يا رودل"

"...ما الامر يا راين؟"

"لا يمكنني السماح لك ان تلمس هذا الشخص بأي اذى"

ابسم رودل الى راين بصدق و قال مطمأنا صديقه. "لا تخف يا صديقي مهما كان الشيئ الذي هددك به هذا المخنث ففور انتهائي منه، لن يكون تهديده مجديا"

'تكلم يا دودريان، أنقد نفسك يا دودريان'

لما سمع دودريان ما حدث بين الصديقين من حوار قصير علم ان هناك سوء فهم حاصل هنا، و لذلك اراد التكلم و ايضاح هذا السوء الفهم، و لكن هيهات في هذه المرحلة التي كان فيها رودل قريبا منه الى هذه الدرجة، حتى شفاهه لا تستجيب لرغبته في الكلام.

و الحقيقة أنه حتى و لو اعطى شرح لسوء الفهم الحاصل لم يكن رودل ليستمع الى شخص مثله، لهذا كان كل ذلك لا فائدة منه.

عبس راين من رؤية انه تم استعماله لتسميم افكار رودل 'اللعين هل تظن نفسك ذكيا؟ حسنا سألعب لعبتك الدنيئة'

إشتعلت عينا راين بالغضب هو ايضا قرر استعمال نفس طريقة لجعل رودل يستيقظ، فكما يقول المثل ان لم تستطيع هزيمته ففعل مثله.

برغم انها ليست طريقة مثالية لحل لهذه المعضلة، و لكن راين كان مضغوطا مع هذه الاحداث المتسارعة، و لم يُعطى الوقت اللازم لتفكير في حل اكثر شمولية، و الامور على وشك ان تتأزم ان لم يتخد قراره سريعا.

'و لكن ماذا في ذلك؟ حتى ان كان الحل غير مثالي بالنظر إلى المدى البعيد'. لازال راين مصرا على استعماله في مثل هذه الطريقة حتى و ان ظهرت بعض من الثغرات و النتائج السلبية مع مضي الزمن، فإنه مستعد لذلك.

بل و حتى سبقه بخطوة و بدل من استعمال شخص عزيز لتغيير افكار رودل للأسوء، هو سيتعمل شخصين لإصلاحها.

"لا هو لم يهددني بأي شيئ بل العكس حصل تماما"

وقف رودل متفاجئا من كلام صديقه الغير معقول و سأل. "ما الذي تقصده بأن عكس الامر قد حصل؟"

تنهد راين بحزن لقد اجبر على ان يكذب على صديقه، على أي حال لا خيار له في الوقت الراهن، لقد اراد ان يكسب بعض الوقت بما سيقوله تاليا لعله يجد حلا افضل يعالج به ما آل اليه الامر.

"في الحقيقة لقد وجدت علاجا لعمتي لينا"

"ماذا!! أح..أحقا ما تقوله يا راين؟"

إستجابة رودل بسعادة كبيرة لما سمع مثل هذا الخبر، لقد كان كل همه ان يجمع اكبر قدر من المال في هذه الفترة ليجد حلا لوالدته، فالمال أول خطوة لحل معظلة أمه، و لكن المشاكل تأتي متتابعة لتحبط سعيه، و بالرغم من ذلك لم يستسلم رودل و لقد وجد دعما من صديقه راين واخته ليمضي قدما رغم الاخفاقات، لقد امن ان سعيه لن يذهب سدى، و سوف يجازى عليه في الاخير.

'مع رفاقي لن أشعر بطول الطريق و مشاقه'. في ذلك الوقت ذلك ما إعتقده رودل.

و لكن السنين تمضي و الخطط الأولية تخفق، و مع سنين دون اي اثر للفرج، علم رودل أن حتى رفاقه الذين وقفوا معه لم يستطيعوا منع ألم خيبات الألم، بدأ اعتقاده في الفرج يتضاءل مع كل يوم و مع كل شهر و سنة، و قد وصل الى ادناه في هذا اليوم، مما بدا انه على وشك تغيير هذا المتقد لعله يتغير معه حاله المزري و يجد حلا لوالدته، وكان اول خطوة لتغيير هذا المعتقد هي قتل هذا الشخص امامه.

'أين كان الثمن، سأحدث ذلك التغيير'. الغاية تبرر الوسيلة، هذا هو المنطق الجديد الذي كاد أن يتخده رودل منهاجا له، و عندها رأى الفرج قادما من كلام صديقه العزيز راين.

"و لكن اولا يجب عليك الا تقوم بأي شيئ تأذي به الناس"

"لا مشكلة". اجاب رودل سريعا دون اي تفكير.

'لا، لا تستمع له لا بد انه يكذب علينا'

'لا هذا غير ممكن، هذا الكلام صادر من اقرب ناس إلي لذلك بطبع سأصدقه'

'لا ،لا هذا غير ممكن كيف يمكن لكل هذه سنين لم يخبرك عن وجود حل، و الان لما اوشكت على قتل هذا اللعين وجد الحل فجأتا، ألا ترى ذلك غريبا؟'. حاول الصوت إظهار لرودل الثغرات في كلام راين.

'و من يهتم متى وجد الحل هذا راين الذي نتكلم عنه لطالما أبهرني بحلوله غير متوقعة، و في كثير من الأحيان أنا أتبع كلامه دون أن أفهم سببه، حتى الأن لم و لن يتغير هذا الأمر'

'فكر في الامر قليلا لا بد انه قد هدده المخنث و اخبره ان اصيب بأي اذى سيصبح هو الملام على ذلك'

'و اخير وجد راين حلا لوالدتي'

'هل تسمع لما اقوله لك'

'و اخير والدتي العزيزة ستقوم من الفراش'

'سحقا، سحقا، سحقا لهذا اللعين، لقد أذهب عملي كله في مهب الريح'. لعن الصوت الخفي و شتم راين و لكن هيهات أن يصل كلامه إلى المعني.

وبعدها بدأ السواد في عيني رودل يتراجع الى ان رجعت عيناه عادية، و كذلك العروق السوداء بدأت تختفي تصاعديا الى ان رجعت الى منبث الشعر.

لما رأى راين ما يحدث علم ان خطته نجحت، و لكن بدلا من ان يفرح اصابه حزن من فعلته التي قام بها تجاه صديقه، لقد استغل حبه لوالدته و ثقته الكبيرة به ليخدعه كي لا يقتل المنحرف، لقد علم انه إذا علم رودل بالحقيقة فستصبح الامور اكثر تعقيدا و سيفقد راين تلك الثقة الكبيرة، و كذلك سيوقع رودل في يئس كبير.

'أتنمى أن لا يأتي هذا اليوم أبدا، و أن أستطيع حقا إيجاد هذا الحل المزعوم' التمني هو الشيء الوحيد الذي إستطاع أن يفعله راين في هذا الوقت.

و للأسف لم يجد اي حلا اخر سوى ان يكذب عليه، و إلا لن تكون هناك نقطة لرجوع بعد انهيار معتقداته و قتله لدودريان، لم يكن امامه سوى شراء مزيد من الوقت لعله يجد حقا حلا لعمته.

بعد تراجع هالة رودل السوداء استطاع دودريان ان يتحرك، و فور استعادة سيطرته على جسده ركض بسرعة الى راين هاربا من رودل.

"شكرا لك يا عزيزي راين، لقد علمت انك لن تتخرلى عنى"

حاول المخنث عناق راين و لكن الاخير تفداه ثم قاله و هو ينظر اليه ببرود.

"انا لم انقدك بشكل مجاني، و مكافئتي حتما ليست مجرد كلمات امتنان منك و لا عناقك"

"لا مشكلة يا عزيزي راين، هذا سيد الشاب لن ينسى أن يجازي الذي انقده خاصة اذا كان وسيم"

بعد قوله هذا الكلام نظر المخنث الى راين بغزل و غمز له مما يجعل راين يشعر بالقشعريرة تغزوا جسمه، لقد اراد حقا قتل مثل هذا الشخص و لكن لا تسمح الظروف بذلك.

لم يعجب رودل كلام راين بإنه انقد دودريان من اجل يعطيه مكافئة، الى انه علم ان صديقه فعلها لسبب و ان ماقاله كان امرا شكليا و لم يكن يقول الحقيقة.

".....على اي حال انا اريد هذه الفتاة." أشار راين إلى السائقة التي لازالت تبكي حتى الأن.

"من هذه العبدة الغبية!!؟ هل حقا ستطلب مثل هذه المرأة الغبية كمكافئة؟"

في الحقيقة لقد اراد راين ان يطلب المزيد مثل المال كسوار الذي يحمله رودل او بعض العقارات، لكن علم انه رغم قول دودريان ذلك الى انه كان يقول فقط لتفاخر امامه، عندما تصل الأمور إلى الأشياء الثمينة فإن عقل دودريان يبدأ في العمل.

لذلك علم اذا طلب كثيرا بالنسبة الى تقديرات دودريان لرجع الاخير في كلامه و حتى ان استجاب له و لم يعد في كلامه لكان ذلك اسوء حيث انه سيجدها فرسة لتقرب منه أكثر، و لذلك قدر راين انه كان افضل خيار لطلبه، كما أن راين شعر بالشفقة على هذه الشابة و أراد أن يساعدها.

"لا مشكلة انها لك، علي اي حال انها لعبة منتهية الصلاحية، كان يمكنك طلب مني لعبة جديدة نسبيا أو اقل بشاعة... كما انني على وشك الحصول لعبة جديدة هيهيهي"

اصاب كل رودل و راين الغضب من سماعهم لمثل الكلام، كما انهم لم يسعهم الا ان يتنهدوا على النساء اللاتي هن عبيد له و نساء التي سيكن عبيدا له.

'لن أشعر ابدا بأن مثل هذه السفقة هي سفقة خاسرة، انقاد شخص من العذاب المهين بدل الكثير من المال، قد تكون هذه الشابة لا تسوى شيئا في نظر المخنث، و لكن هي تبقى بشرا مثلي مثلها، لذلك انقادها هو انجاز بنسبة لي'. نظر راين إلى الشابة التي كانت تمسح دموعها الأن لابد أنها صدمت لمعرفة أنها أخيرا قد إستطاعت الهروب من براثن هذا الوحش.

"ش..شكرا لكم، شكرا لكم لانقادي". قالتها الشابة بصوت أجش من كثرة البكاء.

ابسم رودل بسعادة لما رأى كيف ذهب راين لتفقد الفتاة و رأيت فرحتها لسماع انها ستتخلص من كل هذا العذاب، دموع فرحتها و خبر ايجاد حل لأمه، كان ذلك كافي بالنسبة ليشعر ان عالم مليئ بالعدل و أنه عالم مشرق.

"ما عاد لي حاجة بهذا الشيء"

ثم نظر الى سوار الذهب بين يديه ليرميه على الأرض امام المخنث الذي لم يستطع ان يشتكي في نفسه من هذه الطريقة المهينة في ارجاع الاشياء

'سأتذكر ذلك جيدا يا أيها الوحش'. التقطها بصمت و نظرات الغضب على محياه، بالطبع لقد نظر إليه بغضب بعد أن تأكد أنه لن يقبض عليه رودل و هو يرمقه بتلك النظرات.

"الان بعد انتهاء سوء الفهم الحصل أرجوا أن تعذروني، أنا اذهب الى القصر فايت، بالرغم من عدم وجوده هناك الى انه قال سيأتي قريبا لإعطائي هديته، هيهيهي فاتي الصغير يحب حقا ان يدللني، اليس من افضل لك ان تتعلم منه يا عزيزي راين؟"

2024/12/26 · 14 مشاهدة · 1587 كلمة
sehman lamba
نادي الروايات - 2025