عاد كِلا الحارسين الى مكانها و فتحا له الباب لكي يدخل، و كلاهما إدعا أنه غير موجود أصلا.
".....و الان قد فقدت لعبتي الخربة من سيسوق لي العربة؟"
نظر راين الى الامر و قرر سريعا. "فين تعال الى هنا"
ليأتيه حارس اخر من الداخل
"هل يمكنك قيادة هذه العربة بسيد الشاب الى داخل القصر؟"
وافق الحارس دون كثير من الكلام، لقد اختاره راين لانه مناسب لهذه مهمة بدلا منه الذي قد يتحرش به المخنث في الطريق، و إن حدث ذلك حقا فلم يكن متأكد كيف سياعمله حينها، و ربما حينها سيكمل مهمة رودل الذي فشل بها؟
اما عن رودل فقد كان امرا واضحا ان الامر لن يناهي بخير اذا كان هو السائق، لذلك كان هذا الحارس هو الخيار الامثل.
و قبل ان يركب دودريان العربة قال لراين بطبقة صوت مشبوهة "يالا الخسارة، لقد تمنيت ان تكون انت من تسوق بي إلى الداخل"
"لازلت في وقت عملي لذلك اعدرني يا سيدي الشاب"
"على اي حال لن اقول وداعا، بعد ان اجلب لعبتي الجديدة
سأرجع سريعا"
ضحك المخنث بينما هو يركب العربة التي إنطلقت سريعا الى داخل القصر، و ما ان تأكد انه ابتعد عن رودل بشكل كافي حتى وصل غضبه إلى سماء و بدأ يصرخ داخل العربة.
"ايها الحارس المعاق دهنيا، كيف تجرأ على اهانة هذا السيد الشاب؟ انتظر فقط ،انتظر فقط حتى عودتي الى المنزل". تنفس دودريان بقوة بسبب الغضب الشديد، لقد كبته كثيرا، كثيرا جدا بالنسبة له.
"يجب علي ان اتخلص من هذا الغضب سريعا، أنا أكره هذا الشعور إنه عدوا شعور النشوة التي أحبها... على اب حال أنا اعلم جيدا كيف أتخلص منه..." إرتسمت على وجه دودريان إبتسامة لا تبشر بالخير على الإطلاق.
"يجب علي ان اقول ان حظ هذه اللعبة الجديدة ليس جيدا ابدا، لتكون اول ليلتها و انا غاضب الى هذه الدرجة، لابد من انني سأكسرها في ليلة واحدة"
شعر دودريا بأن جزء من غضبه قد إختفى لما توقع نوع الحدث الذي سيقوم به هذه الليلة.
"و لكن اتسائل كم ستستطيع هذه اللعبة البقاء صاحية قبل ان تفقد وعيها؟ و شيء آخر، ماذا كان اسمها مرة اخرى... نعم صحيح انها ستيلا"
.
..
...
في احدى اروقة القصر الكبير كانت احدى خادمات القصر واقفة هناك، اذا نظر المرأ لها من قرب فسيسحر بجمالها الخلاب؛ فتاة في طور النمو في عمر 15 سنة قد لا تكون بمثل جمال الخادمة الفتاة ذات الشعر الفضي الى انهما لم تكن بعيدة جدا عنها، ببشرة بيضاء ناعمة و عينان خضراء ياقوتية و شعر ازرق مائل الى السواد، حتما كانت جملا تدمع له العيون
لقد كانت تقوم بعملها كالعادة من تنظيف و غسيل و ترتيب و لم يكن هناك اي شيئ غريب في الامر سوى انها كانت تقوم عملها الممل بسعادة و نشاط و هي تدندن بأحدى أغنياتها المفضلة، يبدوا ان هذا اليوم هو يومها الموعود.
"ما الذي تظني نفسك فاعلته الان؟"
بيما كانت الشابة مشغولة بعملها إذا بصوت يحمل لهجة عتاب يأتيها من خلفها، لم تتفاحئ الشابة المبتهجة بذاك استدارت مرحبة بإبتسامة نحو الشخص الذي نداها.
"مرحبا سيدتي بايا"
ردا على تحية الشابة البشوشة كانت الخادمة الناضجة تحدق فيها لبعض الوقت من دون إبداء أي ملامح معبرة، فقط كانت تحدق و كأنها تريد ان تخترقها بنظراتها الحادة و أو أنها تبحث عن شيء ثم قالت.
"هل نظفت غرفة السيد الشاب؟"
"نعم سيدتي". ردت الشابة بنفس الإبتسامة.
"هل قمت بغسل الاطباق؟"
"نعم سيدتي"
"هل قمت بالطبخ الغداء؟"
" نعم سي.....مهالا، اليس هذا عمل الطباخة؟"
اكمل الخادمة الناضجة التحديق فيها ببرود لبعض الوقت قبل أن تجيب. ".....هذا صحيح ،لماذا تبدين سعيدة؟"
"أحقا تريدين أن تعلمي سبب ذلك؟"
"..........."
"كما تعلمين إنه ليس بشيء المميز، إن أسررتي على...."
"لا تهتمي لذلك فقط أكملي عملك"
"مهلا، مهلا يا سيدة بايا، سأخبركِ، سأخبركِ... أنت حتما لا تحبين المقدمات". صمتت الشابة قليلا مستسلمة عن بعض الإفتتاحيات الدرامية قبل أن تتابع الكلام.
"ماذا يكنني ان اقول يا سيدتي بايا يبدوا ان الحظ بدأ اخيرا في ابتسام لي"
لم تستطع الشابة الا ان تتذكر الحديث الذي دار بينها و بين سيدها الشاب ليلة البارحة و هي تساعده في ترتيب فراشه قبل النوم، و بينما كان ينظر الى نفسه في مرآة و يحاول ايجاد اي موضع صحيح ليبدوا فيه اقل بدانة و اكثر رشاقة، ولقد لاحظت الخادمة ذلك، ارادت ان تمدحه لكي تكسب منه بعد رصيد في قلبه.
"هل انا اتخيل ام ان السيد يبدوا اكثر وسامة اليوم؟". و بتلك الجملة بدأت الخادمة الشابة في تنفيد خطتها... لكن.
"ما الذي تقصدينه و هل كنت ابدوا لك من قبل ذميما؟"
استجاب لها فايت بغضب وهو ينظر في صورتها التي عكست على المرآة أمامه منتظرا كيف ستدافع عن نفسها. لطالما علم ان النساء مخلوقات ضعيفة و عديمة الفائدة، و لما وجد ان هذه الفتاة لم تستطع حتى ان ترى وسامة هذا السيد الشاب زاد يقينه بهذا المعتقد.
ابتسمة الشابة بمرارة من فشل محاولتها و صعوبة التعامل مع سيدها الشاب و انطلاقتها الغير موفقة في بدأ حديث سلس معه.
"بالطبع السيد الشاب هو من اوسم الرجال الذين رأيتهم في حياتي ان لم يكن اوسمهم على الإطلاق"
لقد كانت الشابة تقول نصف الحقيقة فقط، بمقباس الجمال في هذه البلاد حتما يمكن إعتبار أن سيدها الشاب وسيم إلا انه لا يرقى لأن يكون أوسمهم، قد يكون ذا ملامح وجه مميزة، سوى انه بمثل ذلك الجسد البطولي الذي أحرف فن الكسالة قد افقده الكثير من النقاط الوسامة.
"و بالرغم من ذلك في هذا اليوم يبدوا ان شيئ فيك مختلف جعلك، اكثر ارضاء للعين؟"
"مثل ماذا؟". قال فايت و هو ينظر اليها بعبوس.
"لا ادري ربما يتخيل لي، و لاكن تبدوا لي اليوم امثر رشاقة". قالتها الشابة و تضع كفها على دقنها مدعية أنها كانت منغمسة في التفكير.
"أحقا ما تقولين؟"، استجاب فايت لمثل هذا الكلام بكثير من اسرور لدرجة أنه ستدار لها صارخا.
'لقد إلتقطت السمكة الطعم'، إبتسمت الشابة بمكر لما رأت ان خطتها عادت الى مسارها الصحيح.
"بذكر ذلك الان، لما تسدرت و اصبحت في هذه الزواية، انك تبدوا حتما اكثر رشاقة"
بدأ فايت يضحك بسعادة لما وصف بانه اصبح اكثر رشاقة، لقد كانت تلك الكلمتين اللتين ارادهما اكثر من غيرهما، لقد اراد ان يكون رشيقا و لكن من دون ان يتعب نفسة بالطبع، لقد اراد النتيجة من دون المسبب، هذا هو النوع الذي كان عليه هذا السيد الشاب.
"في الأخير يبدوا أنك لست فتاة بهذا السوء، يمكن لأمثالك ان يكون لهم الشرف ليخدموني، إفخري بذلك". بعد أن قال فايت ما ظنه مديحا بدأ جولة جديدة من الضحك المليء بالغرور.
'جيد هذا ما كنت أرجوه'
اما سينا و بصرف النظر عن لهجة فايت المتعجرفة فلم يخب ظنها، لقد كانت تعلم ان فايت لم يكن ذلك النوع من الناس الذي يعلم كيفت التحدث بلباقة، لذلك علمت أن هذا الهراء الذي تحدث به كان يقصد به مدحها، و هذا يعني ايضا انها كانت اقرب منه عما سبق بهذا التفاعل بينهما.
"لابد ان تعبي اخيرا قد بدأ يؤتي ثماره، كل عملي الشاق لم يذهب سدا"
"هل تعني يا سيدي الشاب انك كنت تقوم بتمارين جسدية!!؟"
"بالطبع، من تحسبينني برأيك؟ لقد تعبت كثيرا لكي اصل الى هذه المرحلة... و اخيرا رغبتي بدأت في تحقق"
تفاجئت سينا لما سمعت ان غازي الاسرة كان يعمل بجد، حتى أنها بدأت تشك في مدى جودة سمعها.
"اذن لابد انك كنتت تتمرن خفية كي تفاجئنا بهذه النتيجة، فبعد كل شيء لم ارك تتدرب بتاتا منذ اربعة ايام"
"ما الذي تقصدينه بأنني كنت اتدرب سرا؟ و لما قد افعل شيئا تافها مثل ذلك؟ فكما قلتي سابقا، إن آخرة مرة تدربت فيها كانت حقا منذ اربعة ايام، و لقد كان يوما متعبا جدا، لذلك قررت ان أكافئ نفسي اكمل بقية الاسبوع راحة"
"............. لاعجب ان ثمار جهدك قد بدأت تظهر". صعقت الشابة من مدى كسل سيدها الشاب، و لم تستطع الى ان تكتم ذلك، اما فايت فقد كان راضيا عن نظرة التعجب التي كانت الشابة تنظر إليه بها.
"ياليت كل خدمات اللاتي يعمل في هذا القصر يكون لهن مثل النظرة الجيدة التي تمتلكينها"
'ما تسميه نظرة جيدة ليست سوى لسانا لاعقا، اما انا فلا اتمنى أن تمتلك جميع الخادمات لسان مثل لساني، فلو حدث ذلك فسيكون لي الكثير من المنافسين'
لقد علمت الشابة أنها تستعمل حيلا قدرة من أجل التقرب من سيدها الشاب، إلا انها لم ترى مشكلة في ذلك أو على الأقل تلك المشاكل لم تكن كافية لجعلها تتوقف.
'هو في الأصل شخض كسولا، و من الواضح انه لن يقوم بتغيير هذه الصفة فهو راضٍ بها، لذلك لم يكن من الخطأ أن أكذب عليه و أقول له ما يريد سماعه.' سولت الشابة لنفسها فعلتها.
' أن أقول له انه اصبح رشيقا، بدلا من قول له الحقيقة أو تشجيعه على العمل بجد، و هذا حتما لن تنتهي على خير... لن اكون مثل خطيبته الغبية التي حاولت تشجيعه على تغير.'، بتفكيرها في ذلك تذكرت تلك الفتاة، أخطر منافسيها.
'ما الذي جنته من فعلتها تلك؟ هل هو حقا تغير بعد سماع نصائحها؟ بالطبع لا، ما جنته من فعلتها تلك أنها أُخفضت مكانتها من خطيبته الى خادمته'
لم تستطع الخادمة الشابة الى ان تشعر ببعض الذنب و الغضب بسبب الافعال الخاطئة التي كانت تقوم بها، و كذلك من الافعال الجيدة التي تجنبتها.
'ماذا عسايا ان اقول، هذا العالم لا ينصف دائما فاعل الخير بما اراده، بل وحتى قد يقف داعما مع المخطأ بدلا من ذلك، و لهذا دعني اصل الى غايتي و انا مخطأة بدلا من أن أرمى على جانب الطريق و أنا محقة'، صرت الخادمة الشابة على كفها و هي تراقب سيدها الشاب يبدأ جولة جديدة من الوضعيات
'حتما لن اعود ابدا الى تلك الحياة المزرية، سأجعل هذا الشاب يقع في غرامي و يتزوجني، و سأنجب له خليفة تظمن لي مكاني كسيدة لهذه العائلة النبيلة'
بتفكيرها في ذلك اعادت شحد عزيمتها من جديد لمواصلت هدفها، و كذلك استطاعة ان تدفن مشاعرها السلبة التي قد تقف في طريق وجهتها كحاجز يعذب ضميرها.