"حسنا، حسنا، لقد وصلت مشاعرك إلي يا ستيلا و لكن لازال يجب علكِ أن تأتي معي"، ألقت سينا إلى ستيلا نظرات جادة جعلتها تأخد كلام سينا على محمل الجد، مسحت ستيلا الدموع من عينيها و قالت متسائلة.
"و لكن لماذا يجب أن آتي معكِ؟ حتى الآن لم تقولي ما هي غايتك من كل هذه الأفعال"
صمتت سينا قليلا متمعنة في عيني ستيلا المحمرة من البكاء، و إحتارت ما إن كان يجب تقول لها السبب الحقيقي او تختلق عذرا كي تبقي ستيلا في جهل عما فعل بها خطيبها.
'لا، أنا لن أنظر مرة إلى هذه الفتاة بإستخفاف، يجب أن تعلم، لقد عقدت عزمها و إن كانت صادقتا، فلن يأثر عليها سلبا، كما أن ذلك سيعطي لستيلا سببا حتى تستمع إلي'
قررت سينا أن لا تبقي ستيلا في جهل عما يجول من حلوها، و جعلها تشعر بالخطر المحدق بها مما يوجب عليها إتخاد إجراءات إحتياطية.
"في الحقيقة يا ستيلا هناك شخص عند مدخل القصر يبحث عنكِ"
"من هذا الذي أتى لرأيتي؟...!! هل للأمر علاقة بما قلتيه لي سابقا؟"
"نعم... و لكن ليس هذا أسوء ما في الأمر" تنهدت سينا في قلة حيلة برأية أن ستيلا و قبل حتى أن تسمع أسوء ما في الأمر كانت بالفعل تشعر بالحزن.
"ل..ليس أسوء ما في الأمر!!"
"نعم... هذا الشخص يدعي أن السيد الشاب قد إتفق معه..." توقفت سينا في منتصف كلامها غير متأكدة من أن تقول الباقي.
"إتفق معه على ماذا؟" حثت ستيلا سينا على إكمال قولها، و لكن الأخير لازالت صامة.
"فقط قوليها يا سينا، يجب علي أن أسمعها منكِ، أين كان ما تقولينه"
"...... لقد إتفق معه على تسليمكِ له كعبدة"
"مااااذا!! هل أنت جادة فيما تقولينه؟". من شدة هول الخبر شكت ستيلا في صحة صدقه و لم يسعها إلا أن تسأل مرة أخرى.
"أ..أنت تمزحين أليس كذلك؟"
"... لا، أنا أتكلم بجدية، عندما ذهبت إلى مدخل القصر وجدت هناك شخصا يفتعل المشاكل و قال أنه قد أتى من أجلكِ لأخدك إلى قصره"
'كيف يعقل هذا؟ ألهذه الدرجة وصل الحال بيني و بين خطيبي؟ أن يتخلص مني كعبدة يقدمها لمن أراد!!'
بدأت علامات الصدمة و اليأس تظهر جلية على ملامح الفتاة، و كذلك أفكار التي كانت تسجنها بدأت بالفعل في الإنفلات و التسرب من عقلها الباطني.
هل كل ما كانت تعتقده من قبل كان سرابا؟ هل أملها في إصلاح خطوبتها كان حلما بعيد المنال؟ هل حقا كان زوجها المستقبلي يريد أن يقطع هذا العقد بينهما؟ و ليس هذا فقط هل كان يريد أن يبيعها و تكون عبدة لشخص آخر يفعل بها ما شاء أن يفعل؟
'هل كان حتى أمامي فرصة لإصلاح الأمر؟'
بالرغم من أنها سألت نفسها، إلى أن هذا السؤال لم يكن الغاية من معرفة الجواب أكثر منه الإستهزاء بنفسها و سخرية من إعتقادها أن الأمور ستصبح بخير، لقد إعتقدت انه يجب عليها أن تصبر قليلا و تكون ملخصة في إيمانها، و لكن مرارا و تكرارا كانت كل الأحداث التي وقعت معها تدل على عكس ذلك، من موت والديها و سقوط مكانة عائلتها لدرجة أنها إدضطرة إلى عيشها في قصر خطيبها ثم تدهور العلاقة بينها و بينه و جعلها في مكانة خادمة.
'و الأن سأصبح عبدة!!؟'
حتى و هي تشعر بكل تفصيلة صغيرة عند وقع تلك الأحداث عليها من ألم و مهانة و حزن أصاب روحها و جسدها، إلى أنها كبحت تلك المشاعر من خلال إقناع نفسها أنه حتما الأمور سيصبح أفضل في وقت ما، أما الأن بدأت تشكل أن كل كفاحها كان محض هراء لا فائدة له، النهاية التي لم ترجوها بل حتى لم تتوقها في أسوء أحلامها على وشك ان تصبح حقيقة لا لبس فيها.
'كان يجب علي أن أستسلم، ما كان يجب علي أن اتعب نفسي بالمقاومة هذه المشاعر الجياحة، على الأقل الإستسلام سهل و إن كان مؤلما و ليس كالمثابرة صعبة و مؤلمة في نفس الوقت.'
"و لكن أظن أن ذلك الشخص كاذب"
قالت سينا بصوت عال أقرب منه إلى الصراخ و هي تهز بكفيها أكتاف ستيلا بشكل ضعيف و كأنها تحاول إيقاضها من حلم، فلما رأت علامات اليأس في عيني ستيلا، علمت سينا أنها أخطأت الحساب و ما كان يجب عليها تقول لها الحقيقة مباشرة، كان يجب عليها أن تلطف الجو و انتظرت اللحظة المناسبة لتخبرها بالأمر، أو أن تعدل الحقيقة لتصبح مناسبة لهذا الوضع.
لطالما كانت الحقيقة ثقيلة و صعبة على أغلب الناس، و إضافة إلى الحالة التي تمر بها هذه الفتاة الصغيرة و الحمل الذي يثقل قلبها، فقد أتى هذا الخبر بثقل الكبير ليكمل على صبرها المهتز بالفعل.
و لقد إنتبهت سينا أخيرا إلى ذلك و لكن بالطريقة الصعبة، و لهذا سارعت إلى تصحيح خطإها، و بما أن الخيار الأفضل المثمتل في إخبار ستيلا بالحقيقة في الوقت و المكان المناسب لم يعد متوفرة، لذلك حان وقت الخطة الأخرى، الحقيقة المعدلة.
"ح..حقا؟ و لما هذا؟"
"اولا علامات كذبه أن كل ما رأيت منه كدليل هو مجرد كلماته فقط، و لم يكن هناك أي وثيقة تثبت ما زعم، ثانيا أنت لازلت تعتبرين من طبقة النبلاء لذلك حتى و إن كان له وثيقة فسيكون سعرك غاليا جيدا، و كذلك حتى و لو كان له المال الكافي حقا لإشترائك فمن هذا المعتوه الذي سيصرف كثيرا من المال حتى تنتقل جميع مشاكل أسرتك الكثيره على كاهله بما أنه أصبح سيدكِ الجديد، لذلك من قد يخطط لقبول جميع هذه المشاكل من أجل فقط شراءك؟"
نظرت سينا إلى ستيلا بقلق مترقبة إن كان كلامها قد أحدث فرقا.
"ه..هذا صحيح كيف لم أفكر في ذلك؟ من ذا الذي قد يجازف بكل ذلك من أجل فقط شرائي؟" أصبحت نظرة ستيلا أقل تشائما بعد سماع هذا كلام.
'في الحقيقة قبل قليل فقط كنت أرى منحرف غبي يستطيع فعل ذلك'، بالطبق قالتها سينا في نفسها قبل أن تكمل قائلتا.
"و مع كل هذه الأدلة فإنها لم تكن سبب كافيا حتى أتأكد بأن هذا الشخص كاذب، هناك سبب آخر تجعل كل هذه الأدلة السابقة ستصبح محض هراء أمام حقيقة لا شك فيها"
"ح..حقيقة لا شك فيها!! م..ما هي هذه الحقيقة؟"
سألت ستيلا متعجبة لسماعها أن كل تلك أسباب تعد لا شيء أمام هذا السبب الذي تقوله سينا تاليا.
"هذه الحقيقة إسمها سوماي ستون هارت" قالتها سينا و هي تبتسم بثقة قبل أن تكمل قائلة.
"من يشتريكِ كعبدة له فإنه سيسيء إلى أباكِ في قانون، سيد القصر سوماي ستون هارت"
إختفى كل البئس من وجه اللولي و حل محله تعبير مشرق و لمعت عيناهل بالبهجة و الفرح.
"هذا صحيح يا سينا، هذا صحيح". ثم تلا ذلك بأن أمسكت ستيلا يدي سينا و بدأت تهزمها للأعلى و الأسفل معبرة عن فرحتها.
'واو!! أليس تقلب مزاجها السريع جدا؟ ألم تكن قبل قليل و كأنها ستصاب بنوبة قلبية من الحزن في أي لحظة؟... و الأن أنظر إليها، إنها تبدوا و كأنها أسعد فتاة في عالم، لأقول الحقيقة أنا أحب أن أرها هكذا على أن أراها كئيبة و حزينة'، إبستمت سينا في قلة حيلة و هي ترى الإبتسامة المشرقة الخاصة بالفتاة أمامها.
'بالرغم من صعوبات التي مرت بها في هذا العمر الصغير، و التي حتما ستثقل أي كاهل شخص بالغ و تجعل من الشاب كهلا، إلى أنها لا تزال فتاة صغيرة من هذه الجهة'
لما رأت تغير مزاج ستيلا الواضح لم يسع سينا إلا أن تستلم لمشاركة مزاج اللولي السعيد و ترخي دفاعاتها، سوى أنه سرعان ما أحست أنه ليس الوقت أخد الراحة، مع سماع كلام ستيلا الذي تلا ذلك.
"اوووووه!! كيف يمكنني أن أنسى والدي في قانون؟ إنه شخص قوي و يمكن الإعتماد عليه في أي وقت، كما أنه يحبني كثيرا و يراني كالزوجة المستقبلية الصالحة لإبنه الوحيد". ضحكت ستيلا معلنة لنفسها و غيرها أن مستقبلها كان شبه مأكد.
"............نعم"
حتى و لو أن سينا كانت تساعد الفتاة على الخروج من مأزقها، و الهروب من براثن دودريان المنحرف السادي، إلى أنها لم تستسلم أبدا عن خطتها الأصلية في جعل فايت يقع لها و تكون زوجته، و يكون نسلها هو الذي يرث عائلة ستون هارت.
'لا تنسي هدفك الأصلي يا سينا، قد تكون هذه الفتاة في المستقبل صديقة لكِ و لكنها الأن هي حتما منافستكِ'
و بهذا تذكرت حقيقة مفادها لولا تصرفات السيد الشاب تجاه خطيبته، لعاملها أبوه مثل الأميرة، لقد كان يحبها مثل إبنته و رضيَ بها كزوجة لأبنه، و لكن في الأخير لازال يراها مثل إبنته و ليست كإبنته الحقيقة، هذا كان سببا لعدم تدخله بالرغم من كره رؤية ما يفعله إبنه لها، و غير ذلك لم تكن لتعتقد سينا أن لديها أي فرصة تجاه فايت.
'صحيح أن السيد سوماي يحب ستيلا كثرا، إلا أنه لازال أمامي فرصة، و لكن أولا يجب علي أن أحل هذه المشكلة'
"لا ترخي دفاعكِ يا ستيلا، من أجل التأكيد من أن الأمور ستسير على خير ما يران يجب عليكِ أولا أن تخرجي من القصر كي لا تكون في بؤرة المشاكل، على الأقل حتى تهدء الأمور و تعود إلى نصابها"
سرعان ما عادت سينا إلى تطبيق خطتها الأصلية. فإضافة إلى رغبية سينا الأساسية في مساعدة الفتاة المسكينة لقد هناك هدف آخر للقيامها بذلك و الذي يعمل في صالح تحقيق غايتها، و إن كان هدفا ثنويا فقد كان مهما، ألا و هو إبعاد ستيلا عن القصر لمدة، كي تخلو لسينا الساحة و تصبح من دون منافسة.
'لا بد أن رحيل ستيلا من القصر قد يعدل قليلا من مزاج السيء لسيد الشاب، و كذلك ينفي تماما للفرص الضئيلة صعبة الحدوث'
لقد رأت هذه الفتاة كمنافسة حقيقية فهي فتاة جميلة و لطيفة و ليس من المستغرب أن تكون في المستقبل زوجة عاقلة يتمناها أي رجل رغباته لم تكن منحرفة عن الطريق الأول.
'... من حسن حظي أن السيد الشاب هو شخص... مميز؟؟ على أي حال سأتأكد بأنه سيعود إلى كونه شخصا عاديا كما كان'، هذا هو الهدف الرئيسي التي خططت له سينا حتى تنفده بعد أن تترك ستيلا هذا القصر لبعض الوقت.
'و بذكر ستيلا... هذه الفتاة حقا هي فتاة جيدة، للأسف أن مصالحنا متضاربة'
و في نفس الوقت الذي كانت تخطط فيه ضد ستيلا لقد أرادت سينا أن تتخدها كصديقة لها، فهي فتاة طيبة و صادقة و ودودة و كذلك هي فتاة قوية في المواقف الصعبة، ما جعل سينا حقا تنظر إليها بحترام.